تتمة السؤال : بعضهم يشكك في قول البخاري " قال بعض الناس " ويقول البخاري لا يقصد هنا الإمام أبو حنيفة رحمه الله وربما يقصد الشافعي واستدل على ذلك في أنه لا بد للحاكم من ترجمانين فقال الشافعي قال هذا القول فقصد به الشافعي وأخذ يشنع على البخاري هل يستقيم هذا الكلام ؟
السائل : البخاري عقد بابا أن الحاكم يأخذ ترجمان واحد ... فقال هذا الشافعي قال بهذا القول فقصد به الشافعي وأخذ يشنع على البخاري هل كلامه صحيح يستقيم ؟ الشيخ : الحق أحق أن يتبع ومسائل الاجتهاد لا يجوز فيها التشنيع خصوصا من العلماء الموثوقين الذين نعلم أو يغلب على الظن أنهم أرادوا الحق فإذا قال البخاري قال بعض الناس نقول جزاك الله خيرا أن كنيت عنهم ولم تذكرهم باسمهم هذا من ورعه رحمه الله وحينئذ ما عليه أن الرجل لا يريد القائل أي لا يريد أن يشنع على القائل إنما أراد القول بدليل أنه قال بعض الناس فالبخاري رحمه الله في هذه المسألة يعتبر ممن يثنى عليه بها لا ممن يقدح فيه بسببها. وقفنا على والقاضي ولا القاضي؟
تتمة شرح باب : الشهادة على الخط المختوم وما يجوز من ذلك وما يضيق عليه وكتاب الحاكم إلى عامله والقاضي إلى القاضي وقال بعض الناس كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود ثم قال إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هذا مال بزعمه وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل فالخطأ والعمد واحد وقد كتب عمر إلى عامله في الحدود وكتب عمر بن عبد العزيز في سن كسرت وقال إبراهيم كتاب القاضي إلى القاضي جائز إذا عرف الكتاب والخاتم وكان الشعبي يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي ويروى عن ابن عمر نحوه وقال معاوية بن عبد الكريم الثقفي شهدت عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة وإياس بن معاوية والحسن وثمامة بن عبد الله بن أنس وبلال بن أبي بردة وعبد الله بن بريدة الأسلمي وعامر بن عبدة وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود فإن قال الذي جيء عليه بالكتاب أنه زور قيل له اذهب فالتمس المخرج من ذلك وأول من سأل على كتاب القاضي البينة بن أبي ليلى وسوار بن عبد الله وقال لنا أبو نعيم حدثنا عبيد الله بن محرز جئت بكتاب من موسى بن أنس قاضي البصرة وأقمت عنده البينة أن لي عند فلان كذا وكذا وهو بالكوفة وجئت به القاسم بن عبد الرحمن فأجازه وكره الحسن وأبو قلابة أن يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها لأنه لا يدري لعل فيها جورا وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر ( إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب ) وقال الزهري في الشهادة على المرأة من وراء الستر إن عرفتها فاشهد وإلا فلا تشهد .
الشيخ : القاضي والقاضي وذكرنا أن كتاب القاضي إلى القاضي نوعان كتاب فيما ثبت عنده إلى القاضي ليحكم به وفيما حكم به ينفذه قد تقولون مثلا ما الفائدة من كونه يكتب ما ثبت عنده ليحكم به القاضي الآخر ؟ نقول الفائدة من هذا أن القاضي الكاتب قد يشكل عليه الحكم ولهذا يكتب بالثبوت وهذه تقع كثيرا الآن في مسألة الطلاق الثلاثة كان الذين يكتبون الطلاق الثلاث فيما سبق يكتب بأنه حكم بأن الزوجة بانت بينونة كبرى لا تحل له ولما كثر الإفتاء بأن طلاق الثلاث واحدة صاروا يكتبون الثبوت فقط ويجعلون الحكم مفتوحا للمفتين وكذلك القاضي لو ثبتت عنده القضية يكتب بها إلى القاضي الثاني من أجل أن يحكم به لأنه مشتبه عليه الحكم أو يرى أن الحكم بما يرى غير مفيد فيكتب للقاضي بما ثبت عنده ليحكم به أما الثاني ما حكم به لينفذه فكذلك له غرض فيه لأنه قد يكون ضعيفا عن التنفيذ فيكتب إلى قاض آخر أكبر منه يستطيع أن ينفذ وسبق لنا أيضا أن الفقهاء رحمهم الله يقولون إنه لا يكتب فيما ثبت عنده ليحكم به إلا إذا كان بينهما مسافة قصر بخلاف ما ما إذا كتب فيما حكم به لينفذه فإنه يجوز وإن كان في بلد واحد ولكن الصحيح أنه يجوز أن يكتب إلى القاضي فيما ثبت عنده ليحكم به ولو كان في بلد واحدة وهذا لا يضر عمل الناس اليوم على هذا فإنك ترى المحكمة الواحدة فيها عدة قضاة. السائل : ... الشيخ : هو قرأ إلى السند.
