تتمة الشرح السابق : باب : الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره . لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى ) وتلا الشعبي (( لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وما لا يجوز من إقرار الموسوس وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي أقر على نفسه ( أبك جنون ) وقال علي بقر حمزة خواصر شارفي فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فإذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه ثم قال حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل فخرج وخرجنا معه وقال عثمان ليس لمجنون ولا لسكران طلاق وقال بن عباس طلاق السكران والمستكره ليس بجائز . وقال عقبة بن عامر لا يجوز طلاق الموسوس وقال عطاء إذا بدا بالطلاق فله شرطه وقال نافع طلق رجل امرأته البتة إن خرجت فقال بن عمر إن خرجت فقد بتت منه وإن لم تخرج فليس بشيء وقال الزهري فيمن قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق ثلاثا يسأل عما قال وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين فإن سمى أجلا أراده وعقد عليه قلبه حين حلف جعل ذلك في دينه وأمانته وقال إبراهيم إن قال لا حاجة لي فيك نيته وطلاق كل قوم بلسانهم وقال قتادة إذا قال إن حملت فأنت طالق ثلاثا يغشاها عند كل طهر مرة فإن استبان حملها فقد بانت وقال الحسن إذا قال الحقي بأهلك نيته وقال بن عباس الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله وقال الزهري إن قال ما أنت بامرأتي نيته وإن نوى طلاقا فهو ما نوى وقال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ وقال علي وكل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه .
مثال الصورتين : أن يقول لزوجته : أنت طالق من قيد ، بحبل ، أنت طالق من قيد بحبل ، أو يقول : أنت طالق : أعني من التقييد بالحبال ، فهنا يقع الطلاق ولا لأ ؟
الطلبة : لا يقع .
الشيخ : لا يقع الطلاق ، لأن الرجل شرح قوله أنت طالق ، بأنه يريد من قيد ، وهو صادق لأن المرأة ما هي مقيدة أمامه الآن .
الصورة الثانية : يقول : أنت طالق ، ولا أضاف إليها ما يدل على ذلك ، لكن لما قالت له الآن طلقت ، قال : أنا أريد أنت طالق من قيد بحبل ، فهنا قلنا : أنه يُديّن : بمعنى أنه يرجع إلى دينه ، فإن رضيت المرأة دينه وصدقته فلا طلاق ولا يجوز لها أن ترافعه في هذه الحال ، وإن شكت بذلك وغلب على ظنها أن الرجل متلاعب ، وأنه لما رأى أن زوجته ستطلُق ادعى هذه الدعوة ، فهنا يجب عليها أن ترافعه ، وحينئذ يجب على القاضي أن يحكم بالظاهر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) ، واضح ؟ هذا إذا صرح بالطلاق ، طيب ، أما إذا كان الطلاق يعني صرح بالطلاق لكن ما نوى شيئا ، ما نوى شيئا .
فمن العلماء من يقول : إذا لم ينوي شيئا حكمنا بالطلاق ، ومنهم من يقول : إننا لا نحكم به ، ولكن الصحيح أننا نحكم به ، لأنه لما تعذر الرجوع إلى النية وجب الرجوع إلى إيش ؟ إلى اللفظ ، واللفظ صريح بذلك ، فما المانع من أن نحكم بالطلاق ؟
القسم الثالث : أن ينوي بالطلاق الطلاق ، الذي هو فراق الزوجة ، فهنا تطلق لا إشكال فيه ، هذا إذا كان اللفظ صريحا ، أما إذا كان اللفظ غير صريح ، فالصحيح أنها لا تطلق إلا بنية مطلقا ، الصحيح أنها لا تطلق إلا بنية الطلاق مطلقا ، وهذا إذا كان كناية ، والكناية هي التي تحتمل الطلاق وعدم الطلاق ، أما ما لا يحتمل الطلاق إطلاقا فهذا لا يقع به الطلاق ولو نوى الطلاق ، مثل أن يقول لها : أنت تحسنين ، أنت تحسنين خبز التنور .
الطلبة : ما يحتمل .
