حدثني إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ).
القارئ : حدثني إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ). الشيخ : نعم. القارئ : ما مناسبته لكتاب الأيمان ؟ الشيخ : كمل .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه )
القارئ : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله، لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله، آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه ). الشيخ : نعم، هذا الشاهد ، هذان حديثان في حديث واحد، الشاهد من هذا أن الإنسان إذا لج بيمينه في أهله يعني حلف حِلف لجاج وغضب فإن خيراً منه أن يكفر عن يمينه وأن يحنث لأن قوله : ( آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه ). وهذا يقع كثيراً، يكون للإنسان مخاصمة مع أهله فيحلف، إلا أن القواعد تقتضي أنه إذا غضب غضباً لا يملك نفسه أو غضب غضباً بحيث لا يدري ما يقول، فإنه ليس عليه كفارة، لأن يمينه في هذه الحال لم تنعقد.
حدثني إسحاق يعني ابن إبراهيم حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية عن يحيى عن عكرمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثمًا ليبر يعني الكفارة )
القارئ : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وايم الله ). حدثني إسحاق يعني ابن إبراهيم، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا معاوية، عن يحيى، عن عكرمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استلج في أهله بيمين، فهو أعظم إثماً، ليبر ) يعني: الكفارة.
حدثنا قتيبة بن سعيد عن إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمرته فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن كنتم تطعنون في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل وايم الله إن كان لخليقًا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده )
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمرته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن كنتم تطعنون في إمرته، فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده ).
الشيخ : في هذا دليل على فضيلة زيد بن الحارثة رضي الله عنه وابنه أسامة، وأن كل واحد منهما أهل للإمارة أي لأن يكون أميراً، وقد سبق لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن الحارثة في غزوة مؤتة ثم حصل أن قتل رضي الله عنه فبعث النبي عليه الصلاة والسلام بعثاً أمر عليه أسامة ابنه ابن زيد، فتكلم الناس فيه لأن أسامة كان صغيراً، ثم إنه كان مولى ابناً لمولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من مواليه، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام بين أنه خليق بالأمارة خليق لها وأهل لها، وفيه فضيلة لزيد وابنه حيث إنهما من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا يطلق عليه لقب حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب : كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم. وقال : سعد : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ) . وقال أبوقتادة: قال : أبو بكر عندالنبي صلى الله عليه وسلم : لاها الله إذا. يقال : والله وبالله وتالله .
القارئ : باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم. وقال : سعد : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ). الشيخ : وفي هذا دليل على ما بوب له البخاري رحمه الله بقوله : " وايم الله " فقوله : ( وايم الله ) مثل والله فهي يمين، فإذا قال الإنسان : وايم الله لأفعلن كذا فهو كقوله : والله لأفعلن كذا. القارئ : باب : كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم. وقال : سعد : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ) . وقال أبو قتادة: قال : أبو بكر عندالنبي صلى الله عليه وسلم : لاها الله إذاً. يقال : والله وبالله وتالله . الشيخ : هذه حروف القسم الواو والباء والتاء، ويذكر بدلا عنها هاء، كقول أبي بكر : لاها الله، الباء هي أعم حروف القسم ولهذا تدخل على الظاهر والمضمر ومع وجود الفعل وحذفه قال الله تعالى : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم )) فهنا دخلت على الاسم الظاهر مقروناً بها فعل القسم، وتدخل على الاسم المضمر فتقول: رب الله به أحلف، فتدخل على الضمير، وتذكر مجردة عن الفعل وهو كثير مثل: والله لأفعلن. أما التاء فإنها خاصة للفظ الجلالة ورب، على أنها قليلة في رب، يقولون : ترب الكعبة، كما يقولون : ورب الكعبة، ولا يذكر معها فعل القسم، لا يصح أن تقول : أقسم تالله. وأما الواو فإنها تدخل على كل ما يقسم به لكنها لا تدخل إلا على الظاهر ولا يذكر معها فعل القسم، فصار أعمهن الباء ثم الواو ثم التاء.
حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال ( كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم لا ومقلب القلوب )
القارئ : حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، قال: كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ومقلب القلوب ). الشيخ : قوله رضي الله عنه : ( كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم ) هذه ليست على إطلاقها الظاهر من لفظها، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يحلف بذلك وبغيره، وقد سبق لنا في الباب الذي قبله أنه قال إيش؟ وايم الله، وكثيراً ما يحلف فيقول : ( والذي نفس محمد بيده )، ( والذي نفسي بيده ) وأمره الله أن يقول : (( قل بلى وربي لتبعثن ))، (( قل بلى وربي لتأتينكم ))، (( قل إي وربي إنه الحق ))، ولكن إما أن يكون هذا باعتبار سماع عبد الله بن عمر، يعني أكثر ما سمع النبي صلى الله وعليه وسلم يقسم يقول: ( لا ومقلب القلوب ) أو أن النبي عليه الصلاة والسلام يذكر هذه الصيغة في الحال المناسبة لها، كما لو كان يريد أن يحلف على أمر يجوز أن يتغير فتتغير يمينه، المهم أن هذا ليس على إطلاقه. وقوله : ( مقلب القلوب ) يعني مصرفها يقلبها من وجهة نظر إلى وجهة نظر أخرى كما قال الله تعالى : (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ))، وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه ) أو قال : ( يصرفه كيف يشاء ).
السائل : في حديث عنالنبي صلى الله عليه وسلم : ( ما حلفت من حلف فمشيئتك بين يدي ذلك ) فيقول أحد أهل العلم أنه إذا قال هذا إذا حلف أثناء اليوم ولم يستثن فإنه كما استثنى هل هذا صحيح؟ الشيخ : ليس بصحيح، لا بد أن يكون الاستثناء مقارناً للمستثنى منه، والشرط مقارناً للمشروط، وإلا كان كل واحد يقول : اللهم إني لا أحلف على يمين إلا وأنا أشترط فيها، ما يكفي هذا، لأن النية ما تكفي.
الحنث في اليمين إذا وجد خيرا منها هل هو من باب الوجوب أم من باب الإستحباب ؟
السائل : حديث : ( والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله ) من باب الوجوب أم من باب الاستحباب ؟ الشيخ : لا من باب الاستحباب. مع أن ظاهر الحديث : ( آثم له ) ظاهر الحديث يقتضي التحريم وأنه يجب أن يكفر عن يمينه ويدع هذا، ولكن يحمل على ما إذا لج عليهم في أمر محرم، أو كان يخشى منه التفرق والتمزق بين العائلة وما أشبه ذلك.
حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله )
القارئ : حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، عن عبد الملك، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده..) الشيخ : أنا عندي : ( كَسرى ) غريب، يقول: ضبط في بعض النسخ بفتح الكاف وفي بعضها بكسرها، وكلاهما صحيح كما في كتب اللغة. كَسرى وكِسرى. القارئ : ( والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ). الشيخ : هذا أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ) ظاهره العموم وأنه لا تقوم للفرس دولة عليها ملك من ملوك الفرس، ولا للروم دولة عليها ملك من ملوك الروم، ولكن إذا نظرنا إلى الواقع وجدنا أن الأمر بخلافه، فيحمل على ما إذا كان ذلك حال عز المسلمين فإنه لا يمكن أن يقوم للدولة الرومانية ولا للدولة الفارسية ملك من الملوك لأنهم مقهورون بعزة الإسلام، أما إذا انخذل المسلمون وذلوا فإنه يمكن أن تقام الملكية في فارس وفي الروم، عندك كلام عليه؟ القارئ : وقد تقدم شرحهما في أواخر علامات النبوة، والغرض منهما قوله : ( والذي نفسي بيده ). الشيخ : القسطلاني ما قال شيء ؟ االقارئ : يقول: سبق في الجهاد. الشيخ : في الجهاد ؟ إيه ، وهذا في باب علامات النبوة يقول. القارئ : يقول : وفيه علم من أعلام النبوة إذ وقع كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم والحديث سبق الشيخ : في الجهاد ؟ إي خذ الفتح " علامات النوة " قوله عليه الصلاة والسلام : ( والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما ) قد يقول قائل : هل في هذا مخالفة لقوله تعالى : (( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله )) ؟ وجوابه أن يقال : ليس في هذا مخالفة، لأن الذي نهى الله عنه أن يقول الإنسان عن فعله الشيء، أما عن الخبر فإن هذا لا يعارض الآية، والنبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث إنما أخبر خبراً. وبناءً على ذلك نقول: إذا قال الرجل والله لأفعلن هذا غداً يريد أن يخبر عما في ضميره فإنه لا يأثم بذلك، أما إذا قال والله لأفعلنه يريد أن يطبق هذا بالفعل فهذا حلف يأثم عليه إلا أن يقول إن شاء الله. وقد وقع الأمر كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فإنها غنمت أموال كسرى وقيصر وأنفقت في سبيل الله.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله )
القارئ : حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ).
