حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا إسرائيل أبو موسى ولقيته بالكوفة وجاء إلى ابن شبرمة فقال أدخلني على عيسى فأعظه فكأن ابن شبرمة خاف عليه فلم يفعل قال حدثنا الحسن قال لما سار الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية بالكتائب قال عمرو بن العاص لمعاوية أرى كتيبةً لا تولي حتى تدبر أخراها قال معاوية من لذراري المسلمين فقال أنا فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة نلقاه فنقول له الصلح قال الحسن ولقد سمعت أبا بكرة قال بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إ بني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ) .
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا إسرائيل أبو موسى ولقيته بالكوفة وجاء إلى ابن شبرمة فقال : ( أدخلني على عيسى فأعظه فكأن ابن شبرمة خاف عليه فلم يفعل قال حدثنا الحسن قال لما سار الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية بالكتائب قال عمرو بن العاص لمعاوية أرى كتيبةً لا تولي حتى تدبر أخراها قال معاوية من لذراري المسلمين فقال أنا فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة نلقاه فنقول له الصلح ) . قال الحسن ولقد سمعت أبا بكرة قال : ( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إبني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ). الشيخ : الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سيد أي ذو شرف ومكانة ولعل هذه إما أن تكون للترجي أو للتوقع وأيا كان فقد وقع الأمر كما ترجى أو كما توقع النبي صلى الله عليه وسلم فأصلح الله به بين المسلمين لأنه في النهاية تنازل عن الخلافة لمعاوية فطفأت الفتنة فأصلح الله به بين المسلمين وصدق توقع الرسول عليه الصلاة والسلام .
القارئ : " قوله : قال عمرو بن العاص لمعاوية أرى كتيبة لا تولي بالتشديد أي لا تدبر قوله حتى تدبر أخراها أي التي تقابلها ونسبها إليها لتشاركهما في المحاربة وهذا على أن يدبر من أدبر رباعيا ويحتمل أن يكون من دبر يدبر بفتح أوله وضم الموحدة أي يقوم مقامها يقال دبرته إذا بقيت بعده وتقدم في رواية عبد الله بن محمد في الصلح إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها وهي أبين قال عياض هي الصواب ومقتضاه أن الأخرى خطأ وليس كذلك بل توجيهها ما تقدم وقال الكرماني يحتمل أيضا أن تراد الكتيبة الأخيرة التي هي من جملة تلك الكتائب أي لا ينهزمون بأن ترجع الأخرى أولى قوله قال معاوية من لذراري المسلمين أي من يكفلهم إذا قتل آباؤهم زاد في الصلح فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين يعني معاوية أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم يشير إلى أن رجال العسكرين معظم من في الإقليمين فإذا قتلوا ضاع أمر الناس وفسد حال أهلهم بعدهم وذراريهم والمراد بقوله ضيعتهم الأطفال والضعفاء سموا باسم ما يؤول إليه أمرهم لأنهم إذا تركوا ضاعوا لعدم استقلالهم بأمر المعاش وفي رواية الحميدي عن سفيان في هذه القصة من لي بأمورهم من لي بدمائهم من لي بنسائهم وأما قوله هنا في جواب قول معاوية من لذراري المسلمين فقال أنا فظاهره يوهم أن المجيب بذلك هو عمرو بن العاص ولم أر في طرق الخبر ما يدل على ذلك فإن كانت محفوظة فلعلها كانت فقال أنى بتشديد النون المفتوحة قالها عمرو على سبيل الاستبعاد وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في بعث ذات السلاسل فذكر أخبارا كثيرة من التاريخ إلى أن قال وكان قيس بن سعد بن عبادة على مقدمة الحسن بن علي فأرسل إليه معاوية سجلا قد ختم في أسفله فقال اكتب فيه ما تريد فهو لك فقال له عمرو بن العاص بل نقاتله فقال معاوية وكان خير الرجلين على رسلك يا أبا عبد الله لا تخلص إلى قتل هؤلاء حتى يقتل عددهم من أهل الشام فما خير الحياة بعد ذلك وإني والله لا أقاتل حتى لا أجد من القتال بدا قوله فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة ".