الشيخ : ثم قال : أنا مطلقك بهذا اللفظ ، يحتمل وما يحتمل ؟
الطلبة : ما يحتمل .
الشيخ : إذن ما يصير طلاق ، كيف يكون الوعاء لشيء لا يستقر فيه ، هذا لا يكون طلاقا . أو قال لها ورآها متجملة ، ما أجمل ثوبك اليوم ، قالت : الحمد لله تجملت به لك ، قال لها : أنا مطلقك بهذا اللفظ ، بقوله : ما أجمل ثوبك ، ما يكون طلاقا ، لماذا ؟ لأنه لا يحتمله ، فصارت الآن الألفاظ ثلاثة : صريح وكناية وما لا يحتمل الطلاق . الصريح ذكرنا أن له ثلاث حالات ما هي ؟ أن ينوي به الطلاق ، أن ينوي به غير الطلاق ، أن لا ينوي شيئا ، وتبين حكم كل واحد من هذه الأشياء ، طيب نشوف الآن الكلمات التي ذكرها المؤلف .
1 - تتمة الشرح السابق : باب : الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره . لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى ) وتلا الشعبي (( لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وما لا يجوز من إقرار الموسوس وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي أقر على نفسه ( أبك جنون ) وقال علي بقر حمزة خواصر شارفي فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فإذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه ثم قال حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل فخرج وخرجنا معه وقال عثمان ليس لمجنون ولا لسكران طلاق وقال بن عباس طلاق السكران والمستكره ليس بجائز . وقال عقبة بن عامر لا يجوز طلاق الموسوس وقال عطاء إذا بدا بالطلاق فله شرطه وقال نافع طلق رجل امرأته البتة إن خرجت فقال بن عمر إن خرجت فقد بتت منه وإن لم تخرج فليس بشيء وقال الزهري فيمن قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق ثلاثا يسأل عما قال وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين فإن سمى أجلا أراده وعقد عليه قلبه حين حلف جعل ذلك في دينه وأمانته وقال إبراهيم إن قال لا حاجة لي فيك نيته وطلاق كل قوم بلسانهم وقال قتادة إذا قال إن حملت فأنت طالق ثلاثا يغشاها عند كل طهر مرة فإن استبان حملها فقد بانت وقال الحسن إذا قال الحقي بأهلك نيته وقال بن عباس الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله وقال الزهري إن قال ما أنت بامرأتي نيته وإن نوى طلاقا فهو ما نوى وقال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ وقال علي وكل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه . أستمع حفظ
شرح قول المؤلف : الطلاق في الإغلاق والكره .
الإغلاق معناه : أن يغلق على الإنسان فلا يدري ما يقول ، فهذا لا يقع الطلاق بلا شك ، إنسان أغلق عليه من شدة الغضب ، بعض الناس إذا غضب لا يدري ما هو بالسماء ولا بالأرض ، فهذا إذا طلق لا يقع طلاقه لماذا ؟ لأنه مغلق عليه ، وهل من الإغلاق أن يرى نفسه من شدة الغضب كأنه ملزم بالطلاق ، لكن يدري ما يقول ، يدري ما يقول، يدري أنه طلق ؟
هذا فيه خلاف بين العلماء ، وهو الغضب المتوسط ، والصحيح أن الطلاق لا يقع ، الصحيح أن الطلاق لا يقع ، لأن الطلاق لا يكون إلا عن إرادة ، وتأن في الأمور ، كما ان الرجل لا يقدم على الزوجة إلا بعد التروي ، ولا يقبل بالإيجاب إلا بالتروي ، كذلك أيضا في الطلاق ، أي نعم ، فصار الإغلاق قسمين :
إغلاق بحيث لا يدري ما يقول ، فهذا لا يقع بالاتفاق ، أجمع العلماء على ذلك .
