تتمة شرح باب : وقول الله تعالى : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ماترك وإن كانت وحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين ءابآؤكم وأبنآؤكم لاتدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما * ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يروث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم )) .
الشيخ : ... (( وله )) أي الرجل (( أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )) وهؤلاء هم الإخوة من الأم بالاتفاق، يعني إذا مات إنسان عن إخوة من الأم وإرثه كلالة أي ليس له ولد ولا والد ، يعني ليس له أب ولا جد وليس له ابن ولا بنت ولا ابن ابن ولا بنت ابن، فهذا هو الذي يورث كلالة ، الكلالة من ليس يرثه ولد ولا والد، له إخوة من أم للواحد السدس، ولاثنين فأكثر الثلث، ولهذا قال : (( فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )). ويستفاد من الآية الكريمة أن الأخت والأخ من الأم سواء في الميراث لا يفضل الأخ على الأخت بخلاف الأشقاء أو لأب فإن للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن إرث الأخوة من غير أم بالتعصيب، وإرث الإخوة من الأم بالفرض فلهذا كان ذكرهم وأنثاهم على حد سواء. طيب. إذا هلك هالك عن : أخ من أم وعم، كم للأخ من أم ؟ السدس. عن أخوين وعم ؟ الثلث. عن أخ من أم وأخت من أم وعم ؟ الثلث. عن أربعة إخوة من أم وعم ؟ الثلث . لأن الله قال : ((( فإن كانوا أكثر من ذلك )) من اثنين (( فهم شركاء في الثلث )). وفي قوله : (( شركاء )) دليل على أن الشركة المطلقة تحمل على التساوي، فلو وهبت رجلا وامرأة شيئا وقلت : هذا لكما أنتما شريكان ؟، بينهما نصفين. قال : (( من بعد وصية يوصى بها أو دين )) يعني أن هذا الميراث من بعد الوصية أو الدين، وقد سبق أن الدين مقدم على الوصية ، وسبق وجه ذكر الوصية قبل الدين في الآيات . قال : (( وصية من الله )) وصية مصدر حذف عامله أي : أوصيكم وصية من الله، وحذف عامل المصدر أبلغ من ذكره. وقوله : (( من الله )) يعين أن الله هو الذي أوصانا بهذا، وبه نعرف أن الله أرحم بنا من أقاربنا كما هو أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، في الآية الأولى : (( يوصيكم الله في أولادكم ))، وهنا يقول : (( وصية من الله )). (( والله عليم حليم )) أي ذو علم وحلم، ومن حلمه عز وجل أنه فرض لكل أحد ما يستحق. قوله : (( أو دين غير مضار )) يعني أنه يشترط في الوصية أن لا يكون فيها مضارة، فإن كان فيها مضارة وهي التي تزيد على الثلث فإنها تمنع، لو أوصى الميت بأكثر من الثلث لم ينفذ إلا الثلث فقط ، وما زاد عليه فإنه لا ينفذ. وفي الآية ، ليتها ذكرت : (( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله )) ، (( تلك )) المشار إليه ما سبق من قسمة المواريث ، (( حدود الله )) التي حددها. (( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )) ففي هاتين الآيتين دليل على أنه لا يجوز أبدا أن يزاد الوارث عما فرض الله له. ويؤخذ منها تحريم الوصية للوارث، لأنه لو أوصى للوارث لتعدى الحدود، وقد جاءت السنة مصرحة بذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ).
حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر: قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وهما ماشيان، فأتياني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصب علي وضوءه فأفقت، فقلت: يارسول الله، كيف أصنع في مالي، كيف أقضي في مالي، فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث.
