تتمة شرح قوله تعالى : (( إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم )) .
الشيخ : ... والرحمة والتمليح والتقريب، كما تقول الأم لابنها يا وليدي، وكذلك الأب. (( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا )) يكيدوا هنا محذوفة النون، لماذا ؟ للنصب بفاء السببية أو بأن مضمرة بعدها على رأي البصريين لأنها وقعت في جواب النهي (( لا تقصص )). والكيد هو التوصل إلى الإيقاع بالشخص من حيث لا يشعر يعني بأسباب خفية، هذا يسمى كيدا ويسمى مكرا ويسمى خداعا. (( فيكيدوا لك كيدا )). (( إن الشيطان للإنسان عدو مبين )) هذا تعليل لما يتوقع من فعلهم لو أنه قص عليهم الرؤيا، ولكن وقع لهم أن كادوا له كيدا بدون أن يسمعوا بهذه الرؤيا، كادوا له كيدا حسدا لما رأوا أنه في منزلة عند أبيه أكثر منهم فحصل منهم ما حصل وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب بعد أن تشاوروا أن يقتلوه أو لا ؟ وهذه مما كاد الله له أنه صرفهم عن القتل، لأنهم لو قتلوه لم يحصل له ما حصل، وهو نظير صرف الله عز وجل لقريش حينما مكروا بالنبي عليه الصلاة والسلام أن يقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه فاتفقوا على أنهم يقتلونه ولكن الله أناجه منهم فكاد له. (( إن الشيطان للإنسان عدو مبين )) هذا خبر، وإذا كان عدوا مبينا فسيأمره بما يضره، وقد قال الله سبحانه وتعالى لنا : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا )) فأخبر وأمر ، أخبر أنه عدو وأمرنا أن نتخذه عدوا فلا نقبل منه أمرا ولا نهيا لأنه عدو. (( وكذلك يجتبيك ربك )) الكاف قالوا إنها مفعول مطلق بمعنى مثل، وعاملها قوله : (( يجتبيك )) أي ومثل ذلك الاجتباء المتوقع لك يجتبك ربك، (( ويعلمك من تأويل الأحاديث )) ولعله استدل بأنه يعلمه تأويل الأحاديث ومنه تعبير الرؤيا لأن الله تعالى أكرمه أول ما أكرمه بإيش ؟ بهذه الرؤيا، فكانت مناسبة أن صار من أعلم الناس بتعبير الرؤيا. (( ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب )) يعني نفسه، (( كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق )) إسحاق وإبراهيم ليسا أبوين ليوسف بل هما جدان، إسحاق جده، وإبراهيم أبو جده، وفي هذا دليل على القول الصحيح في باب الفرائض أن الجد أب، وأنه لا ميراث للإخوة لا الأشقاء ولا الذين لأب ولا الذين لأم مع وجود الجد. (( ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم )).
شرح قوله تعالى : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين )) .
الشيخ : ثم ذكر الله عز وجل القصة إلى قوله : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل )) لما رفع أبويه على العرش خروا له سجدا، يعني أبويه وإخوانه خروا له سجدا تحية له، وكانت الأمم فيما سبقنا يحيون بالسجود لا عبادة ولكن إكراما وتحية. يقول : (( وقال يا أبت هذا )) أي ما نشاهده (( تأويل رؤياي من قبل )) تأويل هنا بمعنى عاقبة، وليست بمعنى تفسير لأن التأويل في كتاب الله يراد به معنيان: الأول التفسير، والثاني العاقبة. لأن التأويل مصدر أول يأول أي حوَل الشيء إلى عاقبة من آل يؤول. وهنا لا يصح أن نقول إنها بمعنى التفسير لأنه يشير إلى أمر واقع، فيقول : هذا مآل رؤياي ووقوعها من قبل.