وإغلاق يدري ما يقول ، لكن كأنه مرغم على ذلك ، كأن الغضب، من شدة الغضب يعني أرغمه على أن يتكلم بالطلاق ، فهذا محل خلاف ، والصحيح عدم الوقوع . الكره بمعنى الإكراه ، يكره على الطلاق ، مثل : حصل خصام بين الرجل وبين أخي زوجته ، فجاءه أخوها في الليل وقال : طلق أختي وإلا فعلت وفعلت ، وهو قادر على أن ينفذ ، قال : طلقها وإلا قتلتك ، فطلقها ، هل يقع الطلاق ؟ لا يقع ، ولكن المطلق في الكره تارة يتأول ، وتارة يريد دفع الإكراه ، وتارة يطلق استجابة لقوله ، يطلق استجابة لقوله ، لقول من أكرهه ، إذا أوَل فلا طلاق ، حتى وإن لم يكره ، إذا أول فلا طلاق حتى وإن لم يكره ، يعني بأن نوى بقوله : هي طالق، أي طالق من وثاق ، مثلا ، هذا لا يقع الطلاق ولا إشكال فيه .
الثاني : أن يطلق دفعا للإكراه ، وما نوى طلاق زوجته ، لكن يريد دفع إكراه هذا الرجل ، فهذا أيضا لا يقع ، لأن قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، وهذا لم ينو طلاق زوجته . القسم الثالث : أن ينوي الطلاق ، لكن استجابة للإكراه ، لا دفعا له ، فهذا فيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال أنه يقع لأنه أراده ، وبإمكانه أن يتأول ، أو ينوي إيش ؟ دفع الإكراه ، فإذا لم يتأول ، ولم ينو دفع الإكراه فإنه يقع ، وكيف لا يقع ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )، ولكن الصحيح أنه لا يقع الطلاق ، الصحيح أنه لا يقع الطلاق ، لأننا لو سألنا هذا الرجل هل قلبك مطمئن ببقاء زوجتك ؟ لقال : نعم ، ولا قال أنا ما أبغيها ؟ لقال : نعم مطمئن ، أنا ما أريد أن أطلقها ، لكن ويش أَسوّي ؟ هذا معه مسدس يقول : إن ما طلقها ولا فرغته برأسك ، ويش أسوي ؟ نعم ، فعلى هذا نقول : إن القول الراجح أنه لا يقع الطلاق في هذه الحال ، حتى لو نواه ، أولا لعموم الأدلة الدالة على أنه لا وقوع مع الإكراه ، فقد قال الله تعالى : (( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ )) ، شوف ، (( من كفر إلا من أكره ، وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب )) ، قال : من كفر ، ما قال : إلا من تأول ، قال : إلا من أكره فقد كفر، قال كلمة الكفر أو فعل فعل الكفر ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، هذا الرجل قال الطلاق ، طلق ولكن قلبه مطمئن ببقاء زوجته ، ما يريد أن تذهب منه ، فكيف نقول أن الطلاق يقع ؟ الصواب أنه ، أنه لا يقع ، طيب ، الحال الرابعة : أن ينوي الطلاق استجابة للإكراه ، لأنه طابت نفسه من زوجته لما بلغت الحال بأخيها إلى هذا المبلغ ، مثل ما يقول العامة : هذا شيء أوله ينعاف ، ينعاف تاليه ، أظن إخواننا اللي غير نجديين ما يعرفوا معناها ، يقول : هذا شيء أوله ينعاف تاليه ، عرفت يا عبد الرحمن ، خلي يأذن إن شاء الله نعلمك إياها ، الحين كلمة ينعاف إيش معناها ؟
السائل : ما أدري ?
الشيخ : ينعاف يعني يترك، يترك ، عفت هالشيء ، يعني تركته ، يقول : هذا شيء أوله ، إذا جاءهم شيء ينكد عليهم في أول الأمر تركوه ، فقالوا : هذا شيء أوله ينعاف تاليه .
الطالب : إذا كان هذا أوله !.
طالب آخر : أو إذا كان أوله هكذا فينعاف هذا ?
الشيخ : طيب ، العبارات تختلف ، على كل حال المعنى أن اللي أوله يعني مو بزين ، فإننا نترك تاليه ، ما نبغيه ، طيب أقول هذا الرجل الذي أكره على الطلاق ، نوى الطلاق صحيح ، يعني طابت نفسه من زوجته لما رأى أولياءها يصنعون به هكذا ، فحينئذ يقع الطلق ، فصار المكره على الطلاق ، له أربع حالات يا ياسر .
