باب : قتل من أبى قبول الفرائض ، وما نسبوا إلى الردة .
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق
قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق ).
الشيخ : هذا أيضا فيه أن أبى قبول الفرائض فإنه يقاتل، ولكن البخاري يقول : " باب قتل " والمدّعى أخص من الدليل، فالدليل مقاتلة لا قتل، وفرق بين المقاتلة والقتل، فقد تجوز المقاتلة ولا يجوز القتل، فإذا ترك أهل البلد الأذان قوتلوا، وإذا تركوا صلاة العيد قوتلوا، لكن لا يقتلون، يقاتلون حتى يقيموا هذه الفريضة، فقتال أبي بكر رضي الله عنه لا يلزم منه القتل بل هو مقاتلة حتى يؤدوا هذه الفريضة وهي فريضة الزكاة.
وكأن عمر رضي الله عنه عارض أبا بكر بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ).
ولكنّ أبا بكر أجابه، قال : إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : إلا بحقه، والزكاة حق المال، فلأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، وأقسم رضي الله عنه أن يقاتل من منع عناقا، والعناق هي الصغيرة من أولاد المعز.
ثم إن عمر لما رأى أن أبا بكر قد اطّمأن إلى هذا وانشرح صدره له عرف أنه الحق، وهذا اعتراف من عمر رضي الله عنه بأن أبا بكر أقرب إلى الصواب منه، لأن كون أبا بكر قد انشرح صدره لذلك فإنه يكون حجة، فعرف أنه الحق.
ولا شك أن أبا بكر رضي الله عنه أقرب إلى الصواب من عمر في مسائل الضيق، أما مسائل السّعة فلا نعلم عن أبي بكر رضي الله عنه ما ينافي ذلك أو يثبته، لكن في مسائل الضيق يكون أبو بكر رضي الله عنه أقرب إلى الصواب من عمر مثل : صلح الحديبية، ومثل موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومثل قتال أهل الردة، المواضع الصعبة الضنكة يكون أبو بكر أقرب إلى الصواب فيها من عمر.
وفي الحديث دليل على جواز مقاتلة مانع الزكاة، وأن الإمام له أن يقاتلهم، فإذا قتل أحدا منهم في هذه الحال فدمه هدر، لأن جواز السبب يستلزم جواز المسبب.
2 - حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق أستمع حفظ
باب : إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح ، نحو قوله : السام عليكم .
3 - باب : إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح ، نحو قوله : السام عليكم . أستمع حفظ
حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا شعبة عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال سمعت أنس بن مالك يقول مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وعليك ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتدرون ما يقول ) قال السام عليك قالوا يا رسول الله ألا نقتله قال ( لا إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم )
الشيخ : في هذا إشارة إلى أن الرد إذا كان أنقص من الابتداء فلا بد أن يكون هناك سبب، فاليهودي قال : السام عليك، أتى بالمبتدأ والخبر، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( وعليك ) فحذف إيش ؟ المبتدأ، وهذا يعتبر نقصا في الجواب، ولهذا اعتذر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : ( إنه قال السام عليك ).
وعلى هذا فيكون الراجح في هذه المسألة أن الإنسان إذا قال : السلام عليك، فإن تمام الرد أن تقول : عليك السلام، ولا تقتصر على قولك : عليك.
4 - حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا شعبة عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال سمعت أنس بن مالك يقول مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وعليك ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتدرون ما يقول ) قال السام عليك قالوا يا رسول الله ألا نقتله قال ( لا إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم ) أستمع حفظ
فوائد حديث السلام على أهل الكتاب .
وفيه أيضا دليل على مكرهم وخداعهم وليِّ ألسنتهم بالكلام، لأن قولهم: السّام عليك، يفهم منه السامع أنهم يقولون: السَّلام عليك.
وفيه أنهم إذا سلموا علينا نقول: وعليكم، لكن إذا سلموا علينا بلفظ السَّام، أما إذا سلموا بلفظ السلام فإننا نقول : وعليكم السلام.
قولنا في رد السلام وعليكم السلام هل هذه الواو زيادة ؟
الشيخ : زيادة في إيش ؟
السائل : زيادة في السلام.
