تتمة فوائد حديث : ( ... عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول : أحدهم السام عليك فقل : وعليك )
الشيخ : وعلم من قوله : ( فإنما يقول أحدهم : السام عليك ) أننا لو علمنا أن الكافر قال : السلام فإننا نقول عليكم السلام، ولا حرج، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( قل : وعليك ) لأنهم يقولون السام عليك. ثم إنا نقول : لا حرج أن تقول عليك السلام إذا صرح بالسلام، لأن قولك وعليك إذا كانوا قد قالوا السلام وش يكون عليهم ؟ يكون عليهم السلام .
فوائ حديث : ( ... حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم )
الشيخ : وأما الحديث الثالث فقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا سلم عليكم أهل الكتاب )، وهذا أعم من الذي قبله، لأن الحديث الأول الذي قبله : ( إذا سلم عليكم اليهود )، وهذا يعم اليهود والنصارى. وهل لنا نعمم ونقول : حتى المشركون ؟ نعم، لأن العلة واحدة.
هل يجوز لنا أن نسلم على النصارى لترغيبهم في الإسلام ؟
السائل : هل يجوز لنا أن نسلم على النصارى لترغيبهم في الإسلام ؟ الشيخ : يا شيبة، أنت أعلم مني بالنصارى، فهل أنت الآن تظن أن النصارى عندهم من اللين ولا سيما نصارى العرب ما يجعلهم يميلون إلى الإسلام إذا سلمت عليهم ؟ أبدا، بالعكس، إذا سلمت عليهم قال هذا قد ذل لنا، يمكن غير العرب الذين لا يعرفون يمكن يكون أقرب إلى الإسلام من العرب. المهم أننا لا نسلم عليهم أبدا، وإذا كنا نريد أن ندعوهم إلى الإسلام ممكن نقول : مرحبا أهلا، ويكفي في تليين قلوبهم.
السائل : هل يؤخذ من الحديث الرد على من سبني أو شتمني ؟ الشيخ : الأحسن أن تقول عليك مثل ما قلت لي، مثل ما قال الرسول : ( قولوا وعليكم ). وإلا يجوز أصلا من قوله تعالى : (( وجزاء سيئة سيئة مثلها )). يجوز، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى الرفق، ولكل مقام مقال، ولا تظنوا أن الحكم في المسألة يكون كالحكم في كل المسائل، لا، قد يختلف الأمر.
السائل : من تلبس بمعصية هل يسلم عليه كحالق اللحية ؟ الشيخ : لا، التلبس بحلق اللحية بس حين يكون الموس على اللحية، أما إذا راح. السائل : ... هناك فرق بين من يشرب الدخان .... الشيخ : حتى الدخان إذا خلص يصير رائحته. وهذا ما نقول حالق لحيته، نقول هذا قد حلق لحيته، أما ما نقول يحلق لحيته الآن انتهى. وهذا أيضا رائحته وأسنانه، ... الآن السيجارة يخرج الدخان من فمه. السائل : ربما يغسل فمه ويأتي؟ الشيخ : على كل حال فرق بين آثار المعصية وبين فعل المعصية، الحالق يقال إن هذا أثر حلقه وليس حلقه، كذلك الشارب رائحته مثلا وأسنانه.
هل يرد على أهل الكتاب إذا كان سلامهم صحيحا لا شتم فيه ؟
السائل : هل فهم اليهود والنصارى معنى كلمة السلام لما قالوا السام عليك؟ الشيخ : ممكن، لأن اليهود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عرب يتكلمون باللغة العرب، يعني يعرفونها قصدي، وإلا كلامهم فيما بينهم بالعبرية، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغتهم، لكنهم يعرفون اللغة العربية.
حدثنا يوسف بن بهلول قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثني حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي وكلنا فارس فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأةً من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين قال : فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلنا : أين الكتاب الذي معك ؟ قالت : ما معي كتاب فأنخنا بها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئًا قال صاحباي : ما نرى كتابًا قال : قلت : لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك قال : فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب قال : فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما حملك يا حاطب على ما صنعت ؟ قال : ما بي إلا أن أكون مؤمنًا بالله ورسوله وما غيرت ولا بدلت أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله قال : صدق فلا تقولوا له إلا خيرًا قال : فقال عمر بن الخطاب : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فأضرب عنقه قال : فقال : يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة قال : فدمعت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم .
القارئ : حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، قال: حدثني حصين بن عبد الرحمن، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي، وكلنا فارس، فقال: ( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين، معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين ). قال: فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلنا: أين الكتاب الذي معك ؟ قالت: ما معي كتاب، فأنخنا بها، فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا، قال صاحباي: ما نرى كتابا، قال: قلت: لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يحلف به، لتخرجن الكتاب أو لأجردنك، قال: فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجت الكتاب، قال: فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ( ما حملك يا حاطب على ما صنعت ؟ ) قال: ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله، وما غيرت ولا بدلت، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله، قال: ( صدق، فلا تقولوا له إلا خيرا )، قال: فقال عمر بن الخطاب: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فأضرب عنقه، قال: فقال: ( يا عمر، وما يدريك، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة ) قال: فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم.
شرح للترجمة : باب : من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره )
الشيخ : الله أكبر. هذا أيضا باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره. هذا أيضا من الأمور التي يجب على المسلمين أن ينتبهوا لها، لأن أعداء الإسلام يكيدون للإسلام من كل وجه، ويدسون السم في الدسم، يؤلفون الكتب، ويكونون كالكهان يأتون بمائة كلمة لا تستنكر، ويأتون بكلمة واحدة تهدم ما كتبوا، ولذلك إيّاكم أن تثقوا بكتب أعداء الإسلام سواء من يتظاهر بالمعاداة، أو من لا يتظاهر، وسواء كانوا ممن يتكلمون في العقائد، أو ممن يتكلمون في غير العقائد، يجب الحذر حتى لا نقع في الشر.
فوائد حديث : ( ... عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي وكلنا فارس فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأةً من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين قال : فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلنا : أين الكتاب الذي معك ؟ قالت : ما معي كتاب فأنخنا بها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئًا قال صاحباي : ما نرى كتابًا قال : قلت : لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك قال : فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب قال : فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما حملك يا حاطب على ما صنعت ؟ قال : ما بي إلا أن أكون مؤمنًا بالله ورسوله وما غيرت ولا بدلت أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله قال : صدق فلا تقولوا له إلا خيرًا قال : فقال عمر بن الخطاب : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فأضرب عنقه قال : فقال : يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة قال : فدمعت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم )
الشيخ : ثم ذكر هذا الحديث الذي فيه آيات من آيات الله عز وجل. أولا : أن الرسول بعث هؤلاء الثلاثة، علي بن أبي طالب، والزبير من العوام، وأبا مرثد، وكلهم فارس، يعني كل واحد منهم فارس، يعني يجيد الركوب على الفرس، ومعلوم أن مثل هذه الحال تقتضي أن لا يرسل إلا قوم فوارس حتى يدركوا هذه المرأة. وفيه أيضا إشكال وهو قوله : ( كلنا فارس ) حيث إن الخبر لم يطابق المبتدأ، لأن كلنا تقتضي أن يكون الخبر جمعا، ولكنه قال : فارس ؟ فإما أن يقال إن كلمة فارس تطلق على الواحد والجمع، وإما أن يقال إن قوله : ( كلنا ) بمنزلة : كل واحد منا، كقوله تعالى : (( واجعلنا للمتقين إماما )) أي اجعل كل واحد منا للمتقين إماما ... أعيد عليكم وأكرر وأكرر على أن - لا تسجل - فائدة العلم هو العمل. ... علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي إلى امرأة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، ولما أدركوها في المكان الذي عينه الرسول صلى الله عليه وسلم أنكرت أن يكون معها شيء، ولما عزموا عليها أخرجت الكتاب. ففيه من الفوائد العظيمة آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم حيث أُخْبِر عنها عن طريق الوحي. وفيه أيضا أنه ينبغي للإنسان إذا علم بالحق أن لا يلين أمام الباطل، بل يكون قويا وعازما فيه، لأن الإنسان إذا عزم على الشيء فإن قبيله سوف ينهزم، ولكن إذا انهزم ولو كان الحق معه فإنه يهزم، لأن السيف كما يقولون بضاربه، قد يكون مع شخص جبان سيف بتار، ولكنه إذا رأى الشجاع ومعه هذا السيف البتار انتفض وسقط السيف من يده، وقد يكون مع الشجاع سيف دونه ولكن يفلق به الهام، فالسيف بضاربه، فإذا كان معك الحق فاعزم ولا تلن ولا تتهاون، ولهذا لما عزم علي بن أبي طالب عليها أخرجت الكتاب. ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز قتل الجاسوس المسلم، فإذا علمنا أن هذا الرجل جاسوس لعدونا فإنه يجوز قتله، بل قد يجب أن يقتل، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر مانعا من قتل حاطب إلا أنه شهد بدرا، وشهادة بدر أخص من كونه مسلما، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يعلل بأنه مسلم بل علل بأنه شهد بدرا، وهذه الميزة لا تحصل لغير من شهد بدرا، وعلى هذا فإذا علمنا أن هذا الشخص يتجسس للأعداء وجب علينا أن نقتله إلا إذا رأى ولي الأمر أن المصلحة في عدم قتله فلا بأس، لكن قتله جائز، وقد يجب إذا تعينت المصلحة في قتله. ومن فوائد هذا الحديث بيان قوة عمر رضي الله عنه حيث طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له في قتله. وفيه كمال أدبه لأنه لم يتجرأ فيقتل، ومن هنا نأخذ - يرحمك الله - أنه ينبغي لنا أن لا نتجرأ في الأمور التي ليست من شؤوننا فنقدم عليها، مثل أن نرى بعض المنكرات فنكسرها، أو ما أشبه ذلك، ونحن ليس لنا عليها ولاية خاصة ولا عامة، نعم إذا رأيت منكرا في مكان لك عليه ولاية خاصة فاكسره لكن ما ولايته عامة فالأمر لغيرك، استأذن فيؤذن لك أو لا يؤذن، المهم أنه ليس الأمر إليك، ولهذا كان تجسس حاطب رضي الله عنه كان موجبا للقتل مع هذا استأذن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم المانع. ومن فوائده فضيلة أهل بدر، حيث قال الله : ( اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة )، وفي رواية : ( فقد غفرت لكم ). وفي هذا إشكال وهو أن قوله : ( اعملوا ما شئتم ) هل الأمر هنا للإباحة وأنه يقتضي أنه يجوز لأهل بدر أن يكفروا، أم ماذا ؟ الجواب : أن هذا للامتنان، الأمر للامتنان، ليس للإباحة ولا للإلزام، الأمر للامتنان، كما لو منّ عليك شخص بشيء فقلت له : بعد هذا افعل الذي تبي، يعني أن هذا الأمر الذي فعلت يكفر عنك كلما تفعل. فالحسنة العظيمة التي حصلت لأهل بدر كانت مكفرة لكل ما يعملون، لكن فيه بشارة من وجه آخر بأن أهل بدر لن يشركوا ولن يرتدوا بعد إسلامهم، لأنهم لو ارتدوا بعد إسلامهم لحبطت أعمالهم (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة )) وحينئذ تكون بشرى لأهل بدر أنهم مهما عملوا من المعاصي فإنها دون الشرك، وحينئذ تقع مكفرة ولا تمنعهم من دخول الجنة، لأنهم عملوا هذه الحسنة العظيمة التي كانت موجبة لمحو جميع ما يعملون من السيئات. وفي هذا أيضا دليل، في الحديث دليل على رقة قلب عمر رضي الله عنه مع شدته في الحق. ففيه ثلاثة أمور : شدته في الحق، وأدبه مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ورقة قلبه عند تبين الحق له، حيث دمعت عيناه وقال : ( الله ورسوله أعلم ) فوكل الأمر إلى عالمه رضي الله عنه. وفي هذا دليل أيضا على أن التجسس للكافرين خيانة لله ورسوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر على قوله : ( فقد خان الله ورسوله ) لكن بيّن المانع من قتله بأنه شهد بدرا. وفيه إثبات كلام الله، لقوله : ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ). وفيه أيضا أن حكم الخطاب يثبت وإن لم يسمعه المخاطب، لأن أهل بدر ما سمعوا قول الله عز وجل : ( اعملوا ما شئتم ) ولكن الرسول أخبر عن ذلك. ويتفرع من هذه القاعدة أن الرجل لو طلق امرأته وهي غائبة فإنها تطلق وإن لم تسمع، لأن هذا الحكم حكم الخطاب أعني قوله تعالى : ( اعملوا ما شئتم ) ثبت لأهل بدر مع أنهم لم يسمعوه. وفيه أيضا إثبات المشيئة للعبد، فيكون فيه رد على من يا عبد الله ؟ رد على الجبرية الذين يقولون إن الإنسان لا مشيئة له، وأنه مجبر على عمله.