إذا أنزل الله العذاب أصاب العذاب كل من كان في المكان الذي نزل فيه العذاب كيف الجمع مع قوله تعالى (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ؟
السائل : إذا أنزل الله عليكم العذاب أصاب العذاب ... ثم بعثوا على أعمالهم كيف الجمع مع قوله تعالى (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ؟ الشيخ : هذا عموم هذا في الدنيا أما في الآخرة كل على نيته لكن في الدنيا يعذب الجميع لأن في الغالب لا يخلو من تقصير من الآخرين.
هل يستفاد من قوله (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) أن الإنسان لا يعذب بذنب الأخر ؟
السائل : ما المقصود من قوله : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) أن الإنسان لا يعذب بذنب الأخر ؟ الشيخ : إي العذاب الخاص أما العام لا. السائل : قول صلى الله عليه وسلم : (إبني هذا سيد ) ... الشيخ : نعم لا شك أن الحسن بن علي أولى بالخلافة من معاوية. السائل : ... الشيخ : يحتمل أن يكون فيه إشارة.
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال قال عمرو أخبرني محمد بن علي أن حرملة مولى أسامة أخبره قال عمرو قد رأيت حرملة قال أرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسأ لك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل له يقول لك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ولكن هذا أمر لم أره فلم يعطني شيئًا فذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي .
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال : قال : " عمرو أخبرني محمد بن علي أن حرملة مولى أسامة أخبره قال عمرو قد رأيت حرملة قال أرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل له يقول لك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ولكن هذا أمر لم أره فلم يعطني شيئًا فذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي " .
بالنسبة لإستعمال لفظ السيد هل هناك تفريق بين إستعمالها مطلق ومقيد ؟
السائل : بالنسبة لإستعمال لفظ السيد هل هناك تفريق بين إستعمالها مطلق ومقيد ؟ الشيخ : إي بينهم فرق السيد ذو السيادة المطلقة وهذه لا تكون إلا لله السيد سواء مضافا أو منكرا مقيد ولهذا قال الرسول : ( من سيدكم يا بني فلان ).
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه ) .
القارئ : حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال : ( لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه ). الشيخ : قوله : ( إذا قال عند قوم شيء ثم خرج فقال بخلافه ) فإن هذا من الغدر وأعظم الغدر يكون ما جرى لهؤلاء لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية وكان يزيد قد خلفه أبوه إلا أنه كان عنده من الفسوق والمعصية وشيء من الظلم ما أوجب أن يتفلت الناس عليه ومنهم أهل المدينة فإنهم خلعوا بيعته ولا شك أن هذا خطأ منهم لأنه لا يحل خلع بيعة الإمام إلا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ) ولهذا كانت النكبة العظيمة على أهل المدينة بسبب هذا الخلع الذي حصل منهم . ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه أنكر هذا وبين أن هذا غدر وأنه ( ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ) وبين أنهم قد بايعوا يزيد على بيع الله ورسوله وقال : " لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر يعني غيره إلا كانت الفيصل بيني وبينه " يعني أقاطعه وأهجره.
هل يفهم من هذ الحديث أنه يجب على الشعب أن يبايع ليس فقط العلماء ؟
السائل : هل يفهم من هذ الحديث أنه يجب على الشعب أن يبايع ليس فقط العلماء ؟ الشيخ : لا لا هو إذا بايعه أهل الحل والعقد وجبت طاعته لأنه لا يمكن أن يبايع كل واحد عن انفراد ولا جرت العادة بذلك ولا يمكن لكن إذا بايعه أهل الحل والعقد من الأشراف والوجهاء والأمراء والعلماء تمت البيعة.
