الشيخ : وقد اختلف العلماء في الورود المذكور في هذه الآية، فمنهم من قال إنه العبور على الصراط، ومنهم من قال إن المراد به أنهم يردونها فعلاً ويقعون فيها ولكن لا يعذبون فيها كما يعذب الكفار بل هي نار خاصة، والأصح أن المراد به العبور على الصراط لكن ظاهر هذا الحديث يرجح القول الثاني أنهها تمسه فعلاً مباشرة. أما الحديث الذي بعده ففيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو أقسم على الله لأبره ) يعني أنه عند الله له منزلة لكنه عند الخلق لا منزلة له ضعيف متضعف هو بنفسه يرى نفسه ضعيفاً وهو عند الناس ضعيف كما جاء في الحديث الآخر : ( رب أشعث أغبر مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ). أما أهل النار فإنهم العتاة كل جواظ عتل مستكبر والعياذ بالله، عاتي غليظ الطبع، كالعتلة وهي آلة يحفر بها من الحديد صلبة، والاستكبار : المستعلي على الخلق، فأهل الجنة تجدهم دائماً متطامنين متضعفين لا يستكبرون ولا يرفعون رؤوسهم، وأهل النار بالعكس نسأل الله العافية. السائل : متضعف هو يطلب الضعف بالتواضع ولو كان معه ... يعني ما هو ضعيف ويطلب الضعف؟ الشيخ : كل واحد، يعني هو نفسه ضعيف عند الناس ليس له وزن ولا قيمة، وهو بنفسه أيضاً لا يحب أن يرفع نفسه ويظهر ويشتهر. السائل : وعند الناس هذا متضعف الشيخ : هو متضعف يعني لا يطلب القوة والعلو، وهو عند الناس أيضاً ضعيف يرونه ضعيفاً، لأنه قد يراه الناس ضعيفاً لكن هو يحب أن يظهر يحب الظهور لكن هو لا يحب الظهور وهو عند الناس أيضا غير ظاهر.
في الحديث الأول ( لا تمسه النار ... ) حتى وإن كان من أصحاب الكبائر ؟
السائل : في الحديث الأول : من مات له ثلاثة، حتى لو كان من أصحاب الكبائر ؟ الشيخ : الرجل ؟ السائل : الرجل. الشيخ : إيه ظاهر الحديث ولو كان من أصحاب الكبائر، وقد يقال إن هذا سبب والسبب قد يوجد له مانع، كغيره من أسباب دخول الجنة ولكن يوجد مانع يمنع من الدخول.
بالنسبة للقول الثاني في االورودهل يلزم أن تمس النار الأنبياء والصديقين والصالحين ... ؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك على القول الثاني في مسألة العبور والورود أقول ما يلزم عليه يا شيخ أن تمس النار حتى الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ؟ الشيخ : أن المراد بذلك الوقوع فيها ؟ السائل : نعم. الشيخ : إيه، لكن يقولون إنها تمسهم ولكن كما قال الله عن نار إبراهيم : (( كوني برداً وسلاماً )). السائل : لكن ما الحكمة يا شيخ ؟ الشيخ : الحكمة أن الله يري العباد أن له الملك المطلق وأنه يفعل ما يشاء في عباده.
حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير قال قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكان أصحابنا ينهونا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد )
القارئ : حدثنا سعد بن حفص، حدثنا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال : ( قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ) قال إبراهيم: " وكان أصحابنا ينهونا - ونحن غلمان - أن نحلف بالشهادة والعهد ". الشيخ : الحلف بالشهادة أن يقول أشهد بالله، ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الشهادة في اللعان سماها أيمان مع أنها شاهد (( شهادة أحدهم بالله أربع شهادات إنه لمن الصادقين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين )) فإذا قال أشهد بالله تضمن هذا شهادةً ويميناً، وعلى هذا حمل البخاري هذا الحديث : ( تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته ). والوجه الثاني في الحديث أنهم إذا شهدوا أكدوا الشهادة بالأيمان فيقول أشهد أن فلاناً في ذمته لفلان كذا والله إن له كذا، فهم لضعف أمانتهم وعدم ثقتهم بأنفسهم يجعلون مع الشهادة يميناً، أحياناً يحلف ثم يشهد وأحياناً يشهد ثم يحلف لأنه غير مؤتمن، فهو ضعيف الأمانة عند الناس فهو يريد أن يقوي ذلك باليمين مع الشهادة. أنظر الشرح عندك ؟ القارئ : كل الشرح يا شيخ ؟ الشيخ : لا، الجملة الأخيرة.
