تتمة القراءة من الشرح مع تعليق الشيخ
الشيخ : الزركشي.
القارئ : " وقال بدر الدين الزركشي اغتر ".
" أو اعتز بعض المتأخرين بهذا يعني بما قال البخاري فقال إن في تحريف التوراة خلافاً هل هو في اللفظ والمعنى او في المعنى فقط ومال إلى الثاني ورأى جواز مطالعتها وهو قول باطل ولا خلاف أنهم حرفوا وبدلوا، والاشتغال بنظرها وكتابتها لا يجوز بالاجماع، وقد غضب صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال : ( لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي ) ولولا أنه معصية ما غضب فيه . قلت إن ثبت الإجماع فلا كلام فيه وقد قيده بالاشتغال بكتابتها ونظرها فإن أراد من يتشاغل بذلك دون غيره فلا يحصل المطلوب لأنه يُفهم أنه لو تشاغل بذلك مع تشاغله بغيره جاز ، وإن أراد مطلق التشاغل فهو محل النظر وفي وصفه المذكور بالبطلان مع تقدم نظر أيضا ، وقد نسب لوهب بن المنبه وهو من أعلم الناس في التوراة ونسب أيضا لابن عباس ترجمان القرآن وكان ينبغي له ترك الدفع بالصدر والتشاغل برد أدلة المخالف التي حكيتها وفي استدلاله على عدم جوازه الذي ادعي الإجماع فيه في قصة عمر نظر أيضا سأذكره بعد تخريحج الحديث المذكور وقد أخرجه أحمد البزار واللفظ له في حديث جابر قال: ( نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال له رجل من الأنصار ويحك يا ابن الخطاب ألا ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ) وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ولأحمد أيضا ولأبي يعلى من وجه آخر عن جابر : ( أن عمر أتى بكتاب أصابه من بعض كتب أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب ) فذكر نحوه دون قول الأنصاري وفيه : ( والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ) وفي سنده مجالد بن سعيد وهو ليّن وأخرجه الطبراني بسند فيه مجهول ومختلف فيه عن أبي الدرداء ومختلف فيه عن أبي الدرداء ( جاء عمر بجوامع من التوراة ) فذكر بنحوه وسمى الأنصاري الذي خاطب عمر عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وفيه ( لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني إذا ضللتم ضلالا بعيدا ) وأخرجه أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن ثابت قال : ( جاء عمر فقال يا رسول الله : إني مررت بأخٍ لي من بني قريظه فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعلنها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى عليه وسلم ) الحديث وفيه ( والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ) وأخرج أبو يعلى من طريق خالد بن عرفطة قال : ( كنت عند عمر فجاءه رجل من عبد القيس فضربه بعصا معه فقال مالي يا أمير المؤمنين ؟ قال أنت الذي نسخت كتاب دانيال قال: مرني بأمرك قال انطلق فامحه فلئن بلغني أنك قرأته أو أقرأته لأنهكنك عقوبه، ثم قال انطلقت فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به ثم جئت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا ؟ قلت كتاب انتسخته لتزداد به علما إلى علمنا ) ".
الشيخ : لنزداد.
القارئ : " ( لنزداد به علما إلى علمنا فغضب حتى احمرت وجنتاه فذكر قصة فيها يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي الكلام اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيه فلا تتهوكوا ) وفي سنده عبد الرحمن بن إسحق الواسطي وهو ضعيف وهذه جميع الطرق هذا الحديث وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا والذي يظهر أن كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريف ولولا في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصير " .
الشيخ : ويَصِر.
القارئ : " ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ لا يجوز له ولا سيما عند الاختيار من الرد على المخالف ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يستخرجونه من كتابهم ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه لما فعلوه وتواردوا عليه وأما استدلالهم التحريم فيما ورد من الغضب ودعواه أنه لو لم يكن ناصيه ما غضب منه فهو معترف أنه قد يغضب من فعل مكروه ومن فعل ما هو خلاف الأولى إذا صدر مما لا يليق منه ذلك كغضبه من تطويل معاذ صلاة الصبح بالقراءة وقد يغضب من يقع منه تقصير في فهم الأمر الواضح مثل الذي سأل عن لقطة الإبل وقد تقدم في كتاب العلم الغضب في الموعظه ومضى في كتاب الأدب ما يجوز من غضب قوله : يتأولونه ".
