تتمة الأسئلة : من قال لزوجته أنت طالق إن دخلت هذا البيت ؟
الشيخ : نقول ماذا تريد ؟ قال أنا أريد أن لا أدخل البيت، أما زوجتي فأنا لا أريد طلاقها حتى لو دخلت، هذا حكمه حكم اليمين.
السائل : لو قيل هذا لا ينتشر عند الناس لفظه
الشيخ : بلى ينتشر وهو كثير الآن ولا ينفك الناس اليوم خصوصاً البادية من طلاق زوجاتهم وتشتت بيوتهم إلا هذا القول لأن البادية الآن إذا نزل به ضيف وشافه يبي يذبح له ذبيحة قال علي الطلاق ما آكل، وهو له زوجة واحدة، قال الثاني علي الطلاق من زوجاتي الأربع إلا أذبح، هذا موجود عند البادية كثير، لو لم نفتيهم بكلام الشيخ وهو الحق فسد.
على كل حال أنا أقول من باب التقريب لكم، الغالب أن الإنسان إذا حلف على فعله أو على فعل غيره الغالب أنه يريد اليمين لأن الزوجة ما لها دخل بالموضوع، يعني إذا قال إن دخلت البيت فزوجتي طالق، أو قال لشخص إن دخلت البيت فزوجتي طالق وش الغالب أنه لا يريد الطلاق يريد اليمين، لكن إذا خاطب الزوجة بذلك وقال إن دخلت البيت فأنت طالق فهذا هو الذي فيه الاحتمال المتساوي، لأنه يحتمل أن يقول إن دخلت البيت فهي طالق لأنها عاندتني، وامرأة تعاندني لا أريدها فيكون حينئذٍ أراد الطلاق، ويحتمل أنه قال ذلك يهددها بهذا لأجل أن تمتنع، فهذا هو الذي يمكن أن نسأله نقول ماذا نويت؟ ويمكن أن ينوي الطلاق، لكن أن يحلف على فعل نفسه أو على فعل غير الزوجة فهذا يبعد جداً أن يريد الطلاق، لأن زوجته وش ذنبها حتى تطلق إذا فعل هو أو غيره.
أخذنا ثلاثة أسئلة، نحن عادة ثلاثة أسئلة فقط.
باب : إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك في حديثه وعلى الثلاثة الذين خلفوا فقال في آخر حديثه ( إن من توبتي أني أنخلع من مالي صدقةً إلى الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك )
الشيخ : قصة الثلاثة مبسوطة في التاريخ ومشار إليها في القرآن : (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا )) وهؤلاء قوم خلفهم النبي عليه الصلاة والسلام عن الحكم فيهم حين رجع من تبوك، وليس المراد بقوله : ((خلفوا )) أي تخلفوا عن الغزو، ولهذا قال خلفوا أي خلفهم غيرهم، والذي خلفهم من؟ الرسول عليه الصلاة والسلام حين جاء الناس بعد رجوعه من تبوك يعتذرون، وهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم منعهم إيمانهم أن يعتذروا بما ليس بعذر وأخبروا بالصدق، وقالوا ما لنا عذر، وأصرحهم كعب بن مالك رضي الله عنه لأنه كان أشبهم وقال إنه ما له عذر وأنه عنده راحلتين وأنه لو جلس عند أحد من ملوك الدنيا لخرج منه بعذر لأنه قد أوتي جدلاً، ولكن هو يخاطب النبي عليه الصلاة فيخشى أن يحدثه بحديث يعذره به فينزل الوحي فاضحاً له كما قال تعالى : (( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس )) أعوذ بالله (( ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يعملون )) (( يحلفون لكم لترتضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين )) فضيحة والعياذ بالله، لكن كعب بن مالك وصاحباه رضي الله عنهم حينما صدقوا أنزل الله سبحانه وتعالى فيهم آية تعادل الآية التي نزلت في الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه (( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم )) هذه آية، (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )) آية، في النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه كلهم آية، وفي هؤلاء الثلاثة آية، منقبة عظيمة وفضل عظيم لهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم.
