تتمة شرح باب : الغنى غنى النفس. وقال الله تعالى : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين )) إلى قوله تعالى (( هم لها عاملون )) . قال ابن عيينة : لم يعملوها، لا بد من أن يعملوها .
الشيخ : ثم قال تعالى: (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون )) هم مشفقون ، مبتدأ وخبر ، أي من شدة خوفهم لله ، الخوف المبني على العلم ، مشفقون من عذاب الله ، خائفون منه وذلك لإيمانهم ، الإيمان التام بأنه ، بأن ما وعد الله به ، أو أوعد به سيكون ، فهم مشفقون من خشية الله ومن هنا للتعليل ، أي من أجل الخشية ، خائفون من عذاب الله ، والخشية هي الخوف مع العلم ، الخوف مع العلم ، والخوف بلا علم خوف مجرد فهذا فرق بين الخوف والخشية فرق آخر : أن الخشية تكون من عظم المخشي ، وإن كان الخاشي عظيماً أيضاً ، والخوف يكون من ضعف الخائف ، وإن كان المخووف ضعيفاً قال (( والذين هم بآيات ربهم يؤمنون )) هم يؤمنون ، وأتى بيؤمنون ، لأن هذه الآيات تتجدد ، فالذين في وقت نزول القرآن تتنزل عليهم الآيات يوماً فيوماً ، كلما نزلت آية إزدادوا إيماناً (( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمان وهم يستبشرون )) وكذلك الآيات الكونية تتجدد فكلما جاءت آية مطابقة لما أخبر الله به ورسوله ، زادت المؤمن إيماناً ، ولهذا قال : (( والذين هم بآيات ربهم يؤمنون )) ولم يقل مؤمنون كما قال مشفقون ، لأن الإيمان يتكرر ، كلما أتتهم آية ، زادتهم إيماناً ، (( والذين هم بربهم لا يشركون )) هم لا يشركون ، أتى بالجملة الفعلية ، ولم يقل غير مشركين وذلك لأنهم لا يشركون في أي فعل يفعلونه لله ، فلا رياء عندهم ولا سمعة ولا يريدون الدنيا بعملهم ، إنما يريدون الله سبحانه وتعالى (( والذين يؤتون ما آتوا )) أي يعطون ما أعطوا ويبذلون ما بذلوا من الأعمال البدنية والأموال ، ((وقلوبهم وجلة )) أي خائفة ، خائفة من أي شيء ؟ خائفة من أن لا يقبل منهم ، من أن يرد عليهم العمل ، لا سوء ظنٍ بالله ولكن إحتقاراً لأنفسهم ، وخوفاً من التقصير ، فهم يؤتون ما آتوا ويفعلون العمل الصالح ، لكن يخشون أن لا يقبل منهم ، يصومون فيخافون أن لا تقبل ، وكذلك بقية الأعمال ، وقلوبهم وجلة (( أنهم إلى ربهم راجعون )) يعني يعطون ما أعطوا لأنهم يؤمنون برجوعهم إلى الله ، وأن الله تعالى سوف يجازيهم ، قال تعالى : (( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) يسارعون فيها أي في الوصول إليها ، وفي إتقانها وهم مدركون لها ، لها سابقون ، (( ولا نكلف نفسا إلا وسعها )) لما كانت المسارعة ، قد يتوهم واهم أنهم لو عجزوا عن المسارعة ، لم ينالوها ، قال : (( ولا نكلف نفسا إلا وسعها )) فهم يسارعون ولكن لو صلى الإنسان منهم قاعداً لعجزه عن القيام ، فهو مسارع ، لأن الله قال : (( ولا نكلف نفساً إلا وسعها ))(( ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون )) ، وهذا الكتاب ما كتبته الملائكة من أعمال بني آدم ينطق بالحق يوم القيامة ، ويقال للإنسان :(( إقرأ كتابك ، كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً )) قال الحسن : " لقد أنصفك من جعلك حسيباً على نفسك " أنت حاسب نفسك ، لا تطلب محاسب ، وستجد أن الأمر كما كتب (( بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا )) هذا كقوله في أول الآية : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون )) بل لا يشعرون ، هنا قال : ((بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا )) يعني قد حل بها ما غمرها ، ولا تتفطن لها ، ولهم أعمال من دون ذلك ، هم لها عاملون ، ما هي الأعمال هذه ؟ أعمال الدنيا ، ولهذا قال : (( من دون ذلك )) إشارة لانحطاط رتبتها ، ثم قال : (( هم لها عاملون )) الجملة كما تعلمون هذه اسمية ، يعني متقنون للعمل لها ، وقدم المفعول لها عاملون للدلالة على أنهم قد حصروا أنفسهم وأفكارهم وعقولهم في هذه الأعمال الدنيوية . القارئ : قال ابن عيينه : " لم يعملوها : لابد من أن يعملوها " الشيخ : نعم ، (( يعني هم لها عاملون )) يعني ما عملوها بعد ، لكن لا بد أن يعملوها يعني أنهم مصرون على العمل على عملها .
