تتمة شرح الحديث : حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبد الله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرةً إنك أنت الغفور الرحيم
1 - تتمة شرح الحديث : حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبد الله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرةً إنك أنت الغفور الرحيم أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ
الشيخ : قبل.
القارئ : " وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة وفي الدعوات مع شرحه وبيان من جعله من رواية عبد الله بن عمرو وذكر وجعله من حسنه أبي بكر وأشار ابن بطال إلى أن مناسبته للترجمة أن دعاء أبي بكر لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي أن الله سميع لدعائه ومجازيه عليه وقال غيره حديث أبي بكر ليس مطابقا للترجمة إذ ليس فيه ذكر صفتي السمع والبصر لكنه ذكر لازمهما من جهة أن فائدة الدعاء إجابة الداعي لمطلوبه فلولا أن سمعه سبحانه وتعالى يتعلق بالسر كما يتعلق بالجهر لما حصلت فائدة الدعاء أو كان يقيده بمن يجهر بدعائه انتهى من كلام ابن المنير ملخصا. وقال الكرماني : لما كان بعض الذنوب مما يسمع وبعضها ومنها مما يبصر لم تقع مغفرته إلا بعد الإسماع والإبصار.
تنبيه : المشهور في الروايات ( ظلما كثيرا ) بالمثلثة ووقع هنا للقابسي موحدة انتهى ".
الشيخ : على كل حال هذه المناسبات التي ذكروها واللوازم فيها نظر لأننا لو أخذنا باللوازم لوجدنا أسماء كثيرة تدخل ضمن الترجمة ولكن الذي يظهر والله أعلم أن البخاري رحمه الله جعله في هذا الباب في هذه الترجمة (( وكان الله سميعا بصيرا )) لأنه تضمن المغفرة والرحمة ولكن حتى لو قلنا بهذا ما أستطيع أن نقول أن هناك مناسبة بينه وأما كونه من لازم إجابة الدعاء أن يكون قد سمع وأبصر فهذا ما يكفي في المناسبة فالله أعلم.
المهم أن نقول بالنسبة للدعاء تارة يكون بذكر حال الداعي فقط مثل قول موسى لما توجه تلقاء مدين سقى لهما ثم تولى إلى الظل : (( قال رب لما أنزلت إلى من خير فقير )) هذا ذكر حاله وتارة يكون بالدعاء المباشر بأن يقول الإنسان رب اغفر لي وارحمني كما في الجلسة بين السجدتين وتارة يكون بالثناء على الله المجرد كقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( خير الدعاء دعاء عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون لا إله إلا الله ) وتارة يكون بالجمع بينهما بين اثنين أو بين الثلاثة وهذا الحديث تضمن الجمع بين الثلاثة .
السائل : ... .
الشيخ : عن مناسبة الحديث ببترجمة أعطها لعبد الرحمن. عشان يسمعنا .
القارئ : " يقول والمقصود من الحديث في هذا الباب أن المدعو لا بد أن يكون سميعا يسمع دعوة الداعي إذا دعاه بصيرا بحاله يبصر إليه ما طلب بقدرته وإلا دعوته تكون ضلالا وسدى ففي الدعاء واستجابة الله بعبده الداعي قرآن أن الله سميع بصير قادر حي عليم وقد قال الله تعالى من يدعو من لا يسمع ولا يبصر : (( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة )) الآية وقال الله تعالى لخليله إبراهيم : (( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر )) وقد قال ابن عقيل : قد ندب الله إلى الدعاء وفي ذلك معان : أحدها : الوجود أي أنه من ليس بموجود لا يدعى ، والثاني : الغني فإن الفقير لا يدعى ، الثالث : السمع فإن الأصم لا يدعى ، الرابع : الكرم فإن البخيل لا يدعى ، الخامس الرحمة : فإن القاسي لا يدعى ، السادس : القدرة فإن العاجز لا يدعى ".
