فوائد حديث : ( ... وقال كعب بن مالك : دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ) .
الشيخ : وفيه المصافحة والتهنئة بالأمر السار، ولا يحتاج في هذا إلى توقيف، يعني لو أن أحدا أتاه ما يسره فهنأناه لا يحتاج أن يقال هل هنأ الصحابة على مثل هذه الحال أو لا ؟ لأنه إذا وجد أصل المسألة، فلا حاجة إلى أن ينص على كل فرد منها لأن الاعتبار بالجنس. ولهذا قلنا إن إهداء القرب والعبادات إلى الأموات جائز وإن كان ذلك لم يرد إلا في الصدقة والحج والصوم، لكن نقول ما دام هذا الجنس وقع وهي قضايا أعيان، يعني إنما تخصصت بهذا اتفاقا، يعني فلو وجد شيء آخر هل يمانع الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك مثلا ؟ وهذه مسألة قل من ينتبه لها، وهي أن العبرة بالجنس لا بالنوع أو بالفرد، خصوصا في قضايا الأعيان التي ليست قولا، أما القول فنعم، إذا جاء القول مخصصا بشيء تخصص به، لكن إذا جاءت قضايا الأعيان وقعت من جنس فإنه لا يحتاج إلى أن ينص على كل فرد من أفراد هذا الجنس أو كل نوع منه. فإذا كان الرسول أقر إهداء القرب من صدقة وحج وصوم، لأنها وقعت في عهده فإننا نقول غيرها مثلها، لأن الكل عبادة، لكن لم يقع في عهد الرسول إلا هذا الأمر، وما وقع اتفاقا قد علمتم أنه لا يكون شرعا، بمعنى أنه لا يتخصص به. كذلك لما هنئ كعب بن مالك بتوبة الله عليه لا يقال إننا لا نهنئ أحدا إلا بالتوبة، نهنئ الإنسان بكل ما يسره من أمور دينه وأمور دنياه، حتى لو فرض أنه ربح في بيعة ربحا غير معتاد فإننا نهنئه لأنه يسر بذلك. نعم، لا يهنأ بشيء يسره وهو معصية، لأن التهنئة بالمعصية رضا بها، ولهذا نقول لا يجوز أن يهنأ المشركون بأعيادهم مطلقا باتفاق العلماء، لأن تهنأتهم بذلك معناه التهنئة بالشرك والكفر والإقرار على دينهم.
فوائد حديث : ( ... عن قتادة قال : قلت لأنس : أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم )
الشيخ : وفيه أيضا قلت لأنس أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم. فأقرها أنس، ولكن المصافحة هل معناه في كل وقت وفي كل حين، يعني لو كانوا جلوسا أجمعين ثم بدا لهم أن يتصافحوا ؟ لا، بل هي عند الملاقاة. ثم ها هنا مسألة هل أن الإنسان إذا دخل إلى مجلس يصافح أهل المجلس واحدا واحدا ؟ هذا لا أظنه من السنة، وإن كان بعض الناس يفعله، إذا دخل مسك المجلس من أول واحد إلى آخر واحد يصافحهم، هذا ليس من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، كعب بن مالك في قصته هذه جاء وجلس ولا قام يصافح كل واحد، وإن كان المجلس مجلس ذكر وقد يقال إنه ترك المصافحة لئلا يشغلهم عن الذكر، لكن نقول ما كنا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل مجلسا أمسك بيد الناس يصافحهم واحدا واحدا، ولا كان الصحابة يفعلونه، كما أنهم لا يسلمون على كل واحد واحد، وإنما إذا دخل المجلس سلم على الجميع، ما على كل واحد واحد، فكذلك المصافحة.
فوائد حديث : ( ... قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب )
الشيخ : ثم إنه ذكر حديث عبد الله بن هشام قال : ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ). لكن لا ندري هل هو آخذ بها يعني ممسك بها أو مصافح ؟ وظاهر صنيع البخاري أنه مصافح، لكنه يحتاج إلى بينة، ننظر في الشرح.
قراءة من شرح صحيح البخاري لابن حجر مع تعليق الشيخ .
