تتمة الفوائد من حديث ابن عباس.
ما معنى ما قدمت وما أخرت؟
الشيخ : قوله : ( ما قدمت وما أخرت ) يحتمل معنى قول ما أخرت في المستقبل ما قدمت وما أخرت أي ما سأفعله في المستقبل وهذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم ويحتمل ما أخرت باعتبار الماضي لأن الماضي منه ما هو متقدم ومنه متأخر وهذا هو ظاهر اللفظ أي ما قدمت ففعلته قديما وما أخرت ما فعلته آخرا هذا إذا كان المراد بالتأخير ما بعد قوله يعني المستقبل أما إذا كان ما قدمت في السنة في سنة 1412 وما أخرت سنة 1413 فهذا ليس خاصا به.
ظاهر هذا الحديث أنه يطيل في دعاء الاستفتاح فهل يصح؟
الشيخ : نعم هذا مخصص لأن صلاة الليل لها خصائص من خصائصها الإطالة في القراءة في الركوع في السجود فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يطيلها ولهذا لم يثبت عنه ثبوتا صحيحا في الاستفتاح إلا ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ) هذا هو الثابت في الصحيحين وحديث : ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ) هذا في السنن واختلف العلماء في صحته مرفوعا.
هل الأنبياء معصومون من الوقوع في الخطايا قدرا
الشيخ : لا ما قلنا ممنوعين قلنا ممنوعين من الإقرار عليها.
السائل : ... .
الشيخ : ما يقرون عليها قدرا بمعنى أن الله ينبههم عليها أو ينتبهون قدرا أما شرعا فنحن والأنبياء ممنوعون من الإقرار عليها شرعا يعني أن الله عزوجل يهيئ لهم أسباب التوبة فيتوبون فورا أو بعد ... المهم لا بد أن يتوبوا لكن نحن لا ممنوعون منها شرعا أما قدرا ربما نستمر في معاصينا ونصر عليها .
تتمة الشرح
باب : قول الله تعالى : (( وكان الله سميعا بصيرا )) وقال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات فأنزل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) .
قال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت : ( الحمدلله الذي وسع سمعه الأصوات فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ... )) ).
الشيخ : قوله : (( وكان الله سميعا بصيرا )) هذان اسمان من أسماء الله السميع والبصير ويقرن الله سبحانه وتعالى بينهما كثيرا أي بين السميع والبصير أن بالسمع إدراك الأصوات وبالبصر إدراك الأفعال فالأقوال متعلقها السمع والأفعال البصر ولهذا يقرن الله تعالى بينهما كثيرا والسميع من أسماء الله تعالى وله معنيان : المعنى الأول :إدراك المسموع والمعنى الثاني : استجابة المسموع وعلى هذا - ويش الجلسة هذه ؟ - فالمعنى الأول إدراك المسموع والثاني استجابة المسموع طيب فمن الأول ما ذكره المؤلف رحمه الله قوله تعالى : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) ومن الثاني : قوله تعالى عن إبراهيم : (( إن ربي لسميع الدعاء )) أي لمجيبه وليس المراد (( لسميع الدعاء )) أنه لمدركه وسامعه لأن مجرد السمع لا يتناسب مع قول الداعي : (( إن ربي لسميع الدعاء )) وإنما الذي يتناسب مع دعائه استجابة الدعاء طيب ثم اعلم أن السمع بالمعنى الأول أي : بمعنى إدراك المسموع ينقسم إلى ثلاثة أقسام : عام وللتأييد وللتهديد، العام مثل هذه الآية : (( وكان الله سميعا بصيرا )) هذه عام يشمل كل ما يسمعه كل ما يسمع فسمع الله متعلق به فيسمع أصوات بني آدم وما يقولونه من خير وشر وأصوات البهائم وأصوات الحشرات حتى دبيب النمل على الصخرة الصماء يسمعها عز وجل لا يخفى عليه شيء وهذا هو السمع بالمعنى العام وتارة يراد به التهديد مثل قول الله تبارك وتعالى : (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) وقوله تعالى : (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) هذا المراد به التهديد والثالث الذي يراد به التأييد مثل قوله تعالى لموسى وهارون لما قالا : (( ربنا إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) المراد بالسمع هنا سمع التأييد والنصر والمدافعة فهذه السمع التي