تتمة شرح باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا المال خضرة حلوة ) . وقوله تعالى : (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متع الحياة الدنيا )) . قال عمر : اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه .
الشيخ : ومن ذلك قول الجن : (( إنا لا ندري أشر أريد بمن في الارض أم أراد بهم ربهم رشدا )) لما ذكروا الشر قالوا أريد مع أن الله هو الذي يريده ، ولما ذكروا الخير ، الرشد ، قال : ((أم أراد بهم ربهم )) من النساء : يعني الزوجات ، والبنين : معروف ، القناطير المقنطرة : يعني الآلاف المؤلفة من الذهب والفضة ، الخيل المسومة المعلمة التي وضع لها علامة تدل على جودتها وشدة عدوها ، والأنعام والحرث كلّ هذه الأصناف يقول الله عنها (( ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ، قل أؤنبئكم بخير من ذلكم )) من كلّ هذا (( للذين اتقوا عند ربهم ، جنات تجري من تحتها الأنهار ، خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ، الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) ، أسال الله أن يجعلني وإياكم منهم القارئ : آمين الشيخ : هذا هو خير ، خير من هذا كله مع أن الإنسان ربما يدرك هذا مع إدراك ما زين الله له في الدنيا كما قال عمر رضي الله عنه : " اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه " .
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال سمعت الزهري يقول أخبرني عروة وسعيد بن المسيب عن حكيم بن حزام قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال ( هذا المال _ وربما قال سفيان _ قال لي يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى )
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان قال : سمعت الزهري يقول : أخبرني عروة وسعيد بن المسيب عن حكيم بن حزام قال :سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : ( إن هذا المال _ وربما قال سفيان _ قال لي يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى ) .
الشيخ : هذا فيه دليل على كرم النبي عليه الصلاة والسلام وكان من كرمه أنه لا يسأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه صلى الله عليه وسلم . وفيه أيضاً دليل على التحذير من الإستشراف للمال وأن الإنسان إذا أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ومعنى إشراف نفس يعني : تطلع له فضلاً عن أن يسأل ، أما من أتاه بدون استشراف نفس ولا سؤال فإنه يبارك له فيه ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب : ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ) يعني بانتفاء الأمرين : الأشراف وهو التطلع ، والسؤال ، فخذه وما لا، فلا تتبعه نفسك وصدق النبي عليه الصلاة والسلام أن الذي يشرف للمال ويسأله كالذي يأكل ولا يشبع ثم بين الرسول عليه الصلاة والسلام أن هذا يده سفلى فقال : ( واليد العليا خير من اليد السفلى ) واليد العليا هي يد المعطي واليد السفلى ، هي يد الآخذ ، لأن يد المعطي تأتي من فوق ليضع الدرهم والدينار في يد من ؟ القارئ : الآخذ الشيخ : في يد الآخذ ، فالآخذ يده سفلى والمعطي يده عليا .
كتب العلم قد يجد الإنسان عند أخيه كتاباً ليس له مثيل هل يسأله إياه ؟
السائل : كتب العلم أحياناً الإنسان يجد عند أخيه كتاباً لا يجد له مثيل هل يسأله منه ؟ الشيخ : يستعيره ، الإستعارة جائزة كما استعار النبي عليه الصلاة والسلام من صفوان بن أمية السائل : أحيانا قد يكون محتاج لهذا الكتاب في لا بد أن يكون مكتبته . الشيخ : لا يجوز . السائل : كخطيب . الشيخ : أبداً لا يسأل . السائل : ... البيع الشيخ : لا ، لأنك ستعطي عوضاً ستعطي عوضاً ، وهذا أحد الطرق التي يمكن أن تأخذ بها الكتاب تقول بعها عليّ .
السائل : بعض الناس لو سألته أي شيء يفرح ؟ الشيخ : لا هذا مستثنى ، لا هذا مستثنى ما في مانع ، يعني الذي يسأل غيره لإدخال السرور على المسؤول ، هو ليس بحاجة إلى هذا الشيء السائل : بحاجة . الشيخ : المهم سواء احتاج أو ما احتاج ما دام أنا أعرف أن هذا الرجل يسر ، لو سألته فهذا لا بأس به ، النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل ذات يوم وطلب طعاماً فأحضر إليه طعام ، فقال : ألم أر البرمة على النار ؟ يعني فيها اللحم ، قالوا : يارسول الله هذا لحم تصدق به على بريرة ، قال : هو عليها صدقة ، ولنا هدية ، ولنا هدية ، فإذا علمنا أن المسؤول يفرح ويسر صار لمصلحته لا لمصلحة السائل .