القارئ : " ووجه إدخال هذا الحديث في المصافحة أن الأخذ باليد يستلزم التقاء صفحة اليد بصفحة اليد غالبا، ومن ثم أفردها بترجمة تلي هذه لجواز وقوع الأخذ باليد من غير حصول المصافحة. قال ابن عبد البر : روى بن وهب عن مالك أنه كره المصافحة والمعانقة، وذهب إلى هذا سحنون وجماعة، وقد جاء عن مالك جواز المصافحة وهو الذي يدل عليه صنيعه في الموطأ، وعلى جوازه جماعة العلماء سلفا وخلفا والله أعلم ". الشيخ : على كل حال الأخذ بيد عمر ما يقتضي المصافحة، يمكن أمسك بها لغرض من الأغراض، يمكن يمشي هو وإياه وهو آخذ بيده أي نعم. ما ذكر شيء أجل غير هذا ؟ القارئ : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب هو طرف من حديث يأتي تمامه في الأيمان والنذور، وبقيته : فقال له عمر : يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء الحديث، وقد ذكرت شيئا من مباحثه في كتاب الأيمان، وسيأتي بيان الوقت الذي قتل فيه عمر في آخر ترجمة عثمان إن شاء الله تعالى ". الشيخ : الذي عنده فتح الباري ينبغي إذا قال : تقدم في المناقب، يرجع إلى المناقب ويشوف في أي صفحة وفي أي جزء ويقيده على الهامش، يقول صفحة كذا جزء كذا، إذا قال يأتي في الأيمان والنذور يبحث عنه في أي جزء ثم يقيده في الهامش صفحة كذا جزء كذا لأنه يكون أسهل. وأظن أننا وزعنا عليكم الفهرس فهرس الكتب. إي نعم، هذه أيضا تنفع. وش يقول ؟ القارئ : ... الشيخ : لأن الأيمان والنذور بعد ما أدري في أي باب. السائل : ... الشيخ : لكن في أي باب، لعله الحلف بدون طلب، لأنه قال : والله لأنت أحب إلي من نفسي. لعله باب اليمين من غير طلب. القارئ : الثالث ... الشيخ : ... الباب الثالث، إيش الباب الثالث ؟ القارئ : ... الشيخ : باب ؟ القارئ : باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم. الشيخ : هذا الباب الثالث ؟ من الذي تكلم. الباب الثالث ؟ وش اسمه. الحديث الخامس ؟ طيب.كم صفحة ؟ نعم. اكتبوا لما قال يأتي في الأيمان والنذور اكتبوا صفحة كذا من جزء كذا، عشان أسهل لكم. نعم. القارئ : حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني حيوة، قال: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، أنه سمع جده عبد الله بن هشام، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك ) فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الآن يا عمر ). الشيخ : ما شاء الله، الله أكبر. اقرأ الشرح. القارئ : ما فيه شيء. الشيخ : ما فيها شيء ؟ خلاص فوتها، الله يغفر له، رحمة الله عليه، على كل حال الظاهر والله أعلم أن الرسول آخذ بيده يحدثه، ما هو من باب المصافحة، وهذا يحتمل أن يكون بالكف ويحتمل أن يكون بالذراع، لأنه كلها يسمى يد، والعادة أن الإنسان يأخذ بالكف ويأخذ بالذراع. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم آخذ بيده يحدثه من أجل أن ينتبه كما قلنا في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
باب : الأخذ باليدين. وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه .
القارئ : باب : الأخذ باليد. الشيخ : باليدين، النسخة التي عندنا باليدين وهي أحسن، لأنه الأثر الذي ذكر يدل عليه. القارئ : وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه .
فائدة عزيزة من الترجمة على استحباب جعل الرجل يد المصاحف بين كفيه إذا صافحه .
الشيخ : وفي هذا رد لقول من كره ذلك، يعني كره بعض العلماء إذا لاقيت أحدا وصافحته أن تجعل يدك اليسرى على ظهر كفه، والصحيح أنه غير مكروه، وأن هذا زيادة في الإكرام والمحبة.
حدثنا أبو نعيم حدثنا سيف قال سمعت مجاهدًا يقول حدثني عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال سمعت ابن مسعود يقول علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي صلى الله عليه وسلم .
القارئ : حدثنا أبو نعيم، حدثنا سيف، قال: سمعت مجاهدا يقول : حدثني عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال: سمعت ابن مسعود، يقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفيّ بين كفيه، التشهد، كما يعلمني السورة من القرآن: ( التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )، وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام - يعني - على النبي صلى الله عليه وسلم. الشيخ : شوف من فسر: يعني على النبي ؟
قراءة من شرح صحيح البخاري لابن حجر مع تعليق الشيخ .
