باب : التعوذ والقراءة عند المنام
تتمة شرح الحديث : باب حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبيد الله بن عمر حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) تابعه أبو ضمرة وإسماعيل بن زكرياء عن عبيد الله وقال يحيى وبشر عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه مالك وابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ورد كما قال المؤلف في بعض طرق الحديث أنه يفعل ذلك ثلاثا. ثم هل هذا خاص بالإزار؟ يحتمل الخصوصية، ويحتمل أنه إنما خص بالإزار لأن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم كان من عادتهم في الأكثر أن يلبس الإنسان رداء وإزارا، وكون الوسخ يكون في الإزار أهون من كونه يكون في الرداء، لأن الرداء في أعلى الجسد يكون ظاهرا بيّنا بخلاف الإزار، وبناء على ذلك فإذا كان الإنسان قد أعد لنومه ثوبا خاصا فلا حرج أن يمسح به ولو كان غير إزار كالقميص مثلا أو السراويل أو ما أشبه ذلك.
2 - تتمة شرح الحديث : باب حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبيد الله بن عمر حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) تابعه أبو ضمرة وإسماعيل بن زكرياء عن عبيد الله وقال يحيى وبشر عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه مالك وابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . أستمع حفظ
فوائد الحديث : ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه ... )
فوائد قرن العلة بالحكم .
السائل : ... في العلة وكذلك ... حتى ... الإنسان.
الشيخ : نعم هذا واحد. عبد الله؟ أي يعني زيادة الطمأنينة لهذا الحكم.
السائل : ... .
الشيخ : عبد الرحمان؟
السائل : ... يقاس عليها ما يشاركه في العلة.
الشيخ : نعم.
السائل : ويقاس على هذا الحكم.
الشيخ : ما يشاركه في العلة. تمام. طيب خالد؟
السائل : سمو الشريعة.
الشيخ : بيان سمو الشريعة يعني علوّها وأنها لا تأمر أو تنهى إلا لشيء، نعم، لغاية محمودة، طيب.
الحديث الأول ذكرتم أننا لم نتكلّم عليه لكنه قد مَرّ علينا فيما سبق.
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم.
السائل : ... شرشف مثلا.
الشيخ : إيه.
السائل : واحد اتسخ ... .
الشيخ : إيش؟
أليس الأفضل أن يرفع الشرشف وينفضه ؟
الشيخ : اغتسل؟
السائل : لا.
الشيخ : أه؟
السائل : يعني اقتصر.
سائل آخر : يقتصر بس بالشرشف ما.
الشيخ : الشرشف من الفراش الشرشف.
السائل : يرفعه بس وينفضه.
الشيخ : لا لا، لا، الأحسن هذا. نعم؟
لو أخذ منشفة ونفض فيها هل يكفي ؟
الشيخ : الظاهر إنه يكفي. نعم. نعم.
باب : الدعاء نصف الليل
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له )
الشيخ : هذا الحديث حديث عظيم، ذكر بعض أهل العلم أنه بلغ حد التواتر عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ولا شك أنه حديث مستفيض مشهور، شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب مستقل لما فيه من الفوائد العظيمة.
8 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) أستمع حفظ
فوائد الحديث : 1 - إثبات النزول الإلهي .
" وأفصح الخلق على الإطلاق نبيّنا فمل عن الشقاق "
هو أفصح الخلق. ونعلم كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنصح الخلق، نعلم هذا، وأنه عليه الصلاة والسلام لا يساويه أحد من الخلق في النصيحة للخلق، هذه ثلاثة أمور، ونعلم كذلك أنه صلى الله عليه وسلّم لا يريد من العباد إلا الهداية، من تمام نصحه أنه لا يريد منهم أن يضلوا فهو عليه الصلاة والسلام أعلم الخلق بالله، وأنصح الخلق للخلق، وأفصح الخلق فيما ينطق به، وكذلك لا يريد إلا الهداية للخلق.