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : قوله : ( تسبق شهادة أحدهم يمينه ) قال الطحاوي: أي يكثرون الأيمان في كل شيء حتى يصير لهم عادة فيحلف أحدهم حيتى لا يراد منه اليمين، ومن قبل أن يستحلف. وقال غيره: المراد يحلف على تصديق شهادته قبل أدائها أو بعده، وهذا إذا صدر من الشاهد قبل الحكم سقطت شهادته. وقيل المراد التسرع إلى الشهادة واليمين والحرص على ذلك حتى لا يدري بأيهما يبدأ لقلة مبالاته. الشيخ : القول الثاني هو الأصح أنه يؤكد شهادته بيمينه لعدم ثقته بنفسه.
حديث أبي هريرة فيه أن الورود هو الوقوع في النار فكيف نجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى التي فيها المرور على الصراط كلمح البرق ... ؟
السائل : شيخ حديث أبي هريرة ذكرنا أن القول الثاني أن المقصود الوقوع في النار ؟ الشيخ : نعم، (( وإن منكم إلا واردها )). السائل : والأحاديث الأخرى التي تبين أن الإنسان يمر ؟ الشيخ : ما يمنع أن الإنسان يمر كلمح البصر أو كالبرق، لكن يمر ويسقط ويخرج، لأن المرور غير الورود، قد يمر الإنسان بعجل ثم يقع فيه، لكن كما ذكرت لكم أن القول المختار أن المراد بالورود العبور على الصراط، ومن عبر على الشيء فوقه فهو وارد له.
السائل : بالنسبة إذا كان في الظهور مصلحة، الحديث الأول: ضعيف متضعف، هل هذه مدح يا شيخ أنه يضعف نفسه ؟ الشيخ : نعم، هذا هو الأصل، لكن في مقام العزة والفخر لا بأس أن يفعل كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إن هذه لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن ) فإذا قصد الإنسان إغاظة الكفار فلا بأس. السائل : لكن إذا كان في مصلحة مثلاً يا شيخ يعني يظهر ؟ الشيخ : يعني يظهر أنه قوي يظهر قوته ؟ السائل : نعم. الشيخ : إي نعم إذا كان في مصلحة في الدين.
حدثني محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان ومنصور عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من حلف على يمين كاذبة يقتطع بها مال رجل مسلم أو قال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديقه إن الذين يشترون بعهد الله )
القارئ : حدثني محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، ومنصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حلف على يمين كاذبة، يقتطع بها مال رجل مسلم - أو قال: أخيه - لقي الله وهو عليه غضبان ) فأنزل الله تصديقه : (( إن الذين يشترون بعهد الله )). قال سليمان، في حديثه: فمر الأشعث ابن قيس، فقال: ما يحدثكم عبد الله؟ قالوا له، فقال الأشعث: نزلت في وفي صاحب لي، في بئر كانت بيننا.
قال سليمان في حديثه ( فمر الأشعث بن قيس فقال ما يحدثكم عبد الله قالوا له فقال الأشعث نزلت في وفي صاحب لي في بئر كانت بيننا )
الشيخ : عهد الله سبحانه وتعالى هو ما ذكره الله في قوله : (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً )) فعهد الله ما عهد به إلى عباده، ومنه بيان الحق والعلم الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى العبد فإن إعطاء الله العبد علماً هو عهد من الله بينه وبين العبد أن يبينه للناس، كما قال الله تعالى : (( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )) والذين أوتوا الكتاب لو تسأل أي عالم من العلماء هل بينك وبين الله عهد أبرمته فقلت يا رب أعاهدك أن أبين ما علمتني إلى الناس؟ لقال : لا، لكن إعطاء الله العلم للشخص هذا عهد لكنه عهد بالفعل ليس عهدا بالقول، فالذين يشترون بعهد الله أي بما عاهدوا الله عليه سواء كان العهد باللسان أو العهد بالفعل. وأما قوله : (( وأيمانهم ثمنا قليلاً )) فهذا هو الشاهد من الآية، الذين يشترون بأيمانهم ثمناً قليلاً، وذلك في الخصومة، يقع بين رجلين خصومة فيدعي أحدهما على الآخر أن في ذمته له كذا وكذا ، فيقول المدعى عليه ليس في ذمتي لك شيء، فيوجه القاضي إلى المدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة ويقول له أتحلف؟ فيحلف والله ما في ذمتي لفلان شيء، وفي هذه الحال يحكم القاضي ببراءة المدعى عليه فيكون المدعى عليه الذي حلف وهو كاذب يكون اشترى بيمينه ثمناً قليلاً وهو ما أنكره من حق خصمه، وهو قليل مهما بلغ من الكثرة لأن متاع الدنيا كلها قليل.
