تتمة شرح باب : قول الله تعالى : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدً )) و : (( إن الله عنده علم الساعة )) و : (( أنزله بعلمه )) و : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) و : (( إليه يرد علم الساعة )) . قال يحيى : الظاهر على كل شيء علماً ، والباطن على كل شيء علماً .
السائل : ... .
الشيخ : لا ما هو رجم بالغيب لكن كثيرا يصيبون لكن إصابتهم أكثر وهم يعتمدون ليس على الغيب والتخرص يعتمدون كما قلت لك على تكييف الجو بواسطة آلات دقيقة يعرفون بها ولهذا تجدهم يقولون مثلا بعد سنة سيكون مطر أو بعد شهر أو بعد أسبوع بل هو محدد في الوقت الذي يعرفون به تكيف الجو كما أننا نحن الآن بلا آلات إذا وجدنا أن السماء ملبدة بالغيوم والرعد والبرق ألا نتوقع أن ينزل المطر ؟ نتوقع، قال : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) لا قبلها " وأنزله بعلمه " الآية (( أنزله )) فالواو من كلام المؤلف فهي حرف عطف والتقدير وقوله : (( أنزله بعلمه )) وهذه الآية جملة وهذه الجملة من آية وهي قوله تبارك وتعالى : (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا )) فبين الله عز وجل أن الله يشهد بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأنه أنزله بعلمه، وعلم هنا يحتمل أن تكون بمعنى اسم المفعول أي أنزله بمعلومه أي ما يعلمه الله عز وجل من أخبار وما يحكم به من أحكام، ويحتمل أنه مصدر على حقيقته والمعنى أن الله أنزله وهو عالم به جل وعلا، فالقرآن لا شك أنه نزل بمعلومات كثيرة من عند الله ولا شك أنه نزل بعلم الله، نزل على علم من الله عز وجل، قال : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ))
أسأل: هل ما هنا هي نافية أو شرطية. خالد
الطالب : لا نافية ولا شرطية
الشيخ : لا نافية ولا شرطية. نعم
الطالب : نافية
الشيخ : نافية.
طيب لماذا لا تكون شرطية، لأن الفعل بعدها مرفوع ولو كانت شرطية لجزم، وهي نافية لأنه وقع بعدها إلا، إذن وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، يعني ابتداء الحمل وحلول الوضع كل ذلك بعلم الله عز وجل وهذه الآية مما يقرأ به للمرأة إذا تعسرت ولادتها، وهي مفيدة جدا إذا قرأ الإنسان بماء وقرأ هذه الآية وقرأ : (( إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها )) وقرأ : (( والله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار )) فإنها بإذن الله تنفع تشربها المرأة ويمسح بها بطنها وتضع بسهولة : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) إلا بعلمه بمعنى إلا إذا كان صادرا عن علم الله عز وجل لأم حملها ووضعها من خلق الله والله عز وجل يقول : (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) وقال تعالى : (( إليه يرد علم الساعة )) إلى الله لا إلى غيره يرد علم الساعة، وهذا شيء معلوم بالقرآن والسنة والاجماع أنه لا أحد يعلم متى تقوم الساعة إلا الله عز وجل.
1 - تتمة شرح باب : قول الله تعالى : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدً )) و : (( إن الله عنده علم الساعة )) و : (( أنزله بعلمه )) و : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) و : (( إليه يرد علم الساعة )) . قال يحيى : الظاهر على كل شيء علماً ، والباطن على كل شيء علماً . أستمع حفظ
فوائد : تتعلق بأسماء الله " الظاهر والباطن "
مراجعة الشيخ لما سبق من الكلام على صفة العلم
الطالب : ... .
الشيخ : نعم إن الله عالم بكل شيء جملة وتفصيلا، هل يشمل بما يتعلق بأعمال العبد؟ يشمل طيب. ثانيا:
الطالب : علم الله يتعلق بالعبد وبغير العبد. الشيخ : طيب صحيح انتهينا منها. نريد أيضا؟
الطالب : علم الله أزلي وأبدي.
