باب : الوفاء بالنذر
تتمة شرح الحديث : حدثنا يحيى بن صالح حدثنا فليح بن سليمان حدثنا سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول ) أولم ينهوا عن النذر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل ) .
طيب، المنع، مثل أن يقول : إن كلمت فلاناً فلله علي نذر أن أصوم سنتين، هذا ما الغرض ؟ المنع.
الحث عكس هذه المسألة، يقول إن لم أكلم فلانا الليلة فلله علي نذر أن أصوم سنتين، المقصود الحث.
في هذه الحال نقول أنت الآن لا يلزمك أن تفي بما نذرت ولكنك تخير بين فعله وكفارة اليمين، لأن هذا النذر حكمه حكم اليمين.كم هذه ؟ أربع أقسام من النذر
الخامس: النذر المطلق، بأن يقول لله علي نذر ويسكت فقط، فهذا فيه كفارة يمين لحديث أخرجه أهل السنن : ( كفارة النذر إذا لم يسمى كفارة يمين ) إنسان بس قال لله علي نذر فقط، نقول عليك كفارة يمين.
فهذه أنواع النذر التي ذكرها أهل العلم، وهي معلومة بالاستقراء. إذن ليس فيها نذر يجب الوفاء به إلا واحدا وهو نذر الطاعة ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) نذر الطاعة بشرط أيضاً أن لا يكون من قسم اللجاج والغضب يعني الذي يقصد به المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب، لأن ما كان من باب اللجاج والغضب فحكمه حكم اليمين ولو كان نذر طاعة.
طيب، ثم ذكر المؤلف الأحاديث وهو قول ابن عمر : " ألم ينهوا عن النذر " من نهاهم؟ هذا الذي نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استدل لما قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخر، وإنما يستخرج بالنذر من البخيل ) كثير من الناس يظنون أن النذر يقدم أو يؤخر، إذا ضاقت بهم الضوائق نذروا، وكما حدثتكم قبل زمان .. لأن الغالب أن الإنسان ينذر مالاً، والبخيل لا يخرج المال، لكن إذا كان نذراً أخرجه غصبا عليه.
2 - تتمة شرح الحديث : حدثنا يحيى بن صالح حدثنا فليح بن سليمان حدثنا سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول ) أولم ينهوا عن النذر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل ) . أستمع حفظ
حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا سفيان عن منصور أخبرنا عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال إنه لا يرد شيئاً ولكنه يستخرج به من البخيل )
3 - حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا سفيان عن منصور أخبرنا عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال إنه لا يرد شيئاً ولكنه يستخرج به من البخيل ) أستمع حفظ
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له فيستخرج الله به من البخيل فيؤتي عليه ما لم يكن يؤتي عليه من قبل )
وهذا سياق جيد، أجود من حديث ابن عمر.
يقول : ( لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له ) فالمريض مثلاً إذا قال إن شافاني الله لأصومن شهرين مثلاً، نقول هذا النذر لا يأتيك بشيء، إن كان الله قد قدر لك الشفاء فسوف تشفى بلا نذر، وإن لم يقدر لك الشفاء فإنه لا ينفعك هذا النذر بشيء، لكن إذا نذر فإن النذر يلقيه إلى القدر قد قدر له فيستخرج الله به من البخيل، هذا إذا نذر مالاً، وفي المثال الذي ذكرنا نذر إيش؟ صوماً، نذر صوماً، إن شافاني الله لأصومن شهرين، هذا المثال الذي قلنا، هذا أتى عليه النذر بشيء لم يكن يفعله من قبل وهو الصوم، ولهذا قال : ( فيستخرج الله به من البخيل فيؤتي عليه ما لم يكن يؤتي عليه من قبل ).
اختلف العلماء رحمهم الله في النذر هل هو مكروه أو محرم؟ والقول بالتحريم أقرب إلى الصواب من القول بالكراهة، وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عنه وقال : ( إنه لا يأتي بخير ) وإذا كان لا يأتي بخير فهو يأتي بإيش؟ بشر.
4 - حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له فيستخرج الله به من البخيل فيؤتي عليه ما لم يكن يؤتي عليه من قبل ) أستمع حفظ
فائدة : قول شيخ الإسلام بتحريم النذر .