إذا إنتقل الرجل من بلد إلى بلد أخر وبقي في البلد الأخر فترة طويلة فهل بيعته للبلد السابق أم للبلد الأخر؟
السائل : أحسن الله إليكم إذا إنتقل الرجل من بلد إلى بلد أخ وبقي في البلد الآخر فترة طويلة هل بيعته للبلد السابق أم البلد الآخر الذي بقي فيه؟ الشيخ : للأول بيعته للأول ولهذا يستطيع الأول أن يجذبه إليه وله الحق في أن يطالب برده.
إذا كان رجل في بلد كافر ولا يستطيع أن يقدم إلى بلاد المسلمين وكان هناك أمير حاكم أي رجل صالح وبايعه على الحل والعقد فهل يجوز البيعة له وهو في بلد الكفر ؟
السائل : إذا كان يا شيخ رجل في بلد كافر ولا يستطيع أن يقدم إلى بلاد المسلمين وكان هناك أمير حاكم أي رجل صالح وبايعه أهل الحل والعقد فهل ينوي البيعة له وهو في بلد الكفر ؟ الشيخ : لا سكناه في البلد الإسلامي أو في البلد الكافر؟ السائل : البلد الكافر. الشيخ : لا ما يحصل لأنه لا ولاية لهذا الذي بويع على هذه البلاد.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن عوف عن أبي المنهال قال لما كان ابن زياد ومروان بالشأم ووثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل علية له من قصب فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس فأول شيء سمعته تكلم به إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطًا على أحياء قريش إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بكم ما ترون وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم إن ذاك الذي بالشأم والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا .
القارئ : حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن عوف عن أبي المنهال أنه قال : ( لما كان ابن زياد ومروان بالشأم وثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل علية له من قصب فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس فأول شيء سمعته تكلم به إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطًا على أحياء قريش إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بكم ما ترون وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم إن ذاك الذي بالشأم والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا ) . الشيخ : الله أكبر على كل حال هذا رأي أبي برزة رضي الله عنه بأن كل واحد من هؤلاء يقاتل على الدنيا وكأنه رضي الله عنه حكم بذلك لِما رأى من الفتن العظيمة وإلا فالأصل أن البيعة للأول فالأول كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأننا إذا بايعنا الأول فمن أراد أن يشق العصا فإننا نقاتله مع الذي بايعناه أولا ومعلوم أن البيعة الأولى كانت ليزيد بن معاوية لأن والده كان خليفة على العموم ثم صار هو من بعده فيكون البيعة له وإن كان هؤلاء أتقى منه وأعلم بالله منه لكن هذا لا يكفي في خلع الخليفة الأول ما دمنا لم نر كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ولهذا كما قال أبو برزة يظهر لي من كلامه هذا أنه متخل عن الجميع وأنه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء لأنه أقسم أن الجميع كلهم مقاتلين على الدنيا وذلك قوله : " إن يقاتلوا إلا على الدنيا " إن هذه نافية يعني ما يقاتلوا إلا على الدنيا .
السائل : مع أن هذا أمر راجع إلى القلب. الشيخ : نعم أخذه من قرائن الأحوال لأنه هؤلاء الذين خرجوا بناء على ما حصل من يزيد من الفسق والعصيان فعندهم شيء من التأويل يزيد يقاتلهم على أن يبقى الملك في يده هذا وجهه. عندك فيه كلام.
