حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرج الإنسان منه شيء والملامسة والمنابذة تابعه معمر ومحمد بن أبي حفصة وعبد الله بن بديل عن الزهري .
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين: اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرج الإنسان منه شيء، والملامسة والمنابذة ). تابعه معمر، ومحمد بن أبي حفصة، وعبد الله بن بديل، عن الزهري .
الشيخ : قوله رحمه الله : باب الجلوس كيف ما تيسر. يحتمل هذا أن يكون في المكان وأن يكون في الهيئة، وكلاهما صحيح. أما في المكان فإن الإنسان يجلس كيف ما تيسر، في آخر الناس، في وسطهم، في أولهم، كيف ما تيسر، لا يكلف نفسه ولا غيره. وفي الهيئة كذلك يجلس كيفما تيسر، لا يشق على نفسه، إذا كان لا يرتاح إلا متربعا تربع، أو مفترشا افترش، كيف ما تيسر، لأنه سبق لنا القاعدة وهو أن الإنسان ينبغي له أن يسهل على نفسه ما استطاع في كل شيء إلا فيما حرّم الله عز وجل.
فوائد حديث : ( ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرج الإنسان منه شيء والملامسة والمنابذة )
الشيخ : ثم ذكر حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لبستين وعن بيعتين، اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد. اشتمال الصماء أن الإنسان يلتف بثوب ولا يخرج يديه، فإنّ هذا قال أهل العلم يؤدي إلى أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه فيما لو هاجمه شيء، يعني يأتي برداء يلتف به حتى لا يخرج يديه، ولهذا سميت صماء لأنه ليس لها منافذ. والاحتباء في ثوب واحد، الاحتباء في الثوب الواحد أيضا ينهى عنه، وذلك لأنه إذا احتبى وليس عليه إلا ثوب واحد واحتبى بهذا الثوب، فإن عورته من فوق تبدو، لأن الاحتباء سبق لنا أن الإنسان يلتف بثوب يكون على ظهره وعلى ساقيه، فإذا فعل ذلك فإن عورته من فوق سوف تبدو، وربما يسقط على ظهره فينكشف. ولهذا قال : وليس على فرجه الإنسان منه شيء. أما لو فرض أن هذا الثوب الواحد في مثلا قطعة منه أو جزء منه ملفوفة على الفرج خاصة فإن هذا لا بأس به لزوال المحظور. البيعتين قال : الملامسة والمنابذة. الملامسة من اللمس، والمنابذة من النبذ وهو الطرح. الملامسة أن يقول : أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا، فهذه حرام، لماذا؟ لأجل الغرر، لأنه قد يلمس ثوبا يساوي مائة ... ولا يساوي إلا ريالا واحدا فيكون مجهولا. كذلك أيضا قد يلمس الثوب الأبيض أو الأحمر أو الأخضر فيكون مجهول العين فهو مجهول، إما مجهول القيمة أو مجهول العين. أما المنابذة فأن يقول : أي ثوب أنبذه إليك فهو بعشرة مثلا، فهذا أيضا لا يجوز لأنه مجهول العين ومجهول الثمن. قد ينبذ إلي شيئا لا يساوي درهما وهو قد باعه علي بعشرة والتزمت بها. وقد ينبذ إليّ ثوبا يساوي مائة ففيه جهالة، وقد ينبذ إليّ ثوبا أسود، وقد ينبذ إلي ثوبا أبيض، فيكون أيضا فيه جهالة العين.
السائل : ... دليل على أن هذا الاحتباء ( ليس على فرجه منه شيء ) طيب إذا كان هذا الفرج يعني يجوز النظر إلى الفخذ؟ الشيخ : لا، لأن الفخذ ملفوف عليه. السائل : وإذا كان من فوق ؟ الشيخ : من فوق نعم، من فوق الغالب أنه يكون مع الاحتباء منضم إلى بطنه، والساق إلى الفخذ. السائل : لكن يجب يا شيخ ستره أكثر ؟ الشيخ : على كل حال هو فيه ستر، إلا إنسان يبي يقف فوقه هو سيراه.
