تتمة شرح باب : قول الله تعالى : (( ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأدآء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم )) .
نقول : نعم ، يقتص ، وهل يدفع الفرق ؟ نقول لا ، لا يدفع الفرق ، ولكن أكثر أهل العلم يرون أنه لا بد من دفع الفرق أو يترك القصاص ، وقوله تعالى : (( الحر بالحر )) الباء هنا للعوض يعني يقتل الحر بالحر ، (( والعبد بالعبد )) يقتل العبد بالعبد ، (( والأنثى بالأنثى )) تقتل الأنثى بالأنثى ، وهذا لا شك أنه تمام القصاص أن يقتل الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ، هذا تمام القصاص لا إشكال ،
فإذا كان المقتول أقل رتبة من القاتل فهل يقتل به القاتل ؟ يعني لو قتل الحر عبدا ، فهل يقتل الحر ؟ فيه خلاف ، فمن من العلماء من قال يقتل به ، ومنهم من قال لا يقتل به ، والصحيح أنه يقتل به لعموم الأدلة من القرآن والسنة (( النفس بالنفس )) ، و ( المؤمنون تتكافؤ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، وإذا قتل العبد حرا هل يقتل به ؟ يقتل به كما يقتل بالعبد ، الأنثى بالأنثى تقتل ، والرجل بالأنثى ؟ قال بعض العلماء : يقتل لكن يُدفع نصف الدية لأن دية المرأة نصف دية الرجل ، لكن هذا القول ضعيف جدا لأن القصاص بين البشر الأحرار لا ينبني على القيمة ، هل يقتل الرجل بالأنثى ؟
نعم يقتل ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رض رأس اليهودي بين حجرين حين رض رأس اليهودية ، هاه قصدي هو يهودي رض رأس جارية من الأنصار فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يرض رأسه بين حجرين فقتل رجلا بامرأة ، وقوله تعالى : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) عفي له الضمير في له يعود على من ؟ على القاتل ، من أخيه المقتول ، الأخ هو المقتول ، فشيء نكرة في سياق الشرط يشمل القليل والكثير ، من عفي له من أخيه شيء فلا قصاص ، (( فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )) اتباع بالمعروف يعني أن من له الدية فليتبع القاتل بالمعروف بدون أذية ، وعلى القاتل الذي طلبت منه الدية أن يؤدي بإحسان يعني أداء كاملا بلا مماطلة.
1 - تتمة شرح باب : قول الله تعالى : (( ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأدآء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : (( ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ... ))
2 - فوائد الآية : (( ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ... )) أستمع حفظ
هل في هذه الآية دليل على أن القاتل ليس عنده خيار ؟
الشيخ : نعم ، الخيار لمن له الحق لأولياء المقتول ، القاتل ما له خيار.
إذا لم يوجد المال عند القاتل لدفع الدية ؟
الشيخ : إذا ما يوجد يبقى في ذمته.
السائل : ...
الشيخ : ما هو مستحيل
السائل : مثلا قال نبغى ، شيء يستحيل ، ما يحصل
الشيخ : مثل أيش
السائل : قال أنا أبغى الدية طيارة
الشيخ : أقول ما لقيت الطائرة ههه ، هذه بارك الله فيك إذا عفا عن أكثر من الدية فليس محل إجماع بين العلماء ، بعض العلماء قال يخير بين القصاص أو الدية فقط ، ليس له أكثر ، وعلى هذا فهذا السؤال الذي سألت يسقط ، يعني لو قال أبي طيارة نقول ما لك إلا الدية ، مائة بعير ، لكن فيه من يرى أنه تجوز المصالحة على أكثر من الدية
السائل : أيهما أصح ؟
الشيخ : الأحاديث متعارضة في هذا ويرجع فيها إلى القاضي المحكمة.
هل العفو عن القاتل أفضل ؟
الشيخ : لا ، ليس العفو أفضل على كل حال ، بل إذا كان في العفو إصلاح فهو أفضل وإن لم يكن فيه إصلاح فالأخذ بالقصاص أفضل
هل يقتل المسلم بالكافر ؟
الشيخ : لا يقتل مسلم بكافر ، الآية فيها تخصيصات بس ما بسطنا فيها.
باب : سؤال القاتل حتى يقر، والإقرار في الحدود.