القارئ : " قوله : فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا جاء في هذه الرواية، وقد تقدم الكلام على حديث التشهد هذا في أواخر صفة الصلاة قبيل كتاب الجمعة من رواية شقيق بن سلمة عن ابن مسعود، وليست فيه هذه الزيادة، وتقدم شرحه مستوفى. وأما هذه الزيادة فظاهرها أنهم كانوا يقولون : السلام عليك أيها النبي، بكاف الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة، فصاروا يقولون : السلام على النبي. وأما قوله في آخره : يعني على النبي، فالقائل يعني هو البخاري، وإلا فقد أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في مسنده ومصنفه عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه فقال في آخره : فلما قبض صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على النبي، وهكذا أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طريق أبي بكر. وقد أشبعت القول في هذا عند شرح الحديث المذكور. قال ابن بطال : الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة، وذلك مستحب عند العلماء، وإنما اختلفوا في تقبيل اليد، فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون، واحتجوا بما روي عن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا نحن الفرارون، فقال : بل أنتم العكارون، أنا فئة المؤمنين، قال فقبّلنا يده. قال وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم ذكره الأبهري. وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه. قال الأبهري : وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبّر والتعظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز. قال ابن بطال وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسّال أن يهوديين أتيا ". الشيخ : طيب، هذه عندنا الآن ذكر المؤلف احتمالين، احتمال إذا قبلها على سبيل التكبر والتعاظم وهذا باعتبار المقبل، كما يفعل بعض الناس إذا سلم الناس عليه قدم يده على طول، هذا لا شك أنه مذموم. والثاني : أن يكون على سبيل التعبد لله بالتقرب إليه بتعظيم هذا الرجل، وهذا في النفس منه شيء. والثالث : ولم يذكره المؤلف أن يكون على سبيل الاحترام والتعظيم لهذا الرجل من الفاعل مع كون الرجل المقبل لا يبالي قبل أو لم يقبل ولا يهتم بل ربما يكره ذلك، هذا الأخير لا بأس به، ولا شك أنه جائز ولا بأس به. لكن الغريب أن المؤلف ما ذكر هذا الوجه الثالث مع أنه هو الأكثر.
السائل : ما الفرق بين التقبيلين ؟ الشيخ : الفرق أن الأول يقبله يتعبد لله بذلك، والثاني يقبله تعظيما واحتراما لهذا الشخص نفسه، قد لا يشعر بأنه يتقرب إلى الله بذلك.
فوائد حديث : ( ... سمعت ابن مسعود يقول علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي صلى الله عليه وسلم )
الشيخ : سبق لنا أننا قلنا في هذا الحديث أولا هذه الرواية التي ذكرها المؤلف التفسير ليس من عبد الله بن مسعود، لكنه كما قال ابن حجر من البخاري، والبخاري لعله اعتمد على رواية إسماعيل وغيره في أنه من كلام ابن مسعود. ولكنه تقدم لنا أن هذا تفقه من عبد الله بن مسعود لكنه ليس بصواب، ألا تذكرون هذا ؟ وبيّنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن كان خليفة خطب الناس وعلمه التشهد على المنبر، وفيه أنه قال : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )، وعمر أفقه من عبد الله بن مسعود، وبحضرة الصحابة ولم ينكر ذلك أحد. ثم إن الصحابة رضي الله عنهم حين يقولون : السلام عليك أيها النبي لا يقصدون مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم أبدا، لأنهم لا يسمعون الرسول بذلك، هل هم يسمعون الرسول حتى نقول يخاطبونه، فلما مات زال الخطاب، لا، بل يسرونه، فيهم من لم يصل وراءه، يصلي في أطراف المدينة، يصلي في مكة، يصلي في الطائف، يصلي في البر، فالمسألة ليست خطابا حتى نقول إن المخاطب قد توفي وزال. الثالث أن الرسول صلى الله عليه وسلم علّم عبد الله بن العباس وعلم عبد الله بن مسعود هذا التشهد على وجه الإطلاق ولم يقل ما دمت حيا فإذا مت فقولوا السلام على النبي، ومعلوم أن خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام صالح للأمة إلى يوم القيامة. وبذلك عرفنا أن هذا القول قول ضعيف مرجوح، وأن الصواب أن يقول الإنسان السلام عليك أيها النبي إلى يومنا هذا، بل إلى يوم القيامة. وبقي أن يقال كيف يقول السلام عليك وهو لا يسمع ؟ فالجواب عن هذا من وجهين: الوجه الأول : أن من سلّم على الرسول صلى الله عليه وسلم فإن عنده من ينقل سلامه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني بمعنى أنه يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يسمعه هكذا، وإذا كان صنع البشر يسمعون الكلام من بعيد بلفظه فما بالك بالملائكة، ربما تحمل الملائكة الكلام على صوته، بصوت الإنسان، فيسمعه الرسول عليه الصلاة والسلام : السلام عليك أيها النبي، أو ينقلوه : فلان يسلم عليك، الله أعلم، لكن الأول ليس بغريب، هذا الهاتف الآن تسلم على من في أمريكا تقول : السلام عليك. ثانيا : أن نقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم : إنما جاء بصيغة الخطاب لقوة استحضار العبد، كأنه الرسول صلى الله عليه وسلم أمامه يخاطبه.
