السائل : بالنسبة يا شيخ للعلاقة بين الباب والحديث غير ظاهرة ؟ الشيخ : العلاقة بين الباب والحديث هو أن حديث النفس لا يؤاخذ به لأنه يقع أحياناً بغير اختيار الإنسان وبغير إرادته، وكذلك النسيان لم يختر فيه الحنث وكذلك الخطأ لم يقصد فيه الإنسان الحنث.
حدثنا عثمان بن الهيثم أو محمد عنه عن ابن جريج قال سمعت ابن شهاب يقول حدثني عيسى بن طلحة أن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب يوم النحر إذ قام إليه رجل فقال كنت أحسب يا رسول الله كذا وكذا قبل كذا وكذا ثم قام آخر فقال يا رسول الله كنت أحسب كذا وكذا لهؤلاء الثلاث فقال النبي صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج لهن كلهن يومئذ فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعل ولا حرج )
القارئ : حدثنا عثمان بن الهيثم، أو محمد عنه، عن ابن جريج، قال: سمعت ابن شهاب، يقول: حدثني عيسى بن طلحة، أن عبد الله بن عمرو بن العاص، حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب يوم النحر، إذ قام إليه رجل فقال: كنت أحسب - يا رسول الله - كذا وكذا، ثم قام آخر، فقال: يا رسول الله، كنت أحسب كذا وكذا، لهؤلاء الثلاث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( افعل ولا حرج ) لهن كلهن يومئذ، فما سئل يومئذٍ عن شيء إلا قال: ( افعل ولا حرج ).
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ( قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم زرت قبل أن أرمي قال لا حرج قال آخر حلقت قبل أن أذبح قال لا حرج قال آخر ذبحت قبل أن أرمي قال لا حرج )
القارئ : حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: زرت قبل أن أرمي؟ قال: ( لا حرج ) قال آخر: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: ( لا حرج ) قال آخر: ذبحت قبل أن أرمي؟ قال: ( لا حرج ). الشيخ : هذه الثلاثة التي أشار إليها في الحديث الأول. زرت قبل أن أرمي، زرت يعني طفت طواف الزيارة، قبل الرمي يعني رمي جمرة العقبة، قال : ( لا حرج ). والثاني قال : حلقت أن أذبح ؟ قال : ( لا حرج )، وأيهما الأول ؟ الذبح، (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ))، قال : ( لا حرج ) قال الآخر : ذبحت قبل أن أرمي ؟ قال : ( لا حرج ) هذه هي الثلاث، يعني ليس عليك إثم. هذا اللفظ الحديث فيه مطلق، واللفظ الأول الحديث فيه مقيد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مقيد : أحسب كذا، لكن الحديث الأول فيه : ( افعل ولا حرج )، ولم يقل ولا تعد، فدل هذا على أن الترتيب بين هذه الأفعال ليس على سبيل الوجوب وإنما هو على سبيل الاستحباب. السائل : هل مقصود البخاري من حديث : ( إن الله تجاوز لأمتي ) أن الرجل لو بنيته حلف أن لا يكلم فلان بالنية فقط فإنه لا يحاسب عليه ؟ الشيخ : هذا يدل عليه الحديث لكن الترجمة ما تتناسب مع هذا ، الترجمة: إذا حنث. السائل : ... الشيخ : الحديث ما هو بواحد، الحديث اثنان حديث عمرو بن العاص وحديث ابن عباس. السائل : ... الشيخ : كأنه يريد أن يبين الثلاثة في حديث ابن عباس.
السائل : ما حكم شك البخاري رحمه الله في الإسناد الأول حدثنا عثمان بن هيثم أو محمد عنه ؟ الشيخ : كأنه نسي، والله أعلم أنه نسي هل تلقى الحديث من أبي الهيثم أو من أبي محمد عنه. السائل : وش حكمه ؟ الشيخ : هذا لا يضر لأن الغاية هو أبو الهيثم، السائل : كلاهما ثقة ؟ الشيخ : وكلاهما ثقة.
الشيخ : ما تكلم الحافظ على هذا الشك؟ القارئ : قوله حدثنا عثمان بن الهيثم أو محمد عنه وقع مثل هذا في باب الذريرة في أواخر كتاب اللباس، وتقدم الكلام عليه هناك، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن يحيى عن عثمان بن الهيثم به. الشيخ : خلاص ما في حاجة.