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن يهودياً رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا أفلان أو فلان حتى سمي اليهودي فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل به حتى أقر به فرض رأسه بالحجارة )
8 - حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن يهودياً رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا أفلان أو فلان حتى سمي اليهودي فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل به حتى أقر به فرض رأسه بالحجارة ) أستمع حفظ
باب : إذا قتل بحجر أو بعصا
حدثنا محمد أخبرنا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن هشام بن زيد بن أنس عن جده أنس بن مالك قال ( خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة قال فرماها يهودي بحجر قال فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلان قتلك فرفعت رأسها فأعاد عليها قال فلان قتلك فرفعت رأسها فقال لها في الثالثة فلان قتلك فخفضت رأسها فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله بين الحجرين )
الشيخ : السياق الأول أوضح لأن قوله : فرماها يهودي فيه نظر ، ويدل على أن فيه نظرا آخر الحديث حيث قال : فقتله بين حجرين ، فالكلمة هذه تعتبر وهما أو شذوذا ، القصة هذه أن امرأة جارية من الأنصار كان عليها أوضاح من فضة حلي فرآها هذا اليهودي ، واليهود أهل طمع في المال ، فرضّ رأسها بين حجرين وأخذ ما عليها فأدركت قبل أن تموت فسئلت من فعل بك هذا ؟ فلان ؟ فلان ؟ فلان ؟ حتى سموا اليهودي فأشارت برأسها ، فأخذ اليهودي فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بالحجارة بين حجرين.
10 - حدثنا محمد أخبرنا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن هشام بن زيد بن أنس عن جده أنس بن مالك قال ( خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة قال فرماها يهودي بحجر قال فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلان قتلك فرفعت رأسها فأعاد عليها قال فلان قتلك فرفعت رأسها فقال لها في الثالثة فلان قتلك فخفضت رأسها فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله بين الحجرين ) أستمع حفظ
فوائد حديث اليهودي قتل الجارية .
ثانيا : بيان حنقهم على المسلمين ، لأن بإمكان هذا اليهودي أن يأخذ الأوضاح ويدع الجارية ، لكنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا كما قال الله عز وجل : (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا )) ، وفيه أيضا دليل على أن الإنسان ما دام عقله ثابتا ولو في سياق الموت فإن قوله معتبر ، لأن هذه الجارية لا تستطيع الكلام يعني في آخر رمق ، ومن فوائده أيضا العمل بالإشارة ، لأن هذه الجارية أشارت برأسها ، كلما سألوها عن شخص لم يفعل شيئا يعني قالت هكذا رفعت رأسها يعني لا ، ولما عينوا الرجل خفضت رأسها قالت هكذا ، ففيه دلالة على العمل بالإشارة ، والعمل بالإشارة ثابت في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وإقراره عليه الصلاة والسلام ، ومن فوائد هذا الحديث الأخذ بالتهمة لأن هذا اليهودي أُخذ وادعاء المرأة عليه لا يثبت الحق عليه لكنه قرينة ، ومن فوائد هذا الحديث أنه إذا اتهم أحد بتهمة فيها قرينة فإنه يؤخذ ويكرر عليه حتى يثبت هذه التهمة ، ودليل ذلك قوله : " فلم يزل به حتى أقر " يعني ما تركه حين أنكر أول مرة بل كرر عليه حتى أقر ، بل إن لولي الأمر أن يضرب على هذا حتى يصل إلى اليقين ، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر جيء إليه بمال حيي بن أخطب ، فكأنه استقله وقال : أين ماله ؟ قالوا أفنته الحروب يا محمد ، قال : كيف أفنته الحروب ؟ المال كثير والعهد قريب ، ثم أمر الزبير بن العوام أن يضرب هذا الرجل أن يمسه بعذاب فلما أحس بالألم قال لهم : انتظروا إني أرى حييا يطوف حول خربة هناك فلعل المال كان فيها، فذهبوا إلى الخربة وإذا المال مدفون فيها ، وإذا هو ذهب ملء جلد الثور قد أخفوه ، أخذ العلماء من هذا أنه إذا قويت التهمة والقرينة فإنه يجوز أن يضرب الرجل حتى يقر ، المتهم ، أما مجرد الوهم فهذا لا يجوز أن يعذب الإنسان حتى يقر ، لكن إذا وجدت القرائن القوية فلا بأس ، ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز الاقتصاص من القاتل بمثل ما قتل به ، خلافا لما ذهب إليه الفقهاء من أنه لا يقتل إلا بالسيف ، واستدلوا بحديث ضعيف رواه ابن ماجه : ( لا قود إلا بالسيف ) فإن هذا الحديث لا يصح ، والصحيح أنه يفعل بالجاني كما فعل ، إن حرق حُرق ، وإن رض الرأس رُض رأسه ، وإن قطع الأعضاء قطعت أعضاؤه ، وإن شق البطن شق بطنه ، المهم أن يفعل به كما فعل ، إلا إذا كان الفعل جنسه محرما مثل لو كان هذا القاتل قتل شخصا بأن تلوط به والعياذ بالله قاصدا أن يموت ما قصد التمتع ففي هذه الحال لا يمكن أن نقتص منه بمثل ما فعل لأنه سيعود بالإثم على من ؟ على المقتص ، قال بعض العلماء : ولكننا نفعل به كما فعل بدون أن نفعل نحن هذه الفاحشة بأن ندخل في دبره خشبة حتى يموت ، وبعض العلماء يقول : لا ، مثل هذه الصورة نقتله بالسيف ونستريح منه ، نعم
إذا لم تثبت التهمة على المتهم وأولياء المقتول يعرفون أنه القاتل هل لهم أن يقتلوه ؟
الشيخ : لا ، ليس لهم أن يقتلوه ، ولكن في هذه الحال إذا كانت القسامة كما مر علينا في القسامة إذا كان يمكن إجراء القسامة فيه تجرى القسامة.