الشيخ : وفي هذا الحديث أن هذه اليمين من كبائر الذنوب، الذي يحلف على يمين كاذبة يقتطع بها مال رجل مسلم، والاقتطاع نوعان : إما جحد ما هو له يعني ما هو لغيره، وإما ادعاء ما ليس له أي ما ليس للمدعي، فإذا ادعي على شخص بأن في ذمته لفلان كذا وكذا، وأنكر فهذا اقتطاع ما وجب عليه، وإذا ادعى على شخص بأن في ذمته كذا وكذا له ثم حلف على ما ادعى به فهذا إيش؟ اقتطاع ما عند غيره، فالاقتطاع نوعان : إما جحد ما عليه، وإما ادعاء ما ليس له. وقوله : ( وهو عليه غضبان ) جملة حالية من لفظ الجلالة : ( لقي الله ). وفيه إثبات الغضب لله سبحانه وتعالى، والقاعدة عند السلف أن الغضب صفة حقيقة ثابتة لله عز وجل تليق به، وأخطأ من فسرها بأنها الانتقام، لأن الانتقام فعل وليس غضباً بل هو نتيجة الغضب كقوله تعالى : (( فلما آسفونا انتقمنا منهم )) آسفونا يعني أغضبونا، ومعلوم أن الجزاء غير الشرط، وآسفونا شرط، وانتقامنا جزاء. وقد أنكر الأشاعرة وغيرهم من أهل التعطيل أنكروا وصف الله بالغضب وقالوا لأن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وهذا لا يليق بالله، وجوابنا على هذا سهل أن نقول هذا غضب المخلوق، أما غضب الخالق فإنه يليق به، ونقول لهم أنتم أثبتم الإرادة أن الله يريد وصححتم وصف الله بالإرادة مع أن الإرادة ميل المريد إلى ما ينفعه أو يدفع عنه مضرة، ومعلوم أن الله تعالى لا ينتفع بشيء ولا يضره شيء، فإذا قالوا هذه إرادة المخلوق، قلنا قولوا أيضاً هذا غضب المخلوق، وأثبتوا للخالق غضباً يليق به كما أثبتم له إرادة تليق به، وإلا فأنتم متناقضون.
في هذا الحديث إقتطاع مال المسلم فماذا عن غير المسلم ؟
السائل : قال في الحديث : ( يقتطع بها مال رجل مسلم ) وغير المسلم ؟ الشيخ : هذا بيان للغالب ، وإلا لو اقتطع بها مال معاهد فهو كمال المسلم، أما مال الحربي فهو حلال.
السائل : أحسن الله إليكم المنتقم هل هو صفة أو اسم، وإذا كان صفة هل هي ذاتية أو فعلية ؟ الشيخ : المنتقم صفة ولكن ليس صفة مطلقة أيضاً، صفة فعلية مقيدة، فلا يجوز أن نطلق على الله اسم المنتقم أو وصف المنتقم لأن الله قيد ذلك فقال : (( إنا من المجرمين منتقمون )) وقال : (( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون )) فقيد، لكن ذو انتقام هذا صحيح، أي صاحب انتقام، ولكن هذا لا يعطي الوصف العام كما يعطيه المنتقم، ولهذا يصح أن نقول إن الله ذو انتقام على سبيل الإطلاق، ولا يصح أن نقول إن الله المنتقم أو منتقم على وجه الإطلاق بل لا بد أن يقيد.
كيف يبرأ من حلف بيمين كاذبة ليقتطع مال أخيه ؟ وهل عليه كفارة ؟
السائل : كيف يبرأ هذا الرجل الذي حلف يميناً كاذبة فأخذ مال أخيه ؟ الشيخ : يبرأ برده إليه. السائل : واليمين يا شيخ ؟ الشيخ : اليمين يتوب إلى الله، الحق الذي بينك وبين الله سهل، تتوب إلى الله ويتوب الله عليك، لكن الحق الذي بينك وبين الآدميين هو المشكلة. السائل : ليس عليه كفارة ؟ الشيخ : لا، ليس عليه كفارة. السائل : هو كاذب ؟ الشيخ : لا، لأنه على ماض، كل يمين على ماض فلا كفارة فيها، لكن إما أن يأثم وإما أن يسلم. عرفت القاعدة؟ السائل : نعم .