حدثني إسحاق بن منصور حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة ( أن رجلًا دخل المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد فجاء فسلم عليه فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم سلم فقال وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل قال في الثالثة فأعلمني قال إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر واقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعًا ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائمًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تستوي قائمًا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )
القارئ : حدثني إسحاق بن منصور، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة: أن رجلاً دخل المسجد يصلى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد، فجاء فسلم عليه، فقال له : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) فرجع فصلى ثم سلم، فقال : ( وعليك، ارجع فصل فإنك لم تصل ) قال في الثالثة: فأعلمني، قال : ( إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر واقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ). الشيخ : الشاهد من هذا أن الرسول لم يأمره بإعادة ما سبق من صلاته لأنه كان جاهلاً.
هل رد الرسول صلى الله عليه وسلم السلام على هذا الرجل ؟
السائل : الرسول صلى الله عليه وسلم ما رد السلام عليه ؟ الشيخ : سياق اللفظ هنا مختلف، وإلا في ألفاظ أخرى صرح بأنه رد عليه السلام. السائل : ... في المرة الثانية ؟ الشيخ : لا، حتى في الأولى، في ألفاظ أخرى صريحة بأنه رد عليه من أول الأمر. السائل : ما معنى الذريرة ؟ الشيخ : الذريرة هذه نوع من الأطعمة أظنها.
حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ( هزم المشركون يوم أحد هزيمةً تعرف فيهم فصرخ إبليس أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فنظر حذيفة بن اليمان فإذا هو بأبيه فقال أبي أبي قالت فوالله ما انحجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة غفر الله لكم قال عروة فوالله ما زالت في حذيفة منها بقية خير حتى لقي الله )
القارئ : حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت : " هزم المشركون يوم أحد هزيمة تعرف فيهم، فصرخ إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة بن اليمان فإذا هو بأبيه، فقال : أبي أبي " قالت : " فوالله ما انحجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: غفر الله لكم " قال عروة : "فوالله ما زالت في حذيفة منها بقية حتى لقي الله". الشيخ : هذا أيضاً فيه الجهل لأنهم مع شدة القتال لم يعرفوا أباه، وقوله : " أبي أبي " مع شدة القتال ما انتبهوا له فقتلوه، لكنه رضي الله عنه تصدق بديته على المسلمين، فما زالت به بقية حتى لقي الله. الطالب : عندنا بقية خير الشيخ : إي بقية خير فيها نسخة
السائل : ما معنى بقية خير ؟ الشيخ : يعني معناه أن هذه القضية اكتسب فيها خيراً فصار فيه بقية خير، والإنسان يوفق في بعض القضايا حتى يجعل الله فيه خيراً كثيراً بسببها.
حدثني يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة قال حدثني عوف عن خلاس ومحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )
القارئ : حدثني يوسف بن موسى، حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني عوف، عن خلاس، ومحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أكل ناسياً، وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ). الشيخ : هذا فيه العفو عن النسيان في فريضة من فرائض الإسلام في الصيام، فكذلك الحنث في اليمين من باب أولى. والصحيح أيضاً أن النسيان أو الجهل معفو عنه حتى في الطلاق، فلو قال لزوجته إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فكلمته ناسية فإنها لا تطلق حتى ولو أراد الطلاق، وكذلك لو كلمته جاهلة فإنها تطلق ولو أراد الطلاق، وأما إذا أراد اليمين فهي يمين كما هو معروف.
هل يستفاد من حديث ابن عباس المتقدم أن الإنسان إذا نحر ورمى تحلل التحلل الأول ؟
السائل : حديث ابن عباس المتقدم "حلقت قبل أن أذبح.." الشيخ : نعم ، نعم السائل : ألا يستدل بهذا على أن التحلل الأول في الحج يكون بفعل اثنين من ثلاثة ... استدلال من هذا الحديث ؟ الشيخ : كيف يعني يستفاد ؟ يعني معناه إذا نحر ورمى السائل : تحلل التحلل الأول الشيخ : إذا نحر ورمى يعني جعل النحر السائل : بدل عن الحلق الشيخ : ما يستبعد، أقول هذا ليس ببعيد ولكن المشهور استناداً للحديث الذي فيه ضعف : ( إذا رميتم وحلقتم ). السائل : هل يؤخذ من هذا الحديث؟ فيه وجه دلالة ؟ الشيخ : إي فيه وجه دلالة أن الرسول جعل هذا بدل هذا.
