باب : في الهبة والشفعة .
تتمة شرح الحديث : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة
خلافا لمن قال إن الشفعة لا تكون إلا في الأرض التي تمكن قسمتها، أما التي لا يمكن قسمتها فلا شفعة.
كلام صحيح ؟ إي نعم.
يقولون: لأن الأرض التي يمكن قسمتها هي التي جاءت في الحديث ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ) والأرض التي لا يمكن قسمتها لا يمكن أن تقع فيها الحدود.
ولكن نقول هذا القول من أضعف الأقوال، لأنه إذا جازت الشفعة في الأرض التي يمكن قسمتها، فالتي لا تمكن قسمتها من باب أولى، لأن الذي تمكن قسمته إذا جاء الشريك الجديد ورأى الأول أنه لا يستقيم لا يمكن أن يستقيم معه ماذا يصنع ؟ يقسم وينتهي منه، فإذا كان هذا في الأرض التي تمكن قسمتها فالتي لا تمكن قسمتها من باب أولى.
المذهب هو القول الضعيف أنه إنما يكون في أرض يمكن قسمتها.
2 - تتمة شرح الحديث : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة أستمع حفظ
مثال عن غرائب العلم .
لها نظير من بعض الوجوه، قالوا : لو أن رجلا ذبح ذبيحة ونسي أن يسمي فالذبيحة حلال، ولو صاد صيدا ونسي أن يسمي فالصيد حرام.
أيهما أولى بالعذر ؟ الصيد أولى بالعذر، لأن الصيد يأتي على عجل، والإنسان مشفق أن يطير الطائر أو يعدو الظبي أو الأرنب قبل أن يدركه، فتجده مع العجلة ينسى كثيرا، يقولون: الصيد إذا نسي التسمية فيه فهو حرام، والذبيحة التي يعني مطمئن يأخذها يضجعها يأخذ السكين، مطمئن، يقولون: إذا نسي فهي حلال، وكان الأولى أن نقول بالعكس، أن نقول في الذبيحة حرام وفي الصيد حلال، لأنه أولى بالعذر.
والصحيح أنها حرام في الصيد والذبيحة لقوله تعالى : (( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق )).
تتمة شرح حديث الشفعة .
الطلاب : واضح .
الشيخ : واضح ؟ طيب هذه ليس فيها شفعة، إذن لا شفعة للجار، لأن الجار بيني وبينه حدود مع أن بعض الجيران ينكد على جاره أكثر مما ينكد الشريك، ولكن الصحيح في هذه المسألة في مسألة الجوار أنه إذا كان بين الجارين شركة في شيء من منافع الملك فإن الشفعة تثبت.
مثل : أن يكون الطريق بينهما واحدا، أو الماء ماء النهر بينهما واحدا، أو ما أشبه ذلك، فللجار أن يشفّع، ويدل عليه لفظ الحديث : ( إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ) بأن كان كل واحد منا طريقه منفصلا عن الآخر، أما لو اشتركا في الطريق فالشفعة باقية.
هل تكون الشفعة في المنقول ؟
نحن الآن عرفنا أنها تكون في الأرض في العقار، هل تكون في المنقول ؟
كرجلين بينهما سيارة، فباع أحدهما نصيبه فهل لشريكه أن يشفع ؟
الصحيح أن له أن يشفّع ولكن الفقهاء رحمهم الله فقهاء الحنابلة وغيرهم يقولون : لا شفعة في المنقول، الشفعة في العقار فقط.
تتمة شرح حديث الشفعة .
تكلمنا في الدرس الماضي على الشفعة، وبيّنا تعريفها.
ينتزع نصيب شريكه إذا باعه من المشتري.
طيب، يأخذه بالقيمة أو بالثمن ؟ خليل.
الطالب : ...
الشيخ : بالثمن سواء كان أكثر من القيمة أو أقل ؟
قل نعم أو لا؟
الطالب : ...
الشيخ : توافقونه على هذا ؟ يعني إذا باعه بعشرة آلاف ريال وهو يساوي خمسة آلاف، فهل يأخذه بعشرة أو بخمسة ؟ يأخذه بعشرة، لأن المشتري وش ذنبه أن نقول لا نعطيك إلا خمسة، نعطي المشتري ما سلّم، وإذا باعه بخمسة وهو يساوي عشرة كم نعطي المشتري ؟ نعطيه خمسة، لأن المشتري لا ينقّص ولا يزاد.