من جهة التعليل أن الإنسان يلزمه نفسه بشيء هو في عافية منه، والإنسان لا ينبغي له أن يلزم نفسه بما لم يلزمه الله به، بل يحمد الله على العافية، فإذا ألزم نفسه بشيء لم يلزمه الله به كان في هذا شيء من الجناية على النفس، ويدلك لهذا أن الذين ينذرون يندمون ندماً عظيماً، وأحياناً لا يقومون بما نذورا، وحينئذٍ يخشى عليهم من العقوبة العظيمة وهي المذكورة في قوله تعالى : (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين )) هؤلاء نذروا بأن الله إن آتاهم من فضله تصدقوا وصلحوا، (( فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون )) فكانت العقوبة قال تعالى : (( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )) فما أكثر الذين يندمون على ما فعلوا من النذر ثم يتهاونون ولا يوفون فيخشى عليهم أن تحل بهم هذه العقوبة أن يعقبهم الله نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه، ولهذا أرى من الواجب عليكم أنتم طلبة العلم أن تبينوا كثيرا للناس بأن النذر أقل أحواله الكراهة وأنه يؤدي إلى الندم، وهذا واقع كثيراً.
باب :إثم من لا يفي بالنذر
قال البخاري رحمه الله تعالى : " باب إثم من لا يفي بالنذر ".
حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني أبو جمرة حدثنا زهدم ابن مضرب قال سمعت عمران بن حصين يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثاً بعد قرنه ثم يجيء قوم ينذرون ولا يفون ويخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال : "باب إثم من لا يفي بالنذر" لأن الوفاء بالنذر واجب، وترك الواجب يستوجب الإثم، ولكن يجب أن نعلم أن كل معصية رتب عليها الإثم ما عدا الشرك بالله فإنه تحت المشيئة ولهذا يقال مثلاً الواجب يستحق تاركه العقاب وما يجزم، ما يقال يعاقب إلا إذا أراد القائل بقوله يعاقب أي حكماً لا عيناً فهذا صحيح، أما عين الشخص لا نجزم أن يعاقب كل من ترك واجباً أو كل من فعل محرماً لأن الله يقول : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لم يشاء )) فقول المؤلف : إثم من لا يفي بالنذر المراد به الجنس الحكم، وليس المراد به الشخص ، فالشخص لا نجزم بأنه يأثم، قد يعفى عنه.
وقوله : "من لا يفي بالنذر"، يعني النذر الذي يجب الوفاء به وهو نذر الطاعة، وقد سبق لنا أنا قسمنا النذر إلى كم؟ خمسة أقسام، وبينا حكم كل قسم.
ثم ذكر قول الرسول عليه السلام : ( خيركم قرني ) إلى آخره، خيركم يعني الخطاب للصحابة مباشرة وللأمة حكماً، فهو للأمة جميعا، خير الأمة قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران : " لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثة " والمعروف أنه اثنتان بعد قرنه، وهو الذي يعبر عنه العلماء بالقرون الثلاثة المفضلة.
( ثم يجيء قوم ينذرون ولا يوفون ) هذا محل الشاهد، وهذا على سياق الذم، يعني ينذرون ولا يوفون، والنذر يراد به هنا النذر الذي هو نذر لله عز وجل، ويشمل ما هو أعم، فيشمل العهد بين الإنسان وبين غيره من الناس، فتجده يعاهد ولا يفي.
( ويخونون ولا يؤتمنون ) قد يقول قائل : إن المتبادر أن يقول : يؤتمنون فيخونون، وهنا قدم الخيانة قال : ( يخونون ولا يؤتمنون ) والمعنى يختلف اختلافا عظيما، لأنه إذا قيل : يؤتمنون فيخونون معناه أنه تقع منهم الخيانة مرة واحدة، أما إذا قال : يخونون فلا يؤتمنون معناه أن الخيانة سجية وخلق لهؤلاء فهم يخونون ولا يأتمنهم الناس لعلمهم أنهم خونة.
طيب، ( ويشهدون ولا يستشهدون ) يشهدون بالشيء من غير أن تطلب منهم الشهادة، ولكن ما معنى من غير أن تطلب منهم الشهادة؟ هل المعنى من غير أن تطلب منهم الشهادة أداء، أو المعنى من غير أن تطلب منهم الشهادة تحملا؟ أي يشهدون بشيء لا يعلمون عنه؟
الحديث محتمل، فعلى المعنى الثاني لا إشكال في ذم هؤلاء الذين يشهدون بدون أن يتحملوا الشهادة لأنهم إذا شهدوا بدون أن يتحملوها صاروا شهداء زور، وشهادة الزور من أكبر الكبائر. أما على المعنى الثاني وهو الذي صدرنا به الكلام، وهو أن يؤدوا الشهادة قبل أن تسأل منهم فهذا فيه إشكال.