الشيخ : نعم .
ماهو الراجح من التحريف الذي حصل في التوراة والإنجيل ؟
الشيخ : الراجح أن التحريف حصل في المعنى كثيرا وباللفظ قليل وكذلك في الإنجيل والتحريف في الإنجيل أكثر منه في التوراة نعم .
السائل : ... .
الشيخ : مقصود كل الأبواب الى آخر التبويب ليؤيد ما ذهب إليه من أن اللفظ في القرآن مخلوق والملفوظ به وهو القرآن غير مخلوق نعم .
تتمة الشرح
السائل : ... .
الشيخ : أما قوله إن التحريف أنه ليس أحدا يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز وجل فهذا فيه نظر، أما القرآن فنعم لا يمكن لأحد أن يزيل لفظ من كتاب الله وذلك لأنه محفوظ (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) وما من أحد حاول إلا فضحه الله وهتك ستره ، نعم .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ، لأنه لو اتبعتم ما نقل عن أهل الكتاب لضللتم ليس المعنى لو اتبعتم موسى وإن كان الإنسان لو أراد أن يتبع موسى حقيقة لآمن بمحمد قبل كل شيء لأن موسى من جملة النبيين الذين أخذ الله عليهم الميثاق (( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمه ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )) نعم .
السائل : ... التوارة والإنجيل في شيء منهم باق .
الشيخ : الآن ها فيه .
باب : قول الله تعالى : (( والله خلقكم وما تعملون )) . (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) . ويقال للمصورين : ( أحيوا ما خلقتم ) . (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) . قال ابن عيينة : بين الله الخلق من الأمر لقوله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) . وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عملًا قال أبو ذر وأبو هريرة سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) . وقال : (( جزاءً بما كانوا يعملون )) . وقال وفد عبد القيس للنبي صلى الله عليه وسلم : مرنا بجمل من الأمر إن عملنا بها دخلنا الجنة فأمرهم بالإيمان والشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فجعل ذلك كله عملًا .
باب قول الله تعالى : (( والله خلقكم وما تعملون )) (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) ( ويقال للمصورين أحيوا ما خلقتكم ) (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في سته أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) قال ابن عيينة : " بين الله الخلق من الأمر بقوله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) " وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عملا ، قال أبو ذر وأبو هريرة : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال : ايمان بالله وجهاد في سبيله ) ، وقال : (( جزاء بما كانوا يعملون )) ( وقال وفد عبد القيس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم : مرنا بجمل من الأمر إن عملنا بها دخلنا الجنة ، فأمرهم بالايمان والشهادة وإقام الصلاه وايتاء الزكاه فجعل ذلك كله عملا ) .