شرح : وقال بعض الناس كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود
الشيخ : وقال بعض الناس كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود يعني قال بعض الناس ولم يبينمن البعض ؟ لكنه لا يهمنا يهمنا أن نعرف أن فيه قولا يقول إن كتاب الحاكم يعني القاضي إلى القاضي ويحتمل السلطان لكنه بعيد جائز إلا في الحدود فإنه لا يقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي يعني لو ثبت عند قاض أن فلانا زنى فإنه لا يكتب إلى القاضي إلى قاض آخر لا للحكم ولا للتنفيذ لماذا؟ قالوا لأن الحدود مبنية على الستر ودرء الشبهات فلا ينبغي أن يكتب بها إلى قاض آخر فتنتشر ولكن هذا القول ضعيف والصحيح أنه يقبل حتى في الحدود يقبل كتاب القاضي إلى القاضي حتى في الحدود حكما أو تنفيذا وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فالصواب أنه يجوز كتابة القاضي إلى القاضي حتى في الحدود وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهوالحق وأما كون الحدود تدرأ بالشبهات فليس هناك شبهة وأما كونها مبنية على الستر فسوف يتبين هذا بإقامة الحد عليه سواء كتب إلى قاض آخر أم لا.
شرح : ثم قال إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هذا مال بزعمه وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل فالخطأ والعمد واحد
الشيخ : ثم قال أي هذا البعض إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هذا مال بزعمه وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل فالخطأ والعمد واحد كلام البخاري هنا يقول إن البعض من الناس قال إن الحدود لا يقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي وأن هذا قال إذا كان القتل خطأ فهو جائز لأن الخطأ يوجب المال ولا يوجب القتل وهذا صحيح أنه يوجب المال دون القتل ؟ الخطأ نعم يوجب المال دون القتل ولأن هذا مال بزعمه ثم قال : وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل ولكن يقال نعم القتل سبب قتل الأول سبب ولكن الواجب بالقتل مال وليس قودا فوجهة نظر القائل واضحة لأن القتل الخطأ لا يوجب القتل إنما يوجب المال لكن البخاري يقول إن هذا المال مبني على ثبوت القتل الأول وهو قتل القاتل خطأ وهذا ليس بمال ولا يثبت المال وهو الدية إلا بعد ثبوت القتل ولكن في المسألة من أصلها نظر فإن القصاص ليس من باب الحدود ومن أدخله في الحدود فقد غفل لأن الحدود حق لله ثابت لا يملك أحد إسقاطه والقصاص حق للآدمي يملك الآدمي إسقاطه ولو بعد وصوله للحاكم فيملك إسقاطه إلى الدية ويملك إسقاطه مجانا والحدود ليست كذلك الحدود إذا بلغت السلكان وجبت إقامتها وما فيها عفو والقصاص فيه العفو فأصل إدخال القتل أو إدخال القصاص في الحدود فيه شيء من الغفلة نعم قال بعض العلماء إنه لا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في القصاص ولكننا نقول أن الصحيح أنه يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل شيء يحكم به كل ما يدخله حكم القاضي فإن كتاب القاضي إلى القاضي جائزة.
