تتمة شرح الحديث : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق قال ابن بكير وعبد الله عن الليث عناقاً وهو أصح
القارئ : ( لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق ) . قال ابن بكير وعبد الله عن الليث عناقاً وهو أصح . الشيخ : عناقا من عِقان ، والفرق بينهما أن العناق هو الصغير من ولد الماعز والعقال ما تعقل به الناقة ، فأبو بكر يقول لو منعوني عقالا تعقل به إبل الصدقة لقاتلهم وعلى اللفظ الثاني عناقا يعني لو منعوني صغيرا من المعز لقاتلتهم على ذلك .
الشيخ : ففيه دليل على حسن سيرة الصحابة رضي الله عنهم ، وأن الصغير يناقش الكبير ، وفيه أيضا دليل على أن مقصودهم الحق ، فيرجع المناقش إلى الحق ، لأن عمر لما رأى الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال علم أنه الحق ، وفيه دليل على أن الرجل المجتهد المعروف بالصلاح ، إذا انشرح صدره بشيء فهو على الحق ، فهو دليل على الحق ، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما تردد في الصدر ، أو ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس ، ومن فوائد هذا الحديث أيضا قوة أبي بكر رضي الله عنه في مواطن الضيق وأنها تربوا على قوة عمر رضي الله عنه ، ففي موت الرسول عليه الصلاة والسلام حصل من عمر ما يعرفه أكثركم ، وجاء أبو بكر وهو أشد مصيبة من عمر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، جاء مطمئنا وصعد المنبر وأخبر الناس بموت الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقال من كان يعبد محمدا فإن محمدا مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وتلا : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قاتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا )) فكان عمر يقول فوالله ما أن سمعت حتى عقلت ، فما تقلني رجلاي ، وفي جيش أسامة الذي نفذه الرسول عليه الصلاة والسلام وتوفي وهو في ظهر المدينة ، أمر أبو بكر رضي الله عنه أن يستمر الجيش فجادله في ذلك عمر فقال والله لا أكلن راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفذ الجيش وصارت العاقبة حميدة ، لأن الذين ارتدوا من العرب ، قالوا لولا أن عند هؤلاء القوم قوة ، ما بعثوا جيشا يقاتل الروم فاستسلموا ، وهذه المسألة الثالثة أيضا ، في قتال أهل الردة ، فإن عمر توقف حتى بين لهم أبو بكر رضي الله عنه بهذا الحزم ، قال لو منعوني عناقا أو عقالا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على ذلك ، وفي هذا الحديث دليل على فائدة عظيمة ، وهي أن مانع الزكاة يقاتلون عليها ، ولا يقتلون ، يقاتلون عليها حتى يؤدوها ، ودماؤهم حرام ، لكن يقاتلون من أجل القيام بالواجب ، كما نقول بأنه يقاتل من ترك الأذان ولا يقتل ، كما نقول يقاتل ، تقاتل الفئة الباغية ولا تقتل ، فباب القتال أوسع من باب القتل .
حدثني إسماعيل حدثني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً فقال عيينة لابن أخيه يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن لعيينة فلما دخل قال يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل وما تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم بأن يقع به فقال الحر يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : حدثني إسماعيل حدثني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً فقال عيينة لابن أخيه يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن لعيينة : ( فلما دخل قال يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل وما تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم بأن يقع به فقال الحر يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله ) . الشيخ : رضي الله عنه ، الشاهد من هذا أن عمر اعتصم بكتاب الله ، اعتصم بكتاب الله ولم يتجاوزه ، وهذا واجب على كل مؤمن ، (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهما الخيرة من أمره )) وإلا فهذه كلمات عظيمة ، كبيرة في حق أمير المؤمنين ، ما تعطينا الجزل وما تحكم بيننا بالعدل ، أما الأولى ما تعطينا الجزل ، فهذا أعرابي لا يشبع ، لو أعطي الدنيا كلها فهي عنده يسيرة وعمر لا يعطي الجزل ، عمر يعطي ما فيه مصلحة الخلق ، لأنه أمين على بيت المال ، أما قوله لا تحكم بيننا بالعدل فقد كذب ، فإن عمر مضرب المثل في العدل ، وهو من أعدل الخلفاء رضي الله عنهم ، ولهذا هم به حين غضب ، هم بأن يقع به ولكن أخاه كان ذكيا حليما فقال هذا الكلام ، إن الله تعالى قال لنبيه (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) العفو يعني ما عفا وتيسر من الناس ولا تطلب حقك كله ، فإن ذلك لا يمكن لبني آدم وإنما تأخذ العفو أي ما عفا وهان وتيسر ، وأمر بالعرف أي بما يعرف من الشرع وبما يعرف من العادة والمروءة ، وأعرض عن الجاهلين لأنهم سوف يجهلوا عليك ما يجهل إذا أمرت في العرف ، ما من آمر بالمعروف إلا ويجد أذى ، وإن هذا من الجاهلين ، لما تلاها عليه ما جاوزه ولا ضربه ولا قال له شيئا ، وقف وكان وقافا عند كتاب الله رضي الله عنه . ما معك كتاب يا أحمد ، نعم ، خلص إيه نعم . السائل : شيخ ... ؟ الشيخ : كلام ابن عباس الظاهر كلام بن عباس لأنه رواي الحديث . نعم .