الشيخ : عدها علينا .
ياسر : ... الرابع يريد الطلاق ?
الشيخ : استجابة للإكراه ويريد الطلاق ، ما يقع على القول الراجح ، إلا في الأخيرة فقط ، وعلى المذهب يقع في الأخيرة والتي قبلها ، والتي قبلها، يعني لا يقول إلا إذا تأول ، يعني لا يرفعون الطلاق عنه إلا إذا تأول ، أو طلق دفعا للإكراه ، نعم .
السائل : ما نقول أيضا في الاستجابة ما يقع لأنه يغيب عن باله ذاك الساعة أن ينوي دفع الإكراه ؟
الشيخ : هذا هو الصحيح ، لكن ما ما يعذرونه .
السائل : ... ؟
الشيخ : ما يعذرونه .
إذا طلق وقال أنا قصدي في الطلاق أنها طالق من قيد وذهب يسأل أحد المشايخ فقال يعتبر طلاقاً ويأخذ بالظاهر هل هذا صحيح ؟
الشيخ : في حال الإكراه يعني ؟
السائل : لا ، ليس في حالة الإكراه بل الحالة الأولى ، فذهب يسأل أحد المشايخ هل يعتبر ترافع ويأخذ بظاهر ... ؟
الشيخ : لا لا ، لا ما يعتبر .
السائل : إلى القاضي ؟
الشيخ : لو ذهب إلى عالم من العلماء يقول له العالم : ويش نيتك ؟ إذا قال : نويت طالق من وثاق ، يقول : ما عليك طلاق .
3 - إذا طلق وقال أنا قصدي في الطلاق أنها طالق من قيد وذهب يسأل أحد المشايخ فقال يعتبر طلاقاً ويأخذ بالظاهر هل هذا صحيح ؟ أستمع حفظ
ما الفرق بين دفع الإكراه والإستجابة للإكراه ؟
الشيخ : أي نعم دفع الإكراه ما نوى الطلاق إطلاقا ، ما نوى الطلاق ، يعني بس قال : أبغى أتخلص ، أبغي أقول : زوجتي طالق ، وأنا ما أريد الطلاق .
السائل : طيب ما نوى بقائها ولا نوى ؟
الشيخ : ولا نوى الطلاق أصلا ، بس قال : أبغي أتخلص ، والثاني : نوى الطلاق ، لكن دفعا إستجابة للإكراه ولكن قلبه مطمئن ببقاء زوجته ، انتهى ثلاثة أسئلة فقط .
السائل : الحديث ما كمله ؟
الشيخ : كل جملة تعتبر حديث بارك الله فيك .
السائل : ... ؟
الشيخ : أي ، أبد .
شرح قول المؤلف : والسكران .
القسم الأول : أن لا يكون آثما .
والقسم الثاني : أن يكون آثما ، فإن كان غير آثم فإنه طلاقه لا يقع ، لأنه لا عقل له وهو معذور ، مثال غير الآثم : وجد كأسا فيه شرابا ، فيه شراب ، فشرب ، وهو لا يدري أنه خمر فسكر وطلق زوجته ، ففي هذه الحال لا يقع الطلاق لأنه غير آثم ، أو دعاه شخص إلى مأدبة ، وقدم له خمرا فشرب وسكر وهو لا يعلم ، فهذا لا يقع طلاقه ، وأظنه محل إجماع بين العلماء ، لكن إن قدر فيه خلاف ، فهو خلاف ضعيف ، وهذا واضح .
الحال الثانية : أن يكون آثما ، أي أنه شرب المسكر مختارا ، ويعرف أنه مسكر ، فهذا لا شك أنه زال عقله ، ولكن اختلف العلماء هل يعامل معاملة الصاحي ، لأنه آثم ، والإثم يقتضي عدم الرخصة ؟ أو أن نعامله معاملة المجنون ، ونلغي جميع أقوله لأنه لا عقل له ؟ القول الثاني أسهل له ، أسهل له بلا شك ، وفيه يعني نوع من الرأفة والرحمة .