حدثني عمر بن حفص حدثني أبي حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ) قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه قال ( فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر )
القارئ : باب : ما قدم من ماله فهو له . حدثني عمر بن حفص قال : حدثني أبي قال : حدثنا الأعمش قال : حدثني إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال : قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ) قالوا :" يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه " قال : ( فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ) . الشيخ : أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ما المتبادر؟ القارئ : ماله أحب إليه الشيخ : أن ماله أحب إليه ، ولهذا قالوا : يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه ، قال : ( فإن ماله ما قدم ،ومال وارثه ما أخر ) صدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، الذي تقدمه لنفسك في الدنيا هو مالك ، لأنك ستجده أمامك يوم القيامة ، والذي تخلفه ؟ القارئ : للورثة الشيخ : طيب ، إذن محافظتك عليه في الصندوق تحافظ على مال من ؟ القارئ : الورثة الشيخ : على مال وارثك أما مالك الذي ينفعك فلم تحافظ عليه ، ولهذا ينبغي للإنسان بقدر ما يمكن ، نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا القارئ : آمين الشيخ : أن يكون باذلاً للمال في حقه ، وفي وجهه وفي كل فرصة تعرض له ، وعلى كل حال ، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ) لا نريد أن الإنسان ينفق ماله كله ويبقى فقيراً لا سيما إذا كان ضعيف التوكل على الله ، ولكن نقول أنفق ينفق عليك ، والله عز وجل وعد ، وهو أصدق القائلين ، وأقدر الفاعلين ، قال: (( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه )) لا بد أن يخلف الله عليك ، لا بد أن يخلف الله عليك ما أنفقتم من شيء ، أي شيء ننفقه فهو يخلفه ، وهو خير الرازقين ، ولو أننا كنا على يقين ونرجوا الله أن يجعلنا على يقين من هذا الوعد الصادق ما تخلف أحدنا عن الإنفاق في وجهه ، لكن أحيانا يعتري الإنسان غفلة ، وشك ، يقول : أنا أخشى أن أطلع ريال وأنا عندي مئة ، يكون عندي تسعة تسعين وبكرة إن طلعت ريال ثاني، يصير عندي ثمان وتسعين ، هذا نقص لكن الله يقول : (( ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه )) ولا يلزم أن الشيء الذي يأتي خلفاً ،لا يلزم أن يأتي فوراً ، قد يأتي بعد زمن ، ولا يلزم أن يكون بالكم أيضاً ، قد يكون بالكيف ، بالبركة ، يبارك للإنسان وللعبد ، في ماله ،حتى ينفق وكأنه لا ينفق ما يجد نقصا في ماله .
إذا كان الإنسان ليس له مصدر رزق كطالب العلم ونحوه وكان عنده بعض المال ويعلم أن إذا أنفق هذا المال لا يمكن أن يأتيه مال آخر إلا أن يعطيه أحد فما يفعل ؟
السائل : إذا كان مثلاً الإنسان ليس له مصدر رزق كطالب العلم ونحوه وكان عنده بعض المال ويعلم أنه إذا أنفق هذا المال لا يمكن أن يأتيه مال آخر إلا أن يعطيه أحد أويعني .. ؟ الشيخ : نحن أشرنا إلى هذا ، ماذا قلنا؟ ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ، أي نعم أشرنا إلى هذا ، السائل : ولا يتصدق ؟ الشيخ : إذا تصدق يتصدق بشيء لايضره ما دام يعرف أنه لو تصدق بماله كله بقي صفر اليدين واحتاج إلى الناس أو إلى أن يترك طلب العلم ليشتغل فهنا لا ينفق إلا شيئاً لا يضره .
هذه الأسئلة التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم هل وراءها سر مع أنه يدرك أن مال الشخص أحب إليه من مال وارثه ؟
السائل : هذه الأسئلة من الرسول عليه الصلاة والسلام هل وراءها سر مع أنه عليه الصلاة والسلام يدرك أن مال الشخص أحب إليه من مال وارثه ؟ الشيخ : لا ، أبداً ، مال الشخص بالمعنى الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ما نعرفه نحن ، لأن إجابة الصحابة ، قالوا : ما من منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه ، يريدون المال الذي عند الشخص نفسه ومال الوارث الذي عند الوارث ، لكن ما فهموا مراد الرسول ، فهنا لابد من بيانه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً يلقي الأسئلة من أجل الإنتباه ، من أجل انتباه المخاطب .
ظاهر الحديث يعم حتى المتسولين أنه ينفق لمن ابتغى المال ولمن لم يبتغيه فما الجواب ؟
السائل : ظاهر الحديث أنه يعم حتى المتسولين؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : أنك تنفق لمن ابتغى المال ولمن لم يبتغيه الشيخ : لا نحن قيدناه عدة مرات في كلامنا هذا ، قلنا في حقه ، لأن بعض المتسولين يظهر عليه الكذب ، فهنا قد يكون من الخير أن لا تعطيه ، لأنك تشجعه ، تشجعه على تسوله المحرم ، وهنا فرق أيضاً بين السؤال العام من المتسولين وبين السؤال الخاص ، فإذا سألك سؤالاً خاصاً بعينك ، فهنا إذا أعطيته فأنت على حق ، فأعطه وانصحه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يرد سائلاً ، ولأن هذا من المروءة إذا سألك شخصياً أن تعطيه ، ولا ترده ، ما دمت تقدر لكن مع ذلك انصحه ، انصحه إذا رأيت أن حاله خلاف ما يظهر . طيب أنا عندي أنا (ومال وارثه) ، مال وارثه عندكم بالرفع كذا ، أم مالَ ؟ القارئ : بالرفع الشيخ : بالرفع ، طيب ، يجوز فيه وجهان من حيث الإعراب ، لأنه إذا استكملت إن اسمها وخبرها جاز في المعطوف وجهان ، تقول إن زيداً قائمٌ وعمراً ، وتقول إن زيداً قائمٌ وعمرٌ .