الشيخ : والتأويل في القرآن يطلق على معنيين كما أشرت إليه ، المعنى الأول التفسير، والمعنى الثاني العاقبة. ففي قوله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )) المراد بالتأويل هنا ؟ الأخ ؟ الطالب : ... الشيخ :(( هل ينظرون إلا تأويله )) يعني ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا تأويله ؟ الطالب : ... الشيخ : لا، الوقوع والعاقبة، يعني ما ينتظر هؤلاء إلا وقوع ما أخبروا به. وأما قوله تعالى : (( نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين )) فالمراد به التفسير، فسر لنا هذه الرؤيا. ومنه قول إمام المفسرين بالأثر ابن جرير رحمه الله : " القول في تأويل قوله تعالى " ثم يذكر الآية، هذا تفسيره، تفسيره مشهور معروف، هو إمام المفسرين، يقول : " القول في تأويله قوله تعالى " يعني في تفسيره. وأما التأويل عند المتأخرين وهو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر فهذا لا يعرف في الكتاب ولا في السنة بل هو اصطلاح حادث، لم يعرف إلا في القرن الثالث فما بعده.
تتمة شرح الآية : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل ... ))
الشيخ : يقول (( قد جعلها ربي حقا )) جعلها بمعنى صيّرها ولهذا نصبت مفعولين. (( وقد أحسن بي إذ أخرجني )) إذ بمعنى حين أخرجني من السجن، والسجن الذي سجن عليه كان سببه أنه أبى أن يجيب امرأة العزيز إلى ما دعته إليه وقال : (( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم، ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين )) أخرجه الله من السجن طاهرا عفيفا معززا مكرما حتى إن الملك قال : (( ائتوني به أستخلصه لنفسي )) أي أجعله من خواصي وأقرب الناس إلي، لأنه رأى منه سره وما أعجبه. يقول : (( إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو )) يعني إلى المدن، ولا شك أن تحضر البادية من الخير، لأنهم يتفقهون في دين الله، وهم في باديتهم أبعد عن معرفة حدود الله، قال الله تعالى : (( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا ما أنزل الله على رسوله )) فإذا صاروا في الحاضرة وتعلموا وتفقهوا فهذا من إحسان الله إليهم. وفيه دليل على أن الإحسان إلى الوالدين أو الأولاد أو الأقارب إحسان للإنسان نفسه، لأنه قال : (( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو )). وفيه أن أفعال العبد مخلوقة لله ، لقوله : (( وجاء بكم من البدو )) ومعلوم أن الله لم يأت بهم يحملهم ولكنه قدر مجيأهم فجاؤوا هم بأنفسهم، ولكن لما كان فعلهم مخلوقا لله ومرادا له قال : (( وجاء بكم من البدو )). (( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي )) أي أوقع بيني وبينهم تلك الوقيعة وتلك القطيعة، منهم أو منه ؟ منهم، إذ ألقوه في غيابت الجبّ وتركوه نسأل الله العافية. (( إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم )) اللطيف مأخوذ من اللطف واللطافة، وهو له معان: فاللطيف بمعنى العليم بخفايا الأمور، واللطيف بمعنى اللطف والرحمة، ويقال لطف به ولطف له، فاللام تبين الحكمة من هذا اللطف، والباء للتعدية تبين محل اللطف، والقرآن جاء بهذا وهذا. (( إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم )). (( رب قد آتيتني من الملك )) رب منادى، لكن قد يشكل، فهذه الكلمة ليست منصوبة وليست مبنية على الضم، والمنادى إما منصوب أو مبني على الضم، فلماذا جاءت هكذا رب ؟ والجواب على هذا الإشكال أن نقول: أصلها ربي بالياء فحذفت الياء تخفيفا وبقيت الكسرة دليلا عليها، وعلى هذا فنقول هو مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة. (( رب قد آتيتني من الملك )) ولم يقل الملك لأن الملك كاملا لا يكون إلا لله عزّ وجل، (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ))، أما ما يملكه الإنسان فهو محدود، هذا ملك في أرض معينة، ثم ملكه قاصر لا يستطيع أن يتصرف كما يشاء، وإنما يتصرف في الحدود الشرعية. (( وعلمتني من تأويل الأحاديث )) أي من تفسيرها ، والأحاديث جمع حديث ومنه الرؤيا التي