ولهذا قال العلماء السابقون الذين يقولون بوقوع طلاقه قالوا : " ان هذا الرجل سكر بمحرم غير معذور فيه ، فليس أهلا للرخصة والتسليم ، بل هو أهل لزيادة العقوبة عليه " ، وحينئذ فنؤاخذه بأقواله كما نؤاخذه بأفعاله ، انتبهوا ، نؤاخذه بالأقوال كما نؤاخذه بالأفعال ، كما أن هذا الرجل السكران لو جنى على شخص فأحرق ماله أو أفسده ضمناه ، فكذلك أقواله ، نأخذ بها ، يؤاخذ بها ، لأنه ليس محلا للرخصة ، ولا شك أن تعليلهم قوي ، لكن حال السكران لا تسعفه في الواقع ، لأن حال السكران ينظر فيها إلى العقل الذي هو أصل التكليف ، والسكران بلا شك فاقد للعقل فكيف نكلفه ؟ ولهذا الصحيح أن طلاق السكران لا يقع :
أولا : للآثار المروية كما سيأتي .
وثانيا : لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، وهذا السكران لم ينو الطلاق ، وليس له نية إطلاقا ، لأنه سكران ، وأنا قدمت ذكر الآثار على ذكر الحديث ، وإن كان الواجب أن نقدم ذكر الحديث ، لكن الآثار نص في الموضوع والحديث عام ، وقد سبق لنا في باب الاستدلال أن ذكر الدليل العام قد يناقش فيه الخصم ، وش معنى يناقش فيه ؟ بحيث يدعي أن المسألة المتنازع فيها لا تدخل في العموم ، بخلاف الشيء الخاص فلا يستطيع أن يناقش ، على كل حال نقول : عندنا الآثار والحديث ، عموم الحديث ، الشيء الثالث : أن العقوبة لا ينبغي أن تتعدى إلى الغير ، ونحن حينئذ ، أي حينئذ نقول بوقوع طلاق السكران ، فإننا قد عاقبنا في الواقع غيره ، عاقبنا زوجته وأولاده وأهله ، فلم تقتصر العقوبة على هذا السكران ، وما وزر هؤلاء الذين تصل إليهم العقوبة ؟ وهم لم يفعلوا شيئا ، فهذه العقوبة متعدية للغير ، وإذا كانت متعدية للغير فلا ينبغي أن نأخذ بما فيها من الضرر على الغير. رابعا : أن العقوبات لا بد أن يكون لها جنس في الشرع ، وليس في الشرع عقوبة بالتفريق بين الزوجين ، إلا لسبب يقتضي التفريق ، وعقوبة شارب الخمر إما أنها حد معين لا يُتجاوز كما هو رأي الجمهور ، وهو أربعون جلدة، أو ثمانون جلدة ، أو أحدهما على حسب نظر الإمام ، وإما أنها عقوبة غير مقدرة ، لكن لا تنقص عن الأربعين كما هو القول الراجح ، وأن عقوبة شارب الخمر ليست حداً بل هو راجع إلى الإمام ، فإذا رأى الناس تزايدوا فيها فليوصلها إلى المئة أو مئة وعشرين ، أو مئتين ، أو ثلاثمئة ، حسب ما يكون فيه ردع للناس ، ولهذا لما كثر الشرب في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس فشاورهم فقال له عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون ، فجعلها عمر ثمانين جلدة ، وهذا يدل على أنها ليست حداً محددا من قبل الشرع ، إذ لو كانت حداً محددا من قبل الشرع ما أقدم عمر بن الخطاب ولا غير عمر بن الخطاب على الزيادة على ما حد الله ورسوله ، ولهذا لو زاد الناس في الزنا هل يجوز لعمر أو غير عمر ممن هو دونه أن يقول والله زاد زنا الناس، فلنجعل بدل مئة جلدة ، نجعلها مئتين ؟ لا ، ما يجوز ، فالصحيح أن عقوبة شارب الخمر ليست حدا بل هي تعزير ، لكن لا يجوز أن ينقص عن أربعين ، لأنه الحد الأدنى الذي ورد فيه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، على كل حال الصحيح أن طلاق السكران لا يقع ، هذا بالنسبة له من حيث النظر ، انتبه ، من حيث النظر والدليل والعلم ، لا شك أنه لا يقع ، لانتفاء الأدلة الموجبة لوقوعه ، لكن قولوا لي : من حيث التربية ، هل الأولى أن نجعله واقعا لنضيق الخناق على الشاربين حتى إذا تذكر الواحد منهم أنه لو طلق لهُدم بيته ، وفرق بينه وبين زوجته وأهله ، فهل نقول : إن هذا الأمر مسوغ لأن نقول بوقوعه ؟ لا سيما وأنه رأي جمهور أهل العلم ؟ أو نقول : نأخذ بما يقتضيه الدليل والله يصلح العباد ؟
الطلبة : الأول في مصلحة وبعضهم يقول : الثاني .