الشيخ : لا، ما هي زيادة، هذه حرف عطف، وهي أحسن من قول : عليكم، ومن ثم قال بعض العلماء إنه يجب ان يقول بالواو.
السائل : زيادة يعني أحسن.
الشيخ : ما هي زيادة، حرف عطف، تدل على أننا مثل ما أعطيتنا نعطيك.
إذا كان هناك دولتين لكل واحدة منهما أمير ومنعت إحداهما الزكاة هل لأمير الدولة الثانية أن يقاتلها على منعها ؟
الشيخ : ما أظن هذا، لأنه لا ولاية له، لهذه الدولة على هذه الدولة في الوقت الحاضر.
السائل : ...؟
الشيخ : أبو بكر ولي على الجميع، أبو بكر له الولاية.
7 - إذا كان هناك دولتين لكل واحدة منهما أمير ومنعت إحداهما الزكاة هل لأمير الدولة الثانية أن يقاتلها على منعها ؟ أستمع حفظ
حدثنا أبو نعيم عن ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال ( يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) قلت أولم تسمع ما قالوا قال ( قلت وعليكم )
قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا أبو نعيم، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ( استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السّام عليك، فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال: يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، قلت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: قلت: وعليكم ).
الشيخ : الرهط الجماعة من الثلاثة إلى عشرة كالنفر.
وقوله : ( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله )، الأمر يعني: في الشأن كله، وفي حديث آخر : ( يعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف ).
ولما قالت للرسول عليه الصلاة والسلام: ألم تسمع ما قالوا ؟ قال : ( قلت : وعليكم ) يعني وعليكم ما قلتم، فإذا كانوا قالوا: السّام، صار عليهم السّام.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة : " وإذا صرح الذمي - يعني اليهودي والنصراني - بقوله: السلام عليكم، باللام فتقول : عليكم السلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما قال : وعليكم لأنهم كانوا يقولون السام عليكم " نعم.
8 - حدثنا أبو نعيم عن ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال ( يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) قلت أولم تسمع ما قالوا قال ( قلت وعليكم ) أستمع حفظ
بعض المسلمين يقول السام عليكم ولا يقصد شيئاً وإنما يسقط اللام لفظاً هل نرد عليه ؟
الشيخ : يعني أسقط اللام.
السائل : إي نعم، وهو لفظه كذا؟
الشيخ : تقول عليكم السلام، لأنا نعلم قصده، لكن ينبغي يبلغ فيقال له إن السّام عليك تحية اليهود للمسلمين.
بعضهم إذا مر الرجل ومعه أهله يتحرج من السلام عليه ألا نقول له إن اليهود سلموا على النبي ومعه عائشة وردت السلام ؟
الشيخ : نعم يتحرج إيش ؟
السائل : بعضهم إذا مر الرجل ومعه أهله يتحرج من السلام عليه ألا نقول له إن اليهود سلموا على النبي ومعه عائشة وردت السلام ؟
الشيخ : ما فيه حرج، إذا سلم على الإنسان ومعه أهله ما فيه حرج.
10 - بعضهم إذا مر الرجل ومعه أهله يتحرج من السلام عليه ألا نقول له إن اليهود سلموا على النبي ومعه عائشة وردت السلام ؟ أستمع حفظ
حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان ومالك بن أنس قالا حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن اليهود إذا سلموا على أحدكم إنما يقولون سام عليك فقل عليك )
الشيخ : هذا الذي جعل ابن القيم رحمه الله يقول إنهم إذا صرحوا بالسلام، فقل عليكم السلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما قال قولوا عليكم بناء على أنهم يقولون ذلك.
11 - حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان ومالك بن أنس قالا حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن اليهود إذا سلموا على أحدكم إنما يقولون سام عليك فقل عليك ) أستمع حفظ
باب حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني شقيق قال قال عبد الله كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )
الشيخ : هذا فيه دليل على صبر الرسل عليهم الصلاة والسلام على أذى قومهم، وقد بين الله تعالى ذلك في قوله : (( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )) يعني كذبوا وأوذوا، ويحتمل أن يكون وأوذوا معطوفة على قوله : (( فصبروا )) يعني كذبت رسل من قبلك فصبروا و كذبت فأوذوا، لكن الأول أحسن أن تكون معطوفة على كذبت ... وش يقول يا مصطفى ؟ يحكي نبيا ؟
12 - باب حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني شقيق قال قال عبد الله كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) أستمع حفظ
قراءة من الشرح .