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس )
القارئ : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : ( ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ) الشيخ : الغنى ليس عن كثرة المال ، ولكنه غنى النفس وغنى القلب ، فكم من إنسان عنده ملايين الملايين ومع ذلك يعمل عمل الفقير ، من شدة الحرص على المال وطلبه له ، وكم من إنسان عنده دون ذلك بكثير تجده لا يهتم ، وتجده كريماً ، يعطي أكثر مما يعطي ذلك الرجل الذي عنده الأموال الكثيرة .
قلنا أن هؤلاء الذين يعملون الأعمال الصالحة يعملون الأعمال ويخشون أن لا تقبل وفي الحديث القدسي ( يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي ) فما الجمع بينهما ؟
السائل : قلنا أن هؤلاء الذين يعملون الأعمال الصالحة ، أنهم يعملون الأعمال ويخشون أن لا تقبل الشيخ : نعم السائل : وفي الحديث القدسي : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ) كيف نجمع بينهما ؟ الشيخ : أشرنا إلى الجمع بينهما السائل : أنه ليس سوء ظن بالله الشيخ : أنه ليس سوء ظن بالله ، ولكن إتهاماً لأنفسهم بالتقصير . السائل : لكن المطلوب من الإنسان .. الشيخ : المطلوب من الإنسان أن يحسن الظن بالله باعتبار قبوله ، لكن يخشى أنه مقصر ، يخشى أن عنده رياء ، عنده ابتداع ما يدري الإنسان ، يخشى ، يعني بمعنى لا يقول خلاص أنا عملت ، لا بد أن يكون مقبولاً ، كما قال البدوي وهو يسعى : " يارب إن لم تغفر فلازم أن تغفر " هذا لا يقل هذا ليس على كل حال ، يتهم نفسه ويحسن الظن بالله عز وجل ، فيقول فمثلاً : أرجوا أن الله يقبل مني ، نعم ، هذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإسماعيل يرفعان القواعد من البيت ويقولان : السائل : ربنا تقبل منا الشيخ :(( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) .
هل يجوز للإنسان أن يدعو ويلح في الدعاء بقوله اللهم إن لم تغفر لي فاغفر لي ؟
السائل : هل يجوز للإنسان أن يدعو ويلح في الدعاء بقوله : اللهم إن لم تغفر لي فاغفر لي ؟ الشيخ : والله ما ينبغي هذا ، بل يعزم المسألة ، أو يقول كما قال الصالحون : (( لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين )) .
حدثنا إسماعيل قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس ( ما رأيك في هذا ) فقال رجل من أشراف الناس هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما رأيك في هذا ) فقال يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا )
القارئ : باب : فضل الفقر . حدثنا إسماعيل قال : حدثني عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : مرّ رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس : ( ما رأيك في هذا ) فقال رجل من أشراف الناس : هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرّ رجلٌ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما رأيك في هذا ) فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا ) . الشيخ : الواقع أن الحديث الذي استدل به البخاري رحمه الله لا يطابق الترجمة ، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا ) لا يدل على أن ذلك بسبب الفقر ، قد يكون خيراً منه لأعمال أخرى يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم ، وكم من غني هو خير من ألف فقير ، وكم من فقير خيرٌ من ألف غني ، فالواقع أن الفقر والغنى لو نظرنا ، إليهما من حيثهما لكان الغنى أحسن ، وأفضل ، لأن الغنى يحصل به من النفع الخاص والعام ، مالا يحصل بالفقر ، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل ، الغني الشاكر، أم الفقير الصابر ؟ فقال بعضهم : الغني الشاكر أفضل ، لأنه يحصل منه من الخير ونفع الأمة النفع العام ، الكثير ما لا يحصل بفقر الفقير ، وقال بعضهم : بل الفقير الصابر ، أفضل ، الفقير الصابر أفضل ، لأنه قد صبر على البلاء وكان من الصابرين ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد هذه المناظرة أيهما أفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر ، ولكن إذا نظرنا من حيث الإطلاق ، فإن الغني الشاكر أفضل ، لأن البلوى بالمال ما هي هينة ، لأن إذا ابتلي الإنسان بالمال وشكر فإن معاناته قد تكون أشدّ من معاناة الفقير للصبر ، لأن كثير من الأغنياء إذا أغناهم الله ، أخذهم الغنى بالأشر والبطر ، (( وقليل من عبادي الشكور )) ،كما قال الله عزوجل .