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعل الله اطلع ) ؟
السائل : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعل الله اطلع ) ما معناها ؟ الشيخ : اطلع فقال، يعني أن يكون درى على الأمرين جميعا. السائل : قوله : ( لعل الله ) ... ؟ الشيخ : توقع هذا، مثل : (( وما يدريك لعل الساعة قريب))، توقع. ثم إنّ الاطلاع خاص وعام، فمثلا قوله : ( ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ) ليس هذا النظر العام، النظر العام ما يخفى على الله شيء، لكن هذا النظر نظر خاص.
أليس سبب عفو النبي صلى الله عليه وسلم على حاطب رضي الله عنه هو صدق حاطب ؟
السائل : أليس سبب عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن حاطب رضي الله عنه هو صدق حاطب حينما قال له : ( صدق فلا تقولوا إلا خيرا ) ؟ الشيخ : لا، صدق حينما بين المبرر. السائل : أليس هذا هو سبب عفو الرسول ؟ الشيخ : لا لا، سبب العفو أنه اطّلع إلى أهل بدر.
هل يفهم من تبويب البخاري جواز الإطلاع على كتب الفلاسفة للرد عليها و التحذير منها ؟
السائل : هل يفهم من تبويب الإمام البخاري جواز الإطلاع على كتب الفلاسفة للرد عليها والتحذير منها ؟ الشيخ : يمكن، حتى لو لم نفهم هذا، يجب على من كان عنده ثقة من نفسه وعلم إذا وجد كتاب منتشر من كتب الفلاسفة أو الملاحدة أو غيرهم من الذي حدث أخيرا، لأن الإلحاد أصله واحد، لكنه يتصور ويتلون حسب الوقت، فالإلحاد من أول الدنيا إلى آخرها واحد لكن يأتي بصور حسب ما تقتضيه الحال، يغلف بغلاف لا يستنكره أهل الوقت، وإلا هو هو، لكن مثلا إذا كان في وقت يكرم الأدب فيه أو ما أشبه ذلك ويعتنى به جاء الإلحاد بصورة أدب، ظاهره رحمة وباطنه عذاب، وإذا كان في مكان أو زمن يعظم فيه المنطق جاء بصورة المنطق، وهكذا، لكن أصله شيء واحد، واللباس يكون على حسب الزمن، مثل ما نحن هنا في السعودية نلبس قميص وغترة وطاقية، وفي بلاد أخرى خلاف ذلك.
حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن قال : أخبرنا عبد الله قال : أخبرنا يونس عن الزهري قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش وكانوا تجارًا بالشام فأتوه فذكر الحديث قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد .
القارئ : حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ابن عباس، أخبره: أن أبا سفيان بن حرب، أخبره: أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش، وكانوا تجارا بالشام، فأتوه - فذكر الحديث - قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ، فإذا فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد ).