والذي يقرأ ما جاء في التاريخ يعرف ما حصل لهم من الأدب مع الله ورسوله وعدم الضوضاء والفوضى وانصياعا للأوامر، ليسوا كبعض الناس الموجودين الآن إذا جاءهم شيء قاموا يتكلمون، لا، تأدبوا مرة، حتى إنهم لما أتموا أربعين ليلة جاءهم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تعتزلوا نساءكم، وإلا كل الناس هاجرينهم حتى أبو قتادة ابن عم كعب بن مالك وهو من أحب الناس إليه يأتيه في بستانه يسلم عليه ما يرد عليه السلام وهو ابن عمه ومن أحب الناس إليه، لماذا؟ لأن الرسول قال اهجروهم، هجرهم الناس، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أحسن الناس خلقاً يأتي إليه كعب بن مالك ويسلم فيقول لا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا؟ وهو أحسن الناس خلقاً.
وابتلي كعب بن مالك رضي الله عنه ببلوى عظيمة جاءه كتاب من ملك غسان يقول إنه بلغنا أن صاحبك قد قلاك فالحق بنا نواسك يعني تعال إلينا نخليك مثلنا ملك ، نجعلك ملكا، ماذا صنع؟ الله أكبر، ما أبقى الكتاب في مخباته أو في بيته، ذهب به إلى التنور فأوقد به، لماذا؟ لئلا تغلبه نفسه الأمارة بالسوء فيما بعد يذهب إلى ملك غسان ويقول هذه الوثيقة، أحرقها.
المهم لما جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اعتزل امرأتك قال ماذا أفعل؟ أطلقها أم ماذا؟ يعني لو قال طلقها طلقها، قال الرسول لا أدري، النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تعتزل امرأتك ولا أدري، فقال لامرأته الحقي بأهلك، ما بقت عنده طرفة عين. أما الاثنان فاستأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبقى عندهما زوجاتهما لأنهما كبيرا السن.
مضى خمسون ليلة أنزل الله تعالى التوبة، سبحان الله، بعد خمسين ليلة، احسبوها يا جماعة، شهرين إلا عشر أيام، والناس قد هجروهم تنكرت لهم الأرض حتى إنهم كانوا يقولون هذه المدينة أو غيرها، والناس أنا أعتقد لو أن الإنسان منا بقي عشرة أيام يخرج للسوق ويسلم على الناس وعلى أصدقائه وأحبائه وأقربائه ولا يرد عليه السلام وش يسوي؟ يخرج هارباً للبر، وإن كان عنده نقص إيمان يمكن ينتحر، لكن هؤلاء صبروا، والعاقبة للمتقين، بعد خمسين ليلة أنزل الله على الرسول عليه الصلاة والسلام توبتهم، فكانت بشرى عظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم.
خرج فارس إلى ديار قوم كعب بن مالك ليبشره، وذهب رجل صيت قوي الصوت إلى سلع قريب من المسجد النبوي، سلع جبل في المدينة، فنادى بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر بتوبة الله عليك، الله أكبر، فكان الصوت أسرع من الفرس، فكانت البشارة لصاحب الصوت، لما جاءه البشير جاء إلى كعب نزع ثوبيه الإزار والرداء واستعار ثوبين من جيرانه وأعطاهما البشير الذي بشره ثم جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما جاء وجد هذا الرجل الذي كان بالأمس يسلم عليه ولا يدري أحرك شفتيه بالسلام وجده متهللاً وجهه مستنيراً وجهه فرحاً مسروراً يقول : ( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ) الله أكبر، وقام الناس يهنئونه بتوبة الله عليه ، هو رضي الله عنه فرح بهذا فرحاً عظيماً وقال : " إن من توبتي " أي من تحقيقها وشكر نعمة الله عليها أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله تقرباً وإلى رسوله توزيعاً، إلى الله تقرباً وإلى الرسول توزيعاً وتنفيذاً، لأن الجهة مختلفة فهو يتصدق تقرباً إلى الله ويعطيها الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل يوزعها ويتصرف فيها، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له : ( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ) وهذا من حسن تربية الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنه يعرف أن الإنسان عند النشوة وفي أول أمره قد ينسى مصالحه وينسى الواجبات التي عليه فلهذا قال : " أنخلع من مالي كله " صدقة ،ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام المبعوث بالطمأنينة والتؤدة قال : ( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ) وهذا من حسن التربية وأظنكم تشعرون أن الإنسان إذا جاءه شيء يفرح به ينسى كل شيء، لكن ينبغي لك عند حدوث مثل هذه الأمور أن تكون متأنيا وأن لا تنجرف مع عاطفتك. فدل هذا على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق بماله إذا من الله عليه بتوبة، إذا منّ الله عليه بتوبة يتصدق ببعض ماله، كما فعل كعب بن مالك رضي الله عنه.