السائل : بالنسبة للعفو عن النسيان هل هو خاص بهذه أمة؟ الشيخ : فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من قال إنه عام، ومنهم من قال خاص بهذه الأمة وأنه من الآصار التي وضعت عن هذه الأمة (( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )).
حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة قال ( صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس فمضى في صلاته فلما قضى صلاته انتظر الناس تسليمه فكبر وسجد قبل أن يسلم ثم رفع رأسه ثم كبر وسجد ثم رفع رأسه وسلم )
القارئ : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد الله ابن بحينة، قال : ( صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته انتظر الناس تسليمه، فكبر وسجد قبل أن يسلم، ثم رفع رأسه، ثم كبر وسجد، ثم رفع رأسه وسلم ). الشيخ : هذا أيضاً فيه العفو عن النسيان، وذلك أنه ترك واجباً من واجبات الصلاة لكن لما كان نسياناً جبره سجود السهو. السائل : كيف يجمع هذا مع الحديث الذي عند أبي داوود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد أن سلم ؟ الشيخ : يحمل هذا على السجود بعد السلام، وذلك فيما إذا سلم قبل تمام الصلاة أو زاد في صلاته.
السائل : هنا سجد قبل أن يسلم . الشيخ : إي صحيح، هو سجود السهو إذا كان عن نقص فهو قبل السلام، وإذا كان عن زيادة فهو بعد السلام، وإذا كان عن شك فإن كان فيه ترجيح فهو بعد السلام، وإن لم يكن فيه ترجيح فهو قبل السلام. السائل : يكون لكل سهو في الزيادة ؟ الشيخ : لكل سهو في الزيادة نعم. السائل : بالنسبة لسجود السهو قبل السلام إذا كان عن نقص، طيب حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم سلم عن نقص، وفيه أنه سلم ثم سجد، يعني سجد بعد السلام ؟ الشيخ : هذا عن زيادة، لأنه سلم في أثناء الصلاة فزاد وقرأ وأكمل التشهد. هو لا يتصور النقص في الحقيقة إلا إذا ترك واجب، في ترك الواجب نعم يتصور النقص.
السائل : قولهم إن السلام لا يعتبر زيادة بل يعتبر خروج من الصلاة ؟ الشيخ : كل يقول ما عنده، هو زيادة في الحقيقة لأنه ركن من أركان الصلاة، أما الذين يقولون إنه إطلاق محظور فنعم يقول هذا خروج من الصلاة لكنه ركن من أركان الصلاة فهو زيادة فيها من جنسها. في جماعة من الأمريكان الذين أسلموا من الجنود الآن زارونا تحبون نجلس معهم أو؟ طيب. القارئ : الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله. قال البخاري رحمه الله تعالى : "باب إذا حنث ناسياً في الأيمان". حدثني يوسف بن موسى، حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني عوف، عن خلاس، ومحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أكل ناسياً، وهو صائم ).. الشيخ : باب إيش ؟ القارئ : باب إذا حنث. الشيخ : في أثناء الباب. القارئ : في أثناء الباب. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أكل ناسياً، وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ). الشيخ : الشاهد من هذا قوله : ( من أكل ناسيا ) فإنه يدل على أن الإنسان إذا حنث في الأيمان فلا كفارة عليه، لأنه إذا رفع عنه الإثم وفساد الصوم فإن الحنث من باب أولى، وهو كذلك، فلو قلت والله لا أكلم زيداً فكلمته ناسياً فلا كفارة عليه، لكن لا تكلمه مرة ثانية متعمداً. القارئ : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد الله ابن بحينة، قال : ( صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته انتظر الناس تسليمه، فكبر وسجد قبل أن يسلم، ثم رفع رأسه، ثم كبر وسجد، ثم رفع رأسه وسلم ). الشيخ : وفي هذا أيضاً أن الإنسان إذا نسي وترك واجبا من واجبات الصلاة فإن صلاته لا تبطل ولكن عليه سجود السهو ويكون عبد الله؟ الطالب : قبل السلام؟ الشيخ : كذا ؟ الطالب : نعم. الشيخ : إذن إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة سهوا فصلاته صحيحة ويسجد للسهود قبل السلام، هذه قاعدة.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم سمع عبد العزيز بن عبد الصمد حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر فزاد أو نقص منها قال منصور لا أدري إبراهيم وهم أم علقمة قال قيل يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا قال فسجد بهم سجدتين ثم قال هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أم نقص فيتحرى الصواب فيتم ما بقي ثم يسجد سجدتين )