الشيخ : ما يتكلم عليه ماذا يقول القارئ : قال في رواية أنهم فقراء المسلمين الشيخ : إيش ؟ القارئ : يقول أنه يوجد رواية قوله : " ثم مر رجل " زاد إبراهيم من فقراء المسلمين ، وفي رواية ابن حبان "مسكين من أهل الصفة " الشيخ : طيب القارئ : قوله : ( هذا خير من ملء الأرض ) من ملء : بكسر الميم وسكون اللام المهموز ، قوله : ( ملء ) : بكسر اللام ويجوز فتحها ، قال الطيبي : وقع التفضيل بينهما باعتبار مميزه ، وهو قوله بعد هذا لأن البيان ، والمبين شيء واحد ، زاد أحمد ، وابن حبان : ( عند الله يوم القيامة ) وفي رواية ابن حبان أخرى : (خير من طلاع الأرض من الآخر ) وطلاع بكسر المهملة وتخفيف اللام ، وآخره مهملة " أي ما طلعت عليه الشمس من الأرض " كذا قال عياض وقال غيره : " المراد ما فوق الأرض " وزاد في آخر هذه الرواية : فقلت يا رسول الله ! أفلا يعطى هذا كما يعطى الآخر ؟ قال : إذا أعطي خيراً فهو أهله ، وإذا صرف عنه فقد أعطي حسنة ، وفي رواية أبي سالم الجيشاني عن أبي ذر الشيخ : قوله : ( إذا أعطي خيرا فهو أهله ) هذا يدل على أنه فضل الغني بصفات أخرى ، نعم القارئ : أكمل؟ الشيخ : نعم كمّل القارئ : وفي رواية أبي سالم الجيشاني ، عن أبي ذر فيما أخرجه محمد بن هارون الروياني ، في مسنده وابن عبد الحكم في فتوح مصر ، ومحمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين نزلوا مصر ما يؤخذ منه تسمية المار الثاني ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كيف ترى جعيلا قلت مسكينا كشكله من الناس ، قال فكيف ترى فلانا ،قلت : سيداً من السادات قال : فجعيل خير من ملء الأرض من مثل هذا قال : فقلت : يا رسول الله ففلان هكذا وتصنع به ما تصنع قال إنه رأس قومه فأتألفهم ) وذكر بن إسحاق في المغازي عن محمد بن إبراهيم التيمي مرسلاً أو معضلاً قال : قيل : يا رسول الله أعطيت عيينة والأقرع مائة مائة وتركت جعيلاً قال : ( والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض مثل عيينة والأقرع ولكني أتألفهما ) وأكل جعيلاً إلى إيمانه، ولجعيل المذكور ذكر في حديث أخيه عوف بن سراقة في غزوة بني قريظة وفي حديث العرباض بن سارية في غزوة تبوك وقيل فيه جِعال : بكسر أوله وتخفيف ثانيه ، ولعله صغر ، وقيل : بل هما أخوان ، وفي الحديث بيان فضل جعيل المذكور ، وأن السيادة بمجرد الدنيا لا أثر لها ، وإنما الاعتبار في ذلك بالآخرة كما تقدم أن العيش عيش الآخرة وأن الذي يفوته الحظ من الدنيا يعاض عنه بحسنة الآخرة ، ففيه فضيلة للفقر كما ترجم به لكن لا حجة فيه لتفضيل الفقير على الغني كما قال ابن بطال لأنه إن كان فضل عليه لفقره فكان ينبغي أن يقول خير من ملء الأرض مثلي لا فقير فيهم الشيخ : مثلي بالياء ؟ القارئ : مثله ، لا فقير فيهم ، وإن كان لفضله فلا حجة فيه ، قلت : يمكنهم أن يلتزموا الأول والحيثية مرعية لكن تبين من سياق طرق القصة أن جهة تفضيله إنما هي لفضله بالتقوى ، وليست المسألة مفروضة في فقير متقٍ وغني فقير متقٍ القارئ : وغني غير متق الشيخ : وليست المسألة مفروضة في فقير متقٍ وغني غير متق ، بل لا بد من استوائهما أولاً في التقوى وأيضا فما في الترجمة تصريح بتفضيل الفقر على الغنى إذ لا يلزم من ثبوت فضيلة الفقر أفضليته وكذلك لا يلزم من ثبوت أفضلية فقير على غني أفضلية كل فقير على كلِّ غني .