باب : المكثرون هم المقلون . وقوله تعالى : (( من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) .
القارئ : باب : المكثرون هم المقلون . وقوله تعالى : (( من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) .
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله عنه قال خرجت ليلةً من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده وليس معه إنسان قال فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد قال فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال ( من هذا ) قلت أبو ذر جعلني الله فداءك قال ( يا أبا ذر تعاله قال فمشيت معه ساعةً فقال إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيراً فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيراً ) قال فمشيت معه ساعةً فقال ( لي اجلس ها هنا ) قال فأجلسني في قاع حوله حجارة فقال لي ( اجلس ها هنا حتى أرجع إليك ) قال فانطلق في الحرة حتى لا أراه فلبث عني فأطال اللبث ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول ( وإن سرق وإن زنى ) قال فلما جاء لم أصبر حتى قلت يا نبي الله جعلني الله فداءك من تكلم في جانب الحرة ما سمعت أحداً يرجع إليك شيئاً قال ( ذلك جبريل عليه السلام عرض لي في جانب الحرة قال بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت يا جبريل وإن سرق وإن زنى قال نعم قال قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم وإن شرب الخمر ) قال النضر أخبرنا شعبة حدثنا حبيب بن أبي ثابت والأعمش وعبد العزيز بن رفيع حدثنا زيد بن وهب بهذا قال أبو عبد الله حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل لا يصح إنما أردنا للمعرفة والصحيح حديث أبي ذر قيل لأبي عبد الله حديث عطاء بن يسار عن أبي الدرداء قال مرسل أيضاً لا يصح والصحيح حديث أبي ذر وقال اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا إذا مات قال لا إله إلا الله عند الموت
القارئ : باب : المكثرون هم المقلون . وقوله تعالى : (( من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) . حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله عنه قال : خرجت ليلةً من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده وليس معه إنسان قال فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد ، قال : فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال : ( من هذا ؟ ) قلت أبو ذر جعلني الله فداءك ، قال : ( يا أبا ذر تعال قال فمشيت معه ساعةً فقال لي : إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيراً فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيراً ) قال فمشيت معه ساعةً فقال : ( لي اجلس ها هنا ) قال : فأجلسني في قاع حوله حجارة فقال لي : ( اجلس ها هنا حتى أرجع إليك ) قال فانطلق في الحرة حتى لا أراه فلبث عني فأطال اللبث ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول : ( وإن سرق وإن زنى ) قال : فلما جاء لم أصبر حتى قلت : يا نبي الله جعلني الله فداءك من تكلم في جانب الحرة ما سمعت أحداً يرجع إليك شيئاً قال : ( ذلك جبريل عليه السلام عرض لي في جانب الحرة قال بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت : يا جبريل وإن سرق وإن زنى قال : نعم قال : قلت : وإن سرق وإن زنى قال : نعم ) قال النضر : أخبرنا شعبة وحدثنا حبيب بن أبي ثابت والأعمش وعبد العزيز بن رفيع قال : حدثنا زيد بن وهب بهذا قال أبو عبد الله حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل لا يصح إنما أردنا للمعرفة والصحيح حديث أبي ذر قيل لأبي عبد الله حديث عطاء بن يسار عن أبي الدرداء قال : مرسل أيضاً لا يصح ، والصحيح حديث أبي ذر وقال اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا إذا مات قال لا إله إلا الله عند الموت . الشيخ : هذا الباب : يقول : " باب المكثرون هم المقلون " المكثرون يعني من المال إذا لم ينفقوه في سبيل الله ، صاروا مقلين يوم القيامة ، لأنهم لم يقدموا شيئاً ، فصاروا مقلين ، وقد يكون الإنسان كثير المال ، وغيره أقل منه مالاً ، لكنه أكثر منه عملاً وإنفاقاً فيكون هذا الثاني يوم القيامة هو المكثر ، والأول هو المقل .
