تتمة شرح الحديث : حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثنا أبو سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقال له رجال من المسلمين فإنك يا رسول الله تواصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزدتكم كالمنكل بهم حين أبوا تابعه شعيب ويحيى بن سعيد ويونس عن الزهري وقال عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : هل هذا يسوغ لنا أن نغير حدود الله بحيث إذا رأينا شخصا لا يهتم بخصال الكفارة عدلنا عما أوجب الله إلى المرتبة الثانية مثلا ، مثال ذلك يذكر أن بعض العلماء استفتاه ملك من الملوك عن كفارة ظهار أو غير ظهار ، المهم كفارة يجب فيها العتق أولا ثم صيام شهرين متتابعين ثم إطعام ستين مسكين ، فقال هذا الرجل العالم برأيه لو قلت للملك : أعتق رقبة لكان إعتاق مائة رقبة أهون من أن يصوم يوما واحدا ، صحيح هذا ؟ لأن الملك عنده ، والصوم شاق عليه ، فأفتاه بأن يصوم شهرين متتابعين وترك المرتبة الأولى ، فهل نقول إن هذا الاجتهاد صحيح ؟ لا يا هداية الله ما نقول ، نقول هذا الاجتهاد باطل ، أنت فاهم المسألة زين ؟ المهم نقول هذا الاجتهاد في مقابلة النص فلا يؤخذ به بل يرد عليه ، لأنه يقال له أأنت أعلم أم الله ؟ ماذا يقول ؟ طيب أأنت أحكم أم الله ؟ أأنت أرحم أم الله ؟ طيب ، إذن اجتهاد خاطئ ، الخلاصة أن التعزير لا يختص بشيء معين ، المقصود به الإصلاح، تأديب الفاعل وردع غيره ، فبأي وسيلة حصل فإنه جائز اللهم إلا ما كان محرما فالمحرم لا يجوز أنه يعزر به ، مثل ما يذكر عن بعض الجبابرة أنهم يعزرون الناس بفعل الفاحشة بهم ، أعوذ بالله ، فهذا حرام لا يجوز بأي حال من الأحوال ، إنما الشيء المباح أي نوع من أنواع التعزير افعله ولا حرج ، طيب لو قال قائل : كيف يقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء نهاهم عنه ؟ ما الجواب ؟ ... ينكل بهم لمصلحة ، لأن هذا هو الذي يوجب لهم أن ينتهوا ، لأن النفوس قد تتأول الشيء وتقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة نهانا عن الوصال رحمة بنا رحمة وشفقة ، لا لأنه غير مشروع فينكل بهم ، فنقول هنا استمر بهم فيما نهى عنه من أجل المصلحة المترتبة على ذلك ، نعم
السائل : هل يجوز الزيادة على الحد للتعزير ، مثلا واحد زنى كثيرا ... ضرب مئة وضرب عشرة ؟ الشيخ : الذي لا يرتدع بالمائة ما هو مرتدع بعشرة ، الحدود لا يجوز فيها الزيادة أبدا ولا النقص، تبقى على ما هي عليه. السائل : احسن الله إليك يا شيخ هذا الفقهاء قالوا إذا مات الإنسان قتل إنسان شخصا بحرقه أو التمثيل به فإنه يقتص منه كما فعل ؟ الشيخ : نعم صحيح السائل : وهذا فيه محرم الشيخ : لا محرم للعدوان
حدثني عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلى حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاماً جزافاً أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم
القارئ : حدثني عياش بن الوليد، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر: ( أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم ) الشيخ : الله أكبر ، نعم لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع في مكان شرائها حتى تنقل إلى الرحل ، فمثلا إذا اشتريت سيارة من المعرض لا يجوز أن تبيعها في المعرض، انقلها إلى كراجك إلى بيتك إلى محل آخر ثم بعها، وكذلك غيرها ، وقوله : " يضربون إذا اشتروا طعاما جزافا " هذا لبيان الواقع ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ولا أحسب كل شيء إلا مثله " أي مثل الطعام ، والحكمة من ذلك أن