يقول في رسالته الأولى قمت بأداء فريضة الحج هذا العام وكنا مجموعة من الأخوان وجميعنا مقيمون بمدينة جدة لقد قمنا بجميع المناسك ما عدا طواف الوداع إذ أننا عدنا رأساً من منى يرى البعض أنه يمكن القيام به قبل نهاية شهر ذي الحجة الحالي والبعض الآخر يرى فيما بعد بدون تحديد للزمن على شرط قبل مغادرة المملكة أفيدونا بوجه النظر الصحيح لديكم جزاكم الله خير الجزاء ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، ونسأله التوفيق للصواب. نقول: إن طواف الوداع واجب على كل من حج أو اعتمر ألا يخرج من مكة حتى يطوف للوداع طوافاً بدون سعي لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الناس ينفرون في كل وجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ينفر أحد حتى يكون ءاخر عهده بالبيت ) . فهؤلاء الجماعة المقيمون في جدة من السودان حينما لم يطوفوا طواف الوداع نقول لهم إنهم أساءوا، وأن الواجب عليهم ألا يغادروا مكة حتى يطوفوا للوداع، لأنهم غادروا مكة إلى محل إقامتهم، فيكونون داخلين في الحديث الذي أشرنا إليه ءانفاً، وعلى هذا فنقول لهم: إن كان عملهم هذا مستنداً إلى فتوى أفتاهم بها أحد من أهل العلم الذين يثقون به فإنهم لا شيء عليهم، لأن تلك وظيفتهم (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) . وإذا أخطأ المفتي لم يلزم المستفتي شيء لقيامه بما أوجب الله عليه. وأما إذا كان عملهم هذا غير مستند إلى فتوى من يثقون به فإنه يلزمهم كل واحد منهم أن يذبح فدية في مكة ويفرقها على الفقراء لتركهم واجباً من الواجبات، وترك الواجب عند جمهور العلماء يجب فيه دم يفرق على فقراء الحرم.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : الرسالة الثانية التي وردتنا من محمود أحمد عيسى من السودان يشكر فيها الإذاعة ويخص بالذكر الإذاعتين اللتين تقدمان برنامج نور على الدرب وهما إذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة وإذاعة القرأن الكريم من الرياض ويقول إن برنامجكم هذا مفيد حقا ويخدم أغراض مهمة وأنه لجهد مقدر لكم ولأصحاب الفضيلة الأجلاء. يقول هذا السؤال يهمني أمره ولذلك أكون شاكرا لو تكرمتم بإفادتي بموعد إذاعته أو الكتابة لي بالرأي للعمل بموجبه وفقكم الله.
نقول يا أخ محمود أحمد عيسى إن برنامج نور على الدرب يذاع بعد التلاوة التي تأتي بعد صلاة المغرب في مكة المكرمة ويذاع في العاشرة وخمس وعشرين حسب توقيت المملكة العربية السعودية وذلك في إذاعة القرأن الكريم من الرياض وشكرا لك على اهتمامك ببرنامجك وبرنامج المستمعين.
الرسالة التي بين يدينا وردتنا من يقول إلى الأخ السيد سليمان محمد الشبانة المحترم مقدم ومنفذ برنامج نور على الدرب أرجو منك لو تكرمت أن تعرض رسالتي هذه على أحد العلماء الأفاضل. أنه يوجد في القرأن الكريم سورة سميت بسورة لقمان فمن هو هذا الشخص الذي يدعى لقمان وهل أوتي النبوة وما معنى كلمة سورة باللغة العربية. إذًا نريد أن نجيب على أسئلة المستمع ناصر من الجمهورية السورية نجيب عليها فقرة فقرة.
الشيخ : نعم.
1 - يقول في رسالته الأولى قمت بأداء فريضة الحج هذا العام وكنا مجموعة من الأخوان وجميعنا مقيمون بمدينة جدة لقد قمنا بجميع المناسك ما عدا طواف الوداع إذ أننا عدنا رأساً من منى يرى البعض أنه يمكن القيام به قبل نهاية شهر ذي الحجة الحالي والبعض الآخر يرى فيما بعد بدون تحديد للزمن على شرط قبل مغادرة المملكة أفيدونا بوجه النظر الصحيح لديكم جزاكم الله خير الجزاء ؟ أستمع حفظ
أولاً لماذا يقول سميت سورة لقمان ؟
الشيخ : سميت سورة لقمان لأنه ذكر فيها قصة لقمان وموعظته لابنه، وتلك الوصايا التي ذكرها له.
السائل : نعم.
الشيخ : والسورة تسمى باسم ما يذكر فيها أحياناً، كما يقال سورة البقرة، سورة أل عمران، سورة الإسراء، وما أشبه ذلك.
أيضاً يقول من هذا الشخص الذي يدعى لقمان وهل أوتي النبوة أم لا؟
الشيح : الصحيح أنه ليس بنبي.
السائل : نعم.
