يقول كنت أكتب يوماً لأبي حساب وأجور العمال وحصل بين اثنين من العمال وأبي سوء تفاهم في بعض الحقوق وحلفت بالله ألا أكتب لظهور بعض الشبهات من الكتابة ثم بعد ذلك كتبت لغير هاذين الأثنين فما هو الحكم في هذا أو في هذا اليمين علماً بأنني لم أحلف إلا لهذا السبب المذكور ولم أكتب لهذين الشخصين شيئا وفقكم الله ؟
السائل : مرحبا بالشيخ محمد. الشيخ : حياكم الله ومرحبا بكم. السائل : شيخ محمد كانت قد وردتنا رسالة من المستمع المرسل ع ش ع ولم يذكر في أي بلد رسالة عرضنا أولها وبقي عليه سؤال فيها أو أكثر من سؤال يقول كنت أكتب يوما لأبي حساب وأجور العمال وحصل بين اثنين من العمال وأبي سوء تفاهم في بعض الحقوق وحلفت بالله ألا أكتب لظهور بعض الشبهات من الكتابة ثم بعد ذلك كتبت لغير هذين الاثنين فما هو الحكم في هذا أو في هذا اليمين علما بأنني لم أحلف إلا لهذا السبب المذكور ولم ولن أكتب لهذين الشخصين شيئا وفقكم الله؟ الشيخ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين ونستعين الله تعالى على التوفيق والصواب، نقول أولا الحلف بالله تبارك وتعالى إذا قرنه الإنسان بمشيئة الله فإنه ليس عليه شيء إذا خالف ما حلف عليه مثل أن يقول والله إن شاء الله لا أفعل كذا ثم فعله أو قال والله إن شاء الله لأفعلن كذا ولم يفعله فلا شيء عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث ) أما إذا لم يقل إن شاء الله وحلف على يمين في أمر مستقبل ليفعلنه أو لا يفعلنه ففعله فإن كان له نية فعلى حسب نيته أو كان له سبب أحيل الحكم على السبب وإلا اعتبر دلالة اللفظ فيمين الأخ الأن إذا نزلناه على هذه القواعد نقول إنه لما حلف ألا يكتب إن كان نيته ألا يكتب لهذين الاثنين فقط فإنه إذا كتب لغيرهما فليس علي شيء اعتمادا على النية. السائل : نعم. الشيخ : وإن كان نيته ألا يكتب مطلقا لئلا تقع هذه المشاكل فإنه لا يكتب لهما ولا لغيرهما فإن كتب وجب عليه كفارة يمين وكفارة اليمين أربع أمور، ثلاثة منها على التخيير وواحد على الترتيب عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، هذه الثلاثة على التخيير أي واحد فعل أجزأه فإن لم يجد فإنه يصوم ثلاثة أيام متتابعة، إطعام المساكين يكون على وجهين تارة يُغدّيهم أو يُعشيهم بمعنى أن يدعو عشرة فقراء إلى الغداء فيأكلوا ويشبعوا فتجزئه عن الكفارة أو الأمر الثاني أن يملّكهم الطعام فإذا ملّكهم الطعام فإنه يُعطيهم من الرز وأتكلّم هنا بالنسبة لبلادنا. السائل : نعم. الشيخ : لأن أوْسط ما نطعم من أهلينا من الطعام الأن هو الرز. السائل : نعم. الشيخ : وقد قال الله تعالى (( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم )) ومقداره بالصاع النبوي كيلوين وأربعين غراما هذا الصاع النبوي يُعطى لأربعة ثم صاع ءاخر لأربعة ثم نصف صاع لاثنين ويحسن هنا إذا أعطاهم أن يجعل مع الرز شيئا يكون طعما له من لحم أو غيره ليتم بذلك الإطعام فإذا قال قائل هل أوزّع هذه الكيلوات على واحد واحد نقول لا ليس بلازم المهم أن يكونوا عشرة ولو كانوا في بيت واحد لأن المقصود عشرة أنفس سواء كانوا في بيت واحد أو متفرقين ويظن بعض العامة أن كفارة اليمين صيام ثلاثة أيام وليس الأمر كذلك لأن صيام الأيام الثلاثة لا يجوز إلا إذا كان لا يستطيع أن يُطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يعتق رقبة، أي نعم.