وتقدم هناك أيضا قول القرطبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي والمحكيِّ عنه، ووجه الرد عليه، وتقدم في غزوة أحد بيان ما وقع له صلى الله عليه وسلم من الجراحة في وجهه يوم أحد، وأنه صلى الله عليه وسلم قال أولا: ( كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم )، فإنه قال أيضا: ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )، وأن عند أحمد من رواية عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال نحو ذلك يوم حنين لما ازدحموا عليه عند قسمة الغنائم.
قوله : فهو يمسح الدم عن وجهه، في رواية عبد الله بن نمير عن الأعمش عند مسلم في هذا الحديث: عن جبينه.
وقد تقدم في غزوة أحد بيان أنه شج صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، وشرح ما وقع في ذلك مبسوطا ولله الحمد ".
الشيخ : في هذا إشكال في قوله : رب اغفر لقومي، وهو كيف يستغفر لهم وهم كفار ؟
كيف يستغفر لهم وهم كفار ؟
والجواب عن ذلك أن يقال : إن الرواية فيها لفظان، اللفظ الأول: اهد قومي، والثاني : اغفر، أما الأول فلا إشكال فيه، وأما الثاني فجوابه أن يقال : اللهم اغفر لقومي يعني ما بيني وبينهم من الحقوق، وأما حق الله عز وجل فهو باق على أصله، فإذا كانوا مشركين فإنه لا يغفر لهم إن ماتوا على الشرك، أو أن المعنى اللهم اهد قومي للإسلام حتى تغفر لهم، فيكون دعاء باللازم، لأن الإسلام يلزم منه المغفرة.
فهذه ثلاثة أجوبة:
الجواب الأول: أنه جاء في بعض الروايات : اهد قومي.
والثاني: اغفر لقومي إيش ؟ ما بيني وبنيه ، وأما حق الله فهو إليه، وقد علم أنه لا يغفر لهم ما داموا على الشرك.
الثالث : اهدهم للإسلام حتى تغفر لهم ما فعلوا في الشرك، لقوله : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )).
ضارب النبي صلى الله عليه وسلم هل يكفر ؟
الشيخ : الذين ضربوه كفار.
السائل : لكن لو فرض ...؟
الشيخ : إذا ضربه كرها له ولما جاء به فهو كافر، لأن كل كره الرسول عليه الصلاة والسلام أو كره ما جاء به.
السائل : وإن ضربه اعتداء ؟
الشيخ : وإن ضربه اعتداء فلا يكفر، لكنه يفسق.
السائل : ...؟
الشيخ : لا، مطلقا، لأن السبَّ يبقى قدحا في الرسول عليه الصلاة والسلام وسوء سمعة له، لكن الضرب عدوان محض ما يبقى سوء سمعة للرسول عليه الصلاة والسلام ...
السائل : ... ؟
الشيخ : إيه إيه حتى يعلم يتكلم كأن ... أكد يعني سمعه يحكي وهوم ينظر إلى ... نعم.
باب : قتل الخوراج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم . وقول الله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) . وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين .
الشيخ : أولا لا بد أن نعلم من هم الخوارج.
الخوارج جمع خارجة، وخارجة بالنسبة للمذكر صيغة مبالغة، التاء فيها للمبالغة، مثل : علامة.
وأصلهم الذين يخرجون على الإسلام أو على أئمة الإسلام، على الإسلام يعني على أحكامه، أو على أئمته.
وأول ما برزت هذه الفئة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قسم الغنائم فقال بعضهم : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، فخرج على الشرع، هذا هو الأصل.
ثم تطورت بهم الحال إلى أن خرجوا الخروج المسلح في زمن عثمان رضي الله عنه حتى قتلوه، ثم في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما زال مذهبهم إلى يومنا هذا.