القارئ : " قوله لما كان ابن زياد ومروان بالشام وثب بن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة ظاهره أن وثوب بن الزبير وقع بعد قيام بن زياد ومروان بالشام وليس كذلك وإنما وقع في الكلام حذف وتحريره ما وقع عند الإسماعيلي من طريق يزيد بن زريع عن عوف قال حدثنا أبو المنهال قال لما كان زمن اخرج بن زياد يعني من البصرة وثب مروان بالشام ووثب ابن الزبير بمكة ووثب الذين يدعون القراء بالبصرة غم أبي غما شديدا وكذا أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق عبد الله بن المبارك عن عوف ولفظه وثب مروان بالشام حيث وثب والباقي مثله ويصحح ما وقع في رواية أبي شهاب بأن تزاد وأو قبل قوله وثب بن الزبير فإن ابن زياد لما أخرج من البصرة توجه إلى الشام فقام مع مروان وقد ذكر الطبري بأسانيده ما ملخصه أن عبيد الله بن زياد كان أميرا بالبصرة ليزيد بن معاوية وأنه لما بلغته وفاته خطب لأهل البصرة وذكر ما وقع من الاختلاف بالشام فرضي أهل البصرة أن يستمر أميرا عليهم حتى يجتمع الناس على خليفة فمكث على ذلك قليلا ثم قام سلمة بن ذؤيب بن عبد الله اليربوعي يدعو إلى ابن الزبير فبايعه جماعة فبلغ ذلك ابن زياد وأراد منهم كف سلمة عن ذلك فلم يجيبوه فلما خشي على نفسه القتل استجار بالحارث بن قيس بن سفيان فأردفه ليلا إلى أن أتى به مسعود بن عمرو بن عدي الأزدي فأجاره ثم وقع بين أهل البصرة اختلاف فأمروا عليهم عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الملقب ببّه بموحدتين الثانية ثقيلة وأمه هند بنت أبي سفيان ووقعت الحرب وقام مسعود بأمر عبيد الله بن زياد فقتل مسعود وهو على المنبر في شوال سنة أربع وستين فبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فهرب فتبعوه وانتهبوا ما وجدوا له وكان مسعود رتب معه مائة نفس يحرسونه فقدموا به الشام قبل أن يبرموا أمرهم فوجدوا مروان قد هم أن يرحل إلى ابن الزبير ليبايعه ويستأمن لبني أمية فثنى رأيه عن ذلك وجمع من كان يهوى بني أمية وتوجهوا إلى دمشق وقد بايع الضحاك بن قيس بها لابن الزبير وكذا النعمان بن بشير بحمص وكذا ناتل بنون ومثناة بن قيس بفلسطين ولم يبق على رأي الأمويين إلا حسان بن بحدل بموحدة ومهملة وزن جعفر وهو خال يزيد بن معاوية وهو بالأردن فيمن أطاعه فكانت الوقعة بين مروان ومن معه وبين الضحاك بن قيس بمرج راهط فقتل الضحاك وتفرق جمعه وبايعوا حينئذ مروان بالخلافة في ذي القعدة منها وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر قال بويع لمروان بن الحكم بايع له أهل الأردن وطائفة من أهل دمشق وسائر الناس زبيريون ثم اقتتل مروان وشعبة بن الزبير بمرج راهط فغلب مروان وصارت له الشام ومصر وكانت مدته تسعة أشهر فهلك بدمشق وعهد لعبد الملك وقال خليفة بن خياط في تاريخه حدثنا الوليد بن هشام عن أبيه عن جده وأبوه اليقظان وغيرهما قالوا قدم ابن زياد الشام وقد بايعوا بن الزبير ما خلا أهل الجابية ثم ساروا إلى مرج راهط فذكر نحوه وهذا يدفع ما تقدم عن بن بطال أن ابن الزبير بايع مروان ثم نكث قوله ووثب القراء بالبصرة يريد الخوارج وكانوا قد ثاروا بالبصرة بعد خروج بن زياد ورئيسهم نافع بن الأزرق ثم خرجوا إلى الأهواز وقد استوفى خبرهم الطبري وغيره ويقال إنه أراد الذين بايعوا على قتال من قتل الحسين وساروا مع سليمان بن صرد وغيره. قوله فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي في رواية يزيد بن زريع فقال لي أبي وكان يثني عليه خيرا انطلق بنا إلى هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة الأسلمي فانطلقت معه حتى دخلنا عليه وفي رواية عبد الله بن المبارك عن عوف فقال أبي انطلق بنا لا أبا لك إلى هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة وعند يعقوب بن سفيان عن سكين بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي المنهال قال دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي وإن في أذني يومئذ لقرطين وإني لغلام قوله في ظل علية له من قصب زاد في رواية يزيد بن زريع في يوم حار شديد الحر والعلية بضم المهملة وبكسرها وكسر اللام وتشديد التحتانية هي الغرفة وجمعها علالي والأصل عليوة فأبدلت الواو ياء وادغمت وفي رواية بن المبارك في ظل علولة قوله يستطعمه الحديث في رواية الكشميهني بالحديث أي يستفتح الحديث ويطلب منه التحديث قوله إني احتسبت عند الله في رواية الكشميهني أحتسب وكذا في رواية يزيد بن زريع ومعناه أنه يطلب بسخطه على الطوائف المذكورين من الله الأجر على ذلك لأن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان قوله ساخطا في رواية سكين لائما قوله إنكم يا معشر العرب في رواية ابن المبارك العريب قوله كنتم على الحال الذي علمتم في رواية يزيد بن زريع على الحال التي كنتم عليها في جاهليتكم قوله وإن الله قد أنقذكم بالإسلام وبمحمد عليه الصلاة والسلام في رواية يزيد بن زريع وإن الله نعشكم بفتح النون والمهملة ثم معجمة وسيأتي في أوائل الاعتصام من رواية معتمر بن سليمان عن عوف أن أبا المنهال حدثه أنه سمع أبا برزة قال إن الله يغنيكم قال أبو عبد الله هو البخاري وقع هنا يغنيكم يعني بضم أوله وسكون المعجمة بعدها نون مكسورة ثم تحتانية ساكنة قال وإنما هو نعشكم ينظر في أصل الاعتصام كذا وقع عند المستملي ووقع عند ابن السكن نعشكم على الصواب ومعنى نعشكم رفعكم وزنه ومعناه وقيل عضدكم وقواكم قوله إن ذاك الذي بالشام زاد يزيد بن زريع يعني مروان وفي رواية سكين عبد الملك بن مروان والأول أولى قوله وإن هؤلاء الذين بين أظهركم في رواية يزيد بن زريع وابن المبارك نحوه إن الذين حولكم الذين تزعمون أنهم قراؤكم وفي رواية سكين وذكر نافع بن الأزرق وزاد في آخره فقال أبي فما تأمرني إذا فإني لا أراك تركت أحدا قال لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة خماص البطون من أموال الناس خفاف الظهور من دمائهم وفي رواية سكين إن أحب الناس إلي لهذه العصابة الخمصة بطونهم من أموال الناس الخفيفة ظهورهم من دمائهم وهذا يدل على أن أبا برزة كان يرى الانعزال في الفتنة وترك الدخول في كل شيء من قتال المسلمين ولا سيما إذا كان ذلك في طلب الملك وفيه استشارة أهل العلم والدين عند نزول الفتن وبذل العالم النصيحة لمن يستشيره وفيه الاكتفاء في إنكار المنكر بالقول ولو في غيبة من ينكر عليه ". الشيخ : فيه كلام عن أبي برزة ؟ القارئ : " وحديث أبي برزة في إنكاره على الذين يقاتلون على الملك من أجل الدنيا وحديث حذيفة في المنافقين ومطابقة الأخير للترجمة إلى أن قال ومطابقة الثاني من جهة أن الذين عابهم أبو برزة كانوا يظهرون أنهم يقاتلون لأجل القيام بأمر الدين ونصر الحق وكانوا في الباطن إنما يقاتلون لأجل الدنيا ووقع لابن بطال هنا شيء فيه نظر فقال وأما قول أبي برزة فوجه موافقته للترجمة أن هذا القول لم يقله أبو برزة عند مروان حين بايعه بل بايع مروان واتبعه ثم سخط ذلك لما بعد عنه ولعله أراد منه أن يترك ما نوزع فيه طلبا لما عند الله في الآخرة ولا يقاتل عليه كما فعل عثمان يعني من عدم المقاتلة لا من ترك الخلافة فلم يقاتل من نازعه بل ترك ذلك وكما فعل الحسن بن علي حين ترك قتال معاوية حين نازعه الخلافة فسخط أبو برزة على مروان تمسكه بالخلافة والقتال عليها فقال لأبي المنهال وابنه بخلاف ما قال لمروان حين بايع له قلت ودعواه أن أبا برزة بايع مروان ليس بصحيح فإن أبا برزة كان مقيما بالبصرة ومروان إنما طلب الخلافة بالشام وذلك أن يزيد بن معاوية لما مات دعا ابن الزبير إلى نفسه وبايعوه بالخلافة فأطاعه أهل الحرمين ومصر والعراق وما وراءها وبايع له الضحاك بن قيس الفهري بالشام كلها إلا الأردن ومن بها من بني أمية ومن كان على هواهم حتى هم مروان أن يرحل إلى ابن الزبير ويبايعه فمنعوه وبايعوا له بالخلافة وحارب الضحاك بن قيس ".