حدثني محمد أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا )
القارئ : حدثني محمد، أخبرنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ). الشيخ : الشاهد قوله : ( والله ). إذن الذي مر علينا الآن : (وايم الله)(لا ومقلب القلوب)(والذي نفس محمد بيده)(والذي نفسي بيده)(والله)
حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال أخبرني حيوة قال حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال 0 كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر )
القارئ : حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني حيوة، قال: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، أنه سمع جده عبد الله بن هشام، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك )، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الآن يا عمر ). الشيخ : الشاهد قوله : ( لا، والذي نفسي بيده ).
القارئ : قال البخاري رحمه الله في كتاب المناقب : حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: وأخبرني ابن المسيب، عن أبي هريرة، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ). " قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : قال الشارح : الحديث الأربعون حديث أبي هريرة : ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ) قوله :كسرى، بكسر الكاف ويجوز الفتح، وهو لقب لكل من ولي مملكة الفرس. وقيصر لقب لكل من ولي مملكة الروم، قال ابن الأعرابي : الكسر أفصح في كسرى، وكان أبو حاتم يختاره، وأنكر الزجاج الكسر على ثعلب واحتج بأن النسبة إليه كسروي بالفتح، ورد عليه ابن فارس بأن النسبة قد يفتح فيها ما هو في الأصل مكسور أو مضموم كما قالوا في بني تغلب بكسر اللام تغلبي بفتحها، وفي سلمة كذلك فليس فيه حجة على تخطئة الكسر، والله أعلم. وقد استشكل هذا مع بقاء مملكة الفرس، لأن آخرهم قتل في زمان عثمان، واستشكل أيضاً مع بقاء مملكة الروم. وأجيب عن ذلك بأن المراد لا يبقى كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام، وهذا منقول عن الشافعي قال : وسبب الحديث أن قريشاً كانوا يأتون الشام والعراق تجاراً، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما لدخولهم في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم تطييباً لقلوبهم وتبشيراً لهم بأن ملكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين، وقيل الحكمة في أن قيصر بقي ملكه وإنما ارتفع من الشام وما والاها، وكسرى ذهب ملكه أصلاً ورأساً أن قيصر لما جاءه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم قبله وكاد أن يسلم كما مضى بسط ذلك في أول الكتاب، وكسرى لما أتاه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، مزقه فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق ملكه كل ممزق فكان كذلك. قال الخطابي : معناه فلا قيصر بعده يملك مثل ما يملك، وذلك أنه كان بالشام وبها بيت المقدس الذي لا يتم للنصارى نسك إلا به، ولا يملك على الروم أحد إلا كان قد دخله إما سراً وإما جهراً فانجلى عنها قيصر واستفتحت خزائنه، ولم يخلفه أحد من القياصرة في تلك البلاد بعده. ووقع في الرواية التي في " باب الحرب خدعة" من "كتاب الجهاد" : ( هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده وليهلكن قيصر ) قيل : والحكمة فيه أنه قال ذلك لما هلك كسرى بن هرمز كما سيأتي في حديث أبي بكرة في كتاب الأحكام قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم امرأة الحديث، وكان ذلك لما مات شيرويه بن كسرى فأمروا عليهم بنته بوران، وأما قيصر فعاش إلى زمن عمر سنة عشرين على الصحيح، وقيل مات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والذي حارب المسلمين بالشام ولده وكان يلقب أيضاً قيصر، وعلى كل تقدير