السائل : في حديث أم حرام لماذا كره عمر رضي الله عنه ركوب البحر ؟ الشيخ : هذه كراهة ركوب البحر إنما كانت فيما سبق، لأن السفن ليست بتلك القوة الموجودة الآن، فالخطر فيه شديد، فلهذا كرهه بعض العلماء إلا في شيء لا بد منه، كالحج والعمرة، وأما ركوبه من أجل الجهاد فلا لأن فيه خطرا، أما اليوم فإنه آمن والحمد لله، ليس فيه شيء. السائل : عثمان بن عفان أذن لمعاوية في ركوبه ؟ الشيخ : نعم، أذن لما ألح عليه، ولعله بين له أن السفن ترقت صناعتها وصلحت نعم.
قال في الشرح : العرب تطلق اللون الأخضر على كل لون ليس بأبيض و لا أحمر " فهل هذا صحيح ؟
السائل : قال في الشرح : " العرب تطلق اللون الأخضر على كل لون ليس بأبيض و لا أحمر " فهل هذا صحيح ؟ الشيخ : ربما يكون كذلك، لكن الماء واضحة خضرته، خضرة الماء واضحة.
حدثنا موسى عن أبي عوانة قال : حدثنا فراس عن عامر عن مسروق حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت : إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعًا لم تغادر منا واحدة فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها رحب قال مرحبًا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاءً شديدًا فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك فقلت : لها أنا من بين نسائه خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره فلما توفي قلت : لها عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني قالت : أما الآن فنعم فأخبرتني قالت : أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرةً وإنه قد عارضني به العام مرتين ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك قالت : فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية قال : يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة .
القارئ : حدثنا موسى، عن أبي عوانة، حدثنا فراس، عن عامر، عن مسروق، حدثتني عائشة أم المؤمنين، قالت: إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعا، لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رحب قال: ( مرحبا بابنتي )، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارّها، فبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: عما سارّك ؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي، قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن فنعم، فأخبرتني، قالت: أما حين سارّني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: ( أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك ) قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: ( يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة ).
فوائد حديث : ( ... عائشة أم المؤمنين قالت : إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعًا لم تغادر منا واحدة فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها رحب قال مرحبًا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاءً شديدًا فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك فقلت : لها أنا من بين نسائه خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره فلما توفي قلت : لها عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني قالت : أما الآن فنعم فأخبرتني قالت : أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرةً وإنه قد عارضني به العام مرتين ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك قالت : فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية قال : يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة )
الشيخ : الله أكبر. في هذا الحديث عدة فوائد : أولا : اجتماع زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، مما يدل على أن الغيرة التي تكون في نفوسهن أنها تزول عند الاجتماع على ما فيه المصلحة وأن هذا الذي ينبغي للزوجات المتعددات أن يذهبن ما في قلوبهن من الغيرة بقدر الإمكان. ومنها : أن الولد يشبه أباه، إما في الصفة وإما في الهيئة، وإما في المشية، وإما في الصوت، أو غير ذلك، لأنها تقول إن مشية فاطمة كمشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنها : حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ومعاملته أولاده وترحيبه بهم صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا ينبغي أن يكون الوالد مع أولاده، لا ينبغي أن ينظر إليهم نظرة علو لأنه أبوهم مثلا، ولكن ينظر إليهم نظر رحمة وإشفاق، ولهذا لما أقبلت فاطمة ورآها النبي صلى الله عليه وسلم رحب، وقال : ( مرحبا بابنتي ). والمرحب من الرحب وهو السعة، يعني أنك حللت مكانا واسعا، وهذا يحتمل معنيين : المعنى الأول : أن يكون المراد به سعة صدره لك. والثاني : سعة المكان، بمعنى أنك لن تضيّقي علي. ثم أجلسها عن يمينه أو شماله والشك من الراوي ثم سارها فبكت. وفي هذا دليل على جواز المسارة إذا كان مع المتسارَّين أكثر من واحد، بخلاف ما إذا كان ليس معهما إلا واحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى إذا كانوا ثلاثة أن يتناجى اثنان من أجل أن ذلك يحزنه، أما إذا كان المجلس كثيرا فلا بأس أن يتسار اثنان ولا حرج في هذا. ومنها : أن الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان يتقلب في لحظة واحدة، فكانت في الأول تبكي ثم في نفس اللحظة بعد أن سارّها النبي صلى الله عليه وسلم ضحكت. وفيه دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يمسح ما أحدثه كلامه من الحزن والغم بشيء يطرد ذلك ويمحوه، لأنها لما حزنت وبكت رضي الله عنها سارها النبي صلى الله عليه وسلم بما أفرحها حتى ضحكت. ومن فوائد الحديث : جرأة عائشة رضي الله عنها لأنها واثقة من نفسها مع رسول الله صلى عليه وسلم، لأنه لم يسألها أحد من نسائه إلا عائشة رضي الله عنها. ومنها : جواز سؤال الإنسان عما وقع من السر بين اثنين، لأن عائشة سألت فاطمة رضي الله عنها ولكن بشرط أن يكون في ذلك مصلحة، أما إذا لم يكن فيه مصلحة فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولو كان المتسارّان يريدان أن يعلم به الحاضرون لأفشوه ولم يسروه. ومنها أيضا : أنه لا يجوز إفشاء السّر، لقول فاطمة : " ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرّه ". ولكن كيف نعلم أن هذا سر ؟ نقول : طرق العلم كثيرة، منها إذا دعاني إلى جنبه وتكلم معي همسا فإن هذا يدل على أن الحديث سر. ومنها إذا كتب إليّ بورقة وأنا جالس مع الناس وأعطانيها يريد الجواب، فأجبته فهذا سرّ أو علن ؟ هذا سرّ أيضا. ومنها أن يطلب الاتصال معه في مكان خاص فيتصل معه، ويكلمه فهذا أيضا سرّ. كل ما دل على أن الحديث سر فإنه سر، حتى إن بعض السلف قال : " إذا حدثك الإنسان وهو يلتفت فإن هذا سرّ " لأنه لم يلتفت إلا خشية أن يسمعه أحد، فإذا حصل هذا فهو سر لا تفشه. طيب، ومنها أيضا : أنه إذا زال المحظور فإنه يجوز إفشاء هذا السر، وذلك لأن فاطمة رضي الله عنها بعد أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرت بما سارها به. وليس كما قال المؤلف رحمه الله : " ومن لم يخبر بسر صاحبه فإذا مات أخبر به " ليس كما قال، وأنه إذا مات أخبر بالسر مطلقا، بل نقول إذا مات أخبر بالسر إذا كان في ذلك مصلحة، وإلا فلا يخبر، لأنه قد يفضي إليه بسر يختص به بنفسه ولا يحب أن يطلع عليه أحد، فهل نقول : إذا مات لا بأس أن تفشي السر ؟ لا ما نقول بهذا. إذن فإطلاق الترجمة في كلام المؤلف فيها نظر، والحديث المذكور لا يدل عليها على سبيل الإطلاق ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. تقدم أن ترجمة المؤلف رحمه الله في دلالة الحديث عليها نظر، وهو أن الإنسان إذا أسر إلى شخص شيئا في حياته فإنه يجوز لهذا الرجل الذي أسر إليه أن يفشيه بعد مماته. قلنا إن هذا الكلام الذي ذكره البخاري رحمه الله أعم من الدليل، ولا يستدل بالأخص على الأعم، وإنما يستدل إيش ؟ بالأعم على الأخص. يعني إذا جاء الدليل عاما أمكننا أن نستدل بهذا العموم على كل فرد من أفراد هذا العموم، لكن إذا جاء الحديث خاصا لا يمكن أن نستدل بهذا الحديث الخاص على العموم. فالذي يظهر لنا أنه لا يجوز لإنسان أسر إليه شخص ما شيئا ثم مات أن يفشي هذا السر إلا إذا كانت العلة التي من أجلها أسر قد زالت. فمثلا لو أسر إنسان شيئا إلى شخص خوف أن يبدو منه فيقتل أو يؤذى ثم مات هذا الرجل، فحينئذ يجوز الإفشاء، لأن المحذور الذي خافه قد زال. أما إذا كان الشيء الذي أسره شيئا يتعلق بشخصه بمعنى أنه لو أُفشي بعد موته لكان في ذلك قدح فيه فإن هذا لا يجوز إفشاؤه. فاطمة رضي الله عنها أفشت السرّ الذي أسره إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المعنى الذي من أجلها أسرّ قد زال، فهو عليه الصلاة والسلام سارها بما يقتضي نعي نفسه، وهذا يزول بموته أو لا ؟ يزول بموته، لأنها لو أخبرت به في حياته علم الناس بقرب أجله، ولولا أنه صلى الله عليه وسلم لا يحب أن يعلم الناس ولا سيما زوجاته بقرب أجله ما أسره، فإذا مات زال هذا المحظور. بالنسبة لها حينما قال : ( أنت سيدة نساء المؤمنين ) أيضا هذا من التحدث بنعمة الله عز وجل، والغيرة التي يمكن أن يحذر منها زالت بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن في إفشائها لهذا السر محظور. فعلى هذا نقول : إفشاء السر، سر الإنسان بعد موته فيه تفصيل ، إن كان سبب السر باقيا فإفشاؤه حرام، وإن كان زائلا فإفشاؤه لا بأس به. وفي هذا دليل على فضيلة فاطمة رضي الله عنها وأنها سيدة نساء المؤمنين، أو نساء هذه الأمة، والخلاف باللفظ فقط، لأن أفضل المؤمنين منذ خلق آدم إلى يوم القيامة مؤمنو هذه الأمة، فإذا كانت سيدة نساء هذه الأمة لزم أن تكون سيدة نساء المؤمنين منذ خلق آدم إلى يوم القيامة. وفيه أيضا الأخذ بالقرينة، في الحديث الأخذ بالقرينة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بقرينة معارضة القرآن مرتين بأن هذا قرب أجله. والعمل بالقرائن ثابت، لأن القرائن من البينات، فإن البينة كل ما بان به الحق، ولهذا استدل الحاكم الذي حكم بين يوسف وامرأة العزيز استدل بماذا ؟ بقد الثوب، وش قال يا أخ ؟ الطالب : (( وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )). الشيخ : ... واضح هذا ؟ وش وجهه ؟ أنه إذا قد من قبل فمعناه أنه هو الذي أقبل عليها ، فأرادت التخلص منه، فقدت قميصه، وإذا كان من دبر فهي التي لحقته وأمسكت بقميصه حتى قدت. على كل حال أقول إن القرآن معمول بها، وقد مر علينا كثيرا نماذج من هذا، منها لو أن شخصا ليس عليه غترة وآخر عليه غترة ومعه غترة وهرب، والثاني يلحقه يقول أعطني غترتي، فهل يقبل قول اللاحق ؟ يقبل ؟ مع أن الغترة بيد الهارب، نقول لدينا قرينة وهي وجود هذا ليس عليه شيء، وهذا معه اثنتان فهذه قرينة يحكم بها لهذا المدعي. وكذلك لو تنازع الزوجان في أغراض البيت فما يصلح للمرأة فهو للزوجة، وما يصلح للرجل فهو للزوج. وأشياء كثيرة من هذا النوع. المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عمل بالقرينة. وفيه أيضا وجوب بل مشروعية نصيحة الإنسان بتقوى الله تعالى والصبر، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : ( فاتقي الله واصبري )، وهذا أمر لها بالصبر على ما أخبرت به، وبالصبر على المصيبة التي أخبرت بها، لأن فاطمة سوف ينالها الحزن بالخبر وبالمخبر به، فأمرها أن تتقي الله وتصبر على هذا وهذا. وفيه أيضا جواز ثناء الإنسان على نفسه بما هو فيه للمصلحة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإني نعم السلف أنا لك ) إي والله نعم السلف، نعم السلف لها عليه الصلاة والسلام لأن من أول من يدخل في شفاعته فاطمة رضي الله عنها وهو سلف الأمة كلها صلوات الله وسلامه عليه، فنعم السلف لها ولعباد الله الصالحين من هذه الأمة. لكن إذا لم يكن في ذلك مصلحة فلا ينبغي للإنسان أن يزكي نفسه، لما يخشى عليه من العجب.