من قتل بشرب الخمر هل يُشرب الخمر حتى يموت ؟
الشيخ : إي نعم ، لأن هذا ليس علينا نحن ضرر بخلاف فعل الفاحشة.
هل يجوز الخروج عن القتل بالسيف إلى القتل بشيء آخر ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني مثلا نطعنه وهو ما طعن لكن ...
الشيخ : بماذا قتله ؟ الجاني بماذا قتل ؟
السائل : لا يُدرى لكن نحن اخترنا هذا
الشيخ : لازم نفعل مثل ما فعله
السائل : ...
الشيخ : أي نعم أي ، لكن ما رأيكم فيما لو قتل بالكهرباء ؟ أيهما أسهل السيف أو الكهرباء ؟ الظاهر أن الكهرباء أسهل ، لا إذا قتلت ، هم يقولون الطاقة الكبيرة مثل 220 أو 300 تقتل على طول.
الطالب : بس تشلّه أكثر من السيف تنفضه ثم ... يعني يكون السيف أسهل
الشيخ : السيف ما هو بأسهل، السيف إذا قتل يبقى يرفس حتى ينتهي دمه لكن هذه بلحظة ، أي نعم أبد ما يدري عن نفسه ، نسأل الله العافية ، هو على كل حال إن قتل بالكهرباء يقتل بالكهرباء ما في إشكال ، لكن إذا قتل بالسيف فمقتضى القصاص أن نقتله بالسيف ، والظاهر أن هذا الإيراد الذي أوردته لا ينطبق على مسألة القصاص لأن تمام القصاص أن نفعل به كما فعل ، لكن ينطبق على الحرابة مثلا ، من قتل في حرابة قطع طريق هل نقتله بالسيف أو نقتله بالصعق ؟ إذا أخذنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) فإنا نسأل أهل الخبرة ونقول : أيهما أحسن وأريح ، إذا قالوا هذه أريح القتل بالكهرباء عملنا به.
باب : قول الله تعالى : (( أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظلمون )) .
الشيخ : باب قوله تعالى : (( أن النفس بالنفس )) هذه من حكم التوراة كما قال تعالى : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) ، وهذا عام لكنه يستثنى منه الكافر لا يقتل بالمسلم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) ، ويستثنى منه ما سيأتي إن شاء الله .
15 - باب : قول الله تعالى : (( أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظلمون )) . أستمع حفظ
فوائد كتبها الشيخ رحمه الله تعالى في آية القصاص
الشيخ : صارت الأقوال كم ؟ أربعة ، قول الجمهور أنه يقتل بها ، والقول الثاني لعلي لا يقتل بها إلا أن يعطي أولياؤها نصف الدية ، والقول الثالث لا يقتل بزوجته خاصة ، والقول الرابع لا يقتل بها مطلقا ، والراجح الأول ، نعم
القارئ : ودلت الآية بعمومها على قتل المسلم بالمسلم والكافر بالكافر ، وهل يقتل المسلم بالكافر ؟ فيه خلاف ، ومذهب أبي حنيفة يقتل به إن كان ذميا.