7 - حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني أبو جمرة حدثنا زهدم ابن مضرب قال سمعت عمران بن حصين يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثاً بعد قرنه ثم يجيء قوم ينذرون ولا يفون ويخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن ) أستمع حفظ
الجمع بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسألها ) .
فاختلف الناس في الجمع بينهما، فقيل إن معنى قوله : ( ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي بالشهادة قبل أن يسألها ) يحمل على أحد معنيين: المعنى الأول: أن هذا كناية عن سرعة المبادرة بالشهادة بحيث يكون من شدة مبادرته إذا احتيج إليه كأنما يؤديها قبل أن يسألها، أو يحمل هذا على شخص له شهادة لآخر دون أن يعلمها المشهود له، ففي هذه الحال يؤديها قبل أن يسألها، لماذا؟ لأن المشهود له لم يعلم، وهذا يقع كثيراً، يسمع رجل شخصاً من الناس يقر لآخر بحق وهو لا يعلم أنه يسمع، ولنفرض أن رجلاً نائم في المسجد ويتحدث حوله رجلان فقال أحدهما للثاني تذكر حين أقرضتك مائة ألف ريال قال نعم أذكر ذلك وهي عندي لك ثم بعد ذلك أنكر المقر، هم يظنون أن هذا الرجل نائم لا يسمع وهو سامع ففي هذه الحال يؤدي الشهادة قبل أن يسألها لأن صاحب الحق لا يعلم أنه شاهد بذلك، فهذا من خير الشهداء، واضح يا جماعة؟.
إذن حديث عمران إن أريد بقوله يشهدون ولا يستشهدون أي يتحملون الشهادة بدون أن يعلموا فلا معارضة بينه وبين الحديث الآخر : ( ألا أخبركم بخير الشهداء ) وإن أريد به المعنى الثاني فظاهرهما التعارض لكنه يحمل الحديث الثاني حديث زيد بن خالد الجهني : ( ألا أخبركم بخير الشهداء ) على أنه إيش؟ على أحد معنيين: إما أنه كناية على المبادرة بها بحيث لا يتقاعس، أو إنه في حق من عنده شهادة لا يعلم بها صاحب الحق.
أما قوله : ( ويظهر فيهم السمن ) فكل واحد منكم يلمس جنبه هل هو سمين أو لا؟ يظهر فيهم السمن، السمن في الواقع من خلق الله عز وجل ولا تصرف للإنسان فيه، قد يحب الإنسان أن يكون خفيف اللحم ولكن يسمن، وقد يحب أن يكون سميناً ولكن لا ينال السمن فكيف يلام الناس على أمر لا حيلة لهم به؟ يعني الواحد منا يقدر إذا أراد الله أن يكون سميناً يقدر أن يخفف؟ ما يستطيع فكيف يلام على شيء لا يستطيعه؟
نقول : إن المراد بذلك أن هؤلاء القوم يعتنون بتربية أبدانهم وتسمين أبدانهم كما تسمن الشاة في المراعي الجيدة فتجد الواحد منهم ليس له هم إلا أكله وما يترف بدنه، وهذا لا شك أنه يشغل القلب عما هو أهم وهو تسمين الروح بالعلم والإيمان فيكون هذا القرن الذي يأتي بعد القرون الثلاثة يهتمون بإيش؟ بتسمين أبدانهم وإتراف أبدانهم ولا يهتمون بغير ذلك فيظهر فيهم السمن. ولهذا نجد أنه كلما كثر هم الإنسان قل لحمه، هذا هو الغالب، ويذكر لنا ونحن صغار أن رجلاً ابتلي بكثرة اللحم وصار سميناً جدا وصار يتعب، فماذا يصنع؟ يقولون إنه ذهب إلى طبيب فجعل الطبيب يفحصه ويجس جميع بدنه، فقال إنك سوف تموت بعد أربعين يوماً أو قال بعد عشرين يوماً نسيت، المهم أن الرجل قال أربعين يوم قريبة فصار يأخذه الهم، لا ينام في الليل ولا يأكل في النهار، فما مضى نصف المدة إلا وقد خف وزنه كثيراً، لماذا؟ من الهم، فلما مضت المدة لم ير موتاً فجاء للطبيب قال له وين الموت؟ قال له احمد ربك أن الله أحياك، أنا أريد منك يصيبك الهم حتى ينزل وزنك، وإلا فالموت علمه عند الله عز وجل، يذكر هكذا، كانوا يقصون علينا ونحن صغار هذه والله أعلم بصحتها، لكن أخشى هذا عاد مع الفرح الشديد بعد ما ارتفع عنه الموت يعود عليه اللحم أكثر الله المستعان. طيب، إذن ما هو النذر الذي يأثم بعدم الوفاء به ؟ نذر الطاعة.