الشيخ : بسم الله ، هذا الباب أراد المؤلف أن يبين به أفعال العباد هل هي مخلوقة أم غير مخلوقة ؟ فصدره بقول الله تعالى : (( والله خلقكم وما تعملون )) خلقكم أمرها واضح ، وما تعملون قيل في إعرابها وجهين ، قيل في إعرابها وجهان الوجه الأول : أن ما مصدرية أي خلقكم وعملكم وقيل ما موصولة وهو الصحيح لأنه قال : (( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون )) أي : ما تنحتونه فأصنامكم مخلوقة فكيف تعبدونها ولا تعبدون الذي خلقكم وخلقها فالصحيح الراجح أن ما مصدرية وليست أن ما موصولة وليست مصدرية ، لأن السياق يعين ذلك وهي من حيث العموم يجوز أن تكون مصدريه والتقدير خلقكم وخلق عملكم ويكون دلالتها على خلق الأصنام من باب دلالة اللزوم لأنه إذا كان العمل مخلوقا كان المعمول مخلوقا كذلك ، أما على الوجه الأول فإنها تدل على أن هذه الأصنام مخلوقة بدلالة التضمن والمطابقة ومع ذلك تدل على أن عمل الإنسان مخلوق بطريق الالتزام فأيهما نأخذ ؟ أن نأخذ أنها تدل على أن العمل مخلوق وأن هذه الأصنام مخلوقة بطريق اللزوم أو بالعكس ؟ بالعكس لأن السياق سياق الآية يراد به بيان بطلان عبادة هذه الأصنام التي نحتموها أنتم فهي مخلوقة فلماذا تعبدونها ولا تعبدون الذي خلقكم وخلقها فتقدير الآية والله خلقكم والذي تعملونه والعائد على الموصول محذوف، طيب من القائل والله خلقكم وما تعملون ؟ القائل ابراهيم أنكر على قومه أن يعبدوا هذه الأصنام التي هم بأنفسهم ينحتونها وهي مخلوقة لله ثم نرجع فنقول هل أعمال العباد أفعال لهم أو أفعال لله ؟ وهل هم مستقلون بها أو غير مستقلين بها ؟ سبق الكلام على هذا وبينّا أن في هذه المسألة ثلاثه أقوال طرفان ووسط طرف يقول : أفعال العباد مخلوقة لله وليست فعلا لهم لأنهم مجبورون عليها يفعلون بغير إرادة ويقولون أن الإنسان الذي يأتي ويركب سيارته ويشغلها ويمشي كالإنسان الذي حمل وهو مغمى عليه ووضع في السيارة ويقولون أن الذي ينزل من السقف الدرج رويدا رويدا كالذي يلقى من السقف أي أن الجميع يفعل بغير إرادة ولا اختيار ولا شك أن هذا قول باطل لأن كل إنسان يعرف الفرق بين ما يفعله باختياره وما يفعله باضطراره والقول الثاني الطرف الثاني بالعكس، يقول إن الإنسان مستقل بعمله ولا علاقه لله فيه وأنه يفعل باختياره ويترك باختياره وبمشيئته وإرادته وأن الله لا علاقة له بفعله لا مشيئة ولا خلقا وهؤلاء هم القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة وسبق لنا بيان وجه كونهم مجوسا أنهم جعلوا للحودث خالقين كما جعلت المجوس للحوادث خالقين . القول الثالث الوسط : أن أفعال العباد أفعالهم هم باختيارهم وإرادتهم لكنها مخلوقة لله من حيث إن فعل العبد صادر عن إرادة جازمة وقدرة تامة والذي خلق هذه الإرادة وخلق هذه القدره هو الله وخالق السبب التام خالق للمسبب لأن المسبب ناشئ عن السبب فباعتبار الأصل يكون المسبب مخلوقا للمسبب الذي خلق السبب وهذا القول هو الصحيح والدليل على هذا أن الإنسان اذا أجبر على الفعل لم يترتب عليه أثره لأنه ليس باختياره وأن الإنسان إذا فعل الشيء وهو نائم لم يترتب عليه اثره إلا ما كان ... التي للخلق وأن الإنسان لو نسي فعمل عملا لم يترتب عليه أثره لأنه بغير قصد ، وهذا القول تدل عليه القواعد الشرعية والواقعية لأننا لو قلنا أن الإنسان يستقل بعمله ويفعل ما شاء ولا علاقة لله بفعله صار في ملك الله ما لا يشاء وهذا ممتنع إذا تنسب أعمالنا إلى الله تعالى خلقا ومشيئة ،
وتنسب إلينا فعلا وكسرا فنحن الساجدون الراكعون الصائمون المتصدقون الحاجون المعتمرون ولا ينسب هذا لله عز وجل ، لكن خالق هذه الأفعال هو الله عز وجل ضرورة أنها صادرة منا وهي من صفاتنا ونحن وصفاتنا مخلوقون لله عز وجل ثم قال المؤلف البخاري : (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) كل شيء هذه مفعول لفعل محذوف ويسميه النحويون الاشتغال لأن العامل اشتغل بضمير ضمير المتقدم فقوله : (( إنا كل شيء خلقناه )) تقديره إنا خلقنا كل شيء ، هذا الخلق إنا خلقنا كل شيء هل يشمل فعل العبد ؟ الجواب : نعم وهذا في قوله تعالى : (( وخلق كل شيء فقدره تقديرا )) وهنا يقول : (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) فالآيتان متساويتان دلالة وإن اختلفتا تعبيرا ، ويقال للمصورين أحيوا ما خلقتم متى يقال ، يوم القيامة أحيوا ما خلقتم فأضاف الخلق إليهم فصاروا هم الفاعلون وهنا يشكل على بعض الناس كيف سمى فعلهم خلقا ؟ والجواب : لأنهم يضاهئون بخلق الله ويريدون أن يكونوا كالخالق عز وجل في الإبداع والتصوير ، نعم الأخ ماذا قلنا أنت ؟ ما هو الإيراد الذي أوردنا على هذا وأجبنا عنه أحيوا ما خلقتم ؟
الطالب : ... .