القارئ : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، سمع عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر، فزاد أو نقص منها، قال منصور: لا أدري إبراهيم وهم أم علقمة، قال: قيل : يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال : ( وما ذاك؟ ) قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فسجد بهم سجدتين، ثم قال : ( هاتان السجدتان لمن لا يدري: زاد في صلاته أم نقص، فيتحرى الصواب، فيتم ما بقي، ثم يسجد سجدتين ). الشيخ : هذا أيضاً فيه دليل على أن من شك أصلى ثلاثاً أو أربعاً فإنه يتحرى الصواب فيتم ما بقي ومنه السلام، يتم ما بقي يعني ويسلم ثم بعد ذلك يسجد سجدتين. وعليه نأخذ من هذا قاعدة في باب سجود السهو أن الإنسان إذا شك في عدد الركعات وتحرى الصواب وبنى عليه فإنه يسجد متى؟ يسجد بعد السلام. أما موضوع الحديث فإنه قد ثبت من غير شك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمساً، ولما سلم قيل له: أزيد في الصلاة ؟ قال : ( وما ذاك؟ ) قالوا: صليت خمساً ، وهو صريح ، والشك هنا إما من إبراهيم أو من علقة لكن غيرهم لم يشك أن الرسول صلى خمساً فسجد سجدتين بعدما سلم.
هل الصواب في السهو أن يأخذ ما يترجح عنده أو يبني على الأقل ؟
السائل : شيخ إذا أراد أن يتحرى الصواب هل الصواب ما يترجح عنده أو الصواب الأقل ؟ الشيخ : لا، الصواب ما يترجح عنده، لأن كلمة يتحرى يدل على أنه يعمل بالراجح، أما إذا لم يمكن التحري فهنا يأخذ بالأقل.
إذا استدل الناس أنه إذا زاد الإمام في الركعة الخامسة أنه يكمل معه ثم يخبره بعد الصلاة لأنه فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم فهل هذا صحيح ؟
السائل : شيخ إذا استدل بعض الناس أنه إذا زاد الإمام ركعة خامسة فإنه يكمل معه ثم يخبره بعد الصلاة يعني يقول فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا ولم ينكر عليهم أن زادوا ولم ينبهوه؟ الشيخ : نقول هذا استدلاله صحيح، ولكن بشرط أن يكون نبياً يوحى إليه، واضح أو لا ؟ فهل يمكن هذا ؟ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أن يزاد ولهذا قالوا أزيد في الصلاة ، شكوا لعله زيد فيها شرعاً، أما حساً فقد زاد، كما قال ذو اليدين : " يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟"لكن في عهدنا الآن ما يمكن أن يزاد. السائل : لكن يا شيخ لو قال أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر عليهم ؟ الشيخ : نعم، ما أنكر عليهم لأنهم مجتهدون، أرأيت لو كان فيه احتمال أنه زيدت في الصلاة يجوز أن يتأخروا؟ ما يجوز، إذن ما دام فيه احتمال الزيادة شرعا لا يسعهم إلا أن يتابعوا الرسول عليه الصلاة والسلام. السائل : ما ينبئهم ... ؟ الشيخ : ما يحتاج تنبئة هذا، لأنه من المعلوم أن الصلاة أربعة لا يمكن أن تزاد. السائل : قوله ثم قال : (هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في الصلاة أم نقص)؟ الشيخ : هذا مروي بالمعنى، هذا مروي بالمعنى. السائل : يعني كيف ؟ الشيخ : يعني أن الرواة كما ترى في هذا السياق فيه شك الآن هل زاد أم نقص فكأن الراوي لم يضبط ولهذا رواه بالمعنى وقال هاتان السجدتان لمن لا يدري أزاد أم نقص. السائل : يعني هذا الكلام ما هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : لا، ما هو بظاهر، الظاهر أنه رواه بالمعنى لا باللفظ، لأن اللفظ الذي في السياق ما قال الرسول هذا، قال : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ).