فإذا قال: ( ينزل ربنا ) فإن أي إنسان يقول خلاف ظاهر هذا اللفظ قد اتهم النبي صلى الله عليه وسلّم إما بأنه غير عالم، فمثل إذا قال المراد ينزل أمره نقول كيف؟ أنت أعلم من الرسول صلى الله عليه وسلّم؟! الرسول يقول ينزل ربنا وأنت تقول ينزل أمره؟! أأنت أعلم أم رسول الله؟!
أو أنه اتهمه بأنه لا يريد النصح للخلق حيث عمّى عليهم فخاطبهم بما يريد خلافه، ولا شك أن الإنسان الذي يخاطب الناس بما يريد خلافه غير ناصح لهم.
أو نقول: أنت الأن اتهمت الرسول صلى الله عليه وسلّم بأنه غير فصيح عيي، يريد شيئا ولكن لا ينطق به، يريد ينزل أمر ربنا ولكن يقول ينزل ربنا لأنه ما يفرّق بين هذا وهذا، فأنت كلامك هذا لا يخلو من وصمة الرسول صلى الله عليه وسلّم فعليك أن تتقي الله وأن تؤمن بما قال الرسول عليه الصلاة والسلام من أن الله تعالى ينزل حقيقة.
هذا النزول هل يستلزم أن يخلو منه العرش أم لا ؟
فإذن نقول هذا السؤال إيش؟ بدعة، أصلا لا يرد، كل إنسان يريد الأدب كما تأدّب الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإنه لا يورده.
فإذا قُدّر أن شخصا ابتلي بأن وجد العلماء بحثوا في هذا واختلفوا فيه فمنهم من يقول يخلو، ومنهم من يقول لا يخلو، ومنهم من توقّف، فالسبيل الأقوم في هذا هو التوقّف ثم القول بأنه لا يخلو منه العرش، وأضعف الأقوال أنه يخلو منه العرش.
التوقّف أسلمها، وليس هذا مما يجب علينا القول به، لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم لم يبيّنه والصحابة لم يستفسروا عنه، ولو كان هذا مما يجب علينا أن نعتقده لبيّنه الله ورسوله بأي طريق، ونحن نعلم أنه أحيانا يبيّن الرسول عليه الصلاة والسلام الحق من عنده، وأحيانا يتوقّف فينزل الوحي، وأحيانا يأتي أعرابي فيسأل عن شيء، وأحيانا يسأل الصحابة أنفسهم عن الشيء، كل هذا لم يرد في هذا الحديث.
فإذن لو توقّفنا وقلنا الله أعلم فليس علينا سبيل، لأن هذا هو الواقع.
هل إذا نزل تقله السماء وتكون السماء الثانية فما فوقها فوق الله ؟
فإذن نجزم بأن السماء لا تقلّه، لأنها لو أقلّته لكان محتاجا إليها، وهذا مستحيل على الله عز وجل.
طيب، هل السماء الثانية فما فوقها تكون فوقه؟ لا، نجزم بهذا، لأننا لو قلنا بإمكان ذلك لبطلت صفة العلو وصفة العلو صفة لازمة لله، صفة ذاتية، وأنه لا يمكن أن يكون شيء فوقه.
حينئذ يبقى الإنسان منبهتا كيف ينزل إلى السماء الدنيا ولا تقلّه، ولا تكون السماوات الأخرى فوقه؟! كيف هذا؟ هل يمكن؟ الجواب: إذا كنت منبهتا من هذا فإنما تنبهت إذا قست صفات الخالق بصفات المخلوق، صحيح أن المخلوق إذا نزل إلى المصباح صار السطح فوقه، وصار سقف المصباح يقله، لكن الخالق لا يمكن أن يُقاس بخلقه، لا يمكن، لا تقل كيف ولم. فإذن هذا السؤال بل السؤالان، السؤال الأول: هل السماء تقله؟ الجواب: لا، لأنك لو فرضت هذا لزم أن يكون الله محتاجا إلى السماء، والله تعالى غني عن كل شيء، وكل شيء محتاج إليه.