الشيخ : علم الله أزلي أبدي ما معنى قولنا أزلي .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم الأزلي السابق والأبدي في المستقبل ولا يلحقه نسيان علم الله لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان، لا هذا تفصيل يلا سليم قل .
الطالب : ...
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : (( علمه في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) .
الشيخ : أحسنت لم ينكر أحد فيما نعلم علم الله تعالى في كل شيء إلا غلاة القدرية فإن غلاة القدرية أنكروا علم الله بما يفعله الخلق وقالوا إن الله لا يعلم ما يفعله الخلق إلا بعد وقوعه، يعني فلا يعلمه علم غيب وإنما يعلمه علم مشاهدة، إذا وقع علم الله به أما قبل ذلك فلا يعلمه ولكن شيخ الاسلام رحمه الله قال : " إن هذا قول غلاة القدرية قديما وإن منكره اليوم قليل " في زمنه رحمه الله عز وجل من ينكره قليل أي من ينكر درجة العلم والكتابة قليلون.
ماالمراد من قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور "وأنت الباطن ليس دونك شئ" ؟
الشيخ : أنه لا يحول دونك شيء كل شيء أنت عليه سلطانك وعلمك وقدرتك لا يحول دون شيء.
السائل : يعني دون ما تريد أن تفعل شيء.
الشيخ : لا ليس الفعل فقط الفعل والعلم يعني مع علوك لا يخفى عليك شيء أنت باطن أي عالم في باطن الأمور لا يحول دونك شيء، البشر يحدونهم الجدار، يحدونهم الشجر، يحدونهم الغبار لهم موانع لا يدركون بها ما وراءه لكن الرب عز وجل لا يحول دونه شيء.
السائل : أحسن الله إليكم ذكرنا بأن الأول والآخر والظاهر والباطن تقاسم في الزمان والمكان وجعلنا الأول والآخر للزمان، والظاهر والباطن للمكان.
الشيخ : ارتباط المكان أي أن الله عز وجل محيط به علما قدرة وسلطانا وغير ذلك.
ما حكم من أنكر صفة من صفات الله عز وجل؟
الشيخ : لا حتى بعض الصفات إذا أنكرها الإنسان، إذا أنكرها إنكار جحود فهو كافر.
السائل : ... .
الشيخ : ما ثبت في القرآن أو صحيح السنة إذا أنكره الإنسان انكار جحود فهو كافر كل أثبته الله عز وجل وأنكره الإنسان إنكار جحود فهو كافر لأنه مكذب العلة في ذلك التكذيب لما أخبر الله به .
ما سبب إنكار غلاة القدرية علم الله السابق؟
الشيخ : لأن القدرية يقولون إن الإنسان مستقل بعمله استقلالا تاما، ولهذا يسمون مجوس هذه الأمة حيث جعلوا للحوادث خالقين، الحوادث التي خلق الله، والتي خلقها العبد، فيقولون إن تعلق علم الله بفعل العبد كتعلق علم زيد بفعل عمرو.
حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله
الشيخ : هذا سبق الكلام عليه. تغيض الأرحام، يش معناها ؟ تنقص بدليل قوله وما تزداد وقد مر علينا في قواعد التفسير أنه يعرف تفسير الكلمة بذكر ما يقابلها وذكرنا من ذلك قوله تعالى : (( فانفروا ثبات أو انفروا جميعا )) لو قال لك ما معنى ثبات ؟ فرادى لأنه قابلها بقوله أو انفروا جميعا قال : (( وما تغيض الأرحام وما تزداد )) تغيض يعني تنقص تزداد ترتفع، غيض الأرحام هنا هل المراد ما تغيض الأرحام عن المدة المعلومة عادة بحيث يولد الطفل أو يولد الجنين قبل تمام التسعة أشهر التي هي الغالب وما تزداد عن تسعة أشهر أو المراد ما تزداد عددا وتنقص عددا واحد في البطن أو اثنان أو ثلاثة أو الأمران جميعا الأمران جميعا لأن أيضا القاعدة في التفسير أنه متى احتملت الآية معنيين فأكثر ولا منافاة بينهما فإنها تحمل على الجميع.