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس فقال حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى (( لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرًا )) قال كانت الأولى من موسى نسيانًا
القارئ : حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني سعيد بن جبير ، قال: قلت: لابن عباس رضي الله عنه فقال: حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى : (( لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسراً )) قال : ( كانت الأولى من موسى نسياناً ). الشيخ : الشاهد قوله : (( لا تؤاخذني ما نسيت )) ... في ذلك وقال : ( كانت الأولى من موسى نسياناً ).
ّإذا ركع في سجود السهو والمأمومين بعضهم ركع وبعضهم سجد ؟
السائل : بالنسبة لسجود السهو إذا سها الإمام وقرأ سجدة التلاوة وركع فسها المأمومين منهم من سجد ثم بعد نهاية الصلاة منهم من جاء بثالثة ومنهم من سجد سجود السهو ؟ الشيخ : الذي سجد ولم يركع هذا لا بد أن يأتي بركعة إذا لم يركع حتى سلم الإمام فلا بد أن يأتي بعد ذلك بركعة كاملة لأن الركعة التي ترك ركوعها بطلت بالنسبة له ، لكن في مثل هذه الحال كان عليهم لما قال الإمام سمع الله لمن حمده وعرفوا أنه ركع ولم يسجد أن يقوموا من سجودهم ثم يركعوا ويرفعوا ويتابعوا الإمام، ولا عليهم شيء، إن فعلوا هذا ليس عليهم شيء.
السائل : هل يؤاخذ الإنسان على النسيان ؟ الشيخ : أما الله فقد قال لما أمر عباده أن يقولوا : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) قال : ( قد فعلت ) لا يؤاخذ على النسيان إلا ما كان من حق العباد فلا بد أن يؤاخذ به الإنسان، لو أن إنساناً أعطاك كيلو عنب، قال خذ وده للبيت، فنسيت أنت وذهبت به إلى بيتك وأكلته، تؤاخذ به بالنسبة للشخص أو لا ؟ تضمنه أو لا تضمنه ؟ تضمنه، لكن هل تأثم؟ أسألك السائل : لا آثم إلا إذا كنت أمون عليه . الشيخ : لا تأثم ، لكن لو أكلته عمداً مع الذكر؟ تأثم وتضمن، إلا إذا كنت كما قلت تمون عليه، بس أخشى إن فتحنا هذا الباب صار كل واحد يمون على الثاني . السائل : الخضر لام موسى عليه الصلاة والسلام ؟ الشيخ : لكن هو في الأصل دخل معه على أنه لا يعارضه.
السائل : الغفلة عن ذكر الله عز وجل ما تكون من النسيان الذي لا يجوز؟ الشيخ : الغفلة عن ذكر الله ترك ما هي نسيان. السائل : هي نفسها. الشيخ : لا، فرق بينها، افرض إنسان سلم من الصلاة وقام قبل أن يذكر الله نسياناً، هذا النسيان، لكن إذا غفل هذا ليس بنسيان، إلا إذا أردت بالنسيان نسيان الترك كقوله تعالى : (( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )). السائل : قصدي يا شيخ أحياناً يمر أوقات على الإنسان غير وقت الصلاة يعني لا يذكر الله عز وجل. الشيخ : هذه غفلة، هذه غفلة ، الحقيقة أن الموفق هو الذي يذكر الله في كل شيء، أنت لو الآن، نسأل الله أن يصلح قلوبنا السائل : آمين الشيخ : لو كانت القلوب حية لكنا نذكر الله في كل شيء، في كل شيء له آية تدل على أنه واحد، إذن معناه كل شيء أراه أذكر الله، إذا رأيت مثلاً أطفال في السوق أذكر الله سبحان الله العظيم، شف الخلق ينشأ هذا صغير وهذا كبير بلغ من الكبر عتياً، وهذا متوسط، نعم، إذا رأيت الأشجار وأنواع الأزهار حتى في الشارع فسبحان الله العظيم كيف شجر يسقى بماء واحد ويختلف هذا الاختلاف، لو أن أهل الأرض كلهم جميعاً أرادوا أن يحولوا هذه الزهرة من هذا اللون إلى هذا اللون ما استطاعوا إلى هذا سبيلاً، فالإنسان في الحقيقة إذا فتح الله عليه باب الذكر صار كل شيء يراه يمكن أن يذكر الله به، وليس الذكر معناه لازم تقول لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذكر قد يكون في القلب أهم من ذكر اللسان، كما قال تعالى : (( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا )).