القارئ : باسم الله ، قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول : ( مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وهما ماشيان، فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصب علي وضوءه فأفقت، فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث ). الشيخ : هذا الحديث فيه بيان مشروعية عيادة المريض، وهل فيه دليل على أنه يشرع أن تكون العيادة ماشيا ؟ يحتمل هذا وهذا، ولكن لا شك أن الذي يعود المريض ماشيا أكثر احتسابا فيما يبدو من العمل من الذي يعود المريض راكبا. وفيه دليل على بركة آثار النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما توضأ وصب عليه وضوءه أفاق. ولكن هل يتعدى ذلك إلى غيره ؟. الجواب : لا ، التبرك بالآثار من عرق أو ثوب أو فضل وضوء وما أشبه ذلك فهذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشركه أحد فيه. ودليل هذا أن الصحابة لم يستعملوه مع بعضهم ، أي لم يستعمل الصحابة هذا فيما بينهم ، فلم يتبركوا بآثار أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، وإذا لم يتبركوا مع قيام السبب علم أنه ليس بمشروع . وفي الحديث دليل على أن آيات الكتاب العزيز منها ما يكون له سبب ، ومنها ما لا يكون له سبب ، وكل آية فيها يسألونك فإن لها سببا، لأن سببها سؤالها.
رجل ذو مال كثير و بلغه الكبر فذهب به أولاده إلى دار المسنين فلما بلغه ذلك غضب عليهم وكتب كل ماله لأعمال البر فهل ينفذ ذلك ؟
السائل : رجل ذو مال كثير وبلغه الكبر فجاء أولاده ذهبوا به إلى دار المسنين ، فلما بلغه أنهم ذهبوا به إلى دار المسنين ولم يخبروه أنهم ذهبون به إلى دار المسنين، فلما بلغه ذلك يعني غضب عليهم وكتب كل ماله لأعمال البر الخيرية ؟. الشيخ : وهو صحيح شحيح ؟ السائل : نعم وهو صحيح، لكنه كبير. الشيخ : هو كبير ، لكنه صحيح عقلا وجسما ؟. السائل : نعم صحيح عقلا وجسما. الشيخ : ينفذ. السائل : ينفذ كل المال ؟ الشيخ : نعم، لأن هذه ليست وصية، هذا وقف منجز، أما لو أوصى به لم ينفذ إلا الثلث. السائل : حتى لو كان هو غاضب على أولاده ، تركوه هكذا . الشيخ : مسكين هذا، هذا خرج ماله عن ملكه، الآن ما يقدر هو ولا أن يسكن في بيته، إلا إذا كان قد استثنى السكنى في بيته فيسكن ، لاحظوا هذا يا جماعة، إذا أوقف الإنسان شيئا فقد خرج عن ملكه ، ما يتصرف فيه ولا بالسكنى إلا إذا استنثى أن له مغله في حياته أو أن له السكنى في حياته. السائل : هو باقي الآن في دار المسنين. الشيخ : يبقى حتى يأتيه اليقين. السائل : بيته الذي فيه أولاده يخرجون منه ؟. الشيخ : وقف ، مادام وقف وقف . السائل : يخرجون منه ؟. الشيخ : نعم . السائل : إذا أوصى الموصي بأكثر من الثلث ، المعروف أن الوصية لا ينفذ منها إلا الثلث فقط ، ولكن هل يأثم على توصيته بأكثر من الثلث مع أنه لا ينفذ إلا الثلث ؟. الشيخ : وش تقولون يا جماعة ؟ ما مرت علينا ؟. ملات علينا بالحديث يا محمد بن واصل ومرت علينا بالفقه قريبا. يحرم أن يوصي بأكثر من الثلث لأن الرسول منع سعد بن أبي وقاص، منعه حتى وصل إلى الثلث، وقال : ( الثلث والثلث كثير ).