الشيخ : وأن الله تعالى ءاتاه الحكمة، وهي موافقة الصواب مع العلم. وقولنا مع العلم للتبيان، وإلا فلا صواب إلا بعلم.
السائل : نعم.
الشيخ : فالصواب أنه ليس من الأنبياء، وإنما هو رجل ءاتاه الله الحكمة، ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
نعم أيضاً يقول لدينا قضايا أقلقتني قال لي شخص بالمسجد بالنسبة لصلاة العيد لا تؤدى إلا بالمصلى وحرمت تأديتها بالمساجد وقال إن هذا مأخوذ من السنة النبوية المطهرة فهل لهذا أصل شرعي ؟
الشيخ : أما كون الأفضل أن تكون في الصحراء في المصلى فلا شك فيه، فإن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها خارج البلد في مصلى.
السائل : نعم.
الشيخ : ولكن إذا دعت الحاجة إلى صلاتها في المساجد داخل البلد إما لبرد شديد أو لمطر أو لخوف أو نحو ذلك من الأسباب الشرعية التي تسوغ أن تصلى داخل البلد فإن ذلك لا حرج فيه، وإلا فالأفضل أن تكون في المصلى خارج البلد.
السائل : نعم.
الشيخ : ولكن إذا دعت الحاجة إلى فعلها داخل البلد فلا حرج فيه. نعم.
4 - نعم أيضاً يقول لدينا قضايا أقلقتني قال لي شخص بالمسجد بالنسبة لصلاة العيد لا تؤدى إلا بالمصلى وحرمت تأديتها بالمساجد وقال إن هذا مأخوذ من السنة النبوية المطهرة فهل لهذا أصل شرعي ؟ أستمع حفظ
أيضاً يقول في رسالته هل صحيح إذا قرأنا فافتتحنا على روح الميت فهل يستفيد منها أم لا وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع قراءة الفاتحة في المقابر ووضع أكاليل الزهور على القبور ؟
الشيخ : أما القراءة للميت بمعنى أن الإنسان يقرأ ثم يجعل ثوابها لشخص ميت فهذه محل نزاع بين أهل العلم، منهم من قال إنها تصل إليه لأنها عمل صالح مقرب إلى الله فيصل إليه ثوابها كالصدقة، وقد ثبت في الصحيح أن الصدقة تصل إلى الميت بعد موته.
السائل : نعم.
الشيخ : ومنهم من قال إنها لا تصل، لأن الأصل أن العبادات يكلف بها فاعلها ولا تصل إلى غيره إلا ما وردت به السنة، واستدلوا بقوله تعالى: (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) . وفي الحقيقة أنه لا دلالة في الأية والحديث لأن قوله تعالى: (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) معناه أنه لا يستحق من سعي غيره شيئاً.
السائل : نعم.
الشيخ : وإنما ينتفع بسعيه هو فقط، وأما إذا سعى له غيره فهذا شيء ءاخر. وكذلك الحديث ( انقطع عمله ) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم انقطع العمل له، ولا شك أن الإنسان إذا مات انقطع عمله، لكن إذا عمل له غيره فهذا شيء ءاخر.
السائل : نعم.
الشيخ : والذي يترجح عندي أن جميع الأعمال الصالحة تصل إلى الميت من قراءة وصلاة وذكر إلا الأعمال الواجبة، فإن الواجب مطالب بها العبد بنفسه، لا يمكن أن يجعل ثوابها لأحد، هذا واحد. ولكن هل من السنة أن تفعل؟ إذا قلنا بأنها تصل إلى الميت نقول لا، ليست من السنة، فهي من الأمور الجائز فعلها لا من الأمور المشروع فعلها.
السائل : نعم.
الشيخ : ولكن إذا فعلت فتصل، ولكننا لا نقول للإنسان ينبغي أن تفعل، لا. أما الدعاء للأموات فهذا مطلوب ومشروع، وهذا هو دأب المؤمنين (( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ ءامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )) .
وأما ما ذكره من أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن وضع الزهور والأكاليل فوق القبور فليس في ذلك نهي.
السائل : نعم.
الشيخ : لأنه غير معروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأظنه متلقىً من غير المسلمين، ولكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو شبيه به، فقد نهى أن يرفع القبر، ونهى أن يجصص، لما فيه من الإشادة به. ووضع الزهور شبيه بهذا، فوضع الزهور على القبور من الأمور المذمومة من ناحيتين، أولاً لأنها متلقاة من غير المسلمين، والشيء الثاني لأنها تشبه ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من تشريف القبور -يعني تعليتها-.
السائل : نعم.
