الشيخ : صحيح، كلام ابن حجر واضح، يعني لسنا نريد أن يكون القيام بمعنى الجلوس، نحن نريد أن يكون الجلوس بمعنى القيام. القارئ : " وفي الجملة المعتمد للترجيح كما أشار إليه البخاري وصرح به البيهقي وجوز بعضهم أن يكون المراد به التشهد، والله أعلم. قوله في الطريق الأخيرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ) هكذا اقتصر على هذا القدر من الحديث وساقه في كتاب الصلاة بتمامه ".
السائل : بالنسبة لما يتعلق بالسلام هل يزاد على المشروع قبل إتمام المشروع ؟ الشيخ : يعني يحذف المشروع ويأتي بغيره ؟ الأفضل المحافظة على المشروع في كل شيء، ثم الزيادة تأتي بعده، هذا الأفضل في هذا وفي الدعاء وفي الأذكار وفي كل شيء.
كيف يرد على من لا يسمع من سلامه إلا حرف السين فقط ؟
السائل : سلم الإنسان فلم أسمع منه إلا السين مثلا ؟ الشيخ : بعض الناس ما يسمع منه إلا السين لأنها من حروف الصفير. السائل : ما أدري هو قال السلام أو لم يقل؟ الشيخ : والله، إذا لم تسمع منه إلا السين لا تسمعه إلا السين، (( إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )).
هل يؤخذ من الحديث السابق أن الإنسان لا يعذر بالجهل ؟
السائل : هل يؤخذ من الحديث السابق أن الإنسان لا يعذر بالجهل ؟ الشيخ : هذه مهمة، ينبغي التنبيه عليها، يقول يؤخذ من هذا الحديث أن الإنسان لا يعذر بالجهل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) هكذا قال الأخ هداية الله، وقال غيره : يؤخذ من هذا الحديث أن الإنسان يعذر بالجهل، قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة ما مضى، مع أنه لم يصل، لكن لما كان في وقت الصلاة الآن، هو الآن مطالب بالصلاة، فلا تبرأ ذمته ما دام في الوقت إلا بصلاة صحيحة، معلوم ؟ طيب. على كل حال هذه النقطة مهمة، يعني في هذا الحديث دليل على أن الإنسان يعذر بالجهل في ترك الواجب ما لم يمكن تداركه، فإن أمكن تداركه بأن كان مطالبا به الآن فلا بد من أن يأتي به على وجه صحيح. ولكن ينبغي أن يقال هذا ما لم يكن مفرطا، وهذه المسألة يجب أن تنتبهوا لها لأنها مهمة ويقع فيها مسائل كثيرة، أكثر ما يقع فيها المرأة إذا حاضت وهي صغيرة ولم تصم، هذه كثيرة الوقوع. فإذا كان الإنسان لم يفرط يعني معناه ما ثقيل له إنه يجب عليك كذا، وقال لا بس، (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ))، لأن بعض الناس إذا قيل هذا واجب، اسأل يا أخي اسأل العلماء، قال لا (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) فإن هذا مفرط، لا ينبغي أن يقال له إنك لا تقضي ما فات. أما إذا كان غير مفرط، مثل أن يكون ناشئا في بداية بعيدة عن العلماء وعن التعلم، أو كان الأمر ما يطرأ على البال أن هذا الشيء واجب، يعني ما كان يطرأ على باله ولا يتوقع أن يطرأ على بال الإنسان أنه واجب، فكذلك أيضا يعذر، مثل أن يكون الشخص يحتلم، ولكن ما كان يعرف أن الاحتلام موجب للغسل، ولا طرأ على باله، يقول أحسب أن هذا من جنس البول أغسله وأتوضأ وأصلي، ولم يفرط، هذا أيضا لا نؤمره بالقضاء. فالحاصل أن الأدلة بعمومها تدل على أن من ترك الواجب لعدم علمه بوجوبه فإنه لا يلزمه قضاؤه إلا ما كان مطالبا به الآن، فلا بد منه. ولكن إذا كان مفرطا فهنا نلزمه القضاء من أجل التفريط. بقي أن يقال : وإذا كان الواجب له بدل فهل تسقطون عنه البدل أو تلزمونه به ؟ مثل لو ترك واجبا من واجبات الحج جهلا منه، مثل ترك المبيت بمزدلفة، ترك رمي الجمرات، جهلا منه ؟ نقول هذا ليس عليه إثم بلا شك، الإثم ليس عليه إثم، اللهم إلا أن يكون مفرطا في السؤال، يعني لم يسأل. لكن هل نقول يجب عليك البدل، أو نقول إذا سقط الأصل سقط البدل ؟ هذه كنت أذهب إلى أنه يجب عليه البدل، ولكني توقفت الآن، يعني لأن نقول إذا سقط الأصل فالبدل فرع عنه. ولكن وجه التوقف أن نقول الأصل موقت بوقت، أو مقيد بحال، والبدل ليس كذلك، يعني مثلا : المبيت بمزدلفة موقت بوقت معين وزال، لكن ذبح الفدية لترك الواجب، هل مقيد ؟ غير مقيد. فهي محل تردد عندي. أما فعل المحرم إذا وقع عن جهل فلا إثم فيه، ولا يترتب عليه أثره، لا كفارة ولا غيرها، أيّا كان هذا المحرم، وهذه القاعدة سبق أننا كررناها كثيرا ومرارا. المهم شوفوا سؤال الأخ هداية الله صار له ما شاء الله فروع جيدة مهمة، الحمد لله.
حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا زكرياء قال : سمعت عامرًا يقول : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إن جبريل يقرأ عليك السلام قالت : وعليه السلام ورحمة الله .
القارئ : حدثنا أبو نعيم، حدثنا زكرياء، قال: سمعت عامرا، يقول: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة رضي الله عنها، حدثته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ( إن جبريل يقرئك السلام ) قالت: وعليه السلام ورحمة الله.
فوائد حديث : ( ... أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إن جبريل يقرأ عليك السلام قالت : وعليه السلام ورحمة الله )
الشيخ : فيه دليل على أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام محتاجون إلى رحمة الله عزّ وجل وإلى أن يسلهم الله من الآفات، ولهذا قالت : ( وعليه السلام ورحمة الله ). وفي هذا دليل على أنه لا يلزم أن تقول لمن نقل السلام إليك : عليك وعليه السلام، ما هو شرط، لأن هذا مبلغ، الناقل مبلغ رسول، والذي دعا لك بالسلام من؟ الذي دعا لك بالسلام الأول المرسل، ولهذا تقول عليه السلام.
المسألة التي مرت قبل قليل : أنه يجب عليه بدل فحديث الرجل الذي أكل في رمضان وهو ينظر إلى الخيط الأبيض و الأسود لم يؤمر بالقضاء ؟
السائل : المسألة التي مرت قبل قليل : أنه يجب عليه بدل ، في حديث الرجل الذي أكل في رمضان وهو ينظر إلى الخيط الأبيض والأسود لم يؤمر بالقضاء ؟ الشيخ : هذا فعل محظور هذا، الأكل فعل محظور.
السائل : ما هو حد التفريط الذي لايعذر صاحبه بالجهل ؟ الشيخ : من التفريط أن يكون عائشا في أوساط متعلمة، ولهذا الناس في الوقت الحاضر قد لا يعذرون بالجهل لأن هذا يعرفه كل أحد، كل أحد يعرفه. ومنها أيضا مما يعرف به التفريط أن نعلم هذا الرجل قد قيل يا فلان يجب عليك كذا، فقال لا، من يقوله ؟ قيل له اسأل، قال : (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) ترى هذه واقعة، ما هي مسألة فرضية، في كثير من الناس يقول : (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) مثل هذا.
هل القول بأن المسبوق إذا فاتته الفاتحة يعيد الركعة صحيح ؟
السائل : هل القول بأن المسبوق إذا فاتته الفاتحة يعيد الركعة صحيح ؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : ... الشيخ : يعني المسبوق إذا جاء والإمام راكع ؟ هذا ضعيف، سبق لنا أنه ضعيف، حديث أبي بكرة صريح في هذا.