ومن أبرز مميزات هذا المذهب : جواز الخروج على الأئمة يعني الذين ولاهم الله أمر المسلمين، والثاني أنهم يكفرون بالكبيرة لتشددهم وتعنتهم، يرون أن من فعل كبيرة من الكبائر فهو كافر مخلد في النار، ويستبيحون بذلك دمه وماله وأهله، فهم من شرار خلق الله والعياذ بالله، ولكن نقول : بعد إقامة الحجة عليهم، وذلك لأنه لا يمكن أن نحكم على شخص بالكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه.
وهل المراد بإقامة الحجة إبلاغ الحجة، أو الإبلاغ مع الفهم ؟
الصواب الثاني، الإبلاغ مع الفهم، لأن من بلغته الحجة بغير فهم فإنها لم تقم عليه الحجة في الحقيقة لقوله تعالى : (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )) فلا بد من فهم الحجة، أما أن تأتي إلى رجل أعجمي وتقرأ عليه الحجة باللسان العربي ثم تقول بلغت فهذا لا يصح.
فإذا بلغت الحجة من يفهما ويعرف معناها فقد قامت عليه الحجة، وحينئذ يعامل بما تقتضيه مخالفته، إن خالف في أصل الإسلام فهو كافر، وإن خالف في شيء من فروع الإسلام فعلى ما تقتضيه هذه المخالفة.
ثم استدل المؤلف بقوله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ))، يعني ما كان الله يرتضي بضلال قوم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، هداهم يعني أعلمهم، فهي هداية علم، (( حتى يبين لهم ما يتقون )) يبين يعني يوضح، ما يتقونه من الكفر أو المعاصي.
وكذلك قال الله تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وقال تعالى : (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليها آياتنا )) هذه إقامة الحجة، (( وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون )) هذه مخالفة الحجة، ففي الآية في الجملة الأولى منها إيش ؟ إقامة الحجة، وفي الثانية مخالفة الحجة، فإذا بعثها في أمها رسولا ثم ظلموا ولم يتبعوا هذا الرسول حينئذ استحقوا الهلاك.
وكذلك عموم (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وما أشبهها من العمومات، كلها تدل على أن من جهل الحق فإنه لا يؤاخذ به، ولكن قد يؤاخذ الإنسان إذا كان منه نوع تفريط، مثل أن يقال له هذا كفر مثلا، ولا يبحث، فهذا قد يقال إنه فرط، ويكون حينئذ غير معذور، مثل ما يفعله الآن عباد القبور والذين يذبحون لها وينذرون لها في البلاد الإسلامية، هم يقولون نحن مسلمون ويجهلون أن هذا كفر وشرك، لكن إذا كان بلغهم بأن هذا كفر وشرك، ولكن قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون فهؤلاء قامت عليهم الحجة، أما إذا كان لم يبلغهم وكانوا في ظلام دامس ولم يصل إليهم حق فهؤلاء معذورون، إذا ماتوا يموتون على الإسلام الذي تبنوه.
وأما من كان لا يعرف عن الإسلام شيئا وهو لا ينتسب إلى الإسلام وهو كافر لكن ما بلغهم شيء فأصح الأقوال في هؤلاء أنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أطاعوا فهم من أهل الجنة وإن عصوا فهم من أهل النار، ولا يقال إنه كيف يكون هناك تكليف في الدار الآخرة، لأن التكليف في الدار الآخرة قد وقع بنص القرآن (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود خاشعة أيصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهو سالمون )).
فالأحوال إذن على النحو التالي :
أولا: من لم تبلغه الحجة أصلا، ولم يكن على دين الإسلام، فما الحكم فيه ؟ يمتحن يوم القيامة.
الثاني : من ينتسب إلى الإسلام ويقول إنه مسلم، ولكن يفعل ما يكون شركا دون أن ينبه على ذلك، ودون أن يطرأ على باله أن هذا من الشرك، فهذا معفو عنه، ولا يدخله شركه في النار ولا يخرجه من الإسلام، لأنه لم تقم عليه الحجة.