بمعنى إدراك المسموع أما السمع الذي بمعنى إجابة الداعي فمثله قوله تعالى (( إن ربي لسميع الدعاء )) وقول المصلي سمع الله لمن حمده سمع هنا بمعنى استجاب الله لمن حمده وليس المراد بذلك مجرد سماع صوت الحامد بل المراد استجابته فإذا قال قائل هل السمع يأتي بمعنى الاستجابة قلنا نعم يأتي بمعنى الاستجابة قال الله تعالى : (( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهو لا يسمعون )) معنى لا يسمعون أي لا يستجيبون وإلا فهم يسمعون الذكر يتلى عليهم يسمعونه من الناس ولكنهم لا يستجيبون طيب ثم اعلم أن سمع الله وبصره حقيقة وليست راجعة إلى العلم خلافا للمعتزلة الذين يقولون إن الله لا يسمع ولا يبصر والعياذ بالله وأن معنى السمع والبصر هو العلم بدون رؤية مفعول أو سماع مقول ولكن نقول أخطأتم خطأ كبيرا بل السمع غير العلم لأن علم الله تعالى متعلق بالشيء قبل أن يكون مسموعا وقبل أن يكون مبصرا فهو يعلم ما كان وما سيكون ثم ذكر حديث عائشة قالت : ( الحمد لله الذي سمعه الأصوات فأنزل الله على النبي (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) ) هذه امرأة جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها وكان زوجها قد ظاهر منها أي قال لها : أنت علي كظهر أمي وكانوا يعدون الظهار في الجاهلية طلاقا بائنا وجاءت تشتكي إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأنها كبرت وأن لها أولاد من زوجها وأن زوجها ظاهر منها تشتكي إلى الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم يحاورها وييسر عليها الأمر ولكنها أبت وأصرت فأنزل الله تعالى هذه الآيات بل الآيات (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) أي في شأنه (( وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير )) قالت عائشة : ( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات إني في الحجرة وإنه ليخفى علي بعض حديثها ) سبحان الله والله عز وجل فوق عرشه يسمع كلامها ويسمع محاورتها للنبي صلى الله عليه وسلم ومحاورته لها وتأمل كيف جاءت الآية بلفظ الماضي ولفظ المضارع (( قد سمع )) (( والله يسمع )) كما جاءت هذه المادة سمع بمعنى التعجب مثل قوله تعالى : (( أسمع به وأبصر )) يعني ما أسمعه وما أبصره .
6 - باب : قول الله تعالى : (( وكان الله سميعا بصيرا )) وقال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات فأنزل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) . أستمع حفظ
فوائد : تتعلق بإثبات صفة السمع لله عز وجل
أي دعائي الاستفتاح أولى هل هو(( باعد بيني وبين خطاياي..)) وبين (( سبحانك اللهم وبحمدك...))؟
الشيخ : ابن القيم رحمه الله في * زاد المعاد * رجح ( سبحانك اللهم وبحمدك ) على قول : ( اللهم باعد ) على عشرة أوجه ليس من هذا الوجه الذي تقول أن الثناء أفضل من الدعاء لكن مع ذلك لا نرجح إلا ما رجحه الرسول فإنه قوله : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي ) ثابت في الصحيحين وأجاب به النبي صلى الله عليه وسلم السؤال ولو كان هناك شيء آخر لقال وأقول أحيانا كذا ولذلك ضعف بعض العلماء قول : سبحانك اللهم وبحمده ضعف أن يكون مرفوعا أهل العلم، قال لأن الرسول قال لأبي هريرة أقول كذا وكذا هو عبارة عن شريعة عامة ولم يقل أحيانا أقول كذا لكنه لا شك أنه فيما يظهر والله أعلم أنه صحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بقوله فيما بعد للجمع بينه وبين حديث أبي هريرة لأن عمر بن الخطاب كان يقول : (سبحانك اللهم وبحمدك جهرا ليسمعها الناس ويتعلموها ) وهذا يدل على عنايته بها رضي الله عنه كما كان ابن عباس يقرأ الفاتحة في الصلاة على الميت جهرا ليعلم الناس أنها سنة ولكن الأحسن أن نأتي بهذا وهذا أحيانا ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي ) وأحيانا ( سبحانك اللهم وبحمدك ) ليحصل على السنتين جميعا.