8 - الجمع بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسألها ) . أستمع حفظ
باب : النذر في الطاعة وقوله تعالى : (( وما أنفقتم من نفقة أونذرتم من نذر فإن الله يعلمه. وما للظلمين من أنصار )) .
9 - باب : النذر في الطاعة وقوله تعالى : (( وما أنفقتم من نفقة أونذرتم من نذر فإن الله يعلمه. وما للظلمين من أنصار )) . أستمع حفظ
حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه )
الشيخ : قال الله عز وجل : (( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه )) من هذه معناها يا أخ؟ من وش معناها؟
الطالب : من هذه حرف جر
الشيخ : حرف جر لكن وش معناها؟
الطالب : لابتداء الغاية.
الشيخ : لأ.
الطالب : للبيان.
الشيخ : للبيان لأنها جاءت بعد مبهم، فإن اسم الشرط من الأسماء المبهمة، فإذا جاءت بعده من صارت للبيان.والنفقة هنا نكرة في سياق الشرط فتكون إيش؟ عامة، نفقة قليلة أو كثيرة. (( أو نذرتم من نذر )) معطوف على الجملة الشرطية، والمراد بالنذر هنا يحتمل أن يكون المراد به ما يلزم الإنسان به نفسه من طاعة الله، ويحتمل أن يكون المراد به جميع الواجبات، فإن الإنسان إذا تلبس بالواجب صار كالنذر في وجوب الوفاء، ولهذا قال الفقهاء : "كل من دخل في واجب فإنه يحرم عليه قطعه إلا لضرورة"، فإذا دخل في قضاء رمضان، يصوم قضاء رمضان حرم عليه أن يفطر، إذا كان عليه كفارة يمين فصام حرم عليه أن يفطر، كل الواجبات إذا شرعت فيها صارت نذراً، ولهذا قال الله تعالى في الحج : (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطفوا بالبيت العتيق )) وهذا القول هو الصحيح أن المراد بالنذر هنا ما أوجبه الإنسان على نفسه بالدخول فيه، وهذا هو الشروع في الواجبات، أما النذر الذي يلزم الإنسان به نفسه فهذا وإن كان الله يعلمه بلا شك ويحاسب عليه لكن ليس من الأمور التي تحمد ويسن للإنسان فعلها.
10 - حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ) أستمع حفظ
فوائد الآية : (( وما أنفقتم من نفقة أونذرتم من نذر فإن الله يعلمه. وما للظلمين من أنصار )) .
وفيه أيضاً نكتة أخرى وهي أن الإنسان يعلم بأنه لن يضيع من هذا العمل شيء، لماذا؟ لأن الله يعلمه فلن يضيع.
أحياناً يذكر الله الثواب بالإنباء (( قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم )) والله إذا أخبر بالعمل فهو إما أن يجازي عليه وإما أن يعفو عنه إن كان إثماً، وإن كان خيراً جازى عليه الحسنة بعشر أمثالها كما هو معروف.
قال : (( وما للظالمين من أنصار )) الظاهر أن هداية الله سيعرب لنا من أنصار؟
الطالب : مبتدأ مؤخر.
الشيخ : مبتدأ مؤخر؟ بس هو مجرور عندنا في الآية.
الطالب : ما مهملة من العمل ، للظالمين جار ومجرور متعلق بمحذوف وهو خبر مقدم من زائدة،
الشيخ : من زائدة زائدة.
الطالب : زائدة في اللفظ وزائدة في المعنى
الشيخ : تمام أحسنت إذن هي زائدة زائدة طيب أنصار؟
الطالب : وأنصار مجرور لفظاً مرفوع محلاً بالابتداء.