الثالث: من ينتسب إلى الإسلام ويفعل ما هو شرك وقامت عليه الحجة، ولكنه أصر وقال إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون، فهذا كافر وإن انتسب إلى الإسلام، لأنه بين له أن هذا كفر وأن هذا شرك لكنه أصر وعاند.
الرابع : من لمن يبلغه الحق على وجه يطمئن إليه، سمع بأن هذا كفر ولكنه سمعه من أناس لا يثقون بهم كما يثق بشيوخه الذين يبيحون له هذا الشيء، فهذا نقول إنه تحت الخطر، لماذا ؟ لأن منه نوع تقصير وتفريط ، وكان الواجب عليه لما قيل له إن هذا من الشرك وإن كان الذي قال له هذا الكلام ليس في نفسه ثقة منه كثقته بمشايخه فإنه يجب عليه أن يبحث، فإذا لم يبحث فهو على خطر عظيم، وأنا أتوقف فيه هل يحكم بكفره أو لا ؟ نظرا لما عنده من الشبهة، وهذا بخلاف الذي قبله الذي عاند، ولكن أنا لا أتبع إلا شيوخي أو إلا آبائي أو ما أشبه ذلك.
بقي قسم خامس : الذي قامت عليه الحجة وفهمهما لكن أصر على الكفر الصريح لا تأويلا ولا اعتقادا بأن غيره هو الحق أو ما أشبه ذلك، فهذا حكمه إيش ؟ أنه كافر ما فيه إشكال، كافر مباح الدم والمال.
16 - باب : قتل الخوراج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم . وقول الله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) . وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين . أستمع حفظ
من لم يبلغه الإسلام أبداً هل أقيمت عليه الحجة ؟
الشيخ : هذا أمره إلى الله، ... في الوقت الحاضر تعرفون أن الدولة الإسلامية انتشرت عن طريق الإذاعات وعن طريق الأشرطة وعن طريق الكتيبات، وانتشرت، لكن ربما أناس في امريكا أو في غيرها في أماكن بعيدة عن المدن ولا يسمعون عن الإسلام شيئا.
السائل : الفرق ...؟
الشيخ : إي نعم، الأخير كافر لم ينتسب إلى الإٍسلام، أصلا لم ينتسب إلى الإسلام.
كيف يقع التكليف في الآخرة والله عز وجل يقول (( يوم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون )) ؟
الشيخ : لكن أمرهم، يدعون إلى السجود.
السائل : ...؟
الشيخ : أي نعم، لماذا لم يجعل الله لهم قدرة ؟ لأنهم كانوا يدعون إلى السجود سالمون قادرون ولم يفعلوا فعوقبوا.
السائل : ...؟
الشيخ : لا لا، لو سجدوا لنجوا لكن لا يمكن أن يسجدوا.
السائل : ...؟
الشيخ : نعم، يكلفهم ... ليظهر بيان عنادهم وأنهم لمّا يستجيبوا في الدين لم يستطيعوا ذلك في الآخرة ...
ثم قال المؤلف : " وكان ابن عمر رضي الله عنهما يراهم شرار خلق الله " يراهم أي يرى الخوارج شرار خلق الله، لماذا ؟ قال : " لأنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين " يعني الآيات التي فيها الوعيد، نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين فكفَّروا المؤمنين بناء على تأويلهم الفاسد حيث أنزلوها على عصاة المؤمنين.
ما ذكر لها أمثلة من هذا في الشرح ؟
القارئ : نعم ذكر، نقرأ ؟
الشيخ : نعم.
18 - كيف يقع التكليف في الآخرة والله عز وجل يقول (( يوم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون )) ؟ أستمع حفظ
قراءة من الشرح .
وأصل بدعتهم فيما حكاه الرافعي في الشرح الكبير أنهم خرجوا على علي رضي الله عنه حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان رضي الله عنه ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لرضاه بقتله أو مواطأته إياهم.