8 - أي دعائي الاستفتاح أولى هل هو(( باعد بيني وبين خطاياي..)) وبين (( سبحانك اللهم وبحمدك...))؟ أستمع حفظ
هل يجوز إضافة الأشياء الخبيثة إلى الله إضافة خاصة ؟
الشيخ : هذا غير عندما ... كونك تدعو تقول : اللهم سلط عليه كلبا أو ذئبا أو حية لا تقل من خلق الكلاب على وجه مخصوص تقول خلق كل شيء خلق الآدمي خلق البعير خلق البقر خلق الكلب إلا أننا استثنينا في الدرس إذا كان ذلك دفعا لقول من ينكر هذا فيقول إن الله لم يخلق الأشياء الخبيثة لأنه بزعمهم لا فائدة منها فنقول بل خلقها .
السائل : ... .
الشيخ : ما هو بالظاهر السميع بمعنى مسمع ما تأتي إلا بقرينة أما عند الاطلاق ما تأتي.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال البخاري رحمه الله تعالى حدثنا سليمان بن حرب .
خلاصة الكلام على الباب السابق
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك به
الشيخ : هذا الحديث يقول : ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ) أبو موسى عبد الله بن قيس ( فكنا إذا علونا كبرنا ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد علمهم إذا علو كبروا وإذا هبطوا واديا سبحوا والمناسبة في هذا ظاهرة لأن العلو ارتفاع فإذا ارتفع الإنسان يرى في نفسه الكبرياء فيقول الله أكبر إذا نزل فالنزول سفل والسفل نقص فكان من المناسب أن يسبح الله عز وجل فإذا نزلت واديا فقل : سبحان الله وإذا علوت فقل : الله أكبر ومثل ذلك فيما يظهر الطائرة عند صعودها تقول : الله أكبر وعند نزولها تقول : سبحان الله لأن هذا النزول إلى أسفل كانوا يكبرون ولكنهم يرفعون أصواتهم ويشقون على أنفسهم بالتكبير فقال : ( اربعوا على أنفسكم ) أي هونوا عليها لا تشقوا عليها ( فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا ) وهنا قال لا تدعون ولم يقل لا تكبرون لأصم وذلك لأن الذكر يتضمن الدعاء فإن الذاكر إنما يذكر الله لماذا لأي شيء؟ ليثيبه على ذلك فهو دعاء بلسان الحال لو سألت الذاكر لم تذكر الله قال : ليثيبني لهذا قال لا تدعون ويحتمل أنهم يكبرون ويدعون فحذف الدعاء من التكبير وذكر التكبير ولكن الأول أقرب أن الذكر دعاء لأن الذاكر يدعو الله تعالى بلسان حاله ( لا تدعون أصما ) يعني لا يسمع حتى ترفعوا أصواتكم له. ولا غائبا يخفى عليه حالكم إنما تدعون سميعا بصيرا. سميعا ضد أصم وبصيرا ضد أعمى وهنا لم يتعرض بالعمى لكن ذكره في الثاني لأن الله تعالى دائما يقرن بين قوله سميع بصير المراد بالسمع إدراك المسموعات وبالبصر إدراك المرئيات قريبا هذا ضد غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا وفي لفظ آخر ( إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) وهم على رواحل فهو أقرب من عنق الراحلة عز وجل ففي هذا الحديث ما في الترجمة وهي قوله سميع بصير. باب (( وكان الله سميعا بصيرا )) وقوله : بصيرا البصير من يدرك المبصرات فهو جل وعلا لا يخفى عليه شيء يدركه وقوله قريبا هل المراد القرب بالذات أو المراد القرب بالعلم ؟ إذا أجرينا اللفظ على ظاهره قلنا إنه قريب بذاته وقد نص ابن القيم رحمه الله على ذلك في كتابه * الصواعق المرسلة * على أنه قرب ذاتي أنه قريب بذاته ولكن يشكل علينا إذا كان قريبا بذاته أليس هو فوق عرشه إذن كيف يمكن الجمع ؟ نقول إن صفات الله عز وجل لا تشبه صفات المخلوقين ولهذا قال شيخ الاسلام في العقيدة الواسطية : " إن الله قريب في علوه علي في دنوه " فهو عز وجل جامع بين العلو وبين القرب وهو قرب حقيقي والأصل أن كل شيء يضاف إلى الله فهو يضاف إليه ذاته هذا هو الأصل لكن يكون من لوازم الأشياء مثلا قربه يلزم العلم وسمعه وبصره وتدبيره وغير ذلك من لوازم الربوبية طيب ثم ( أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله ) في نفسي يعني لا أنطق به بلساني لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول جملة مركبة من لا النافية للجنس واسمها فأين خبرها ؟ خبرها محذوف أي لا حول كائن ولا قوة كائنة إلا بالله فما معنى الحول وما معنى القوة ؟ معنى الحول التحول من حال إلى حال فلا تحول لنا من حال إلى حال إلا بالله القوة معروفة ضد الضعف ولا قوة لنا أيضا إلا بالله والباء هنا للسببية أو للإعانة المعنى لا نستطيع أن نتحول ولا نقوى على ذلك إلا بالله عز وجل وهذه الكلمة كلمة استعانة وليست كلمة استرجاع خلافا لاستعمال العامة لها فإن العامة يستعملونها للاسترجاع فإذا أصيب بمصيبة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله. والصواب أنك إذا أصبت بمصيبة تقول إنا لله وإنا إليه راجعون لكن لاستعمالهم إياها وجه كأنهم يستعينون بها على تحمل الصبر وتلقي المصيبة لكن ما ورد وهو الاسترجاع أفضل وأحسن فقال لي : ( يا عبد الله بن قيس ) وهو أبو موسى الأشعري ( قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ) فينبغي للإنسان أنه إذا أصابه أمر هام أن يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله لأنها كلمة استعانة ولهذا نقول في إجابة المؤذن إذا قال : حي على الصلاة حي على الفلاح نقول لا حول ولا قوة إلا بالله.
11 - حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك به أستمع حفظ
كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم( إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) وبين قوله تعالى: (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ))؟
الشيخ : يقول : ما الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم إلى عنق راحلته ) وبين قوله تعالى : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) وكأن الأخ السائل يريد أن ينبهنا على الكلام على القرب ولا بأس القرب قرب الله عز وجل قسمه بعض العلماء إلى قسمين قرب عام وقرب خاص. فالقرب العام هو قرب الإحاطة وهو شامل لكل أحد واستدل هؤلاء بقوله تعالى : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد )) قالوا إن هذا عام لأن الله يقول : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) والقرب الخاص مثل قوله تعالى : (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )) يعني إذا سألك عبادي عني إذا دعوني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فيكون هذا قرب خاص بمن يدعوه وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) وهذا قرب العابد القرب الخاص قرب الداعي وقرب العابد والعام الشامل لكل أحد ولكن شيخ الإسلام رحمه الله أبى ذلك وقال : " إن القرب لا ينقسم القرب لا يكون إلا ممن يستحق القرب وهو الداعي والعابد " قال : الداعي مع الله يناجي ربه والعابد كذلك يناجي ربه فهذا لذي يستحق أن يكون الله قريبا منه أما غير ذلك فلا وأجاب عن الآيات الكريمة عن قوله تعالى : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) قال : " إن هذا قرب الكتبة " بدليل قوله : (( إذ يتلقى المتلقيان )) فإن إذ ظرف لا بد له من متعلق ولا متعلق له فيما نعلم إلا كلمة أقرب التي سبقته يعني ونحن أقرب حين يتلقى المتلقيان فيكون المراد بالقرب هنا قرب الملائكة قال : ومثله قول الله تعالى في المحتضر : (( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )) قال : ولم يرد في الكتاب والسنة القرب العام لكل أحد بخلاف المعية وردت عامة وخاصة كما قال تعالى : (( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا )) ووردت خاصة مثل (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) لأن المعية أوسع من القرب القرب واضح لأن القرب دنو يلقي بجلاله وعظمته لا يلزم منه انتفاء العلو وإن كان قريبا لأن الإنسان ما يتصور كيف تكون هذه الصفات لله عز وجل هي أعظم من أن يدركه العقل إذا كان الله سبحانه وتعالى وسع كرسيه السماوات والأرض والكرسي موضع القدمين فكيف بالعرش كيف بالرب عز وجل شيء لا يمكن تصور يعني لا تمكن الإحاطة به فإذن القرب ينقسم عند بعض العلماء إلى قسمين والراجح أنه لا ينقسم وأنه خاص بالعابد والداعي فقط.