إذن يؤخذ بالثمن.
هل تجب الشفعة في العقارات أو في كل شيء ؟
الآن الذي في الحديث ؟ في العقارات لقوله ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ).
طيب، هل في كل عقّار أو في العقّار التي تمكن قسمته ؟
أنه في كل عقّار سواء تمكن أو لا تمكن.
طيب، مثِّل العقار التي تمكن قسمته ؟
الطالب : ...
الشيخ : تمام.
الشيخ : والذي لا تمكن ؟
الطالب : ...
الشيخ : إذا كانت صغيرة إذا قمست لا يصلح أن تستعمل.
الصحيح أنها تجب في هذا وفي هذا ، خلافا للمذهب الذين يقولون إنها لا تجب إلا فيما تمكن قسمته.
طيب، إذا اقتسم شريكان محمد هل تجب شفعة ؟ إذا اقتسم شريكان الملك ثم باع أحدهما هل تجب الشفعة ؟
الطالب : لا ، لا تجب الشفعة لأنه صار لكل منهما ملك خاص.
الشيخ : لأن الرسول قال : ( في كل ما لم يقسم )، فإذا قسم فلا شفعة، كذا ؟ طيب.
ما تقول يا أيمن ؟
الطالب : ...
الشيخ : كما قال.
توافقونهما على ذلك ؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم، لأن الحديث قال : ( في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ) ولم يقل: إذا قسمت، فظاهره بأنه إذا لم تصرف الطرق بأن كان الطريق واحدا فالشفعة باقية، وهذا هو الصحيح كما سنذكره.
طيب، نرجع إلى البحث مرة ثانية.
فهمنا الآن حسب ما أجبتم أنها لا تجب الشفعة إلا في العقار، وقيل تجب في كل شيء مشترك، إذا باع أحد الشريكين نصيبه فللثاني أن يأخذ بالشفعة، قالوا: لأن الحديث عام ( في كل ما لم يقسم )، وقوله : ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ) هذا وصف يختص ببعض أفراد العام فلا يقتضي التخصيص، عرفتم ؟
ونظيره قوله تعالى : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك )) خلوكم معنا يا جماعة مسألة مهمة.
المطلقات عام أو لا ؟ يشمل الرجعية والبائنة، وقوله : (( بعولتهن أحق بردهن )) يخص الرجعية، لأن البائن ما يمكن أن يراجعها ولو كانت في العدة.
فعندنا عام عطف عليه حكم خاص ببعض أفراده، فهل نخصص العام من أجل هذا الحكم الخاص ببعض الأفراد أو نأخذ بالعام ؟ ما الذي ذهب إليه العلماء ؟ الأخذ بالعام، قالوا : المطلقة ولو كانت بائنة عدّتها ثلاثة قروء، وأما قوله (( وبعولتهن أحق بردهن )) فإنه لا يقتضي التخصيص، لأنه حكم خاص ببعض الأفراد وهذا لا يقتضي التخصيص، كلام عربي!
(( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )) البوائن أو الرجعيات أو الجميع؟ عام، (( المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )) فإذا طلق الإنسان زوجته آخر ثلاث تطليقات تتربص ثلاث قروء، وإذا طلقها أول مرة ثلاثة قروء.
طيب، بعولتهن أي بعولة المطلقات أحق بردهن، الضمير في بعولتهن يعود على المطلقات العام أو على بعض أفراده، على الرجعيات، فهل نقول إن قوله : (( المطلقات يتربصن بأنفسهن )) يختص بالرجعيات أو هو عام ؟ عام.
طبق هذا الحكم على قوله : ( في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود ) في كل ما ، ما اسم موصول تشمل كل شيء لم يقسم، ( فإذا وقعت الحدود ) تختص بالأرض، هل نقول نخصص العموم فيما لم يقسم أو لا ؟ هذه المسألة.
المسألتان كل واحدة نظير الأخرى.
ومع ذلك اختلف الحكم فيهما عند الفقهاء وأعني بذلك فقهاء الحنابلة، فقالوا: لا شفعة إلا في الأراضي لقوله : ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ) وهذا لا يتصور إلا في الأراضي في العقار يعني.
طيب، عندنا العموم ( في كل ما لم يقسم ) قالوا : عود الحكم أو بيان الحكم فيما بعد يدل على أن المراد ( في كل ما لم يقسم ) أي من العقارات.