هل يدعو الإنسان أن لا يكون له مال كي لا يفتن فيه أم الأفضل أن يدعو أن يكون له مال ويكون شاكراً ؟
السائل : يعضهم يدعو أن لا يكون له مال كي لا يفتتن به ؟ الشيخ : كي ايش ؟ السائل : كي لا يفتن فيه ،هل هذا خير من أن يدعو أن يكون له مال ويكون شاكرا ؟ الشيخ : أليس يقول في صلاته وارزقني ؟ السائل : كيف ؟ الشيخ : يقول : وارزقني السائل : يرجع آخر شيء ويقول .. الشيخ : هاه لا ترزقني السائل : لا ، يقول أنه خيراً لي من غير مال ، كي لا يحاسب على المال الشيخ : أبداً ، الإنسان إذا رزقه الله مالاً ينفع المسلمين به ، ويكف وجهه عن الناس هذا خير ، لكن إذا ابتلي ومُنع ، وصبر فهو خير لا شك . السائل : هل يؤخذ من هذا الموقف أنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : أنه إيش ؟ السائل : أنه أوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عن حالهما ؟ الشيخ : لا ، لكن نقول الرسول علم من حالهما لأنهم أصحابه .
ألا تكون مناسبة الحديث للترجمة أن هذا الرجل من فقراء المسلمين وذكر رسول الله صفاته ؟
السائل : أحسن الله إليك ، ألا يكون في تناسب بين الحديث والترجمة من قول الرجل : هذا الرجل من فقراء المسلمين ثم ذكر صفتين من صفات الفقراء وأقره النبي صلى عليه وسلم على قوله عندما قال هو من فقراء المسلمين ؟ الشيخ : نعم صحيح هو من الفقراء لكن هل الرسول صلى الله عليه وسلم فضله من أجل فقره ، يحتمل أنه فضله من جهة أخرى ، وأن هذا الفقر لا يضره ، ليس بواضح ؟ .
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا الأعمش قال سمعت أبا وائل قال عدنا خباباً فقال هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئاً منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرةً فإذا غطينا رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها
القارئ : حدثنا الحميدي قال :حدثنا سفيان قال : حدثنا الأعمش قال : سمعت أبا وائل قال : عدنا خباباً فقال هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله تعالى فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئاً منهم مصعب بن عمير قُتل يوم أحد وترك نمرةً فإذا غطينا رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه ، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه من الإذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها . الشيخ : الله أكبر ، نعم ، الصحابة رضي الله تعالى عنهم هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، يريدون وجه الله ، فمنهم من مضى ولم يأخذ من أجره شيئاً ، يعني لم يأخذ من الغنائم شيئاً ، وعوضاً عن هجرته ، مثل مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه وكان صاحب الراية في غزوة أحد ، وكان شاباً مدللاً بين أبويه في مكة ، فلما أسلم طرده أبواه ، فهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يلبس قميصاً مرقعاً ، مع أنه في مكة يلبس أحسن الثياب التي يلبسها الناس قبل أن يسلم ، ففضل رضي الله تعالى عنه ترك أهله ، ودله وبلده ، هجرة إلى الله ورسوله ، وكان جزاؤه أن الله عز وجل اختار له الشهادة ، فقتل في أحد شهيداً ، وأنزل الله فيهم : (( ولا تحسن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءُ عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون باللذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين )) ومن الصحابة من عُمّر وأدرك المال ووفرة المال ، وصار يهدب هذه الثمرة أي يجنيها ، والله أعلم بالحال ، هل الأفضل من لم يأخذ من أجره الدنيوي شيئاً ؟ ، مثل مصعب بن عمير أو الآخر ، أو الآخر؟ ولكن هذا الحديث أيضاً ، لا يدل على فضل الفقر ، لا يدل على فضل الفقر ، لأن الفقر شيءُ يبتلي به الله العبد ، ولكن الصبر على الفقر هو الذي فيه ، إيش ؟ القارئ : الفضل الشيخ : الفضل ، لأنه من كسب العبد ، وكم من إنسان حرص حرصاً عظيماً على المال ولم يدركه ، وكم من إنسان تسبب بأسباب ضئيلة ، فأدرك المال ، وكم من إنسان لم يتسبب فجاءه المال ، أليس كذلك ؟ القارئ : نعم الشيخ : هذا شيء مشاهد ، من الناس يكون ذكياً شاطراً ، جيداً ، في اكتساب المال ولكنه لا يربح ، بل كلما اشترى شيئاً خسر ، ومن الناس من يكون سببه ضعيفاً ولكنه يحصل على خيرٍ كثير ، كلما اشترى سلعة إرتفعت قيمتها ، فباع ما اشترها بعشرة ، بمئة مثلاً ، هذا يغتني بوقت قصير ، ومن الناس من يأتيه المال بلا سبب ، يموت له قريب غني ، فيرث المال من بعده ، فيصبح غني ، فالفقر ليس من كسب العبد حتى يقال أن الإنسان يثاب عليه لكن يثاب على أي شيء ؟ القارئ : على الصبر الشيخ : على الصبر على الفقر ، وحينئذٍ تأتي المسألة ، هل الأفضل الفقير الصابر ، أم الغني ، القارئ : الشاكر الشيخ : الشاكر .