الشيخ : الثاني ، يعني نأخذ بما تقتضيه الأدلة ، والله مصلح عباده ، أو نقول : نعم الله مصلح عباده لكن جعل للإصلاح طرقا تُسلك ، فإذا رأى القاضي أنه يُلزم بالطلاق ، يلزم ويوقع عليه الطلاق ، فلا حرج في ذلك ، لأن عمر بن الخطاب ألزم الناس بوقوع الطلاق للثلاث ، ألزمهم بأن يكون طلاقا بائنا ، مع أنه في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان الطلاق الثلاث واحدة ، فمنع رجوع الزوج إلى زوجته ، لأن الناس تكاثروا فيه وتتابعوا عليه ، هذه مسألة يعني من حيث التربية ، وتقويم الناس ، قد نقول : إن الأولى أن نلزم بالطلاق ، ولكن إذا قلنا بهذا القول فلا بد أن نرى ونشاهد الأثر النافع لهذا التنفيذ . أما إذا كان هؤلاء لا يبالون ، يبغون يسكرون ولا همهم ، ورأينا أن هذا لا ينفع فيهم ، ولا يفيد ، فحينئذ نأخذ بما تقتضيه الأدلة ، بما تقتضيه الأدلة ، وليس خروجنا عما تقتضيه الأدلة من أجل تربية الناس ، ليس خروجا عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين ، فإن الرسول قد يدرأ المصالح خوفا من المفاسد ، كذلك هنا ، نردأ هذه المصلحة التي هي بقاء زوجته في عصمته ، خوفا من انتشار إيش ؟ السكر بين الناس .
السائل : باسم تشريع ؟
الشيخ : نعم .
السائل : مو باسم تشريع ؟
الشيخ : لا لا ، ما هو تشريع ، هذا مؤقت .
السائل : فعل عمر ... كيف يؤخذ منه ...؟
الشيخ : ما تعين .
السائل : ... لو فتح الباب ؟
الشيخ : حكم عمر ما تعين ، ولهذا القول الراجح أن طلاق الثلاث واحدة ، ما هو تشريع .
السائل : ... يا شيخ من شرب ... ليضلل ؟
الشيخ : طيب ، في الفعل ، مع أنه مو مو من مبحث الباب ، لأنه مو ذكره البخاري ، فعل السكران ذكرنا أنه يؤاخذ به ، ولكن الصحيح أن فعل السكران ينقسم إلى قسمين : فعل يتعلق بحق الله ، فهذا لا يؤاخذ به ، كما لو سجد لصنم ، سكران ، سكر ودخل على كنيسة ووجدهم يسجدون لصورة عيسى بن مريم ، وسجد معهم ، هذا السكران لو يجد فلو حماره يشرب لبنها ، لمسك الضرع الثاني وقام يشرب ، ولا يهم ، يعني ما عنده عقل ، فهذا أيضا لا يؤاخذ به ، لا يؤاخذ به ، يعني ما يتعلق بحق الله ، أما ما يتعلق بحق الآدمي فإنه يؤاخذ به ، لأن حق الآدمي لا يسقط حتى عن المجنون ، لكن فعله ، على القول الراجح ، يُلحق بفصل المخطئ لا بفعل الخاطئ ، يلحق بفعل المخطئ لا بفعل الخاطئ ، فلو قتل نفسا ، لو قتل نفسا محرمة فإنه لا يقتص منه على القول الراجح كمان أن المخطئ لا يقتص منه .