نقول لهم : طيب، ما تقولون في قوله : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ))، إلى قوله : (( وبعولتهن أحق بردهن )) هل تقولون هذا خاص بالرجعيات، لأن قوله (( وبعولتهن )) يخص الرجعيات أو هو عام للمطلقات ؟
يقولون : هو عام للمطلقات.
نقول : إذا عممتم في المطلقات عمموا في قوله : ( في كل ما لم يقسم ).
ولهذا نرى أن القول الراجح وجوب الشفعة أو استحقاق الشفعة في كل ما لم يقسم، حتى من المنقولات.
فلو كانت سيارة بين شخصين نصفين، وباع أحدهما نصيبه من السيارة على رجل ثالث فللشريك أن يشفّع، فيأخذها بالشفعة.
هذا هو القول الراجح.
فإن قال قائل : كيف تؤخذ الشفعة من المشتري قهرا، وقد قال الله تعالى: (( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )) ؟
قلنا : لأن هذا المشتري دخل على الشركة، وحق الشريك سابق عليه فقدم، ونحن لا نضر المشتري، نقول: سنعطيك الثمن الذي دفعت قل أو كثر، تمام.
إذن الشفعة لا تخالف القياس، خلافا لمن قال إنها تخالف القياس، لأنها أخذ مال من صاحبه قهرا.
طيب، أظن إن شاء الله عرفنا، الكلام واضح ؟ نمشي ؟.
كلكم فاهمين الآن ؟
شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن المطلقة البائنة تعتد حيضة واحدة فما قولكم ؟
الشيخ : ما أعرف عن شيخ الإسلام.
السائل : ...؟
الشيخ : شيخ الإسلام يقول إن كان فيه خلاف، والخلاف قليل يعني، ذكر صاحب الاختيارات أن ابن اللبّان ذهب إلى أن البائن تعتد بحيضة واحدة، يعني الخلاف قليل، ما هو مثل مسألة الشفعة.
السائل : ...؟
الشيخ : لا لا.
إذا باع الشريك لقريبه بسعر قليل من أجل قرابته هل المشفع يأخذه بنفس السعر ؟
الشيخ : طيب، أنت أيها الشريك بعت مثلا بعشرة وهو يساوي عشرين لأنه قريبك أو صديقك، نفعت صديقك الآن.
السائل : المشفع يأخذه بنفس القيمة ؟
الشيخ : إي يأخذه بنفس القيمة، بالثمن الذي استقر عليه العقد.
لكن لو احتال وأظهر أن الثمن عشرون ألفا وهو يساوي عشرة، والشريك يقول لا آخذ بعشرين ألفا ثم تبين أن الثمن الحقيقي عشرة هل يأخذ أو لا ؟ يأخذ بالثمن.
إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق كيف يكون ذلك ؟
الشيخ : يعني إذا اقتسم شريكان ورسما الأرض وصار كل واحد منهما مختصا ... وبطريق ملكه فلا شفعة، لأنهما حينئذ صارا جارين.
السائل : ...؟
الشيخ : الثالث اشترى بعد أن وقعت الحدود وصرفت الطرق.
السائل : وإن صار فيه عداوة يا شيخ ؟
الشيخ : كيف عداوة ؟
السائل : عدواة بين ...؟
الشيخ : هذا جاره، الجوار ما فيه شفعة إذا تميز كل جار عن جاره.
السائل : ...؟
الشيخ : القسمة قبل البيع.
وقال بعض الناس الشفعة للجوار ثم عمد إلى ما شدده فأبطله وقال إن اشترى داراً فخاف أن يأخذ الجار بالشفعة فاشترى سهماً من مائة سهم ثم اشترى الباقي وكان للجار الشفعة في السهم الأول ولا شفعة له في باقي الدار وله أن يحتال في ذلك
الشيخ : هذه من الحيل، اشترى سهما من مائة من سهم علشان يكون هو شريكه أيضا، ثم اشترى الأسهم الباقية فصار شريكا اشترى حصة شريك، لكن هذا حتى على مذهبنا لا ينطبق، لأن الشركاء يشتركون في الشفعة، فإذا كان عقار بين ثلاثة، فباع صاحب النصف فكيف تكون الشفعة ؟
عقّار بين ثلاثة، واحد له النصف، وواحد له الثلث، وواحد له السدس، فباع صاحب النصف، كيف تكون الشفعة ؟
يكون لصاحب الثلث اثنان من ثلاثة، ولصاحب السدس واحد من ثلاثة.