الإنسان في الغالب لا يبيع الشيء إلا إذا ربح فيه ، فإذا باعه وربح فيه في مكان البائع فإن البائع قد يغار من هذا ويغتاظ وربما يحاول أن يصطنع شيئا يفسد به البيعة الأولى ويحصل بذلك الشقاق والنزاع ، وتعلمون بارك الله فيكم أن هذه الشريعة مبنية على التآلف في معاملة الناس وإزالة العداوة والبغضاء ، ( كونوا عباد الله إخوانا ) ، ( المسلم أخو المسلم ) ، المسلم لا يبيع على بيع أخيه لا يشتري ، حرم الله الخمر والميسر لأنه يصد عن ذكر الله ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس، ولهذا حرم الشرع كل ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء ، ومع الأسف أن من الناس اليوم من يحمل راية العلم وراية السنة وراية الغيرة وهو يبث العداوة بين الناس والعياذ بالله ، وليست عداوة بين عامة الناس عداوة بين العلماء وطلبة العلم ، يأتي لهذا ويقول قال فلان كذا وقال فلان كذا ، أو تحدث فيه بكذا أو ما أشبه ذلك ، والعاقل إذا نقل إليه أحد شيئا عن شخص يستحضر آية من القرآن تكفيه وهي : (( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم )) لا تطعه ، واعلم أن من نم إليك نم منك ، لا فرق ، وربما يأتي إنسان يقول قال فيك فلان كذا لأجل يأخذ كلمة ويطير بها طيران إلى الثاني، ولهذا احذروا من النمام ، وإذا نم إليكم أحد الحديث فقل له اتق الله لا تلق العداوة إن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( لا يدخل الجنة قتات ) يعني نمام ، طيب إذن الخلاصة نحن طلعنا شوي ، الخلاصة أنه لا يجوز بيع السلع في المكان الذي بيعت فيه حتى تنقل إلى الرحل ، وقوله : " إلى رحالهم" الظاهر أن هذا أيضا قيد أغلبي وأن المراد تنقل عن مكان البيع إلى رحله أو إلى مكان آخر كمعرض آخر مثلا ، ومن الأسف الآن أن كثيرا من المسلمين يبيعون سلعهم في مكان بيعهم ولا يهتمون بذلك.
إشكال : إذا كان السوق ليس خاص بالبائع وانصرف عنه بعد بيعه هل يجوز للمشتري أن يبيع فبه !
الشيخ : ولكن يبقى لدي إشكال ولننظر إلى حله : إذا كان هذا السوق ليس خاصا بالبائع ، سوق عام ، البائع نزل الحمولة ثم انصرف ، ثم جاء المشتري يبيعها واحدا واحدا ، هذا يوجد في إيش ؟ في سوق الخضار ، تأتي السيارة محملة بالكراتين وتباع وتنزل وينصرف البائع ، ثم إن المشتري يأخذ يبيعها واحدة واحدة ، هل نقول إن هذا داخل في الحديث ؟ أو نقول إن هذا المكان عام بدليل أن البائع انصرف عنه ؟ إن قلنا بالثاني فالحديث يقول : في السوق ، لكنه في غير هذا اللفظ ، في غير هذا اللفظ يقول : في أعلى السوق ، الظاهر لي أنا أنه لا حرج في بيعه في هذا المكان لأن هذا المكان لا يختص به البائع بل هو مكان عام ، والبائع أيضا قد تخلى منه نهائيا وانصرف ، نعم لو كان البائع حاضرا ، يشوفني اشتريت منه السطل أو الكرتون بعشرة وبعته بعشرين صحيح يغار لكنه ينصرف ولا يهتم بهذا الشيء ، فالظاهر لي أن هذا لا بأس به إن شاء الله ، وهو الذي عليه عمل الناس الآن ، نعم يا آدم
هل يجوز لمن اشترى سيارة من المعرض أن يبيعها في نفس المعرض بعد أيام ؟
السائل : في معارض السيارات هناك مشتركين ثلاثة أربعة نفر واحد يجيب السيارة ويبيع السيارة في المعرض ... يعني بعد كم أيام ؟ الشيخ : يشترونها من المعرض ؟ السائل : نعم الشيخ : طيب إذا اشتراها من المعرض يطلعه إذا أراد أن يبيعها يروح معرض ثاني. السائل : يقصد إذا باعها للمعرض ... الشيخ : أي هذا هو ، يخرجون بها عن المعرض إلى معرض آخر ، خالد