البخاري رحمه الله تعالى لم يفضله على الغني إنما أثبت له فضلاً فقط هل هذا صحيح ؟
السائل : قال البخاري رحمه الله في الترجمة لم يفضله على الغني إنما أثبت له فضلاً فقط الشيخ : أي نعم ، نعم حتى فضل الفقر، نفس الفقر نفسه ليس فيه فضل ، ما فيه فضل السائل : الصبر الشيخ : الصبر هو الذي فيه فضل .
حدثنا أبو الوليد حدثنا سلم بن زرير حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) تابعه أيوب وعوف وقال صخر وحماد بن نجيح عن أبي رجاء عن ابن عباس
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا أبو الوليد قال : حدثنا سلم بن زرير حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) تابعه أيوب وعوف وقال صخر وحماد بن نجيح عن أبي رجاء عن ابن عباس.
فوائد حديث : ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) .
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد أن الجنة والنار موجودتان الآن ، وهو كذلك كما دل عيه القرآن في قوله تعالى : (( واتقوا النار التي أعدت للكافرين )) ، وقال تعالى : (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) وقوله : رأيت أكثر أهلها الفقراء ، لأن الفقراء أكثر انقياداً من الأغنياء للحق ، وليس هذا لفقرهم ، فإن الغني الشاكر قد يكون أفضل من الفقير الصابر ، لكن من أجل أن الفقراء أكثر انقياداً للحق من الأغنياء ، فكثروهم من هذه الناحية ، ولهذا تجدون في القرآن أن الذين يكذبون الرسل من ؟ هم الملأ ، (( قال الملأ الذين كفروا من قومه )) ، ((وقال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا )) وما أشبه من ذلك ، فإذن هذا وجه كون أكثر أهل الجنة الفقراء ، أما أكثر أهل النار النساء ، فبينه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنهن ( يكثرن اللعن ، ويكفرن العشير ) وهنَّ ( ناقصات عقل ) وهنّ أسباب الفتنة ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء )، فلهذا كن أهل النار .
هل يؤخذ من الحديث أن الفقر أفضل من الغنى بالجملة ؟
السائل : هل يؤخذ من الحديث أن الفقر أفضل من الغنى بالجملة ؟ الشيخ : أي نعم ، هو ، هذا ، العلماء مختلفين؟، هل الفقير الصابر أفضل أو الغني الشاكر السائل : لا بس في الجملة . الشيخ : ولا في الجملة ، ولا في الجملة ، ألذي يغنيه الله عن الناس أحسن . السائل : ... الشيخ : وش تقول السائل : لكونهم ينقادون للحق الشيخ : نعم ،هذا هو الغالب ، لأن الغني يرى نفسه مستغنيا عن اتباع الرسل فلا يهتدي .
يقول ( اطلعت على أهل الجنة ) كيف اطلع عليهم ولم يدخل الجنة بعد ؟
السائل : أحسن الله إليك ، يقول : ( اطلعت على أهل الجنة ) كيف اطلع عليهم ولم يدخلوا الجنة بعد ؟ الشيخ : ما يلزم الدخول ، والرسول قد دخل في ليلة المعراج دخل الجنة ، لكن يمكن أن أقول اطلعت على كذا وأنا ما دخلت السائل : لكن هم في الجنة الآن الشيخ : من السائل : كانوا في الجنة هم؟ الشيخ : أها يعني قصدك وهم ما دخلوها السائل : نعم الشيخ : ليس الرسول يعني ، يمكن كشف له عن المستقبل .