فوائد حديث : ( ... أن ابن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش وكانوا تجارًا بالشام فأتوه فذكر الحديث قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد )
الشيخ : إذن إذا أردنا أن نكتب الكتاب إلى أهل الكتاب نصنع كما صنع الرسول صلى الله عليه وسلم، فمثلا إذا أراد أن يكتب السلطان يقول : من فلان إلى فلان ويصفه بما يوصف به هناك، يعني ما يحط من قدره بل يصفه بما يوصف به هناك. ( من محمد عبد الله ورسوله ) صلوات الله وسلامه عليه، ( إلى هرقل عظيم الروم ) ولم يقل العظيم، لأنه عظيم على قومه فقط، وليس له العظمة المطلقة. وفيه أيضا ( السلام على من اتبع الهدى ) ولم يقل: السلام عليك، لأن اليهود والنصارى لا يبدؤون بالسلام. وفي قوله : ( السلام على من اتبع الهدى ) ما يسمى في البلاغة براعة الاستهلال، يعني أن يأتوا بمستهل الكلام بما يناسب المقام، كأنه يقول : اتبع الهدى ليكون السلام عليك، فقال : ( السلام على من اتبع الهدى ) ثم إنه قد يكون عليه الصلاة والسلام لاحظ أمر الله عز وجل في قوله : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ))، وقد قال موسى لفرعون : (( قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ))، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم ممتثلا بهذه العبارة أمر الله في قوله : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )). وفيه أيضا دليل على أنه ينبغي أن يبدأ بالبسملة حتى في الكتاب إلى أهل الكتاب، بسم الله الرحمن الرحيم، لأن البسملة بركة وخير. والعجيب أن البسملة تقلب الخبيث طيبا والطيب خبيثا، إذا ذبحت الذبيحة فإن سميت صارت طيبة حلالا، وإن لم تسم صار خبيثة حراما. الطعام إن سميت حرم منه الشيطان، وإن لم تسم شاركك الشيطان فانتفع وضيق عليك، ولهذا جاء في الحديث : ( كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر ) ناقص البركة. وفيه أيضا أنه يقدم اسم الكاتب على المكتوب إليه، لأن هذا هو الترتيب الطبيعي، أنا كاتب، من للابتداء، وأنت مكتوب إليك، إلى للانتهاء، فكان تقديم الكاتب هو المناسب للترتيب الطبيعي، فتقول من فلان إلى فلان، هذا هو الأفضل. لكن تغيرت الأحوال الآن وصار يكتبون : جناب، حضرة، سعادة، يذكرون من هذه الألقاب، وفي النهاية يكتب الاسم، وهذا خلاف المشروع، المشروع أن تبدأ بالاسم كما أنه موافق للطبيعة. لكن رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب : إلى فلان بن فلان من فلان، فيقدم المكتوب إليه، وكأنه رحمه الله ورضي عنه يريد بذلك التأليف، لأن بعض الناس في عهده وفي غير عهده عقولهم في أيديهم كما يقولون فإذا رأوا الشخص يقول : من فلان إلى فلان، قال هذا يعد نفسه أعظم مني وأعلى مني، اتركوه وكتابه. لكن إذا رآه يقول : إلى فلان بن فلان من فلان، ربما يلين ويقبل. فإذا ترك الإنسان هذه السنة لما يرجو أنه أنفع فهذا لا بأس به، وإلا فالأفضل أن يبدأ باسمه هو أولا. طيب، ما تقولون لو قال شخص : من فلان بن فلان إلى السيد فلان من الكفرة ؟ ما يجوز هذا. أولا : لأنك أعطيته السيادة المطلقة، إلى السيد فلان. طيب، فإذا قال : أنا أردت الخصوص، واستعمال العام مرادا به الخاص جائز في اللغة العربية (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم )) والقائل واحد، والجامع واحد، وش نقول ؟ يا سبحان الله، نحن نقول الظاهر خلاف ذلك، ثم المقام ذاك ما هو فاهم أنك أردت الخصوص وش فاهم ؟ المكتوب إليه أنك أردت العموم وتعظيمه على وجه الإطلاق. طيب، هل الرسول صلى الله عليه وسلم يعني ذكرنا أن قوله : ( السلام على من اتبع الهدى ) له قدوة فيه، هل يمكن أن نقول : ( إلى عظيم الروم ) له قدوة فيه ؟ نعم، قال إبراهيم : (( بل فعله كبيرهم هذا )) ولم يقل : الكبير، بل فعله الكبير ما قالها، قال : (( كبيرهم هذا )) والصنم الكبير كبير لمن ؟ كبير للأصنام، ما هو لكل أحد، فلهذا احترز عليه الصلاة والسلام عن أن يصفه بالكبر المطلق، بل قال : (( كبيرهم هذا ))، مفهوم يا هداية ؟ طيب.