قول الحافظ : وفيه الاكتفاء في إنكار المنكر بالقول ولو في غيبة من ينكر عليه ليتعظ من يسمعه فيحذر من الوقوع فيه . هذا الكلام هل يشمل سواء كان هذا الإنسان حاكم أو محكوم علماً أنكم أفتيتم أن غيبة ولاة الأمور وغيبة العلماء لا تجوز لم في ذلك من المفسدة ؟
القارئ : " قول الحافظ : وفيه الاكتفاء في إنكار المنكر بالقول ولو في غيبة من ينكر عليه ليتعظ من يسمعه فيحذر من الوقوع فيه . هذا الفعل هل يشمل سواء كان هذا الإنسان حاكم أو محكوم علماً بأنكم شيخنا أفتيتم في السنة الماضية أن غيبة ولاة الأمور وغيبة العلماء لا تجوز لما في ذلك من المفسدة ؟ " الشيخ : نعم لما في ذلك من المفسدة أما إذا كان فيه مصلحة فالمصلحة مبتدأة وتكون الغيبة هنا نصحا لا مجرد غيبة. السائل : شيخ سألت مرة يا شيخ قلت إذا رأيت ملاحظة على رجل مسؤول أو أحد ولاة الأمور تخاطبه أمامه وتوجه إليه الخطاب بأنك أخطأت في كذا أمامه وليس فكيف؟ الشيخ : صحيح إذا كان أمامنا ما هو غيبة الغيبة مأخوذة من الغيبة إذا كنت غائبا عنه لأن فيها مفسدة وفيها أنها قد تزاد الكلمة وينسب للقائل ما لم يقل.
حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان أنه قال : ( إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم هذا الحديث قد يشكل ظاهره فإن المنافقين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسرون يسرون أي شيء؟ يسرون الكفر ويعلنون الإيمان أما الآن فيقول : " إنهم اليوم يجهرون " ومعروف أن المنافق يخفي لا يجهر فإذا كانوا يجهرون فأين النفاق ؟ فيحمل كلامه رضي الله عنه على أنهم يجهرون عند قوم ويسرون عند آخرين أو يجهرون ببعض الأشياء المنكرة دون الأشياء الأخرى ويجب أن يحمل كلامه على ذلك لأن من يجهر ليس بمنافق.
الذين يجهرون هل معناه الذين يجهرون بالفساد أم ماذا ؟
السائل : الذين يجهرون بالفساد ليس ... ؟ الشيخ : المهم يحمل على حالات معينة. السائل : ... . الشيخ :لا بد أن تحمل على شيء أصح إما عند بعض أو يجهرون عند بعض الناس دون بعض أو يجهرون بأشياء دون الكفر لكن فسوق وعصيان لا يجهر به المنافقون السابقون. السائل : ... . الشيخ : ما يجهرون إلا عند أصحابهم فقط ما هو عند بعض المؤمنين.