" ومن يقول بالطبائع يعلم أن النار لا يقال لها كفى والنجم لا يقال له أصلح مزاجي لأن هذه عندهم مؤثرة طبعا لا اختيارا فشرع الدعاء وصلاة الاستسقاء ليبين كذب أهل الطبائع. وفعل السمع يراد به أربعة معان أحدها : سمع وإدراك ومتعلقه بها الأصوات ، والثاني : سمع وفهم وعقل ومتعلقه المعاني. الثالث: سمع إجابة وإعطاء ما سئل. الرابع : سمع قبول وانقياد فمن الأول : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) (( ولقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) ومن الثاني : (( لا تقولوا راعنا لكن قولوا انظرنا واسمعوا )) أي سمع فهم وعقل ".
الشيخ : سمع فهم وعقل واستجابة.
القارئ : " ومن الثالث: ( سمع الله لمن حمده ). ومن الرابع (( سماعون للكذب )) أي قابلون له ومنقادون فسمع الإدراك يتعدى بنفسه ".
الشيخ : المهم أن هذا حتى كالأول ذكروا المناسبة الملازمة .
السائل : ... الصوت العالي والصوت الخفي ... .
الشيخ : يمكن لكن كلها بطريق اللزوم يعني إذا أخذنا بطريق اللزوم نجد أبوابا كثيرة تنفتح لنا ... .
بصر الله سبحانه وتعالى هل يتعلق بصفات الذات أم بصفات الأفعال ؟
الشيخ : من صفات الذات لكن رؤية العناية من صفات الأفعال.
الظاهر أن الصحابة كانوا يؤمنون بما في الأسماء من الصفات وهذا سبب الدعاء بها؟
الشيخ : لا على كل حال حتى هذا لا يصح كان أن المتبادر أن الاسم الدال على نفس الترجمة.
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني عروة أن عائشة رضي الله عنها حدثته قال النبي صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام ناداني قال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك
لشيخ : الشاهد قوله : ( قد سمع قول قومك وما ردوا عليك ) فدل ذلك على تعلق سمع الله بكل ما يسمع.
5 - حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني عروة أن عائشة رضي الله عنها حدثته قال النبي صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام ناداني قال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك أستمع حفظ
باب : قول الله تعالى : (( قل هو القادر )) .
حدثني إبراهيم بن منذر قال حدثنا معن بن عيسى قال حدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي قال سمعت محمد بن المنكود يحدث عبد الله بن الحسن يقول أخبرني جابر بن عبد الله السلامي قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلم السورة من القرآن يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك بأنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر ثم يسميه بعينه خيرا لي في عاجل أمري وآجله قال أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه اللهم إن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ) .
الشيخ : هذا أيضا من أسماء الله عز وجل القادر والقدير والمقتدر لكن القادر جاءت مقيدة مثل قوله تعالى : (( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا )) أما القدير والمقتدر فجاءت مطلقة مثل : (( وهو العليم القدير )) وجاءت مقيدة لكنها بالعموم : (( على كل شيء قدير )) والمقتدر جاءت مطلقة : (( في مقعد صدق عند مليك مقتدر )) وهذه كلها تعود إلى معنى واحد ألا وهو القدرة والقدرة هي فعل الفاعل بدون عجز فالذي يقابل القدرة هو العجز والدليل على هذا قول الله تعالى : (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) قال: (( وما كان ليعجزه )) وعلل ذلك أنه عليم قدير والعليم ضده الجاهل والقدير ضده العاجز والجاهل معلوم أنه يعجزه الشيء فإن الإنسان قد يكون قادرا غير عاجز لكن لجهله بالشيء لا يستطيع أن يفعله وقد يكون الإنسان عالما لكنه عاجز فلا يستطيع أن يفعل فالله عز وجل لا يمنعه شيء ولا يعجزه شيء