ولكن الأصحاب رحمهم الله ، المشهور من المذهب أن فعله وقوله ، كفعل الصاحي وقوله مطلقا ، إلا أن ابن القيم رحمه الله ذكر في كتابه إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان : " أنه لو سكر ليقتل ، فإن هذا حيلة لإسقاط القصاص عنه ، والحيلة لإسقاط الواجب لا تسقطه ، باطلة " ، مثل : رجل يريد أن يقتل شخصا لكن يعرف أنه لو قتله وهو صاحيا لقُتل به ، فذهب يسكر لأجل يمُسك في جريمة وهو سكران ، فهذا لا يسقط عنه القتل ، واضح ، لأنه اتخذ السكر حيلة لاسقاط واجب القصاص ، والتحيل على الواجب لا يسقطه .
هل يجوز أن تكون عقوبة السكران أن يتغرم بمال أو يسجن ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : يتغرم أو يسجن ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : يسجنونه ؟
الشيخ : أو ؟
السائل : أو يغرمونه بفلوس كده يعني كده يعني ؟
الشيخ : أي يعني هل يعاقب بالجلد أو بالغرامة ؟
السائل : أي ?
الشيخ : لا ، يعاقب بالجلد ، لا بد من الجلد .
السائل : وكلاهما ما يجوز ؟
الشيخ : يصح ، إذا قلنا : أنه ليس بحد ، وأنه عقوبة ، فإذا رأى ولي الأمر أن يغرم بالحد ، بالضرب وبالسجن وبالغرامة فلا بأس ، لأن بعض الناس يمكن لو يضرب جلده واحدة أمام الناس ، صار أمرا شديدا عليه ، لكن لو يؤخذ منه مليون ريال ما يهمه ، وبعض الناس بالعكس . نعم
هل كل سكران لا يقع طلاقه علماً أن بعض الناس الذين يشربون الخمر لا يسكر ولا يؤثر عليه الخمر ؟
الشيخ : أي ، نحن نقول : السكران ، ما نقول شارب الخمر ، فرق بين نقول شارب الخمر وبين نقول سكران ، حتى المؤلف يقول : السكران .
7 - هل كل سكران لا يقع طلاقه علماً أن بعض الناس الذين يشربون الخمر لا يسكر ولا يؤثر عليه الخمر ؟ أستمع حفظ
هل نقول أن شارب الخمر لا يقع طلاقه ؟
الشيخ : ما نقول شارب الخمر ولا نتكلم بشارب الخمر .
السائل : ويش نقول ياشيخ ؟
الشيخ : السكران .
ما هو الضابط في السكر ؟
الشيخ : الضابط أن يفقد وعيه ، أن يفقد وعيه على سبيل التلذذ والطرب ، لأجل أن نخرج البنج مثلا ، البنج ما هو بسكر .
السائل : في ناس مدمنين تعودوا ؟
الشيخ : لا ، أنا أريد أن أعوده تحرير العبارة ، لأنه هو أورد لنا مسألة على وجه شارب الخمر ، نحن ما تلكمنا عن شارب الخمر ، تكلمنا عن من ؟ عن السكران ، فإذا قدر أن رجلا يشرب الخمر في كل ساعة أربع مرات ولا يسكر ، هل يدخل في كلامنا هذا ؟ ما يدخل ، ولهذا تحرير العبارة مهم ، لأن كلام العلماء رحمهم الله يحررون عباراتهم ، أخذنا ثلاثة أظن .
السائل : لا ، بقي واحد .
الشيخ : طيب .
الذي طلق ولم ينوي شيء هل يقع طلاقه ؟
الشيخ : ويش هو ؟
السائل : المسألة التي ذكرناها طلق ولم ينوي شيء ، ما نوى شيء .