السائل : يا شيخ ما الفرق في المسألة هذه : الرجل الذي يريد منع أبنائه من الميراث، وبين الرجل الذي طلق امرأته في مرض الموت بقصد الحرمان ؟ الشيخ : الآن لو كان في مرض الموت ووقف جميع ممتلكاته لم ينفذ إلا الثلث في مرض الموت ، ولهذا سألت السائل قلت : هل هو مريض ؟ قال : لا، صحيح، هل هو مريض عقليا ؟ قال : لا ، عاقل. لو طلق زوجته وهو صحيح ثم مرض بعد الطلاق ومات ما ترث منه. واضح ؟ نعم.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا )
القارئ : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ). الشيخ : كتب المؤلف الترجمة : باب تعليم الفرائض ، ثم ذكر الأثر عن عقبة قال : " تعلموا قبل الظانين " الذين يتكلمون بالظن ، ليس عندهم علم ، يتخبطون في دين الله . وفي هذا حث على تعلم العلم ولا سيما إذا كثر الظانون كما قال عقبة من عامر رضي الله عنه فإن هذا يتطلب منا أن نركز على تعلم العلم حتى ترسخ العلوم في أذهاننا لئلا يأتي دور الظانين. ثم ذكر حديث : ( إياكم والظن ) أي أحذركم من الظن، ( فإن الظن أكذب الحديث ) لأن الظن حديث النفس، يظن الإنسان بفلان كذا، هذا حديث النفس، فهو أكذب الحديث. ( ولا تحسسوا ولا تجسسوا ) أيهما أبلغ ؟ التجسس أبلغ، لأنه فيه زيادة، الجيم فيها نقطة، ويقال : إن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني. ( ولا تباغضوا ) أي لا يبغض بعضكم بعضا. وقوله : ( ولا تدابروا ) أي لا تدابروا في القلوب ولا في الأجساد أيضا، ولهذا ليس من الأدب أن تجلس والناس وراءك حتى إنه جاء في الحديث : ( لعن من جلس وسط الحلقة )، لماذا؟ . لأنه يستدبر الناس، فليس من الأدب أن تلقي ظهرك إلى الناس، كما أنه يشمل أيضا التدابر القلبي، لا تدابروا بحيث يكون قلب هذا إلى هنا وقلب هذا إلى هنا، مختلفا ، فإن ذلك خلاف الآداب الإسلامية. ( وكونوا عباد الله إخوانا ) عباد وش نعربها ؟ . الطالب : خبر كان . الشيخ : أو منادى، يعني كونوا يا عبد الله إخوانا، أو كونوا عباد الله إخوانا ، يعني كونوا عبادا لله إخوانا فيما بينكم، يجوز الوجهان. المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نكون إخوانا. شف كلامه على التحسس.
القارئ : قوله ( ولا تحسسوا ) بالحاء المهملة ( ولا تجسسوا ) بالجيم ما تطلبه لغيرك، والأول ما تطلبه لنفسك . الشيخ : إيش ؟ القارئ : " ما تطلبه لغيرك، والأول ما تطلبه لنفسك، أو بالجيم البحث عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر، أو بالجيم في الخير، وبالحاء في الشر، أو معناهما واحد، وهو تطلب الأخبار ". الشيخ : الظاهر والله أعلم أن التحسس أهون من التجسس، يعني معناه لا تتعمق في البحث، هذا تجسس ، والبحث الخفيف هذا تحسس، أو يقال إن التحسس البحث عن الأخلاق الحسية، والتجسس عن الأخلاق المعنوية، لأن التحسس من الحس ، يعني مثلا يتصنت ، وش حركاتهم ، وش يسوون، الجس البحث عن الأمور الباطنة ، وش عقيدته ، وش فكره، وما أشبه ذلك. الشيخ : وفي الفتح ؟ القارئ : أحال يا شيخ . الشيخ : أحال ؟! القارئ : " تقدم شرحه مستوفى، وفيه بيان المراد بالظن هنا وأنه الذي لا يستند إلى أصل ". الشيخ : العمدة ؟ القارئ : ما تكلم عليه. الشيخ : ما ذكر شيء ؟ القارئ : بس تكلم على تعليم الفرائض . الطالب : ... الشيخ : ... الظاهر لي والله أعلم أن التحسس البحث عن الأشياء الظاهرة المدركة بالحس، والتجسس عن الأشياء الباطنة المدركة بالجس، وجس النبض وما أشبه ذلك . وإذا قيل معناهما واحد ، استرحنا مترادف وينتهي الموضوع.
السائل : ما مناسبة الحديث بالباب ؟ قال باب تعليم الفرائض ثم ذكر الحديث . الشيخ : إي نعم، المناسبة ظاهرة ، لأن الظن خلاف العلم. السائل : ذكر التجسس أيضا . الشيخ : هذا تبع الحديث لأنه إذا وجد في الحديث أو في الآية شاهد واحد يكفي .
ما الجمع بين قوله تعالى (( إن بعض الظن إثم )) وبين عدم المؤاخذة بحديث النفس ؟
السائل : ... الشيخ : لا ، بعض الظن إثم إذا لم يبن على قرائن، فما بني على قرائن ظاهرة فليس بإثم. السائل : ... الشيخ : لا ، الحديث غير حديث النفس، الحديث تحدث ولكن ما تركن إلى شيء، والظن تركن إليه.