السؤال الثاني: هل تكون السماوات فوقه ما عدا الدنيا؟ الجواب: لا، لأنك لو فرضت ذلك لزم سقوط صفة العلو لله، مع أن العلوم من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها. واضح؟ طيب.
السؤال هذا من أصله يعني إذا قدّرنا أننا سئلنا هل يصح أن نقول للسائل هذا السؤال بدعة؟ أه؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم، نعم يصح أن نقول هذا السؤال بدعة، كما قال مالك للذي سأله عن الاستواء كيف استوى؟ قال هذا السؤال بدعة، ما سأل الصحابة عنه، فأنت الأن ابتدعت في دين الله حيث سألت عن أمر ديني ما سأل عنه الصحابة وهم أفضل منك وأحرص منك على العلم بصفات الله. لكن مع ذلك لو قال أنا يا جماعة يساورني القلق، أنا أخشى أن أعتقد في الله ما لا يجوز فبيّنوا لي جزاكم الله خيرا، أنقذوني؟ حينئذ نبيّن له، لأن الإنسان قد يبتلى بمثل هذه الأمور ويأتيه الشيطان ويوسوس له ويقول كيف وكيف حتى يؤدّي به إلى أحد محذورين: إما التمثيل وإما التعطيل.
فإذا جاءنا إنسان يسأل ويقول أنقذوني أنا عجزت، أنا مازال هذا يتردّد في خاطري نبيّن له، إذا قال ما يكفينا أن تقولوا بدعة، أنا كيف أذهب ما بخاطري وما في قلبي نقول نبيّن له.
طيب السؤال الرابع أظن. أه؟
السائل : ... .
الشيخ : الأول قلنا هل يخلو منه العرش منه أو لا؟
السائل : الرابع.
الشيخ : أي نعم، طيب، السؤال الثاني: هل السماء تقله أو لا؟ الثالث: هل تكون السماوات فوقه أو لا؟
من المعلوم أن ثلث الليل ينتقل من مكان إلى آخر ويختلف الزمن فكيف نوفق بين هذا وبين تقييد نزول الله عز وجل في ثلث الليل ؟
فإذا قال أنا أريد أن تبيّنوا لي حتى أطمئن، نقول إن الله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فيكون في الجهة التي فيها ثلث الليل نازلا إلى السماء الدنيا، وفي الجهة الأخرى التي طلع فيها الصبح أو التي لم يأتها ثلث الليل بعد نازلا أو غير نازل؟
السائل : غير نازل.
الشيخ : غير نازل، وانتهينا، ولا تقل لم أو كيف، هذه غير واردة علينا في صفات الله.
السؤال الخامس: هل الذي ينزل هو الله عز وجل أو لا؟ ذكرنا قبل قليل بل في أول الكلام أن الذي ينزل هو الله نفسه، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو أعلم الخلق به، وأنصحهم وأفصحهم مقالا وأصدقهم فيما يقول. أعلم وأنصح وأفصح وأصدق، كل هذه الصفات الأربع في كلامه عليه الصلاة والسلام، واضح يا جماعة؟
فوالله ما كذب في قوله: ( ينزل ربنا ) ، ولا غش الأمة ولا نطق بعي ولا نطق عن جهل (( وما ينطق عن الهوى )) ، بل هو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلّم، يقول: ( ينزل ربنا عز وجل ) .
12 - من المعلوم أن ثلث الليل ينتقل من مكان إلى آخر ويختلف الزمن فكيف نوفق بين هذا وبين تقييد نزول الله عز وجل في ثلث الليل ؟ أستمع حفظ
الرد على من حرف هذه الصفة بقولهم المراد نزول أمر الله أو رحمة الله أو ملك .
وفساد هذا التحريف ولا نقول تأويل في الحقيقة، القول بأن مثل هذا التحريف تأويل تلطيف للمسألة، تلطيف، وكل تأويل لا يدل عليه دليل فهو تحريف. نقول هذا التحريف لا شك أنه باطل.