3 - حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك في حديثه وعلى الثلاثة الذين خلفوا فقال في آخر حديثه ( إن من توبتي أني أنخلع من مالي صدقةً إلى الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ) أستمع حفظ
فائدة : إذا نذر الإنسان أن يتصدق بكل ماله أجزأه الثلث .
السائل : هل يحتمل حمل كلام كعب بن مالك على صيغة السؤال ؟
الشيخ : يحتمل، لكن الظاهر أنه أراد الخبر، الأصل في الخبر أن يكون محمولاً على ظاهره والاستفهام خلاف الظاهر، فإذا ورد الكلام بصيغة الخبر فإنه يحمل على الخبر إلا بقرينة قوية.
هل تدخل التورية في النية ؟
الشيخ : أصل التورية نية.
السائل : إي لكن هي على خلاف الظاهر.
الشيخ : إي نعم، لكن التورية على الصحيح أنها لا تجوز إلا لمصلحة أو حاجة، أما بدون مصلحة أو حاجة فلا تجوز لأن الإنسان إذا أراد بكلامه خلاف الظاهر اتهمه الناس بالكذب وصاروا لا يثقون به وصاروا يحملون كل كلامه على التورية.
هل تجوز الصدقة بكل المال أم هي مثل الوصية لا تجوز إلا بالثلث ؟
الشيخ : إذا لم يكن عند الإنسان قوة توكل فإننا ننهاه عن ذلك، لكن مع قوة التوكل نبيح له ذلك دون أن نقول له إنه ينبغي أن تتصدق بجميع المال.
السائل : الثلث قياساً على الوصية ؟
الشيخ : لا لا، ما هو قياساً على الوصية، لأن الوصية إنما منعت من الزائد من أجل حق الورثة، أما هنا فلا يشاركه أحد، وأيضا الوصية ممنوع أن عن الثلث، وهذا ليس بممنوع لكن ليس بمشروع. والذي نقول إنه ليس بمشروع يعني لا يشرع أن يتصدق بجميع المال لكن لو تصدق بالنصف أو بالثلثين لا نستطيع أن نقول إنه ليس بمشروع، الذي ليس بمشروع أن يتصدق بجميع المال.
السائل : يعني لها علة أخرى ؟
الشيخ : إي، لها علة أخرى، لأن الوصية علتها الإطاحة بحق الورثة، وأما هذه فليست كذلك.
باب : إذا حرم طعاماً. وقوله تعالى : (( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) . وقوله : (( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )) .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال البخاري رحمه الله تعالى : باب إذا حرم طعاماً، يعني فماذا يكون الحكم؟ ومثل هذه الترجمة التي تأتي غير مجزوم بها تدل على أن المترجم الذي كتبها لم يتبين له الحكم وجعل الأمر موكولا إلى القارئ، يعني إذا حرم طعاماً فماذا يكون؟
تحريم الطعام في الحقيقة ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يريد به الحكم الشرعي.
والقسم الثاني : أن يريد به الكذب.
والقسم الثالث : أن يريد به الامتناع.