شرح الآية : (( من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ... ))
الشيخ : وقول الله تعالى : (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون )) مَن شرطية ، تفيد العموم ، من كان يعني أي إنسان يريد الحياة الدنيا وزينتها ، الحياة الدنيا يعني البقاء فيها ، والمكث فيها والطول ، طول البقاء ، وزينتها ما فيها من الزينة من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة وغير ذلك ، نوف إليهم أعمالهم يعني نعطيهم أعمالهم فيها وافية ، ويثابون على أعمالهم في الدنيا ، في الدنيا (( نوفي إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار )) ، ولهذا يعطى الكافر ثواب أعماله في الدنيا ، يعطى إياه سيادة في الدنيا ، وتكون الدنيا في حقه جنة ، ونعيماً ورفاهية ، ولهذا لا تغبط الإنسان على رفاهيته ، اغبطه على عمله الصالح ، أما الرفاهية في الدنيا فالأصل أنها لمن ؟ للكفار ، كما قال الله تعالى في سورة الواقعة : (( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سمومٍ وحميمٍ وظلٍّ من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم )) ولهذا من الشقاء والبلاء أن يسير المسلمون اليوم إلى هذا الإتجاه المعوج المرتد ، عن الصراط المستقيم ، وليست ردة الكفر لكن ردة إستقامة ، بحيث يريدون من كل أمورهم أن ينالوا شرف الترف ، ولكنه تلف الترف ، تلف لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بين لنا في الحديث الصحيح : ( إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم بأذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه منكم ، أو قال من قلوبكم ، حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، انظر ، مشينا خلف الدنيا ماذا يحدث ، إيش؟ الذل ، الذي لا ينزع حتى نرجع إلى الدين نرجع ، ونحرص على الدين مثلما نحرص على الدنيا ، والآن مع الأسف الشديد أن التوجيهات العامة ، في الصحف وغير الصحف ، كلها للترف ، والتنعيم في هذه الدنيا ، وهذا لا شك أنه خطأ ، لأن هذه الحياة الدنيا ليست حياة في الواقع ، الحياة هي حياة الآخرة ، (( يقول يا ليتني قدمت لحياتي ))(( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان )) فهذا هو الذي ينبغي أن نعتني به ونعمل له ، والله الموفق .
القارئ : قال أبو عبد الله حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل لا يصح إنما أردنا للمعرفة والصحيح حديث أبي ذر قيل لأبي عبد الله حديث عطاء بن يسار عن أبي الدرداء قال : مرسل أيضاً لا يصح والصحيح حديث أبي ذر وقال : " اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا إذا مات قال : لا إله إلا الله عند الموت " القارئ : أحال على كتاب الزكاة القارئ : يقول : قيل لسليمان يعني الأعمش إنما روي هذا الحديث عن أبي الدرداء ، فقال : إنما سمعته عن أبي ذر ، ثم أخرجه من طريق معاذ ، قال حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت وبلال والأعمش وعبد العزيز بن رَفيع الشيخ : ابن رُفيع القارئ : ابن رُفيع ، سمعوا زيد بن وهب عن أبي ذر زاد فيه ، راوياً وهو بلال وهو ابن مرداس الفزاري ، شيخ كوفي أخرج له أبو داود ، وهو صدوق لا بأس به ، وقد أخرجه أبو داود الطيالسي عن شعبة ، كرواية النضر ليس فيه بلال ، ولقد تبع الإسماعيلي على إعتراضه المذكور جماعة منهم مغلطاي ومن بعده ، والجواب عن البخاري واضح على طريقة أهل الحديث ، لأن مراد .. الشيخ : في اعتراض قبل ، هذا فيه فائدة عظيمة حديثية القارئ : وقد ظهرت فائدته ، قوله : وقال النضر الشيخ : نعم وقال النضر هذا هو القارئ : طيب ، قوله : وقال النضر بن شميل ، أنبأنا شعبة عن حبيب بن ثابت ، والأعمش وعبد العزيز بن رُفيع ، قالوا حدثنا زيد بن وهب بهذا ، الغرض من هذا التعليق تصريح الشيوخ الثلاثة ، المذكورين بأن زيد بن وهب حدثهم ، والأولان نُسبا إلى التدليس ، مع أنه مع أنه لو ورد من رواية شعبة بغير تصريح لؤمِن فيه التدليس ، لأنه كان لا يحدث عن شيوخه إلا بما لا تدليس فيه ، وقد ظهرت فائدة ذلك في روايات جرير بن حازم عن الأعمش فإنه زاد فيه بين الأعمش وزيد بن وهب رجلاً مبهماً ، ذكر ذلك الدارقطني في العلل ، فأفادت هذه الرواية المصرحة ، أنه من المزيد في متصل الأسانيد ، وقد اعترض الإسماعيلي على قول البخاري بهذا السند ، بهذا فأشار إلى رواية عبد العزيز الشيخ : لماذا من المزيد في متصل الأسانيد ؟ لأن شعبة صرح بالتحديث قال حدثنا الحبيب ، وهذه مرّت عليكم في المصطلح ، بأنه مثلاً إذا رويَ الحديث بسندين ، وذكر المحدث أن فلاناً حدثه ، وصار السند الآخر فيهم ، بين فلان والذي حدثه ، رجل زائد يسمونه المزيد في متصل الأسانيد ، لماذا قال أنه متصل الأسانيد ؟ لإنه لما صرح بالتحديث ، علمنا أنه ؟ القارئ : متصل الشيخ : أنه متصل ، لكن لو لم يصرح ، وقال فلان ، نعم ، قال عن فلان ، ما صرح بالتحديث ثم جاء بسند آخر ، فيه رجل بينه فلان وفلان الذي عنعن ، فهنا لا نحكم بالمزيد في متصل الأسانيد ، لاحتمال أن يكون السند الأول ساقط يكون فيه التدليس ، لأن المدلس إذا قال عن ولم يصرح بالتحديث فهو مدلس ، واضح ؟ طيب ، المزيد في متصل الأسانيد هل يؤثر في السند الذي لا زيادة فيه ؟ بمعنى هل نحكم أن السند الذي ليس فيه زيادة منقطعة، منقطع أو لا ؟ القارئ : إذا صرح . الشيخ : أي إذا صرح بالتحديث لأنا لا نحكم بالزيادة إلا بعد التصرح بالتحديث ، فهل نحكم بأن السند الذي فيه النقص يكون منقطعاً ؟ لا ، لأنه صرح بالتحديث القارئ : فأشار إلى رواية عبد العزيز بن رُفيع واقتضى ذلك أن رواية شعبة هذه ، نظير روايته فقال ليس في حديث شعبة ، قصة المقلين والمكثرين ، إنما فيه .. القارئ : ليس في الحديث قصة المقلين ما في شعبة القارئ : ليس في حديث شعبة قصة المقلين والمكثرين ، إنما فيه قصة من مات لا يشرك بالله ، قال والعجب من البخاري كيف أطلق ذلك ثم ساقه موصولاً من طريق حميد بن زنجويه ، حدثنا النضر بن شميل عن شعبة ولفظه : ( أن جبريل بشرني أن من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق ، قال : وإن زنى وسرق ) قيل لسليمان يعني الأعمش : إنما روي هذا الحديث عن أبي الدرداء فقال : إنما سمعته عن أبي ذر ثم أخرجه من طريق معاذ قال : حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت وبلال والأعمش وعبد العزيز بن رفيع ، سمعوا زيد بن وهب عن أبي ذر زاد فيه ، راوياً وهو بلال وهو بن مرداس الفزاري ، شيخ كوفي أخرج له أبو داود ، وهو صدوق لا بأس به ، وقد أخرجه أبو داوود الطيالسي عن شعبة ، كرواية النضر ليس فيه بلال ، ولقد تبع الإسماعيلي على إعتراضه المذكور جماعة منهم : مغلطاي ، ومن بعده ، والجواب عن البخاري واضح ، على طريقة أهل الحديث ، لأن مرادهم أصل الحديث ، فإن الحديث المذكور في الأصل قد اشتمل على ثلاثة أشياء ، فيجوز إطلاق الحديث على كل واحد من الثلاثة ، إذا أريد بقول البخاري بهذا ، أي بأصل الحديث ، لا خصوص من اللفظ المساق ، فالأول من الثلاثة ما يسرني أني لي أحداً ذهباً ، وقد رواه عن أبي ذر أيضاً بنحوه الأحنف بن قيس ، وتقدم في الزكاة ، والنعمان الغفاري وسالم بن أبي الجعد ، وسويد بن الحارث ، كلهم عن أبي ذر ورواياتهم عند أحمد ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أبو هريرة ، وهو في آخر الباب من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنه ، وسيأتي في كتاب التمني من طريق همام ، وأخرجه مسلم من طريق محمد بن زياد ، وهو عند أحمد من طريق سليمان بن يسار ، كلهم عن أبي هريرة كما سأبينه ، الثاني حديث المكثرين والمقلين ، وقد رواه عن أبي ذر أيضا المعرور بن سويد ، كما تقدمت الإشارة إليه ، والنعمان الغفاري ، وهو عند أحمد أيضاً ، الثالث حديث ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) وفي بعض طرقه : ( وإن زنى وإن سرق ) وقد رواه عن أبي ذر أيضا أبو الأسود الدؤولي ، وقد تقدم في اللباس ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أبو هريرة ، كما سيأتي بيانه لكن ليس فيه ببيان (وإن زنى وإن سرق ) وأبو الدرداء كما تقدمت الإشارة إليه من رواية الإسماعيل ، وفيه أيضا فائدة أخرى ، وهو أن بعض الرواة قال عن زيد بن وهب ، عن أبي الدرداء ، فلذلك قال الأعمش لزيد ، ما تقدم في رواية حفص بن غياث عنه ، قلت لزيد بلغني أنه أبو الدرداء فأفادت ، رواية شعبة أن حبيباً وعبد العزيز وافقا الأعمش على أنه عن زيد بن وهب عن أبي ذر لا عن أبي الدرداء ، وممن رواه عن زيد بن وهب عن أبي الدرداء محمد بن إسحاق فقال : عن عيسى بن مالك عن زيد بن وهب عن أبي الدرداء أخرجه النسائي ، والحسن بن عبيد الله النخعي أخرجه الطبراني ، من طريقه عن زيد بن وهب عن أبي الدرداء بلفظ : ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) فقال أبو الدرداء : ( وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق )، فكررها ثلاثا وفي الثالثة ( وإن رغم أنف أبي الدرداء ) وسأذكر بقية طرقه عن أبي الدرداء ، في آخر الباب الذي يليه وذكره الدار قطني في العلل فقال : يشبه أن يكون القولان صحيحين قلت : وفي حديث كل منهما في بعض الطرق ما ليس في الآخر، انتهى الشيخ : نعم ، هذا يدلنا على اعتناء علماء الحديث بالأحاديث سنداً ومتناً ، ويدل أيضاً على أن الله سبحانه وتعالى يسر لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من يحفظها ، حفظاً تاماً ، فهذه المناقشة الطويلة التي سمعتموها ، كلها تدل على تحري أهل العلم بالحديث في الأسانيد ، وأنهم يحرصون جداً على تحريرها حتى لا يقع اشكال أو طعنٌ في الرواة ، والطعن في الرواة يؤدي إلى الطعن في المروي كما هو ظاهر .
حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن زيد بن وهب قال قال أبو ذر كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة فاستقبلنا أحد فقال ( يا أبا ذر ) قلت لبيك يا رسول الله قال ( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا شيئاً أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا ) عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ثم مشى ثم فقال ( إن الأكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ) عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ( وقليل ما هم ) ثم قال لي ( مكانك لا تبرح حتى آتيك ) ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى فسمعت صوتاً قد ارتفع فتخوفت أن يكون قد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن آتيه فذكرت قوله لي لا تبرح حتى آتيك فلم أبرح حتى أتاني قلت يا رسول الله لقد سمعت صوتاً تخوفت فذكرت له فقال ( وهل سمعته ) قلت نعم قال ( ذاك جبريل أتاني فقال من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق )
القارئ : باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا ) . حدثنا الحسن بن الربيع قال : حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن زيد بن وهب قال قال أبو ذر كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة فاستقبلنا أحد فقال : ( يا أبا ذر ) قلت : لبيك يا رسول الله قال : ( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا شيئاً أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا ) عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ثم مشى ثم قال : ( إن الأكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ) عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ( وقليل ما هم ) ثم قال لي : ( مكانك لا تبرح حتى آتيك ) الشيخ : آتيَك القارئ : ( لا تبرح حتى آتيك ) الشيخ : ماذا قلن في الأجرومية ، حتى من نواصب الفعل المضارع القارئ : ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى فسمعت صوتاً قد ارتفع فتخوفت أن يكون قد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن آتيه فذكرت قوله لي : ( لا تبرح حتى آتيك ) فلم أبرح حتى أتاني قلت يا رسول الله : لقد سمعت صوتاً تخوفت فذكرت له فقال : ( وهل سمعته ) قلت : نعم ، قال : ( ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت : وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق ) . القارئ : عندي ( من مات لا يشرك بالله شيئا ) الشيخ : لا ، عندنا من أمتك . القارئ : فأردت أن آتيه فذكرت ، عندنا :فتذكرت الشيخ : لا ، الذي عندنا فذكرت وهي فأحسن .
حدثني أحمد بن شبيب حدثنا أبي عن يونس وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو كان لي مثل أحد ذهباً لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئاً أرصده لدين )
القارئ : حدثنا أحمد بن شبيب قال : حدثنا أبي عن يونس وقال الليث : حدثني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كان لي مثل أحد ذهباً ما يسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئاً أرصده لدين ) . القارئ : لسَرني الشيخ : لسَرني ، نعم ، هو ماذا قال ؟ القارئ : ما يسُرُني الشيخ :( لو كان لي مثل أحد ذهبا لسَرني أن لا تمر ) القارئ : باللام قبل السين الشيخ : أيه نعم ، هي عندنا كذلك القارئ : عندي ما يسرني الشيخ : ما يسرني ؟ ماذا بعد ؟ أن تمر ولا أن لا تمر ؟ القارئ : أن لا تمر الشيخ : لا ما تصح ، لو كانت أن تمر كان لا بأس ، صلحها إذن ( لسرني ) أقول : (حطوها لسرني أن لا تمر ) لأنه لو كانت ما يسرني للزم أن تكون ما يسرني أن تمر . طيب هذان الحديثان حديث أبو ذر وحديث أبو هريرة رضي الله عنه ، أتى بهما المؤلف رحمه الله لمطابقة الترجمة ، وهي قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا ) يعني أنه لا يحب أن يكون عنده مال ، ولا ينفقه في سبيل الله تمر عليه ثلاث ليال ، والثلاث دائماً يعلق الشارع بها أحكاماً ، مثل هذا الحديث، ومثل قوله في حديث ابن عمر : ( ما حق امرئ مسلم له شيء ، يريد أن يوصي فيه أن يبيت ليلتين _ هذه ليلتين ليست ثلاثة _ إلا وصيته مكتوبة عنده ) فالثلاث لها اعتبار في الشرع في مواضع كثيرة .