إذا قلنا إن الذي ينزل أمر الله في ثلث الليل معناه غير ثلث الليل ما ينزل أمر الله، وأمر الله نازل في كل لحظة (( يُدَبِّرُ الأَمرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ ثُمَّ يَعرُجُ إِلَيهِ )) .
ثانيا: أمر الله ما ينتهي بالسماء الدنيا (( يُدَبِّرُ الأَمرَ )) إيش؟ (( مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ )) ما هو إلى السماء الدنيا فقط، فبطل هذا التأويل، بطل هذا التأويل من جهة أن الأمر لا يختص بهذا الجزء من الليل، وأن الأمر لا ينتهي إلى السماء بل ينزل إلى إيش؟ إلى الأرض، طيب.
رحمة الله أيضا نفس الشيء، نقول رحمة الله عز وجل تنزل كل لحظة، ولو فقدت رحمة الله من العالم لحظة واحدة لهلك، كل لحظة تنزل الرحمة، وتنزل إلى أين؟ إلى الأرض، ما الفائدة لنا بنزول رحمته إلى السماء فقط، وش الفائدة من هذا؟ ليس لنا منها فائدة، إذا لم تصلنا الرحمة فلا فائدة لنا فيها، فبطل تفسيرها بالرحمة، بل ما يترتّب على تفسيرها بالأمر أو بالرحمة أعظم مما يتوهّمه من المفاسد من صرف اللفظ إلى الأمر والرحمة كما رأيتم الأن.
ثم نقول ثالثا: هل يمكن للأمر أو للرحمة أن تقول: من يدعوني فأستجيب له؟ أه؟ ما يمكن، ما تقول رحمة الله من يدعوني، ولا أمر الله من يدعوني، الذي يقوله الله عز وجل.
كذلك إذا قلنا ملك من ملائكته، نقول الملك إذا نزل إلى السماء الدنيا لا يمكن أن يقول: من يدعوني، أبدا، يعني لو قال الملك من يدعوني صار مشركا لأن الذي يجيب المضطر إذا دعاه من؟ الله عز وجل، فلا يمكن للملك أن يقول هكذا، حتى لو فرض أن الله أمره أن يقول لقال من يدعو الله فيستجيب له، ما يقول من يدعوني، ولا يمكن لملك من الملائكة وهم لا يعصون الله أن يقول للخلق من يدعوني فأستجيب له.
وبهذا بطل تحريف هذا الحديث إلى هذا المعنى أن يكون النازل ملكا.
وتحريف نصوص الصفات من القرءان والسنّة يُجرى فيها هذا المجرى يعني أنها كلها كل التحريفات إذا تأملتها وجدت أنه يترتب على تحريفاتهم من المفاسد أضعاف ما يترتب على المفاسد التي توهّموها لو أجروا اللفظ على ظاهره، ولهذا نجد الصحابة رضي الله عنهم سلموا من هذا، ما عنهم حرف واحد في نصوص الصفات لأنه ما فيه إشكال عندهم، يجرونها على ظاهرها كما يجرون ءايات الأحكام على ظاهرها، والغريب أن هؤلاء الذين يحرّفون في نصوص الصفات وهم لا يستطيعون أن يعقلوها لو حرّف أحد في نصوص الأحكام مع أن الأحكام مربوطة بالمصالح، والمصالح للعقول فيها مدخل، لو حرّف أحد في نصوص الأحكام لأقاموا عليه الدنيا قالوا ما يُمكن تحرّف، ما يمكن تخرج اللفظ عن ظاهره، مع أن الأحكام مربوطة بماذا؟ بالمصالح، والمصالح معقولة، يعني يدخلها، للعقل فيها مجال، لكن صفات الله غير مربوطة بهذا، صفات الله طريقها الخبر المجرّد، يعني ما فيه تلقّي لصفات الله نفيا أو إثباتا إلا الكتاب والسنّة، ومع ذلك نجد من يلعب بنصوص الكتاب والسنّة فيما يتعلق بصفات الله ويحرّفها حيثما يرى أن العقل يقتضي ذلك مع أن العقل الذي يدّعِي أنه يقتضي هذا عقل من؟ أه؟ عقل زيد عمرو بكر؟ كل واحد منهم له عقل يقول هذا الحق، ولهذا تجدهم يتناقضون، بل إن الواحد منهم ينقض كلامه بعضه بعضا، يؤلّف كتاب فينقض ما في الكتاب الأول، وهكذا.
" حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور "
ما عندهم دليل، يتناقضون لأنهم على غير برهان وعلى غير أساس، فلهذا الطريق السليم والمنهج الحكيم ما درج عليه السلف من إجراء هذه النصوص على ظاهرها.
فإذا قال قائل: ظاهرها التمثيل قلنا له كذبت، ما هو ظاهرها التمثيل، كيف يكون ظاهرها التمثيل وهي مضافة إلى الله؟! مثلا (( وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ )) إذا قال أنا لا أثبت الوجه حقيقة لأن ظاهره التمثيل، ماذا نقول له؟ نقول أنت كاذب كذبت، ليس ظاهره التمثيل لأن الله تعالى لم يذكر وجها مطلقا حتى يُحمل على المعهود، وإنما ذكر وجها إيش؟
السائل : ... .
الشيخ : مضافا إلى ذاته (( وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ )) فإذا كان مضافا إلى ذاته وأنت تؤمن بأن ذاته لا تماثل ذوات المخلوقين وجب أن يكون وجهه إيش؟
السائل : ... .
الشيخ : لا يُماثل أوجه المخلوقين، والله أكبر عليك لو قيل يد الفيل ما فهمت أنها كيد الهرة، أليس كذلك؟ ليش؟ لأنها.
السائل : مضافة.
الشيخ : أضيفت إلى الفيل، ما هي يد مطلقة حتى تقول تشترك مع غيرها، مضافة إلى الفيل، فلا يمكن أن تفهم من قول القائل يد فيل أنها كقول القائل يد هر، أبدا، ما يمكن تفهم، فكيف تفهم إذا قيل يد الله بأنها كيد زيد وعمرو؟! ما يمكن، أبدا ما يمكن تفهم، فكل من قال إن ظاهر نصوص الصفات التمثيل فإنه كاذب، كاذب سواء تعمّد الكذب أم لم يتعمّده، لأن حتى الذي يقول عن تأويل خاطئ يُسمّى كاذبا، أليس الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال لأبي السنابل لما أخبِر بأن أبا السنابل قال لسبيعة الأسلمية لن تنكحي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشر، وش قال الرسول صلى الله عليه وسلّم قال : ( كذب أبو السنابل ) مع أنه ما تعمّد الكذب، لكنه قال قولا خاطئا، فنحن نقول هذا كاذب، سواء كان قد تعمّد أم لم يتعمّد، فليس في نصوص الصفات ولله الحمد ما يقتضي التمثيل لا عقلا ولا سمعا.
ثم إن لدينا ءاية من كتاب الله عز وجل تمحو كل ما ادّعي أن فيه تمثيلا وهي قوله (( لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ )) فأنت إذا جاءك نص إثبات فاقرنه بنص هذا النفي، لا تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، اقرنه به (( وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ )) نقول وليس كمثل وجه الله شيء، لأن الله يقول (( لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ )) ، وعلى هذا فقس، والأمر ولله الحمد ظاهر جدا، ولولا أن الناس الذين سلكوا هذا المسلك أعني مسلك التأويل في قولهم والتحريف فيما نرى، لولا كثرتهم لكان الأمر غير مشكل على أحد إطلاقا لأنه واضح، واضح ما فيه إشكال، فلهذا نقول يجب علينا أن نؤمن بأن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا هو نفسه، كما نؤمن بأنه هو نفسه الذي يخلق، خلق السماوات هو، أضاف الخلق إليه، ينزل إلى السماء من؟ هو، لأن الإضافة في ينزل كالإضافة في خلق أو يخلق، لا فرق، فالنازل هو الله والخالق هو الله، والرازق هو الله، والباسط هو الله، وهكذا، لا فرق بينهم، والإنسان المؤمن الذي يتقي الله عز وجل لا يمكن أن يحرّف ما أضافه الله إلى نفسه ويضيفه إلى أمر ءاخر، وإذا أدّاه اجتهاده إلى ذلك فإنه يكون معذورا لا مشكورا، لأن هناك فرقا بين السعي المشكور وهو ما وافق الحق وبين العمل المعذور وهو ما خالف الحق لكن نعرف من صاحبه النصح إلا أنه التبس عليه الحق، فإن في هؤلاء المؤولة والذي نرى أن عملهم تحريف فيهم من يُعلم منه النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين لكن التبس عليهم الحق فضلوا الطريق في هذا، في هذه المسألة.