كيف أجزنا هذه المسألة وهي أنه يجوز أن تباع في السوق مع أن العلة وهي العداوة والبغضاء علة مستنبطة مع أنه مر علينا أن العلة المستنبطة لا يخصص بها الحديث ؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك أقول كيف أجزنا هذه المسألة وهي أنه يجوز أن تباع في السوق مع أن علة العداوة والبغضاء بين الناس هذه علة مستنبطة، فيكف خصصنا بها الحديث، مع أنه أكثر من مرة مر علينا أن العلة المستنبطة لا يخصص بها الحديث، كيف خصصناها في هذه الصورة ؟ الشيخ : لا ، نحن خصصنا بالواقع أنه يعتبر السوق محلا للجميع ، وأن قوله : " إلى رحالهم " يقول المشتري هذا رحلي ، والبائع لما تخلى وذهب كأنه قبّضني إياه. السائل : كيف نجيب عن قول الراوي في أعلى السوق ... ؟ الشيخ : يحتمل أنه في أعلى السوق هذه الأمكنة مخصصة لهذا الشخص، لأنهم كانوا فيما سبق وإلى وقت قريب يعطون شخصا قطعة من الأرض ويقولون هذا محلك للبيع ويسمون هذا إقطاعا ، وأظنه مر عليكم في إحياء الموات إقطاع الانتفاع، هذا هو ، نعم
حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت ( ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله فينتقم لله )
القارئ : حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله ) الشيخ : هذا خير الهدي وهذا دليل على الإخلاص أنك لا تنتقم لنفسك ولكن انتقم لربك ، لأن الله قال : (( ادع إلى سبيل ربك )) إذا رأيت رجلا مثلا يسبك فأنت مأمور بالصبر والتحمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتقم لنفسه مع أن حق الرسول ليس كحقك ، سب الرسول كفر لكنه من حقه في حياته ، إذا شاء عفا يعفو ، سب غير الرسول ليس كسب الرسول ، فلو أن أحدا من الناس سبه رجل لوجدت أوداجه تنتفخ وعيناه تحمر وشعره يقف وجسمه يهتز ، ولكن لو يسب الله قال : شف أعوذ بالله يسب الله ، لكن بكل برودة ، هل هذا مخلص لله ؟ لا ، المخلص لله هو الذي يغار على حق الله أكثر مما يغار على حق نفسه ، ويرى أن الناس إذا انتهكوا حرمات الله أشد مما لو انتهكوا عرضه ، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل لا ينتقم لنفسه ولكن إذا انتهكت حرمات الله انتقم لله لا لنفسه ، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على التخلق بهذا الخلق لأنه خلق صعب ، نعم
السائل : شيخ بالنسبة للمعرض ... ؟ الشيخ : لا لا، المعرض خاص بصاحبه. السائل : لا يا شيخ بالنسبة للحراج والمعرض يحرج عليها ويروح خلاص باعها ومشى الشيخ : أي لكن المعرض خاص بصاحبه السائل : ما هو صاحبه اللي باعه الشيخ : الوكيل ، صاحب المعرض وكيل. السائل : لكن ... الشيخ : لا لا ، إذا أراد أن يذهب إلى أهله في آخر النهار سكر الباب السائل : طيب يا شيخ إذا شريت السيارة وجاء واحد قال هذا مكسب ما أبيعها عليه ؟ الشيخ : لا ، أقول اصبر حتى تطلعه إلى البيت السائل : حتى لو كان المعرض لي بعد ؟ الشيخ : أشد وأشد ، نعم
البيت يباع في نفس المكان الذي اشتري منه فكيف ذلك ؟
السائل : ... الشيخ : لأن هذا لا ينقل ، أنا ما رأيت بيتا بيع ثم جيء بالعربية ومشوه أبدا السائل : هم قالوا تنتظر بضعة أيام ؟ الشيخ : أبد ، ولا تنتظر ، لا بأس ، نعم
السائل : بعض الناس إذا سب وسكت عنه الناس يحسبوه خائف منه ؟ الشيخ : قد يظن هذا وقد يظن أنه تركه لله ، فيخجل ، ولهذا لك الحق في أن تسبه بمثل ما سبك لك الحق ، ولهذا إذا سبك وأنت صائم فقل له إني صائم لأجل يعرف أنك ما قصدك بهذا العجر، فأنت لك الحق أن تسبه بمثل ما سبك ، (( من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) لكن أحيانا يكون ترك السب والمقابلة أحسن ، وأحيانا يكون أسوء إذا كان هذا الرجل معروفا بالشر وأنه إذا سبني وسكت رح يسب الثاني والثالث أو سبني مرة أخرى لا بأس.
