باب : رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت
تتمة شرح الحديث من قول عمر : إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن قائلًا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانًا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتةً وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلًا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا يوعك فلما جلسنا قليلًا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالةً أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبًا ودارًا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة قال عمر وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا
المؤذن : الله أكبر الله أكبر
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،أظن وقفنا على " فقدمنا المدينة عقب ذي الحجة " ؟ يعني بعد ، شف على قوله : " فقدمنا المدينة عقب ذي الحجة " ؟
2 - تتمة شرح الحديث من قول عمر : إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن قائلًا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانًا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتةً وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلًا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا يوعك فلما جلسنا قليلًا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالةً أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبًا ودارًا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة قال عمر وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا أستمع حفظ
قراءة من الشرح
الشيخ : هو الحقيقة فيه إشكال هذا ، هو يقول: في آخر ذي الحجة في يوم الأربعاء، فيه إشكال لأنه إذا قدرنا أنه خرج من مكة في يوم أربعة عشر، سيسير ثمانية أيام، يصل يوم اثنين وعشرين، يوم الأربعاء اثنين وعشرين، وهو حضر الجمعة وخطب الجمعة، الأربعاء اثنين وعشرين والخميس ثلاث وعشرين والجمعة أربع وعشرين، والمعروف أنه توفي ثلاث وعشرين من ذي الحجة، تحتاج إلى تحرير، إما أن يكون المؤرخون أخطأوا وأن يكون توفي في آخر يوم مثلا أو ما أشبه ذلك، إي نعم، إن شاء الله تحررها لنا ؟ طيب ، خلاص الباقي نمشي ، هذه هي التي أشكلت علينا.
تتمة شرح الحديث
أولا : زيادة الأجر والثواب بما بقي من القرآن، فإن في كل حرف كم ؟ عشر حسنات.
ثانيا : تذكير المسلمين بنعمة الله عليهم بالتخفيف أو بزيادة الأجر إن كان النسخ إلى أشق، لأن النسخ إما أن يكون إلى أشق أو إلى أخف، فإن كان إلى أخف وبقي اللفظ الذي فيه الأشد فهو تذكير للمسلمين بنعمة الله عليهم بالتخفيف، مثل : آيتي المصابرة، كانت الأولى تدل على أنه لا بد أن الإنسان يصابر عشرة من المشركين فإن لم يصابرهم فليس بصابر، وفي الثانية يصابر الواحد اثنين، وبينهما فرق ، وإذا كان الأمر إلى أشد فإنه لزيادة الثواب والأجر، كما في الصلاة المفروضة نسخت من ركعتين إلى أربع ركعات، وهذا فيه نوع من المشقة زيادة على الركعتين ولكن لأجل كثرة الثواب ، نعم
يقول : " فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة " والذي خشيه رضي الله عنه وقع وضلوا بترك هذه الفريضة وقالوا : الرجم إنما ثبت بخبر آحاد لا بالقرآن، الذي في القرآن : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) فلا قبول، ولا شك أن ما جاء في السنة فهو كما جاء في القرآن، بل إن هذا جاء في القرآن لكن نسخ ، قال : " والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن "، قوله : " في كتاب الله " سبق أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لأقضين بينكما بكتاب الله ) ، " على من أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة " أحصن يعني إيش ؟ يعني تزوج بالشروط التي عرفتم، لا بد من جماع في نكاح صحيح، وهما بالغان عاقلان حران، خمسة شروط ، قال : " إذا قامت البينة " وهي أربعة رجال كما سبق ، " أو كان الحبل أو الاعتراف " الحبل يعني الحمل، وسبق الخلاف في هذه المسألة، وأن الصواب ما قاله عمر أنه إذا حملت المرأة وجب حدها ما لم تدع شبهة ، ولكن هل ترجم وهي حامل ؟ لا ، يجب تأخير الرجم حتى تضع وتسقي ولدها اللبأ ، اللبأ أول حليب يكون فيها بعد الولادة، لأن هذا اللبا مع كونه غذاء بمنزلة الدبغ للمعدة، يدبغها، ولهذا من لم يشرب هذا اللبا فإنه يكون دائما في مرض، ثم إذا وجد من يرضعه بعد سقي اللبا أقيم عليها الحد، وإن لم يوجد تركت حتى تفطمه ، " ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو: إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم " هذا أيضا مما نسخ لفظا أو حكما ؟ لفظا، وأما حكما فهو باق، فإن من الكفر أن يرغب الإنسان عن أبيه يعني يزهد فيه وينتسب إلى غيره، مثل أن يكون الرجل من غير قبيلة معروفة فيقول : أنا فلان بن فلان لقبيلة معروفة، أو يكون كما تقول العامة عندنا : يكون خضيريا، والخضيري هو الذي لا ينتسب إلى قبيلة معروفة من العرب فينتسب إلى رجل قبيلي ، أو يكون من القبائل القبلية ولكن ينتسب إلى من هم أشرف وأكثر اعتبارا عند الناس ، المهم أن أسباب الانتساب إلى غير الأب كثيرة، قد يكون من جملة ذلك أن يكون فقيرا فينتسب إلى أب إيش ؟ غني ، قال : " ألا ثم " ألا هذه للتنبيه ويقال للاستفتاح، وهي لاستفتاح ما بعدها وإن كانت في أثناء الجملة، وفائدتها التنبيه تنبيه المخاطب، وإنما أشار إليها بالتنبيه رضي الله عنه لخطورتها وعظمها ، قال : " ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم، وقولوا: عبد الله ورسوله ) " الإطراء هو المبالغة في المدح والغلو فيه، وعيسى بن مريم أطري، حيث جعله النصارى إلها أو بعض إله أو ابنا لله، فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم ) وهل هذا التشبيه قيد، فيكون المعنى : أطروني لكن دون ذلك، أو هو تعليل ويكون المعنى : لا تطروني مطلقا ؟ الظاهر الثاني لأن الإطراء هو المبالغة في المدح والغلو فيه، والرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( قولوا عبد الله ورسوله ) وهذان الوصفان أشرف وصف للرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون عبدا لله ورسولا له، وما زال الأحباب يجعلون أنفسهم عبيدا للمحبوبين، فقد قال الشاعر يعرض بمعشوقته، يقول :
لا تدعني إلا بيا عبدها *** فإنه أشرف أسمائي
قل : يا عبد فلانة، هذا أشرف أسمائي، فالعبودية لله لا شك أنها من أشرف أوصاف الإنسان ، وهو أيضا رسول فيجب أن يصدق لأنه رسول ربنا عز وجل، فيجب أن يصدق وقد قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : " عبد لا يعبد ورسول لا يكذب " تفسير مختصر مفيد، عبد لا يعبد ورسول لا يكذب يعني هذا الواجب أن لا يعبد لكونه عبدا، والعبد لا يعبد، العبد مربوب ليس ربا حتى يعبد، ورسول لا يكذب بل يصدق فيما أخبر به ويمتثل أمره فيما أمر به ، " ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول: والله " إلى آخره، هذا هو بيت القصيد، وحينئذ قد يقع سؤال : لماذا أتى عمر رضي الله عنه بالأحكام الثلاثة السابقة مع أن الغرض من هذه الخطبة هو إيش ؟ الرد على هذا القائل الذي قال : لو هلك عمر لبايعت فلانا ؟ فالجواب عندي والله أعلم أن الحكمين الأولين وهما : رجم الزاني المحصن والرغبة عن الآباء من القرآن، فخشي رضي الله عنه إن طال بالناس زمان أن ينكروا كونها من القرآن، فهي من المنسوخ لفظه الباقي حكمه، وهذا أمر مهم بل هذا أمر خطير أن ينكر الإنسان حكما ثابتا بالقرآن ، وإن كان القرآن منسوخا فحكمه باق، أما المسألة الأخيرة الحكم الأخير وهو النهي عن الغلو برسول الله صلى الله عليه وسلم فظاهر لأنه يقرر التوحيد رضي الله عنه، وهذا من أهم شيء أن يقرر التوحيد، فقد قرر عمر التوحيد في آخر خطبه في آخر حياته كما قرره أبو بكر في أول خطبه في أول خلافته، ماذا قال ؟ أبو بكر أول ما خطب الناس قال : " ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ثم قرأ : (( إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون )) أو قرأ : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )) ، انتقل رضي الله عنه إلى بيت القصيد كما يقولون "بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت " ما معنى قوله : " وتمت " ؟ أي سلمت من التنغيص والخروج عليه ، وصارت بيعة صحيحة لازمة للمسلمين ، " ألا وإنها قد كانت كذلك " وش معنى كذلك ؟ يعني فلتة ، " ولكن وقى الله شرها " وقى الله شرها بماذا ؟ بما جبل الله عليه أبا بكر من حسن الرعاية والولاية ، ولهذا خضع الأنصار لهذه البيعة بعد أن كانوا في الأول رافعي رؤوسهم يريدون أن تكون الإمرة لهم، ويقولون : أنتم وفد علينا، يقولون للمهاجرين، شف سبحان الله العظيم، أول ما قدم المهاجرون ماذا صنعوا معهم ؟ واسوهم بالمال وبكل شيء، حتى إن الواحد من الأنصار يطلب من المهاجري أن يتنازل له عن زوجته فيتزوجها، لكن في النهاية لعب الشيطان في بعضهم وأرادوا أن تكون الإمرة لهم وقالوا : أنتم وفدتم إلينا، ونحن أهل البلد فدخلت فيهم نعرة الجاهلية، وغالب ظني أن سبب ذلك ما انتشر بينهم من المنافقين لأن المنافقين كما تعرفون هم الذين يولدون هذه النعرة الجاهلية كما في غزوة بني المصطلق وغيرها، فهؤلاء المنافقون أفسدوا ما كان عليه الأنصار رضي الله عنهم من الإيثار والمحبة والمودة، ولكن وقى الله شرها ، ثم بين السبب رضي الله عليه فقال : " وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر " شهادة عظيمة، يعني لا يوجد أحد منك مثل أبي بكر، حتى ولو عمر ليس مثل أبي بكر رضي الله عنه، ولهذا أذل الله له القلوب لأبي بكر حتى تمت البيعة تماما ولم يتخلف أحد عن بيعته أبدا سوى ما يذكر من قصة فاطمة رضي الله عنها، ولكن فاطمة لم تطل مدتها بل ماتت بعد ستة أشهر من موت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعرفون قصة فاطمة أنها لمسألة دنيوية، لكنها صار في قلبها على أبي بكر شيء من الشره لأنه أحب الناس إلى أبيها، فظنت أن ما صنعه رضي الله عنه من باب الاجتهاد، فصار في نفسها عليه شيء، مع أن ما فعله أبو بكر من حرمان الإرث إنما كان بالنص، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة )
أما علي رضي الله عنه فقد بايع فقيل إنه بايع سرا قبل موت فاطمة مراعاة لها، وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام غضب على علي حين أراد أن يتزوج عليها بنت أبي جهل وقال : ( فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني ) فلما رأى أنها لم تبايع كأنه يعني داهنها أو وافقها، وقيل إنه بايع سرا، وهذا هو الأليق به رضي الله عنه أن لا يخرج عن الجماعة ، على كل حال أبو بكر رضي الله عنه أفضل الأمة بلا شك، أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر، ولهذا سخر الله له الخلق وأذل له الأعناق حتى بايعوا جميعا ولم يتخلف أحد، وتمت له الأمور ولله الحمد ، ثم قال : " من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه " معلوم لأن المبايعة معناه جعل هذا المبايع وليا على من ؟ على المسلمين وهذا لا يمكن، لا يمكن أن يكون كذلك، أن يكون وليا على المسلمين من غير مشورة المسلمين، لا بد من المشورة إلا إذا عُهد إلى الولي الثاني من الأول، فإذا عهد إلى الولي الثاني من الأول تمت البيعة، مثل بيعة عمر رضي الله عنه، فإن أبا بكر نص على عمر، ولاه وجعله ولي عهد له، فحينئذ لا حاجة للمبايعة لأن المسلمين وثقوا بالأول وولوه أمورهم على سبيل الإطلاق فإذا اختار لهم من يرى أنه أهل نفذت البيعة بدون أن يكون هناك مشاورة مع أن عمر رضي الله عنه كان يرى المشاورة حتى في خلافته، لأنه لما طعن رضي الله عنه قال : لو كان أبو عبيدة حيا، أبو عبيدة عامر بن الجراح لو كان حيا لوليته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه إنه أمين هذه الأمة ، شف سبحان الله العظيم الاستنباط العظيم، قال إذا كان الرسول جعله أمين هذه الأمة فهو أمين، فلو كان حيا لوليته، ولكنه قد توفي قبل وفاة عمر رضي الله عنه فجعل المسألة شورى بين ستة أنفار ، ثم قال : " يحضركم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء " ابنه يحضر لكن ما له شيء من الولاية ، لماذا يحضر ؟ تطييبا لخاطره فهو عضو مراقب كما يقولون في العرف الحاضر ليس له رأي لكنه رضي الله عنه أراد أن يجبر خاطره بدون أن يجعل له ولاية ، على كل حال يقول : " فلا يبايع هو ولا الذي بايعه " وش عندكم تغرة ؟ وش معناها ؟ .. المعنى إذن واضح، يعني معناها أن هذا العمل قد يكون سببا لقتلهما كيف ذلك ؟ لأنه إذا كان المسلمون لا يرضونهما فإنهم لن يصبروا عليهما، ولكن قد يقال : كيف قال عمر هكذا مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج على الأئمة وإن فعلوا ما فعلوا ما لم نر كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ؟ قلنا : إن هذين الرجلين لم يثبت كونهما أئمة، إلى الآن لم تثبت إمامة المبايع، لكن لو ثبتت إمامة المبايع فإنه لا يجوز الخروج عليه حتى لو شرب الخمر ولو زنا ولو فعل ما فعل إذا لم يكن هناك كفر صريح عندنا فيه من الله برهان، فيكون قول عمر هنا لا يعارض الحديث، وذلك لأن هذه الصورة التي ذكرها عمر لم تتم فيها الإمامة حتى نقول إن هذا خروج على الإمام ، ثم قال رضي الله عنه : " وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أيش ؟ أن الأنصار ! أنا عندي إلا لكن في بعض النسخ زائدة يقول ، أن الأنصار خالفونا، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة " مكان معروف في المدينة " وخالف عنا علي والزبير ومن معهما " علي ابن عم الرسول عليه الصلاة والسلام فيرى أن لنفسه حقا، الزبير ابن عمة الرسول لأن أمه صفية بنت عبد المطلب، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( لكل نبي حواري وإن حواري الزبير ) فرأى لنفسه حقا
قراءة من الشرح تتضمن موت عمر و خلافة عثمان
الشيخ : يوم الأربعاء أي يوم ؟
القارئ : سيتكلم الآن
الشيخ : أيه
القارئ : " ودفن في يوم الأحد مستهل المحرم من سنة أربع وعشرين بالحجرة النبوية إلى جانب الصديق عن إذن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في ذلك ، وفي ذلك اليوم حكم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال الواقدي رحمه الله : حدثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال : طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وأحد وعشرين يوما، وبويع لعثمان يوم الإثنين لثلاث مضين من المحرم ، قال : فذكرت ذلك لعثمان الأخنس فقال : ما أراك إلا وهمت، توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة وبويع لعثمان لليلة بقيت من ذي الحجة فاستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين.
وقال أبو معشر : قتل عمر لأربع بقين من ذي الحجة تمام سنة ثلاث وعشرين وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وبويع عثمان بن عفان ، وقال ابن جرير: حدثت عن هشام بن محمد قال : قتل عمر لثلاث بقين من ذي حجة سنة ثلاثة وعشرين، فكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام ، وقال سيف عن خليد بن فروة ومجالد قالا: استخلف عثمان لثلاث من المحرم فخرج فصلى بالناس صلاة العصر ، وقال علي بن محمد المدائني عن شريك عن الأعمش أو جابر الجعفي عن عوف بن مالك الأشجعي وعامر بن محمد عن أشياخ من قومه وعثمان بن عبد الرحمن عن الزهري قال : طعن عمر يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة ، والقول الأول هو الأشهر ، والله سبحانه وتعالى أعلم. "
الشيخ : الظاهر أن القول الأخير أنه في آخر شهر ذي الحجة أقرب إلى الصواب، لأن عمر قدم المدينة وخطب يوم الجمعة، وهذا معناه أنه قدم في وقت مبكر، وأنه تأخر قتله ، نعم أحسنت بارك الله فيك.
السائل : الصواب لثلاث أو لأربع أو لسبع من ذي الحجة ؟
الشيخ : لا لا ، لثلاث أو أربع ، لسبع هذا بعيد.
السائل : لكن يتوافق مع قول عبد الرحمن بن عوف ؟
الشيخ : إي يتوافق
القارئ : باقي الحديث يا شيخ
الشيخ : باقي الحديث شف قوله : " أنا جذيلها المحكك " هذا المثل ؟
القارئ : يقول هنا : " جذيلها المحكك أصله عود ينصب في العطن لتحتك به الإبل الجرباء، أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجرباء بالاحتكاك به ، عذيقها المرجب هو القنو العظيم من النخيل ، والقنو الغصن، والمراد أنا داهية عالم في الأمور. "
الشيخ : أحسنت ، في شيء ثان عندك ؟
تتمة شرح الحديث
هل بين الكفر والخروج تلازم بمعنى أن الإمام إذا كفر وجب الخروج عليه ؟
الشيخ : وجب على الناس الخروج ؟
السائل : نعم
الشيخ : معلوم إذا كفر إذا رأينا كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان، فهنا يجب أن نخرج بشرط القدرة، أما إذا كنا لا نقدر بحيث إننا لو خرجنا لكان الضرر أكثر وأكثر فلا يجوز الخروج، وذلك لأن المباح يجب أن يوزن بموازيين المصلحة والفساد، لأن المباح هو مستوي الطرفين ما لم يوجب مرجح، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إلا أن تروا كفرا بواحا ) هذا محل إباحة لكنه واجب لأنه لا يجوز أن نجعل واليا على المسلمين من كفره بواح ، نعم
السائل : شيخ لفظة المؤذنون قلنا سنتكلم عليها ؟
الشيخ : إي نعم، المؤذنون أقول إن كانت محفوظة فالمراد الجنس، وإن كانت غير محفوظة وأنها المؤذن فلا إشكال ، ما تكلم عليها عندك ؟
القارئ : ما تكلم يا شيخ
الشيخ : ما ذكر شيئا ، طيب.