الشيخ : كيف سمى فعلهم خلقا والجواب ؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم .
الشيخ : الظاهر أنك اشتغلت بغير ما نحن فيه نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : لأنهم بتصويرهم هذا يضاهئون خلق الله فيريدون أن يجعلوا أنفسهم خالقين طيب إذا قال قائل : ألستم تقولون أن الله منفرد بالخلق ؟ فكيف قيل لهؤلاء أحيوا ما خلقتم ؟ الجواب أن الخلق الذي انفرد الله به غير الخلق الذي خلقه هؤلاء ، خلق الله الذي انفرد به إيجاد من عدم أما هؤلاء فإنهم لم يوجدوا من عدم وغاية ما صنعوه التغيير أو التحويل تغيير الشيء أو تحويله فمثلا الباب يقال خلقه النجار ، هل هو أوجد المادة أو الخشب والمسامير وغيرها ؟ لا لكن حوّل هذا الأخشاب والمسامير إلى باب وكذلك المصور عنده مادة ، هل خلق هو المادة ؟ لا الذي خلق ذلك هو الله وهو شكل هذه الصورة (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في سته أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) هذه الآية سبق الكلام عليها وبينا أن الأيام ستة أولها الأحد وآخرها الجمعة ونورد الآن إشكالا وهو كيف قدر خلق السموات والأرض في سته أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة مع أنه ليس هناك شمس يقدر بها اليوم ؟ والجواب أنها تقدر بحركة الشمس على مدى ستة أيام وإن لم توجد الشمس ، ثم قال ابن عيينة بن أبي سفيان : بيّن الله الخلق من الأمر ، بيّنه أي ميزه ، فقال : (( ألا له الخلق والأمر ))، وكيف ذلك ؟ لأنه عطف الأمر على الخلق والأصل بالعطف المغايرة إذا الأمر شيء والخلق شيء آخر الأمر أن يقول كن والخلق هو التكوين والإيجاد لقوله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عملا وسبق وقلنا إن الإيمان عمل ، عمل الانسان آمن أي كوّن الإيمان في قلبه كفر كوّن الكفر في قلبه فهو عمل ، وقال أبو ذر وأبو هريرة : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال ايمان بالله وجهاد في سبيله فجعل الإيمان عملا ) ، وقال تعالى : (( جزاء بما كانوا يعملون )) أي جزاء بالذي كانوا يعملونه سواء الخير أو الشر. وقال وفد أبي القيس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم : مرنا بجمل من الأمر إن عملنا بها دخلنا الجنه ، فأمرهم بالإيمان والشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فجعل ذلك كله عملا . عملا للإنسان فيضاف إليه على أنه هو العامل المباشر فيضاف إليه ، أما الخالق فهو الله .