الشيخ : وعلامة رفعه
الطالب : وعلامة رفعه محلاً
الشيخ : لا علامة رفعه
الطالب : الجر في آخره ، يعني محلاً
الشيخ : لا في ، المعربون يقولون غير هذا
الطالب : الضمة المقدرة منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد
الشيخ : وهنا ما يقول هداية الله إنها مهملة مع أن القرآن يأتي على لغة الحجازيين، لماذا يا خالد؟
الطالب : لأنه لم يراع الترتيب في المبتدأ والخبر
الشيخ : اي صح، ثم ذكر الحديث حديث عائشة : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، نذر الطاعة لا بد من فعله، فإن لم يفعل كان معرضاً نفسه لعقوبة عظيمة ذكره الله في قوله : (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به )) ضد الصدقة (( وتولوا وهم معرضون )) ضد الصلاح الذي التزموا به (( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه )) أعوذ بالله، هذا جزاء من أعظم الجزاء، نفاق في القلب ما هو نفاق عملي كنفاق اللسان بالكذب أو بالخيانة أو أشبه ذلك، نفاق قلبي إلى متى؟ إلى الموت، نعوذ بالله، (( إلى يوم يلقونه بما خلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )) فهم جمعوا بين خلاف الله ما وعدوه والكذب.
أما المعصية يقول : ( من نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ولكن هل يلزمه كفارة أو لا؟
قال بعض العلماء إنه يلزمه الكفارة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين )، ومنهم من قال لا تلزمه الكفارة، والقول بلزوم الكفارة أحوط، أنه إذا قال مثلاً والله لا أصلي اليوم مع الجماعة، هذا نذر معصية عليه أن يصلي مع الجماعة، وأن يكفر كفارة يمين، أو قال : والله لأغشن اليوم في الامتحان، ماذا نقول له؟ نقول يحرم أن يوفي لأنه نذر معصية وعليه كفارة يمين.
السائل : من نذر صيام الدهر؟
الشيخ : سيأتي إن شاء الله
11 - فوائد الآية : (( وما أنفقتم من نفقة أونذرتم من نذر فإن الله يعلمه. وما للظلمين من أنصار )) . أستمع حفظ
من نذر إن نجح في الإمتحان أن يحفظ القرآن ؟
الشيخ : وهو مقرر عليهم ؟
السائل : ما هو مقرر عليهم، لكن نذر إن نجح يحفظ القرآن كاملاً.
الشيخ : ما هو بشاق، القرآن من أيسر ما يكون إذا الإنسان تفرغ لحفظه، ما هو شاق.
السائل : قد يكون الإنسان عامي ما يستطيع؟
الشيخ : على كل حال يحاول ...
باب : إذا نذر، أو حلف: أن لا يكلم إنسانا، في الجاهلية، ثم أسلم.
حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال ( يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام قال أوف بنذرك )
الشيخ : عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، ابن عمر وش هو من عبيد الله بن عمر؟ أخوه، ونافع؟ مولى ابن عمر، أخو عبيد الله بن عمر يروي عن مولى لأخيه، أنظر كيف العلم، يرفع الله به أقواماً، هذا مولى يعني عتيق عبد أعتقه عبد الله بن عمر، وأخو عبدالله يروي عن نافع، لأن نافعاً لزم ابن عمر، لزمه ولازمه، ولهذا تجد مروياته عنه كثيرة.
يقول المؤلف : " إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية ثم أسلم " يعني هل ينفك اليمين والنذر أو يبقى؟
نقول هنا شيئان: تعيين ووصف أو سبب، التعيين هو أنه قال والله لا أكلم هذا الرجل، والوصف أو السبب أنه كان جاهلياً مشركاً، فهل نقدم التعيين أو نقدم المعنى الذي من أجل نذر أو حلف؟ نقول إن كان هناك نية فإننا نأخذ بنيته، قد يقصد التعيين مثل أن يكون بينه وبينه مشاجرة خاصة شخصية فيحلف أن لا يكلمه ولم يكن في باله أنه مشرك أو مسلم فهنا إذا كلمه بعد الإسلام ما تقولون؟ يحنث لأنه قصد عين الشخص بقطع النظر عن ديانته، وأحياناً يحلف أو ينذر أن لا يكلمه لأنه على الجاهلية فهذا إذا أسلم ثم كلمه فلا حنث عليه لزوال المعنى الذي من أجله نذر أو حلف، وقد سبق لنا أن الأيمان يرجع فيها إلى نية الحالف أولاً ثم إلى السبب ثم إلى ما يدل عليه اللفظ.