يراها الإنسان. (( فاطر السموات والأرض )) يعني يا فاطر السموات والأرض، والفاطر والبديع والمبتدع والبارئ والخالق واحد من البدء، والفاطر قولوا إنه هو من خلق الشيء على غير مثال سبق، يعني خلقه لأول مرة ولم يوجد له نظير فيما سبق. (( فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة )) أي متولي أمري في الدنيا والآخرة ... قبل أن نبدأ نكمل الآيات. قوله تعالى عن يوسف (( أنت وليي في الدنيا والآخرة )) أي متولي أمري في الدنيا والآخرة. وولاية الله سبحانه وتعالى نوعان: ولاية عامة لكل أحد، وهي التصرف في خلقه بما يشاء، وولاية خاصة وهي أن يتولى أمر الإنسان ويعتني به بصفة خاصة. فمن الأولى قوله تعالى : (( ثم ردوا إلى الله موالاهم الحق ))، قبلها (( حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهو لا يفرطون ثم ردوا إلى الله موالاهم الحق )). ومن الثانية قوله : (( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات )). (( توفني مسلما وألحقني بالصالحين )) توفني يعني اقبضني إليك، والمراد بذلك وفاة الموت لا وفاة النوم. ومسلما حال من الياء في قوله (( توفني )) يعني حال كوني مسلما، (( وألحقني بالصالحين )) أي بالصالحين من عبادك، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم الرسل ثم الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون. والصالحون هنا تشمل كل الطبقات إذا ذكرت وحدها.
الشيخ : وليس في هذه الآية تمني الموت أو الدعاء بالموت بل الدعاء بالموت على صفة معينة وهي الإسلام، ومن ذلك قوله في الحديث : ( إن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ) ليس المعنى فاقبضني إليك عند وجود الفتنة وأمتني حتى أستريح منها وإنما المعنى اقبضني في هذه الحال أي على وصف عدم الفتنة.
هذه الكلمات التي ذكرها الله عن يوسف بلسان عربي مبين فهل يوسف كان لسانه عربياً ؟
الشيخ : فإن قال قائل : هذه الكلمات التي ذكرها الله عن يوسف بلسان عربي مبين، فهل يوسف كان لسانه عربيا ؟ الجواب : لا، لكن الله تعالى نقله بالمعنى، وعلى هذا فإضافة القول إلى قائلة لا تستلزم أن يكون القائل قال هذا اللفظ بعينه بل قد ينقل عنه بالمعنى. ومن ثَمَّ يتبين لنا أنه لا يلزم من الأحاديث القدسية أن يكون لفظها كلام الله عز وجل بنفسه، لأنها لو كانت كلام الله بنفسه لوجب أن يكون لها حكم القرآن لأن كلام الله لا يختلف محترم، سواء جاء عن طريق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو مباشرة من الله إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الشيخ : وهذه المسألة أعني الأحاديث القدسية فيها لعلماء مصطلح الحديث قولان، القول الأول أنها من الله لفظا ومعنى لظاهر قوله : قال الله تعالى كذا وكذا. والثاني أنها من الله معنى لا لفظا، وهذا القول هو الصحيح، لأنه كما ذكرت لكم لو كانت هي لفظ الله لوجب أن يكون لها حكم القرآن إذ لا فرق، بل لكانت أعلى من القرآن سندا، لأنها من الله إلى الرسول، والقرآن من الله إلى جبريل إلى الرسول، فالصحيح هو هذا. فلو قال قائل : إذن ما الفرق بينها وبين الحديث النبوي ؟ قلنا: الفرق بينها شرف النسبة التي نسبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله، هذه واحدة. الثانية : أن الأحاديث النبوية قد يكون النبي عليه الصلاة والسلام يلهمها إلهاما، وأحيانا يقولها من عنده فتكون شرع الله لإقراره إياها. فهذا هو الفرق. ثم قال : ... رؤيا إبراهيم عليه السلام، يعني الظاهر بعد هذا . القارئ : ما قرأناه.
هناك إشكال ثبت في قصة المعراج أن الأتبياء عليهم السلام كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعربية فما الجواب عليه ؟
السائل : في قصة المعراج رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء وكلمهم وكلموه بالعربية ...؟ الشيخ : الذي أنظقهم بالعربية في الدنيا ينطقهم بالعربية بعد الموت. السائل : يعني ...؟ الشيخ : لا ما نقول، لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يفهم إلا العربية، الظاهر أنهم يكلمونه بالعربية.