السائل : ما معنى قوله ( وهو بين ظهرانينا ) ؟ الشيخ : يعني وهو موجود عندنا، يعني بين ظهرانينا كقوله بين أيدينا. السائل : مقدم ومؤخر ؟ الشيخ : مقدم ومؤخر.
ما حكم ما اعتاده بعض الناس من تقبيل اليد عند المصافحة ؟
السائل : بعض الناس اعتادوا أنك إذا صافحته إما أن يعطيك يده تقبلها أو هو يأخذ يدك هو يقبلها اعتادوا هذا عند المصافحة؟ الشيخ : يعني معناه أنه لا بد أن يقبل أحدهما يد الآخر ؟ السائل : لا يقصدون بها التكبر، وإنما عادة. الشيخ : ما فيها شيء إن شاء الله. السائل : ... الشيخ : لا يعطيه إياها، لكن إن جر يده خله تمشي معه. طيب، هل مثلا إذا سلم عليه يعطيه جبهته يقول قبلها، يحني له رأسه ؟ مسألة أن تقدم يدك أو رأسك للناس يقبلونه ما هو بصحيح.
حدثنا إسحاق قال : أخبرنا بشر بن شعيب قال : حدثني أبي عن الزهري قال : أخبرني عبد الله بن كعب أن عبد الله بن عباس أخبره أن عليًا يعني ابن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم ح و حدثنا أحمد بن صالحقال : حدثنا عنبسة قال : حدثنا يونس عن ابن شهاب قال : أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس : يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أصبح بحمد الله بارئًا فأخذ بيده العباس فقال : ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله فيمن يكون الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا قال علي : والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعنا لا يعطيناها الناس أبدًا وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا .
القارئ : حدثنا إسحاق، أخبرنا بشر بن شعيب، حدثني أبي، عن الزهري، قال: أخبرني عبد الله بن كعب، أن عبد الله بن عباس، أخبره: أن عليا يعني ابن أبي طالب خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، ح وحدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله ابن عباس، أخبره: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ( أصبح بحمد الله بارئا ) فأخذ بيده العباس فقال: ألا تراه، أنت والله بعد الثلاث عبد العصا، والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه، وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت، فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله: فيمن يكون الأمر، فإن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا، قال علي: ( والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعنا لا يعطيناها الناس أبدا، وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا ).