فالمراد من الحديث وقع لا محالة لأنهما لم تبق مملكتها على الوجه الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما قررته. قال القرطبي في الكلام على الرواية التي لفظها : ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ) وعلى الرواية التي لفظها : ( هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده ): بين اللفظين بون ويمكن الجمع بأن يكون أبو هريرة سمع أحد اللفظين قبل أن يموت كسرى والآخر بعد ذلك. قال: ويحتمل أن يقع التغاير بالموت والهلاك، فقوله : ( إذا هلك كسرى ) أي هلك ملكه وارتفع، وأما قوله : ( مات كسرى ثم لا يكون كسرى بعده ) فالمراد به كسرى حقيقة اهـ. ويحتمل أن يكون المراد بقوله : ( هلك كسرى ) تحقق وقوع ذلك حتى عبر عنه بلفظ الماضي وإن كان لم يقع بعد للمبالغة في ذلك كما قال تعالى : (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )) وهذا الجمع أولى لأن مخرج الروايتين متحد فحمله على التعدد على خلاف الأصل، فلا يصار إليه مع إمكان هذا الجمع والله أعلم. الشيخ : إذن صار عندنا ثلاثة احتمالات : الاحتمال الأول : فلا كسرى بعده في هذا المكان، ولكن قد يكون له ملك في مكان آخر. الثاني : فلا كسرى بعده يعني في قوة ملكه وسلطانه، بل يكون ملك ضعيفاً مهزوزاً. الثالث : ما أشرنا له من قبل أنه لا كسرى بعده ولا قيصر بعده حينما تكون الأمة الإسلامية قاهرة عزيزة فإنه لا يبقى لأحد ملك حولها.
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما أخبراه ( أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما اقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وهو أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وإذن لي أن أتكلم قال تكلم قال إن ابني كان عسيفًا على هذا قال مالك والعسيف الأجير زنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وجارية لي ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائةً وغربه عامًا وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها )
القارئ : حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد، أنهما أخبراه: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر، وهو أفقههما: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم، قال : ( تكلم ) قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا - قال مالك: والعسيف الأجير - زنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائتي شاة وجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم، فأخبروني أن ما على ابني.. الشيخ : فافتيت منه ؟ القارئ : فافتديت منه بمئتي شاة الشيخ : مئتي ؟ القارئ : نعم الشيخ : لا عندنا بمئة شاة، مئة مفرد القارئ : نعدلها ؟ الشيخ : نعم القارئ : أنظر الشرح يا شيخ الشيخ : طيب ما في مانع لكن المحفوظ عندنا مئة القارئ : ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك ) وجلد ابنه مائة وغربه عاماً، وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها. الشيخ : هذا الحديث فيه رجل كان له ابن استأجره شخص آخر، وكان للمستأجر امرأة فزنى بها هذا الأجير فقيل إن عليه الرجم على الابن فافتداه أبوه بمائة شاة وجارية مملوكة، ثم إنه سأل أهل العلم فقالوا إن ابنك ليس عليه رجم وإنما عليه جلد وتغريب، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الغنم والجارية رد عليك ) يعني مردود عليك، لأنه أخذ بغير حق، وبين صلى الله عليه وسلم أن على ابنه جلد مائة وتغريب عام، تغريب عام يعني يطرد عن البلد لمدة سنة كاملة حتى ينسى المكان الذي زنى فيه والمرأة التي زنى بها. وأما المرأة وهي زوجة الرجل فكانت محصنة والمحصن إذا زنى يجب أن يرجم، فوكل النبي عليه الصلاة والسلام أنيس الأسلمي أن يذهب إلى المرأة فإن اعترفت فليرجمها، فذهب إليها واعترفت فرجمها.