شرح : وقد كتب عمر إلى عامله في الحدود وكتب عمر بن عبد العزيز في سن كسرت وقال إبراهيم كتاب القاضي إلى القاضي جائز إذا عرف الكتاب والخاتم وكان الشعبي يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي ويروى عن ابن عمر نحوه وقال معاوية بن عبد الكريم الثقفي شهدت عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة وإياس بن معاوية والحسن وثمامة بن عبد الله بن أنس وبلال بن أبي بردة وعبد الله بن بريدة الأسلمي وعامر بن عبدة وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود
الشيخ : وقد كتب عمر إلى عامله في الحدود وهذا يشبه كتاب القاضي إلى القاضي وكتب عمر بن عبد العزيز في سن كسرت وهذا قصاص وقال إبراهيم كتاب القاضي إلى القاضي جائز مطلقا إبراهيم إذا أطلق فهو النخعي وهو من التابعين وهو إلى الفقه أقرب منه إلى الحديث ولهذا يعتبر من الفقهاء وليس من المحدثين فهو فقيه لكنه في الحديث ضعيف ضعيف بمعنى ليس عنده علم كعلم رجال الحديث لكنه رحمه الله قوي في الفقه لكن اشترط إذا عرف الكتاب والخاتم وهذا يشير إلى طريق الثبوت ثبوت الكتاب من القاضي إلى القاضي لا بد أن يكون عرف الكتاب وعرف الخاتم خاتم الذي يختم به وكان الشعبي يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي يعني يجيزه من القاضي فإذا كتب القاضي الكتاب وختمه وبعثه إلى القاضي الآخر فهو جائز ويروى عن ابن عمر نحوه وقال معاوية بن عبد الكريم الثقفي شهدت عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة وإياس بن معاوية والحسن وثمامة بن عبد الله بن أنس وبلال بن أبي بردة وعبد الله بن بريدة الأسلمي وعامر بن عبيدة وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود هذا هو الصواب وقال بعض العلماء لا يقبل إلا إذا قرأ القاضي الكاتب الكتاب على اثنين عدول وختمه أمامهما وقال اذهبا بكتابي هذا إلى فلان ابن فلان فلابد من إحضار شاهدين يشهدان يقرآن أويقرأ عليهما ثم يختم أمامهما ثم يسيران به إلى القاضي المكتوب إليه وهذا هو المذهب وعلى هذا القول فالكتب التي تصدر من القضاة عن طريق البريد تقبل ولا لا ؟ لا تقبل لأنها ترسل مختومة وترسل عن يد أناس مجهولين لا تعرف عدالتهم وإن عرفت فإنهم لا يرسلونها بأيديهم ولكن الصحيح أنه إذا عرف الكتاب والختم فإنه يقبل بغير محضر من الشهود كما قال البخاري عن هؤلاء.
شرح : فإن قال الذي جيء عليه بالكتاب أنه زور قيل له اذهب فالتمس المخرج من ذلك وأول من سأل على كتاب القاضي البينة بن أبي ليلى وسوار بن عبد الله
الشيخ : فإن قال القاضي الذي جيء بالكتاب إنه زور قيل له اذهب فالتمس المخرج من ذلك يعني لو قال القاضي المكتوب إليه أنا لا أثق بأن هذا كتاب فلان ولا أن هذا ختمه قلنا اذهب التمس المخرج من ذلك إيش معنى التمس المخرج ؟ يعني هذا الشك الذي حصل لك التمس المخرج منه ثم قال : وأول من سأل على كتاب القاضي البينة بن أبي ليلى وسوار بن عبد الله وهما مجتهدان نسأل الله أن يعفو عنهم اجتهادهم ولا شك أنهما اجتهدا لعل في ذلك الوقت تكثر الفتن وتكثر الكتب المزورة مثل ما حصل قتل عثمان رضي الله عنه سببه الكتب المزورة فكأنهما رأيا من باب الاحتياط ألا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي إلا بالشهود فيكون قولهما منزلا على حال من الأحوال لو وجد مثل هذا الحال في الواقع الحاضر ونسأل الله ألا يوجد لو وجد قلنا لا بد من الاحتياط.