4 - باب : قول الله تعالى : (( والله خلقكم وما تعملون )) . (( إنا كل شيء خلقناه بقدر )) . ويقال للمصورين : ( أحيوا ما خلقتم ) . (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) . قال ابن عيينة : بين الله الخلق من الأمر لقوله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) . وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عملًا قال أبو ذر وأبو هريرة سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) . وقال : (( جزاءً بما كانوا يعملون )) . وقال وفد عبد القيس للنبي صلى الله عليه وسلم : مرنا بجمل من الأمر إن عملنا بها دخلنا الجنة فأمرهم بالإيمان والشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فجعل ذلك كله عملًا . أستمع حفظ
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب عن أبي قلابة والقاسم التميمي عن زهدم قال كان بين هذا الحي من جرم وبين الأشعريين ود وإخاء فكنا عند أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي فدعاه إليه فقال إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته فحلفت لا آكله فقال هلم فلأحدثك عن ذاك (إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله قال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بنهب إبل فسأل عنا فقال أين النفر الأشعريون فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى ثم انطلقنا قلنا ما صنعنا حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملنا وما عنده ما يحملنا ثم حملنا تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه والله لا نفلح أبدًا فرجعنا إليه فقلنا له فقال لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها).
الشيخ : جرم عندكم جرم بالفتح ؟
القارئ : ( وبين الأشعريين ود وإخاء فكنا عند أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي فدعاه إليه فقال إني رأيته يأكل شيئا فقذرته فحلفت لا آكله ، فقال هلم فلأحدثك عن ذاك إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله قال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم ، فأوتي النبي صلى الله عليه وسلم بنهب إبل فسأل عنا فقال أين النفر الأشعريون فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى ثم انطلقنا قلنا ما صنعنا حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحملنا وما عنده ما يحملنا ثم حملنا تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه والله لا نفلح أبدا فرجعنا إليه فقلنا له فقال : لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها ) .
الشيخ : هذه القصة كان بين هذا الحي من جرم بين الأشعريين ود وإخاء فكنا عبد أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي كأنه من الموالي يعني في هيئته وشكله فدعاه إليه فقال : إني رأيته يأكل شيئا فقذرته يعني الدجاج والدجاج كما تعرفون تأكل ما هب ودب كل ما على الأرض تأكله من طيب وخبيث فكأنه رآها تأكل شيئا خبيثا فقذرها وكرهها وهنا نسأل لو أكلت الدجاجة شيئا خبيثا نجسا هل تكون حراما ؟ في هذا تفصيل إن كان أكثر علفها ولم تطهر منه فإنها تكون حراما وإن كان نصف علفها أو أقل فهي حلال يعني مثلا نعطيها غراما من الدم النجس وغرامين من الخبز ونحوه تكون حراما أم حلالا ؟ حلال لأن أكثر علفها الطاهر والعكس بالعكس تكون حراما إلى أن تطهر ، وكيف تطهيرها أن تحبس عن هذا الخبيث وتطعم الطاهر ثلاثة أيام وبهذا تعود طيبة ، وقال بعض العلماء : إن الجلّالة التي أكثر علفها النجاسة إنها حلال بناء على أن استحالة النجاسة تطهرها وعلى هذا فتكون حلالا لكن الرواية الأولى أصح وهاتان الروايتان عن الإمام أحمد ، روايه أن الجلالة حلال مطلقا ، رواية أنها حرام إذا كان أكثر علفها النجاسة ، ثم ذكر قصة حمل النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين بعد أن أتوه وقالوا : احملنا يا رسول الله فقال : ( ما عندي ما أحملكم ) وقد قال الله تعالى فيهم : (( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون )) ولكن الله تعالى يسر لهم ما يحملهم عليه فأوتي النبي صلى الله عليه وسلم بنهب إبل أي بغنيمه إبل فسأل عنا فقال : ( أين النفر الاشعريون فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى ) ، الذرى الأسنمة والغر البيض أي أن أسنمتها بيضاء ، ثم تساءلوا فيما بينهم وخافوا أن يكونوا أكرهوا النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك
وقولهم : تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه لأنه حلف وقال والله لا أحملكم فندموا على ذلك ثم رجعوا اليه فقالوا له هذا قال : (لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم ) فأضاف حمله إلى الله وهذا استدل به الجبرية على مذهبهم وقال إن فعل العبد فعل الله كما استدلوا بذلك بقوله تعالى : (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) قالوا فهذا صريح في أن الله أضاف فعل الإنسان إلى الله عز وجل ، وهنا قال : ( ولكن الله حملكم ) والجواب على هذا أن نقول : أن معنى ولكن الله حملكم ولكن الله يسر لكم ما لا أقدر عليه حتى حملكم ، هذه الإبل ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطر بباله أنها ستأتي ولكن الله تعالى يسرها فكانت إضافة الحمل إلى الله من أجل أنه هو الذي يسر لهم ذلك فحملهم النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، ثم أقسم قال : ( والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها ).