لكن يتساءل الكثير عن الإطعام ويقول أنا لا أجد عشرة مساكين لو مثلاً أعطيت ثلاثة مساكين أو أربعة مساكين كل يوم أعطيهم ما يكفيهم هذا اليوم لمدة ثلاثة أيام أو يومين أو أربعة أيام ؟
السائل : لكن يتساءل الكثير عن الإطعام ويقول أنا يمكن لا أجد عشرة مساكين لو مثلا أعطيت ثلاثة مساكين أو أربعة مساكين كل يوم أعطيهم ما يكفيهم هذا اليوم لمدة ... ثلاثة أيام أو يومين أو أربعة أيام؟ الشيخ : هذه المسألة إذا كان لا يجد المساكين الذين يُطعمهم فإن كان لا يجد أحدا فليصم ثلاثة أيام لعموم قوله تعالى (( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام )) لأنه حذِف المفعول وحذف المفعول يدل على العموم ... فمن لم يجد إطعاما ولا مطعما. السائل : نعم. الشيخ : فصيام ثلاثة أيام وأما إذا وجد البعض مثل أن يجد خمسة مثلا أو ثلاثة كما قلت. السائل : نعم. الشيخ : فهذا محل تردّد عندي هل نقول أعط هؤلاء الموجودين ما يكفي العشرة لقوله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) أو نقول إنه يسقط الإطعام هنا لعدم وجود نصابه وهم العشرة وينتقل إلى الصيام، أنا أتردّد بين هذين الاحتمالين والعلم عند الله عز وجل وإن رأى أن يحتاط ويُطعم الثلاث وكذلك أيضا ويصوم ثلاثة أيام. السائل : نعم. الشيخ : فهو حسن. السائل : نعم. الشيخ : نعم.
لديه سؤال آخر يقول نويت في سنة من السنين الحج أعني حجة الإسلام وكنت مقيماً في السعودية وكنت لا أعلم شيئا عن المناسك إطلاقاً وتواعد مع رجل في مسجد الخيف في منى في اليوم الثامن من شهر الحج وذهبت إلي منى وإلي المسجد محرماً وبحثت فيه عنه عدة مرات ولكني لم أجده ثم ذهبت إلي مكة وفسخت الإحرام ولم أحج السبب الذي ذكرته فما هو الحكم علماً بأنني حججت بعد هذا العام بسنة ؟
السائل : لديه سؤاله ءاخر يقول نويت في سنة من السنين الحج أعني حجة الإسلام وكنت مقيما في السعودية وكنت لا أعلم شيئا عن المناسك إطلاقا وتواعدت مع رجل في مسجد الخيف في منى في اليوم الثامن من شهر الحج وذهبت إلى منى وإلى المسجد محرما وبحثت فيه عنه عدة مرات ولكني لم أجده ثم ذهبت إلى مكة وفسخت الإحرام وجلست ولم أحج للسبب الذي ذكرته وهو أني لا أعرف شيء فما هو الحكم علما بأنني حججت بعد هذا العام بسنة؟ الشيخ : الحكم في هذا أن الأخ مفرّط ومتهاون في أمر دينه وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى مما فعل وإن ذبح هديا في مكة نظرا إلى أنه كالمحصر العاجز عن إتمام نسكه فحسن والواجب على المرء إذا أراد أن يتعبد لله بحج أو غيره أن يكون عارفا لحدوده قبل أن يدخل فيه فالذي نرى لهذا الأخ أن يذبح هديا هناك في مكة لأنه بمنزلة المحصر لعجزه عن إتمام نسكه في ذلك العام وقد قال الله تعالى (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) ، نعم.
يقول يستدل البعض أو بعض الناس بالحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم " من سن في الإسلام سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها إلي أخره " وكذلك بأن حسان بن ثابت كان قد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم فيستدلون بهذا على جواز المدح نرجو أن تفتونا في ذلك ووفقكم الله ؟
السائل : هذه الرسالة ووردتنا من إسحاق محمد نور حامد الحاج من جمهورية السودان يقول فيها يستدل البعض أو بعض الناس بالحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها ) إلى ءاخره وكذلك بأن حسان بن ثابت كان مدح الرسول صلى الله عليه وسلم فيستدلون بهذا على جواز المدح، نرجو أن تفتونا في ذلك ووفقكم الله؟ الشيخ : مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بما مدحه الله به من الصفات الكاملة والآداب العالية والأخلاق المثلى هذا أمر مشروع وأما مدحه صلى الله عليه وسلم بما يصل إلى الغلو فإنه أمر محرّم وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو فلا يجوز للمرء أن يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر يصل إلى الغلو بحيث يجعله شريكا مع الله تبارك وتعالى في الخلق والتدبير والقدرة وما أشبه ذلك وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت فقال صلى الله عليه وسلم ( أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده ) ولكن هذا المدح الذي ذكرنا أنه جائز لا يُمكن أن يُجعل حدثا في دين الله بحيث يكون مقيدا بوقت أو مكان يتكرر كلما تكرر ذلك الوقت وكلما جاء الإنسان إلى ذلك المكان وذلك أن تقييد العبادات المطلقة بزمن أو مكان معيّن هو من البدع لأن العبادات يجب أن تكون مفعولة على حسب ما جاءت عليه من هيئة وزمن ومكان فالعبادات المطلقة لا يجوز للمرء أن يُحدّدها بزمن أو مكان أو حال مادامت جاءت مطلقة لأن هذا هو كمال التعبد وأما استدلال بعض المبتدعين في هذه الأمور بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قيّد ذلك بقوله من سنّ في الإسلام وما كان من البدع فليس من الإسلام في شيء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) وهذا عام لكل ما ابتدع في دين الله فإنه ضلال وما كان ضلالا فلا يُمكن أن يكون دينا وإسلاما فإذا قال قائل إن قوله صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) أي كل بدعة سيئة ضلالة قلنا هذا مردود لأن السيئة سيئة سواء كانت بدعة أم غير بدعة فالزنا مثلا ضلالة وهو ليس ببدعة لورود الشريعة به وبيان حكمه ولو قلنا أيضا لو قلنا إن معنى الحديث كل بدعة سيئة لم يكن لوصف البدعة فائدة إطلاقا أو لم يكن لذكر البدعة فائدة إطلاقا لأن السيء سيء سواء ابتدع أم لم يبتدع ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( كل بدعة ضلالة ) فكل من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه ضال بهذه البدعة، هذا حاصل الجواب. السائل : نعم. الشيخ : نعم.