شرح : وقال لنا أبو نعيم حدثنا عبيد الله بن محرز جئت بكتاب من موسى بن أنس قاضي البصرة وأقمت عنده البينة أن لي عند فلان كذا وكذا وهو بالكوفة وجئت به القاسم بن عبد الرحمن فأجازه وكره الحسن وأبو قلابة أن يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها لأنه لا يدري لعل فيها جورا
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم قال البخاري رحمه الله : وقال لنا أبو نعيم حدثنا عبيد الله بن محرز جئت بكتاب من موسى بن أنس قاضي البصرة وأقمت عنده البينة أن لي عند فلان كذا وكذا وهو بالكوفة وجئت به القاسم بن عبد الرحمن فأجازه أجاز إيش؟ أجاز الكتاب وهنا كتاب القاضي إلى القاضي بما حكم به ينفذ أو بما ثبت عنده ليحكم به ؟ هل هو بما ثبت عنده ليحكم به أو بما حكم به لينفذه ؟ نعم الأول وكره الحسن وأبو قلابة أن يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها لأنه لا يدري لعل فيها جورا وهذا الكراهة خوفا من أن يكون فيها جور ولكن الصحيح أنه لا كراهة لأنه لا يريد أن يشهد على صحة الوصية يريد أن يشهد على أن هذه وصية فلان ابن فلان مثل أن يعطيه ظرفا مختوما فيقول هذه وصيتي فإذا مت أعطها الورثة فلا حرج أولا لأن الأصل عدم الجور والثاني أنه لا يريد أن يشهد لينفذ أو يحكم يريد أن يشهد ليثبت ثم بعد ذلك ما كان جورا فإنه يبعث وما كان عدلا فإنه يثبت.
شرح : وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر ( إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب ) وقال الزهري في الشهادة على المرأة من وراء الستر إن عرفتها فاشهد وإلا فلا تشهد .
الشيخ : يقول : وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر : ( إما أن تدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب ) وهذا متى ؟ في قصة عبد الله بن سهل ...
القارئ : " قوله ( وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر ) إلى آخره هذا طرف من حديث سهل بن أبي حثمة في قصة حويصة ومحيصة وقتل عبد الله بن سهل بخيبر وقد تقدم شرحه مستوفى في الديات في باب القسامة ويأتي بهذا اللفظ في باب كتابة الحاكم إلى عماله بعد أحد وعشرين بابا ". الشيخ : وهذا دليل على اعتبار الكتاب وقال الزهري في الشهادة على المرأة من الستر أي من ورائه قوله إن عرفتها فاشهد وهذا صحيح يعني لا يجوز أن يشهد إنسان على امرأة من وراء ستر سواء كان الستر شاملا أو ستر الوجه فقط حتى يعرفها ولهذا قال العلماء رحمهم الله يجوز للشاهد أن ينظر إلى وجه المشهود عليها من أجل الإثبات لأن هذا حاجة طيب وقوله إن عرفتها فاشهد وإلا فلا يفيد أنه لا يشهد على مجرد الصوت حتى يعرف أن هذا صوت فلان فإن قال قائل الصوت ربما يقلد قلنا والكتابة ربما تقلد وهذه الأمور لا ينظر فيها إلى التجويز العقلي أو المنع العقلي ينظر فيها إلى الظاهر ولهذا نحن نحكم بشهادة الشهود وإن كان من الممكن أن يكونوا كذبة فالأمور العقلية لا مجال لها في هذا الباب ولا مجال لها أيضا في باب الأخبار فالأحاديث المروية عن النبي عليه الصلاة والسلام نأخذ بظاهرها حتى وإن احتملت أشياء كثيرة فلا عبرة بهذه الاحتمالات لأن من اتبع التجويز العقلي فإنه لا يمكن أن يستقر له شأن إطلاقا.
حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس بن مالك قال لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم قالوا إنهم لا يقرءون كتاباً إلا مختوماً فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة كأني أنظر إلى وبيصه ونقشه محمد رسول الله
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس بن مالك قال : ( لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم قالوا إنهم لا يقرءون كتاباً إلا مختوماً فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة كأني أنظر إلى وبيصه ونقشه محمد رسول الله ) . الشيخ : نعم ففي هذا دليل على أنه ينبغي للحاكم أن يتخذ خاتما ويكتب عليه اسمه وكان خاتم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان نقشه محمد رسول الله محمد في الأسفل رسول فوق الله فوق محمد رسول الله وكان عليه الصلاة والسلام اتخذه من فضة يقول : كأني أنظر إلى وبيصه الوبيص كالبريق لفظا ومعنى أي إلى بريقه نعم.