أما الأول فإن التحريم نوع من الشرك، إذا حرم ما أحل الله لأن الله سبحانه وتعالى قال : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )) فقال عدي بن حاتم يا رسول إنا ليس نعبدهم؟ قال : ( أليسوا يحلون ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ ) قال : بلى، قال : ( فتلك عبادتهم ). أي إذا قصد أن يحرم ذلك الطعام، وذلك مثل صنع أهل الشرك في الجاهلية يحرمون السائبة والوصيلة والحام والبحيرة، عرفتم؟ إذن إذا قصد به إثبات حكم التحريم صار هذا نوعا من الشرك.
الثانية أن يقصد به الكذب، يقول هذا حرام وهو يكذب يعرف أنه حلال، كما يكذب الناس بعضهم على بعض، فهذا يعد كذباً، والكذب معروف حكمه أنه حرام.
القسم الثالث: أن يقصد به الامتناع، يعني أن هذا حرام علي يعني أنني ممتنع عنه، فهذا حكمه حكم اليمين، وربما يكون البخاري رحمه الله جعل الترجمة مطلقةً من أجل هذا التقسيم الذي قسمناه. طيب، فمثلاً إذا قال رجل هذه الخبزة حرام، قلنا له كذبت، هذا وش قصد؟ الكذب.وإذا قال هذه الخبزة حرام لا أحد يأكلها من أكلها فعليه التعزير، هذا نوع من الشرك، تحريم ما أحل الله . وإذا قال هذه الخبزة حرام بمعنى أنني لن أذوقها فهذا حكمه حكم اليمين.
طيب، ونقول حكمه حكم اليمين في كل شيء على القول الراجح حتى في المرأة، لو قال الرجل لزوجته: هي حرام علي، ولم ينو الطلاق فإن حكمها حكم اليمين، وليس بظهار كما ذهب إليه كثير من أهل العلم، الظهار أن يقول هي علي كظهر أمي أو أختي أو ما أشبه ذلك، أما إذا قال هي حرام فهو أخف من قوله هي علي كظهر أمي، لأنه إذا قال هي علي كظهر أمي شبه أحل ما يكون من النساء بأحرم ما يكون، بخلاف ما إذا قال هي حرام قد يكون حرام كالميتة والخنزير وما أشبه ذلك.
المهم أنه إذا حرم شيئا من الحلال من زوجة أو أمة أو طعام أو لباس أو سكن أو مكالمة أحد أو ما أشبه ذلك فحكمه حكم اليمين، ودليل هذا قوله تعالى : (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) فسمى الله الحرام يميناً، قال : (( تحلة أيمانكم ))، والتحلة تفعلة بمعنى التحليل، وذلك أن الإنسان إذا حلف على الشيء فهو بمنزلة تحريمه عليه، يعني لأنه أراد أن يمتنع من هذا، فإذا كفر قبل أن يحنث سمي هذا تحلة كأنه حل العقدة التي هي اليمين، أما إذا فعل الشيء ثم كفر فهذا يسمى كفارة، فإذن الدفع هذا إن كان قبل الحنث فهو تحلة، وإن كان بعده فهو كفارة.
والسؤال الآن موجه لك، رجل قال والله لا أكلم فلاناً فكلمه، ثم أمرناه أن يطعم عشرة مساكين، ماذا نسمي هذه؟
الطالب : كفارة
الشيخ : طيب، ورجل آخر يا عادل قال ولله لا أكلم فلان ثم ندم فأطعم عشرة مساكين عن هذا اليمين ؟
الطالب : تحلة
الشيخ : هذا يسمى تحلة، إذن إخراج الكفارة قبل الحنث تحلة، وبعده كفارة، (( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) فرض هنا بمعنى شرع وليست بمعنى أوجب، لأنها لو كانت بمعنى أوجب لعديت بعلى، فرض عليكم ولكنها بمعنى شرع. وفي هذه الآية الكريمة عتاب يسير للنبي عليه الصلاة والسلام حيث حرم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه.
7 - باب : إذا حرم طعاماً. وقوله تعالى : (( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) . وقوله : (( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : (( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) .