باب : الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته. وقال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أعوذ بعزتك ) . وقال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يبقى رجل بين الجنة والنار، فيقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، و وعزتك لا أسألك غيرها ) . وقال أبو سعيد : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله : لك ذلك وعشرة أمثاله ) . وقال أيوب : ( وعزتك لا غنى بي عن بركتك ) .
القارئ : باب : الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته. وقال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أعوذ بعزتك ) . وقال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يبقى رجل بين الجنة والنار، فيقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، لا وعزتك لا أسألك غيرها ) . وقال أبو سعيد : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله : لك ذلك وعشرة أمثاله ) . وقال أيوب : ( وعزتك لا غنى بي عن بركتك ) .
حدثنا آدم حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض ) رواه شعبة عن قتادة
القارئ : حدثنا آدم، حدثنا شيبان، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض ) رواه شعبة، عن قتادة. الشيخ : الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، الحلف بعزة الله وصفاته من باب عطف العام على الخاص، لأن العزة من الصفات فيجوز للإنسان أن يحلف بعزة الله فيقول: وعزة الله لا أفعل كذا، ويجوز أن يحلف بأي صفة من صفات الله مثل وقدرة الله لأفعلن كذا، وعلم الله لأفعلن، ورحمة الله لأفعلن، أي صفة من صفات الله، إلا أن الصفات الخبرية غير الوجه فالحلف بها شيء من النظر مثل اليد والقدم والعين، أما الوجه فيحلف به لأنه يعبر به عن الذات كقوله تعالى : (( ويبقى وجه ربك )). فالصفات المعنوية يحلف بها لا شك سواء كانت الصفاة المعنوية ذاتية كاللازمة أو فعلية كالتي تحدث تبع مشيئة الله تعالى مثل النزول إلى السماء الدنيا، فإذا قلت واستواء الله على عرشه فالحلف جائز ونزول الله إلى السماء الدنيا جائز وإن كان ذلك صفة فعلية، طيب لو قلت ووجه الله لأفعلن ؟ جائز، أما يد الله أو أصبع الله وما أشبه ذلك من الصفات الخبرية فهذه محل نظر. طيب كلماته، كلماته أيضاً يجوز الحلف بها وهي من صفات الله، لكنه عطفها على الصفات من باب عطف الخاص على العام. ففي الترجمة الآن عطف عام على خاص وعطف خاص على عام. كلمات الله سبحانه وتعالى أيضاً يجوز الحلف بها، فتقول وكلمات الله التامات لأفعلن كذا ولا بأس لأن الكلمات صفة من صفات الله سبحانه وتعالى فيجوز الحلف بها ثم استدل البخاري رحمه الله بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( أعوذ بعزة الله ) فاستعاذ بعزة الله سبحانه وتعالى، فاستنبط البخاري من ذلك جواز الحلف بالعزة. وقد قال الله عن إبليس: ((فبعزتك لأغوينهم )) وهذه صيغة قسم، لأنها أجيبت باللام، جواب القسم لأغوينهم. وقال أبو هريرة : (يبقى رجل بين الجنة والنار، فيقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، لا وعزتك لا أسألك ) قوله : ( ولا عزتك ) هذه للتأكيد، ( لا أسألك غيرها )، الشاهد قوله : ( وعزتك ). وقال أيوب : ( وعزتك لا غنى بي عن بركتك ) وهذا حلف نبي، والأنبياء مبرؤون من الشرك، فلا يمكن أن يحلفوا بيمين لا يحل القسم بها. وكذلك النار تقول قط قط وعزتك، يعني حسبي حسبي وعزتك. وقوله : ( حتى يضع رب العزة ) قد يشكل على بعض الناس كيف أضاف الرب إلى العزة وهي صفة من صفاته غير مخلوقة، فنقول إن الرب هنا بمعنى صاحب وليس بمعنى خالق، رب العزة أي صاحب العزة، فيها قدمه.
الشيخ : وفي هذا الحديث إثبات القدم لله سبحانه وتعالى، وهو قدم حقيقي يليق به ولا يشبه أقدام المخلوقين. وأنكر أهل التعطيل هذا ، وقالوا لا يمكن أن يكون لله قدم، والمراد بالقدم هنا من قدمهم الله للنار، ( حتى يضع رب العزة فيها قدمه ) يعني من قدمهم إلى النار، ولا شك أن هذا تحريف، لأن أولاً: هذا يكون في الآخرة لا يزال يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد. وثانيا: أن قوله : ( يزوى بعضها إلى بعض ) لا يناسب أن يلقى فيها أناس، لأنه إذا ألقي فيها أناس فإن هذا يقتضي أن تتسع بخلاف ما إذا وضع الله فيها القدم فإنها تنضم وينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط. إذن نأخذ من هذه الترجمة جواز الحلف بكل صفة من صفات الله بالعزة والكلمات والقدرة والعلم وكل صفة من صفات الله.