كذا قال، وهو خلاف ما أطبق عليه أهل الأخبار فإنه لا نزاع عندهم أن الخوارج لم يطلبوا بدم عثمان، بل كانوا ينكرون عليه أشياء ويتبرؤون منه، وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان فطعنوا على عثمان بذلك، وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة إلا أنهم كانوا يتأوّلون القرآن على غير المراد منه، ويستبدون برأيهم ويتنطعون في الزهد والخشوع وغير ذلك، فلما قتل عثمان قاتلوا مع علي واعتقدوا كفر عثمان ومن تابعه واعتقدوا إمامة عليّ وكفر من قاتله من أهل الجمل الذين كان رئيسهم طلحة والزبير فإنهما خرجا إلى مكة بعد أن بايعا عليا فلقيا عائشة وكانت حجت تلك السنة فاتفقوا على طلب قتلة عثمان، وخرجوا إلى البصرة يدعون الناس إلى ذلك فبلغ عليا فخرج إليهم، فوقعت بينهم وقعة الجمل المشهورة، وانتصر عليّ وقتل طلحة في المعركة وقتل الزبير بعد أن انصرف من الوقعة، فهذه الطائفة هي التي كانت تطلب بدم عثمان بالاتفاق، ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك، وكان أمير الشام إذ ذاك، وكان عليّ أرسل إليه لأن يبايع له أهل الشام، فاعتل بأن عثمان قتل مظلوما وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته، وأنه أقوى الناس على الطلب بذلك، ويلتمس من علي أن يمكنه منهم، ثم يبايع له بعد ذلك، وعلي يقول: ادخل فيما دخل فيه الناس، وحاكمهم إلي أحكم فيهم بالحق، فلما طال الأمر خرج علي في أهل العراق طالبا قتال أهل الشام، فخرج معاوية في أهل الشام قاصدا إلى قتاله فالتقيا بصفين، فدامت الحرب بينهما أشهرا، وكاد أهل الشام أن ينكسروا فرفعوا المصاحف على الرماح، ونادوا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى، وكان ذلك بإشارة عمرو بن العاص وهو مع معاوية، فترك جمع كثير ممن كان مع علي وخصوصا القراء القتال بسبب ذلك تدينا، واحتجوا بقوله تعالى: (( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم )) الآية، فراسلوا أهل الشام في ذلك فقالوا: ابعثوا حكما منكم وحكما منا، ويحضر معهما من لم يباشر القتال، فمن رأوا الحق معه أطاعوه، فأجاب علي ومن معه إلى ذلك، وأنكرت ذلك تلك الطائفة التي صاروا خوارج، وكتب علي بينه وبين معاوية كتاب الحكومة بين أهل العراق والشام: هذا ما قضى عليه أمير المؤمنين على معاوية فامتنع أهل الشام من ذلك، وقالوا: اكتبوا اسمه واسم أبيه فأجاب علي إلى ذلك فأنكره عليه الخوارج أيضا، ثم انفصل الفريقان على أن يحضر الحكمان ومن معهما بعد مدة عينوها في مكان وسط بين الشام والعراق ويرجع العسكران إلى بلادهم إلى أن يقع الحكم، فرجع معاوية إلى الشام، ورجع علي إلى الكوفة، ففارقه الخوارج وهم ثمانية آلاف، وقيل: كانوا أكثر من عشرة آلاف، وقيل: ستة آلاف، ونزلوا مكانا يقال له: حروراء بفتح المهملة وراءين الأولى مضمومة ومن ثم قيل لهم الحرورية، وكان كبيرهم عبد الله بن الكواء بفتح الكاف وتشديد الواو مع المد اليشكري، وثبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة التميمي، فأرسل إليهم علي ابن عباس فناظرهم فرجع كثير منهم معه، ثم خرج إليهم علي فأطاعوه ودخلوا معه الكوفة معهم رئيساهم المذكوران، ثم أشاعوا أن عليا تاب من الحكومة، ولذلك رجعوا معه، فبلغ ذلك عليا فخطب وأنكر ذلك، فتنادوا من جوانب المسجد: لا حكم إلا لله، فقال: كلمة حق يراد بها باطل، فقال لهم: لكم علينا ثلاثة، أن لا نمنعكم من المساجد، ولا من رزقكم من الفيء، ولا نبدؤكم بقتال ما لم تحدثوا فسادا، وخرجوا شيئا بعد شيء إلى أن اجتمعوا بالمدائن، فراسلهم في الرجوع فأصروا على الامتناع حتى يشهد على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم ويتوب، ثم راسلهم أيضا فأرادوا قتل رسوله، ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله، وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين، ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان واليا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سُرِّيَة وهي حامل، فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد، فبلغ عليا فخرج إليهم في الجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام، فأوقع بهم بالنهروان ولم ينج منهم إلا دون العشرة ".