السائل : هل الراجح أن الحديث وحيّ من الله ؟ الشيخ : لا، الحديث بعضه وحيّ وبعضه غير وحيّ، فمثلا لما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الشهادة قال : ( تكفر كل شيء ) فلما انصرف الرجل دعاه وقال : ( إلا الدين، أخبرني بذلك جبريل آنفا )، فهذا واضح أنه وحي. أحيانا لا تكون وحيا يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ثم يُقرّها الله عليه. السائل : ...؟ الشيخ : من أي باب ؟ السائل : ...؟ الشيخ : في القرآن ؟ السائل : نعم. الشيخ : نرده لأن الله قال : (( نزل له الروح الأمين على قلبك بلسان عربي مبين )) فصرح بلسان عربي، لكن ما ينقله الله عن الأمم السابقة معلوم أنه ليس بلسان عربي، يعني المنقول ليس بلسان عربي.
قال أبو عبد الله فاطر والبديع والمبتدع والمبدىء والبارىء والخالق واحد قال أبو عبد الله من البدو بادئة .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال البخاري رحمه الله تعالى : قال أبو عبد الله: قال أبو عبد الله فاطر والبديع والمبتدع والمبدىء والبارىء والخالق واحد، من البدو بادئة .
باب : رؤيا إبراهيم عليه السلام . وقوله تعالى : (( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين )) . قال مجاهد أسلما سلما ما أمرا به وتله وضع وجهه بالأرض .
القارئ : باب : رؤيا إبراهيم عليه السلام . وقوله تعالى : (( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين )) . قال مجاهد: " أسلما سلما ما أمرا به، وتله وضع وجهه بالأرض " . الشيخ : هذه رؤيا إبراهيم أيضا من المرائي العجيبة، من آيات الله عز وجل، إبراهيم رأى في المنام أنه يذبح ولده، ومتى رأى أنه يذبحه ؟ لما بلغ معه السعي، فليس صغيرا لا تتعلق به النفس كثيرا، ولا كبيرا قد انصرفت عنه النفس، فالإنسان مع أولاده له ثلاث حالات أو أكثر: إذا كانوا أطفالا فإن الرجل لا يتعلق قلبه بهم، إنما يتعلق بهم قلب الأم، إذا بلغ معه السعي وصار يذهب معه ويجيء ويقضي حوائجه لكنه لم يكبر حتى يكون معه أنفة تعلق به كثيرا، وإذا كبر وارتفع انصرف عنه، انعزل، إبراهيم عليه الصلاة والسلام ليس له إلا ولد واحد، ولاحظوا أنه أتاه على حين من الكبر، أليس كذلك ؟ كبيرا، وهو ولد واحد، ولما بلغ معه السعي وكان يسعى معه وفي حوائجه وهو أشد ما تكون النفس به تعلقا رأى في المنام أنه يذبحه، ورؤيا الأنبياء وحيّ وحق، فعرض هذا على ابنه، لا استشارة له، لأنه سيفعل، ولا يمكن لإبراهيم أن يستشير في أمر الله ولكن اختبارا للولد، ماذا يتلقى هذا الأمر العظيم، فكان الولد نعم المعين لأبيه على طاعة الله. قال : (( يا أبت افعل ما تؤمر )) نصيحة من ابن صغير لأب كبير، لكن والله هذه قرة العين، أن يكون الأولاد عونا لآبائهم وأمهاتهم على طاعة الله. ثم وعد وعدا غير وعد الإنسان المغتر بنفسه قال : (( ستجدني إن شاء الله من الصابرين )) والسين هنا للتحقيق، أي ستجدني إن شاء الله من الصابرين على ما سينفذ فيهم من هذا الأمر العظيم. إننا نقرأها أيّها الإخوة الآن قراءة نظرية، لكن لو ابتلي بها الإنسان على وجه عمليّ ماذا تكون عليه الدنيا ؟ ستضيق عليه الدنيا أضيق ما يكون، يؤمر بأن يذبح ابنه، والإنسان يفدي نفسه اتقاء شر يلي ابنه، محنة عظيمة من أعظم المحن، إن لم تكن أعظم المحن فهي من أعظم المحن، ولهذا قال : (( ستجدني إن شاء الله من الصابرين )). فعلم أن هذا أمر عظيم يحتاج إلى إيش ؟ إلى صبر عظيم، صبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة، فهو جامع بين الأنواع الثلاثة من الصبر. (( فلما أسلما )) من ؟ إبراهيم وابنه، الأب والابن، أسلما يعني استسلما لأمر الله وانقادا له وسلما الأمر إلى الله. (( وتله للجبين )) تله أبوه للجبين أي على الجبين، الجبين الجبهة أو أعلاها، هكذا على الأرض، قال العلماء: وإنما تله على جبينه لئلا ينظر إلى وجهه حين تقبل السكين عليه وهو يتمعض، خشي أن يفتتن وتعجر يده عن ذبح ابنه، تله على الأرض هكذا على الجبين امتثالا لأمر رب العالمين الذي أوجدهما جميعا من العدم. (( وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )) الجواب جواب لمّا محذوف لأن لما شرطية تحتاج إلى شرط وجواب والجواب محذوف، فلما أسلما وتله للجبين تبيّن بذلك صدقهما وإخلاصهما وانقيادهما لله رب العالمين، حينئذ جاء الفرج في محله أضيق ما يكون واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، في هذه الحال الضيقة الضنك جاء الفرج من الله. (( ناديناه )) أي من بعيد، لأن النداء يكون من بعيد. أن: تفسيريه، (( يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )) أي نفذتها وطبقتها لأنه عمل ولم يتأن ولم يسترخ، عمل ولكن جاء المنة من الله عز وجل بعد أن كتب له أجر هذه الطاعة العظيمة. (( إنا كذلك نجزي المحسنين )) إنا مثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين. انتبه يا أخي لهذه المسألة: قد يبتليك الله بأمر تكرهه ويشقّ عليك لتترقى به إلى درجة الكمال، فيجزيك الله عز وجل أحسن مما فعلت، ولا تيأس، وانظر قصة أبيك آدم، أبيك الأول، نهاه الله أن يأكل من الشجرة فأكل (( وعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) فكان بعد ذلك مجتبى مختار من الله عزّ وجل، حاله بعد هذه المعصية والتوبة منها أكمل من حاله من قبل، فتنبه لهذه اللطائف العظيمة التي يقصها الله عليك في القرآن حتى تربي نفسك عليها. العلم يا إخواني ليس نظريا، العلم إذا لم يكن نظريا عمليا فإنه قليل البركة، وقد يكون حجة عليك كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( القرآن حجة لك أو عليك ). وقوله : (( نجزي المحسنين )) في هذا دليل على أن الله عز وجل يحب الإحسان، وهو كذلك.
الشيخ : والإحسان نوعان: إحسان: إحسان في عبادة الله، وإحسان إلى عباد الله. فالإحسان في المعاملتين: في معاملة الخالق، وفي معاملة المخلوق. أما في معاملة الخالق فقد حدها أعلم البشر بها وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : ( أن تعبد الله كأنك تراها، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ). وبين الدرجتين فرق عظيم، أن تعبد الله كأنك تراه هذه عبادة رغبة وطلب، فإن لم تكن تراه فإنه يراه هذه عبادة خوف وهرب، وهاتان منزلتان بينهما فرق عظيم، فالذي يعبد الله كأنه يراه يحث نفسه على أن يصل إلى هذا الذي يعبده عز وجل، ليس كالذي يعبد الله لأن الله يراه فيعاقبه، أيّهما أكمل ؟ الأول، ولهذا قال : ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك )، هذا الإحسان في عبادة الله عز وجل. الإحسان إلى عباد الله بينه أيضا النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ) ونحن نحب ذلك ونرجو الله أن يحقق لنا ذلك، كلنا يحبّ ذلك، ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ) هذا الإحسان، ائت للناس ما تحب أن يؤتى إليك، يحقق قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ) ما ظنكم لو أن المسلمين تعاملوا هذه المعاملة هل يبقى في النفوس أحقاد أو بغضاء أو عداوات ؟ أبدا، تمحى لو تعاملنا بهذه الطريقة، لكن أكثرنا الآن يعامل الناس بأن يحب أن يستأثر على أخيه فيكون أنانيا لا يبالي بغيره وإنما يعمل لنفسه، نسأل الله السلامة.