ألا يتعارض هذا الحديث مع حديث : ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )
السائل : بالنسبة للحديث : ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) ألا يتعارض مع هذا الحديث؟ الشيخ : لا ما يتعارض، لأن هؤلاء كمل، وهذه سيدة.
هل يؤخذ من الحديث جواز أن يخص الرجل أحد أبناءه بأسراره ؟
السائل : هل يؤخذ من الحديث جواز أن يخص الرجل أحد أبنائه بأسراره ؟ الشيخ : ضروري هذا، ما فيه شيء هذا، يعني إذا علم الإنسان من أحد أبنائه أنه أحفظ للسر من الآخرين فلا بأس ولا حرج، على أن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ليس له إلا فاطمة، لأن كل بناته توفين. وهو ما يؤخذ من هذا الحديث لكن يؤخذ من القواعد العامة.
هل ما يظهر على بعض الناس من علامات قرب الأجل يدل على قربهم ؟
السائل : هل ما يظهر على بعض الناس من علامات قرب الأجل هذا هل يدل على فضل الشخص؟ الشيخ : إن انتفع بذلك فهو منحة، إن انتفع بذلك، وإن لم نتفع فهو محنة، لأنه ليس كل من علم بقرب أجله تصلح حاله، ربما يعتريه من الجزع والسخط ما يجعله يرتد والعياذ بالله. أليس الرجل الذي دخل إليه الرسول عليه الصلاة والسلام شيخ من الأعراب قال له : ( لا بأس طهور إن شاء الله )، قال : لا، ما هو طهور، بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور أي نعم. ما هو على كل حال، لكن إذا وفق الإنسان وانتفع بهذا فهو من نعمة الله عليه .
حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا الزهري قال : أخبرني عباد بن تميم عن عمه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى .
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، قال: أخبرني عباد بن تميم، عن عمه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيا، واضعا إحدى رجليه على الأخرى ).
فوائد حديث : ( ... ن عمه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى )
الشيخ : في هذا دليل على جواز الاستلقاء، وهو كذلك لأنه لا يعدو أن يكون هيئة من هيئات الاضطجاع لكن لا بد أن يأمن الإنسان من انكشاف العورة، فإن كان يخشى من انكشاف عورته فلا يفعل، لأن بعض الناس إذا نام مستلقيا يرفع إحدى رجليه، فإذا رفعها وليس عليه سراويل انكشفت عورته. كذلك يشترط أن يأمن من الفتنة، فلا تستلق امرأة في مكان قد يكون فيه رجال، يعني رجالا غير زوجها، وهذا يحدث في المسجد الحرام في أيام رمضان ويمكن غير رمضان أيضا، فإن بعض النساء تفتن من يمر إذا كانت مستلقية. فلا بد من هذين الشرطين، فإذا انتفى هذان الشرطان فإنه لا بأس بذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
هل يؤخذ من الحديث الذي تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن ينسى القرآن ؟
السائل : هل يؤخذ من الحديث الذي تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن ينسى القرآن ؟ الشيخ : لا لا، يؤخذ من غير هذا، صريح : ((سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ))، وثبت أيضا أنه نسي آية ذكره إياها من كان يصلي في الليل. السائل : مدارسة جبريل له وهذا يا شيخ ؟ الشيخ : للتثبيت.
هل يستفاد من الحديث الأول أن الابن أفضل من الزوجة ؟
السائل : هل يستفاد من الحديث الأول أن الابن أفضل من الزوجة من الأهل وأقرب إليه منها ؟ الشيخ : على كل حال الزوجة أقرب من الأولاد من وجه، وأبعد من وجه ... الأولاد بضعة من الإنسان، لكن مثلا الزوجة محتاجة يعني إنسان عنده عشرة ريالات وعنده زوجة وابن، العشرة يالله تكفي الزوجة أو الاين واحدا منهما، من يقدم ؟ يقدم الزوجة على الولد. كذلك الزوجة تستبيح من زوجها ما لا يستبيحه الولد. فالمسألة تختلف، هذا أقرب من وجه وهذا أقرب من وجه.