8 - فوائد الآية : (( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) . أستمع حفظ
فائدة : هل النبي عليه الصلاة والسلام يمكن أن يذنب
فنقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلمة عامة : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )، وقال الله له : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصرا عزيزاً )) وقال الله تعالى له : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم )) ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام معصوم من كل ذنب يخدش بالرسالة بالاتفاق مثل الكذب والخيانة وما أشبه ذلك حتى إنه قال عليه الصلاة والسلام : ( ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين ) حتى بالإشارة لا يمكن أن يأتي بشيء يعد خيانة ولا بالإشارة.
أما ما لا يخدش بالرسالة فإنه قد يقع من البشر لأن البشر على اسمه بشر يقع منه لكن إذا تاب الله عليه صار خيراً منه قبل التوبة، ولهذا لم يحصل الاجتباء والهداية لآدم إلا بعد أن عصى ثم تاب (( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )).
فهذا القول هو الصحيح في مسألة وقوع الذنوب من الأنبياء، ولكنهم يمتازون عن غيرهم بالإضافة إلى ما سبق من أنه لا يمكن أن يقع منهم من الذنوب ما يخدش بالرسالة أنهم لا يقرون على ذنب، لا يمكن أن يقروا عليه، بل لا بد أن ينبهوا عليه حتى يرجعوا، بخلاف غيرهم فإن الإنسان قد يعمى عن الحق ويبقى على الذنب إلى أن يموت وهو لا يدري عنه، أما الأنبياء فمعصومون من الاستمرار فيه، بل لا بد أن يهيأ الله لهم ما به يتوبون.
وأما من منع الذنب مطلقا من الأنبياء فإن الآيات ترد عليه ، (( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر )) كيف يجيب على هذا؟ قال هذا مجاز المعنى ليغفر لك ما تقدم من ذنوب أمتك وما تأخر. وهذا من أبعد ما يكون، لأنا نقول إن قلتم كذلك فكيف تجيبون عن قوله : (( ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصرا عزيزاً )) ؟ وإن أبيتم إلا أن تتعنتوا فكيف تجيبون عن قوله تعالى : (( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )) لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات؟ وكيف تجيبون عن قول الرسول نفسه : ( اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره أوله وآخره، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ) وأشباه ذلك؟ ولا يمكن أن يجيبوا عن ذلك بأن الرسول قصد التعليم لأنه إذا قصد التعليم يمكنه أن يعلم بدون أن يضيف الذنوب إلى نفسه، وهو إذا أضاف الذنوب إلى نفسه وهو لم يذنب كان هذا جناية على النفس ، وهي نفس بشرية متصلة بالرسالة، ويستطيع أن يقول للناس استغفروا من ذنوبكم كما قال : ( يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله أكثر من سبعين مرة ).
فالحاصل أن القول الراجح الذي تدل عليه الأدلة ما أسلفنا من أن الأنبياء معصومون من الإصرار على الذنوب مطلقاً، ثانياً معصومون من كل ذنب يخدش بالرسالة من كذب وخيانة وغش وسرقة وزنا وما أشبه ذلك، لأن كل هذا يؤثر.
وقوله تعالى : (( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا )) هذه أيضا تدل على أن الإنسان يحرم عليه أن يحرم ما أحل الله له.
وفي هذا دليل على أن ربنا عز وجل أرحم بنا من أنفسنا حيث نهانا أن نمنع أنفسنا مما أحل لنا، وقد أنكر الله هذا غاية الإنكار في قوله : (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة )).
وقوله : (( طيبات ما أحل الله لكم )) هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها لأن كل ما أحل الله لنا فهو طيب، كما قال تعالى : (( يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )).
حدثنا الحسن بن محمد حدثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة تزعم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقال لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ... إن تتوبا إلى الله )) لعائشة وحفصة (( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً )) لقوله بل شربت عسلاً و قال إبراهيم بن موسى عن هشام ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحداً )
وقال إبراهيم بن موسى : عن هشام: ( ولن أعود له، وقد حلفت، فلا تخبري بذلك أحداً ).
الشيخ : هذا فيه كلمة زعم عطاء، وقوله : سمعت عائشة تزعم. الزعم يطلق على القول، وهو في الأكثر على القول الذي لا حقيقة له كما قال الله تعالى : (( زعم الذين كفروا أن لن يعبثوا )) ولكنه يطلق على القول الصادق كما هنا.