فوائد حديث : ( ... أن عبد الله بن عباس أخبره أن عليًا يعني ابن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم ح و حدثنا أحمد بن صالحقال : حدثنا عنبسة قال : حدثنا يونس عن ابن شهاب قال : أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس : يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أصبح بحمد الله بارئًا فأخذ بيده العباس فقال : ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله فيمن يكون الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا قال علي : والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعنا لا يعطيناها الناس أبدًا وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا )
الشيخ : هذا الحديث استدل به المؤلف على قول الإنسان : كيف أصبحت ؟ والواقع أنه لا يطابق الترجمة، لأن الناس لم يسألوا علي بن أبي طالب كيف أصبح النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التحية، والناس يقول بعضهم لبعض كيف أصبحت على سبيل التحية، وإنما سألوا عليا للاستخبار عن حال الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أصبح ؟ هل هو طيب، أو اشتد به المرض، وما أشبه ذلك. فالاستدلال بهذا ا لحديث على الترجمة فيه شيء من المرض، لأن هناك فرق بين أن أقول : كيف أصبحت لإنسان مريض، وبين قول كيف أصحبت لإنسان لاقاني، الأولى إيش ؟ استخبار، ما هي تحية، والثانية تحية، ولكن على كل حال لا بأس أن تقول كيف أصبحت، لأن الأصل في المخاطبات بين الناس - حطوا بالكم لهذا الشيء - الأصل في المخاطبات بين الناس الحل، إلا ما قصد به التعبد فيحتاج إلى دليل، أما ما لم يقصد به التعبد فالأصل الحل، هذا هو الذي عليه القاعدة المعروفة عند أهل العلم. والأصل في الأشياء حل وامنع *** عبادة إلا بإذن الشارع فلا حاجة إلى أن نقول ما الدليل على أن هذا جائز ؟ نقول لمن منع ما الدليل على أن هذا ممنوع ؟ أنا لا أقصد بذلك التعبد إلى الله، لكن جرت العادة أن الناس يقولون هذا الكلام فأقوله، إذا قال مرحبا، أهلا، حياك الله وبياك، وأوسع منازلك، وما أشبه ذلك، نقول هذا حرام ؟ أو جب دليل على أن الصحابة يفعلونه أو يقولونه ؟ ما نقول هكذا، الأصل الحل، ولاحظوا يا جماعة أن الاتباع أن تسير على سننهم، وهم رضي الله عنهم كما تعرفون يوجد عندهم من التوسع ما ليس يوجد عند كثير من الناس الآن الذين يدّعون الآن أنهم سلفيون، فتجدهم كل شيء يضيق، كل شيء مضيق، هات دليل على هذه المسألة المعينة، نعم. قال بعض الناس السنة أن تدلع وتفك أزاريرك أزرارك، طيب ليش أحط أزرار أصلا ؟! إذا صار السنة أني أدلعه ليش أحط أزرار ؟ قال لأن معاوية بن حيدة رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فكّ أزراره، هذه قضية عين، يمكن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت محتر، يمكن في صدره حرارة فتحه لذلك، يمكن لأسباب أخرى، أما أن أقول في أمر محتمل أن هذا عبادة ومشروع، كل إنسان يورد عليك بكل سهولة، لماذا تجعل الأزرة ؟ لأجل يُزَر، هذا هو، فإذا كان كذلك، فمعنى ذلك نحمل فتح الرسول صلى الله عليه وسلم في ملاقاة معاوية له لسبب، ما هذا السبب ؟ الله أعلم، ونحن نقول إذا كان عندك سبب، وكان عندك فيك غم فيك شيء في جسمك هذا افتح، ما فيه مانع، هذا من باب الراحة. فأنا أقول أنه لطالب العلم أن يتبصر في الأمور، يتبصر تبصرا كاملا لأجل أن يعطي الشريعة حقها. إذن نقول كيف أصبحت سواء قلنا إن قول الناس لعلي بن أبي طالب كيف أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الباب، أم لم نقل، فما الأصل ؟ الأصل الحل، وأن هذا لا بأس به، حتى يقوم دليل على المنع. وفي هذا الحديث من الفوائد أنه قد يوجد ما يسمى بالوراثة حتى في الأحوال العارضة من مرض أو غيره، ولهذا قال العباس رضي الله عنه : ( إني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت ) كان هذا شيء خاص بهم يعرفون بقرب آجالهم إذا بلغوا إلى حد معين، فيكون هذه وراثة، وهذا قد يكون، قد يكون وراثة في الإنسان أنه عند مرضه يحصل له حالة معينة تميزه عن الناس. فإذا قال قائل : في هذا الحديث إشكال، وهو حرص العباس على الولاية أو على الخلافة ؟ فالجواب عن ذلك أن نقول : إذا دار الأمر بين سوء الظن وحسن الظن في صحابي من الصحابة فما الواجب ؟ الواجب حسن الظن حتى بغير الصحابة، ولهذا قال العلماء يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة، يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة، فالذي ظاهره ما يجوز للمسلم أن يظنن به، فكيف بالصحابة ؟ حرص العباس على هذا والله العلم عند الله من أجل أن لا يتنازع الناس، لأن بني هاشم معروفون في العرب أنهم هم أشرف العرب، فيخشى إذا خرج من عند أيديهم أن يكون هناك اختلاف واضطراب وتمزق كلمة، فرأى أن تكون الخلافة في بني العباس أو في بني هاشم حتى لا يحصل بذلك تمزق الأمة. هذا هو الذي يحمل عليه كلامه. وفي هذا الحديث أيضا دليل على بعد نظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكائه، ولهذا يضرب به المثل في الذكاء والفقه، حتى إن النحويين قالوا في لا النافية للجنس : قضية ولا أبا حسن لها، قضية يعني هذه قضية داهية عظيمة ، ولا أبا حسن لها، من أبو حسن ؟ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يعني أنه معروف بالذكاء، فالنحويون يقولون : قضية ولا أبا حسن لها، والفرضيون يقولون بعد مسألة ثانية : دخل رجل فسأل علي بن أبي طالب وهو يخطب، قال : ما تقول في بنتين وأبوين وزوجة ؟ فقال الحمد لله الذي يقضي في الحق قطعا، ويجزي كل نفس بما تسعى، صار ثمن المرأة تسعا، نعم، شف كيف ؟ مصنوعة هذه ما فيها شك، مصنوعة لا شك في هذا. صار ثمن المرأة تسعا لأن المسألة عالت من أربع وعشرين إلى سبع وعشرين، فصار الثمن الذي هو ثلاثة من أربع وعشرين صار ثلاثة من سبع وعشرين أي تسعا. طيب، على كل حال هو رضي الله عنه هذا الحديث وغيره يدل على أن الرجل ذكي وعاقل. قال : ( لو أن الرسول منعنا إياها )، وفي احتمال أن يمنعها أو ما فيه ؟ في احتمال قوي، لأن عليّ بن أبي طالب يعرف أن الرسول خلف أبا بكر في الناس في الحج، وخلّفه في الصلاة، وقال : ( لو اتخذت من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر )، وقال : ( لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر )، كل هذا يدل على أن الرسول يخلف أبا بكر رضي الله عنه، وقال للمرأة : (إن لم تجديني فائتي أبا بكر )، وقال : ( يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر )، وأشياء كثيرة تدل على أنه هو الخليفة. فخاف رضي الله عنه أنه إذا ذهب يطلب الخلافة منعه الرسول، يقول : فإذا منعنا فالناس من بعد سوف يتخذون هذا المنع عاما شاملا، ثم لا ترجع إلينا، ولهذا قال : ( والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها أو فيمنعنا لا يعطيناها الناس أبدا، وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا ). وفي هذا إشارة إلى أن الولاية تكون باتفاق أهل الحل والعقد، لأن قوله : ( لا يعطيناها الناس أبدا ) يدل على أنها أي الخلافة تثبت بإجماع أهل الحل والعقد، وهو كذلك، والخلافة تثبت بأمور متعددة، منها النص، ومنها الإجماع، ومنها الغلبة. فإذا نص الخليفة السابق على أن الخليفة من بعده فلان تعيّن، وحرم الخروج عليه ، ووجب على الناس اتخاذه خليفة. وإذا أجمع أهل الحل والعقد عليه كذلك، يجب أن يكون هو الخليفة، ولا معارض له. الثالث : بالغلبة والقهر، مثل ما حصل في صدر هذه الأمة حينما قتل عبد الله بن الزبير واستولى عبد الملك على الحجاز وغيره ودان الناس له، فهنا يجب السّمع والطاعة لهذا الخليفة الذي غلب.
ما هو الضابط في كون الشيئ متعبد به من غيره فيسأل عن دليله ؟
السائل : ما هو الضابط في كون الشيء متعبدا به من غيره فيسأل عن دليله ؟ الشيخ : نعم نعم، ما قصد به الإنسان التقرب إلى الله فهو عبادة. السائل : يعني التحيات هذه أحيانا يقصد فيها الشخص التقرب إلى الله فيفعله ويحرص عليها؟ الشيخ : لا، هو ما يقصد التعبد لله بلفظها. قصدك تحيات الناس فيما بينهم ؟ السائل : إي نعم. الشيخ : ما يقصد التعبد الله بلفظها، يقصد التعبد لله بالألفة بينه وبين هذا الرجل.