الحامل من الزنا يطلب منها الدلائل أم يكتفى بالدعوة ؟
الشيخ : يكتفى بمجرد الدعوى
السائل : ...
الشيخ : أي نعم ما لم تكن معروفة بالشر والفساد فهذا شيء آخر ، أخذنا ثلاثة ؟ نعم
باب : البكران يجلدان وينفيان : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين . الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )) . قال ابن عيينة : رأفة في إقامة الحد.
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله : باب البكران يجلدان وينفيان ، يجلدان كم ؟ مائة جلدة ، ولهذا فسرها المؤلف بالآية ، وينفيان عن الأرض عن البلد الذي حصل فيه الزنا ، ينفيان لمدة سنة ، أما الرجل فظاهر يمكن أن ينفى ولا إشكال ، وأما المرأة فإذا نفيت فهل تنفى بدون محرم ، أو بمحرم ويلزم المحرم أن يسافر معها أو لا يلزمه ؟ نقول : الأصل أنها لا تسافر إلا مع محرم هذا الأصل ، لكن إذا لم نجد محرما فإنها تسافر وحدها بشرط أن يكون هناك أمان، فإن لم يكن أمان فإنه لا يجوز أن تسفّر، لأنه كيف نسفّرها إلى بلد تفسد فيه ، وأما الآية فقال الله تعالى : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) قوله : (( اجلدوا )) الخطاب للمؤمنين عموما ، ومن المعلوم أن الذي يقيمه هو الإمام ، لكن وجه الخطاب لجميع الناس لأنهم مسؤولون عن إقامة الحدود فإن إقامة الحدود فرض كفاية ، (( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله )) الرأفة الرحمة برقة ، وقوله : (( في دين الله )) أي في الحد ، لأن إقامة الحدود من الدين كما صرح عمر رضي الله عنه بأن الرجم فريضة في كتاب الله ، وقوله : (( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) هذا شرط ، فمن كان مؤمنا فليفعل هذا ، وهو من باب ما يسمونه بالإغراء ، كما تقول للإنسان : إن كنت رجلا فافعل ، إن كنت كريما فأكرم الضيف ، وما أشبه ذلك ، قال : (( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) اللام للأمر وهو للوجوب ، ولا بد أن يشهد العذاب طائفة من المؤمنين أقلها ثلاثة ، أقل الطائفة ثلاثة من المؤمنين ، (( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )) قوله : (( لا ينكح )) اختلف العلماء فيها ، هل المراد لا ينكح أي لا يطأ إلا زانية أو مشركة ؟ فيكون المعنى الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة ، أو المراد بالنكاح عقد النكاح الحقيقي ؟ وهذا هو الصحيح ، والمعنى أنه لا يتزوج إلا زانية أو مشركة ، وكيف ذلك ؟ لأنه إذا كان زانيا حرم على العفيفة أن تتزوج به ، فإذا تزوجت فإما أن تكون عالمة بالحكم راضية به ولكنها عصت فتكون زانية ، لأنها أباحت فرجها بغير عقد صحيح وإما أن تكون غير راضية بالحكم بل اختارت حكما غير حكم الله فتكون مشركة ، هذا هو توجيه الآية ، وهو توجبه واضح ، وكذلك الأخرى قال : (( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )) فالزانية لا تجوز أن تتزوج حتى تتوب ، فإن تزوجها شخص وهو راض بحكم الله وعالم أنه حرام فهو زاني ، وإن تزوجها غير راضي بحكم الله فهو مشرك ، قال : (( وحرم ذلك )) أي نكاح الزانية أو نكاح الزاني (( على المؤمنين )) والذي حرمه هو الله عز وجل ، نعم ، ما قرأنا هذا ، التعليق على الأحاديث يا هداية الله
9 - باب : البكران يجلدان وينفيان : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين . الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )) . قال ابن عيينة : رأفة في إقامة الحد. أستمع حفظ