الشيخ : وش يقول ؟. القارئ : في كتاب الأدب . " قوله : ( ولا تحسسوا ولا تجسسوا ) إحدى الكلمتين بالجيم والأخرى بالحاء المهملة، وفي كل منهما حذف إحدى التاءين تخفيفا، وكذا في بقية المناهي التي في حديث الباب، والأصل تتحسسوا. قال الخطابي: معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها، قال الله تعالى حاكيا عن يعقوب عليه السلام : (( اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ))، وأصل هذه الكلمة التي بالمهملة من الحاسة إحدى الحواس الخمس، وبالجيم من الجس بمعنى اختبار الشيء باليد وهي إحدى الحواس ، فتكون التي بالحاء أعم. وقال إبراهيم الحربي : هما بمعنى واحد. وقال ابن الأنباري : ذكر الثاني للتأكيد ، كقولهم بعدا وسخطا، وقيل : بالجيم البحث عن عوراتهم وبالحاء استماع حديث القوم ". الشيخ : هذا يشبه ما قلنا، أن الجيم للأخلاق الباطنة، والحاء لما يدرك بالحس. القارئ : " وهذا رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أحد صغار التابعين. وقيل : بالجيم البحث عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، وبالحاء البحث عما يدرك بحاسة العين والأذن، ورجح هذا القرطبي. وقيل بالجيم تتبع الشخص لأجل غيره، وبالحاء تتبعه لنفسه، وهذا اختيار ثعلب. ويستثنى من النهي عن التجسس ما لو تعين طريقا إلى إنقاذ نفس من الهلاك ". الشيخ : هذا في الأدب . صفحة كم ؟. القارئ : 485 .
السائل : أيهما أنفع للأمة الشباب أو الشيوخ ؟ الشيخ : لا يقوم كل واحد منهما إلا بالآخر، فالشباب عندهم قوة العزم والنشاط، والشيوخ عندهم الحكمة والتأني، فإذا اختلط هذا بهذا نجحت الأمور، وإذا وكل الأمر إلى الشيوخ لاسيما شيوخ اليوم، شيوخ اليوم أنتم تعرفون أن الأسلام مر عليه فترة قبل عشرين سنة أو أكثر ، مر عليه فترة فتور للغاية جدا، ثم الآن بدأ والحمد لله ينشط، لو رجعنا إلى الشيوخ الذين كانوا بالأول شباب وعاشوا على ذلك الفتور ما استقام شيء ، لأنهم الآن يظنون أن هذه النهضة الشبابية الطيبة ، يظنونها دينا جديدا ويصرحون يقولون : إنا وجدنا آبائنا على أمة، وش هذا الدين اللي جبتوه ؟. من أين جبتوه ؟. لذلك لا يمكن أن تستقيم الأمة على هؤلاء وحدهم ولا على هؤلاء وحدهم، حتى الشباب أيضا بعضهم عندهم اندفاع يفسد عليهم الأمور، ولا يتصورن الشيء على حقيقته، هذا أيضا خلل كبير في الشباب.
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال ) قال أبو بكر والله لا أدع أمر اً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت .
القارئ : حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة : ( أن فاطمة والعباس عليهما السلام، أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك، وسهمهما من خيبر، فقال لهما أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ). قال أبو بكر : والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة، فلم تكلمه حتى ماتت . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نورث ما تركنا صدقة ). ( لا نورث ) الضمير يعود إلى الأنبياء ، كما جاء في لفظ آخر : ( إنا معاشر الأنبياء لا نورث ). وقوله : ( ما تركنا صدقة ) ما : اسم موصول مبتدأ، وصدقة خبر المبتدأ، يعني لا نورث كما يورث غيرنا، فما تركناه من المال فإنه صدقة، أما ما تركه غيرهم فإنه يكون للورثة، (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم )) وما أشبه ذلك. وقوله : ( لا نورث ما تركنا صدقة ) حكمة ذلك ظاهرة جدا ، لأن الأنبياء لو ورثوا لكان يظن الناس أنهم ادعوا النبوة من أجل تكديس الأموال حتى تورث من بعدهم ، ولكن منع الله تعالى ذلك ، وجعل ما تركوه صدقة. وأما تحريف الرافضة لهذا الحديث حيث قالوا إن معنى الحديث : لا نورث الذي تركناه صدقة، حرفوه لفظا لينحرف معنى، لأنه إذا قالوا : لا نورث ما تركناه صدقة ، يعني لا نورث الذي تركناه صدقة، بل يتصدق به. لو كان الأمر كذلك فأين خصيصة الأنبياء، كل ما يتركه الإنسان صدقة فإنه لا يورث ، يتصدق به إذا خرج من الثلث، فإذا كان الأمر كذلك لم يكن بين الأنبياء فرق . ثم إن هذا التحريف مخالف لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ولا شك أن فهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم أسد من فهم هؤلاء. وأما ما جرى لفاطمة رضي الله عنها فإنه من الاجتهاد الذي نرجو الله تعالى أن يعفو عنها به ، حيث هجرت أبا بكر رضي الله عنه، وليس أهلا لأن يهجر لأنه خليفة أبيها، ولكن هذا من الاجتهاد الذي إن أصابت فيه فلها أجران، وإن أخطأ فلها أجر واحد، ونحن نشهد الله وملائكته وجميع خلقه أن الصواب مع أبي بكر رضي الله عنه ومع بقية الصحابة. وأتى به المؤلف رحمه الله هنا في باب الفرائض ليبين أن آيات الفرائض العامة مخصوصة بهذا، بإيش ؟ . بأن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث كما يورث سائر الناس، عرفتم ؟ فيكون هذا من باب تخصيص الكتاب بالسنة، وتخصيص الكتاب بالسنة كثير، يعني ليس غريبا أن ترد النصوص عامة في القرآن ثم تخصصها السنة. ثم ذكر المؤلف حديث عروة عن عائشة : " أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر "، وقوله : " عليهما السلام " هذا لعله من النساخ وليس من البخاري رحمه الله ، لأن قول : رضي الله عليهما ، أفضل من قول عليهما السلام، لأن الرضا فيه سلام وزيادة، والسلام فيه نفي المكروه فقط بخلاف الرضا فإنه يثبت أمرا زائدا على السلام. نعم : " أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأن فاطمة بنته ، والعباس عمه، البنت لها النصف، والزوجات لو فرض أنه يورث لهن الثمن ، والباقي للعصبة، والعباس عم ، أقرب من علي بن أبي طالب وأولى بالميراث لو كان يورث. " وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر " فقال لهما أبو بكر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا نورث ) قف ( ما تركنا صدقة ) هذا محل وقف لئلا يلتبس الأمر. ( لا نورث ) كلمة عامة، ( ما تركنا صدقة ) يعني يجب أن يكون صدقة لله عز وجل. ( إنما يأكل آل محمد من هذا المال )، قال أبو بكر : " والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته " أقسم رضي الله عنه. أولا : شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما نعلم أنه صادق فيه، بأن الأنبياء لا يورثون، وأن ما تركوه صدقة . ثم أقسم أن لا يتجاوز ما مشى عليه النبي عليه الصلاة والسلام كائنا من كان، ونحن نعلم أن قرابة الرسول عند أبي بكر أحب من قرابة أبي بكر لأبي بكر ، كما صرح به في الحديث هذا نفسه الطويل، ولكن هل محبة الرسول عليه الصلاة والسلام ومحبة آل الرسول تقتضي مخالفة ما شرعه الرسول ؟ . أبدا، بل كلما ازداد الإنسان محبة للرسول عليه الصلاة والسلام ولآل الرسول فإنه يتبع منهجهم ويحذو حذوهم، ويبرأ من الغلو الذي يبرؤون منه، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحذر أصحابه من الغلو فيه عليه الصلاة والسلام.