هل في حديث الأشعث دليل على أن الإنسان إذا دخل مكان يجوز له أن يسأل ما الحديث ؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ في حديث الأشعث قال : " ما يحدثكم عبد الله " كيف يسأل ويجيب يقول : " نزلت في هذه الآية "؟ الشيخ : لأنه ما يدري وش يحدثهم به، فلما حدثوه أخبروه بأنه يحدث بهذا قال إن هذه الآية نزلت فيه وفي صاحبه. السائل : يعني يجوز للإنسان إذا دخل في مكان يسأل ما هو الحديث الذي تتكلمون فيه ؟ الشيخ : هو يريد العلم، يعني عبد الله بن مسعود يحدثهم بعلم، ما هي مسائل دنيوية.
السائل : هل يجوز الاستغاثة والاستعاذة بصفات الله ؟ الشيخ : نعم، لكن لا يجوز دعاء الصفات، وأما قوله : ( برحمتك أستغيث ) وما أشبه ذلك، فالمعنى أستغيث بك لأنك رحيم.
السائل : هل يجوز أن يسأل بالصفات ؟ الشيخ : أسألك بعزة الله مثلاً ؟ السائل : نعم. الشيخ : إي لا بأس، لكن أنت تعرف أن هذا لا يجوز أن يقول الإنسان لشخص أسألك بالله إلا في أشياء تدعو إليها الضرورة.
باب : قول الرجل : لعمر الله. قال ابن عباس : لعمرك : لعيشك
القارئ : باب : قول الرجل : لعمر الله. قال ابن عباس : "لعمرك : لعيشك". الشيخ : قول الرجل لعمر الله يعني هل هذا يمين أو لا؟ نقول : صيغته ليست صيغة قسم لأن القسم يكون بالواو والباء والتاء أو هاء مثل هالله، لكنه بمعنى القسم، وعمر الله حياة الله. وقول ابن عباس رضي الله عنهما لعمرك يعني قوله تعالى : (( لعمرك إنهم لفي سكرتهم )) قال لعيشك أي لحياتك، وليس المراد لعيشك ما يأكله من الطعام، المراد عيشك حياتك، عاش يعيش عيشاً يعني حياتك. ولكن هذا من باب قسم الله سبحانه وتعالى بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولله أن يقسم بما شاء من خلقه، إلا أنه وردت أحاديث مرفوعة وموقوفة تدل على جواز الحلف بلعمرك أي أن يقول الإنسان: لعمرك. ومنه أيضاً حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمرك، ولكن كما قلتم لكم هذا ليس قسماً صريحاً إنما هو بمعنى القسم فهو كقول الرجل لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق يريد الحلف. ما عنده شيء في الترجمة؟
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : قوله " باب قول الرجل لعمر الله " أي هل يكون يميناً؟ وهو مبني على تفسير لعمر، ولذلك ذكر أثر ابن عباس، وقد تقدم في تفسير سورة الحجر وأن بن أبي حاتم وصله وأخرج أيضاً عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قوله تعالى: (( لعمرك )) أي حياتك. قال الراغب: العمر بالضم وبالفتح واحد، ولكن خص الحلف بالثاني، قال الشاعر: "عمرك الله كيف يلتقيان"، أي سألت الله أن يطيل عمرك. وقال أبو القاسم الزجاج: العمر الحياة فمن قال لعمر الله كأنه حلف ببقاء الله، واللام للتوكيد والخبر محذوف أي ما أقسم به، ومن ثم قال المالكية والحنفية تنعقد بها اليمين، لأن بقاء الله من صفة ذاته، وعن مالك لا يعجبني الحلف بذلك. وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مصنفه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : "كانت يمين عثمان بن أبي العاص لعمري". وقال الشافعي وإسحاق : "لا تكون يمينا إلا بالنية، لأنه يطلق على العلم وعلى الحق، وقد يراد بالعلم المعلوم وبالحق ما أوجبه الله". وعن أحمد كالمذهبين، والراجح عنه كالشافعي. وأجابوا عن الآية بأن لله أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس ذلك لهم لثبوت النهي عن الحلف بغير الله، وقد عدّ الأئمة ذلك في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً فإن اللام ليست من أدوات القسم لأنها محصورة في الواو والباء والتاء كما تقدم بيانه في باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر طرفاً من حديث الإفك.