حدثنا إبراهيم بن موسى قال : أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير قال : أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارًا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال : لا تغبروا علينا فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقًا فلا تؤذنا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه قال ابن رواحة : اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال : أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال : كذا وكذا قال : اعف عنه يا رسول الله واصفح فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
القارئ : حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: أخبرني أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا، عليه إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة بن زيد، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج. الشيخ : طيب، تعرفون الإكاف ؟ الإكاف شيء مثل المخدة يربط على ظهر الحمار، ويسمى عندنا الوثارة، نعم، هذا هو. القارئ : وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء، لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقا، فلا تؤذنا في مجالسنا. الشيخ : أعوذ بالله. القارئ : وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه. قال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. الشيخ : الله أكبر، شف الفرق بين هذا وهذا، نعم. القارئ : فاستب المسلمون والمشركون واليهود، حتى همّوا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: ( أي سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي - قال كذا وكذا )، قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه، فيعصبونه بالعصابة، فلما ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
فوائد حديث : ( ... أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارًا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال : لا تغبروا علينا فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقًا فلا تؤذنا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه قال ابن رواحة : اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال : أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال : كذا وكذا قال : اعف عنه يا رسول الله واصفح فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الحديث سبق لنا في زمن غير بعيد. وفيه أن الإنسان إذا مر بمجلس فيه كفار ومسلمون فإنه يسلم، لكن قال العلماء ينبغي أن ينوي بذلك السلام على المسلمين دون من معهم من المشركين. وفي هذا الحديث من الفوائد تواضع النبي صلى الله عليه وسلم بركوبه الحمار وإردافه أسامة بن زيد، لأن أهل الكبر لا يركبون مثل الحمير، إنما يركبون الخيل المسومة، وأيضا لا يردفون أحدا معهم، بل يختصون بالمركب، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس تواضعا. وفيه أيضا الركوب لعيادة المريض، أي أن المريض يعاد ولو من مكان بعيد، فلو ركب الإنسان السيارة ليعود المريض من مكان بعيد فلا بأس. وفيه بيان ما عليه المنافقون من شدة العداوة للإسلام ومن يحمل الإسلام. وفيه أيضا الكبرياء والغطرسة من عبد الله بن أبي، وذلك أنه خمر أنفه بردائه تكبرا واحتقارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال : لا تغبروا علينا. وفيه أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدع فرصة يدعو الناس فيها إلى الله إلا انتهز هذه الفرصة، ولهذا وقف عليه الصلاة والسلام ودعاهم إلى الله عز وجل. وفيه أيضا أنه ينبغي للداعية أن لا يدعو الناس وكأنه لا يريد أن يطمئن، يعني أنه إذا كان على مركوب فإنه ينزل ليريه أنه مطمئن في ذلك، وليبين لهم أنه متواضع حيث نزل من مركوبه ليدعوهم. وفيه أن أفضل ما يدعا به الناس كلام الله عز وجل، ولهذا قرأ عليهم القرآن، ولا شك أن القرآن يؤثر تأثيرا بالغا، خصوصا إذا قرأه شخص من قلبه ووقف في مواقفه فإنه يتبين من معانيه ما لا يتبين مما لو قرأه الإنسان بلسانه ولم يقف في المواقف التي ينبغي أن يقف عليها. وفيه أيضا أن المنافق لا يرد الحق ردا قاطعا ولكنه يشكك، ولهذا قال عبد الله بن