لأنه عليم قدير ثم القدرة متعلقة بكل شيء عامة في كل شيء كقول الله تبارك وتعالى : (( وكان الله على كل شيء قديرا )) فلم تعلق القدرة بالمشيئة فهو قادر على ما يشاء وما لا يشاء وأما قوله تعالى : (( وهو على جمعهم إذا يشاء قدير )) فالتعليق بالمشيئة هنا لا يعود على القدرة بل هو يعود على الجمع يعني إذا شاء جمعهم فإنه ليس بعاجز عنه بل هو قدير عليهم ومن هنا تعرف أن قول بعض الناس إنه على ما يشاء قدير خطأ لأنه إذا قال إنه على ما يشاء قدير فخصصوا القدرة بما يشاء لزم من ذلك أن يكون غير قادر على الذي لا يشاؤه ثم يأتينا مذهب المعتزلة من هذه الناحية حيث يقولون إن الله سبحانه وتعالى لا يشاء أفعال العباد وعلى هذا فيكون الله غير قادر على أفعال العباد لأنه لا يشاؤها فلذلك ينبغي أن ينبه القائلون على هذه المسألة وأما ما جاء في الحديث الذي أخبر به النبي عن آخر الناس دخولا الجنة حيث قال الله تبارك وتعالى له : ( إني على ما أشاء قادر ) فإن هذا متعلق بفعل خاص والمتعلق بفعل خاص يبين أن الله قادر عليه إذا شاءه ولهذا قال على ما أشاء قادر ولم يقل قدير لأنه متعلق بفعل خاص فمثلا لو رأينا أمرا استغربناه إما لاستبعاده أو لعظمته فإنا نقول إن الله على ما يشاء قادر يعني فلما شاء هذا الشيء كان قادرا عليه أما إذا أردنا أن نأتي بالاسم والوصف على الإطلاق فإنا لا نقول على ما يشاء خوفا من أن يتوهم من ذلك أن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه مع أن الله تعالى قادر على كل شيء على ما شاء وعلى ما لم يشاء لكن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ويذكر أن جنود الشيطان قالوا له نراك تفرح إذا مات العالم أكثر مما تفرح إذا مات العابد لأن العالم أشد على الشيطان من العابد فقال نعم قال عن نفسه أنه يفرح بموت عالم أكثر مما يفرح بموت ألف عابد وسأختبر العالم والعابد يقول إنه أرسل جنوده إلى العابد هل يقدر الله أن يجعل السماوات والأرض في جوف بيضة ؟ العابد على طبيعته قال : لا يقدر أن يجعل السماوات والأرض في جوف بيضة فرجع الجنود إلى زعيمهم وقالوا إنه قال إنه لا يقدر فقال : إنه نفى قدرة الله ثم أرسلهم إلى العالم فقالوا هل يقدر الله أن يجعل السماوات والأرض في جوف بيضة قال نعم قالوا كيف ذلك ؟ قال (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فإذا أمر الله السماوات والأرض أن تكون في البيضة صارت إما أن تصغر السماوات والأرض وإما أن تكبر البيضة المهم إذا أراد الله ذلك قال له كن فيكون فالحاصل إن القدرة تتعلق بكل شيء (( إن الله على كل شيء قدير )) لكن ذكر بعض العلماء أن القدرة لا تتعلق بالمستحيل لأن المستحيل مستحيل الوجود فمثلا هل يمكن أن يكون المتحرك ساكنا في حال تحركه ؟ ما يمكن أن يكون المتحرك ساكن في حال تحركه هو الآن متحرك فنقول هو ساكن ولا ما يمكن ؟ ما يمكن قالوا فلو قيل هل يمكن أن يجعل الله المتحرك ساكنا في آن واحد ؟ لا يمكن لماذا ؟ لأنه إن تحرك لم يسكن وإن سكن لم يتحرك أما الله قادر على أن يجعل المتحرك ساكنا يعني يؤول إلى أن يكون ساكنا والساكن إلى أن يكون متحركا ولهذا قال السفاريني في عقيدته : " واقتدر بقدرة تعلقت بممكن " ليش ؟ لأن المستحيل عدم ليس بشيء لكن مع ذلك بالنسبة لطالب العلم قد يتحمل مثل هذا التفصيل لأنه يعرف أن المستحيل على اسمه لكن العامي لا ينبغي له أن يفصل له هذا التفصيل لأن عقله لا يدرك هذا الشيء فيقال للعامي إن الله على كل شيء قدير بس، ذكر صاحب الجلالين في سورة المائدة على قول الله تبارك وتعالى : (( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير )) قال : " وخص العقل ذاته أي ذات الله فليس عليها بقادر " ويش العقل اللي خص ذاته ما هو ؟ عقل من لم يقدر الله حق قدره فما معنى قولك ؟ خص العقل ذاته فليس عليها بقادر إن أردت ليس عليها بقادر ليس بقادر على أن يخلق مثله فنقول هذا لم تتعلق به القدرة أصلا أو ليس بقادر على أن يهلك نفسه فهذا لم تتعلق به القدرة أصلا أم تريد أن تنفي الأفعال الاختيارية كما هو مرادهم فلا يقدر على أن ينزل ولا على أن يستوي إلى السماء ولا على أن يستوى على العرش ولا على أن يضحك ولا على أن يغضب فإننا لا نوافقك على هذا وأنتم تعلمون أن الأشاعرة وكثيرا ممن وافقهم على ذلك يرون أنه لا يمكن أن تقوم الأفعال الاختيارية في الله عز وجل يعني ما يمكن أن يفعل فعلا يختاره أبدا نزول استواء مجيء ضحك غضب ما يمكن معروف هذا أصلا من أصولهم أن الأفعال الاختيارية لا تقوم بذات الله فلهذا قال بناء على هذه العقيدة الفاسدة قال : " خص العقل ذاته فليس عليها بقادر " وقد عرفتم التفصيل في هذا فقلنا إن أراد بذلك ما يستحيل في حق الله فهذا حق لن يكون لكننا لا نقول غير قادر عليه ماذا نقول ؟ نقول إن القدرة لا تتعلق به أصلا وإن أراد بذلك أفعال الله الاختيارية أنه لا يقدر أن يأتي أو يستوي على العرش أو يستوي إلى السماء ونحو ذلك فنحن لا نقره على هذا بل نقول إن الله قال في كتابه : (( ويفعل الله ما يشاء )) وقال : (( فعال لما يريد )) وقال : (( إن ربك فعال لما يريد )) واضح يا جماعة لهذا ينبغي لطالب العلم إذا أتى على مثل هذه الكلمات الخطيرة أن يعلق على الكتاب إذا كان عنده علم يدفع به هذا الخطأ وأما إذا لم يكن له علم فلا يعلق لكن إذا كان عنده علم وكانت المسألة لا بد من التنبيه عليها فليعلق جزاه الله خيرا لأن الكتاب يمكن أن يقرأ من بعده فيعلق عليه مثلا فيقال هذه الكلمة على إطلاقها غير صحيحة ويفصل هذا التفصيل الذي ذكرنا. وخلاصة الكلام الآن أن من أسماء الله تعالى القدير والمقتدر والقادر لكنها مقيدة فتكون من أوصاف الفعل ثم إن القدرة نقول إنها لا تعلق بالمشيئة فلا يقال إن الله على ما يشاء قدير بل يقال إن الله على كل شيء قدير كما قال تعالى عن نفسه والقدرة هي الفعل بلا عجز.
حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معن بن عيسى حدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي قال سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن يقول أخبرني جابر بن عبد الله السلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن يقول ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر ثم تسميه بعينه خيرًا لي في عاجل أمري وآجله قال أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم سبق الكلام على اسم الله القدير وبيان ما يدل عليه من القدرة وسبق لنا أن القدير من الأسماء العامة وأن القدرة صفة ذاتية لم يزل ولل يزال متصفا بها وأن حدوث المقدور عليه لا يقتضي حدوث القدرة لأن الله لا يزال متصفا بها كما أن حدوث المعلوم لايلزم منه حدوث العلم وحدوث المسموع لا يلزم منه حدوث السمع فالسمع لم يزل الله ولا يزال سميعا لم يزل الله ولا يزال عالما لكن الذي يحدث هو المسموع أو المعلوم أو المقدور عليه بخلاف الصفات الفعلية فإن الصفة نفسها تحدث النزول إلى السماء الدنيا حين يبقى الثالث الآخر هذا فعل متى حدث ؟ لما مضى ثلث الليل لما بقي الثلث حدث النزول ثم بعد ذلك إذا طلع الفجر انتهى النزول خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش متى حدث الاستواء ؟ بعد خلق السماوات والأرض طيب (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه )) متى حدث الكلام ؟ بعد مجيء موسى فالصفات الفعلية تتجدد أفرادها وآحادها أما أصلها فهو قديم لم يزل ولا يزال الله تعالى فعالا لكن آحاد هذه الأفعال هي التي تحدث ولو قلنا بأنه لا يمكن أن يحدث من الله فعل لزم أن يكون معطلا عن الأفعال وهذا نقص عظيم.