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام وهي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء فقالت سبحان الله فقلت آية قالت برأسها أن نعم فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ثم قال ( ما من شيء لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار وأوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريباً من فتنة الدجال فأما المؤمن أو المسلم لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول محمد جاءنا بالبينات فأجبناه وآمنا فيقال نم صالحاً علمنا أنك موقن وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته )
القارئ : حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت : ( أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام وهي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء فقالت سبحان الله فقلت آية قالت برأسها أن نعم فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما من شيء لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار وأوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريباً من فتنة الدجال فأما المؤمن أو المسلم لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول محمد جاءنا بالبينات فأجبناه وآمنا فيقال نم صالحاً علمنا أنك موقن وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ) . الشيخ : الله أكبر ، أعوذ بالله ، الشاهد من هذا قوله : جاءنا بالبينات فأجبنا وآمنا ، وهذا هو الإعتصام بالسنة ، وأثر عمر من الإعتصام بإيش؟ القارئ : بالكتاب . الشيخ : بالكتاب .
الشيخ : وفي هذا الحديث من الفقه جواز الإشارة ، جواز الإشارة فيمن طلب أو من استفهم عن شيء ، وفيه تسبيح المرأة فقالت سبحان الله ولا يخالفه هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا نابكم شيء فليسبح الرجال ، فليسبح الرجال ولتصفق النساء ) لأن المراد بذلك النساء مع الرجال إذا نابهم شيء ، أما إذا كانت النساء وحدها أو امرأة إلى جنب امرأة مع الرجال ولا يسمعون صوتها فلا بأس ، لأنه إنما أمر النساء بالتصفيق صيانة عن سماع أصواتهم ، وفي الحديث أيضا من العقيدة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد يكشف عنه أو قد يكشف له حتى يرى ما كان غائبا عن الخلق فقد رأى في مقامه حتى الجنة والنار ، وفيه أيضا من العقيدة إثبات فتنة القبر ، وأنها قريبة من فتنة الدجال لعظمها ، فإن الإنسان ليس عنده كتاب في القبر يرجع إليه إذا سأل عن ربه ودينه ونبيه ، فإن كان من المؤمنين أجاب بالصواب ، وإن كان من المرتابين والمنافقين ، فقال لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، ولكن الإيمان لم يصل إلى قلبه والعياذ بالله . نعم ، نعم ، محمد .
إحتج بهذا الحديث الصوفية بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كشف له عن علم الغيب فما الرد عليهم ؟
السائل : حفظكم الله ، يقول ذكر الله سبحانه وتعالى نبيه احتج بها محتج ... أم نقول أن هذه ليست من الغيب ، لأن الله سبحانه وتعالى ... ؟ الشيخ : نقول من قال أن محمدا يعلم الغيب ، فهو صادق كاذب ، إن أراد أن يعلم الغيب بذاته بدون وحي من الله فهو كاذب ، لأن الله قال له : (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب )) وإن أراد أن يعلم الغيب بما أخبره الله فهو صادق ، لقوله تعالى : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) ، وهؤلاء الصوفية يرون أنه يعلم الغيب بذاته لا من الوحي ، حتى أنه يعلم الغيب ، يعلم عندهم ، يعلم ما يقع في الأرض مثلا بعد موته وهذا لا يمكن .
غضب عمر حتى هم أن يقع به والله عز وجل يقول (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )) والرجل إنما آذاه بالقول وعمريريد أن يؤذيه بالفعل فما الجواب ؟
السائل : قوله غضب عمر حتى هم أن يقع به . الشيخ : نعم . السائل : والله عز وجل يقول : (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )) والرجل إنما آذاه بالقول وعمر يريد أن يؤذيه بالفعل فما الجواب ؟ الشيخ : وعمر من هو ، سلطان ولا مو سلطان ؟ السائل : سلطان . الشيخ : يريد أن يؤدبه لإجتراءه على السلطان . السائل : يعني هذا خاص بالسلطان . الشيخ : إي نعم ، لإجتراءه على السلطان ، لأن الجرأة على السلطان ضرر عظيم في المجتمع ، إذا تجرأ الناس على السلطان بقي لا قيمة له وإذا لم يكن له قيمة لم يمتثل أمره (..) . السائل : في غير السلطان لا يحل له ؟ الشيخ : أبدا من غير السلطان ما يعتدي أحد إلا بمثل ما اعتدى عليه ، وهو أراد تأديبه ، ويظهر ، ويظهر لي أيضا أن عمر إنما غضب من أجل هذا ، لا انتقام لنفسه على وجه الخصوص ولكن لأنه اعتدى على السلطان ، نعم .