الشارح ذكر أن الفقهاء أجمعوا على ما ذهب السوار وابن أبي ليلى من طلب البينة هل هذا الإجماع صحيح ؟
السائل : أحسن الله إليك الشارح ذكر أن الفقهاء أجمعوا على ما ذهب إليه سوار وابن أبي ليلى من طلب البينة هل هذا صحيح الإجماع ؟ الشيخ : لا مو صحيح ليس بصحيح لكن مذهب الإمام أحمد مشهور على أنه إذا أرسله مختوما مدرجا فإنه يصح. السائل : ليس إجماعا. الشيخ : ليس بإجماع ولعلهم لم يطلعوا على الخلاف.
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه هل كان يدخل به الحمام ؟
السائل : ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه ذكر الحافظ أنه معلول ... الشيخ : طيب والإشكال؟ السائل : هل كان النبي يدخل به الحمام ؟ الشيخ : هذا هو الظاهر لأنه إذا لم يثبت الحديث الذي ذكرت فإنه يبقى الأصل أنه لا ينزعه.
قال بعضهم قول البخاري قال بعض الناس وقصده بها الحنفية أنه جاء عن الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال ما جاء عن الصحابة فلا نخرج عنه وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فكيف يحتج عليه أن هناك جملة من التابعين خالفوه ؟
السائل : قال بعضهم قول البخاري قال بعض الناس وقصده بها الحنفية أنه جاء عن الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال ما جاء عن الصحابة ... ولم نخرج عنه وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فكيف يحتج عليه ... الشيخ : ما فهمت وجهه. السائل : ... الشيخ : لا لا سبق أن سألت عنه أنت وأجبت عنه أنا وقلت قد يكون هذا من مناقب البخاري رحمه الله أن يكني ويقول بعض الناس ثم يبحث القاضي من هذا البعض إذا أحب أن يطلع على عين القائل.
باب : متى يستوجب الرجل القضاء . وقال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ثم قرأ : (( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) وقرأ : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) . بما استحفظوا : استودعوا من كتاب الله الآية وقرأ : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) . فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده وقال مزاحم بن زفر قال لنا عمر بن عبد العزيز خمس إذا أخطأ القاضي منهن خطة كانت فيه وصمة أن يكون فهما حليما عفيفا صليبا عالما سؤولا عن العلم .
القارئ : باب : متى يستوجب الرجل القضاء وقال الحسن : " أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ثم قرأ " : (( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) وقرأ : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) بما استحفظوا : استودعوا من كتاب الله الآية وقرأ : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده وقال مزاحم بن زفر قال : " لنا عمر بن عبد العزيز خمس إذا أخطأ القاضي منهن خصلة كانت فيه وصمة أن يكون فهما حليما عفيفا صليبا عالما سؤولا عن العلم " . الشيخ : قال المؤلف : باب متى يستوجب الرجل القضاء ولم يذكر فيه إلا آثارا ومعنى يستوجب أي يلزمه القضاء ويكون أهلا له وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن القضاء التزامه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين فإن لم يقم به أحد أو كان فيهم من لا يكفي تعين وهذا حق حق أنه فرض كفاية لأنه لا يمكن وصول الحقوق إلى أهلها إلا بالقضاة ولا سيما إذا كنت في وقت تخشى إن لم تلتزم بالقضاء أن يقام في القضاء من ليس أهلا له في علمه أو دينه فإنه حينئذ يتعين أن يلتزم الإنسان بالقضاء وأن يستعين الله سبحانه وتعالى في معرفة الحق والحكم به لا يقول إن القضاء شديد نقول له صحيح أن القضاء شديد لكن أشد منه إضاعة حقوق الناس وأنت إذا استعنت بالله والتزمت بالقضاء واجتهدت ما استطعت فإنك لا تلام حتى لو أخطأت فإن الخطأ مغفور لك حتى لو قتلت نفسا باجتهادك فإن الله لا يلومك على هذا لأنك فعلت ما يجب عليك أما النفور عن القضاء اتباعا لبعض ما ورد عن بعض التابعين فهذا خطأ عظيم لأنك إذا فررت أنت وأنت أهل للقضاء علما ودينا وأمانة صار في القضاء من ليس بشيء القضاء فرض كفاية ويتعين إذا لم يوجد غيره أو وجد من لا يقوم به على وجه يرضي الله ورسوله.