السائل : هل يسكن الجنة أحد الآن ؟ الشيخ : لا يسكنها أحد إلا كما قلت للأخ ، هذا كشف له عن حالها في المستقبل السائل : هل يسكنها أحد ؟ الشيخ : يسكنها ا الولدان والحور السائل : من البشر ؟ الشيخ : لا أذكر أحداً .
حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات
القارئ : حدثنا أبو معمر قال : حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : ( لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات ) .
حدثنا عبد الله بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني
القارئ : حدثنا عبد الله بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : " لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني ". القارئ : ... الشيخ : ما عندك ؟ القارئ : لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي الشيخ : قبله ، الحديث الذي قبله ، ليس الفتح القسطلاني القارئ : ... هو ما يؤكل عليه الطعام وهو ... لئلا يفتقروا إلى التطأطؤ عند الأكل الشيخ : لئلا ؟ القارئ : لئلا يفتقر إلى التطأطؤ عند الأكل الشيخ : الصوان هذا هو ما يعرف عندنا . بالماصة السائل : ... ؟ الشيخ : أي نعم ، هذا لأجل أن يكون مرتفعاً حتى لا يطأطأ رأسه عند الأكل ، المعنى أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يأكل أكل المترفين ، ولا فتحت له الدنيا حتى وصل إلى هذه الحال ، وأما حديث عائشة قالت : " إنه طال عليها فكلته ففني " ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا كال الشيء ، وصار يلاحظ هل نقص هل زاد ، فإن بركته تنزع ، فإن بركته تنزع ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة ، قال : ( لا توعي فيوعي الله عليك ) ، لا توعي فيوعي الله عليك ، يعني معناه : لا تقدري الأشياء ، فإن الله يوعي عليك ، أي أنه يعاملك بحسب ما تقدرين ، فإذا جعل الإنسان الشيء موكولاً إلى الله عز وجل ، وصار يأكل منه حتى يفنى صار هذا أبرك .
السائل : ماهو الخبز المرقق؟ الشيخ : الخبز المرقق هو الذي يجعل فيه الإيدام من اللحم ، وغيره من الأشياء التي ترققه ، حتى يكون ليناً ، أو أنه خبز مرقق يعني كيفية خبزه يكون على صفة لينة ، لأنكم تعرفون الخبز قد يكون جافاً وقد يكون ليناً ، فإن ما يكون مرققاً بما يجعل معه من الأدم ، أو مرققاً هو في كيفيته ، فإن بعض الخبز يكون لينا كأنه القطن، السائل : ... الشيخ : والله اليمنيين أو الشاميين، والله ما أدري عنهم .
السائل : الأمر الذي حصل لعائشة هل هو أمر خاص بها أو عام ؟ الشيخ : لا هو عام وهذا شيء مجرب السائل : ... ؟ الشيخ : نعم، هذا إن صح الحديث ، والحديث ضعيف ، لكن إن صح فالمراد به عندما تستلمه من البائع الذي باعه عليك كيلاً .
السائل : الخوان الرسول صلى الله عليه وسلم تجنبه ... طيب أحيانا ، عندنا في عوايدنا وهذا القصد ليس وارد عندنا الشيخ : صحيح ، يوجد مثلاً في بعض الأحيان التي يسمونها الصياني ، صاني لها وكر قاعدة ، تجلس عليها ترتفع ، فهذه تشبه الخوان ، لاشك أنها تشبهه السائل : يعني هذه مكروهة الشيخ : لا ، هي أصلاً ما هي مكروهة ، حتى لو وضعتها هذه ليس مكروه ، أنس كان يفعل هذا ، يأكل على الخوان ، لكنه كان يخبر عن حال الرسول صلى الله عليه وسلم أنها حال تقشف .