12 - كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم( إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) وبين قوله تعالى: (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ))؟ أستمع حفظ
هل المقصود في قول النبي صلى الله عليه وسلم(( كنز من كنوز الجنة)) التأكيد عليها أو التكثير منها؟
الشيخ : لا الظاهر المقصود التكثير التوكيد وكأنه قال له داوم عليها فإنها كنز من كنوز الجنة.
13 - هل المقصود في قول النبي صلى الله عليه وسلم(( كنز من كنوز الجنة)) التأكيد عليها أو التكثير منها؟ أستمع حفظ
هل يقال أن الله وهو فوق عرشه قريب من عباده ولا يمنع علوه قربه من عباده؟
الشيخ : فلا يمنع علوه من قربه نعم صحيح.
حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبد الله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال قل (( اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرةً إنك أنت الغفور الرحيم)).
الشيخ : هذا أبو بكر رضي الله عنه أحب الناس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام حتى إنه قال : ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ) سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الخلق للخلق ولا سيما لأبي بكر الذي هو أحب الناس إليه في أشرف عباده يتعبد بها الإنسان إلى ربه وهي الصلاة فهذا الدعاء الذي علمه النبي عليه الصلاة والسلام لأبي بكر يتبين لك عظمه أنه من أبي بكر وبتوجيه من ؟ الرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أشرف الأعمال وهي الصلاة إذن فهو دعاء عظيم وقوله : ( في صلاتي ) لم يبين موضعه من الصلاة فيحتمل أن يكون في السجود لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء ) ويحتمل أن يكون بعد التشهد الأخير لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما ذكر التشهد قال : ( وليتخير من الدعاء ما شاء أعجبه ) ولعل هذا أولى أن يكون بعد التشهد الأخير أي عند السلام لأن التشهد الأخير فيه ثناء على الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على وجه مشروع بالتعيين. فإننا مأمورون في التشهد الأخير بالتحيات لله والشهادة له بالوحدانية والصلاة على رسوله والتبريك على رسوله وحينئذ يكون مقدمة الدعاء مأمورا بها فيكون أولى ما يذكر هذا الدعاء عند السلام بعد التشهد الأخير. وفي هذا الدعاء جمع لجميع أنواع الدعاء لأن الدعاء يشمل إما الثناء على المدعو أو الاعتراف بالذنب وذكر الحال أو الجمع بينهما والحديث جمع بين هذا كله ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) هذا ذكر حال الداعي وذكر حال الداعي وسيلة لإجابة الدعاء كما قال موسى : (( رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير )) هنا ما ذكر إلا حاله فقط فقير لما أنزل الله إليه من خير، ذكر الحال واعترافه بالحالة التي هو عليها وبماذا يكون ظلم الإنسان نفسه ؟ يكون إما بترك واجب وإما بفعل المحرم وقوله : ( ظلما كثيرا ) وردت في بعض الروايات ( كبيرا ) قال بعض العلماء : والأفضل أن يجمع بينهما فيقول : ظلما كثيرا كبيرا ولكن هذا ضعيف أن يجمع بينهما والصواب أن يقول بأرجحها وأرجحهما كثيرا ويقتصر عليها وقوله : ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ) هذا ثناء على الله فذكر حال نفسه وذكر الثناء على ربه ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ) ما المراد بالذنوب هنا ؟ الذنوب التي بين العبد وبين ربه فإنه لا يغفرها إلا الله أما الذنوب التي بينه وبين غيره من الخلق فإن الإنسان يغفرها لغيره (( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله )) (( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم )) فإذن الذنوب التي بين الإنسان والناس يغفرها الناس والذنوب التي بينك وبين الله لا يغفرها إلا الله ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ) والذنوب هي المعاصي والآثام التي تكون على الإنسان ( فاغفر لي ) هذا الدعاء لكن هذا الدعاء سبقه ثناء واعتراف ( من عندك مغفرة ) أضاف إلى الله من عنده لأن العطاء يكون على حسب المعطي فإذا كانت من عند الله فلا بد أن تكون مغفرة عظيمة لا تغادر ذنبا ( إنك انت الغفور الرحيم ) هذا ثناء أيضا على الله تعالى وتوسل إليه باسمه الغفور الرحيم. طيب هل في هذا الحديث ذكر للسمع والبصر لأن الترجمة باب وكان الله سميعا بصيرا شوف ابن حجر.
15 - حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبد الله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال قل (( اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرةً إنك أنت الغفور الرحيم)). أستمع حفظ