أبي : " لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقا "، ولم يقل هذا كلام باطل، أو كلام أساطير الأولين، أو ما أشبه ذلك، لكن وضع هذه النقطة السوداء وهي قوله : " إن كان ما تقول حقا " لأن المنافقين من عادتهم المراوغة وعدم الصراحة والبيان. وفيه أيضا دليل على أن المنافقين يتأذون بالدعوة إلى الله، يتأذون بها ويضيقون بها ذرعا، ولهذا قال : " لا تؤذنا في مجالسنا "، ولكن المؤمن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه : " اغشنا في مجالسنا فإننا نحب ذلك " ففرق بين هذين الرجلين، الله أكبر، مع أنهم كلهم من بني آدم، ولكن هذا والعياذ بالله منافق، وهذا مؤمن. وفيه أيضا دليل على أن عبد الله بن أبي غمز هذا القرآن حيث قال : " فمن جاءك منا فاقصص عليه " فجعل القرآن قصصا، كأنه أساطير الأولين، مثل القصّاص الذين يمشون على الناس ويقصون عليهم السواليف حقا كانت أم باطلا. وفيه أن من هدي النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يثور الإنسان حتى تحصل الفتنة في مثل هذه الأمور، إذا حدث قول أو سب فلا ينبغي أن يتنازع الناس إلى حد تكون فيه الفتنة، ولهذا لما تواثب، أو هموا أن يتواثبوا جعل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم، ويسكن ثائرتهم عليه الصلاة والسلام، لأن المقام يقتضي هذا. وفيه أيضا دليل على جواز الشكاية إلى كبير القوم وزعيم القوم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكى عبد الله بن أبي إلى سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وعبد الله بن أبي من الخزرج. وفيه أيضا دليل في الحديث دليل على جواز تكنية الكافر أو المنافق، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ألم تسمع ما قال أبو حباب ؟ )، ولم يقل ما قال ابن أبي، أو عبد الله بن أبي، بل كناه، والتكنية عند العرب رفعة، ولهذا قال الشاعر: أكنيه حين أناديه لأكرمه *** ولا ألقبه والسوءة اللقب وفيه أيضا من الفوائد أن الإنسان قد يرد الحق إذا فات مقصوده بالجاه والرئاسة، لأن عبدالله بن أبي كان هو زعيم قومه، حتى إنهم كانوا يريدون أن يتوجوه، ويلبسوه عصابة الإمارة، ولكن لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بطل ما كان الناس يريدون، واتجه الناس إلى الحق وإلى الإسلام فغار من ذلك والعياذ بالله، حتى وصل به الحال إلى النفاق. وفيه دليل أيضا على جواز الشفاعة في حق الكافر لا سيما إذا علم أن ما حصل منه بسبب الغيرة، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى أن السب والشتم حتى القذف قالوا إذا كان على سبيل الغيرة لا حكم له، لأن الغيرة لا يمكن للإنسان أن يضبط نفسه فيها، حتى أم المؤمنين رضي الله عنها عائشة تفعل أشياء في الغيرة والرسول عليه الصلاة والسلام يعفو عنها، لأنه يعلم أن الغيرة شيء يصيب الإنسان لا يستطيع التخلص منه. فإذا شفع أحد في كافر نظرا إلى أن ما فعله من أجل أمر كان يريده ولكنه لم يحصل له فإن هذا لا بأس به، ولهذا قبل النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة سعد بن عبادة وعفا عنه صلى الله عليه وسلم. وفيه أيضا دليل على حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث عفا عنه مع أنه باستطاعته أن يعزر عبد الله بن أبي، على أقل تقدير يستحق أن يعزر لأنه عدة أشياء فعلها تعتبر معصية، أولا : تخمير أنفه، وقوله : " لا تغبروا علينا "، وقوله : " إن كان ما تقول حقا "، وقوله : " لا تؤذنا في مجالسنا "، وقوله : " فاقصص عليه "، كل هذا يستحق أن يعزر عليه أبلغ تعزير، ولكن عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم لما كان من حاله. وربما يؤخذ منه جواز الشفاعة في التعزير أي في العقوبة أو في المعصية التي توجب التعزير، بخلاف الحد فإن الحد لا تجوز الشفاعة فيه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره )، وغضب على أسامة بن زيد لما شفع في المرأة المخزومية وقال له : ( أتشفع في حد من حدود الله )، بخلاف التعزير فإن التعزير تجوز الشفاعة فيه ولو بلغت المعصية إلى السلطان، لأن السلطان أو الحاكم يجوز له أن يقيم التعزير ويجوز أن لا يقيمه، وإن كان ظاهر كلام الفقهاء أن التعزير واجب ولا يجوز سقوطه، ولكن الصحيح أن الإمام إذا رأى مصلحة في إسقاط التعزير أن له أن يفعل.