قوله إن المنافقين اليوم معنى هذا أنهم كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم معلومين ؟
السائل : قول حذيفة بن اليمان : " إن المنافقين اليوم " هذا أنهم كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم معلومين ... فلعله علم منهم الذين بقي منهم ... ؟ الشيخ : لا لا ما يستقيم لأنه قال اليوم يجهرون هم أنفسهم ما قال اليوم يعلمون قال هم يجهرون عندك فيه شيء ويش يقول؟
القارئ : " قوله : على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الكرماني هو متعلق بمقدر نحو الناس إذ لا يجوز أن يقال إنه متعلق بالضمير القائم مقام المنافقين لأن الضمير لا يعمل قال ابن بطال إنما كانوا شرا ممن قبلهم لأن الماضين كانوا يسرون قولهم فلا يتعدى شرهم إلى غيرهم وأما الآخرون فصاروا يجهرون بالخروج على الأئمة ويوقعون الشر بين الفرق فيتعدى ضررهم لغيرهم قال ومطابقته للترجمة من جهة أن جهرهم بالنفاق وشهر السلاح على الناس هو القول بخلاف ما بذلوه من الطاعة حين بايعوا أولا من خرجوا عليه آخرا انتهى وقال ابن التين أراد أنهم أظهروا من الشر ما لم يظهر أولئك غير أنهم لم يصرحوا بالكفر وإنما هو النفث يلقونه بأفواههم فكانوا يعرفون به كذا قال ويشهد لما قال ابن بطال ما أخرجه البزار من طريق عاصم عن أبي وائل قال قلت لحذيفة النفاق اليوم شر أم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضرب بيده على جبهته وقال أوه هو اليوم ظاهر إنهم كانوا يستخفون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الرابع ". الشيخ : ضرب على جبهته هذه لا تزال الآن معروفة.
حدثنا خلاد حدثنا مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الشعثاء عن حذيفة قال إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان
القارئ : حدثنا خلاد حدثنا مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الشعثاء عن حذيفة قال : ( إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان ). الشيخ : هذا صريح أنه الكفر لكن ما هو الكفر ؟ هل هو استحلال قتال المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) ؟ أم أنهم يظهرون الكفر الحقيقي نظرا لتزعزع الخلافة والولاية ؟ كلاهما محتمل.
حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه )
القارئ : حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه ). الشيخ : يعني من كثرة الفتن وليس يتمنى الموت ولكنه يتمنى أنه لم تكن هذه الفتنة أو أنه مات قبل هذه الفتنة ومن هذا قوله : ( إن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ) ليس هذا تمني للموت ولكنه تمن لحال من الأحوال وهو أن يموت من غير فتنة ومن ذلك أيضا قول مريم : ( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) ليس المعنى أنها تتمنى أنها ماتت قبل هذا الزمن بل تتمنى أنها ماتت ولم يحصل لها هذا الشيء.
قال بعض العلماء أن الإنسان إذا حصل تغير في الدين فتمني الموت محمود وذكر ابن حجر أن مثل هذا حصل من عمر بن عبد العزيز وغيره تمنوا الموت عندما ضعف الدين فهل هذا صحيح ؟
السائل : ما يذكر العلماء أن الإنسان إذا صار تغيير في الدين فهذا تمني الموت المحمود وذكر ابن حجر والحافظ والنووي أن مثل هذا حصل من عمر بن العزيز وغيره تمنوا الموت عندما ضعف الدين. الشيخ : لا هذا مو صحيح لأن ضعف الدين أمر به النبي عليه الصلاة والسلام بالصبر لما جاء الصحابة وشكوا إليه ما يجدون من الأذى أمرهم أن يصبروا نعم إذا تمنى الإنسان أنه يموت من غير أن يفتن هذا صحيح ويحمل إن صح ما روي عن عمر بن عبد العزيز على ذلك لا على تمني الموت لأن تمني الموت في مثل هذه الحال قد يكون فيه شائبة اعتراض على القدر بل الإنسان يصبر ويحتسب ويعلم أنه إذا أوذي في الله فإنه يحصل له بذك رفعة الدرجات وتكفير سيئاته مع الاحتساب يزادد أجره وأما أن يتمنى الموت هذا مو صحيح. السائل : ... الشيخ : يعني ميتا قبل هذه الفتنة ما قصده أن يتقدم موته أن يموت قبل هذه الفتن نعم.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال قال سعيد بن المسيب أخبرني أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية )
القارئ : حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال قال سعيد بن المسيب أخبرني أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية ).