الشيخ : ومن تجصيصها، فلهذا ينهى عنه. وأما نهيه عن قراءة الفاتحة فهذا لا أعلم فيه نهياً، ولكن الذي كان من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إذا خرج إلى القبور سلم عليهم ودعا لهم.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
5 - أيضاً يقول في رسالته هل صحيح إذا قرأنا فافتتحنا على روح الميت فهل يستفيد منها أم لا وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع قراءة الفاتحة في المقابر ووضع أكاليل الزهور على القبور ؟ أستمع حفظ
أيضاً يقول في رسالته هل صحيح إذا زار شخص قبر النبي عليه السلام حين يسلم عليه لا يسمع الرسول سلامه ؟
الشيخ : الذي يظهر لي من الأدلة الشرعية أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كلامه يسمع سلامه عليه وأنه يبلغ إياه، وكذلك أيضاً أهل القبور إذا سلم عليهم فإنهم يسمعون، لأن المسلم يقول : السلام عليكم. بكاف الخطاب، وقد ورد حديث صححه ابن عبد البر وذكره ابن القيم في كتاب الروح ولم يتعقبه أنه ما من رجل مسلم يمر بقبر رجل مسلم يعرفه فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القتلى -قتلى المشركين- في بدر وقال لهم: يا فلان ابن فلان -يدعوهم بأسمائهم وأسماء ءابائهم-.
السائل : نعم.
الشيخ : ( هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً ) . فقال له عمر أو غيره: ما تكلم يا رسول الله من أناس جيفوا؟ فقال ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) .
السائل : نعم.
الشيخ : فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يسمعون.
وأما قوله تعالى (( فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ )) فالمراد أنك لا تسمع الموتى إسماع إدراك ينفعهم، فإن الميت لا يسمع إذا دعي وإذا نودي بحيث يجيب من دعاه، وهذا هو المقصود من قوله إنك لا تسمع الموتى، بدليل قوله تعالى (( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )) . فنفى السماع عنهم لعدم انقيادهم، فكذلك الموتى ينتفي عنهم السماع أو الإسماع لأنهم لا ينتفعون بذلك ولا يجيبون من أسمعهم، فهذا هو ما ظهر لي في هذه المسألة أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسمعه. نعم.
6 - أيضاً يقول في رسالته هل صحيح إذا زار شخص قبر النبي عليه السلام حين يسلم عليه لا يسمع الرسول سلامه ؟ أستمع حفظ
لكن في قوله تعالى : { إنك لا تسمع الموتى } هل المقصود بهم الموتى الذين فارقوا الحياة الدنيا أم الموتى الذين لم يستفيدوا من الرسالة ؟
الشيخ : هو فيه احتمال إن المراد بالموتى يعني أنه شبه حال هؤلاء الذين لا يستجيبون.
السائل : نعم.
الشيخ : بالموتى وأنهم موتى القلوب.
السائل : نعم.
الشيخ : وفيه احتمال إن المراد الموتى يعني الموتى حقيقة.
السائل : نعم.
الشيخ : الذين ماتوا حقيقة. وأنا أشرت إليها لأنه استدل بها.
السائل : نعم نعم.
الشيخ : من قال إن الموتى لا يسمعون كلام الأحياء مطلقاً. وقالوا أيضاً عن قول الرجل إذا مر بالمقبرة السلام عليكم دار قوم مؤمنين إن هذا الخطاب لهم وإن كانوا لا يسمعون، لأنه قد يخاطب من لا يسمع، ويخاطب بكاف الخطاب وهو لا يسمع.
السائل : نعم.
الشيخ : وليس بذي روح، قالوا: ويدل على ذلك قول عمر رضي الله عنه للحجر الأسود: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. ولكن جوابنا على هذا أن يقال: إن عدم سماع الحجر وعدم فهمه أمر واضح، لأنه لم تحله الروح من قبل، وليس بذي فهم وعقل من قبل، بخلاف الميت، فإن الميت ترد عليه روحه بعد موته وإن كان رداً لا يساوي أو لا يماثل وجودها في بدنه في حال الحياة.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : أيضا لدى ناصر دوارة من الجمهورية العربية السورية سؤال ءاخر.
7 - لكن في قوله تعالى : { إنك لا تسمع الموتى } هل المقصود بهم الموتى الذين فارقوا الحياة الدنيا أم الموتى الذين لم يستفيدوا من الرسالة ؟ أستمع حفظ
يقول ما الفرق بين النبي والرسول.؟
الشيخ : المشهور عند أهل العلم أن الفرق بينهما هو أن النبي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه.
السائل : نعم.
الشيخ : والرسول أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه. هذا هو الفرق عند جمهور أهل العلم، وقيل: إن الفرق إن النبي من لم يأت بشرع جديد، وإنما يكون مبلغاً لشرع من قبله. أي أنه يحكم بشريعة من قبله بدون وحي جديد يوحى به إليه، كما في قوله تعالى (( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ )) قال (( يحكم بها النبيون الذين أسلموا )) فهم يحكمون بما في التوراة، فأما إذا أتى بشرع جديد ولو كان تكميلاً لشرع من قبله فإنه يكون رسولاً.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا يرد على هذا التعريف إلا ءادم، فإن ءادم كان نبياً وليس برسول، لأن أول الرسل نوح، وءادم نبي أوحي إليه بشرع فعمل به، فأخذت به ذريته الذين كانوا في عهده.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : أثابكم الله.