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال الزهري عن سهل بن سعد قال شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة فرق بينهما فقال زوجها كذبت عليها إن أمسكتها قال فحفظت ذاك من الزهري إن جاءت به كذا وكذا فهو وإن جاءت به كذا وكذا كأنه وحرة فهو وسمعت الزهري يقول جاءت به للذي يكره
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال الزهري: عن سهل بن سعد، قال: ( شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمسة عشر ، فرق بينهما ، فقال زوجها : كذبت عليها إن أمسكتها ) قال: فحفظت ذاك من الزهري : " إن جاءت به كذا وكذا فهو ، وإن جاءت به كذا وكذا ، كأنه وحرة فهو ، وسمعت الزهري يقول: جاءت به للذي يكره "
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن القاسم بن محمد قال ذكر ابن عباس المتلاعنين فقال عبد الله بن شداد هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو كنت راجماً امرأةً عن غير بينة ) قال لا تلك امرأة أعلنت
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد، عن القاسم بن محمد، قال: ( ذكر ابن عباس المتلاعنين فقال عبد الله بن شداد : هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجما امرأة من غير بينة ، قال : لا ، تلك امرأة أعلنت )
حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر المتلاعنان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً ثم انصرف وأتاه رجل من قومه يشكو أنه وجد مع أهله رجلاً فقال عاصم ما ابتليت بهذا إلا لقولي فذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفراً قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم خدلاً كثير اللحم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم بين ) فوضعت شبيهاً بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس هي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لو رجمت أحداً بغير بينة رجمت هذه ) فقال لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( ذكر المتلاعنان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف، وأتاه رجل من قومه يشكو أنه وجد مع أهله رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي ، فذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته ، وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر ، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم خدلا ، كثير اللحم ، فقال النبي صلى الله عليه سلم : اللهم بين ، فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها ، فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما ، فقال رجل لابن عباس في المجلس : هي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه ، فقال : لا ، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء ) الشيخ : أقول أولا لا بد أن نعرف ما معنى اللعان أو التلاعن. اللعان مصدر لاعن يلاعن ملاعنة ، وسببه أن الرجل يقذف زوجته بالزنا والعياذ بالله ، فيقول زوجتي زنت ، والغالب أن الرجل لا يقذف زوجته بهذا إلا وهو صادق ، لأن في هذا إفسادا لفراشه وإرباكا لنسله فلا يمكن أن يقدم زوج على هذه التهمة إلا وهو صادق ، وحينئذ إما أن يقيم بينة أو تقر المرأة ، إن أقام بينة أو أقرت المرأة وجب الحد على المرأة ، وإن لم يقم بينة ولم تقر المرأة وجب أن يجلد هو ثمانين جلدة لأنه قذف محصنة إلا إذا اختار الملاعنة ، فصار عندنا الآن إذا قذف زوجته بالزنا ماذا نقول ؟ هات بينة ، قال ما عندي بينة ، نسأل المرأة إن أقرت سلم وأقيم الحد عليها ، وإن أنكرت قلنا له حد في ظهرك أو اللعان، نجلدك ثمانين جلدة أو تلاعن قال ألاعن ، اللعان أن يقول أشهد بالله أن زوجتي هذه زنت أربع مرات ، وفي الخامسة يقول وأن لعنت الله عليه ويأتي بضمير المتكلم وش يكون ؟ علي ، إن كان من الكاذبين ، ثم إذا لاعن إما أن تمتنع عن اللعان وحينئذ يقام عليها الحد على القول الصحيح ، وإما أن تلاعن ترد اللعان ، (( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين )) فتشهد أربع مرات إنه كاذب فيما رماني به من الزنا ، وتقول في الخامسة وأن الغضب الله عليها إن كان من الصادقين ، هي طلب منها أن تدعو على نفسها بالغضب وهو باللعنة ، والغضب أشد من اللعنة ، لماذا ؟ لأن قوله أقرب إلى الصواب ، وفي هذه الحال إذا لاعن الزوج يجب أو يستحب للقاضي أن يقول اتق الله ، ويعظهما ويبين أن هذا خطير ، فإذا أقدما على هذا فقد أقدما عليه ، طيب حصل اللعان يترتب على اللعان : أولا : التفريق بينهما، فلا تحل له أبدا ، تكون من المحرمات عليه على التأبيد ، ويكون محرما لها أو لا ؟ لا لأن سبب التحريم هنا غير مباح ، فلا تكون محرما له وهي حرام عليه على التأبيد. الثاني : ارتفاع حد القذف عن الزوج. الثالث : ارتفاع حد الزنا عنها. الولد هل يكون للزوج أو يكون لمن رميت به ؟ يكون للزوج لأنه للفراش ما لم ينتفي منه ، فيقول : وأن حملها ليس لي ، فإن قال ذلك انتفى ، ولم يكن ولدا له ، وأما الأحاديث التي ساقها المؤلف ففيها إشارة إلى قضيتين : القضية الأولى امرأة مفسدة ظهر بين الناس أنها بغي ، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقم عليها الحد ولم يرجمها لأنها لم تثبت البينة عليها ، والمسألة الثانية : مسألة اللعان، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( انظروا ) يعني انتظروا ، ( إن جاءت بالولد على صفة كذا وكذا وكذا فهو ولد الزوج، وإن جاءت به صفة كذا وكذا فهو لما رميت به ) فجاءت به على الوصف المكروه ، ليس شبيها بالزوج ، شبيها بمن رميت به ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم عليها الحد لماذا ؟ لأنه تم بمقتضى الشرع انتفاء الحد عنها ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( لولا ما مضى من كتاب الله ) يعني من إجراء اللعان وانتهاء القضية ( لفعلت كذا وكذا ) ، شف اللفظ الأول : تلك امرأة أعلنت
السائل : يا شيخ المتهم ألا يحقق معه ؟ الشيخ : لا لا ، ما يحقق معه. السائل : ... الشيخ : أي نعم جاءت بها السنة حتى لا يتكلموا بشيء السائل : ... الشيخ : على كل حال هو يفعل هذا مع النصح
باب : رمي المحصنات. (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهدة أبدا وأولئك هم الفسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم )) . (( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم )) . وقول الله: (( والذين يرمون أزواجهم )). (( ثم لم يأتوا )) .
القارئ : باب رمي المحصنات (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم )) ، (( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم )) الشيخ : رمي المحصنات يعني العفيفات عن الزنا ، (( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء )) يعني من الرجال ، (( فاجلدوهم ثمانين جلدة )) هذا حكم والحكم الثاني : (( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا )) الحكم الثالث : (( وأولئك هم الفاسقون )) ، ثم استثنى فقال : (( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم )) ، الاستثناء هنا يعود إلى الجملة الأخيرة بالإجماع ، ولا يعود إلى الجملة الأولى بالإجماع ، ما هي الجملة الأولى ؟ (( فاجلدوهم ثمانين جلدة )) ، واختلفوا هل يعود إلى الجملة الثانية أو لا ؟ على قولين فمنهم من قال إن القاذف لا تقبل شهادته أبدا ولو تاب ، لقوله تعالى : (( لا تقبلوا لهم شهادة أبدا )) فيكون مردود الشهادة ولو تاب ، ومنهم من قال : إنه لو تاب قبلت شهادته ، وقوله : (( فإن الله غفور رحيم )) يفيد أنه بالتوبة يسقط عنهم الإثم ، لأن ختم الآية بالمغفرة والرحمة يدل على أن هؤلاء قد غفر لهم ورحموا ، ونستفيد منها أن الآية إذا ختمت بمثل هذا فإنها تقتضي العفو ، ومن ذلك قوله تعالى في الذين يسعون في الأرض فسادا (( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف )) إلى قوله : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) ، فنأخذ من هذا أن من تاب من قطع الطريق قبل القدرة عليه فإنه يغفر له ، والاستنباط من ختام الآيات ..