شرح : وقال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا
الشيخ : ثم ذكر الآثار قال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى أي هوى؟ هوى النفوس لا يتبع هوي النفوس لا من جهة الحكم ولا من جهة الاجتهاد في تصور المسألة ولا من جهة الاجتهاد في دلالة الشرع عليه هذه ثلاثة أمور لا يتبع الهوى في دلالة الشرع على الحكم فيكسل ولا يجتهد في المطالعة والمراجعة نعم فإن هذا قصور كثير من الناس يركن إلى الكسل والدعة وإلى السكون ولا يحرص على تتبع المسالة من مظانها حتى لو وقع في قلبه شك يقول خلاص هذا ما قاله الحنابلة إذا كان حنبيلا هذا ما قاله الشافعية إذا كان شافعيا هذا ما قاله الأحناف إذا كان حنفيا هذا ما قالته الموالك إذا كان مالكيا وإن وقع في قلبه شيء وهذا لا يجوز بل الواجب إذا وقع في قلبك شك أو شك في حكم المسألة سواء في القضاء أو الفتيا الواجب أن تراجع حتى لو راجعت كتب المذاهب الأربعة ولم يزل في قلبك حسكة فاطلب الحق من مصادر أخرى لا تقول والله هذا كلام المذاهب الأربعة مادمت لم تطمئن يجب أن تبحث حتى تطمئن فإذا عجزت فقلد من تراه أقرب إلى الحق لأن الميتة تقوم مقام المذكاة متى ؟ عند الضروة فالتقليد ميتة إن اضطررت إليه فكل وغن استغينت عنه فلا تأكل فلابد أن يكون الإنسان مخالفا لهواه في الركون إلى الدعة والسكون بل يبحث بقدر ما يستطيع ثانيا في تصور المسألة لا بد أن يجتهد في تصور المسألة إذا عرضت في مجس القضاء وكثير من الناس يقول أخشى أن أراجع الخصم أو المدعي أو المنكر يقولون ما هذا القاضي لا يفهم كلام الناس فلا يقول هكذا أقول لا يقول القاضي هكذا يجب أن يصبر حتى يعرف المسألة تماما وإذا شك صار عنده إشكال في عرض المسألة من الخصم فليوري أي يأتي بتورية في الكلام حتى يستخرج ما عنده من الحجة كما فعل سليمان في قصة المرأة خرج امرأتان فأكل الذئب ابن إحداهما فتخاصمتا إلى داود فقضى به إلى الكبرى ثم إلى سليمان فدعا بالسكين وقال هات السكين أشق الولد بينكما نصفين الكبيرة رحبت بهذا القرار وهذا الحكم والصغيرة أبت قالت لا هو لها فقضى به لمن ؟ للصغيرة الكبيرة رحبت بهذا القرار وهذا الحكم لأن ابنها أكله الذئب خل هذا يروح معه والصغيرة أخذها الحنان والشفقة والرحمة وقالت يبقى حيا عند هذه المرأة ولا يموت فقضى به للصغرى فهذا أيضا لا بد أن القاضي لا يتبع الهوى في هذا المسألة الثالثة في الحكم إذا تبين له الحكم الشرعي وتبينت له المسألة وتصورها تصورا كاملا يجب أن يحكم بما ظهر له ولو على أبيه وأمه (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )) يقول : ولا يخشوا الناس يخافون الناس بل يحكموا بالحكم حكم الله ورسوله ولو كره الناس ذلك ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا كالرشوة مثلا بحيث يأخذون رشوة ليحكموا لمن أعطاهم واعلم أن الرشوة لا تختص بالمال تختص بالمال والجاه والإدناء وما أشبه ذلك لأنها أعني الرشوة مأخوذة من الرشا والرشا هو الحبل الذي يدلى به الدلو إلى البئر فكلما توصل به الإنسان إلى الحكم له فهو إيش؟ رشوة سواء كان مالا أو
شرح : ثم قرأ : (( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ))
الشيخ : ثم قرأ : (( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس )) جعلناك أي صيرناك خليفة في الأرض عمن ؟ عن الله لا لتعلم الله بما يفعل عباده ولكن لتمضي شرع الله في أرض الله أعرفتم وقيل خليفة لمن قبلك من الناس والمعنى الأول أسد لقوله : (( فاحكم بين الناس بالحق )) وهو ما رضيه الله عز وجل (( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )) يخاطب من ؟ يقول : (( ولا تتبع الهوى )) فالله عز وجل ليس بينه وبين الخلق نسب حتى رسله يخاطبهم بمثل هذا الخطاب الشديد الغليظ ويقول لمحمد عليه الصلاة والسلام : (( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )) ويقول له : (( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا )) إذا لو ركنت إليهم شيئا قليلا (( إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا )) هكذا يخاطب الله رسله وأنبياءه فكيف بنا نحن نسأل الله العفو والعافية (( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد )) هذه جملة تأسيسية مستقلة تعليلية كل من يضل عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب أي بسبب نسيانهم يوم الحساب والنسيان هنا ليس المراد به ذهول القلب عن شيء معلوم بل المراد به الترك كما قال تعالى : (( نسوا الله فنسيهم )) وقال : (( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما )) أي ترك يقول بما نسوا أي بما تركوا يوم الحساب فلم يعملوا له.