في الرد على الذين يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لا نقول إنه لا يعلم الغيب مطلقاً هل هذا صحيح ؟
السائل : الذين يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب الذي يرد عليهم بأن الرسول لا يعلم الغيب لا ينبغي هذا الكلام يا شيخ ، يعني ما يقدر يقول إنه لا يعلم الغيب ؟ الشيخ : نعم . السائل : نعم . الشيخ : إي نعم ، نقول لا يعلم الغيب بذاته ، أما عن سبيل ، عن طلب الوحي فهو يعلم ما أوحي إليه ، نعم .
حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )
القارئ : حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( دعوني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) . الشيخ : عندنا بأمر، شيء عندك ، احنا عندنا بأمر شف فيها رواية ؟ القارئ : في رواية مسلم . الشيخ : شيء ، في رواية مسلم . القارئ : أمر ، أمر في مسلم . الطالب : في رواية مسلم بأمر . الشيخ : بأمر، ... القارئ : عندنا ، ... في رواية مسلم بشيء . الشيخ : الي عندي أنا أمر ، على كل حال المراد في الأمر أو في الشيء واحد لكن أبو سفيان علق ، في هذا الحديث دليل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا ينبغي السؤال ، (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) يعتصم الإنسان بما جاءه وهنا فرق عليه الصلاة والسلام بين النهي والأمر ، النهي قال إجتنبوه ، والأمر قال إئتوا منه ما استطعتم ، لأن النهي يجتنب كله ، ولا يفعل الإنسان ولا بعضه ، والأمر يفعل ما يقدر عليه منه ، فهذا هو الفرق ، فإذا قيل لا تفعل كذا ، لا يجوز لك أن تفعل بعضه ، فتقول والله أنا ما فعلت الكل أنا فعلت البعض ، نقول هذا لا يجوز ، إذا قيل إفعل كذا ففعل البعض بقدر استطاعته ، فإنه يكون برئت ذمته .
حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ). وحدثنا إسحاق أخبرنا عفان حدثنا وهيب . الشيخ : الترجمة هذي مهمة ، قال البخاري رحمه الله : ما يكره من كثرة السؤال ، كثرة السؤال على نوعين ، النوع الأول الإعنات ، يعني الإشقاق على المسؤول بحيث يقصد ذلك ملله وتعبه وخطأه وما أشبه ذلك ، فهذا لا شك أنه منهي عنه ، لما فيه الإضرر بالشخص المسؤول ولما فيه من الخطر لما يجيب به هذا الشخص ، لأنه قد يجيبه بهذه الحل بخطأ وأما كثرة السؤال على سبيل البحث والمناقشة والتعلم ، فهذا لا بأس به كما يكون مع الطالب ومعلمه ، يكون من الطالب ومعلمه ، فإن هذا لا بأس به لأنه من باب التعلم ، وأما تكلف مالا يعنيه فهذا أهم ما يكون اجتنابه ، تكلف مالا يعنيه ، فالشيء الذي لا يعنيك ، لا تتكلفه ولا سيما في الأمور الخبرية ، لا سيما في الأمور الخبرية التي تتعلق بآيات الله تعالى وأسمائه وصفاته ، وكثير من الطلبة في الوقت الحاضر لما من الله عليهم بالتفتح ، ومحبة التعمق في العلم ، صاروا يتنطعون ويسألون عن أشياء لا تعنيهم ، ولا يحتاجون إليها ، لأنا نعلم أنه لو كانت تعني للناس أو يحتاجون إليها لبينت ، ولهذه أمثال كثيرة منها مثلا من يسأل عن كيفية النزول ومنها من يقول كيف ينزل وهو فوق كل شيء ، ومنهم من يقول كيف ينزل في ثلث الليل الآخر وثلث الليل الآخر يمتد في الأرض كلها حتى يدور عليها ، وأشبه ذلك ، وكذلك من الطلبة من يسأل كم أصابع الرحمن عز وجل ، وكم أنامله وما أشبه ذلك من الأسئلة التي لا تعنيك ، والتي من حسن إسلام المرء وأدبه مع الله ورسوله أن لا يسأل عنها ، وليسأل الإنسان نفسه ، فليقل أأنا أحرص أم الصحابة رضي الله عنهم ، سيجيب نفسه أن الصحابة أحرص ، أحرص على العلم بالله وأسمائه وصفاته منك ، وهم أحب للخير منك ، ولم يسألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن شيء ، وانظر إلى أدبهم لما حدثهم أن الدجال يبقى أربعين يوما ، اليوم الأول كسنة ، ما سألوا كيف يكون ، كيف تكون اليوم الأول سنة والمعروف أن دوران الشمس يكون في أربع وعشرين ساعة ، ما سألوا لماذا ، وكيف ذلك ، إنما سألوا عن الشيء الذي يهمهم وهو الصلاة فقالوا كيف صلاتنا في ذلك ، فإذا عرفت الأدب مع الله ورسوله في مثل هذه الأمور ، فإنك لا تتكلف ، والإمام مالك رحمه الله لما سئل عن قوله " : الرحمن على العرش استوى " سأله كيف استوى ، قل السؤال عنه بدعة ، فكل شيء لم يرد في القرآن والسنة مما يتعلق بأمور الغيب فوظيفتك الأدبية والشرعية والعقلية أن لا تسأل عنه ، احجم ، نعم لو أن الإنسان سأل عن المعنى لا بأس ، لأن المعنى مما يجب علمه ، فالسؤال عنه لا بأس به ، أما الكيفية ، كيف ، ولما وما أشبه ذلك فهذه لا تسأل عنها ، وظيفتك التسليم ، ولهذا قال وتكلف ما يكره ، تكلف مالا يعنيه ، وقوله (( لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) هذه إنما تكون في زمن الوحي ، يعني أن الله نهى عباده المؤمنين أن يسألوا عن أشياء في زمن الوحي ، وتكون معفوا عنها ، مسكوتا عنها ، ثم بعد هذه المسألة تحرم ، أو توجب ، مثل ما سأل الأقرع بن حابس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال إن الله كتب عليكم الحج فحجوا ، قال أفي كل عام يا رسول الله ، هذا سؤال تكلف ، ولهذا قال له لو قلت نعم ، لوجبت ، ولما استطعتم ، الحج مرة ، فما زاد فهو تطوع ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، وما أشبه ذلك ، وهذا الحديث الذي ذكره البخاري رحمه الله : ( إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ) ، هذا من أعظم الناس جرما ، لأنه حرم عباد الله ما أحله الله لعباده ، وكذلك من سأل عن شيء لم يجب ، فأوجب من أجل مسألته ، وشريكه في هذا الإثم ، أما بعد أن انقطع الوحي ، فلا بأس أن يسأل الإنسان عن كل شيء يعن له ويخفى عليه ، نعم . الشيخ : نعم يا مصطفى .
ترجمة البخاري عامة والآية خاصة نزلت لعلة فكيف ذلك ؟
السائل : ترجمة البخاري عامة والآية والحديث خاصة ؟ الشيخ : إلي هي ؟ السائل : ترجمة كثرة السؤال هذا عام معروف ، ... نزلت لعلة فكيف ذلك ... ؟ الشيخ : إي نعم ، ولهذا كان الترجمة أخص من وجهة وأعم ، لأن الترجمة في الكثرة ، لا في مطلق السؤال ، والآية في مطلق السؤال ، فمطلق السؤال إنما ينهى عنه في زمن التشريع ، أما كثرة السؤال ففي كل وقت مالم يكن على وجه التعلم ، كما ذكرنا .
بعض الناس عندهم شكوك كثيرة إذا جاءت الأدلة عن النزول وما أشبه ذلك اضطرب ويوقعه الشيطان في شكوك عظيمة فماذا يفعل هذا الرجل هل يسأل عن كل شيء أم يمتنع عن السؤال ؟
السائل : بارك الله فيكم بعض الناس عندهم شكوك كثيرة إذا جاءت الأدلة مثل ما ذكرتم عن النزول وما أشبه ذلك يبدا يضطرب ويوقع بينه وبين الشيطان شكوك عظيمة . الشيخ : نعم ؟ السائل : فماذا يفعل هذا الرجل هل يسأل عن كل شيء أم يمتنع عن السؤال ، وإذا امتنع يقول كيف امتنع وأنا يعني في راسي أسئلة ما فهمتها ؟ الشيخ : لا ، نقول هذا الذي في رأسه لا ترد عليه ، قل آمنت بالله ورسوله ، آمنت بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر وأنه في غير هذا الوقت لا نزول فقط ، وما وراء ذلك لا تكلف فيه ، حتى تستريح وتسلم .
السائل : هل يؤاخذ إن وقع في قلبه شكوك ؟ الشيخ : لا ، إن ركن إليها يؤاخذ . السائل : والقلب يتعب ... ؟ الشيخ : إن ركن إليها يؤاخذ وإن طردها يحاول التخلص منها لم يؤاخذ .