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني سليمان عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه )
القارئ : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني سليمان عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ). الشيخ : الحديث الأول واضح أن تغير الزمان حتى يعبد الأوثان لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر : ( أنه لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة ) وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدونها في الجاهلية يعني كأن عبادة هذه الطاغية ستعود قبل قيام الساعة أما الثاني : ( حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه )كأنه والله أعلم يسوقهم على سبيل التأديب وذلك لتغير الزمان هكذا عندك.
القارئ : " قال القرطبي في التذكرة قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له ولم يرد نفس العصا لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم وعسفه بهم قال وقد قيل إنه يسوقهم بعصاه حقيقة كما تساق الإبل والماشية لشدة عنفه وعدوانه قال ولعله جهجاه المذكور في الحديث الآخر وأصل الجهجاه الصياح وهي صفة تناسب ذكر العصا قلت ويرد هذا الاحتمال إطلاق كونه من قحطان فظاهره أنه من الأحرار وتقييده في جهجاه بأنه من الموالي ما تقدم أنه يكون بعد المهدي وعلى سيرته وأنه ليس دونه ثم وجدت في كتاب التيجان لابن هشام ما يعرف منه إن ثبت اسم القحطاني وسيرته وزمانه فذكر أن عمران بن عامر كان ملكا متوجا وكان كاهنا معمرا وأنه قال لأخيه عمرو بن عامر المعروف بمزيقيا لما حضرته الوفاة إن بلادكم ستخرب وإن لله في أهل اليمن سخطتين ورحمتين فالسخطة الأولى هدم سد مأرب وتخرب البلاد بسببه والثانية غلبة الحبشة على أرض اليمن والرحمة الأولى بعثة نبي من تهامة اسمه محمد يرسل بالرحمة ويغلب أهل الشرك والثانية إذا خرب بيت الله يبعث الله رجلا يقال له شعيب بن صالح فيهلك من خربه ويخرجهم حتى لا يكون بالدنيا إيمان إلا بأرض اليمن انتهى وقد تقدم في الحج أن البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج وتقدم الجمع بينه وبين حديث لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت وأن الكعبة يخرّبها ذو السويقتين من الحبشة فينتظم من ذلك أن الحبشة إذا خربت البيت خرج عليهم القحطاني فأهلكهم وأن المؤمنين قبل ذلك يحجون في زمن عيسى بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم وأن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين تبدأ بمن بقي بعد عيسى ويتأخر أهل اليمن بعدها ويمكن أن يكون هذا مما يفسر به قوله الإيمان يمان أي يتأخر الإيمان بها بعد فقده من جميع الأرض وقد أخرج مسلم حديث القحطاني عقب حديث تخريب الكعبة ذو السويقتين فلعله رمز إلى هذا وسيأتي في أواخر الأحكام في الكلام على حديث جابر بن سمرة في الخلفاء الإثني عشر شيء يتعلق بالقحطاني وقال الإسماعيلي هنا ليس هذا الحديث من ترجمة الباب في شيء وذكر ابن بطال أن المهلب أجاب بأن وجهه أن القحطاني إذا قام وليس من بيت النبوة ولا من قريش الذين جعل الله فيهم الخلافة فهو من أكبر تغير الزمان وتبديل الأحكام بأن يطاع في الدين من ليس أهلا لذلك انتهى وحاصله أنه مطابق لصدر الترجمة وهو تغير الزمان وتغيره ".