إذا مر الرجل على أخلاط من المسلمين و النصارى هل يجوز أن يقول : السلام على المؤمنين ؟
السائل : إذا مر الرجل على أخلاط من المسلمين والنصارى هل يجوز أن يقول : السلام على المؤمنين ؟ الشيخ : لا، الأولى أن يسلم السلام عليكم، لأنه إذا قال السلام على المؤمنين صار فيه شيء من الفتنة، يقول السلام عليكم والأعمال بالنيات، وربما نؤخذ منها فائدة هذه، وهي أن النية تخصص العام، النية تخصص العام، وهو كذلك، فإن الإنسان إذا ذكر لفظا عاما ونوى به الخاص فإنه حسب نيته، حتى لو حلف على شيء وجاء بلفظ عام لكن يريد الخاص فإنه على نيته، فلو قال : والله لا آكل الطعام، ونيته أن لا يأكل الطعام الذي فيه الدسم مثلا فإنه على نيته، يختص بما نوى.
السائل : هل التعزير له حد معين ؟ الشيخ : التعزير ليس له حد، لا في نوعه ولا في كيفيته ولا في كميته، إلا أنه إذا كان في معصية ورد الحد في جنسها فإنه لا يبلغ الحد أنت فاهم زين أو لا ؟ السائل : ... الشيخ : يعني يمكن نعزر هذا الشخص بأخذ شيء من ماله، نعم. الآن عندنا في بعض المخالفات خصوصا المخالفات المروية فيها تعزير، الذي يخالف المرور يأخذ عليه دراهم، هذا تعزير بالمال، نعم. ربما يكون التعزير بالتوبيخ، يؤتى بالرجل الشريف ذي الجاه الذي كلمة التوبيخ عنده أشد عليه من كل الدنيا، ويوبخ أمام الناس، هذا تعزير. ربما يكون في الحبس، ربما يكون بالجلد. لكن إذا كان بالجلد فإنه إن كان في معصية في جنسها حد فإنه لا يبلغ الحد، مثلا رجل قبّل امرأة أجنبية منه فإننا نعزره لكن لا نجلده مائة جلدة، لأن الزنا فيه مائة جلدة، لو وصلنا إلى مائة جلدة في التقبيل معناه أنا ساوينا التقبيل بالزنا، وبينهما فرق عظيم عرفت ... طيب. عرفت الآن ؟ طيب.
السائل : ما حكم بدأ الكفار بالسلام ؟ الشيخ : لا يجوز، بدء السلام من الكفار لا يجوز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ).
باب : من لم يسلم على من اقترف ذنبا ، ولم يرد سلامه، حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصي . وقال عبد الله بن عمرو: لاتسلموا على شربة الخمر.
القارئ : باب : من لم يسلم على من اقترف ذنبا ، ولم يرد سلامه، حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصي . وقال عبد الله بن عمرو: لا تسلموا على شربة الخمر.
حدثنا ابن بكير قال : حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله بن كعب قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن تبوك ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام أم لا حتى كملت خمسون ليلةً وآذن النبي صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر .
القارئ : حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبدالله بن كعب، أن عبد الله بن كعب، قال: سمعت كعب بن مالك : " يحدث حين تخلف عن تبوك، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ حتى كملت خمسون ليلة، وآذن النبي صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر " .
شرح الترجمة : ( باب : من لم يسلم على من اقترف ذنبا ، ولم يرد سلامه ... )
الشيخ : البخاري رحمه الله قال : " باب من لم يسلم، ولم يرد السلام " يعني الترجمة فيها مسألتان، المسألة الأولى : من لم يسلم، والثانية : من لم يرد السلام، ومعلوم أن ابتداء السلام سنة وردّه واجب. وقوله : " من لم يسلم " يشعر بأن هناك قولا آخر، وهو السلام على من اقترف الذنب ردا وابتداء. والمسألة هذه فيها خلاف بين أهل العلم، وتحتاج إلى تفصيل فنقول: من اقترف ذنبا سرا ولم يعلن به فإنه يسلم عليه، لأن هذا لم يبد مخالفة، والأصل ابتداء السلام ورد السلام على المسلم، فإذا كان هذا الرجل يذنب لكنه لا يجاهر بذنبه فإنه يسلم عليه ابتداء وردا. وإن كان يجاهر بذنبه فلا يخلو : إما أن يكون مقتضي السلام حين تلبسّه بالذنب أو بعد مفارقته، مثل إنسان يشرب الخمر فحين يشرب الخمر أو بعد أن يشرب وينتهي بينهما فرق، فنقول : إذا كان حين تلبسه بالمعصية فعدم السلام عليه متوجه اللّهم إلا إذا كان الإنسان يريد أن يسلم عليه من أجل دعوته ونهيه عن المنكر فهنا يتوجه السلام، لأنه أي السلام أقرب إلى حصول السلام، فإن السلام في هذه الحال أحسن مما لو هاجمته بالكلام قبل أن تسلم. وأما إذا كان بعد مفارقة الذنب ولم يتلبس به فإنه يسلم عليه، وهذا فيمن من لم يجاهر، أما من جاهر فقد سبق الكلام عليه وأنه لا يسلم عليه إلا إذا كان في ذلك مصلحة. طيب، هذا هو التفصيل في هذه المسألة. شف كلام الشارح على الترجمة.
القارئ : " قوله : باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا، ومن لم يرد سلامه حتى تتبين توبته وإلى متى تتبين توبة العاصي. أما الحكم الأول فأشار إلى الخلاف فيه، وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يسلم على الفاسق ولا المبتدع. قال النووي : فإن اضطر إلى السلام بأن خاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلّم، وكذا قال بن العربي وزاد : وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنه قال الله رقيب عليكم ". الشيخ : هذا ليس بشرط، بل نقول السلام عليكم وتنوي أن الله يسلمهم من الذنوب التي هم عليها. القارئ : " وقال المهلب : ترك السلام على أهل المعاصي سنة ماضية، وبه قال كثير من أهل العلم في أهل البدع، وخالف في ذلك جماعة كما تقدم في الباب قبله. وقال ابن وهب : يجوز ابتداء السلام على كل أحد ولو كان كافرا، واحتج بقوله تعالى : (( وقولوا للناس حسنا ))، وتعقب بأن الدليل أعم من الدعوى ". الشيخ : قوله : " بأن الدليل أعم من الدعوى " هذا ليس برد، إلا حيث وجد تخصيص لأن الممنوع هو أن يكون الدليل أخص من الدعوى، أما إذا كان أعم فللمدعي أن يقول اللفظ عام يشمل هذه الصورة الخاصة، عرفتم ؟ فهذا الكلام من الرادّ ليس بوجيه، لأنا نقول الدليل إذا كان أعم من الدعوى فهو صحيح لكن إذا وجد تخصيص لهذا العموم بطل، وهذا التخصيص يخصصه قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ). القارئ : " وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح واللهو وفحش القول والجلوس في الأسواق لرؤية من يمر من النساء ونحو ذلك ". الشيخ : هذا معصية، ما هو بترك مروءة، كثرة المزاح صحيح، ربما نقول ليس بمعصية لكنه مخالف للمروءة، لكن يجلس في الأسواق يتتبع النساء ؟! سبحان الله الله أكبر نعم. القارئ : " وحكى ابن رشد قال : قال مالك لا يسلم على أهل الأهواء، قال ابن دقيق العيد : ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم والتبري منهم. وأما الحكم الثاني فاختلف فيه أيضا ". الشيخ : ما هو الحكم الثاني ؟ يحتمل أن الثاني قوله : " ولم يرد سلامه "، شف كلامه. القارئ : " وأما الحكم الثاني فاختلف فيه أيضا، فقيل يستبرأ حاله سنة، وقيل ستة أشهر، وقيل خمسين يوما كما في قصة كعب، وقيل ليس لذلك حد محدود بل المدار على وجود القرائن الدالة على صدق مدعاه في توبته ". الشيخ : إذن الحكم الثاني : " وإلى متى تتبين "، لكن حقيقة الحكم الأول يتضمن حكمين، وهما : ابتداء السلام والرد، ولا شك عدم الرد أخطر من ابتداء السلام، يعني لو قيل إننا لا نبتدئ العاصي من اقترف ذنبا بالسلام فلا نقول وكذلك لا نرد عليه، لأنه هو الذي ابتدأ وهو الذي تلطف إلينا، لكن كما قلت لكم إذا كان في ذلك مصلحة فإننا لا نبدأ ولا نرد. القارئ : " وقيل ليس لذلك حد محدود بل المدار على وجود القرائن الدالة على صدق ما ادّعاه في توبته، ولكن لا يكفي ذلك في ساعة ولا يوم، ويختلف ذلك باختلاف الجناية والجاني. وقد اعترض الداودي على من حده بخمسين ليلة أخذا من قصة كعب، فقال : لم يحدّه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين، وإنما أخر كلامهم إلى أن أذن الله فيه يعني فتكون واقعة حال لا عموم فيها. وقال النووي : وأما المبتدع ومن اقترف ذنبا عظيما ولم يتب منه فلا يسلم عليهم، ولا يرد عليهم السلام، كما قال جماعة من أهل العلم، واحتج البخاري لذلك بقصة كعب بن مالك انتهى. والتقييد بمن لم يتب جيد لكن في الاستدلال لذلك بقصة كعب نظر، فإنه ندم على ما صدر منه وتاب، ولكن أخرّ الكلام معه حتى قبل الله توبته، وقضيته أن لا يكلم حتى تقبل توبته. ويمكن الجواب بأن الاطلاع على القبول في قصة كعب كان ممكنا، وأما بعده فيكفي ظهور علامة الندم والإقلاع وأمارة صدق ذلك. قوله : " اقترف " أي اكتسب وهو تفسير الأكثر، وقال أبو عبيدة : الاقتراف التهمة. قوله : وقال عبد الله بن عمر : " ولا تسلموا على شربة الخمر " بفتح الشين المعجمة والراء بعدها موحدة جمع شارب، قال ابن التين لم يجمعه اللّغويون كذلك، وإنما قالوا شارب وشرب مثل صاحب وصحب انتهى. وقد قالوا فسقة وكذبة في جمع فاسق وكاذب. وهذا الأثر وصله البخاري في الأدب المفرد من طريق حيان بن أبي جبلة بفتح الجيم والموحدة عن عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ : لا تسلموا على شراب الخمر، وبه إليه قال : لا تعودوا شراب الخمر إذا مرضوا. وأخرج الطبري عن عليّ موقوفا نحوه. وفي بعض النسخ من الصحيح : وقال عبد الله بن عمر بضم العين، وكذا ذكره الإسماعيلي. وأخرج سعيد بن منصور بسند ضعيف عن ابن عمر : لا تسلموا على من شرب الخمر، ولا تعودوهم إذا مرضوا، ولا تصلوا عليهم إذا ماتوا. وأخرجه ابن عدي بسند أضعف منه عن ابن عمر مرفوعا ".
هل يسلم على شارب الدخان و المتلبس بالمعصية عموما ؟
السائل : حديث أسامة بن زيد المتقدم ... الشيخ : طيب. السائل : هل يسلم على شارب الدخان والمتلبس بالمعصية عموما ؟ الشيخ : نفس الشيء، مثل هذا، المتلبس بالمعصية ليس كالمفارق. السائل : يحرم التسليم عليه ؟ الشيخ : لا، ما يحرم، لكن هل نسلم أو لا نسلم؟ نقول إذا كان في ذلك مصلحة وأنه لو سلمت قالوا هذا ذل فلا تسلم. أما إذا كان فيه مصلحة فسلم.