الشيخ : يعني يقتل المسلم بالكافر ، نعم
القارئ : وقال مالك يقتل به إن كان القتل غيلة ، ومذهب الجمهور لا يقتل به مطلقا ، لأن الله يقول : (( فمن عفي له من أخيه )) والكافر ليس أخا للمسلم ، ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقتل المسلم بالكافر ) ، وهل يقتل الكافر بالمسلم ؟ نعم يقتل به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا بجارية من الأنصار ، ولأنه إذا جاز قتله بالكافر فبالمسلم أولى ، ودلت الآية بعمومها على قتل الولد بالوالد ، وهل يقتل الوالد بالولد ؟ فيه خلاف ، فذهب الليث وابن المنذر إلى أنه يقتل به لظاهر القرآن والأحاديث الموجبة للقصاص ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وقال مالك : إن تعمده تعمدا لا شك فيه مثل أن يذبحه ونحوه فإنه يقتل به وإلا فلا ، وقال شيخ الإسلام : والسنة إنما جاءت ( لا يقتل والد بولده ) فإلحاق الجد أبي الأم بذلك بعيد ، وقال الجمهور : لا يقتل الوالد بالولد ، لحديث : ( لا يقتل والد بولده ) ، وهذا الحديث فيه مقال ، قال في التخليص بعد أن ذكر طرقه : " قال عبد الحق : هذه الأحاديث كلها معلولة لا يصح منها شيء ، وقال البيهقي : طرق هذا الحديث منقطعة ، وقال الشافعي : حفظت من عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد ، وبذلك أقول " اهـ ، ونقل في شرح الزاد عن ابن عبد البر أنه حديث مشهور عند أهل العلم فبالحجاز والعراق مستفيض عندهم " اهـ ، والله أعلم ، ودلت الآية على جواز العفو عن القصاص مطلقا وهو المشهور عند جمهور العلماء ، وقال مالك : لا يصح العفو في قتل الغيلة بل يتحتم قتل القاتل ، واختاره الشيخ تقي الدين ، وذكر القاضي من أصحابنا وجها فيمن قتل الأئمة يقتل حدا لعموم فساده ، ودلت الآية على أن عفو بعض الورثة أو العفو عن بعض القصاص يوجب سقوطه في الجميع ، وعلى أن الواجب بقتل العمد أحد شيئين : القصاص أو الدية ، ووجهه أن الله لما ذكر العفو أشار بوجوب الدية بقوله : (( فاتباع بالمعروف )) وهذا هو الصواب ، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ) وقيل الواجب القصاص عينا ، ويترتب على هذا الخلاف فوائد متعددة ذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى في القواعد ، ودلت الآية على أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان ، فإن القتل العمد كبيرة ومع ذلك سمى الله المقتول أخا للقاتل ولو كان القتل كفرا لانتفت الأخوة الإيمانية ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ففاعل الكبيرة عندهم مؤمن ناقص الإيمان ، وربما قالوا مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، هذا حكمه في الدنيا وحكمه في الآخرة أنه إذا يحصل له ما يكفر ذنبه في الدنيا فإنه يعذب بالنار بقدر كبيرته إلا أن يعفو الله عنه ، وقالت الخوارج إن فاعل الكبيرة كافر مخلد في النار ، وقالت المعتزلة إنه مخلد في النار وليس بمؤمن ولا كافر بل في منزلة بين منزلتين ، ودلت الآية على أن وجوب القصاص رحمة من الله لعباده لما فيه من المصالح العظيمة من إقامة العدل وحفظ الأمن ومنع الظلم وأن الأخذ به وتنفيذه من مقتضيات العقول السليمة الناضجة ، وبه نعرف تسفيه آراء من منعوا القصاص في الوقت الحاضر ممن ينتسبون إلى الإسلام وغيرهم ، وأن سياستهم خاطئة ، لكن اختلف العلماء فيمن له حق العفو فالمشهور أن جميع الورثة لهم الحق من رجال ونساء من ذوي الأنساب والأسباب وهو قول أكثر العلماء منهم الشافعي وأبو حنيفة وأحمد ، والمشهور عن مالك أنه للعصبات خاصة ، وهو اختيار الشيخ تقي الدين ، واختلف العلماء أيضا فيمن إذا كان أحد المستحقين غير مكلف ، والمشهور من المذهب أنه ليس للمكلفين أن ينفردوا بالاستيفاء وهو مذهب الشافعي ، وعن أحمد رواية ثانية أنه يجوز للمكلفين أن ينفردوا به وهو مذهب مالك وأبي حنيفة ، والذي يظهر من الآية أن ذلك حق لجميع الورثة وأنه ليس لبعضهم أن ينفرد بالاستيفاء ، لأن الدية تركة يرثها جميع الورثة ، فكل واحد منهم له حق فيها ، فليس لغيره أن يفوت حقه عليه ، والله أعلم ، والله أعلم انتهى ما قاله شيخنا محمد بن صالح العثيمين جزاه الله خيرا.