ثم استدل المؤلف بالحديث أن عمر قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال: ( أوف بنذرك ). أن أعتكف: الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله، هذا هو الاعتكاف.
14 - حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال ( يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام قال أوف بنذرك ) أستمع حفظ
فوائد حديث نذر الجاهلية .
وفيه دليل على أنه يجوز الاعتكاف بغير صوم، لأن الليل ليس محلاً للصوم، ولكن الحديث قد ورد على ثلاثة أوجه: أن أعتكف يوماً، أن أعتكف ليلة، أن أعتكف يوماً أو ليلة بالشك . فمن العلماء من قال: إن التعبير بالليلة عن اليوم سائغ، وباليوم عن الليلة سائغ، وأن أصل هذا النذر يوم وليلة.
قال : ( أوف بنذرك ) ولكن هل هذا الاعتكاف من باب الأمور المشروعة أو من باب الأمور الجائزة التي لا تحرم لكن لا يندب إليها ؟
الذي نرى أنه من القسم الثاني، لأن بعض الأعمال يقرها الشارع لكن لا يشرعها للأمة على سبيل العموم، وأظن مرّ علينا في هذا أمثلة، منها : الرجل الذي كان يختم صلاته بقل هو الله أحد، كلما قرأ ختم بقل هو الله أحد فأقره النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه لم يشرعه للأمة لا بفعله ولا بقوله، ما قال : أيها الناس اختموا قراءة صلاتكم بقل هو الله أحد، ولا كان هو يفعله.كذلك الوصال، أقرهم على أن يواصلوا إلى السحر لكنه ندبهم إلى أن يعجلوا إلى الفطر. كذلك سأله رجل عن أمه افتلتت نفسها وأنه لو تكلمت لتصدقت فقال أتصدق عنها؟ قال : ( نعم )، ولكن لم يقل للناس تصدقوا عن أمواتكم، لا الذين ماتوا فجأة ولا الذين ماتوا بمرض. سعد بن عبادة استأذنه أن يقف مخرافه، نخل يخرف في المدينة على أمه بعد موتها فأذن له، ولكن لم يقل للناس أوقفوا عقاراتكم لأمواتكم، بل أومأ بإرشاده عليه الصلاة والسلام إلى خلاف ذلك حيث قال : ( إذا مات الإنسان انقطع علمه إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) ولم يقل يتبرع له بصدقة أو وقف، مع أن سياق الحديث إيش؟ في العمل، فكان مقتضى هذا لو كان من الأمور المشروعة أن يذكر عملاً يجعله الإنسان لوالديه.
فائدة في الإعتكاف
مسألة أخرى : هل يندب للإنسان كلما دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف فيه ؟
يرى بعض العلماء أنه يندب له ذلك ويستدل بحديث عمر.
ولكن نحن نقول لا يندب:
أولا: أن فعل عمر ليس مندوباً على ما قررناه.
وثانيا: أنه قياس مع الفارق، لأن عمر نذر أن يعتكف، فهو يريد المسجد للاعتكاف، لكن هذا جاء للصلاة، ولم نسمع أن أحداً من الصحابة كان إذا دخل المسجد يريد الاعتكاف فيه، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لكان هم أعني الصحابة أسبق الناس إليه، ولكان الرسول عليه الصلاة والسلام يبلغ للأمة لأنه مفروض عليه أن يبلغ البلاغ المبين وقد قام به على الوجه الأكمل، ولم يدع شيئا يقرب إلى الله إلا دلّ الأمة عليه، وحسبنا أن نأتي إلى المسجد كما أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الجمعة مبكرين وفي غيرها إذا سمعنا النداء، ولا بأس أيضاً أن نتقدم إلى المسجد إذا أردنا زيادة قراءة أو ما أشبه ذلك. أنظر الترجمة ماذايقول؟
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ
القارئ : قوله: " باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم "
أي: هل يجب عليه الوفاء أو لا؟ والمراد بالجاهلية جاهلية المذكور وهو حاله قبل إسلامه، وأصل الجاهلية ما قبل البعثة.