بعض الناس اليوم يقتصرون في كتبهم بـ " بسم الله " فقط فهل هذا يصح ؟
السائل : بعض الناس تبدأ بـ" بسم الله " فقط فهل هذا يصح ؟ الشيخ : لا، الأفضل أنه يكمل، لكن يمكن على سبيل الاختصار، والحديث : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله ) يحتمل أن المعنى لا يبدأ فيه بهذا اللفظة، أو بكل الآية، لكن لا شك أن التكميل أحسن، إلا أن بعض العلماء قال إنه لا ينبغي أن تصل الرحمن الرحيم ببسم الله على الذبيحة لأن مقتضى هذين الاسمين أن لا تذبحها، ترحمها، فكيف تأتي باسمين يضادان الفعل ؟ لكن قد يقال : أنا أقول بسم الله الرحمن الرحيم باعتبار أن الله رحمني بأن أباح لي أن أذبحها، أليس كذلك ؟ ولولا أن الله أباح لي أن أذبحها لحرم عليّ ذبحها، ولهذا قال تعالى : (( وذللنا لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون، ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون )).
هل يستفاد من حديث عائشة رضي الله عنها في لعن اليهود جواز لعن المعين ؟
السائل : هل يستفاد من حديث عائشة رضي الله عنها في لعن اليهود جواز اللعن على سبيل الخصوص ؟ الشيخ : لعن المعين، إي نعم. وش تقولون ؟ استدل بعض العلماء بهذا على جواز لعن المعين حالة تلبسه بما يقتضي الله، ما هو على سبيل الإطلاق. وبعضهم قال : لا، لأن عائشة أرادت بهذا الخبر، ( عليكم السام واللعنة ) لأن الرسول قال : ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ). ولكن كلا الأمرين فيهما نظر، لأن ظاهر الحديث أن عائشة أرادت الدعاء، ولكن يحمل على أن هذا من باب الغيرة لشدة غيرتها لم تملك نفسها، ولهذا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق.
وقال الليث : حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، أخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه . وقال عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : نجر خشبة فجعل المال في جوفها وكتب إليه صحيفة من فلان إلى فلان .
القارئ : وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، أخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه ). وقال عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، سمع أبا هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( نجر خشبة، فجعل المال في جوفها، وكتب إليه صحيفة : من فلان إلى فلان ).
فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، أخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه . وقال عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : نجر خشبة فجعل المال في جوفها وكتب إليه صحيفة من فلان إلى فلان )
الشيخ : هذا الحديث مثل الأول، يعني يبدأ بالكاتب إلى المكتوب إليه. وفيه دليل على أن الإنسان إذا كتب صحيفة في وديعة له، وديعة عنده لشخص فإنه يكتفى بذلك، يعني لو أن شخصا أعطاك دراهم قال لك خذ هذه عندك اجعلها عندك، فاكتب ورقة فيها هذه لفلان، كما جاء في هذا الحديث. هل ساقه عندك ؟ بس ؟ وعندك ما ذكر شيء القسطلاني ؟ ... طيب.
هل يجوز لمن أرسل رسالة لكافر أن يبدأه فيها بالسلام سواء كانت للدعوة أو غيرها ؟
السائل : هل يجوز لمن أرسل رسالة لكافر أن يبدأه فيها بالسلام سواء كانت للدعوة أو غيرها ؟ الشيخ : إذا أرسل يقول : السلام على من اتبع الهدى. السائل : حتى إذا لم تكن للدعوة ؟ الشيخ : إذا كانت للدعوة، أما لغير الدعوة ما تبدؤه.