بعض الناس إذا سألته عن شيء يخصه استشهد بهذه الآية (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) هل يجوز ذلك ؟
السائل : بعض الناس إذا سألته عن شيء يخصه استشهد بهذه الآية (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) هل يجوز ذلك ؟ الشيخ : هذه ربما تنطبق ، ربما يكون الإنسان يسألك عن شيء قلته فيه مثلا فيستشهد بهذه الآية ، مع أن هذه لآية لم تنزل في هذا المعنى ، نعم . السائل : ... ؟ الشيخ : لا هو قصده المعنى ، يعني لا تسأل عن شيء لو أبديته إليك لأساءك ، نعم .
حدثنا إسحاق أخبرنا عفان حدثنا وهيب حدثنا موسى بن عقبة سمعت أبا النضر يحدث عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد من حصير فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته ليلةً فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال ( ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة )
القارئ : حدثنا إسحاق أخبرنا عفان حدثنا وهيب حدثنا موسى بن عقبة سمعت أبا النضر يحدث عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد من حصير فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته ليلةً فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال : ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) . الشيخ : هذه أيضا من الأشياء التي يتكلفها بعض الناس حتى تفرض على الأمة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجرة من حصير فعلم به الناس فاجتمعوا إليه حتى كثروا ثم فقدوا صوته فظنوا أنه قد نام ، فجعلوا يتنحنحون ينبهونه ، فبين لهم عليه الصلاة والسلام إنما ترك هذا خوفا من أن تفرض على الأمة فيعجزوا عنها ، وفي الحديث : أيها الناس صلوا في بيوتكم ، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ، يستثنى من ذلك أيضا كما دلت عليه السنة ، يستثنى من ذلك قيام الليل في رمضان ، فإنه ثابت في السنة ، ويستثنى من هذا أيضا صلاة الكسوف على القول بأنها سنة ، ويستثنى من هذا صلاة الإستسقاء ، ويستثنى من هذا صلاة العيد ، على القول بأنها سنة أو فرض كفاية ، المهم أن المراد بذلك التطوع الأفضل أن يكون في البيت ، حتى في مكة ، حتى في المدينة ، كما هو الواقع في هذا الحديث ، فالصلاة في البيت أفضل ، وعلى هذا فإذا كنت في مكة ، وأردت أن تتطوع ، التطوع في البيت أفضل من التطوع في البيت الحرام ، نعم ، نعم ، نعم . السائل : ... (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) ؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : الآية : (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) . الشيخ : نعم . السائل : ... الشيخ : إيش . السائل : ... الشيخ : نراه ليش بالأول ما حصل . السائل : ... الشيخ : هاه، أقول بالأول من اختلف، نعم .
كيف الجمع بين قوله تعالى (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) وبين قوله (( فاسألوا أهل الذكر إن كتنم لا تعلمون )) ؟
السائل : قوله تعالى : (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )) كيف نجمعها مع الآية الأخرى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ؟ الشيخ : إي نعم ، نقول فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون هذا بعد ، بعد انقطاع الوحي ، وحتى أيضا ما ، ما ، ما احتاج الناس إليه يسألون حتى في عهد الرسول في القرآن ، هنا عشر سؤال من الصحابة للرسول ، يسئلونك ماذا أحلهم ، يسئلونك ماذا ينفقون ، يسئلونك عن اليتامى ، يسئلونك عن المحيض ، أشياء كثيرة ، لكن لما كثرت الأسئلة نهوا عن ذلك ، نعم .
حديث ( ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ... ) هل يدخل في ذلك قيام رمضان ؟
السائل : حديث ( ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ... ) هل يدخل في ذلك قيام رمضان ؟ الشيخ : إي نعم ، هو هذا في رمضان . السائل : ... ؟ الشيخ : لأن الرسول تخلف خوفا من أن تفرض ، وبعد موته لا يمكن أن تفرض . السائل : التعليل يا شيخ ... ؟ الشيخ : نعم . السائل : التعليل ... ؟ الشيخ : هاه ؟ السائل : التعليل ... هنا أفضل من صلاة قيام الليل ؟ الشيخ : نعم، إي الأخير يعني ، صحيح ،التعليل قد يظن الظان أنه يدخل في ذلك قيام رمضان ، ولكن لما علل الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك ، لأنه خشي لأن تفرض ، وزالت العلة ، بقيت هذه السنة في سنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه المؤيدة بفعل الرسول لولا هذه ، نعم . السائل : ممكن سؤال . الشيخ : لا ، ثلاثة . السائل : اثنين . الشيخ : بقى سؤال ، طيب .