سؤال للأخ الثاني يقول يقول الله عز وجل (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )) إلي آخر الآية نجد في هذه الآية أن الله عز وجل يمنع المؤمنين والمؤمنات من التزوج من المشركين والمشركات فإذا كان اليوم نجد بعض من المسلمين يعمل عمل المشركين وينطق بالشهادة مثلاً منهم من يدعوا غير الله ويستعين بغير الله ويذبح لغير الله فهل يجوز الزواج من أبناءهم وبناتهم أم لا ؟
السائل : سؤال للأخ الثاني يقول، يقول الله عز وجل (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )) إلى ءاخر الأية فنجد في هذه الأية أن الله عز وجل يمنع المؤمنين والمؤمنات من التزوج من المشركين والمشركات فإذا كان اليوم نجد بعض من المسلمين يعمل عمل المشركين وينطق بالشهادة مثلا منهم من يدعو غير الله ويستعين بغير الله ويذبح لغير الله فهل يجوز الزواج من أبنائهم وبناتهم أم لا؟ الشيخ : هذا سؤال جيد ومفيد، نقول إن هؤلاء المشركين الذين يدعون غير الله وينذرون لغير الله ويسجدون لغيره ويستغيثون بغيره فيما لا يقدر عليه إلا هو، هذا هؤلاء مشركون ولا يجوز لأحد أن يتزوج منهم من كان على هذا الوصف ولا أن يزوج أحدا منهم ممن كان على هذا الوصف. السائل : نعم. الشيخ : استدلالا بالأية الكريمة (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم )) وهذا مع الأسف موجود بكثرة في بعض البلاد الإسلامية من غير أن يتفطن له أحد وجزى الله الأخ السائل خيرا على هذا السؤال لأنه ينتبه به كثير من الناس ويلتحق بالمشركين المرتدون بغير الشرك كمن لا يصلي مثلا فإن من لا يصلي كافر لأدلة سبق لنا الكلام فيها مرارا في هذا البرنامج. السائل : نعم. الشيخ : وإذا كان كافرا فإنه لا يجوز أن يُزوّج حتى يعود إلى الإسلام بالصلاة وكذلك أيضا لا يجوز للمؤمن أن يتزوج امرأة لا تصلِي لأنها كافرة وقد قال الله تعالى في الكفار (( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن )) كما أن الإنسان المتزوج بمسلمة وهو مسلم إذا ارتد عن الإسلام وترك الصلاة فإن نكاحه من زوجته ينفسخ ولا تحل له ويجب التفريق بينه وبينها ويجب أيضا على ولاة الأمور قتل هذا المرتد الذي ترك الصلاة إلا أن يتوب ويأتي بالصلاة ولا فرق بين من يتركها تهاونا وكسلا أو يتركها جاحدا للوجوب لأن جحد الوجوب كفر ولو صلى الإنسان. السائل : نعم. الشيخ : وبعض الناس يظنون أن قول أهل العلم إن تارك الصلاة يكفر أنه إذا تركها جحدا لوجوبها وليس الأمر كذلك فالقائلون بتكفير تارك الصلاة يقولون بتكفيره لتركها لا لجحده لوجوبها ويقولون أيضا هم وغيرهم يقولون إن من جحد وجوب الصلاة وجوب الفرائض الخمس فهو كافر ولو صلاها إلا أن يكون حديث عهد بإسلام لا يدري عن حكمها فهذا يُعرّف ولا يكفر بمجرد جحده لأنه جاهل. السائل : نعم. الشيخ : نعم. السائل : أثابكم الله. أيها السادة إلى هنا نأتي.