هل يجوز أن نشهد لأهل بدر بأعيانهم بالجنة للحديث السابق ؟
السائل : هل يجوز أن نشهد لأهل بدر بأعيانهم بالجنة للحديث السابق ؟ الشيخ : نقول: كل أهل بدر مغفور لهم ، وكلهم وجبت لهم الجنة، كما جاء في الحديث. السائل : بأشخاصهم؟ الشيخ : وهم في الجنة سواء شهدت أو ما شهدت يا عبدالرحمن. السائل : ... الاعتقاد ؟ الشيخ : الاعتقاد نعتفد أن كل أهل بدر في الجنة بس.
حدثنا أبو الوليد قال : حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي سعيد أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء فقال : قوموا إلى سيدكم أو قال : خيركم فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك قال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم فقال : لقد حكمت بما حكم به الملك . قال أبو عبد الله : أفهمني بعض أصحابي عن أبي الوليد من قول أبي سعيد إلى حكمك .
القارئ : حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد: أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء، فقال: ( قوموا إلى سيدكم ) أو قال:( خيركم )، فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( هؤلاء نزلوا على حكمك )، قال: فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، فقال: ( لقد حكمت بما حكم به الملك ). قال أبو عبد الله: أفهمني بعض أصحابي، عن أبي الوليد، من قول أبي سعيد: ( إلى حكمك ).
فوائد حديث : ( ... فقال : قوموا إلى سيدكم أو قال : خيركم فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك قال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم فقال : لقد حكمت بما حكم به الملك . قال أبو عبد الله : أفهمني بعض أصحابي عن أبي الوليد من قول أبي سعيد إلى حكمك .
الشيخ : هذا أيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( قوموا إلى سيدكم ). وكأنّ المؤلف رحمه الله يشير إلى أنه هناك فرقا بين قوموا لسيدكم وإلى سيدكم. وقد ذكر أهل العلم أن هذه المسألة يعني القيام، إما أن تتعدى بإلى أو باللام أو بعلى، القيام يتعدى بإلى أو بعلى أو باللام. فإن تعدى بإلى فلا بأس به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ) وهذا يدل على أن المراد : امشوا إليه، لأن إلى للغاية فلا بد من مغيا، فإذا قلت قم إلى فلان فمعناه أن فلان بعيد عنك يحتاج إلى مشي حتى ينتهي قيامك إليه، فهذا لا بأس به، فلو رأينا شخصا دخل الباب وقمنا ومشينا إليه فإن هذا جائز ولا بأس به، إذا كان أهلا للإكرام كان إكرامنا إياه من الأمور المشروعة المسنونة أن نستقبله عند الباب إذا رأيناه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوموا إلى سيدكم ). وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه قد أصابه سهم في أكحله في عزوة الخندق، ولمحبة النبي صلى الله عليه وسلم له ولشرف منزلته عنده أمر أن يضرب له خباء في المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يعوده من قريب، لأن الرسول يحبه لأنه أهل لذلك رضي الله عنه، فدعا الله قال : " اللهم لا تمتني حتى تقر عيني ببني قريظة " يقوله في غزوة الأحزاب، فأقر الله عينه، وأنزلهم على حكمه، هم الذين اختاروا سعد بن معاذ أن يحكم فيهم، وإنما اختاروه لأنه كان حليفهم، فظنوا أنه سوف يجعل يدا دونهم، وسوف يشفع لهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه رضي الله عنه لم تأخذه في الله لومة لائم، لما جاء قال : حكمي نافذ فيهم ؟ قالوا : نعم، قال : وعلى من هنا ، يشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينظر إليه احتراما له، ما ينظر إلى الرسول احتراما له، قال : وعلى من هنا ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم، قال : أحكم فيهم بكذا وكذا، كما ذكر البخاري. الشاهد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم ). الصورة الثانية : أن تتعدى بعلى، فيقال : قام على فلان، فهذا لا يجوز، نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في مقام يغاظ فيه الأعداء. ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها ) حتى إنه في الصلاة لما صلى جالسا وكانوا قياما أشار إليهم أن يجلسوا لئلا يقوموا على رأسه فيصنعوا كما تصنع الأعاجم في ملوكها، لكن في غزوة الحديبية وهي في السنة السادسة من الهجرة كان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائما على رأس النبي صلى الله عليه وسلم وبيده السيف من أجل إغاظة المشركين، لأن المشركين كانوا يراسلونه، يرسلون إليه الرسل للمفاوضة، فكان الصحابة يفعلون شيئا لم يكونوا يفعلونه في غير هذا الحال، كان الرسول إذا تنخم نخامة تلقوها بأيديهم فجعلوا يدلكون بها صدورهم ووجوههم، وما كانوا يفعلون هذا، لكن من أجل إغاظة المشركين لأجل يروحون لقومهم يقولون رأينا ورأينا، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، ولهذا أثرت فيهم لما رجع إليهم رسولهم إلى قريش، قال والله لقد دخلت على الملوك وكسرى وقيصر والنجاشي فلم أر أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، سبحان الله العظيم، فأثر فيهم. فالحاصل أنه إذا كان فيه إغاظة الأعداء القيام على الشخص فلا بأس به، كما فعل المغيرة بن شعبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا دليل يا إخواني على أن إغاظة أعداء الله محبوبة إلى الله، يجوز مثل هذه الحال، ويجوز للإنسان أن يمشي الخيلاء أمام أعداء الله، مع أن الخيلاء من كبائر الذنوب، حرام، لكن يجوز أن تمشي متبخترا أمام الأعداء، ويجوز أن تلبس الحرير وأنت رجل إغاظة لهم لأعداء الله إذا كانوا حاضرين. ونحن الآن ما نقدّر الأمور هذه، الآن كاد أن يكون أعداء الله أولياء لنا، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه، مع أن أعداء الله الكفار يجب علينا إغاظتهم وجوبا (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم )). طيب، بقي علينا الثالث القيام للشخص، فالقيام له لا شك أن الأفضل تركه، وأن الناس لو اعتادوا عدم القيام للشخص لكان أولى لأن هذا فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك، لكنه لا بأس به للإكرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم وفد ثقيف إليه وهو بالجعرانة قام لهم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فلا بأس به، فإذا قام الإنسان لشخص دخل كما جرت به العادة إكراما له فلا حرج، لكن يمكن أن يتلافى هذا بأن يقوم إليه يتقدم، بدل أن يقف مكانه يقوم ويمشي إلى باب القهوة، ويكون حينئذ قد قام إليه، لكن مع ذلك لا بأس. ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ) لأن هذا بالنسبة للداخل إذا أحب أن يتمثل له الناس قياما فهذا لا شك أنه عنده إعجاب بنفسه وكبرياء لكن بالنسبة للمدخول عليهم هذا الحكم. فصار القيام ثلاثة أقسام: التعدي بإلى، والتعدي بعلى، والتعدي باللام.
باب : المصافحة. وقال ابن مسعود : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه. وقال كعب بن مالك : دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني .
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : باب : المصافحة. وقال ابن مسعود : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه. وقال كعب بن مالك : دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني.
حدثنا يحيى بن سليمان قال : حدثني ابن وهب قال : أخبرني حيوة قال : حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب .
القارئ : وحدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني حيوة، قال: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، أنه سمع جده عبد الله بن هشام، قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ).
فوائد الترجمه : باب : المصافحة. وقال ابن مسعود : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه. وقال كعب بن مالك : دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. باب المصافحة. المصافحة معناها الملاقاة بين اليدين، يعني ما حكمها ؟ هل هي جائزة أو سنة أم ماذا ؟ فذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد وكفه بين كفيه. كف ابن مسعود بين كفيّ الرسول صلى الله عليه وسلم، إذن فالرسول صلى الله عليه وسلم آخذ بيديه جميعا. والحكمة من ذلك من أجل أن يكون منتبها لما يلقي إليه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر حديث كعب بن مالك رضي الله حينما تاب الله عليه ، فدخل المسجد يقول : فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يراه لأنه حاضر. وفيه المصافحة والتهنئة بالأمر السار، ولا يحتاج في هذا إلى توقيف.