2- إثبات القول لله .
السائل : حروف.
الشيخ : حروف، بصوت لأن أصل القول لابد أن يكون بصوت، وإلا قيّد، لو كان قول بالنفس لقيّده الله كما قال تعالى: (( وَيَقولونَ في أَنفُسِهِم لَولا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ )) ، فإذا أطلق القول فلابد أن يكون بصوت، ثم إن كان من بُعد سمي نداء، وإن كان من قرب سمّي نِجاء.
طيب فإذا قال قائل: يقول ( من يدعوني فأستجيب له ) ونحن لا نسمع هذا القول؟ فنقول أخبرنا به من قوله عندنا أشَدّ يقينا مما لو سمعنا، من هو؟
السائل : الرسول.
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام، نعلم علم اليقين بأن الله يقول بخبر أصدق الخلق صلى الله عليه وسلّم، ونحن لو سمعنا قولا لظننا أنه وجبة، وجبة شيء سقط، أو حفيف أشجار من رياح، فنتوهم فيما نسمع، لكن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا نتوهم فيه، فيكون خبر الرسول عليه الصلاة والسلام عندنا بمنزلة ما سمعناه بآذاننا بل أشَدُّ يقينا إذا صح عنه، وهذا الحديث قد صح عنه فهو متواتر، أو مشهور مستفيض عند أهل السنّة، وقد رواه أكثر من ستين صحابيا عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
تتمة شرح حديث النزول .
الدعاء أن تقول يا رب هذا دعاء، من يسألني أن تقول يا رب أسألك الجنّة، الأول يا رب إيش؟ نداء، أسألك الجنّة سؤال. طيب، إذًا اجتمع في قول القائل يا رب أسألك الجنّة إيش؟ الدعاء والسؤال.
ثم قال ( من يستغفرني فأغفر له ) يا رب اغفر لي، هذا.
السائل : استغفار.
الشيخ : استغفار. طيب، إذا قال القائل اللهم إني أسألك الجنّة، وش فيه؟ أه؟ سؤال؟
السائل : ... .
الشيخ : ودعاء، فيه سؤال ودعاء، أين الدعاء؟
السائل : ... .
الشيخ : اللهم، لأن اللهم أصلها.
السائل : يا الله.
الشيخ : يا الله، فإذن فيها دعاء، أسألك الجنّة هذا سؤال.
طيب، في حديث أبي بكر الذي علمه إياه النبي صلى الله عليه وسلّم ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) متضمن للثلاثة وإلا لا؟ أه؟
السائل : نعم.
الشيخ : متضمن للثلاثة؟ أين الدعاء؟
السائل : ... .
الشيخ : اللهم، طيب، الاستغفار؟ فاغفر لي، الدعاء؟
السائل : وارحمني.
الشيخ : وارحمني، دعاء بالرحمة.
يقول ( من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ) .