حدثنا إسماعيل بن أبان أخبرنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال لا نورث ما تركنا صدقة )
القارئ : حدثنا إسماعيل بن أبان، أخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا نورث، ما تركنا صدقة ). الشيخ : إذن روي هذا الحديث من حديث أبي بكر وابنته عائشة رضي الله عنهما ، كلاهما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي من حديثه ذلك فانطلقت حتى دخلت عليه فسألته فقال انطلقت حتى أدخل على عمر فأتاه حاجبه يرفأ فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد قال نعم فأذن لهم ثم قال هل لك في علي وعباس قال نعم قال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه فقال الرهط قد قال ذلك فأقبل على علي وعباس فقال هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك قالا قد قال ذلك قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله قد كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره فقال عز وجل ما أفاء الله على رسوله إلى قوله قدير فكانت خالصةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل بذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك قالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك قالا نعم فتوفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها فقلت إن شئتما دفعتها إليكما بذلك فتلتمسان مني قضاءً غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاءً غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما فادفعاها إلي فأنا أكفيكماها
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، وكان محمد بن جبير بن مطعم، ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك : ( فانطلقت حتى دخلت عليه فسألته فقال : انطلقت حتى أدخل على عمر، فأتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان، وعبد الرحمن، والزبير، وسعد ؟ قال : نعم، فأذن لهم، ثم قال : هل لك في علي، وعباس ؟ قال : نعم، قال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، قال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، فقال الرهط : قد قال ذلك، فأقبل على علي وعباس، فقال : هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك . قال عمر : فإني أحدثكم عن هذا الأمر ، إن الله قد كان خص لرسوله صلى الله عليه وسلم ). الشيخ :" خص رسوله في هذا الفيء ". في عندكم : لرسوله ؟. القارئ : ... الشيخ : نسخة ثانية إذا . القارئ : " إن الله قد كان خص لرسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فقال عز وجل : (( ما أفاء الله على رسوله )) إلى قوله (( قدير )) فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته، ثم يأخذ ما بقي فيجعلُه مجعل مال الله، فعمل بذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم، فتوفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا ولي ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك . وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما بذلك، فتلتمسان مني قضاء غير ذلك ؟ فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما فادفعاها إلي فأنا أكفيكماها ". الشيخ : رضي الله عنه . هذا مما يدل على تواضع عمر رضي الله عنه ، وعلى أنه ينبغي للإنسان لو كان فوق غيره أن يتكلم معه بالإقناع من أجل أن يطمئن، وإلا فإن بإمكان عمر رضي الله عنه أن يقول : أنا لا أقضي فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضاء من ؟ وقضاء أبي بكر، وينتهي، لكن كونه يناشد هؤلاء الرهط الذين جاؤوا إليه في بيته ، ثم يناشد العباس وعليا في هذا يدل على تواضعه ، وأنه ينبغي للإنسان ولو كبر في قومه أن يتكلم معهم عن إقناع ، لأن الإنسان إذا اقتنع بالشيء طابت نفسه وسهل عليه الانقياد، لكن إذا أتي بعنف على أنه لا بد أن ينفذه فهذا ربما ينفذه عن إغمار ، وربما يجادل ويعاند ولا ينفذ . وفي النهاية عرض عليهما عمر رضي الله عنه أن يدفع إليهما الأموال ويتصرفان فيها ، وأنهما إن عجزا عن ذلك ما يأخذاها بعدها ، والظاهر أنهما اقتنعا بعد هذا العرض ، اقتنعا ولم يتكلما بشيء. اقرأ لنا الشرح على هذه الجملة الأخيرة.