وقد ترجم الطحاوي لهذه المسألة: من نذر وهو مشرك ثم أسلم فأوضح المراد، وذكر فيه حديث ابن عمر في نذر عمر في الجاهلية أنه يعتكف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أوف بنذرك ) قال ابن بطال: قاس البخاري اليمين على النذر وترك الكلام على الاعتكاف، فمن نذر أو حلف قبل أن يسلم على شيء يجب الوفاء به لو كان مسلما فإنه إذا أسلم يجب عليه على ظاهر قصة عمر. قال: وبه يقول الشافعي وأبو ثور كذا قال، وكذا نقله ابن حزم عن الإمام الشافعي، والمشهور عند الشافعية أنه وجه لبعضهم، وأن الشافعي وجل أصحابه على أنه لا يجب بل يستحب، وكذا قال المالكية والحنفية، وعن أحمد في رواية يجب، وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكية والبخاري وداود وأتباعه.
قلت: إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل وإلا فمجرد ترجمته لا يدل على أنه يقول بوجوبه، لأنه محتمل لأن يقول بالندب، فيكون تقدير جواب الاستفهام يندب له ذلك.
قال القابسي: لم يأمر عمر على جهة الإيجاب بل على جهة المشورة كذا قال، وقيل: أراد أن يعلمهم أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء، واحتج الطحاوي بأن الذي يجب الوفاء به ما يتقرب به إلى الله، والكافر لا يصح منه التقرب بالعبادة، وأجاب عن قصة عمر باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه سمح بأن يفعل ما كان نذره فأمره به لأن فعله حينئذٍ طاعة لله تعالى فكان ذلك خلاف ما أوجبه على نفسه لأن الإسلام يهدم أمر الجاهلية.
قال ابن دقيق العيد: ظاهر الحديث يخالف هذا، فإن دلّ دليل أقوى منه على أنه لا يصح من الكافر قوي هذا التأويل وإلا فلا.
الشيخ : على أن قوله : ( أوف بنذرك ) يحتمل أن يكون للإباحة، لأن عمر سأل هل يوفي أو لا يوفي ؟ فقال : ( أوف )، وجواب الاستفهام يكون للإباحة يعني جواب الاستفهام عن الفعل يكون للإباحة، لكن نظراً إلى أنه سماه نذراً فقال : ( أوف بنذرك ) قد يمنع هذا الاحتمال أي أن يكون الأمر للإباحة، وأن يكون دائراً بين الوجوب أو الاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب.
هل يستدل بهذا أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ؟
الشيخ : إي نعم، هذا ربما يوحي بأنهم مخاطبين بفروع الشريعة لأنه قال: ( أوف بنذرك ).
الجمع بين إثبات أن الجائز غير مشروع وقولهم في تعريف السنة هي القول والفعل والتقرير ؟
الشيخ : هذا صحيح، لا ينافيه، لأن السنة هنا تقرير على الجواز، هنا السنة تقرير على الجواز لأنه لولا تقرير الجواز لعد بدعة.
السائل : تعريف السنة ما هو بالسنة المطلوبة ؟
الشيخ : لا، التقرير على الجائز أو على المستحب.
لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بالنذر الذي وقع في الجاهلية ولم يأمر بقضاء الصلاة ؟
الشيخ : نعم، هذا سؤال جيد، يقول : لماذا النبي عليه الصلاة والسلام بالوفاء بالنذر الذي وقع في الجاهلية ولم يأمر بقضاء الصلاة؟
الفرق بينهما أن النذر مما أوجبه الإنسان على نفسه، فهو الذي التزمه وأما الصلاة فهي من حق الله وقد قال الله تعالى : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )) واضح ؟ نعم.
القارئ : باب : من مات وعليه نذر . وأمر ابن عمر امرأةً، جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء . فقال : صلي عنها . وقال ابن عباس نحوه
حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد الله ابن عبد الله أن عبد الله ابن عباس أخبره أن سعد بن عبادة الأنصاري استفت النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتفيت قبل أن تقضيه فأتاه أن يقضيه عنها فكانت سنة بعد .
حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي قد نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو كان عليها دين أكنت قاضيه ) قال: نعم، قال: ( فاقض الله، فهو أحق بالقضاء ).
الشيخ : نعم، من مات وعليه نذر هل يقضى عنه ؟ البخاري رحمه الله لم يجزم، ولكنه استدل بأثرين عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء فقال: " صلي عنها " لو كان المخاطب ذكرا لقال صل عنها بدون ياء.
طيب، صلي عنها يعني في نفس المسجد..