حدثني أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر فلم يفعل ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي ثم قال ( يا أبا هر ) قلت لبيك يا رسول الله قال ( الحق ) ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبناً في قدح فقال ( من أين هذا اللبن ) قالوا أهداه لك فلان أو فلانة قال ( أبا هر ) قلت لبيك يا رسول الله قال ( الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي ) قال وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربةً أتقوى بها فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال ( يا أبا هر ) قلت لبيك يا رسول الله قال ( خذ فأعطهم ) قال فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال ( أبا هر ) قلت لبيك يا رسول الله قال ( بقيت أنا وأنت ) قلت صدقت يا رسول الله قال ( اقعد فاشرب ) فقعدت فشربت فقال ( اشرب ) فشربت فما زال يقول اشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً قال فأرني فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة
القارئ : باب : كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتخليهم عن الدنيا . حدثني أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر قال : حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول : آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمرّ فلم يفعل ثم مرّ بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي ثم قال : ( يا أبا هر ) قلت : لبيك رسول الله قال : ( الحق ) ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبناً في قدح فقال : ( من أين هذا اللبن ) قالوا أهداه لك فلان أو فلانة قال : ( أبا هر ) قلت : لبيك يا رسول الله قال : ( الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي ) قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربةً أتقوى بها فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال : ( يا أبا هر ) قلت : لبيك يا رسول الله قال : ( خذ فأعطهم ) فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال ( أبا هر ) قلت لبيك يا رسول الله قال : ( بقيت أنا وأنت ) قلت صدقت يا رسول الله قال: ( اقعد فاشرب ) فقعدت فشربت فقال : ( اشرب ) فشربت فما زال يقول : اشرب حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً قال : فأرني فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة ) .
الشيخ : اللهم صل على سيدنا محمد ، هذا حديث غريب ، الله أكبر القارئ : في حديث قبله الشيخ : نعم القارئ : ... الشيخ : ما عندي ، آخره ، فكلته ففني القارئ : لا في قبله الباب الأول ما قرأناه الشيخ : باب كيف كان عيش النبي القارئ : باب فضل الفقر ما قرأناه الشيخ : لا ، لا ، قرأناه القارئ : ما تكلمنا عليه الشيخ : لا، لا ، تكلمنا عنه ، آخره مصعب بن عمير تكلمنا عليه ، يقول رحمه الله ، حديث أبي هريرة فيه فوائد عظيمة : أولاً : قوله : (( آلله )) ، آلله ، هذه قسم ، فالهمزة الممدودة بدل عن الواو ، كما أن حرف القسم يبدل أحياناً بهاء ، فيقال : ها الله ، فحروف القسم الأصلية ثلاثة : الواو والباء والتاء ، لكن قد يبدل عنها حروف فرعية ، وهي هاء والهمزة الممدودة ، فيقول: آلله ، وهذا غير همزة الإستفهام ، فقوله هنا : ( آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد ) ، هذا قسم ، والمقسم عليه قوله : ( إن كنت لأعتمد ) ، وإن هنا مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف ، ضمير الشأن ، وجملة كنت ، خبرها ، واللام في قوله لأعتمد لام التوكيد ، وهي في هذا الموضع لازمة ، لأنها فارقة بين إن النافية ، و إن المؤكدة ، إذ لو حذفت لالتبست إن النافية بإن المؤكدة ، المؤكدة ، لو قال إن كنت أعتمد ، لأشبه أن تكون ما كنت أعتمد ، عموماً أن اللام هذه للتوكيد وهي لام واجبة لأنها فارقة بين إن المؤكدة وإن النافية ، وهي لازمة ، إلا إذا ظهر المعنى بدونها ، فتكون غير لازمة ، نعم ، يقول : ( إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ) ، يعني ينبطح من الجوع فيخف عليه ، وأشد الحجر على بطني من الجوع ، لأنه إذا شد الحجر على بطنه ، اعتمد واستقام أكثر ولقد قعدت يوماً على طريقهم ، على طريق الصحابة رضي الله عنهم أو