القارئ : " فقلت لكما إن شئتما دفعتها إليكما بذلك . أي بأن تعملا فيها كما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فتلتمسان . بحذف أداة الاستفهام أي أفتطلبان ، مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي . ولأبي ذر عن الكشميهني : فوالذي، بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما . عنها ، فادفعاها إلي . بتشديد الياء ، فأنا كفيكماها . بفتح الهمزة. فإن قلت : إذا كان علي وعباس أخذاها على الشرط المذكور فيكف يطلبان بعد ذلك من عمر ؟ أجيب : بأنهما اعتقدا أن عموم قوله : ( لا نورث ) مخصوص ببعض ما يخلفه ، وأما مخاصمتها فلم تكن في الميراث بل طلبا أن تقسم بينهما ليستقل كل منهما بالتصرف فيما يصير إليه، فمنعهما عمر، لأن القسمة إنما تقع في الأملاك، وربما تطاول الزمان فيظن أنه ملكهما قاله الكرماني، وسبق مزيد لذلك في فرض الخمس ". الشيخ : ما وضح . من هذا ؟. العيني ؟. نعم . القارئ : قال رحمه الله : " قال ( لا نورث ) فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر ؟ وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر ؟ والذي يظهر والله أعلم حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة وأن كلا من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله : ( لا نورث ) مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك ، وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيا عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه : لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة، وفي صرفها كيف تصرف كذا قال ، لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ولفظه في آخره : ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من ابن أخي ويقول هذا أريد نصيبي من امرأتي، والله لا أقضي بينكما إلا بذلك . أي إلا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية، وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه. وفي السنن لأبي داود وغيره أرادا أن عمر يقسمها لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه ، فامتنع عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليها اسم قسم ، ولذلك أقسم على ذلك، وعلى هذا اقتصر أكثر الشراح واستحسنوه. وفيه من النظر ما تقدم، وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بأن عليا وعباسا لم يطلبا من عمر إلا ذلك مع أن السياق صريح في أنهما جاءاه مرتين في طلب شيء واحد، لكن العذر لابن الجوزي والنووي أنهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري والله أعلم. وأما قول عمر: جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك . فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم أن لو كان هناك ميراث لا أنه أراد الغض منهما بهذا الكلام، وزاد الإمامي عن ابن شهاب عند عمر بن شبة في آخره فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما ، فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة. وزاد شعيب في آخره قال ابن شهاب فحدثت به عروة فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة تقول فذكر حديثا قال : وكانت هذه الصدقة بيد علي منعها عباسا فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مثله وزاد في آخره قال معمر : ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولي هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها، وزاد إسماعيل القاضي أن إعراض العباس عنها كان في خلافة عثمان. قال عمر بن شبة : سمعت أبا غسان هو محمد بن يحيى المدني يقول : إن الصدقة المذكورة اليوم بيد الخليفة يكتب في عهده يولي عليها من قبله من قبضها ويفرقها في أهل الحاجة من أهل المدينة. قلت : كان ذلك على رأس المائتين ثم تغيرت الأمور والله المستعان ". الشيخ : الله المستعان ، صار الظاهر من عمر رضي الله عنه أنه سلمها للعباس وعلي . القارئ : بعد الخصومة يا شيخ ، بعد هذا الكلام . الشيخ : في الأول ثم تنازعا فيها ، ثم قال لهما هذا الكلام : إذا كنتم تتنازعون آخذها منكم.
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يقتسم ورثتي دينارًا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة )
القارئ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد . قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقتسم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي فهو صدقة ). الشيخ : ... طيب ، هذا الحديث كالأول يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، فقال : ( لا يقتسم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة ). وهذا يفيد معنى زائدا على الحديث الأول، وهو أنه يصرف على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مما ترك على سبيل الاستحقاق لا على سبيل الإرث.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن فقالت عائشة أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا نورث ما تركنا صدقة )
القارئ : حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : ( أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقالت عائشة : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث، ما تركنا صدقة ). الشيخ : هذا كالأول، وفيه فضيلة عائشة رضي الله عنها حيث روت هذا الحديث الذي يحرمها من الميراث، وأن الأمانة تجب مراعاتها ولو على نفس الإنسان (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )). السائل : ... الشيخ : نفقة النساء ؟. للنساء لقربهن من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولأن الله منعهن أن يتزوجن بمن بعده، والمرأة تحتاج إلى نفقة. وأما العامل فالظاهر أنه العامل على ماله، يعطى بقدر أجرته. المؤونة هي النفقة.
حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه ومن ترك مالاً فلورثته )
القارئ : حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته ). الشيخ : هذا الحديث صريح في أن من ترك مالا فهو لورثته ، والمال عند العلماء كل عين مباحة النفع بلا حاجة، هذا المال، كل عين مباحة النفع بلا حاجة، فما لم يكن مباح النفع فليس بمال، وما كان مباح النفع للحاجة فليس بمال أيضا ، بل لا بد أن يكون مباح النفع لغير حاجة . وظاهر الحديث أن من ترك غير مال فليس لورثته، ويحمل هذا على أنه ليس لورثته على سبيل التمليك، أما على سبيل الاستحاق فهو لهم بلا شك، مثل أن يترك الميت كلب صيد، فإن كلب الصيد ليس بمال لأنه لا يباع ، ولكن من كان بيده فهو أحق به من غيره.