الشيخ : أي مسألة ؟
السائل : أول شيء ؟
الشيخ : أما قلنا يديّن ؟
السائل : لا ، الذي ما نوى شيء ؟
الشيخ : حتى الذي ما نوى لا يقع طلاقه .
السائل : قلنا الراجح أنه يقع طلاقه .
الشيخ : يقع اعتبارا باللفظ .
السائل : ويش أخرجه عن القاعدة ؟
الشيخ : القاعدة أنه ما نوى ، ما نوى ، واللفظ صريح في موضوعه ، هو الآن ما نوى خلافه ، لو قال : والله طالق ، نويت طالق من وثاق ، قلنا : خلاص ما تطلق ، ولكن يدين إذا المرأة حاكمته ، يحكم الحاكم بالظاهر .
السائل : ... اللفظ ؟
الشيخ : اللفظ صريح معناه ، يمكن واحد يقول : أنا ما نويت ، أما لو قال : نويت خلافه . أي نعم ، انتهى الوقت أي باقي باقي أربعة نعم .
شرح قول المؤلف : والمجنون .
الطلبة : ... منهم من قال : قد تزوج قبل أن يجن .
الشيخ : نعم ، نقول : ربما تزوج عاقلا فجنّ ، وإذا قدر أنه كان مجنونا من الأصل فإن وليه يزوجه ، وليه يزوجه ، طيب ، إذا المجنون لا يقع طلاقه، قال : وأمرهما .
المجنون إذا زوجه وليه هل يطلق عنه ؟
الشيخ : ويش ترى ؟
السائل : ... ?
الشيخ : إذا كان المؤلف يقول : ما يقع طلاق المجنون .
السائل : آه .
الشيخ : طلاق المجنون يقول : ما يقع ، يعني المجنون لو طلق ما يقع طلاقه .
السائل : أي نعم ، لكنه لو صار ضرر على المرأة ؟
الشيخ : نعم .
السائل : ما دام وليه زوج المجنون هذا صار ضررا عليها؟
الشيخ : كيف؟
السائل : صار ضررا على المرأة ؟
الشيخ : لكن راضية .
السائل : الزوجة؟
الشيخ : راضية ، راضية المرأة .
إذا كانت المرأة غررت بالمجنون وأرادت الطلاق ماذا تفعل ؟
الشيخ : إذا أرادت ترفع الأمر للحاكم .
السائل : يعني نقول : يطلقها الحاكم .
الشيخ : يطلقها الحاكم ما في إشكال ، لكن إذا ما كان في ضرر على المرأة ، المرأة مستأنسة ، المجنون عنده مال ، وانبسطت بماله ، وتعزم زميلاتها وكل شيء ، ومكيفة ، هل نقول : وليه يطلقها ولا لأ ؟
الطالب : لا ، ليس له .
الشيخ : هه ؟
السائل : لا يطلقها .
الشيخ : طيب ، وإن كان ضرته هي ، تأخذ من ماله وتفسده ؟
السائل : ممكن عليها ، يحجر على المال ، ويعطيها القدر الذي لايضر .
الشيخ : إي زين ، طيب .
ما هو الضابط في الرجوع إلى دين المطلق ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : إزاي تيدينه ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : عندما يثبت ... تقول ندينه ، نرجع إلى دينه يعني كيف الضابط يعني ؟
الشيخ : الضابط يعني اللفظ صريح الآن ، اللفظ صريح ، وكونه يريد به خلاف الظاهر محتمل ، لكنه خلاف الظاهر ، فنقول : إذا قال : أنا أردت كذا ، فعلى دينه .
السائل :كيف يعني ؟
الشيخ : على دينه بلا حلف ، بلا حلف على دينه .
السائل : كيف على دينه ؟
الشيخ : هه ؟
السائل : كيف على دينه ؟
الشيخ : بمعنى أنه إذا قال لزوجته : أنا ما أردت الطلاق ، هه نقول : خلاص ، ما في طلاق .
السائل : إن كان مثلا صالح في الأصل هو لا يكذب ولا إيه يعنى ؟
الشيخ : كيف ؟