السائل : ... إذا كان بينهما ... قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الجار أحق بسقبه ) ؟
الشيخ : نعم صحيح يحمل على هذا، الجار الذي له اشتراك مع جاره في حق من حقوق الملك، وبهذا نجمع بين الأدلة، لأنه في أدلة تدل على أن الجار ليس له شفعة كهذا الحديث، وفي أدلة مطلقة تدل على أن الجار له شفعة، فتحمل عليها.
السائل : ...؟
الشيخ : له أن يشفع بمقدار نصيبه.
السائل : أقول يا شيخ المستأجر الآن، مستأجر أرض له مدة طويلة يدفع فيها، صاحبها باعها على غيره، هل له الشفعة ؟
الشيخ : لا، المستأجر ليس له الشفعة.
السائل : قد يقول أنا أحق بها لأنني أنا أزرع فيها من مدة طويلة مثلا ؟
الشيخ : لا بأس، لكن أنت أحق بمنفعتها ما دام لك مدة، كم مدتك ؟
السائل : لأجل غير مسمى .
الشيخ : إذا كان لأجل غير مسمى أخشى أن لا تصلح للإجارة إذا كان لأجل غير مسمى.
على كل حال، إذا بيعت فليس للمستأجر أن يشفّع لأنه ليس مالكا، لكن ... أن يؤذن المستأجر بأنه سيبيع، والغالب أن المستأجر إذا كان يريد أن يشتريها الغالب أنه يبذل فيها ثمنا أكثر من الأجنبي.
السائل : صحيح ...
الشيخ : ...
10 - وقال بعض الناس الشفعة للجوار ثم عمد إلى ما شدده فأبطله وقال إن اشترى داراً فخاف أن يأخذ الجار بالشفعة فاشترى سهماً من مائة سهم ثم اشترى الباقي وكان للجار الشفعة في السهم الأول ولا شفعة له في باقي الدار وله أن يحتال في ذلك أستمع حفظ
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة سمعت عمرو بن الشريد قال جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي فانطلقت معه إلى سعد فقال أبو رافع للمسور ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي الذي في داري فقال لا أزيده على أربع مائة إما مقطعة وإما منجمة قال أعطيت خمس مائة نقداً فمنعته ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الجار أحق بصقبه ) ما بعتكه أو قال ما أعطيتكه قلت لسفيان إن معمراً لم يقل هكذا قال لكنه قال لي هكذا وقال بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يبطل الشفعة فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها ويدفعها إليه ويعوضه المشتري ألف درهم فلا يكون للشفيع فيها شفعة
قلت لسفيان: إن معمرا، لم يقل هكذا، قال: لكنه قال لي هكذا.
وقال بعض الناس: " إن أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يبطل الشفعة، فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها، ويدفعها إليه، ويعوضه المشتري ألف درهم، فلا يكون للشفيع فيها شفعة ".
الشيخ : ...
قوله : ( الجار أحق بسقبه ) أي بجواره، فإذا باع شخص بيتا فإن جاره أحق به من غيره، ولكن هذا يخاطب به البائع قبل أن يبيع، يقال : ينبغي لك أن تبدأ بالجار، وتخبره بأنك ستبيع فإن كانت له رغبة في الشراء اشترى وإلا قال بعه.
وهكذا ينبغي أيضا في الإجارة، إذا أردت أن تؤجر بيتك فينبغي لك أن تخبر الجار لمن تؤجره، هذا إذا كان المستأجر مشكوكا فيه، أما إذا كان من الناس المعروفين بالعدالة والاستقامة والأمانة فلا حاجة.
ومن ذلك أيضا ما هو معروف عندنا الآن أن العزوبي لا يكون بين الأهلي، فإذا أردت أن تؤجر من هؤلاء فاستأذن من الجيران حتى لا تؤذيهم لأن لهم حقا.
أما الشفعة فلا يستحقها الجار إلا إذا كان بينهما حقوق مشتركة كالماء أو الطريق، أو ما أشبه ذلك.