حدثنا الأويسي حدثنا إبراهيم عن صالح عن ابن شهاب ح و حدثنا حجاج بن منهال حدثنا عبد الله بن عمر النميري حدثنا يونس قال سمعت الزهري قال سمعت عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله وكل حدثني طائفةً من الحديث وفيه ( فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي فقام أسيد بن حضير فقال لسعد بن عبادة لعمر الله لنقتلنه )
القارئ : حدثنا الأويسي، حدثنا إبراهيم، عن صالح، عن ابن شهاب، ح وحدثنا حجاج بن منهال، حدثنا عبد الله بن عمر النميري، حدثنا يونس، قال : سمعت الزهري، قال: سمعت عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله، - وكل حدثني طائفة من الحديث وفيه - ( فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي ) فقام أسيد بن حضير فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتلنه. الشيخ : الشاهد قوله : " لعمر الله " وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعمر الله يعني إيش ؟ يعني حياته، وقصة الإفك لا تخفى عليكم أن المنافقين روجوا أن عائشة رضي الله عنها حصل منها ما هي بريئة منه حين تخلفت عن الجيش في طلب عقد لها أو في قضاء حاجتها، وأن صفوان بن المعطل وجدها وحملها على بعيره فخاض الناس في هذا خوضاً عظيماً، والقصة معروفة مشهورة.
السائل : ما حكم القسم بأثر الصفة ؟ الشيخ : مثل ؟ السائل : أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات الشيخ : هذا صفة. السائل : الوجه صفة الشيخ : الوجه له نور، نور في نفس الوجه، الآن مثلاً المصباح هو نفسه نور وله شعاع، فقوله بنور وجهك ليس المراد الشعاع كما تظن، المراد نور الوجه نفسه. السائل : نقول النور صفة ؟ الشيخ : نعم نوره صفة .
في يوم القيامة يقتص للمسلم من المسلم فكيف يقتص للكافر من المسلم ؟
السائل : اقتصاص المسلم من المسلم يوم القيامة واضح عن طريق أخذ أعماله، طيب المسلم مع الكافر كيف يكون الاقتصاص بينهما يوم القيامة، كيف يقتض الكافر من المسلم ؟ الشيخ : أيهما ظالم الكافر ؟ السائل : كلا الحالتين قد يكون الكافر ظالماً للمسلم وقد يكون المسلم ظالماً للكافر ؟ الشيخ : الله أعلم، قد نقول لكن العلم عند الله أنه يخفف عن الكافر من العذاب بقدر مظلمته، ثم يعذب العذاب اللائق به، وكذلك بالعكس يشدد عليه في العذاب.
السائل : ما هو وجه النهي في دعاء صفة من صفات الله ؟ الشيخ : شيخ الإسلام يقول إنها كفر باتفاق المسلمين لأنك إذا دعوت الصفة جعلتها شيئاً بائناً عن الله شريكاً له، فإذا قلت يا قدرة الله اغفري لي، فقد جعلتها شيئاً آخر غير الله يدعى، فلهذا نقل رحمه الله في كتابه الاستغاثة في الرد على البكري أن هذا كفر في اتفاق المسلمين، وهذا واضح، لأنك إذا دعوت الصفة فقد جعلتها شيئاً بائناً عن الموصوف وأنها تدعى.
حدثني محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال قالت أنزلت في قوله لا والله بلى والله )
القارئ : حدثني محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، عن هشام، قال: أخبرني أبي. الشيخ :(( لا يؤاخذكم الله في اللغو في أيمانكم )) اللغو معناه الذي لا يقصد، ولهذا قال : (( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ))، وفي آية المائدة قال : (( يؤخذكم بما عقدتم الأيمان )) أي بما أنفذتم عقده وأحكمتم عقده. فالشيء الذي لا يقصد هذا لغو. القارئ : عن عائشة رضي الله عنها : (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم )) قال: قالت: " أنزلت في قوله: لا والله، وبلى والله " الشيخ : يعني في عرض الحديث، الإنسان دائماً يحدث أو يتحدث أو يتحدث الناس إليه يقول لا والله ما أنا برايح، لا والله ماني بجاي، لا والله شايف فلان مثلاً، بلى والله إني بجي، هذه كلمات لغو لا يؤاخذ الإنسان عليها لا من جهة انعقادها وإلزامه بالكفارة إذا حنث، ولا من جهة الإثم بها، حتى الإنسان لا يأثم بهذا اليمين لأنه غير قاصد له. واستدل كثير من العلماء بهذه الآية على أن كل كلام لا يقصد فلا حكم له، فعلى هذا يوجد في بعض الناس يكثر على ألسنتهم الطلاق، يقول علي الطلاق ما فعلت كذا علي الطلاق لأفعل كذا، لكنهم لا يقصدونه فيجعل هذا كحكم اليمين، لغو لا يؤاخذ به الإنسان. وهناك فرق وظاهر بين الشيء الذي تقصده وتعزم عليه وبين الشيء الذي يأتي بدون قصد فالثاني لا حكم له، والأول هو الذي يؤاخذ به الإنسان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان حالفاً فليحلف بالله ) فكيف يُحلف بصفاته ؟
السائل : شيخ قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفاً فليحلف بالله ) والأحاديث التي ذكرها المؤلف كلها في يوم القيامة ... ؟ الشيخ : صفة الله تعالى من الله، لأن الصفات تابعة للموصوف، فكما أن الله عز وجل عظيم جليل حقيق أن يقسم به فكذلك صفاته عظيمة جليلة حقيقة أن يقسم بها.