قال أبو عبد الله كتب إلي محمد بن بشار حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون عن الشعبي قال ( قال البراء بن عازب وكان عندهم ضيف لهم فأمر أهله أن يذبحوا قبل أن يرجع ليأكل ضيفهم فذبحوا قبل الصلاة فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعيد الذبح فقال يا رسول الله عندي عناق جذع عناق لبن هي خير من شاتي لحم ) فكان ابن عون يقف في هذا المكان عن حديث الشعبي ويحدث عن محمد بن سيرين بمثل هذا الحديث ويقف في هذا المكان ويقول لا أدري أبلغت الرخصة غيره أم لا رواه أيوب عن ابن سيرين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
القارئ : قال أبو عبد الله: كتب إلي محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا ابن عون، عن الشعبي، قال: قال البراء بن عازب ضي الله عنه : " وكان عندهم ضيف لهم، فأمر أهله أن يذبحوا قبل أن يرجع ليأكل ضيفهم، فذبحوا قبل الصلاة، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يعيد الذبح . فقال: يا رسول الله، عندي عناق جذع، عناق لبن، هي خير من شاتي لحم " فكان ابن عون، يقف في هذا المكان عن حديث الشعبي، ويحدث عن محمد بن سيرين، بمثل هذا الحديث، ويقف في هذا المكان، ويقول : " لا أدري أبلغت الرخصة غيره أم لا؟ " رواه أيوب، عن ابن سيرين، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبًا قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم عيد ثم خطب ثم قال ( من ذبح فليبدل مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله )
القارئ : حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، قال: سمعت جندباً، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم عيد، ثم خطب، ثم قال : ( من ذبح فليبدل مكانها، ومن لم يكن ذبح، فليذبح باسم الله ). الشيخ : هذا كأن البخاري رحمه الله يريد أن يفرق بين نسيان المأمور أو الجهل بالأمور وبين نسيان المحظور، نسيان المحظور سبق أنه ليس فيه شيء، يعني إذا نهيت عن شيء ففعلته فهذا يسمى ايش؟ فعل محظور فإذا نسيت فقد نسيت في فعل محظور. إذا أمرت بشيء فتركته فهذا ترك مأمور، هذا تعذر فيه بالنسيان من حيث الإثم، أما من حيث الأداء فلا تعذر، ولهذا لو سلمت من ركعتين ناسياً فلا إثم عليك ولكن يجب عليك أن تتمم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. في قصة البراء بن عازب رضي الله عنه ذبح قبل أن يصلي جاهلاً، ذبح الأضحية قبل أن يصلي صلاة العيد جاهلاً يظن أنه لا بأس به، فهل عذره النبي عليه الصلاة والسلام بالجهل؟ لا، لماذا؟ لأنه فعل مأمور، ولهذا أمره وأمر غيره ممن ذبح قبل الصلاة أن يذبح بدلها. ونظير ذلك لو صليت قبل دخول الوقت جاهلاً ثم تبين لك أن الوقت لم يدخل وجب عليك إعادة الصلاة. أما هذا الحديث فيقول إن عنده عناق جذع ، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يذبح العناق بدل عن الشاة، والعناق هي الصغيرة من أولاد المعز فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( تجزئ عنك ولا تجزئ عن أحد بعدك ) أكثر أهل العلم على أن هذا من الخصيصة الشخصية يعني أن إجزاء العناق خاص بهذا الرجل شخصياً وأن غيره لا يحل له أن يذبح عناقاً، لأنها لم تتم السن الواجبة، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : "إنه ليس في الشريعة تخصيص شخصي بل إنما الأحكام تتبع المعاني والأوصاف"، فإذا وجدت المعاني والأوصاف الموجبة لهذا الحكم ثبت الحكم حتى خصائص النبي علية الصلاة والسلام لم تكن خصائص له شخصياً بل هي خصائص معنوية بصفته رسولاً بصفته نبياً عليه الصلاة والسلام، خصه الله بخصائص اقتضاها هذا الوصف. فهذا الرجل الذي أذن له الرسول عليه الصلاة والسلام بذبح العناق يقول شيخ الإسلام رحمه الله : لو أن شخصاً حصل له مثل ما حصل لهذا الرجل قلنا لا بأس، لو رجلاً جاهلاً ذبح أضحيته قبل الصلاة وكان عنده عناق فأراد أن يذبحها بدلا عن التي ذبحها في الأول قلنا له إنها تجزئ عنك، ولو أراد أحد أن يذبح هذه العناق ابتداءً لقلنا لا تجزئ لماذا؟ لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) فالعناق ليست مسنة فلا تجزئ لكن تجزئ عن هذا الرجل الذي ذبح شاة في الأول وشاته مجزأة لكن ذبحها قبل الوقت وأراد أن يعيد الأضحية في وقتها فأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام، وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله هو الصحيح أي أنه لا شيء في الشريعة يعطى للشخص نفسه دون غيره بل لما حصل فيه من المعنى الذي أوجب هذا الحكم. السائل : أحسن الله إليكم ، في هذا الحديث جعل ... من واجب الضيف الشيخ : ما هو لازم ... أقول ربما تقديمه إياها لواجب الضيف ليس أصله ... .