طيب، من هنا اسم استفهام، والمراد به التشويق، ليس المراد به الاستخبار لأن الله يعلم عز وجل، لكن المراد به إيش؟ التشويق، يشوّق سبحانه وتعالى عباده أن يسألوه وأن يدعوه وأن يستغفروه، وفي هذا غاية الكرم والجود من الله سبحانه وتعالى أنه هو الذي يشوّق عباده إلى سؤاله ودعائه ومغفرته كقول: (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ )) انظر إلى هذا الخطاب الرفيق الرقيق (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ )) ففيه التشويق والرفق والرقة (( هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ )) ولم يقل يا أيها الذين ءامنوا ءامنوا بالله ما قال هكذا وإن كان قالها في ءايات أخرى لكن في هذه الأية ما قال هكذا لأن المقام يقتضي ذلك، فالسورة كلها سورة جهاد من أولها إلى ءاخرها (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِهِ صَفًّا )) ، وءاخرها (( فَأَيَّدنَا الَّذينَ ءامَنوا عَلى عَدُوِّهِم فَأَصبَحوا ظاهِرينَ )) .
طيب المهم أن في هذا الحديث وأمثاله من كرم الله عز وجل ما هو ظاهر لمن تأمّله.
تأكيد الشيخ على نهج منهج السلف في مسائل الصفات .
وإني أقول لكم إن الإنسان كلما تعمّق في هذه الأمور فأخشى أن ينقص في قلبه من إجلال الله وتعظيمه بقدر ما نقص من هذا التعمّق في البحث في هذه الأمور، واسأل العامي، العامي إذا ذكرت الله عنده اقشعر جلده، وإذا ذكرت نزوله إلى السماء الدنيا اقشعر جلده، لكن أولئك الذين يتعمّقون في الصفات ويحاولون أن يسألوا حتى عن الأظافر نسأل الله لنا ولهم الهداية هؤلاء بلا شك سينقص من إجلال الله عز وجل في قلوبهم بقدر ما حاولوا التعمّق في هذه الأمور.
وليس إجلالنا لله عز وجل كإجلال الصحابة، ولا قريبا منه، ولا حرصنا على العلم بصفات الله كحرص الصحابة وهم ما سألوا هذه الأسئلة ولذلك أنا أنصحكم لله وأرجو منكم أن لا تتعمّقوا في هذه الأمور، خذوا ما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم واتركوا ما عدا ذلك، لئلا يوقعكم الشيطان في أمر تعجزون عن التخلّص منه، قد يوقعكم في التمثيل ويلزمكم إلزاما بأن تعتقدوا ذلك، نسأل الله أن يحمينا وإياكم من ذلك، لأن الإنسان الذي بيتعمّق إلى هذا الحد يُخشى عليه، خذوا ما جاء في الكتاب وصحيح السنّة واحمدوا الله على العافية، واسلكوا سبيل السابقين.
جيد الذي هو ما يتعلق إيش؟ ما، إيش بك؟ نعم؟ ما انفصل؟
السائل : ... .
الشيخ : المنارة ... . اللهم اهدنا فيمن هديت.
ما تقول في صفة النزول نزول الله إلى السماء الدنيا هل هو نزول أمره أو نزوله هو نفسه؟
السائل : ... .
الشيخ : هو نفسه. طيب، عندك دليل على هذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أه؟
السائل : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أضاف النزول إلى الله تبارك وتعالى ( ينزل ربنا ) .
الشيخ : أحسنت، بارك الله فيك. طيب، وهل هناك من يقول إن الذي ينزل غير الله عز وجل؟
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم.
الطالب : نعم.
الشيخ : أه؟
السائل : ... إن الذي ينزل هو رحمة الله.
الشيخ : طيب، ينزل رحمة الله، فما رأيك في هذا القول؟
الطالب : نقول إن هذا القول لا شك أنه خطأ، غير صحيح.
الشيخ : قول خطأ، تحريف.
السائل : نعم.
الشيخ : زين، تُبيّن لنا وجه التحريف؟
الطالب : لأن الحديث واضح، النبي صلى الله عليه وسلّم قال ( ينزل ربنا ) .