وهكذا ينبغي للإنسان إذا حلف على شيء ورأي غيره خيرا منه أن يتحلل وأن يكفر عن يمينه ، مثال ذلك قال رجل : والله لا أسلم على فلان ترك السلام على المسلم حرام والسلام عليه خير وواجب فهنا نقول كفر عن يمينك وسلّم ، حلف شخص أن لا يجيب دعوة فلان نقول كفّر عن يمينك وأجب دعوته لأن هذا أفضل ، ومن ثم قال العلماء : إن الحنث في اليمين تجري فيه الأحكام الخمسة وهي : الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح متى يكون الحنث واجبا ؟ إذا حلف على ترك واجب أو على فعل محرّم ، إذا حلف على ترك واجب أو على فعل محرّم صار الحنث واجباً ، ما معنى الحنث ؟
الحنث مخالفة ما حلف عليه ، فإذا قال والله لا أصلي مع الجماعة قلنا يجب عليك أن تصلي وأن تكفّر ، إذا قال والله لا أترك شرب الدخان قلنا إيش ، يجب أن تترك شرب الدخان وأن تكفّر ويكون الحنث حراماً عكس هذا ، متى يكون ؟ إذا كان على فعل واجب أو على ترك محرم فالحنث يكون حراماً إذا كان على فعل واجب أو ترك محرم ، مثاله قال : والله لا أصلين اليوم مع الجماعة ماذا نقول في الحنث ؟ حرام ، لا يجوز أن يدع صلاة الجماعة حتى وإن قال أنه يكفر ، كذلك لو قال والله لا أشرب الدخان ، بالعكس والله لأشربن الدخان ماذا نقول ؟ يجب الحنث الأول طيب فعل مستحب قال والله لا أصلي راتبة العشاء ، نقول الأفضل إيش ؟ أن يحنث فيصلي ويكفّر إذا قال والله لأصلين راتبة العشاء ، الحنث خلاف الأولى وإذا قال والله لآكلنّ البصل ماذا نقول ؟ أكل البصل إذا كان يستلزم ترك الجماعة فقد قال العلماء أنه مكروه ، فالقاعدة عندنا إذا القاعدة يكون الحنث واجبا إذا كان الحلف إيش على ترك واجب أو فعل محرم ويكون حراما إذا كان الحلف على فعل واجب أو ترك محرم والمسنون والكروه ويكون الحنث مكروها إذا كان على فعل مستحب وتركه مما يكره لانه لا يلزم ترك المستحب الوقوع في الكراهة وإلا لقلنا كل إنسان لا يأتي بمسنونات الصلاة فصلاته مكروهة لكن إذا كان هذا الشيء المستحب تركه مكروها يكون الحنث فيه مكروه ، أما المباح فإنه قد لا يتصور أن يكون الحنث مباحا ولو كان حلفه على مباح وذلك لأن حفظ اليمين أولى من الحنث ، نعم .
السائل : ... .
الشيخ : ورد حديث بذلك إنها أيام الأسبوع وأن بعض العلماء قال أنها أيام الله المجهولة بعضهم قال : من أيام الله التي قدرها ألف سنة كقوله : (( ويوم عند ربك كألف سنة مما تعدون )) .