ما معنى قول الشافعي و إسحاق لا تكون يميناً إلا بالنية لأنها قد تطلق على العلم وعلى الحق وقد يراد بالعلم المعلوم وبالحق ما أوجبه الله ؟
السائل : قوله : كلام الشافعي وإسحاق لا تكون يمين إلا بنية لأنه تطلق على العلم وعلى الحق ويراد بالعلم المعلوم وبالحق ما أوجبه الله، إيش معنى هذا الكلام ؟ الشيخ : معناه أنه ما تكون هذه يميناً إلا إذا نوى اليمين لماذا؟ لأنها قد لا تطلق على الصفة قد تطلق على المعلوم، والمعلوم شيء بائن عن الله ليس من صفته، فلما كانت محتملة للصفة ومحتملة للمخلوق فإنها لا تكون يميناً إلا بالنية التي تعين أحد الاحتمالين. السائل : لكن كيف يراد بالعلم المعلوم وبالحق ما أوجبه الله ؟ الشيخ : إي نعم نعم، قد يراد بعلم الله معلومه مثل قوله تعالى : (( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا ما شاء الله )) فإن معناها على أحد القولين من معلومه إلا بما شاء. السائل : وبالحق ما أوجبه الله ؟ الشيخ : نعم، ويراد بالحق ما أوجبه الله مثل أن تقول: هذا حق، الصلاة حق، الزكاة حق، لأنها أوجبها الله. السائل : ما مناسبة هاتين الكلمتين لقوله لعمري ؟ يعني قد يراد بالعلم المعلوم.. الشيخ : لا هو قصده الصفات، ما هو بخصوص لعمري.
هل إذا حلف بكلمات الله يستفصل أهي الكونية أم الشرعية ؟
السائل : شيخ بعض الناس يحلفون بكلمات الله ... هل يستفصل أهي كونية أو شرعية ؟ الشيخ : لا، هذه التي يستفصل آيات الله، أما كلمات الله كلها غير مخلوقة حتى الكلمات الكونية التي بها يخلق عز وجل هي غير مخلوقة. الآيات هي التي يستفصل فيها. إذا قال قسماً بآيات الله نقول ماذا تريد بآيات الله هل تريد المخلوقات فهذا لا يجوز، لأن المخلوقات من آيات الله، أو تريد بآيات الله كلماته كالقرآن كما قال تعالى : (( وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته )) فإن أراد الثاني فهو جائز لكن عندي أن العامة الآن الذين يحلفون بآيات الله قسماً بآيات الله عندي أنهم لا يريدون إلا القرآن، هذا هو الظاهر. السائل : شيخ ما يقال أنه يترك الشيخ : هو الأحسن أن يترك، لا شك أن الأحسن أن يترك .
هل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعوذ بعزة الله وقدرته ) إستعاذة بالصفة ؟
السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بعزة الله وقدرته ) أليس هذا دعاء لصفة من صفات الله ؟ الشيخ : لا، هذه استعاذة بعزة الله يعني بالله عز وجل لأنه عزيز، والاستعاذة قد تكون بالمخلوق، ما هو لازم أن تكون بالخالق، مع أن المراد بالحديث هذا الصفة لكن المراد الصفة لتحققها في الموصوف، فكأنه يقول أعوذ بك لعزتك لأنك عزيز من شر ما أجد وأحاذر.