السائل : ... يقتل ... لا يقتل وما رجح أي واحد ؟
الشيخ : لا الراجح أنه لا يقتل ، ذكرناه واستدللنا بالآية أن الله قال (( فمن عفي له من أخيه )) والكافر ليس أخا وبما صح من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( لا يقتل مسلم بكافر )
السائل : ...
الشيخ : ما ذكرنا الراجح ؟ اصبر نشوف بين أيدينا الآن ، طيب ما في مانع أنا ما جبتها إلا عشان هذا ، وإلا هي عندي ، نعم
الطالب : ...
الشيخ : على كل حال قول الجمهور أرجح في هذه المسألة
القارئ : ...
الشيخ : ليس هذا ، الثاني ، أيه قتل المسلم بالكافر الذمي ، طيب خلونا نقرأ وبعدين نشوف ، ما دام ستكون في أيديكم إن شاء الله ، ما ذكر ، ذكرنا قول الجمهور فقط ، ههه ما رجحنا ، نعم سم بالله
تتمة شرح الآية :(( أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف ... ))
(( العين بالعين )) أيضا تؤخذ العين بالعين ، والباء هنا وفيما قبلها الباء للعوض ، والمعوض لا بد أن يكون كعوضه ، فتؤخذ العين بالعين ، لكن بشروط :
الشرط الأول : أن يكون القصاص جاريا بين الجاني والمجني عليه في النفس ، يعني أنه ممن يقتل به ، فإن كان ممن لا يقتل به كما لو فقأ المسلم عين الكافر فإن عين المسلم لا تفقأ ، لأنه لا يقتص به في النفس فلا يقتص به فيما دون النفس.
الثاني : المماثلة في الاسم والموضع ، الاسم على كل حال كلتاهما عين ، لكن المماثلة في الموضع ، يعني يمنى بيمنى ، واليسرى باليسرى ، فلا يمكن أن نأخذ عينا يمنى بعين يسرى ولا بالعكس.
الثالث: استواؤهما في الصحة والكمال ، فلا تؤخذ عين صحيحة بعوراء ، ولا عين صحيحة بعين قائمة ، والفرق بين العوراء والقائمة أن القائمة صورتها باقية وبصرها مفقود ، والعوراء معروفة مصابة بعور أي بعيب يمنع النظر ، طيب
فيه شرط رابع : الأمن من الحيف ، فإن خشي من الحيف فإنه لا قصاص ، فلو قلع الأعور عين الصحيح ، المماثلة لعين الأعور الصحيحة فإن عين الأعور لا تقلع ، لماذا ؟ لأن في ذلك حيفا ، فالأعور لما قلع إحدى عيني الصحيح لم يفقده بصره بل بقي بصره ، ونحن لو اقتصصنا من الأعور لفقد بصره ، إذن لا يمكن الاستيفاء إلا بحيف ، وعليه فلا تؤخذ عين الأعور الصحيحة إذا قلع عين السليم المماثلة لهذه العين الصحيحة ، وقال بعض أهل العلم : بل تؤخذ ويدفع نصف الدية ، من الذي يدفع نصف الدية ؟ المجني عليه الأول ، وقال بعض العلماء : بل تؤخذ بلا شيء ، تقلع عين الأعور الصحيحة ، ويكون الأعور هو الذي جنى على نفسه ، لأنه لو شاء وإن كنا لا نمكنه من ذلك ، لكن لو شاء لقلع العين التي تماثل عينه إيش ؟ العوراء ، لكن هو الذي جنى على نفسه فقلع العين المماثلة لعينه الصحيحة ، ولعل أقربها للصواب القول الأول أنها لا تقلع لأن هذا حيف ، طيب العين بالعين إذا كانت العين المقلوعة ضعيفة النظر وعين القالع قوية أو كانت العين المقلوعة ليست جميلة وعين القالع جميلة ، هل تقلع عين القالع وهي أقوى نظرا وأجمل منظرا ؟ نعم تقلع ، كما أننا نقتل الشاب بالشيخ ، والعالم بالجاهل ، أي نعم ، (( والأنف بالأنف )) أيضا يؤخذ الأنف بالأنف ، يشترط المماثلة في إيش ؟ في الموضع ، لا الأنف بالأنف ، لا يختلف ؟ طيب لا يختلف ، لكن يشترط الأمن من الحيف بأن يكون قطع الأنف من المارن من مارن الأنف ، مارن الأنف هو ما لان منه ، هذا مارن الأنف ما لان منه ، فإن قطعه من فوق من العظم فإنه لا يقتص منه ، قالوا : لأننا لا نأمن من الحيف.