الشيخ : وهذا الحديث يستفاد منه فوائد. أولاً : أن الناس يتفاضلون في الأسلوب ومخاطبة الأكابر، فالأول كان عنده شيء من العنف، حيث قال : اقض بيننا بكتاب، ولكنه قال قبل ذلك : أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب. أنشدك، وكلمة أنشدك توحي بان الرسول صلى الله عليه وسلم لن يقضي بينهما إلا بهذا الإنشاد ، وهذا جفاء. أما الثاني فإنه أفقه منه قال بأسلوب سهل : اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم، فأذن له، فأخبره بالخبر. وفيه : أن ما أخذ بعقد فاسد فإنه يجب رده، ودليل ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( الغنم والوليدة رد عليك ) وقال النبي عليه الصلاة والسلام في قصة التمر الطيب الذي جيء إليه به وقالوا : إننا نشتري الصاع من هذا بالصاعين من التمر الرديء، فقال : ( هذا عين الربا، ردوه )، أو قال : ( رده ) فأيد أيضا هذا الحديث ما يدل عليه هذا الحديث الذي معنا، أي أن ما قبض بعقد فاسد وجب رده. وفيه : الحذر من الفتيا بغير علم، فانظر ماذا ترتب على هذه الفتيا، ترتب عليها تعطيل الحد، وترتب عليها تضمين هذا الرجل ما لم يضمنه، لأن هذا الرجل لما أعطاه المائة شاة والوليدة لم يحده، يعني على أنه لا يقام عليه شيء، ففي هذا تعطيل للحد، وفيه إلزام للغير بما لا يلزمه شرعاً، والفتيا بغير علم لا شك أنها تهدم أكثر مما تعمر مع الإثم الذي جعله الله تعالى مقروناً بإثم الشرك فقال تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )). وفيه : القسم بقوله : ( والذي نفسي بيده ). وفيه : أن الرجم ثابت بكتاب الله لقوله : ( لأقضين بينكما بكتاب الله ) وأمر بالمرأة أن ترجم.وفيه جواز التوكيل في إثبات الحدود، وجواز التوكيل في إقامة الحدود، أما جواز التوكيل في إثباتها فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فإن اعترفت ) وهذا إثبات، وأما جواز التوكيل في تنفيذها فقوله : ( فارجمها ). وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يشترط في الإقرار بالزنا أن يتكرر، وأنه إذا أقر به مرة واحدة ثبت عليه الحق وأقيم عليه الحد، وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة أن من أقر بما يوجب الحد من زناً أو سرقة أو غيرهما فإنه يكفي في إقراره أن يكون مرة واحدة، وأما الشهادة فلا بد في الشهادة بالزنا من أربعة رجال، وذلك لأن الشهادة على أمر عظيم، الشهادة هنا على أمر عظيم فيه دنس على المشهود له، وقد يكون الشهداء لهم هدف في إلصاق العار بهذا المشهود عليه، وقد يكونون متوهمين، أما إذا أقر به على نفسه فإنه لا يمكن أن يتهم في حق نفسه، ولهذا قلنا إنه يكفي فيه الإقرار مرة واحدة، فإن قال قائل : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد ردد ماعز بن مالك حتى شهد على نفسه أربع مرات ؟ فالجواب : بلى، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ردد ماعز بن مالك لأنه اشتبه في أمره، ولهذا قال له : ( أبك جنون؟ )، وأرسل إلى قومه يسألهم، وأمر شخصاً يقوم يستنكهه لعله شرب خمراً، كل هذا دليل على أن النبي عليه الصلاة والسلام أراد بتكرار الإقرار أن يتثبت في أمره، فلما ثبت الرجل وصمم على الإقرار أمر برجمه. وفي هذا الحديث أيضاً دليل على أنه لا يجمع بين الرجم والجلد لقوله : ( فإن اعترفت فارجمها ) ولم يذكر الجلد، وذكر الجلد محتاج إليه في هذا المقام، وما دعت الحاجة إليه فلم يذكر فهو دليل على أنه لا أثر له، لأنه " لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " وهذه قاعدة معروفة في أصول الفقه أنه " لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ".
حدثني عبد الله بن محمد حدثنا وهب حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أرأيتم إن كان أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرًا من تميم وعامر بن صعصعة وغطفان وأسد خابوا وخسروا قالوا نعم فقال والذي نفسي بيده إنهم خير منهم )
القارئ : وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا وهب، حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي يعقوب، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أرأيتم إن كان أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة خيراً من تميم، وعامر بن صعصعة، وغطفان، وأسد خابوا وخسروا؟ ) قالوا: نعم، فقال : ( والذي نفسي بيده إنهم خير منهم ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. الشاهد من هذا الحديث قوله : ( والذي نفسي بيده إنهم خير منهم ) فأقسم بهذا القسم. أحيانا يقسم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : والله، مثل قوله : ( والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ).