أما الحيلة التي ذكرها فهذه يوجد - نسأل الله العافية - من يفعل هذا، يظهر أنه وهب نصيبه للمشتري، وربما يكتب عقدا ظاهرا للناس بأني وهبت نصيبي من الأرض الفلانية أو من الملك الفلاني لفلان، وهو في الحقيقة قد باعه.
في هذه الحال هل يكون للشريك شفعة ؟
لا، لأن الشفعة لا تكون إلا إذا انتقلت بعقد البيع.
11 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة سمعت عمرو بن الشريد قال جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي فانطلقت معه إلى سعد فقال أبو رافع للمسور ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي الذي في داري فقال لا أزيده على أربع مائة إما مقطعة وإما منجمة قال أعطيت خمس مائة نقداً فمنعته ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الجار أحق بصقبه ) ما بعتكه أو قال ما أعطيتكه قلت لسفيان إن معمراً لم يقل هكذا قال لكنه قال لي هكذا وقال بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يبطل الشفعة فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها ويدفعها إليه ويعوضه المشتري ألف درهم فلا يكون للشفيع فيها شفعة أستمع حفظ
ما الأصل الذي يبني عليه الأحناف هذه الحيل ؟
الشيخ : الأصل أنهم رحمة الله عليهم يأخذون بظاهر الصور، ظاهر المسائل، ولا يعودون إلى المعاني المقصودة.
السائل : لكن هذا تحايل على الله عز وجل، هذا شرع، وحقوق ؟
الشيخ : المهم هذه شبهتهم.
ثم ربما يستدلون بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا ) قالوا هذه حيلة لأخذ التمر الجيد بالتمر الرديء، لكن ما هي حيلة ليست حيلة.
على كل حال من أحسن من كتب في هذه المسألة شيخ الإسلام رحمه الله كتابه المعروف إبطال التحليل، كتاب مجلد.
السائل : ...؟
الشيخ : ... هو لما باع لقريبه خرج ...
الشريك لما باع على اجنبي كان لشريكه حق الشفعة.
السائل : ...؟
الشيخ : ...
أنت مثلا بعت لقريبك، بعت عليه بعشرة آلاف وهو يساوي مائة ألف، وأنا شريكك آخذه من قريبك بعشرة آلاف.
السائل : ...؟
الشيخ : رضي بأن يخرج من ملكه على هذا المبلغ.
السائل : ...؟
الشيخ : باعه باختياره لكنه حابى قريبه.
السائل : ...؟
الشيخ : ... البيع على القريب الآن... لأن عشرة آلاف التي سلمها سيأخذها.
السائل : ...؟
الشيخ : هذا حظ الشريك،ولهذا في مثل هذا الحال، إذا خاف من الشفعة يحسن أن يبيعه بالقيمة ثم يهب له من القيمة ما شاء.
إذا علم البائع أن الشريك يريد الشفعة هل له أن يفسخ البيع ؟
الشيخ : يعني فسخ البيع قبل أن يأخذ بالشفعة ؟
السائل : ...؟
الشيخ : المشتري ...
السائل : ...؟
الشيخ : ما يمكن بعد طلب الشفعة ما يمكن أن ترد، لأنه بمجرد طلبه إياها تتنقل له.
السائل : ...؟
الشيخ : احتط لنفسك ، بعه بقيمتها التي تسوى وهب لصاحبك ما تشاء.
ولهذا لو أنه باعها بالقيمة ثم أبرأه من الثمن فإن الشريك لا يأخذ إلا بالقيمة التي استقر عليها العقد ...
السائل : شيخ لو تواطأ البائع والمشتري على ثمن لا يستطيع الشريك دفعه ؟
الشيخ : حيلة ؟
السائل : حيلة.
الشيخ : يؤخذ بالقيمة، على القول الصحيح، لأن هذه المواطأة ما هي حقيقة، أظهر أنه بمائة ألف وهو بائع عليه بعشرة آلاف.
السائل : ...؟
الشيخ : ... لكن هذه من الحاباة، أظهر كثرة الثمن لأجل أن يحول بين الشريك وبين الشفعة.
السائل : المسألة الأولى؟
الشيخ : مسألتكم أنتم ؟
السائل : ...؟
الشيخ : محاباة لا شك، لكن هذه حيلة، قال : نحن نعرف أن الشريك لو أبيعه عليك بالثمن أخذ بالشفعة وسهل عليه، ولكن سنظهر للناس أنه بمائة ألف، الشريك يقول لا أشتريه بمائة ألف وهو بعشرة.