أما الصفات الذاتية فإنها لا تحدث لم يزل ولا يزال متصفا بها مثل العلم والقدرة والسمع والبصر لكن الذي يحدث هو المخلوق المعلوم المسموع المبصر المقدور عليه وما أشبه ذلك وهذا لا يعني أن القدرة تتجدد أو السمع أو البصر فإن قال قائل ما نقول في قول الله تعالى : (( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين )) حتى نعلم نقول الجواب على هذا أن العلم علمان علم سابق يعلمه سبحانه وتعالى بإن هذا الشي سيحدث وعلم لاحق يعلم سبحانه أنه حدث وهذا العلم هو الذي يترتب عليه الجزاء الثواب والعقوبة واضح حينئذ يكون التجدد ليس للعلم ولكن للمعلوم ويختلف تعلق العلم بالمعلوم قبل وجوده وبعد وجوده ولهذا قال بعض العلماء : حتى نعلم علم ظهور وهذا معنى ما قلنا وبعضهم قال : حتى نعلم علما يترتب عليه الثواب والعقاب وهذا أيضا معنى ما قلنا - يرحمك الله - ثم ذكر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وفي سنده نكتة يعني قد تكون نادرة الوجود وهي تحديث الإنسان بحديث يحدث به غيره يعني لا يوجه إلقاء الحديث إليه يوجه إلى غيره فيحدث به هو وذلك في قوله سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن يقول أخبرني جابر محمد بن المنكدر يحدث من ؟ عبد الله بن الحسن وابن أبي الموالي نقله عن محمد بن المنكدر مع أنه يلقى الحديث إلى عبد الله بن الحسن وهذا نادر أن الغالب أن الراوي يروي الحديث عمن ألقاه إليه ولكن لا حرج أن الإنسان إذا سمع شخصا آخر يحدث آخر أن ينقله عنه وإن لم يوجه الخطاب إليه خصوصا في الأمور الشرعية.
الشاهد من هذا الحديث قوله : ( أستقدرك بقدرتك ) والبخاري رحمه الله عنده فهم عميق أتى بحديث الاستخارة ليبين أن أسماء الله عز وجل متضمنة لما تدل عليه من المعاني والصفات لأن الباب باب : هو القادر على أن يبعث القادر اسم فاعل وحديث الاستخارة قدرته ليبين أن أسماء الله متضمنة للصفات ليست أسماء جامدة لا تحمل معنى بل هي أسماء مشتقة تحمل المعنى الذي اشتقت منه وهي القدرة وقوله :الاستخارة ( يعلم أصحابه الاستخارة ) يعني طلب خير الأمرين استخرت طلبت منه خير الأمرين وقوله : ( في الأمور كلها ) هذا عام يراد به الخاص والمراد به الأمور التي يشكل على الإنسان وجهها أما ما لا يشكل فلا حاجة للإنسان الاستخارة فيه لأن الإنسان عازم فلا يحتاج أن يستخير ولهذا لو أراد الإنسان أن يسافر لزيارة قريب أو لتجارة أو ما أشبه ذلك وهو عازم فإنه لا حاجة للاستخارة وإلا لقلنا إن الإنسان يصلي دائما صلاة الاستخارة لأن الإنسان حارث وهمام دائما يهم في الأمور لكن الأمور المراد بذلك الأمور التي لا يتبين للإنسان وجهها فيتحير وحينئذ لا مجال له إلا الله عز وجل وقوله : (كما يعلم السورة من القرآن ) يدل على الاهتمام بهذه الاستخارة كما علمهم التشهد في الصلاة كما يعلمهم السورة من القرآن وهذا الدعاء والثناء على الله عز وجل جعله الله عز وجل بديلا لما كان يصنع في الجاهلية. في الجاهلية يستسقون بالأزلام يعني يطلبون ما يقسم لهم بواسطة الأزلام وهي أقداح تجعل في كيس أو ما أشبه ذلك مكتوب على واحد منها افعل وعلى الثاني لا تفعل والثالث ما في كتابة ثم يعملون فيها عملا ثم يخرج الإنسان واحدا إن خرج افعل فعل لا تفعل لم يفعل خرج الذي ليس فيه شيء يكون متوقفا ثم إنه يعيد الاستقسام مرة أخرى أو يدع الأمر مع الشك لكن أبدل الله تعالى الناس بهذا الدعاء قال : ( فليركع ركعتين من غير الفريضة ) وقوله من غير الفريضة يعني النافلة وهل يكفي عن هاتين الركعتين الراتبة مثلا أو سنة الضحى ؟ يحتمل أن تكون مجزئة لقوله : ( من غير الفريضة ) ويحتمل أنه لا بد من صلاة مستقلة وهو الأحوط أن يصلي صلاة مستقلة ثم ليقل وظاهر الحديث أن هذا الدعاء يكون بعد السلام لأنه لا يصدق عليه أنه صلى ركعتين حتى يفرغ منهما يقول : ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) يعني أطلب خير الأمرين حسب ما تعلمه ( وأستقدرك بقدرتك ) أطلب منك القدرة بقدرتك فهو توسل بالقدرة على أن يقدر على الأمر ( وأسألك من فضلك) لأن الإنسان قد يقدر على الشيء ويحصل له الشيء لكنه لا يناله من الله فضل به ولا بركة فيسأل الله من فضله ( فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ) في هذه الجملة لف ونشر مرتب ولا غير مرتب ؟ غير مرتب لأنه قدم العلم في الجملة الأولى على القدرة وفي الجملة الثانية قدم القدرة على العلم ولو كان لف ونشر مرتبا لبدأ بالعلم قبل القدرة قال : ( وأستقدرك بقدرتك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم هذا الأمر ) أي أمر ؟ الذي يريد أن يستخير الله فيه ثم يسميه بعينه ( خيرا لي ) هذه مفعول ثاني لتعلم ( في عاجل أمري وآجله قال أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ) هذه شك من الراوي هل قال في عاجل أمري وآجله أو قال في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ؟ رجح بعض العلماء الأول لعمومه ورجح بعضهم الثاني لأن العاجل السابق قد انقضى ولكن ليس هذا الوجه الأخير بمرجح لأن المراد بعاجل أمري ليس الذي انقضى بلا شك مراده بعاجل أمره ما يأتي بعد الاستخارة مباشرة ولو قال قائل لو أن الإنسان جمع بين هذه الجمل في عاجل أمري وآجله وديني ومعاشي وعاقبة أمري لو قال قائل يجمع بينها فلا حرج لأن الدعاء ينبغي فيه القصد أو نقول إن شك الراوي يقتضي أن الذي يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحد من الأمرين وحينئذ يرجح الإنسان ما يراه أنه راجحا فيقوله. قلنا ترجيح الجملة الأولى في عاجل أمري وآجله للعموم لأن كلمة أمري يعني شأني وهو عام لكونه مضافا مفردا مضافا الثاني فيها شيء من التفصيل ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيها شيء من التفصيل والتخصيص فليس فيها عموم لكن التفصيل قد يكون أحسن في باب الدعاء يقول : ( فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ) ثلاثة جمل اقدره : يعني بعلمك ومشيئتك ويسره : بحيث لا يكون فيه موانع ثم بارك لي فيه أي اجعل لي فيه بركة والبركة هي الخير الواسع الثابت وأصله من البركة والبركة مجمع الماء وهي كثيرة واسعة والماء فيه يمكث ويثبت ( اللهم فإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ) في بعض الألفاظ ( واصرفه عني واصرفني عنه ثم اقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ) : أي رب اجعلني راضيا به. هذه الدعاء ينبغي للإنسان إذا هم بالأمر وأشكل عليه وجه الصواب منه أن يصلي ركعتين ويستخير الله فإن بان له الأمر وإن لم يبن أعاد الاستخارة وقال بعض العلماء : إن لم يبن استشار ذوي الرأي والصلاح والخبرة ثم إما أن يقروه على هذا أو على هذا وقال آخرون بل يقدم المشورة والصحيح أنه يقدم الاستخارة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا هم أحدكم من الأمر فليصل ركعتين ) فيقدم أولا الاستخارة ثم إن بدا له وجه الصواب فذلك المطلوب وإلا أعاد الاستخارة مرة ثانية واستشار ذوي الخبرة والصلاح والأمانة .