7 - حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله أستمع حفظ
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت من حدثك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب وهو يقول لا تدركه الأبصار ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول لا يعلم الغيب إلا الله
الشيخ : الشاهد من هذا قوله وهو يقول : (( لا يعلم الغيب إلا الله )). أما الحديث فتقول رضي الله عنها عائشة لمسروق من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب وهو يقول أي الله عز وجل يقول (( لا تدركه الأبصار ))، ولا شك أن عائشة رضي الله عنها في هذا الاستدلال لم تصب لأن الله تعالى قال : (( لا تدركه الأبصار )) ولم يقل لا تراه الأبصار. ولهذا جعل علماء أهل السنة هذه الآية من الأدلة على ثبوت رؤية الله ووجه ذلك أن نفي الأخص يدل على وجود الأعم فلما قال لا تدركه علمنا أنها تراه ولكن لا تدركه ولو كان مراده نفي الرؤية لقال لا تراه الأبصار ولكن هي رضي الله عنها لو استدلت بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ) كما جاء ذلك بأحاديث الدجال حيث يدعي الدجال أنه الرب قال النبي عليه الصلاة والسلام ( واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ) لكان هذا أصح مما استدلت به من استدلالها بالآية هذه المسألة اختلف فيها العلماء هل النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه يعني في الدنيا أم لم يره ؟ فقيل أنه رآه وممن قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما في المشهور عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ) أما عائشة فكانت تنكر ذلك كما رأيتم وهذا في اليقظة أما في المنام فقد رأى ربه كما في حديث اختصام الملأ الأعلى وهو حديث مشهور شرحه زين الدين عبد الرحمن بن رجب رحمه الله، والصحيح أنه لم ير ربه لأن النبي نفسه سئل هل رأيت ربك ؟ فقال : ( رأيت نورا ) وفي رواية ( نور أنى أراه ) أي بيني وبينه نور فكيف أراه وهذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم
ولكن إذا قال قائل كيف نجمع بين هذا الحديث الذي حدث به النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه وبين قول ابن عباس ؟ فالجواب عن شيخ الاسلام ابن تيمية قال " أن ابن عباس لم يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه بل قال رأى ربه لكن ما قال بعينه فتحمل الرؤية التي قالها ابن عباس رضي الله عنهما على أن المراد بذلك رؤية اليقين هذا " وإن كان خلاف الظاهر لكن لئلا يظن بابن عباس أنه يخالف ما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه أنه لم ير الله سبحانه وتعالى ومعلوم أن رؤية الله في الدنيا لا تنكر لأن الإنسان لا يستطيع ذلك ولا يقوم لهذه الرؤية أبدا. والدليل على هذا أن موسى عليه الصلاة والسلام قال : (( قال ربي أرني أنظر إليك قال لن تراني )) يعني لا يمكن أن تراني (( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) فعلق رؤيته بشيء مستحيل تجلى الله للجبل فجعله دكا بمجرد ما تجلى الله له إندك الجبل ولم يستقر مكانه فرأى موسى منظرا أفزعه (( فخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين )) موسى عليه الصلاة والسلام لم يسأل الله رؤيته شكا في الأمر لكن تلذذا برؤية الله عز وجل لقوة محبته لله سأل الله أن يريه نفسه (( رب أرني أنظر إليك )) فلما كانت الرؤية متعذرة إلى هذا الحد وصعق وأفاق قال سبحانك أي تنزيها لك أن تدركك الأبصار أو أن تراك الأبصار في هذه الدنيا تبت إليك من أي شيء ؟ من سؤال الرؤية لأنه سأل ما لا يمكن في الدنيا سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين يعني أنني لم أسأل شكا بل أنا مؤمن ولكنه سأل ربه أن يراه تلذذا برؤيته يعني أنعم شيء يكون الإنسان أن يرى الله عز وجل أكبر نعيم لأهل الجنة رؤية الله سبحانه وتعالى هي أكبر نعيم وأكبر فوز وبالمناسبة يقولون إن الزمخشري صاحب التفسير المشهور الجيد الذي كان من بعده عيالا عليه هو من المعتزلة ويقول البلقيني : " إني استخرجت من هذا التفسير اعتزاليات بالمناقيش " تعرفون المناقيش الشيء الذي يؤخذ بالمناقيش خفي ولا بارز ؟ خفي جدا من ذلك قوله على هذه الآية : (( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )) قال " أي فوز أعظم من هذا أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة " الكلام هذا إذا قرأه الإنسان بقول صحيح أي فوز أعظم من أن يزحزح الإنسان عن النار ويدخل الجنة لكنه يريد بذلك نفي رؤية الله عز وجل في الجنة لأن رؤية الله عز وجل في الجنة أشد فوزا من أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فتأمل كيف يتكلم هؤلاء الأذكياء بمثل هذا الكلام الذي لا يدركه من عرف مذهبه وعقيدته، أنا لو قرأت هذا الكلام في ابن كثير مثلا في تفسير ابن كثير فإني لا أظن به هذا الظن بل أقول إذا دخل الجنة فمن نعيم الجنة أن يرى الله، لكن لما كان هذا الرجل علم أنه ينكر الرؤية ينكر رؤية الله في الآخرة صار هذا الكلام إشارة إلى أنه لا رؤية فالحاصل أننا نقول إن عائشة رضي الله عنها استدلت على انتفاء أو على نفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في الآية وهذا الاستدلال صحيح ولا غير صحيح ؟ غير صحيح لأن هذه الآية استدل بها السلف على أن الله يرى في الآخرة، الثاني يقول : ( ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب ) هذا صحيح ؟ لأن الله يقول : (( ولا يعلم الغيب إلا الله )) هكذا الآية لا الآية (( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله )) فليست على هذا اللفظ لكن ذكرتها بالمعنى فالحاصل أن الذي يحدثك إنه يعلم الغيب فإنه كاذب ولا يكفي أن نقول أنه كاذب بل نقول إنه كافر ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ).
السائل : ذكرتم أن عائشة ذكرت الآية بالمعنى يجوز أن يسوق الآيات بالمعنى ؟
الشيخ : لا يجوز ولكن هي أو ذكرت جزءا من الآية ليدل على بعضها.
السائل : ... .
الشيخ : نعم أن محمدا رأى ربه فقد كذب وهو يقول يعني والله يقول : (( لا تدركه الأبصار )) ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول : لا يعلم الغيب إلا الله يحتمل المراد أي الله أو الرسول لكن على كل حال هي ذكرت هذا بالمعنى.
8 - حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت من حدثك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب وهو يقول لا تدركه الأبصار ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول لا يعلم الغيب إلا الله أستمع حفظ
باب : قول الله تعالى : (( السلام المؤمن )) .
قال المؤلف رحمه الله تعالى
باب قول الله تعالى : (( السلام المؤمن )).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم باب قول الله تعالى : (( السلام المؤمن )) نحن إذا نظرنا إلى صنيع البخاري رحمه الله في كتاب التوحيد وجدنا أنه يصدر غالبا الأبواب بآيات من القرآن وذلك لأن من المبتدعة من يقول لا نقبل من أدلة الصفات إلا ما كان متواترا ولا نقبل أخبار الآحاد فأراد رحمه الله أن يعزز أخبار الآحاد التي يسوقها في الكتاب بآيات من القرآن لئلا يبقى عذر لمن رد هذه الأسماء أو الصفات وهذا من فقهه رحمه الله عرفتم الآن، المبتدعة الذين يحكمون العقل ويتلقون عقيدتهم في الله من عقولهم يقولون لا نقبل أخبار الآحاد في باب الصفات لأن خبر الآحاد لا يفيد إلا الظن والعقيدة يجب أن تكون مبنية على اليقين وقد رد ابن القيم رحمه الله هذه القاعدة الباطلة بوجوه كثيرة في * الصواعق المرسلة على غزو الجهمية والمعطلة *، وهي جديرة بأن تكون مردودة والعجل أن هؤلاء- وهذا استطراد ليس في صلب