10 - حدثنا الحسن بن محمد حدثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة تزعم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقال لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ... إن تتوبا إلى الله )) لعائشة وحفصة (( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً )) لقوله بل شربت عسلاً و قال إبراهيم بن موسى عن هشام ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحداً ) أستمع حفظ
فوائد حديث التحريم .
وفيه أيضاً دليل على أن الغيرة إذا حملت الإنسان على ما يكره فإنه لا يؤاخذ بذلك حتى إن بعض أهل العلم يقول إذا قذف شخصاً على سبيل الغيرة فإنه لا يحد لأن هذا شيء يأتي رغماً على الإنسان لا يملك نفسه عندها.
وقوله : (( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما )) يعني عائشة وحفصة، عائشة بينت أبي بكر وحفصة بنت عمر، فأبواهما وزيرا الرسول صلى الله عليه وسلم وهما من أحظى النساء عند النبي صلى الله عليه وسلم اتفقتا على هذا، لماذا قالتا للرسول عليه الصلاة والسلام هذا؟ غيرة لأجل أن لا يشرب مرة ثانية عند زينب، كيف تسقيه العسل ونحن لا نسقيه؟! والمغافير نبت كريه الرائحة إذا أكل منه النحل فإنه قد يظهر ذلك في العسل الذي يخرج من النحل.
قوله : (( فقد صغت قلوبكما )) يعربها لنا هداية الله ؟
الطالب : إن شرطية.
الشيخ : شرطية.
الطالب : تتوبا فعل الشرط.
الشيخ : فعل الشرط، نعم.
الطالب : فقد صغت هذا الجزاء.
الشيخ : جواب الشرط.
الطالب : ...
الشيخ : لماذا جاءت الفاء ؟
الطالب : قد صغت
الشيخ : لاقتران الجواب ..
الطالب : ...
الشيخ : وش البيت المعروف في هذا ؟
الطالب : اسمية طلبية وبجامد وبما ولن وبقد وبالتنفيس
الشيخ : إذن إذا اقترن بقد ، توافقون على هذا الإعراب ؟
الطالب : ... محذوف فقط صغت قلوبكما : معطوف...بسبب ميل قلوبكم توبا إلى الله
الشيخ : لأن فقد صغت ما هي جواب الشرط، لأن ميل القلوب كان قبل التوبة، ولو كان جواباً له لكان بعدها، لكن الجواب محذوف إن تتوبا إلى الله يتب عليكما أو ما أشبه ذلك، أو فواجب عليكما التوبة.
أما قلوب فهي جمع، وهنا يشكل علينا كيف جمع القلوب مع أن الله يقول : (( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه )) وهما امرأتان؟
يقولون إنه إذا أضيف المتعدد إلى جمع فالأفصح فيه الجمع ثم الإفراد ثم التثنية إذا أضيف إلى مثنى فيقال قلوبكما أفضل ولو كان في غير القرآن لقلنا قلباكما وقلنا قلبكما لأن المفرد المضاف يفيد العموم ما لم يكن في ذلك لبس، فإن كان في ذلك لبس فإنه يجب أن يصاغ على ما يزول به اللبس، فإذا قلت أعتقا عبيدكما وأنت تريد أن يعتقا جميع العبيد، مثلا تخاطب رجلين عندهما عشرة من العبيد فقلت : أعتقا عبيدكما وأنت تريد جميع العبيد، لازم تأتي بالجمع لأنك لو قلت عبداكما لم تدل الجملة إلا على عبدين من عشرة، ولو قلت عبدكما لم تدل إلا على عبد واحد مشترك، فإذا كان يخشى اللبس من مخالفة الواقع وجب أن يصاغ المضاف على حسب الواقع إن جمعاً فجمع وإن مثنى فمثنى وإن مفرداً فمفرد، وإلا فإن القاعدة الجمع ثم الإفراد ثم التثنية.
قول بعض الناس لا أحد معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : لعل قصدهم بهذا في الحكم يعني من الخطأ في الحكم.