قولهم أنه لما جاء يذبحه انقلبت السكين هل هذا صحيح ؟
السائل : قولهم أنه لما جاء يذبحه انقلبت السكين هل هذا صحيح ؟ الشيخ : هذا كذب، كل هذا من الإسرائيليات، كل هذا اسرائيليات أن السكين انقلبت ثم أعادها فانقلبت ثم أعادها فانقبت، كل هذا ليس بصحيح. هذا من جنس الذي يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لما دخل في غار حراء جاءت العنكبوت وعششت عليه، ثم جاءت الحمامة ووقّعت على شجرة على فم الغار، فلما جاء قريش قالوا هذا ما فيه أحد، حمامة آمنة وعش عنكبوت، ما فيه أحد، وهذا لا شك خبر غير صحيح، لأن أبا بكر قال: " يا رسول الله ، لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا " فالقوم قد وقفوا على فم الغار، وهذا أعظم في آيات الله أن الله أعمى أبصارهم وهم لو شاؤوا لأبصروهم لكن بعض الناس يأتي في مثل هذه الأمور بالغرائب.
هل يؤخذ من هذا أن الإنسان لو رأى أنه يفعل شيئاً فإنه يطلب منه أن يفعله ؟
الشيخ : طيب، هل يؤخذ من هذه القصة أن الإنسان لو رأى أنه يفعل شيئا فإنه يطلب منه أن يفعله ؟ لا، لأن رؤيا الأنبياء حق أو وحي، أما رؤيا غيرهم فلا، فلو رأى الإنسان أنه يأكل خبزا هل نقول : يسن لك أن تأكل خبزا ؟ لا، طيب ولو رأى أنه يذبح ابنه ؟ أبعد وأبعد. طيب، لو نذر أن يذبح ابنه ؟ الطلاب : ما يجوز. الشيخ : طيب، ماذا يصنع ؟ الطلاب : يكفر عن سيئاته ... فيه خلاف. الشيخ : يرى بعض العلماء أنه يكفر بشاة، قالوا كما فدى إبراهيم ابنه بذبح عظيم، فإذا نذر أن يذبح ابنه قلنا: لا تذبح، حرام عليك، لكن اذبح شاة فداء عنه. وقال بعض العلماء شريعتنا وردت بخلاف ذلك، وهي أن يكفر كفارة يمين، لأن كل نذر معصية لا يجوز فعله لكن يكفر عنه كفارة يمين.
السائل : الراجح في الذبيح ؟ الشيخ : الذبيح هو إسماعيل، متعين، وقد قيل : إن القول بأنه إسحاق من كلام اليهود، لأن إسحاق جدّهم، وإسماعيل جد العرب، وأن أصل هذا القول منشؤه من بني إسرائيل، هم الذين روّجوه وإلا فالآية واضحة، قال الله عز وجل : (( قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين )) ولا ذكر الله بعد هذه البشارة ابتلاء، ثم البشارة جاءت بعد قصة الذبح كاملة، ثم إنّ الله سبحانه وتعالى فرق بين إسماعيل وبين إسحاق، إسحاق قال عنه في موضعين : بغلام عليم، وإسماعيل قال : بغلام حليم، فبينهما فرق، فالقول بأنه إسحاق قول ضعيف، ضعيف جدا.