باب : اليمين الغموس وقوله تعالى. (( ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعدثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم )) . دخلا : مكرا وخيانة .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. قال البخاري رحمه الله تعالى : باب : اليمين الغموس ، وقوله تعالى : (( ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم فتزل قدم بعدثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم )). دخلاً : مكراً وخيانة.
حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا النضر أخبرنا شعبة حدثنا فراس قال سمعت الشعبي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس )
القارئ : حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا النضر، أخبرنا شعبة، حدثنا فراس، قال: سمعت الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس ). الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله تعالى : " باب اليمين الغموس ". الغموس فعول وهي صيغة مبالغة مشتقة من الغمس، وذلك أن هذه اليمين تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. واختلف العلماء رحمهم الله هل اليمين الغموس كل يمين كاذبة ؟ أو أن الغموس ما اقتطع فيها مال امرئ مسلم ؟ على قولين لأهل العلم، والراجح أنها الثاني، اليمين التي يقتطع بها مال امرئ مسلم لأنها هي التي ورد فيها الوعيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) أما التي لا تتضمن ذلك فلا شك أنها عظيمة لأن الكذب من حيث هو كذب محرم وهو من كبائر الذنوب عند بعض أهل العلم وهو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله، وإذا كان كذلك فإذا اقترن باليمين الكاذبة صار أشد إثماً. ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى بقوله تعالى : (( ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم )) دخلاً يعني خيانة ومكراً فتحلف للشخص بالله عز وجل وأنت ماكر فيه وخادع له يقول الله عز وجل في عقوبة هذا : (( فتزل قدمٌ بعد ثبوتها )) قدم والمراد بها قدم هذا الذي اتخذ أيمانه دخلاً (( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله )) أي بصدكم عن سبيل الله (( ولكم عذاب عظيم )) وهذا الذي ذكره الله سبحانه وتعالى فيما يجري بين الناس من المعاهدات المؤكدة بالأيمان فإن الإنسان إذا اتخذها دخلاً فخان عهده فلا شك أنه ينال هذا الوعيد. ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الكبائر الإشراك بالله ) أن يتخذ لله شريكاً في ملكه أو في عبادته، وكذلك في أسمائه وصفاته. والثاني : عقوق الوالدين أي قطع برهما وهما الأم والأب. والثالث : قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. والرابع : اليمين الغموس، وهذا هو الشاهد من الحديث، وعرفتم ما هي اليمين الغموس عند أهل العلم.
باب : قول الله تعالى : (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الأخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم )) . وقوله جل ذكره : (( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم )) . وقوله جل ذكره : (( ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون )) . (( وأوفوا بعهد الله إذا عهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا )) .
القارئ : باب : قول الله تعالى : (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الأخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم )) . وقوله جل ذكره : (( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم )) وقوله جل ذكره : (( ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ))(( وأوفوا بعهد الله إذا عهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً )).
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديق ذلك (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا ... ))
القارئ : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين صبر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان ) فأنزل الله تصديق ذلك : (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً )) إلى آخر الآية.