شرح : وقرأ : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) . بما استحفظوا : استودعوا من كتاب الله الآية
الشيخ : وقرأ الحسن : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا )) أنزلنا التوراة بعد أن كتبها عز وجل في الألواح انزلها على موسى فيها هدى ونور هدى يهتدي به الناس ونورا يستضيئون به يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا فوصف النبيين بالإسلام لمن يحكمون بها ؟ للذين هادوا أي اليهود ومعنى هادوا رجعوا قال : (( والربانيون والأحبار )) لماذا قال الربانيون والذي قبلها مجرور للذين هادوا ؟ معطوف على النبيون يعني ويحكم بها الربانيون والأحبار هذا من باب عطف العام على الخاص لأن الرباني هو العالم الذي يربي الناس على شريعة الله بعلمه وهديه قال بعض العلماء الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ولا شك أن هذا من التربية لكن المراد بها ما هو أعم يربيهم بالعلم ويش بعد ؟ بالعلم وبالهدي هدي عمل العالم لا يكفي أن يعلم الناس يحقنهم علوما لا بد أن يكون له هدي يمشي عليه ويتبع بل ربما يكون اهتداء الناس بهديه أكثر من اهتداءهم بعلمه فقوله الربانيون هم الذين يربون الناس بالعلم بما يعلمونهم وبما يهدونهم به والأحبار جمع حبر وهم العلماء لكنهم أقل رتبة من الربانيين (( بما استحفظوا من كتاب الله )) بما استحفظوا أي بما أحفظهم الله من كتابه وقال الحسن أو غيره استودعوا استحفظت أي أودعته عنده ليحفظه فهؤلاء استحفظوا من كتاب الله أي استودعوا وجعل الكتاب عندهم وديعة يحفظونه ويبلغونه وكانوا عليه شهداء أي وبما كانوا عليه شهداء لعلمهم علم اليقين أنه من علم الله (( فلا تخشوا الناس واخشون )) فلا تخشوا هنا فيه التفات من أين ؟ من الغيبة إلى الخطاب والالتفات فيه فوائد منها تنبيه المخاطب لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فربما يأتي المخاطب النوم لكن إذا حصل فيه ما يوجب الانتباه استيقظ وانتبه فللاتفات فوائد منها تنبيه المخاطب ومنها ما يكون بحسب السياق وبحسب المخاطب وهذا لا ينحصر يعني لا يمكن أن تقول فيه الفائدة الفلانية في كل موضع (( فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا )) أي تأخذوا بها ثمنا قليلا وقد سبق أن من جملة ذلك الرشوة (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) من شرطية تفيد العموم وبما أنزل الله عامة كلما أنزل الله من لم يحكم به سواء في العبادات أو المعاملات أو الأحوال الشخصية أو غيرها من لم يحكم به فأولئك الكافرون وهنا قال هم الكافرون وليس المراد بالحصر هنا الحصر الحقيقي لأن من الكافرين من ليسوا كذلك لكن هم الكافرون بالنسبة لأخذهم الكتاب هؤلاء هم الكافرون به.