على طريق الناس الذي يخرجون منه ، فمرّ أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، وفي لفظ ليستتبعني ، يعني لأجل أن يقول تفضل ، تفضل معي ، أبو هريرة يعلم الآية لكن يسأل أبو بكر لعله يقول تفضل ، لكنّ أبا بكر لم يفكر في هذا الأمر ، ما ظن أنه يريد هذا ، ثم مرّ عمر رضي الله عنه ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، أو ليستتبعني، فمرّ فلم يفعل ، فإن قال قائل في هذا إشكال وهو أن أبا هريرة سألهم عن آية من كتاب الله ، وهذا يوهم أنه يريد حفظ كتاب الله ، وهو لا يريد إلا الأكل ، فهل هذا يكون من باب إرادة الدنيا بعمل الآخرة ، الجواب : لا ، لأن الرجل ما قرأ ، لو قرأ من أجل أن يقال تفضل ، كما يفعل بعض القراء في المسجد الحرام ، تجد خمسة ، ستة . عشرة ، ولكن قلوا الآن الحمد لله ، تجد خمسة ستة عشرة يقرؤون القرآن بأصوات عالية من أجل أن يجتمع الناس إليهم ، فيعطوهم مالاً، هؤلاء ليس لهم في الآخرة من خلاق ، لكنّ أبا هريرة رضي الله عنه ، ما قرأ شيء ، قال أخبرني عن آية كذا ، أخبرني عن آية كذا ، نعم ، فيخبره ويمشي ، يظن أنه قد نسيها فيحتاج إلى تذكرها ، فيقول ثم مرّ بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ، وأبو القاسم فيه إشكال أيضاً ، وهي أن الله نهى أن يدعى الرسول صلى الله عليه وسلم كما يدعى الناس ، بل يقال يا رسول الله ، يا نبي الله ، وهنا قال مرّ بي أبا القاسم ،والجواب : أن الخبر غير الطلب ، فالمنهي عنه أن تقول يا أبا القاسم يا محمد وأما الخبر ، فلا بأس به. بسم الله الرحمن الرحيم ، في هذا الحديث دليل على ما أشار إليه البخاري رحمه الله في بيان كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتخليه من الدنيا وفيه من الفوائد حال أبي هريرة رضي الله عنه ، وما كان عليه من قلة ذات اليد ، وأنه بلغ به الفقر إلى ما سمعتم وفيه دليل على جواز التعريض ، وذلك في ، إيش ؟ القارئ : في جلوسه في الطريق الشيخ : في جلوسه في الطريق ، وطلبه أن يفتح عليه في الآيات ، مع أنه لا يجهل الآية لكن من أجل أن يستتبعه ، حتى يشبعه ، وفيه فراسة النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا هريرة ، فعرف ما فيه ، ما في نفسه ووجهه . وفيه دليل على مشروعية الإستئذان ، حتى وإن كان الإنسان مع الشخص ، يعني لو أنك أتيت أنت وصاحبك ، إلى بيته ودخل البيت ولم يقل لك أدخل ، فإنك لا تدخل عليه إلا بعد اسئذان ، ولهذا قال : فدخل فاستأذنت ، أنا عندي فاستأذن ولكن هذي الظاهر إنها غلط ، الظاهر إنها غلط ،لأن في نسخة ثانية : فاستأذن ُ، وفي نسخة ثالثة : فاستأذنتُ، وهاتان النسختان أقرب إلى الصواب ، لأن كون الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذن مع أن البيت بيته ، فيه بعد ، وإن كان ينبغي الإنسان يستأذن ربما يكون أهله على حال لا يحبون أن يطلع عليها ، المهم أن النسخة الأقرب فأستأذن ُأو فاستئذنتُ، وفي الحديث ، دليل على بركة الطعام ، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حيث بارك الله في هذا اللبن ، وفيه الإشارة إلى أهل الصفة ، وأنهم قوم هاجروا إلى المدينة ، ولم يكن لهم أحد يأوون إليه ، فجعل لهم النبي عليه الصلاة والسلام صفة في المسجد أو قريباً منه ، يأوون إليها ، ويهدى إليهم الطعام واللبن ، وغير ذلك ، وقد زعم بعض الناس أن الصوفية نسبة إليهم ، فقالوا الصوفية نسبة إلى أهل الصفة ، والجمع بينهم الزهد ، ولكن هذا ليس بصحيح ، والصحيح أن الصوفية نسبة إلى الصوف ، لأنهم كانوا يلبسون الصوف تزهدا ، ولو كان ، ولو كان ذلك نسبة إلى الصفة ، لقال الصفِّية ، لا يقول الصوفية . وفي هذا الحديث دليل على إطلاق القول على ما في النفس ، حيث قال أبو هريرة : فقلت وما هذا اللبن؟ ، فإن الظاهر أنه قال ذلك في نفسه ، ولكن المعروف في اللغة ، أنه إذا أريد بالقول حديث النفس قيِّد ، كما في قوله تعالى : ((ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله )) مع أن فيه احتمالاً أن أبا هريرة قاله نطقاً ، وإن لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما كان عليه الصحابة من طاعة الله ورسوله ، حيث أن أبا هريرة سمع وأطاع بدعوة أهل الصفة مع أن اللبن كان قليلا ، وكان في نظره لا يكفي ، وفيه أيضا دليل على جواز ملء الإنسان بطنه ، لقول أبي هريرة .