ما معنى قول عائشة رضي الله عنها : (عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني ) ؟
السائل : ما معنى قول عائشة رضي الله عنها : " عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني " ؟ الشيخ : هذه يسمونه مناشدة، هذه من جنس المناشدة، يعني معناه أني أكدت هذا الشيء، لكن ما أظن أنه يصل إلى حد ... هو جار مجرى اليمين من جهة الجواب : لما أخبرتني، لكن هو مثل أنشدك الله لما فعلت كذا، من باب الإنشاد. ما ذكر شيء على الترجمة ؟ الترجمة، باب الاستلقاء.
القارئ : " قوله : باب الاستلقاء، هو الاضطجاع على القفا سواء كان معه نوم أم لا، وقد تقدمت هذه الترجمة وحديثها في آخر كتاب اللباس قبيل كتاب الأدب. وتقدم بيان الحكم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، وذكرت هناك قول من زعم أن النهي عن ذلك منسوخ، وأن الجمع أولى، وأن محل النهي حيث تبدو العورة، والجواز حيث لا تبدو وهو جواب الخطابي ومن تبعه، ونقلت قول من ضعف الحديث الوارد في ذلك وزعم أنه لم يخرج في الصحيح، وأوردت عليه بأنه غفل عما في كتاب اللباس من الصحيح، والمراد بذلك صحيح مسلم، وسبق القلم هناك فكتبت صحيح البخاري وقد أصلحته في أصلي. ولحديث عبد الله بن زيد في الباب شاهد من حديث أبي هريرة صححه ابن حبان ". الشيخ : جزاه الله خير، طيب هذا، هذا تنبيه طيب، وأصلحه في أصله يقول، على كل حال إذا وجد الشرطان اللذان أشرنا إليهما صار الحديث في النهي إنما هو فيمن يخاف انكشاف العورة.
باب : لا يتناجى اثنان دون الثالث. وقوله تعالى : (( يأيها الذين أمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدون ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا وليس بضآرهم شيأ إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) . وقوله : (( يأيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم. ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوة وأتوا الزكوة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) .
القارئ : باب لا يتناجى اثنان دون الثالث، وقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان، ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى )) إلى قوله : (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )). وقوله : (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، ذلك خير لكم وأطهر، فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )) إلى قوله : (( والله خبير بما تعملون )) .
حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ح و حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث .
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، ح وحدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كانوا ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث ).
شرح الترجمة : ( باب : لا يتناجى اثنان دون الثالث )
الشيخ : قوله رحمه الله : " باب لا يتناجى اثنان دون الثالث " أورد فيه الحديث المطابق للترجمة تماما، لكن في بعض ألفاظ الحديث : ( من أجل أن ذلك يحزنه )، ففيه بيان العلة. والتناجي هو التخاطب سرا، ومنه قوله تعالى : (( وناجيناه من جانب الطور الأيمن قربناه نجيا )) فالنداء يكون بصوت عال، والنجاء يكون بصوت خفي.
تفسير قوله تعالى : (( يأيها الذين أمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدون ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا وليس بضآرهم شيأ إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) . وقوله : (( يأيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم. ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوة وأتوا الزكوة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) .