الشيخ : الله أكبر.
القارئ : " ولا قتل ممن معه إلا نحو العشرة، فهذا ملخص أول أمرهم، ثم انضم إلى من بقي منهم من مال إلى رأيهم فكانوا مختفين في خلافة علي حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليا بعد أن دخل علي في صلاة الصبح، ثم لما وقع صلح الحسن ومعاوية، ثارت منهم طائفة فأوقع بهم عسكر الشام بمكان يقال له النجيلة، ثم كانوا منقمعين في إمارة زياد وابنه عبيد الله على العراق طول مدة معاوية وولده يزيد، وظفر زياد وابنه منهم بجماعة فأبادهم بين قتل وحبس طويل، فلما مات يزيد ووقع الافتراق وولي الخلافة عبد الله بن الزبير وأطاعه أهل الأمصار إلا بعض أهل الشام ثار مروان فادّعى الخلافة وغلب على جميع الشام إلى مصر، فظهر الخوارج حينئذ بالعراق مع نافع بن الأزرق وباليمامة مع نجدة بن عامر، وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر، ولو اعتقد معتقدهم وعظم البلاء بهم، وتوسعوا في معتقدهم الفاسد، فأبطلوا رجم المحصن، وقطعوا يد السارق من الإبط، وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها، وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرا، وإن لم يكن قادرا فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقا، وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب ".
الشيخ : أشداء على أهل الإسلام رحماء بأهل الذمة نعم.
القارئ : " فمنهم من يفعل ذلك مطلقا بغير دعوة منهم، ومنهم من يدعو أولا ثم يفتك، ولم يزل البلاء بهم يزيد إلى أن أمر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم فطاولهم حتى ظفر بهم، وتقلل جمعهم، ثم لم يزل منهم بقايا في طول الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية، ودخلت طائفة منهم المغرب.
وقد صنف في أخبارهم أبو مخنف بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح النون بعدها فاء، واسمه لوط بن يحيى كتابا لخصه الطبري في تاريخه، وصنف في أخبارهم أيضا: الهيثم بن عدي كتابا، ومحمد بن قدامة الجوهري أحد شيوخ البخاري خارج الصحيح كتابا كبيرا، وجمع أخبارهم أبو العباس المبرد في كتابه الكامل، لكن بغير أسانيد بخلاف المذكورين قبله.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: الخوارج صنفان أحدهما يزعم أن عثمان وعليا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضي بالتحكيم كفار، والآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبدا.
وقال غيره: بل الصنف الأول مفرع عن الصنف الثاني، لأن الحامل لهم على تكفير أولئك كونهم أذنبوا فيما فعلوه بزعمهم.
وقال ابن حزم: ذهب نجدة بن عامر من الخوارج إلى أن من أتى صغيرة عذب بغير النار، ومن أدمن على صغيرة فهو كمرتكب الكبيرة في التخليد في النار، وذكر أن منهم من غلا في معتقدهم الفاسد فأنكر الصلوات الخمس وقال: الواجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي، ومنهم من جوز نكاح بنت الابن وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن، وأن من قال: لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه.
وقال أبو منصور البغدادي في المقالات: عدة فرق الخوارج عشرون فرقة، وقال ابن حزم: أسوؤهم حالا الغلاة المذكورون، وأقربهم إلى قول أهل الحق الإباضية، وقد بقيت منهم بقية بالمغرب.
وقد وردت بما ذكرته من أصل حال الخوارج أخبار جياد، منها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر وأخرجه الطبري من طريق يونس كلاهما عن الزهري قال: لما نشر أهل الشام المصاحف بمشورة عمرو بن العاص حين كاد أهل العراق أن يغلبوهم هاب أهل الشام ذلك إلى أن آل الأمر إلى التحكيم، ورجع كل إلى بلده إلى أن اجتمع الحكمان في العام المقبل بدومة ... ".