قلنا أن الرؤيا الصالحة يلزم وقوعها وهنا لم تقع رؤيا إبراهيم ؟
السائل : ...؟ الشيخ : لازم وقوعها بالفعل، لكن الحقيقة أنه كتب أجره بالفعل، يعني كأنه فعلها، نظير هذا أن الله كتب لنا والحمد لله كتب لنا أجر خمسين صلاة ونحن لا نصلي إلا خمسة، ليست الخمسين صلاة بمعنى أن الحسنة بعشر أمثالها، خمسين صلاة والحسنة بعشر أمثالها فتكون خمسمائة.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنه أن أناساً أروا ليلة القدر في السبع الأواخر وأن أناسًا أروا أنها في العشر الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( التمسوها في السبع الأواخر )
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنه: ( أن أناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر، وأن أناسا أروا أنها في العشر الأواخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: التمسوها في السبع الأواخر ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. تواطؤ الرؤيا يعني اتفاقها على شيء معين، والرؤيا الصالحة كما مر جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، فإذا تواطأت واتفقت على شيء صار هذا زيادة في قوتها. وفي هذا الحديث دليل على أن السبع الأواخر أرجى ما يكون لليلة القدر، وأنها أرجى من بقية العشر. ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استمر يعتكف العشر الأواخر من رمضان مع أنه قال لهؤلاء القوم الذين رأوها في السبع والذين رأوها في العشر قال إنها في السبع الأواخر.
باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك . لقوله تعالى : (( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون )) وقال الفضيل لبعض الأتباع يا عبد الله (( أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك )) . وادكر افتعل من ذكر أمة قرن وتقرأ أمه نسيان . وقال بن عباس يعصرون الأعناب والدهن تحصنون تحرسون
القارئ : باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك . لقوله تعالى : (( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما )). الشيخ : إلى آخر الآيات. قال المؤلف : " باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك "، يعني الرؤيا في السجن وأحكامها، وكذلك أهل الشرك والفساد، وهي حكاية للواقع وإلا فرؤيا أهل السجون وغيرهم على حد سواء. ثم ذكر قصة يوسف عليه الصلاة والسلام أنه دخل معه السجن فتيان، فرأيا في المنام رؤيتين، الأول : رأى أنه يعصر خمرا، والآخر رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه، يعصر خمرا ، الخمر لا يعصر وإنما الذي يعصر العنب فيكون منه العصير وهذا العصير يكون خمرا، فسماه خمرا باعتبار ما يؤول إليه، وفي اللغة العربية التوسع، أحيانا تطلق الشيء على ما مضى وأحيانا تطلقه على ما يستقبل. فهذه الآية من باب إطلاقه على ما يستقبل. وقوله تعالى : (( وآتوا الأموال أموالهم )) هذه على ما مضى، لأن اليتيم ما دام يتيما لم يبلغ فإنه لا يعطى ماله، إنما يعطى ماله إذا بلغ. (( وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه )) وهذا غريب، ولكن على الخبير سقطا، على يوسف الذي علمه الله من تأويل الأحاديث، قال : (( نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين )) بتأويله يحتمل أن المعنى بتأويله أي بتفسيره، أي فسره لنا، أو بتأويله أي بما يؤول إليه، لأن التأويل يطلق في اللغة العربية في القرآن والحديث على المعنيين: التفسير أو ما يؤول إليه. (( إنا نراك من المحسنين )) ومن الإحسان العلم، أن يعلم الناس الخير ويدلهم عليه فإنه من الإحسان. وفي قولهم (( إنا نراك من المحسنين )) دليل على أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن هذا الرجل لما كان من المحسنين توسما فيه أن يحسن إليهما بتأويل ما رأياه. (( قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما )) اختلف المفسرون في معنى هذه الجملة (( لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما )) فقيل المعنى: أن يوسف عليه الصلاة والسلام يخبرهما بالطعام الذي سيأتي قبل أن يأتي فيقول : سيكون غداء اليوم كذا وكذا، والعشاء كذا وكذا وما أشبه ذلك، وهذا ليس بغريب فإن عيسى قال لقومه : (( أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم )). ومن العلماء المفسرين من قال : سأخبركما بتأويله قبل أن يأتيكما طعام ترزقانه، كما نقول نحن: سأخبرك بخبر هذا قبل العشاء أو قبل الغداء، المعنى أنه سوف يبادر بإخبارهما، وعلى هذا فيكون المعنى : (( لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله )) أي بتأويل ما رأيتما، وعلى الأول بتأويله أي بتأويل الطعام، فالضمير على المعنى الأول يعود على الطعام، وعلى المعنى الثاني على ما رأياه، وهذا يرجحه أنهما سألا عن التأويل.