الشيخ : ثم أتى المؤلف رحمه الله بالآية : (( يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى )) ليبين رحمه الله أن المناجاة نوعان : نوع مأذون فيها، ونوع منهي عنها. المأذون فيها ما كانت برا وتقوى. والمنهي عنها ما كانت إثما وعدوان ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام. فالإثم أن يتناجى اثنان لفعل منكر، كأن يتناجيا على شرب الخمر وما أشبه ذلك. والعدوان أن يتناجيا على منكر متعد للغير، كأن يتناجيا على سرقة مال. ومعصية الرسول أن يتناجيا في مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تنظيم الأمور كالجهاد أو غيره، وبما نقول من ينوب مناب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقوم مقامه في هذا الباب، فلا يتناجى اثنان في معصية من ولي الأمر، إذا كان أمره هذا مما تجب طاعته. ثم قال : (( وتناجوا بالبر والتقوى )) البر معناه الخير والإحسان كأن يتناجى اثنان على القيام بطاعة الله عز وجل. والتقوى كأن يتناجيا على ترك المحرم. لكن بقي قسم ثالث لأن القسمة العقلية تقتضي أن تكون المناجاة ثلاثة أقسام: آثمة، وبارة، والثالث لا آثمة ولا بارة. فالتي ليست فيها إثم ولا بر هذه مباحة لا يؤمر بها ولا ينهى عنها، لكن إن تضمنت برا عرضا صارت من البر، وإن تضمنت إثما عرضا صارت من الإثم. (( واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) أمرنا عز وجل بتقواه، وأشار إلى أنه لا بد أن نلاقيه فيسألنا عما التزمنا به من هذا الأمر، ولهذا قال : (( الذي إليه تحشرون )). ثم قال : (( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين أمنوا )) وهذا يفعله كثير من المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يتناجون ويتواشون فيما بينهم، وكلما ناجى أحدهما صاحبه نظر إلى واحد من المؤمنين يخيفه، كأنه يتوعده، كل ما تكلم شوي نظر إلى هذا، كأنه يقول نحن نتآمر عليك، قال الله عز وجل : (( ليحزن الذين آمنوا )) أي ليلقي الحزن في قلوبهم، (( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله )) يعني هذا التناجي حتى وإن كان مؤامرة على المؤمنين فلن يضرهم إلا بإذن الله ، وإذا كان بإذن الله فالمؤمن يرضى بما أذن الله به سبحانه وتعالى. (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) يعني أمرنا بأن نتوكل على الله وأن لا يهمنا تآمر هؤلاء وتناجيهم لإحزاننا. ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن كل ما يحزن الإنسان فإنه من الشيطان، كل شيء يوجب الحزن فإنه من الشيطان، حتى لو كان من تقدير الله فإن بعث الحزن على ما قدر الله حزنا يصحبه السخط هذا من الشيطان، أما الحزن الطبيعي الذي لا يصحبه السخط فهذا ليس من الشيطان، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رفع له ابنه إبراهيم وهو في النزع قال عليه الصلاة والسلام : ( العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ). فالحاصل أن الشيطان يفعل مثل هذه الأشياء أو يأمر بها أولياءه من أجل إحزان المؤمنين. ومن ذلك أيضا ما يريه الشيطان النائم من المرائي المكروهة التي تمرض الإنسان، ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاثا ويقول : أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت ، وألا يحدث بها أحدا، وأن ينقلب من الجنب الذي كان نائما عليه إلى الجنب الآخر ، وإذا عادت إليه فليقم وليتوضأ وليصل، فإذا فعل هذا فإنها لا تضره مهما كانت ومهما تكررت، وكثير من المرائي المحزنة تكرر على الإنسان حتى يقول القائل هذه ليست حلما من الشيطان بل هذه رؤيا ، وإلا فلماذا كررت، فإذا حصل هذا فدواؤه ما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تزول ولا تعود. ثم قال : وقوله (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر )) قوله : (( إذا ناجيتم الرسول )) أي أردتم مناجاته، والدليل على ذلك قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )) ولو كانت المناجاة قد مضت لم يصح قوله : (( فقدموا بين يدي نجواكم )) يعني إذا أردتم مناجاة الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، وهذا كان في أول الأمر، لأنه كثرت مناجاة الرسول عليه الصلاة والسلام حتى جاء من يناجي الرسول صلى الله عليه وسلم بصدق، يعني أنه محتاج إلى مناجاته ومن لم يكن كذلك، لكن لمحبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحبون أن يناجوه دائما، وتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حييا كريما يستحيي أن يمنعهم، فأراد الله عز وجل أن يختبر المؤمنين لينظر الصادق من غيره، فأمرهم إذا أرادوا المناجاة أن يقدموا صدقة، وصدقة مطلقة لم تبين تشمل القليل والكثير. قال (( ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )) يعني فإن لم تجدوا فلا حرج عليكم، لأن الجزاء هنا مغفرة ورحمة، وكلما كان الجزاء مغفرة ورحمة فمعناه سقوط المؤاخذة. ويدل لهذا قوله تعالى في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) يعني لمغفرته ورحمته أسقط عنهم المؤاخذة. فهنا قال : (( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )). وهذا الحكم لا غرابة فيه، أعني سقوط وجوب تقديم الصدقة لمن لم يجد، لأنه بني على قاعدة أصيلة في الشريعة وهي أنه لا واجب مع العجز، وأن جميع الواجبات تسقط بالعجز. ثم قال : (( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) يعني أخفتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فيكون ذلك شاقا عليكم لأنه قد يكون الإنسان محتاجا إلى المناجاة وإن كانت ليست تلك الحاجة، وإلا فإن المحتاج الذي يقدر على الصدقة يتصدق والذي لا يقدر مرفوع عنه. لكن مع ذلك شق عليهم، قد يكون عند الإنسان شيء حاضر عند إرادة مناجا ة النبي صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم، ولهذا قال : (( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة )) يعني فقد عفونا عنكم وسقط هذا الوجوب، لكننا أمرنا بما نؤمر به من تحقيق إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، (( وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )). هاتان الآيتان ليس فيهما ما تتضمنه الترجمة إلا اسم إيش ؟ المناجاة.
فوائد حديث : ( ... عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث )
الشيخ : ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ) يعني لا يسارّه كالمسر والثالث حاضر. وفي معنى هذا أن يكلمه بلغة لا يفهمها الثالث فإن هذا بمعنى التناجي لأن العلة واحدة وهي إحزانه، فلو اجتمع اثنان يتكلمان بلغة غير عربية، وعندهما ثالث لا يعرف إلا العربية، فصار بعضهم يحدث بعضا باللغة التي لا يعرفها الثالث كان هذا بمنزلة المناجاة.
إذا رأى الإنسان في المنام ما يضره وتحدث به هل يقع ؟
السائل : إذا رأى الإنسان في المنام ما يضره وتحدث به هل يقع ؟ الشيخ : ربما يقع، لأن الرؤيا إذا عبرت وقعت، يعني إذا عبرت الرؤيا وقعت، ربما تقصها على إنسان ثم يعبرها وتقع.
إذا تناجى اثنان أمام ثالث هل عليه أن ينصحها أم ماذا يفعل ؟
السائل : هناك ثلاثة أشخاص يتناجى الأول مع الثاني فيقول الثالث لا يتناجي اثنان دون الثالث ؟ الشيخ : يقول هذا يحزنني ؟ السائل : نعم. الشيخ : إذا قال هذا يحزنني قال تفضل رح، في أمان الله حتى لا تحزن. هو الحقيقة المخاطب الاثنان لكن الثالث لا يخاطب إذا شاء أن ينصحهما ينصحهما في غير هذا المحل، لأن إذا قال لا تتناجيا إن قال يحزنني سهل عليهم الجواب، وش يقولون ؟ يقولون قم، ما قلنا لك اجلس. وإن قال لا يحزنني قالا له: النهي عن التناجي إذا كان يحزنك، أما الآن فلا يحزنك فلا يلزم.
الحديث الذي فيه غسل اليدين ثلاثا قبل أن يدخلهما في الإناء هل هو عام حتى ولو علم أن يده لم يصبها شيئ ؟
السائل : الحديث الذي فيه غسل اليدين ثلاثا قبل أن يدخلهما في الإناء هل هو عام حتى ولو علم أن يده لم يصبها شيء ؟ الشيخ : ما يمكن يعلم، ما يمكن، لأن هذا ليس شيئا حسيا، هذا شيء معنوي لأن الشيطان ربما يعبث بيده، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل إذا استيقظ أن يستنثر ثلاثا وقال ( إن الشيطان يبيت على خيشومه )، فربما الشيطان عبث في يديك وألقى فيهما .