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن سعداً ساومه بيتاً بأربع مائة مثقال فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الجار أحق بصقبه ) لما أعطيتك وقال بعض الناس إن اشترى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين
وقال بعض الناس: " إن اشترى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة، وهب لابنه الصغير، ولا يكون عليه يمين ".
الشيخ : هذه أيضا من الحيل، هذه من الحيل، لاحظوا المشتري إذا نقل الملك قبل أخذ الشفيع الذي هو الشريك، والكلام باللغة العربية يبينه إن شاء الله.
المشتري إذا نقل الملك قبل أن يأخذ الشريك بالشفعة فإن نقله بالبيع فللشريك أن يأخذ بالشفعة بأحد البيعين الذي يناسبه، واضح ؟
باعه على زيد بمائة ثم باعه زيد على عمرو بمائتين، للشريك أن يأخذ بأحد البيعين.
أما لو نقل الملك على وجه لا تثبت الشفعة فيه بأن وهبه ، المشتري لما اشترى نصيب الشريك وهبه على طول، فإنه لا شفعة، ليش ؟ لتعذر أخذه من الثاني، الثاني انتقل إليه بإيه ؟ بالهبة ما في عوض، فلا يمكن، تسقط الشفعة ، وكذلك لو بادر المشتري فوقفه على طول، فإن الشفعة تسقط، لأنه نقل ملكه، لأن الشيء إذا وقف انتقل ملكه ، ولهذا بعض الناس يعمد إلى هذا الشيء، من يوم يشتري يقول : وقف، لكن بعض القضاء ما شاء الله عندهم انتباه، ... يقول اكتب: باع فلان على فلان ملكه بكذا وكذا وكذا ، وجعله المشتري وقفا، قال : اصبر أخشى أن هذا حيلة، فإذا كان حيلة فللشريك أن يشفع، وحينئذ يبطل الوقف، وأما إذا كان غير حيلة بل الأمر صحيح بأن يكون المشتري قد اشترى هذا النصيب بوقف فلان فإن الشفعة تسقط.
المؤلف رحمه الله ذكر أن بعض الناس يهب لابنه الصغير، ثم حينئذ لا يكون له شفعة.
سبحان الله.
شف كلام ابن حجر ؟
14 - حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن سعداً ساومه بيتاً بأربع مائة مثقال فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الجار أحق بصقبه ) لما أعطيتك وقال بعض الناس إن اشترى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين أستمع حفظ
قراءة من الشرح .
قال ابن بطال: إنما قال ذلك لأن من وهب لابنه شيئا فعل ما يباح له فعله، والهبة للابن الصغير يقبلها الأب لولده من نفسه، وأشار باليمين إلى ما لو وهب لأجنبي فإن للشفيع أن يحلّف الأجنبي أن الهبة حقيقية، وأنها جرت بشروطها، والصغير لا يحلف، لكن عند المالكية أن أباه الذي يقبل له يحلف، بخلاف ما إذا وهب للغريب، وعن مالك لا تدخل الشفعة في الموهوب مطلقا، وهو الذي في المدونة ".
الشيخ : وهذا مذهب الحنابلة، مذهب الحنابلة أن الشفعة لا تدخل في الموهوب، فمتى وهبه سقطت الشفعة، والضابط ما قلته لكم أنه إذا انتقل انتقالا تثبت فيه الشفعة كالبيع أجيبوا ؟ فللشريك أن يأخذ بأحد البيعين، وإذا انتقلت على وجه لا تثبت الشفعة به الهبة والوقف سقطت، سقطت الشفعة.
السائل : ...؟
الشيخ : ما يحلف، عندنا ما يحلف، لأن الأصل عدم الاحتيال، لكن إذا علم بقرائن فللقاضي أن يحلفه.
إذا باعوا دون علم الشريك ومضى وقت هل له الشفعة ؟
الشيخ : الصحيح أنه ما دام لم يعلم فله الشفعة ولو طالت.
إذا أوقف المشتري الثاني الأرض أو وهبها هل تكون شفعة ؟
الشيخ : من الذي يبيعها أو يهبها ؟ المشتري الثاني ؟
السائل : نعم.
الشيخ : هذه لو في الحال وهبها أو وقفها بطلت الشفعة.