فدخل الأشعث بن قيس فقال ما حدثكم أبو عبد الرحمن فقالوا كذا وكذا قال ( في أنزلت كانت لي بئر في أرض ابن عم لي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بينتك أو يمينه قلت إذًا يحلف عليها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان )
القارئ : فدخل الأشعث بن قيس، فقال : ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فقالوا: كذا وكذا، قال: في أنزلت، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ( بينتك أو يمينه ) قلت : إذن يحلف عليها يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين صبر، وهو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان ). الشيخ : هذا الباب يقول المؤلف جعل الباب قوله تعالى : (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً )) فجعل الترجمة فيه آيات من كتاب الله. قوله : (( يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا )) أي يأخذون بالعهد والأيمان ثمناً قليلا فيعاهدون ويغدرون من أجل الدنيا، ويحلفون ويحنثون من أجل الدنيا. ومن ذلك إذا حلف المدعى عليه بأنه ليس في ذمته للمدعي شيء وهو كاذب فهذا قد اشترى بيمينه ثمناً قليلاً، فما هو الثمن القليل الذي اشتراه ؟ الطالب : الكذب الشيخ : لكن في هذه المسألة : ادعى شخص على أخر بمائة ريال فقال ليس لك عندي شيء وحلف على أنه ليس له عنده شيء؟ مائة ريال . قال الله تعالى : (( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة )) خلاق يعني نصيب، لا خلاق أي لا نصيب. (( ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم )) لا يكلمهم الله يعني تكليم رضا، أما تكليم الغضب فإنه ربما يكلمهم، ولهذا إذا قال أهل النار : (( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) يقول الله لهم : (( اخسؤوا فيها ولا تكلمون )) فيكلمهم. (( ولا ينظر إليهم )) أي نظر رحمة ورأفة، وليس المراد نفي النظر العام لأن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ينظر كل شيء، لا ينظر إليهم نظر رحمة ورأفة. ولا يزكيهم أي لا يجعلهم من الزاكين لأنهم ليسوا أهلاً لذلك فليس عندهم زكاء، وبانتفاء هذه الأشياء لا خلاق ولا كلام ولا نظر ولا تزكية أتى بعد ذلك بالأمر الثبوتي فقال : (( ولهم عذاب أليم )) فهذا وعيد والعياذ بالله من اشترى بعهد الله ويمينه ثمناً قليلاً، وفي حديث أبي ذر المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) قالها ثلاثاً، فقال أبو ذر : "خابوا وخسروا يا رسول الله من هم؟" قال : ( المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) المنفق أي المروج أو الذي يزيد في ثمن سلعته بالحلف الكاذب فهذا ممن اشترى بأيمانه ثمناً قليلاً. قال : وقوله جل ذكره : (( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم )) ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا أي لا تجعلوا الحلف بالله عرضة لأيمانكم أن تبروا يعني إذا حلفتم على بر فلا تجعلوا هذا اليمين مانعاً لكم من البر والتقوى والإصلاح بين الناس، مثاله : قال والله لا أصلي الضحى اليوم، ثم قيل له صل، قال قد حلفت، ماذا نقول له؟ نقول لا تجعل الله عرضة لأيمانك أن تبر، افعل البر. (( وتتقوا )) قال والله لأفعلن كذا وكذا يقول والله لأشربن الخمر فقيل له اتق الله لا تشربها قال قد حلفت؟ ماذا نقول له؟ نقول لا تجعل الله عرضة ليمينك أن تتقي الله، اتق الله لا تمنعك اليمين من التقوى. (( وتصلحوا بين الناس )) جاء رجل لآخر وقال له سمعت أن بينك وبين فلان خصومة فعلك تصلح مع الرجل فالصلح خير قال : ارجع وراءك ما لك تتدخل بينا فقال والله لا أصلح بينهما، ثم جيء لهذا الحالف وقيل له أما علمت يا فلان بين وفلان مشاحة أصلح بينهما فقال لقد حلفت، ماذا نقول له؟ نقول لا تجعل الله عرضة لأيمانك أن تصلح بين الناس. هذا هو معنى الآية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو ) هذا هو معنى الآية. وقال تعالى : (( والله سميع عليم )) سميع لأقوالكم عليم بأحوالكم. وقوله جل ذكره : (( ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون )) لا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً المراد بالثمن القليل ما كان من أمر الدنيا، إذا عاهد الإنسان ثم غدر من أجل الدنيا فقد اشترى بعهد الله ثمناً قليلاً. قال : (( إنما عند الله هو خير لكم )) يعني إذا وفيتم بالعهد ولو على حساب ما يفوتكم من الدنيا.