السائل : هل صلاة النافلة في المسجد أفضل من الحرم على قول ... ؟ الشيخ : في البيت . السائل : في البيت على قول القائلين ... ؟ الشيخ : إي نعم ، تكون أفضل ، مهو الرسول قالها في المدينة ، وهو يقول صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه . السائل : طيب كيف نوافق هذا ؟ الشيخ : نوفق بينهم ، بأن يقال أن هذا خاص في الفرائض كما قيل به، إنما يشرع في المساجد، في المسجد، فهو في المسجدين أو الثلاثة أفضل، ولكن هذا قول فيه نظر ، بل نقول ما فعل في المسجد مما يكون في المسجد كتحية المسجد، تحية المسجد تكون أفضل من ألف صلاة، تحية فيما سواه المسجد النبوي إلا المسجد الحرام، كذلك الإنسان لو جلس ينتظر في الصلاة ، وصلى هذا نفل مطلق ، فإن هذه الصلاة أفضل ، من مئة ألف صلاة فيما سواها ، وهكذا ، أما أن تقصد أن تذهب من بيتك إلى المسجد لأجل هذا الفضل ، فلا . السائل : الراجح ؟ الشيخ : الراجح في البيت أفضل . السائل : حتى الراتبة . الشيخ : حتى الراتبة ، نعم ، في البيت أفضل ؟ السائل : يتضاعف يا شيخ ؟ الشيخ : نعم . السائل : يتضاعف ؟ الشيخ : يتضاعف يعني لو صليت فيضعف ، لكن الأجر الكمية قد تكون أدنى من كثير الكثير ، يعني الفرق أن الأجر عظيم جدا في البيت أعظم من مئة ألف صلاة ، أو أعظم من ألف صلاة في المسجد النبوي . السائل : ما فهمت يا شيخ . الشيخ : نعم . السائل : ما فهمت ، يعني . الشيخ : الأخير . السائل : يعني ، لماذا ، قال الشيخ : يعني مثلا ، إذا صليت ، إذا صليت في بيتك ، فهو أفضل مما لوصليت في المسجد النبوي ، كذا ولا لأن . السائل : نعم . الشيخ : مع أن الصلاة خير من ألف صلاة مما سواه ، وهذا التضعيف الأخير للكمية ، لكن في البيت يكون بالكيفية ، ومعلوم لو أنك جمعت مئة نواة وأتيت بحجر كبير صار الحجر أعظم منها ، فالصلاة في البيت من حيث الكيفية أفضل من الصلاة وإن زادت الكمية في المسجد النبوي ، هذا هو الجواب . السائل : المسجد ؟ الشيخ : إلا في المسجد يعني ما يشرع فعله في المسجد معروف في المسجد ، في المساجد الثلاثة أفضل من البيت ، وأفضل من المساجد الأخرى ، وما لا يشرع ففي البيت أفضل ، نعم السائل : المسافر ؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : المسافر يفعل الرواتب ؟ الشيخ : المسافر أولا لا يشرع له فعل الرواتب الظهر والمغرب والعشاء كما هو معروف وراتبة الفجر في البيت أفضل يعني الحديث عام .
حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب وقال ( سلوني ) فقام رجل فقال يا رسول الله من أبي قال ( أبوك حذافة ) ثم قام آخر فقال يا رسول الله من أبي فقال ( أبوك سالم مولى شيبة ) فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال إنا نتوب إلى الله عز وجل
القارئ : حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة . الشيخ : تعبان ، أنت تعبان ؟ السائل : والله شوية . الشيخ : أجل نخلي غيرك . السائل : ما بقى . الشيخ : هاه ؟ السائل : أقول ما بقى إلا هالحديث هذا ... . القارئ : حدثنا أبو أسامة عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب وقال : سلوني ، فقام رجل فقال يا رسول الله من أبي فقال : أبوك حذافة ، ثم قام آخر فقال يا رسول الله من أبي فقال : أبوك سالم مولى شيبة ، فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال إنا نتوب إلى الله عز وجل ). الشيخ : الشاهد من هذا الباب أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أكثروا عليه المسألة غضب ، وقال سلوني تحديا لهم ، فجعلوا يسألون هذا السؤال من أبي ، من أبي ، مع أنه لا فائدة منه ، لكن كأن السائلين ، كأنه قد قيل فيهم ما قيل ، من الإشتباه أنهم ينسبون إلى أبائهم أو لا ، فأرادوا أن يأخذوا من النبي صلى الله عليه وسلم اثباتا بأن أبوهم فلان ، وأباهم فلان ، ولكن عمر رضي الله عنه لما رأى ما بوجه النبي من الغضب قال إنا نتوب إلى الله عز وجل ، يعني نرجع إليه مما أغضب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، نعم .
حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة حدثنا عبد الملك عن وراد كاتب المغيرة قال كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) وكتب إليه إنه كان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وكان ينهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى : باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف مالا يعنيه حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة حدثنا عبد الملك بن مروان كاتب المغيرة قال : ( كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد - وكتب إليه - أنه كان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وكان ينهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات ) . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم هذا الحديث كما رأيتم ، كتبه معاوية إلى المغيرة رضي الله عنهما جميعا ، يسأله عن ما سمع ، من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن الخلفاء في صدر هذه الأمة ، خلفاء وعلماء ، خلفاء وعلماء يحرصون على العلم والحديث فكتب إليه ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكتب إليه المغيرة ... إلخ ففي هذا دليل على تداول الحديث بواسطة الكتابة ، وهذا أمر كان فيه خلاف أول ، في صدر هذه الأمة ، لأنهم كرهوا أن يكتب الحديث خوفا من أن يلحق بالقرآن ، لكنه بعد ذلك اتفق العلماء على جواز كتابة الحديث ، وعلى جواز كتابة الأحكام المستنبطة من الأحاديث في المصنفات الفقهية وغيرها . كتب إليه يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة ( لا إله إلا الله ، المراد بدبر الصلاة هنا ما بعد السلام ، لأنه يقع في مستدبرا ، مستدبرا لها ، وأما قوله في حديث معاذ (لا تجعلنا أن تقول ..) دبر كل صلاة ، فالصحيح أن المراد به آخر الصلاة ، والفرق أن حديث معاذ اللهم أعني دعاء ، ومحل الدعاء قبل السلام بعد التشهد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد ، قال ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ، وأما الذكر فهو بعد الصلاة لقوله تعالى : (( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله )) لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، النفي هنا ، نفي للحقيقة ، فلا إله حق إلا الله ، أما ما يعبد من دون الله ويسمى إلاها فهو أسماء فقط ، (( إن هي إلا أسماء سميتموها )) وضعوها على غير مسمياتها الحقيقة ، فهم يعبدون هذه الأصنام ويتخذونها آلهة ، وهي في الحقيقة ليست بآلهة ، وقوله : وحده لا شريك له ، هذا تأكيد للنفي والإثبات ، وحده لا شريك له ، لا شريك له تأكيد للنفي ووحده تأكيد للإثبات ، له الملك وله الحمد : له وحده الملك ، والدليل على قولنا وحده أنه قدم الخبر له الملك ، لأن له خبر مقدم والملك مبتدأ مؤخر ، قال العلماء وتقديم ما حقه والتأخير يفيد الحصر والإختصاص ، وله الحمد الوصف بالجميل ، بالجمال والكمال فله سبحانه وتعالى له الحمد كله ، وهو المستحق له ، أما غيره ممن يحمد ، فإنه لا يستحق من الحمد إلا اليسير ، ولا يستحق الحمد كله وهو على كل شيء قدير ، كل شيء الله قدير عليه ، لا يمتنع عن شيء إن أراده الله عز وجل ، سواء كان في إيجاد المعدوم ، أو إعدام الموجود ، أو تغيير حال أو تغيير وصف ، أو تغيير عيب ، المهم أنه جل وعلا على كل شيء قدير ، (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ولا أعظم من قدرة بينها الله عزوجل في قوله : (( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة )) من ؟ الأموات كلهم ، زجرة واحدة إخرجوا من القبور فإذا هم بالساهرة ، كأنما خرجوا من نفس واحدة بإذن الله ، والله على كل شيء قدير ، ولا يستثنى من هذا شيء ، وأما ما يقع في عبارة بعض الناس ، إنه على ما يشاء قدير فهذا غلط ، لإنه تخصيص لما عممه الله ، وتقليل له ، فهو قدير على ما يشاء وما لا يشاء ، ثم إن هذه العبارة على ما يشاء قدير ربما توهم أنه لا يقدر على أفعال العباد ، لأن أفعال العباد عند المعتزلة ليست داخلة في مشيئة الله ، وعلى هذا فلا يكون قادرا عليها ، ولذلك ينبغي تجنب هذه العبارة ، إنه على ما يشاء قدير ، وأن نقول كما قال الله عن نفسه ، (( إنه على كل شيء قدير )) ، وأما ما ورد في آخر ، في حديث آخر أهل الجنة دخولا ، وأن