5 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب عن أبي قلابة والقاسم التميمي عن زهدم قال كان بين هذا الحي من جرم وبين الأشعريين ود وإخاء فكنا عند أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي فدعاه إليه فقال إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته فحلفت لا آكله فقال هلم فلأحدثك عن ذاك (إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله قال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بنهب إبل فسأل عنا فقال أين النفر الأشعريون فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى ثم انطلقنا قلنا ما صنعنا حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملنا وما عنده ما يحملنا ثم حملنا تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه والله لا نفلح أبدًا فرجعنا إليه فقلنا له فقال لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها). أستمع حفظ
في قوله تعالى (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )) هل في الآية دليل على أن الإستواء كان في اليوم السابع ؟
الشيخ : هو ورد حديث أن الله فرغ في اليوم السادس في يوم جمعة ، قد يكون فرغ في آخر لحظه أي بمعنى أنه عند غروب الشمس فيكون الاستواء ليلة السابع وقد يكون فرغ في ستة أيام يعني في وسط النهار والله أعلم .
6 - في قوله تعالى (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )) هل في الآية دليل على أن الإستواء كان في اليوم السابع ؟ أستمع حفظ
كيف نرد على الجبرية في قوله صلى الله عليه وسلم ( لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم ) وفي قوله تعالى (( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) ؟
الشيخ : الرد على الجبريه أن نقول بأن المراد حملكم أي قدّر لكم ما يحملكم عليه ، لأن هذا لم يكن من الرسول عليه الصلاة والسلام ولا كان على باله أنه يحملهم ولهذا أقسم في الأول وقال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ، أما الآية فنفس الشيء (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) حيث أوصل ما رماه من الحصباء أو من التراب إلى عين كل واحد منهم ولو كان الأمر مقصورا على رمي الرسول عليه الصلاة والسلام ما وصل التراب الى عين كل واحد ، نعم .
7 - كيف نرد على الجبرية في قوله صلى الله عليه وسلم ( لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم ) وفي قوله تعالى (( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) ؟ أستمع حفظ
حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو جمرة الضبعي قلت لابن عباس فقال (قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن بيننا وبينك المشركين من مضر وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر حرم فمرنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو إليها من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع آمركم بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا من المغنم الخمس وأنهاكم عن أربع لا تشربوا في الدباء والنقير والظروف المزفتة والحنتمة)
الشيخ : أما الأول فظاهر الإيمان في الله هو فسره في الإسلام عليه الصلاة والسلام ، فدلّ ذلك على أن العمل يسمى إيمانا لأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ما ذكروا محمد رسول الله لأنه كأنه طوى ذكرها لكونهم جاؤوا مقرّين بأنه رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا من المغنم الخمس وأنهاكم عن أربع وفسرها بقوله : ( لا تشربوا في الدباء والنقير والظروف المزفتة والحنتمة ) هذه أواني يجعل فيها النبيذ وهي لحرارتها تطبخ النبيذ وربما يصل إلى حد مسكر وهم لا يعلمون ، فنهاهم عن ذلك ثم بعد هذا نسخ هذا النهي وقال : ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في كذا وكذا وكذا فانتبذوا بما شئتم غير أن لا تشربوا مسكرا ) ، فهذا النهي نسخ فيما بعد ، الدباء هي القرع ولاسيما قرع النجد، قرع النجد هذا مثل الأوعية تماما ، يبقونه حتى ييبس في غصنه فإذا يبس فإن المخ الذي في داخله ييبس ويكون مثل الورق ثم يقصون أعلاه ويجعلونه وعاءا وهو في الشكل له حلقوم يعني أعلاه ضيق وأسفله متسع وأما النقير فهو حجر أو خشب أو ما أشبه ذلك .
8 - حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو جمرة الضبعي قلت لابن عباس فقال (قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن بيننا وبينك المشركين من مضر وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر حرم فمرنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو إليها من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع آمركم بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا من المغنم الخمس وأنهاكم عن أربع لا تشربوا في الدباء والنقير والظروف المزفتة والحنتمة) أستمع حفظ