الموضوع - يقبلون ما يؤلفه مشايخهم ويصل إليهم من طريقة على وجه الآحاد ويعتقدون أن ما قاله شيوخهم ومقلدوهم مع أنها جاءت عن غير معصوم وبخبر آحادي مما يدل على أنهم متناقضون. باب قول الله تعالى : (( السلام المؤمن )) السلام من أسماء الله والمؤمن من أسماء الله والسلام في الأصل اسم مصدر سلّم والمصدر تسليم واسم المصدر عند علماء النحو ما كان بمعنى المصدر ولم يتضمن حروف المصدر هذا اسم المصدر كلام اسم مصدر من كلّم، سلام اسم مصدر من سلّم فما معنى السلام الذي هو اسم من أسماء الله، السلام قلنا أنه اسم مصدر فيكون الوصف به من باب المبالغة أن الله عز وجل سلام أي سالم من كل عيب ونقص حياته ليس فيها نقص ولا عيب علمه ليس فيه نقص ولا عيب قدرته ليس فيها ليس فيها نقص ولا عيب سمعه ليس فيه نقص ولا عيب بصره ليس فيه نقص ولا عيب وهلم جرا، كل أسمائه وصفاته ليس فيها نقص ولا عيب أما المؤمن فهي مشتقة من الإيمان ومن الأمن أي أن الفعل آمن أو أمّن ومعنى المؤمن المصدق لرسله بما جاءوا به قال تعالى : (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه )) وهذا تصديق لما جاء الرسول عليه الصلاة والسلام والآيات بهذا المعنى كثيرة : (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب )) (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل )) (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا )) والآيات في هذا كثيرة، فهو سبحانه وتعالى مصدق لرسله ومؤمن بمعنى مُؤَمن أي يؤمن من يستحق الأمان وهو المؤمن فالمؤمن له الأمن من الله قال تعالى : (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )) إذن فالمؤمن لها معنيان وهما مؤمن بمعنى مصدق برسله ومؤمن بمعنى مُؤَمِّن من يستحق الأمان طيب وقولنا إنه مؤمن لرسله وكذلك مصدق لغيره رسله لمن شهد الله لهم بالصدق كما قال الله تبارك وتعالى : (( أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )).
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مغيرة حدثنا شقيق بن سلمة قال قال عبد الله كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول السلام على الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
الشيخ : ما عندي واو.
القارئ : حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا مغيرة قال حدثنا شقيق بن سلمة قال قال عبد الله : ( كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم ).
الشيخ : لولا كلمة واحدة لكان مسلسلا حديث السند لولا كلمة واحدة لكان مسلسلا مسلسلا بالصيغة، كله حدثنا إلا قوله قال عبد الله.
القارئ : (كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول السلام على الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ).
الشيخ : هذا من حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم ذكر الممنوع ذكر المشروع كانوا يقولون السلام على الله تحية السلام تحية فيسلمون على الله السلام على الله وهذه الكلمة لا تقال لمن لا يمكن أن يلحقه نقص لأن السلام إنما يدعى بها لمن يلحقه النقص أما من هو منزه عن ذلك عز وجل فإنه لا يقال السلام عليك ولهذا أبدلهم النبي عليه الصلاة والسلام وأمرهم أن يقولوا بدل السلام التحيات لله بدل السلام على الله لأن الله عز وجل كامل من كل وجه فلا يحتاج أن يدعى له بالسلام فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله هو السلام ) فبدأ بالتعليل قبل الحكم من أجل أن يرد الحكم على النفس وهي مطمئنة بما ذكر لها من العلة ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخره. التحيات لله : اللام هنا للاختصاص والاستحقاق والتحيات جمع تحية وهي كل لفظ يدل على التعظيم فهو تحية وجمعت باعتبار أنواعها وأجناسها أي كل جنس ونوع يدل على التعظيم فإنه خاص بالله ومستحق لله عز وجل لأنه أهل لأن يعظم سبحانه وتعالى. وقوله : والصلوات يعني الصلوات لله والطيبات يعني الطيبات لله فما هي الصلوات التي لله ؟ هي العبادة المعروفة وقيل الدعاء وعلى هذا القول يكون محمولا على الصلاة لغة والصلاة شرعا ولا مانع من أن يقال إنه يعم الصلوات التي هي الدعاء والصلوات التي هي العبادة المعروفة لأن ذلك أعم والطيبات الطيبات يعني الأوصاف الطيبات لله والأعمال الطيبات لله فالله عز وجل طيب ولا يقبل إلا الطيب فكل طيب من الأعمال فهو لله وكل خبيث من الأعمال فإن الله لا يقبله وكل وصف طيب فهو لله عز وجل إذن الطيبات هنا وصف لأوصاف الله ووصف للأعمال التي تفعل لله، وصف لأوصاف الله يعني كل صفة طيبة ووصف للأعمال التي تفعل لله لا يقبل الله إلا الطيب ولهذا استحضر هذا عندما تقرأ في الصلاة أنك إذا قلت الطيبات يعني أنك ذو الأوصاف الطيبات وأنك الذي لا تقبل من الأعمال إلا الطيبات نحن لا ندري هل نحن نستحضرها عند قراءتنا إياها أو تغيب عنا، ربما تغيب عنا وربما تحضر لكن ينبغي أن تحضر ولا تغيب، لما بدأ بحق الله ووصف الله بما يستحق ثنى بحق الرسول عليه الصلاة والسلام فقال : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله هنا قال السلام عليك أيها النبي ، لماذا ؟ لأن عليه الصلاة والسلام محتاج إلى أن يسلمه الله ولهذا كان دعاء الأنبياء على الصراط يوم القيامة اللهم سلم، اللهم سلم، فالأنبياء محتاجون لأن يسلمهم الله عز وجل، السلام عليك أيها النبي عليك هنا سيرد إشكال وهو كاف الخطاب فإن كاف الخطاب في الجملة تحولها إلى كلام آدميين إلى مخاطبة آدميين أليس كذلك ؟ السلام عليك تخاطب الرجل فكاف الخطاب تحول الجملة إلى كلام آدميين يخاطب فكيف نجمع بين هذا وبين قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين أو قال من كلام الناس ) الجواب عن هذا من أحد وجهين الوجه الأول : أن هذا مستثنى فيكون العموم في قوله من كلام الآدميين أو من كلام الناس مخصوصا بهذا فيقال تبطل الصلاة بكاف الخطاب إلا ما كان لله أو لرسوله، مثل إياك نعبد لا تبطل أو لرسوله السلام عليك أيها النبي هذا وجه. الوجه الثاني : أن يقال هذا الخطاب لا يراد حقيقته وإنما لقوة استحضار المصلي صار كأن النبي صلى الله عليه وسلم مواجها له يخاطبه وعلى هذا فلا يراد بالخطاب حقيقته والدليل لذلك أن المصلي يقول السلام عليك بصوت خفي لا يسمعه الرسول ولو كان خطابا حقيقيا لكان هذا نوع من أقول السخرية والاستهزاء لأني لو قلت السلام عليك بنفسي ثم قلت لك لماذا ما رديت علي السلام ماذا تقول ما سلمت! أقول لك سلمت عليك لكن سر تقول سبحان الله كيف هذا؟! فلا يراد بالخطاب حقيقته والدليل على هذا أمور : أن المصلي يسر بهذا الخطاب هذه واحدة. ثانيا : أن المصلي يقول ذلك ولو كان في الشرق والرسول في الغرب في مكة ماذا يقولون الذين يصلون في مكة والرسول في المدينة ماذا يقولون ؟ السلام عليك إذن لا يراد حقيقة الخطاب ولهذا يقال حتى بعد موت الرسول يقال السلام عليك أيها النبي لأنه لا يراد بذلك حقيقة الخطاب وإنما المراد كما قال شيخ الاسلام رحمه الله في كتاب * اقتضاء الصراط المستقيم * : " المراد قوة الاستحضار كأنه بين يديك تخاطبه " فيقال هذا حتى بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم وما أخرجه البخاري رحمه الله عن ابن مسعود قال : ( كنا نقول في حياة النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليك أيها النبي فلما مات قلنا السلام على النبي ) فهذا من اجتهاده رضي الله عنه لكنه اجتهاد مجانب للصواب.
10 - حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مغيرة حدثنا شقيق بن سلمة قال قال عبد الله كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول السلام على الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أستمع حفظ