الشيخ : فهو صرف للفظ عن ظاهره، أه؟ بلا دليل. طيب، هل يصح أن أقول عن ظاهره بلا دليل أو عن صريحه؟
السائل : الصريح.
الشيخ : ما الذي يجعل هذا الظاهر صريحا؟ طيب، إن شاء الله تعقلوه بعد الدرس. أقول ما الذي يجعل هذا الظاهر صريحا؟ عبد الرحمان بن داوود؟
الطالب : ... الرسول صلى الله عليه وسلّم أضاف النزول إلى الله السائل فقال ( بنزل ربنا ) .
الشيخ : أي لكن ربما يقال هذا هو الظاهر، لكن أنا أريد أن أجعل هذا الظاهر صريحا بمعنى أنه لا يحتمل التأويل؟
الطالب : لأننا لو قلنا يا شيخ أن تنزل الرحمة جعلنا الرحمة تقف إلى ..
الشيخ : لا غير هذه.
السائل : ... .
الشيخ : غير هذه، نبي من لفظ الحديث؟
الطالب : ... صلى الله عليه وسلم إلى ... إلى الله السائل.
الشيخ : طيب.
السائل : قوله ( فيقول من يدعوني ) .
الشيخ : قوله ( فيقول من يدعوني ) هذه تجعل هذا اللفظ صريحا لا يحتمل التأويل بوجه من الوجوه، واضح؟ وحينئذ نقول إنه إن قلنا إن ظاهر الحديث نزول الله عز وجل فهذا من باب التنزّل، مع أني فيما أرى أنه لا يحل لنا أن نقول إن ظاهر الحديث نزول الله، فظاهر الحديث بل صريح الحديث أنه نزول الله لأن الرحمة والأمر ما تقول فيقول ولا الملك أيضا.
مقومات قبول الخبر .
السائل : ... وأعلمه وأحرصهم على هداية ... وأعلمهم بالله.
الشيخ : أي أعلمهم، وأصدقهم.
السائل : وأفصحهم.
الشيخ : وأفصحهم، وأنصحهم. طيب، هذه الأربعة هي مقومات قبول الخبر. طيب، فوجب أن يُقبل الخبر على ما هو عليه على ظاهره.
النزول يا ناظم هل هو من الصفات الفعلية أو الذاتية؟
السائل : ... .
الشيخ : أي الذاتية يعني متعلّق بذات الله، لكن العلماء يفرّقون بين الصفات الذاتية والفعلية بأن الفعلية هي التي يفعلها الله بمشيئته، والذاتية هي اللازمة لذات الله، فما رأيك الأن؟ هل هو من الصفات اللازمة لذات الله أو من الصفات التي تتعلق بمشيئته، ينزل متى شاء؟
السائل : تتعلق بمشيئته.
الشيخ : إذًا هو من الصفات؟
السائل : ... .
الشيخ : فيكون من الصفات؟
السائل : الذاتية.
الشيخ : لا.
السائل : الفعلية.
الشيخ : الفعلية، طيب، وهذا هو الصحيح. طيب. فيه من يقول إن الذي ينزل الأمر أو الملك، ونقول فيهما مثل ما قلنا فيمن يقول إن الذي ينزل الأمر. نعم.
السائل : ... .
الشيخ : ترى صاحبنا ... .
باب : الدعاء عند الخلاء
حدثنا محمد بن عرعرة حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )
الشيخ : قوله إذا دخل الخلاء قال العلماء معناه إذا أراد دخوله وأن الرسول صلى الله عليه وسلّم يقول هذا الذكر قبل أن يدخل.
والخبث الشر، والخبائث النفوس الشريرة، جمع خبيثة.
ومناسبة التعوّذ بالله من الخبث والخبائث هنا لأن المكان مكان خبيث، معد لقضاء الحاجة.
قال أهل العلم وإذا كان الإنسان في البر فيقول هذا الذكر إذا أراد الجلوس، يعني عند المكان الذي يريد أن يقضي حاجته فيه. نعم.
القارئ : باب ما يقول إذا أصبح.