الله يقول إني على ما أشاء قادر ، فلا يعني هذا الوصف المطلق ، لكنه لما حصل لهذا الرجل ما حصل من الوصول إلى هذه الدرجات العلى بين الله تعالى أن هذا بمشيئته وأن ما شاءه فهو قادر عليه فهو كقوله تعالى : (( وهو على جمعهم إذا يشاء قدير )) أي إذا شاء قادر ، جمعهم فليس بعاجز عنهم ، ففرق بين القدرة المقيدة بشيء معين ، فهذه إذا قيدت المشيئة فلا بأس ليتبين أن هذا الشيء المعين شاءه الله وما شاءه فهو قادر عليه ، أما إذا ذكرت القدرة على أنها وصف مطلق لله ، فلا تقيد بالمشيئة ، ولهذا جاءت إنه على كل شيء قدير ، كما جاء في القرآن ، وكان الله على كل قدير وما أشبهه ، فاللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت في هذا تمام التفويض إلى الله عزوجل ، فما أعطاه الله فلا يمكن لأحد أن يمنعه ، أي ما قدر أن يعطيه أحدا ، فإنه لا يمكن أن أحدا يمنعه أبدا ، لو اجتمع أهل الأرض على أن يضروك لم يضروك بشيء قد كتبه الله عليك ، كذلك لا معطي لما منعت ، ما قدر الله منعه ، فلن يستطيع أحد أن يعطيه مهما كان ، إذا فهاتين الجملتين ، كمال التفويض لله عزوجل ، والإعتماد عليه ، وصدق التوكل عليه عز ، عزوجل ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، الجد : يعني الحظ والغنى ، فصاحب الجد لا ينفعه من الله جده والنفع ، النفع هنا بمعنى منع ، بمعنى منع ، ولذلك عديت بمن ، فالمعنى لا يمنع صاحب الجد جده منك ، مهما أظن حظه وسلطانه وقوته فإنه لا يمنعه من الله شيء ، وكتب إليه أنه كان ينهى عن قيل وقال، الله أكبر ، ما أعظم هذه العبارة ، قيل وقال ديدن كثير من الناس اليوم ، ومع الأسف أنها توجد في طلبة العلم ، قيل في فلان كذا ، قال فلان في فلان كذا ، فيضيعون أوقاتهم ، في غير فائدة ، ويحملون قلوبهم من الضغائن والأحقاد ، ما لا ينبغي أن يكون من طالب العلم ، فضلا عن العامة ، فما لا ينبغي أن يكون من العامة فضلا عن طالب العلم ، ولهذا ينبغي لك أن تعرض إذا رأيت الناس مشتغلين بقيل وقال اعرض عن هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم ينهاك عنه ، ولا يسلم من اتبع قيل وقال ، لا يسلم من الإثم غالبا ، لأنه إما أن ينقل كذبا ، أو ينقل تهمة ، أو يحمل ضغائن ، أو ما أشبه ذلك ، فتجنب قيل وقال ، واجعل كلامك مبينا على قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) ، لو أننا سكتنا ، لو أننا سلكنا هذا المسلك ، لسلمنا من مآثم كثيرة ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل : ( أفلا أخبرك بملاك ذلك كله لما عدد عليه ما عدد من شرائع الإسلام ، قال أفلا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه قال : كف عليك هذا ، كفه ، لا يطلع ، قال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ، قال ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) . نسأل الله لنا ولكم السلامة ، كان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال ، كثرة السؤال ، هل المراد سؤال العلم ، أو السؤال عن أحوال الناس أو سؤال المال ، كل ذلك محتمل ، فكثرة سؤال العلم قد تؤدي إلى الإعنات والإشقاق على المسؤول كما هو مشاهد ، يجي إنسان ويسألك عشرين مسألة ، عشرين مسألة في آن واحد وإياك أن تعتذر ، إن اعتذرت قال هذا كاتم للعلم ، (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون )) يعطيك اللعنة وينصرف ، وهذا غلط ، قدر نفسك أنك في هذا الموقف ، يجي مثلا عشرة يسألونك أو خمسة عشر أو أكثر أو أقل ، الإنسان بشر لا بد أن يسأل لا سيما إن شعر ، ولا ينبغي أن يشعر ، لكن قد يشعر ، لا سيما إن شعر بإن الإنسان قصده بذلك الإعتراض أو الإشقاق والإعنات ، لأنه يضيق صدره ولا يتحمس ، هذا كثرة سؤال العلم ، كثرة السؤال ، السؤال عن أحوال الناس ، بعض الناس مبتلى والعياذ بالله ، بل ، كل ما جلس عند إنسان ، وش صار اليوم ، فلان وش صار عليه ، يا رجل اترك ما لا يعنيك ، من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ، ما دام هذا الأمر لا يعنيك ، لا في دينك ولا دنياك اتركه ، فإن هذا من حسن إسلامه ، كثرة سؤال المال أشد ، لأن سؤال المال محرم إلا للحاجة أو الضرورة ، وإذا كان محرما على وجه الإطلاق فهو محرم على وجه الكثرة من باب أولى ، طيب فإذا قال قائل : إذا كان الإنسان (مصقولا ...)عن جماعة .