الشيخ : هنا يجب علينا أن نعلم أن الحلف على الماضي ليس فيه كفارة، إنما فيه إثم أو سلامة، ثم الإثم قد يكون من الكبائر وقد يكون دون ذلك، فهذه ثلاثة أقسام: السلامة، والإثم الذي دون الكبائر ، والإثم الذي هو من الكبائر، والكفارة ؟ الطالب : ليس فيه كفارة الشيخ : لا، ليس فيه كفارة، كل حلف على ماضي. فإذا قلت والله ما فعلت كذا، فلا تخلو من ثلاث حالات: إما أن تكون لم تفعل فأنت سالم، أو أنك فعلته ولكنه ليس فيه اقتطاع مال مسلم فأنت آثم لكنها دون الكبائر، أو فيه اقتطاع مال مسلم بأن تقول والله ما فعلت كذا والله ما كسرت قلم فلان وأنت كاسره فهذا من الكبائر. فالذي فيه الكفارة هو الشيء المستقبل.
باب : إذا حنث ناسيا في الأيمان. وقول الله تعالى : (( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به )) . وقال : (( لاتؤاخذني بما نسيت )) .
القارئ : وصلى الله على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال البخاري رحمه الله تعالى : باب : إذا حنث ناسياً في الأيمان. وقول الله تعالى : (( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به )) . وقال : (( لاتؤاخذني بما نسيت )) . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف : باب : إذا حنث ناسياً في الأيمان. وقول الله تعالى : (( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ))، فأردف الترجمة بالآية ليبين أن الخطأ كالنسيان، والنسيان هو ذهول القلب عن معلوم، والخطأ هو الجهل بالشيء المعلوم، الجهل بالشيء يسمى خطأً، وذهول القلب عن الشيء المعلوم يسمى نسياناً. والمؤلف لم يفصح في الترجمة بحكم الحنث ناسيا لكن إردافه بالآية في قوله : (( وليس عليكم جناح )) يدل على أنه إذا حنث ناسياً فلا شيء عليه. وتعرفون الحنث ؟ الحنث أن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله، هذا الحنث، فإذا كان ناسياً فلا كفارة عليه ، وإذا كان جاهلا وهو المخطئ فلا كفارة عليه، ولكن عليه أن يتخلص منه إذا ذكر أو علم، فإذا قال والله لا ألبس هذا الثوب ثم لبسه ناسياً ثم ذكر وجب عليه خلعه، ولو قال والله لا ألبس هذا الثوب ثم لبسه يظنه غيره ثم علم أنه هو وجب عليه خلعه ولو حلف أن لا يكلم فلاناً فأتاه رجل فجعل يكلمه وهو لا يدري من هو، وفي أثناء الكلام قال أنا أبو فلان، قال أنت أبو فلان ؟ قال نعم، قال أنا حلفت ما أكلمك، وش يكون ؟ يمسك عن كلامه الآن لكن فيما سبق ليس عليه شيء.
حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا مسعر حدثنا قتادة حدثنا زرارة بن أوفى عن أبي هريرة يرفعه قال ( إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم )
القارئ : حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا مسعر، حدثنا قتادة، حدثنا زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، يرفعه قال : ( إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست، أو حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم ) الشيخ : الحمد لله، هذا من نعمة الله علينا أن الإنسان إذا حدثته نفسه بشيء ولم يركن إليه فإنه معفو عنه، أياً كان هذا الشيء حتى فيما يتعلق بالخالق عز وجل، إذا حدثتك نفسك بما يتعلق بالخالق بشيء لا يليق به سبحانه وتعالى ولكنك لم تركن إلى هذا الشيء فإن ذلك لا يضرك ولكن عليك أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تنتهي عنه، فإن ركنت إليه صار عملاً قلبياً تؤاخذ عليه.
السائل : هل يصح الاستدلال بما في القصص المذكورة في القرآن ؟ الشيخ : إي نعم، الله ما قصها علينا إلا لتكون عبرة. السائل : هو لا يخاطب الله تعالى وإنما يخاطب الخضر الشيخ : من ؟ السائل : في قوله تعالى : (( لا تؤخذني بما نسيت )) الشيخ : موسى يقول للخضر : (( لا تؤاخذني بما نسيت )) يقوله موسى للخضر، فهذا يدل على أن النسيان لا يؤاخذ به الإنسان وهو كذلك.
السائل : بالنسبة يا شيخ للعلاقة بين الباب والحديث غير ظاهرة ؟ الشيخ : العلاقة بين الباب والحديث هو أن حديث النفس لا يؤاخذ به لأنه يقع أحياناً بغير اختيار الإنسان وبغير إرادته، وكذلك النسيان لم يختر فيه الحنث وكذلك الخطأ لم يقصد فيه الإنسان الحنث.