شرح : وقرأ : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) . فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده
الشيخ : وقرأ الحسن : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان )) نفشت أي رعت فيه ليلا النفش الرعي ليلا (( وكنا لحكمهم )) ولم يقل لحكمهما وذلك لأن الحكم يتضمن عدة أمور حاكم ومحكوم عليه ومحكوم به فهنا الحاكم اثنان والحكم اثنان أيضا حكم داود وحكم سليمان والمحكوم عليه جماعة أصحاب الغنم وأصحاب الحرث اختصموا إلى داود فحكم بحكم واختصموا إلى سليمان فحكم بحكم بين الله تعالى أنه فهمها سليمان قال (( ففهمناها سليمان )) وكان حكم سليمان أن يأخذ أصحاب الحرث الغنم وينتفعوا بها حتى يقيم أصحاب الغنم الحرث فيعود كما كان فجعل أصحاب الغنم يصلحون الحرث وأولئك يستغلون الغنم قال الله تعالى : (( ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) عندك بالشرح اقرأ علينا الحكم.
القارئ : " وقرأ : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث )) إلى قوله (( شاهدين )) قال فحمد سليمان لصوابه ولم يذم داود لخطئه ثم قال إن الله أخذ على الحكام عهدا بأن لا يشتروا به ثمنا ولا يتبعوا فيه الهوى ولا يخشوا فيه أحدا ثم تلا (( يا داود إنا جعلناك خليفة )) إلى آخر الآية قلت والحديث الذي أشار إليه إياس أخرجه أصحاب السنن من حديث بريدة ولكن عندهم الثالث قضى بغير علم وقد جمعت طرقه في جزء مفرد وليس في شيء منها أنه اجتهد فأخطأ وسيأتي حكم من اجتهد فأخطأ بعد أبواب واستدل بهذه القصة على أن للنبي أن يجتهد في الأحكام ولا ينتظر نزول الوحي لأن داود عليه السلام على ما ورد اجتهد في المسألة المذكورة قطعا لأنه لو كان قضى فيها بالوحي ما خص الله سليمان بفهمها دونه وقد اختلف من أجاز للنبي أن يجتهد هل يجوز عليه الخطأ في اجتهاده فاستدل من أجاز ذلك بهذه القصة وقد اتفق الفريقان على أنه لو أخطأ في اجتهاده لم يقر على الخطأ وأجاب من منع الاجتهاد أنه ليس في الآية دليل على أن داود اجتهد ولا أخطأ وإنما ظاهرها أن الواقعة اتفقت فعرضت على داود وسليمان فقضى فيها سليمان لأن الله فهمه حكمها ولم يقض فيها داود بشيء ويرد على من تمسك بذلك بما ذكره أهل النقل في صورة هذه الواقعة وقد تضمن أثر الحسن المذكور أنهما جميعا حكما وقد تعقب ابن المنير قول الحسن البصري ولم يذم داود بأن فيه نقصا لحق داود وذلك أن الله تعالى قد قال (( وكلا آتينا حكما وعلما )) فجمعهما في الحكم والعلم وميز سليمان بالفهم وهو علم خاص زاد على العام بفصل الخصومة قال والأصح في الواقعة أن داود أصاب الحكم وسليمان أرشد إلى الصلح ولا يخلو قوله تعالى وكلا آتينا حكما وعلما أن يكون عاما أو في واقعة الحرث فقط وعلى التقديرين يكون أثنى على داود فيها بالحكم والعلم فلا يكون من قبيل عذر المجتهد إذا أخطأ لأن الخطأ ليس حكما ولا علما وإنما هو ظن غير مصيب وإن كان في غير الواقعة فلا يكون تعالى أخبر في هذه الواقعة بخصوصها عن داود بإصابة ولا خطأ وغايته أنه أخبر بتفهيم سليمان ومفهومه لقب والاحتجاج به ضعيف فلا يقال فهمها سليمان دون داود وإنما خص سليمان بالتفهيم لصغر سنه فيستغرب ما يأتي به قلت ومن تأمل ما نقل في القصة ظهر له أن الاختلاف بين الحكمين كان في الأولوية لا في العمد والخطأ ويكون معنى قول الحسن حمد سليمان أي لموافقته الطريق الأرجح ولم يذم داود لاقتصاره على الطريق الراجح وقد وقع لعمر رضي الله عنه قريب مما وقع لسليمان وذلك أن بعض الصحابة مات وخلف مالا له نماء وديونا فأراد أصحاب الديون بيع المال في وفاء الدين لهم فاسترضاهم عمر بأن يؤخروا التقاضي حتى يقبضوا ديونهم ".