قوله ( إلا شيئاً أرصده لدين ) كيف جاءت شيئاً منصوبة وقد سبقت بنفي ؟
السائل : قوله : ( إلا شيئاً أرصده لدين ) ما ... ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : قال : ( ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهباً تمضي عليه ثلاثة ما عندي منه ديناراً إلا شيئاً ) ... إيش المغزى من هذا ؟ الشيخ : أنت ما قرأت في الآجرومية ؟ السائل : بس شيئاً ما ذكر يعني يكون هذا ؟ إلا أن يكون شيئاً ؟ الشيخ : لا ، هذه يجوز فيها الوجهان ، لأنها تام منفي ، أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيءٌ إلا شيئاً وإلا شيءٌ ، حتى عندي النسخة الثانية إلا شيءٌ . السائل : هذا استثناء الشيخ : أي نعم .
قوله ( إلا شيئاً أرصده لدين ) هل هو دين واقع أم متوقع ؟
السائل : قوله : ( أرصده لدين ) هل هو دين محتمل أم متوقع يا شيخ ؟ الشيخ : يعني واقع أو متوقع ؟ السائل : نعم الشيخ : يحتمل هذا ، يحتمل أنه كان ذلك الساعة عليه دين ، ويحتمل أنه ليس عليه دين ، ولكن نقول في الواقع أنه لو كان عندي شيء ما أحببت أن يبقى عندي فوق ثلاث إلا ما أرصد به بالدين .
في هذه الأحاديث وما أشبهها أن أهل التوحيد يدخلون الجنة ولو كانوا عصاة هل يقال لأهل الوعظ الآن أن لا يذكروا هذه الأحاديث كثيراً كي لا يتكلوا عليها ؟
السائل : بالنسبة هذه الأحاديث وما أشبهها التي فيها أنه يدخل الجنة أهل التوحيد يعني حتى العصاة ، هل يقال لأهل الوعظ الآن أنهم لا يذكروا هذه الأحاديث كثيرا كي لا يتكلوا الناس عليها ؟ الشيخ : ماذا ؟ السائل : أن لا تُذكر هذه الأحاديث للعامة كثيراً كي لا يتكلوا عليها الشيخ : أي نعم السائل : هذا الأفضل يا شيخ ؟ الشيخ : هذا الأفضل إلا إذا بين الإنسان ، إذا بين وقال مثلاً هذه الأحاديث تدل على أن المعنى أن نهايته الجنه وليس المعنى أنه لا يعذب ، لأن الله قال : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) فالمعنى أنه يدخل الجنه ولكن قد يسبق دخوله الجنة شيءٌ من العقاب بذنوبه ، لأن ما سوى الشرك جائز أن يعذب عليه الإنسان أو لا يعذب عليه .
باب : الغنى غنى النفس . وقال الله تعالى : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين )) إلى قوله تعالى (( من دون ذلك هم لها عاملون )) . قال ابن عيينة : لم يعملوها، لا بد من أن يعملوها .
القارئ : باب : الغنى عن النفس . وقال الله تعالى : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين )) إلى قوله تعالى : (( من دون ذلك هم لها عاملون )) . قال ابن عيينة : " لم يعملوها : لابد من أن يعملوها " . الشيخ : هذه آيات عظيمة ، قال الله تعالى : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات )) أن ما ، عندي أن مكتوبة وحدها وما مكتوبة وحدها ، وذلك لأن ما هنا إسم موصول ، وليست أنما الدالة على الحصر ، أنما الدالة على الحصر تكتب جميعاً أنما ، وأما أن واسم الموصول فإنها تفرد كل واحدة عن الأخرى ، ولكن بعض الكتاب الذين لا يعرفون الإملاء يكتبون أن ما الموصولة كأنما التي للحصر ، كما يكتبون إن شاء الله يقرنون النون بالشين ، فتكون إنشاء ، وهذا خطأ عظيم ، لأن إنشاء الله معناها إنشاءُ الله ، طيب إنشاء الله أين الخبر ، فلهذا يجب على الإنسان أن يعرف القاعدة الإملائية في هذا ، يقول الله عزوجل : ((أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات )) يعني أيظنون أن ما أمددناهم به من الأموال والبنين ، نسارع لهم في الخيرات ، يعني ليس الأمر كذلك ، بل إذا أمد الله الإنسان بالمال والبنين ، وهو مقيم على معصيته فذلك استدراج ، وليس هذا من المسارعة في الخيرات ، ولهذا قال بل لا يشعرون ، في غفلتهم عن الله عز وجل وعن استدراجهم ، يظنون أن ذلك مسارعة من الله تعالى لهم في الخيرات ، ثم قال : (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون )) أي: من خوفه المبني على العلم ، لأن الخشية خوف مبني على العلم ، بخلاف الخوف ، ولأن الخشية تكون بسبب قوة المخشي ، والخوف بسبب ضعف الخائف ، ولهذا كانت الخشية أعلى مرتبة من الخوف ، إذن الخشية خوف عن علم ، الدليل قوله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) بخلاف الخوف ، فقد يذعر الإنسان ويخاف من الشبح ، يرى سواداً بعيداً ويحسب أنه سبع فيخاف ، فالخوف ذعر وهلع في القلب غير مبني على ، إيش؟ القارئ : على العلم الشيخ : على العلم ، أيضاً الخوف يكون من ضعف الخائف ، والخشية تكون من قوة المخشي ، وعلى هذا فقد يخشي القوي مَن هو أقوى منه ، أما الخوف فسببه الضعف ، يقول الله عز وجل : (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون )) أي خائفون على أنفسهم ، كما قال تعالى في سورة الطور : (( قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين )) ، طيب ، ((إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون )) بالآيات الكونية والآيات الشرعية ، الآيات الكونية يؤمنون بأن الله الذي هو وحده هو الذي خلقها خلقها وهو الذي يدبرها ويسخرها ، والآيات الشرعية يؤمنون بها ويذعنون لها ويقبلونها (( والذين هم بربهم لايشركون )) لا يشركون في ربوبيته ولا ألوهيته ولا أسمائه وصفاته ، (( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة)) يعني يفعلون ما أمروا أن يفعلوه ، فيؤتون ما آتوا ، من طاعة الله ببذل المال والنفس والبدن ((وقلوبهم وجلة )) أي خائفة ، خائفة من إيش ؟ من أن لا يتقبل منهم ، لا سوء ظن بالله ، ولكن سوء ظن بأنفسهم ، يخشون من التفريط ، أو الإفراط فلا يقبل منهم (( أنهم إلى ربهم راجعون)) أنَّ بالفتح ، وجاءت مفتوحة لأنها على تقدير اللام ، فالجملة هنا تعليلية ، أي لأنهم راجعون إلى الله (( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) أي يسارعون إليها وفي تنفيذها إذا دخلوا فيها ، ولهذا جاءت في ، في مكان يظن أن اللائق إلى وليس كذلك ، في أليق من إلى ، لأن المسارعة إلى الشيء تنتهي بوصوله ، لكن المسارعة في تكون بالسعي إليه حتى يصل إليه الإنسان ، وبالسعي فيه في أثناء العمل ، فصار يسارعون في الخيرات أبلغ من يسارعون إلى الخيرات ((وهم لها سابقون )) ما شاء الله ، يسارعون ويحققون المسارعة بالسبق ، ما يكلون لا يملون ، ثم قال : (( ولا نكلف نفسا إلا وسعها )) الجملة هذه صلتها بما قبلها جداً ظاهرة ، لأنه لما أثنى عليهم بالمسارعة والسبق ، بين أن هذه المسارعة والسبق مبنية على القدرة ، وأن الله لا يكلفهم إلا ما يستطيعون ، فإذا سارعوا في عمل وقصروا عن غيرهم من أجل عدم قدرتهم على ذلك ، فهم في عداد من ؟ في عداد المسارعين السابقين ، ولهذا أعقبه بقوله : (( ولا نكلف نفسا إلا وسعها )). قال الله تعالى : ((أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون )) يعني أيظنون أن ما أمددناهم به من المال والبنين ، نسارع لهم في الخيرات ، والرزق ، بل لا يشعرون ، وهذا الإضراب للانتقال ، يعني أنهم لا يشعرون أن ما أمدهم الله به من ذلك ليس مسارعة في الخيرات ، ولكنه استدراج من الله ، كما قال الله تعالى : (( والذين كفروا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين )) ثم قال تعالى : (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون )) هم مشفقون ، مبتدأ وخبر، أي من شدة خوفهم لله ، الخوف المبني على العلم ، مشفقون من عذاب الله ، خائفون منه وذلك لإيمانهم ، الإيمان التام بأن ما وعد الله به ، أو أوعد به سيكون ، فهم مشفقون من خشية الله ومن : هنا للتعليل ، أي من أجل الخشية ، خائفون من عذاب الله ، والخشية هي الخوف مع العلم ، الخوف مع العلم ، والخوف بلا علم ، خوف مجرد فهذا فرق بين الخوف والخشية ، فرق ، فرق آخر ، أن الخشية تكون من عظم المخشي ، وإن كان الخاشي عظيماً أيضاً ، والخوف يكون من ضعف الخائف ، وإن كان المخووف ضعيفاً ، قال : (( والذين هم بآيات ربهم يؤمنون )) .