السائل : لا يقولون عموم أي فعل ؟
الشيخ : أقول يحمل على أنه لا أحد معصوم من الخطأ في الحكم بأن يقول هذا حرام وهذا حلال، ما أحد معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.
السائل : لكن إذا قصد به مطلق الكلام
الشيخ : قصد به الإطلاق فقد علمتم ما هو الصحيح.
هل الأنبياء معصومون من الكبائر ؟
الشيخ : إذا كانت تخل في الرسالة فإنهم معصومون وإلا فلا، لا سيما قبل النبوة فإن موسى عليه الصلاة والسلام قتل نفساً بغير حق لكنه قبل النبوة.
السائل : شيخ بارك الله فيك قال الله سبحانه وتعالى : (( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه )) ما هو تفسير الآية الكريمة (( أن لن نقدر عليه ))
الشيخ : ما جاءت في البخاري
السائل : في مسألة عصمة الأنبياء
الشيخ : ما لها دخل
باب : الوفاء بالنذر. وقوله : (( يوفون بالنذر )) .
حدثنا يحيى بن صالح حدثنا فليح بن سليمان حدثنا سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول ( أولم ينهوا عن النذر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل )
الشيخ : " باب الوفاء بالنذر"، ولم يقل المؤلف باب النذر، النذر له جهتان:
الجهة الأولى: إنشاء النذر، والجهة الثانية: الوفاء بالنذر.
أما إنشاء النذر فإنه مكروه بكل حال، وأما الإيفاء بالنذر فإنه أقسام يختلف. إنشاء النذر مكروه لما يأتي في الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله.
وأما الإيفاء، فإن نذر طاعة وجب عليهالوفاء لأن الطاعة بالنذر تكون فريضة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ).
وسواء كان النذر مطلقاً أم معلقاً، فالمطلق مثل؟
الطالب : ...
الشيخ : لا المطلق أن يقول لله علي نذر أن أصلي ركعتين، هذا مطلق. المعلق : لله عليه نذر إن نجحت أن أصوم يومين، هذا نذر معلق، أو إن شفى الله المريض فلله علي نذر أن أصوم شهرين، أو ما يفعله بعض الجهال إن جاء الله لولدي بولد ورأيته يمشي فلله علي نذر أن أصوم سنتين، وما أشبه ذلك، هذا نذر إيش؟ نذر معلق، يجب الوفاء به كما يجب الوفاء بالمطلق لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ).
نذر المعصية قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) مثل أن يقول : لله علي نذر أن أصوم يوم العيد، فهنا لا يجوز الوفاء، لكن هل يعتبر منعقدا أو لا؟ يرى بعض العلماء أنه منعقد وبناء على هذا يقضي يوماً ويكفر، ويرى آخرون أنه لا ينعقد لأنه نذر معصية لا حكم له، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وعلى هذا فلا يجب عليه قضاء اليوم ولا يجب عليه كفارة، لأنه نذر لاغ، وهذا قول قوي لكن ورد في حديث بأن عليه كفارة اليمين، يعني لا يوفي وعليه كفارة يمين، هذا نذر المعصية.
طيب، نذر المباح يخير بين فعله وبين كفارة اليمين وفعله أفضل، مثل أن يقول لله علي نذر أن ألبس ثوبي هذا الليلة، وش تقولون؟
الطالب : إن شاء لبسه وإن شاء كفر
الشيخ : إن شاء لبسه وإن شاء كفر كفارة يمين، لأن هذا النذر حكمه حكم اليمين، فنذر المباح حكمه حكم اليمين يخير بين فعله وبين كفارة اليمين.
الرابع : نذر اللجاج، يعني ما يحصل من الإنسان من النذر لقصد التصديق بما يقول أو تكذيب ما يقوله خصمه أو الحث على الشيء أو المنع من الشيء، كم هذه؟ أربعة أغراض، نذر اللجاج والغضب يقصد بها واحد من هذه الأمور، مثاله: حدثنا رجل بحديث فقلنا هذا كذب فقال: لله علي نذر إن كان كذباً أن أصوم سنتين.