السائل : هل يجوز للإنسان أن يلمح بطلب الإمارة ولا يصرح ؟ الشيخ : والله شف، إذا كنت أميرا على بيتك فلمح. السائل : في سفر ؟ الشيخ : يعني هذه تنبني على سؤال الإمارة، فهل الإنسان إذا رأى من نفسه الكفاءة، وخاف أن يتولى الإمارة من لا خير فيه، هل ينبغي له أن يلمح، نعم، أن يقال يخشى أن يكون ممن إذا سألها وكل إليها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سمرة : ( لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها ). هذه المسألة تحتاج إلى نظر في القضية المعينة، أحيانا تعرف أن الناس يميلون إلى رجل ما فيه خير، يحمل الناس على المعاصي وعلى الشر، فهنا قد يتعين عليك أن تطلب أن تكون أنت الأمير، لكن لا تصرح تقول أنا سأكون الأمير، توعز إلى ناس من الجماعة بأن يطلبوا بأن تكون أنت الأمير. قلت لك حالة معنية، هذا خير من كونه يتولها شخص ما فيه خير، أعرف ما فيه خير.
ما معنى قول العباس رضي الله عنه : ( ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ) ؟
السائل : شيخ أحسن الله إليكم قوله : ( ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ) إيش المعنى؟ الشيخ : المعنى العبد الذي يضرب بالعصا، يعني خاف رضي الله عنه العباس أنه إذا مات الرسول صلى الله عليه وسلم وتولى غيره أن الناس يعني يُذِلون بني هاشم، لكن هذا ظن منه، وليس هو الواقع. السائل : هو يحلف يقول : أنت والله ؟ الشيخ : هذا مما يجري على اللسان بلا قصد. وش قال عليها هذه؟ القارئ : ... الشيخ : أحال بعد ؟ حول ؟ القارئ : موجود. الشيخ : صح صفحة كم ؟ القارئ : آخر عشرة. الشيخ : اه آخر عشرة.
القارئ : " وقول العباس في هذه الرواية لعلي : ألا تراه أنت والله بعد ثلاث الخ، قال ابن التين : الضمير في تراه للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعقب بأن الأظهر أنه ضمير الشأن، وليست الرؤية هنا الروية البصرية، وقد وقع في سائر الروايات : ألا ترى بغير ضمير. وقوله : لو لم تكن الخلافة فينا أمرناه، قال ابن التين فهو بمد الهمزة، أي شاورناه ". الشيخ : ... لا نسأل عن قوله : ألا تراه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ... وش يقول القسطلاني ؟ القارئ : " أنت والله بعد الثلاث ولأبي ذر بعد ثلاث أي بعد ثلاثة أيام عبد العصا أي تصير مأمور الغير بموته في وولاية غيره ". الشيخ : زين، فسرها بالمراد لكن معنى عبد العصا يعني العبد الذي يقوم بالعصا ويضرب بالعصا ... تكلم عليه في الترجمة المعانقة ؟ القارئ : قوله : " باب المعانقة، وقول الرجل كيف أصبحت، كذا للأكثر وسقط لفظ المعانقة وواو العطف من رواية النسفي ومن رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي وضرب عليها الدمياطي في أصله ". الشيخ : نتكلم عليه في آخر الحديث ... القارئ : يقول : " باب المعانقة قول الرجل كيف أصبحت بغير واو فدل على أنهما ترجمتان، وقد أخذ ابن جماعة كلام ابن بطال جازما به واختصره، وزاد عليه فقال : ترجم بالمعانقة ولم يذكرها، وإنما ذكرها في كتاب البيوع، وكأنه ترجم ولم يتفق له حديث يوافقه في المعنى، ولا طريق آخر لسند معانقة الحسن، ولم ير أن يرويه بذلك السند لأنه ليس من عادته إعادة السند الواحد، أو لعله أخذ المعانقة من عادتهم عند قولهم : كيف أصبحت، فاكتفى بكيف أصبحت لاقتران المعانقة به عادة. قلت : وقد قدمت الجواب عن الاحتمالين الأولين، وأما الاحتمال الأخير فدعوى العادة تحتاج إلى دليل. وقد أورد البخاري في الأدب المفرد في باب كيف أصبحت حديث محمود بن لبيد أن سعد بن معاذ لما أصيب أكحله كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرّ به يقول : كيف أصبحت الحديث، وليس فيه للمعانقة ذكر. وكذلك أخرج النسائي من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف أصبحت؟ فقال : ( صالح من رجل لم يصبح صائما ). وأخرج ابن أبي شيبة من طريق سالم بن أبي الجعد عن بن أبي عمر نحوه. وأخرج البخاري أيضا في الأدب المفرد من حديث جابر قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت؟ قال: ( بخير ) الحديث. ومن حديث مهاجر الصائغ : كنت أجلس إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا قيل له كيف أصبحت ؟ قال : لا نشرك بالله. ومن طريق أبي الطفيل قال : قال رجل لحذيفة كيف أصبحت أو كيف أمسيت يا أبا عبدالله ؟ قال : أحمد الله. ومن طريق أنس أنه سمع عمر سلم عليه رجل فرد، ثم قال له : كيف أنت ؟ قال : أحمد الله، قال هذا الذي أردت منك. وأخرج الطبراني في الأوسط نحو هذا من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا. فهذه عدّة أخبار لم تقترن فيها المعانقة بقول كيف أصبحت ونحوها، بل ولم يقع في حديث الباب أن اثنين تلاقيا فقال أحدهما للآخر : كيف أصبحت ؟ حتى يستقيم الحمل على العادة في المعانقة حينئذ، وإنما فيه أن من حضر باب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأوا خروج عليّ من عند النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن حاله في مرضه فأخبرهم. فالراجح أن ترجمة المعانقة كانت خالية من الحديث كما تقدم ".
حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن معاذ قال : أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا معاذ قلت : لبيك وسعديك ثم قال : مثله ثلاثًا هل تدري ما حق الله على العباد ؟ قلت : لا قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ثم سار ساعةً فقال : يا معاذ قلت : لبيك وسعديك قال : هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم حدثنا هدبة حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس عن معاذ بهذا .
القارئ : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن معاذ رضي اللع عنه، قال: أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا معاذ ) قلت: لبيك وسعديك، ثم قال مثله ثلاثا: ( هل تدري ما حق الله على العباد ؟ )، قلت: لا، قال: ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا )، ثم سار ساعة، فقال: ( يا معاذ )، قلت: لبيك وسعديك، قال: ( هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك: أن لا يعذبهم ). حدثنا هدبة، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن معاذ رضي الله عنه، بهذا.
فوائد حديث : ( ... عن معاذ قال : أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا معاذ قلت : لبيك وسعديك ثم قال : مثله ثلاثًا هل تدري ما حق الله على العباد ؟ قلت : لا قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ثم سار ساعةً فقال : يا معاذ قلت : لبيك وسعديك قال : هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الحديث فيه دليل على جواز إرداف الإنسان على الدابة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أردف معاذ بن جبل، ولكن بشرط ألا يشق ذلك عليها، فإن شق عليها فإنه لا يجوز، لأن ذلك ظلم لها وعدوان عليها. وفيه عرض المسألة على طالب العلم ليختبره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض هذه المسألة على معاذ بن جبل - تأخر أنت علشان الصف يكون سواء -، عرض هذه المسألة على معاذ بن جبل ليختبره هل يفهم أم لا ؟ وفيه أيضا دليل على جواز الإجابة بلبيك وسعديك، ومعنى لبيك أي إجابة بعد إجابة، وسعديك أي إسعادا بعد إسعاد، يعني أنك تقول أنا أجيبك وأسأل الله لك السعادة. وفيه دليل على ثبوت حق الله على العباد وحق العباد على الله، أما حق الله على العباد فلا إشكال فيه لأنه هو الذي خلقهم وأمدهم ورزقهم فلا جرم أن يكون له حق عليهم. لكن حق العباد على الله، هل المخلوق يوجب على الخالق شيئا ؟ لا، ولكن الخالق هو الذي أوجب على نفسه تفصلا منه وكرما، كما قال الله تعالى: (( قل لمن ما في السموات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة )) فهو سبحانه وتعالى هو الذي أوجب، ولهذا قال ابن القيم : ما للعباد عليه حق واجب *** هو أوجب الأجر العظيم الشان كلا ولا عمل لديه ضائــــــــع *** إن كان بالإخلاص والإحسان وفيه أيضا دليل على أن التوحيد الخالص مع العبادة موجب لانتفاء العذاب عن العبد، لقوله : ( حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم ) يعني إذا عبدوه لا شريك له. والعبادة معروفة هي التعبد لله عز وجل بشرعه، فعلا للمأمور وتركا للمحظور وتصديقا بالخبر، هذه العبادة، أن تصدق بالخبر، وأن تفعل الأمور، وتترك المحظور، (( فأما من أعطى )).