هل صحيح ما قاله ابن حجر من أنه لايسلم على فعل بعض خوارم المروءة ؟
السائل : هل صحيح ما نقله ابن حجر عن بعض الحنفية من أنه لايسلم على من فعل بعض خوارم المروءة صحيح يا شيخ ؟ الشيخ : نحن ذكرنا فيما سبق قاعدة أن الأصل أن المؤمن لا يجوز هجره، ( لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) هذا الأصل. السائل : ... الشيخ : إذا لم تسلم هذا أعظم الهجر. لكن قلنا إذا كان في ذلك مصلحة فاهجر، هذه هي القاعدةـ، لكن بقي لنا من اقترف الذنب حال فعله الذنب هو الذي فيه التفصيل. السائل : الذي يكثر المزح ... لو سلمنا عليه ؟ الشيخ : لا، سلم عليه، لا باكر تشوف اللي يمزحون ما تسلم عليهم، سلم عليهم.
حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني عروة أن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك ففهمتها فقلت : عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت : يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد قلت : عليكم .
القارئ : حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة، أن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، ففهمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله )، فقلت: يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فقد قلت: وعليكم ).
حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول : أحدهم السام عليك فقل : وعليك .
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سلم عليكم اليهود، فإنما يقول أحدهم: السّام عليك، فقل: وعليك ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم .
القارئ : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا هشيم، أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم ).
فوائد حديث : ( ... أن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك ففهمتها فقلت : عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت : يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد قلت : عليكم . )
الشيخ : هذا الباب كما قال المؤلف رحمه الله : " كيف يرد على أهل الذمة إذا سلموا "، وأتى به المؤلف بصيغة الاستفهام إحالة على ما يفهم من الأحاديث. ذكر حديث عائشة رضي الله عنها : أنه دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك. السام يعني الموت، إذن السام عليك بإزاء قولك : الموت عليك، ففهمتها عائشة رضي الله عنها قالت : " عليكم السام واللعنة "، (( إذا حييتم بتحية ))، فعليكم السام هذا الموت والهلاك، اللعنة الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فهي قابلتهم بأسوأ مما قالوا، واليهود لا شك أنهم أهل لذلك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) لكن المقام لا يقتضي هكذا، ولهذا قال لها النبي عليه الصلاة والسلام : ( مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله ). هذه الكلمة العظيمة : ( يحب الرفق في الأمر كله ) لا في العبادات ولا في المعاملات ولا في المخاطبات ولا في الأمر في المعروف والنهي عن المنكر، فالله يحب الرفق، خذ هذه القاعدة استعملها في كل أحوالك، كن رفيقا، لو لم يأتك من الرفق إلا أن ذلك محبوب إلى الله عزّ وجل لكان كافيا، وإذا أتيت إلى الله ما يحب أعطاك ما تحب. طيب، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أيضا في لفظ آخر : ( أن الله يعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف ) وهذه أيضا فائدة عاجلة، إذا رفقت في الأمر أعطاك ما لا يعطيك في العنف. هنا لما قال : ( إن الله يحب الرفق في الأمر كله ) وهم يسمعون اليهود، يسمعون كلام الرسول لها. قلت: يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : ( قد قلت: وعليكم ). إذا قالوا السام عليك، قلت وعليك وش اللي عليك ؟ السام، إذن أعطيتهم مثل ما أعطوني مع الرفق والهدوء، (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )).
فوائد حديث : ( ... عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول : أحدهم السام عليك فقل : وعليك )
الشيخ : أما الحديث الثاني، قال : ( إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليك، فقل : وعليك) فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اليهود يلوون ألسنتهم فيقولون : السام عليك، من غير أن يبين ولكن قال : ( قل : وعليك )، وعلم من قوله : ( فإنما يقول أحدهم : السام عليك ) أننا لو علمنا أن الكافر قال : السلام فإننا نقول عليكم السلام، ولا حرج، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( قل : وعليك ) لأنهم يقولون السام عليك. ثم إنا نقول : لا حرج أن تقول ...