كيف نجمع بين كثرة حلف النبي صلى الله عليه وسلم وبين نهيه عن ذلك ؟
السائل : نرى الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من الحلف فهل يجوز للإنسان كلما مر عليه شيئ يحلف ؟ الشيخ : كم تكلم من مرة ؟ كلامه منذ بعث إلى أن مات ؟ مائة أو مائتين أو ثلاثمائة أو أربعمائة ؟ السائل : ملايين الشيخ : ملايين، وكم اليمين التي مرت علينا الآن ما تجي عشرة ؟ السائل : هذا يدل على الكثرة الشيخ : أبداً لا يدل على الكثرة ، يدل على أنه يقسم في مواضع تحتاج إلى القسم فيها إما لإقناع المخاطب وإما لأهمية الموضوع وإما لغير ذلك من الأسباب. أما أكثر كلامه، ولا نسبة لأيمانه بالنسبة إلى عدم الأيمان.
في حديث العسيف لماذا لم يكتفي النبي صلى الله عليه وسلم بإقرار الغلام لرجم المرأة ؟
السائل : في حديث العسيف الذي زنا بالمرأة الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بجلده وتغريبه وعلق الرجم على المرأة باعترافها مع أن أبوا الابن اعترف أنه زنا بها ومع ذلك لم يرجمها باعتراف الغلام فما السبب ؟ الشيخ : معلوم لأن دعوى الغلام أنه زنى بها دعوى ما تقبل ، أما إقرار الرجل على أن ابنه زنى ربما يكون الابن حاضراً فهذا إقرار. وفرق بين الدعوى وبين الإقرار، فكلام هذا الرجل بالنسبة للمرأة دعوى، وكلامه بالنسبة لابنه إقرار.
السائل : هل يشترط للرجم حضور الطائفة ؟ الشيخ : إي نعم. لا بد من حضور الطائفة ولهذا كان ماعز رضي الله عنه حضره طائفة، ثم الرجم كيف يتحقق من واحد ؟ السائل : الطائفة من مجموعة الشيخ : لا بد ، لا الطائفة أقلها ثلاثة.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة عن أبي حميد الساعدي أنه أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملًا فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال يا رسول الله هذا لكم وهذا أهدي لي فقال له أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيةً بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدي لي أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرًا جاء به له رغاء وإن كانت بقرةً جاء بها لها خوار وإن كانت شاةً جاء بها تيعر فقد بلغت فقال أبو حميد ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده حتى إنا لننظر إلى عفرة إبطيه قال أبو حميد وقد سمع ذلك معي زيد بن ثابت من النبي صلى الله عليه وسلم فسلوه )
القارئ : حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة، عن أبي حميد الساعدي، أنه أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملاً، فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسول الله، هذا لكم وهذا أهدي لي. فقال له : ( أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيهدى لك أم لا؟ ) ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة، فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال : ( أما بعد، فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر: هل يهدى له أم لا، فوالذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيراً جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر، فقد بلغت ) فقال أبو حميد: ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، حتى إنا لننظر إلى عفرة إبطيه، قال أبو حميد: وقد سمع ذلك معي زيد بن ثابت، من النبي صلى الله عليه وسلم، فسلوه. الشيخ : هذا فيه قوله عليه الصلاة والسلام : ( فوالذي نفس محمد بيده ) فأقسم بهذه الصيغة. وفي هذا الحديث التحذير من قبول العمال ما يهدى إليهم لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال له : ( هلا قعدت في بيت أبيك وأمك ). وفيه دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يستعمل سلطته في الوصول إلى غرضه، فإن بعض الناس يستعمل سلطته في الوصول إلى غرضه، فيقول مثلاً : فلان بن فلان ويذكر ألقابا كبيرا أو يذكر عملا ًكبيراً يوجب للمخاطب أن يخضع له وإن كان على باطل فإن هذا حرام ولا يجوز، والمهم أن المقياس ما أشار إليه الرسول عليه الصلاة والسلام: هل أنت لو قعدت في بيت أبيك وأمك يحصل لك هذا ؟ إن كان كذلك فهو لك وإلا فليس لك، وهل مثل هذا الإهداء للمدرّس كما يفعله بعض الناس يهدي لمدرّسه شيئاً مالا أو أعياناً ؟ الظاهر أنه مثله، بل قد يكون أخطر إذا كان يتولى تدريس هذا المهدي، لأن الهدية تجعل الإنسان يميل إلى من أهدى إليه، ولهذا جاء في الحديث : ( تهادوا تحابوا ) فربما يحابيه عند التصحيح أو أمام الطلبة في معاملته إياه أو ما أشبه ذلك، ولهذا نرى أن المدرس إذا أهدى له التلميذ الذي يقرأ عنده نرى أنه لا يقبل ولكن يجبر خاطره فيقول له : يا يني هذا شيء حرام علي، ولا أستطيع قبوله، أما إذا كان لا يدرسه فلا بأس بذلك لأن المحاباة هنا ممنوعة وليس له سلطة عليه ولا عمل عنده، فلا حرج، وكذلك لو تخرج من المدرسة فلا حرج أيضاً أن يهدي لأساتذته مكافأةً لهم على تعليمهم إياه.
فوائد حديث : ( أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا ... )
الشيخ : وفي هذا دليل على حرص النبي عليه الصلاة والسلام على تبليغ الأمر العام الذي يخشى الوقوع فيه، وإلا لكفى أن يقول لهذا الرجل : ( أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك ) لكنه عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين هذا الحكم العظيم، فالعمال لا يجوز لهم أن يأخذوا شيئاً مما يهدى إليهم، وقد روى الإمام أحمد في المسند عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( هدايا العمال غلول ). ويدل لهذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام : ( فوالذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ).
في حديث العسيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنيس أن يذهب إلى المرأة فإن اعترفت رجمها وفي حديث بلال بن رباح في الرجل الذي زنى ما أمر النبي أحد أن يذهب إليه فلماذا ؟
السائل : في الحديث السابق حديث العسيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنيس أن يذهب إلى المرأة فإن اعترفت رجمها، وفي حديث بلال بن رباح في الرجل الذي زنى ما أمر النبي أحد أن يذهب إليه أحد فلماذا ؟ الشيخ : السبب في هذا لأن قضية العسيف اشتهرت ولهذا سأل عنها الناس، فلا يمكن أن تترك، أما إذا لم تشتهر فالستر أولى. السائل : أحياناً المدرس يرى في طالب نباهة فيشجعه هل في هذا شيئ ؟ الشيخ : لا لا أريد هدية المدرس للطالب عكس هذا نحن نريد عكس هذا أن الطالب يهدي للمدرس السائل : أقصد أن الطالب يحب المدرس والمدرس يحبه الشيخ : لا لا يهدي عليه إذا كان يدرسه لا يهدي عليه .
في بعض الأمصار القاضي يقضي إذا زنت الزوجة أن يرد المهر إلى الزوج ويفرق بينهما حتى إنه يؤخذ مال من الزاني ؟
السائل : في بعض الأمصار القاضي يقضي إذا زنت الزوجة أن يرد المهر إلى الزوج الشيخ : الزاني يرده على الزوج السائل : يأخذ المهر من الزوجة ويرده على زوجها ويفرق بينهما ؟ الشيخ : ما هو بصحيح هذا، هذا غير صحيح. السائل : حتى يأخذ المال من الزاني الشيخ : لا هذه أحكام الظاهر أنها قانونية، هو ما أفسدها عليه إذا زنت فإنه لم يفسدها عليه، بمعنى أن النكاح لا ينفسخ، ثم المهر لها بما استحله من فرجها، ثابت من قبل.
حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام هو ابن يوسف عن معمر عن همام عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ( والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا )
القارئ : حدثني إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام هو ابن يوسف، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفس محمد بيده، لو تعلمون ما أعلم، لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ). حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن المعرور، عن أبي ذر، قال: انتهيت إليه وهو فييقول في ظل الكعبة، يقول: ( هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة.. ) الشيخ : هنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : أبو القاسم والمعروف أن الصحابة يقولون : قال رسول الله، لكن لما كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتكنى بكنيته أحد صار هذا كالعلم الخاص به قال أبو القاسم، وأبو هريرة رضي الله عنه كثيراً ما يعبر بهذا ، مثل قوله : ( أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ) في الذي خرج من المسجد بعد الأذان، قال : ( أما هذا فقد عصى أبا القاسم ) صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز للإنسان أن يخرج من المسجد بعد الأذان إلا في حال الضرورة والعذر أو إذا كان يريد أن يصلي في مسجد آخر يعلم أنه يلحقه.
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن المعرور عن أبي ذر قال ( انتهيت إليه وهو في ظل الكعبة يقول هم الأخسرون ورب الكعبة هم الأخسرون ورب الكعبة قلت ما شأني أيرى في شيء ما شأني فجلست إليه وهو يقول فما استطعت أن أسكت وتغشاني ما شاء الله فقلت من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال الأكثرون أموالًا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا )
القارئ : عن أبي ذر قال : ( انتهيت إليه وهو يقول في ظل الكعبة : هم الأخسرون ورب الكعبة هم الأخسرون ورب الكعبة قلت ما شأني أيرى في شيء ما شأني فجلست إليه وهو يقول فما استطعت أن أسكت وتغشاني ما شاء الله فقلت من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال الأكثرون أموالًا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا) الشيخ : الشاهد قوله : ( ورب الكعبة ) فأقسم النبي عليه الصلاة والسلام برب الكعبة، وهذه ربوبية خاصة كما قال الله تعالى : (( قل إنما أمرت أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء )) لكن هذه ربوبية خاصة. وربوبية الله إما عامة مثل : (( الحمد لله رب العالمين ))، وإما خاصة مثل : (( رب موسى وهارون ))، وقد اجتمعا في قول السحرة : (( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )). وفي هذا الحذر من جمع المال وأن المال خسارة على صاحبه إلا من بذله في طاعة الله فإنه يكون ربحا له في الدنيا والآخرة، ولكن هل هذا على سبيل الوجوب بمعنى أنه يجب على الإنسان أن يوزع ماله وأن لا يبقي عنده ثروة؟ أو نقول إن الإنسان إذا أدى الواجب من الزكاة فما زاد عن ذلك فهو تطوع وهذا هو الواقع يعني أنه لا يجب على الإنسان أن يبذل من ماله شيئاً زائداً عن الزكاة إلا ما كان له سبب كإطعام الجائع وكسوة العاري وما أشبه ذلك. وفيه تكرار الكلام عند الاهتمام به ولهذا كرر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الكلام مرتين : ( هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة ).
الكتاتيب في بعض الأماكن يكون لها معلم فيأتي أحد آباءالصبيان بهدية لهذا المعلم فهل تحرم عليه ؟
السائل : الكتاتيب التي في بعض الأماكن يكون لها معلم فيأتي أحد آباء الصبيان بهدية لهذا المعلم فهل تحرم عليه ؟ الشيخ : هذه لا تحرم، لأن هذا الرجل المعلم في الكتاتيب إنما وضع نفسه لهذا ليأخذ من الناس، لكن هذا الذي ذكرنا عامل تبع الدولة، فالعامل على الصدقة يعطى من الصدقة من قبل بيت المال أو من قبل الزكاة وكذلك المدرسون الذين يتبعون الحكومة، أما المدرسون الذين يتكففون الناس فهؤلاء يعطون ولا حرج. السائل : عنده راتب خاص من جهة الحكومة؟ الشيخ : عنده راتب من جهة الحكومة؟ لا، لايقبل. السائل : في الأجير الذي زنا بامرأة الرجل عليه تغريب هل المرأة عليها تغريب؟ الشيخ : نعم إذا كانت غير محصنة فإنها تغرب وتجلد لكن بشرط أن تغرب إلى بلد آمن .