هل السبب في عدم رد الأرض للموهوب له أنها بلا ثمن ؟
الشيخ : نعم، هذا السبب، لأن الشفعة لا تجب إلا إذا انتقل بعوض مالي.
السائل : نقول بثمن مثلها؟
الشيخ : ... يأخذه هبة.
السائل : حق الشريك سابق على حق ... لماذا ؟
الشيخ : هو صحيح يعني مقتضى التعليل بوجوب الشفعة أنه لو وهبها الشريك ما هو إذا وهبها المشتري ما فيها إشكال، الإشكال فيها ضعيف.
لكن إذا وهبها الشريك فالمذهب أنه لا شفعة، لكن القول الثاني في هذه أن فيها شفعة وهو أصح لأن حق الشريك سابق، لكن كلامنا فيما إذا وهبها المشتري.
السائل : ... ولو وهبها المشتري ...؟
الشيخ : فيها نظر دقيق، كونه تنفذ الهبة، لأن الواهب غير الشريك، الواهب رجل أجنبي، الشريك لم يأخذ بالشفعة ، والواهب ... مستقر.
السائل : ...؟
الشيخ : إي نعم يستقر.
السائل : ...؟
الشيخ : لأن الشريك لو علم لأخذ بالشفعة، ولهذا لو علم الشريك وتباطأ في أخذ الشفعة المذهب يرون أنه لا بد فورا من يوم يعرف، إلا أنه رخصوا له إذا كان يتعدى أو يتعشى أن يكمل غداه.
السائل : ...؟
الشيخ : لا، مستقر ولهذا لو فرضنا أن فيه ... لغيره، صار عقّار مؤجرا الساعة بعشرين ريال فهذه تكون للمشتري حتى يأخذ بالشفعة.
باب : احتيال العامل ليهدى له .
حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً ) ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرةً لها خوار أو شاةً تيعر ) ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول ( اللهم هل بلغت ) بصر عيني وسمع أذني
الشيخ : ابن اللَّتبية.
القارئ : بالضم.
الشيخ : في الشرح ما ضبطها ؟ نحن نقرأها بالضم ...
القارئ : فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فهلا جلست في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ) ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ( أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ) ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: ( اللهم هل بلغت ) بصر عيني وسمع أذني.
الشيخ : هذا الحديث يدل على أن هدايا العمال من الغلول كما جاء ذلك في مسند الإمام أحمد ( هدايا العمال غلول ) يعني الموظفين الذين يعملون للدولة، إذا أهدي إليهم فقبلوا يأتون به يوم القيامة يحملونه - والعياذ بالله -، إن كانت بعيرا فله رغاء، وإن كان بقرة فلها خوار، وإن كان شاة تيعر، وإن كان مالا فهو مثقل عليه - والعياذ بالله -، ولهذا يحرم على كل موظف أن يقبل الهدية مهما كانت، حتى بعد انتهاء المعاملة، فلا يجوز.
والضابط الذي ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضابط جيد، وهو الميزان، يقول : ( هلا جلست في بيت أبيك وأمك ) فحاسب نفسك أنت لو لم تعمل في هذا العمل هل يهدي الناس لك ؟ لا، إذن لا تقبل، ما دامت هدية لم تكن إلا لأنك عملت هذا العمل فإنه لا يحل لك أن تأخذه.
وأشد من ذلك من يستعمل منصبه سلطة، يهيّب الناس به، فإن بعض الناس مثلا يكون بينه وبين أحد شيء، ثم يكتب: فلان بن فلان الرئيس الفلاني، ... تجده رئيسا متقاعدا من زمان، لكن يستخدم كلمة رئيس يُهيّب بها الناس، هذا أيضا حرام ما يجوز أن تستخدم مسمى وظيفتك فيما تنال به مقصودك.
فنسأل الله أن يرينا الحق حقا، كثير من الناس نسأل الله العافية إذا أهدي إليهم في أعمالهم بشت وجوههم وقال : ما شاء الله أكثر الله من أمثالك وأكثر الله هداياك، والواجب عليه إيش ؟ أن يردها.
قد يقول بعض الناس: إن رددتها أخشى أن يكون في نفسه شيء، فنقول : لا تردها بجفاء.
20 - حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً ) ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرةً لها خوار أو شاةً تيعر ) ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول ( اللهم هل بلغت ) بصر عيني وسمع أذني أستمع حفظ