7 - حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معن بن عيسى حدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي قال سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن يقول أخبرني جابر بن عبد الله السلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن يقول ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر ثم تسميه بعينه خيرًا لي في عاجل أمري وآجله قال أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)). أستمع حفظ
كيف يستبين للفرد وجه الأمر في الإستخارة؟
الشيخ : يبين له الأمر بوجوه أولا : اطمئنانه لأحد الأمرين يعني يرى أنه رضي واطمأن. ثانيا : أنه ربما يرى في المنام ما يقوي أحد الاحتمالين، ثالثا : ربما يسمع كلاما يتفاءل به على أحد الأمرين رابعا : أنه يتيسر له الوصول إلى أحد الأمرين ويتعسر الأمر الثاني.
هل يجوز الاستخارة في اختيار الشريك؟
الشيخ : هذا هو مضمون الدعاء الآن اقدره لي ويسره لي لا والمنام أيضا هذا مما يعينك ويشجعك على الفعل والإقدام .
هل يجوز الإستخارة في الأحكام الشرعية؟
الشيخ : الواجب لا يستخير الله فيه إلا إذا أشكل عليه هل يقدم هذا أو هذا يعني مثلا لو أراد المسافر للحج مع وجوبه عليه لا حاجة إلى أن يستخير لا بد أن يفعل. لو أراد أن يستخير هل يصلي الظهر مثلا.
السائل : وجوب مثلا مسألة معينة بالنص ... .
الشيخ : لو شك في الحكم الشرعي هذا لا يستخير فيه هذا يطالع الكتاب والسنة الذي يحصل بهما العلم (( وإن اختلفتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )).
السائل : تصحيح الحديث وتضعيفه .
الشيخ : هذا بعض العلماء يستعمل الاستخارة يقول : هذا مما استخير الله فيه ويحتمل قول بعض العلماء هذه العبارة أنه فعلا يستخير الله أو المعنى أنه يتوقف فيه حتى يتبين له وجه الصواب فيه احتمال.
باب : مقلب القلوب . وقول الله تعالى : (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم )) .
الشيخ : مقلب القلوب هذا وصف لا يصح إلا لله عز وجل هو الذي يقلب القلوب لأن الإنسان مهما كان لا يمكن أن يقلب أحدا قلبه والمراد بتقليب القلوب ليس التقليب الحسي أن يجعل أعلى القلب أسفله أو جانب الأيمن منه إلى الجانب الأيسر والمراد بتقليب القلوب تقليب وجهات النظر يعني يهم الإنسان بالشيء ثم يقلب الله همه إلى شيء آخر يهم بالسيئة ثم يقلب الله قلبه إلى حسنة أو بالعكس ويذكر أن أعرابيا قيل له بم عرفت ربك ؟ قال : بصرف الهمم يعني أن الله هو الذي يصرف الهمم دائما أن الإنسان يهم بالشيء ويجزم به فإذا به تنصرف همته إلى شي آخر بدون سبب ظاهر من الذي صرف ذلك ؟ هو الله عز وجل فلذلك مقلب القلوب هو الله.