نور على الدرب-071b
هذا الشريط تكرار للذي قبله !!!
السائل : يقول ما مقدار الرشوة بالنقود السعودية وهل الهدايا التي تعطى لبعض الأشخاص هي رشوة نرجو الإجابة بالتفصيل وفقكم الله؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، الرشوة هي كل ما يتوصل به الإنسان إلى غرضه مشتقة من الرشا وهو الحبل الذي يدلى به الدلو ليستقى به من البئر وهي في الحقيقة تنقسم إلى قسمين، رشوة يتوصل بها الإنسان إلى باطل بدفع حق واجب عليه أو الحصول على ما ليس له فهذه محرمة على الأخذ وعلى المعطي أيضا.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه لعن الراشي والمرتشي ) واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا يدل على أنها من كبائر الذنوب حيث رتبت عليها هذه العقوبة العظيمة.
والقسم الثاني: رشوة يتوصل بها الإنسان إلى حقه المشروع أو دفع باطل عنه وهذه محرمة في حق الأخذ وجائزة في حق المأخوذ منه لأنه يريد أن يتخلص من الظلم أو يتوصل إلى حقه وهو غير ملوم على هذا.
السائل : نعم.
الشيخ : ولكن إذا حصل مثل هذا في مسؤولين من الدولة فإنه يجب على المواطنين أن يساعدوا الدولة في القضاء على هذه المشكلة بإبلاغ الدولة بما حصل من هذا الجاني الذي جنى على الدولة وعلى المواطنين حيث منعهم حقوقهم المشروعة أو حاول أن يحمّلهم ما لا يلزمهم بسلطة النظام الذي هو مسؤول فيه أو بسلطة العمل الذي هو مسؤول فيه والدولة لا ترضى بهذا.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا سيما هنا في المملكة العربية السعودية فإن الدولة كما بلغني تُحارب هذا محاربة بالغة عظيمة وحق لها أن تفعل لما فيه من اختلال النظام والظلم وإضاعة الحقوق.
السائل : نعم.
الشيخ : فالدولة في هذا مشكورة ولكن التقصير منا نحن المواطنين فإن كثيرا من الناس تغلبهم العاطفة بالنسبة لهذا المسؤول، لا يحبون أن يوقعوه تحت يدي العدالة التي تنكل به وتمنع هذا الغشم والظلم منه.
السائل : نعم.
الشيخ : ثم إن بعض الناس أيضا يقول: إن هذا يطول علي، كوني أرفع الأمر إلى الدولة يكون فيه سؤال وجواب وتطويل وأنا لست بمسؤول عن هذا وفي الحقيقة أنه مسؤول عن هذا لأن الدولة إذا بلغها هذا الخبر من هذا الشخص وثبت عندها فإنها سوف تنكل به، تجعله نكالا لمن قبله ولمن بعده ولمن وراءه من المسؤولين وبهذا تحصل الفائدة العظيمة للدولة وللمسؤولين أنفسهم حيث يتورعون عن هذا العمل المشين المحرم.
وخلاصة الأمر أن الرشوة قسمان: رشوة محرمة على الأخذ والمعطي وهي التي يُتوصل بها إلى إثبات باطل أو دفع حق.
السائل : نعم.
الشيخ : ورشوة محرمة على الأخذ دون المعطي وهي التي يتوصل بها المعطي إلى حقه أو دفع الظلم عنه ولكن مع ذلك إذا كان هذا موجودا فإنه يجب أن يُرفع للمسؤولين في الدولة حتى يلقى هذا المجرم جزاءه.
السائل : نعم.
الشيخ : وأما سؤال السائل عن الهدايا فنقول له: إن الهدايا للمسؤولين في قضية من القضايا التي لك فيها حظ نفس هي في الحقيقة من الرشوة.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلا يقال له: عبد الله بن اللتبية عاملاً على الصدقة، فلما رجع قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، وقال: ( إنا نستعمل الرجل منكم على العمل فيأتي ويقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فيُنظر هل يُهدى له أم لا ) وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( هدايا العمال غلول ) وهذا وإن كان في سنده ما فيه لكنه يؤيده حديث عبد الله بن اللتبية الذي أشرنا إليه.
السائل : نعم.
الشيخ : فالهدايا للعمال والموظفين في قضية تتعلق بك لأجل أن يسهلوها لك هي من الرشوة في الحقيقة فلا يجوز للإنسان أن يستعملها لأنه يرشيهم إلا على الوجه الذي ذكرناه قبل إذا كان يريد أن يتوصل إلى حقه ولم يصل إليه إلا بذلك فإنه يكون مباحاً له وحراما على الأخذ ومع ذلك فإننا لا نشجعه على هذا العمل بل نرى أنه من الواجب عليه أن يرفع هذا وأمثاله إلى المسؤولين.
السائل : نعم، إذًا هو غير جائز للمُهِدي والمُهَدى إليه؟
الشيخ : هو إذا اضطر المُهْدي إلى هذا ولم يتمكن من الوصول إلى حقه إلا بذلك، فهو في ضرورة لا يمكن أن يضيع حقه.
السائل : نعم.
الشيخ : ويكون الإثم على الأخذ ولكن إذا أمكن أن يرفع الأمر إلى السلطات فتُعاقب هذا الرجل وتعطي صاحب الحق حقه فهو الواجب عليه.
السائل : لكن هل يجوز له أن يدفع مثلا ليأخذ حقه ثم يسكت أيضا ما يرفع بهذا المسؤول؟
الشيخ : يجب أن يرفعه كما قلنا.
السائل : نعم، يجب أن يرفع ..
الشيخ : يجب أن يرفعه للمسؤولين، نعم.
السائل : نعم.
الشيخ : حتى يجروا عليه الجزاء اللازم.
السائل : نعم، هذه الرسالة وردتنا من المستمع يقول أخيكم سعيد أبو بكر من المدينة المنورة. يقول في رسالته ما حكم الولائم؟ في الحقيقة هذا السؤال نعرضه دائما في برنامج نور على الدرب لكثرة ما يأتينا عنه من الأخبار ولكثرة ما يأتينا أيضا فيه من الأسئلة والاستفسارات.
السائل : يقول ما حكم الولائم أو الاحتفالات التي يجتمع فيها كثير من المسلمين بعد أسبوع من دفن الميت وبعد أربعين يوماً أيضاً ليدعوا الله بالسعادة مع دليل من الكتاب والسنّة يدل على بطلانه أو جوازه إذا تكرمتم؟
الشيخ : حكم هذا الأمر أنه عمل محدث لم يكن من عمل السلف الصالح ولا شك أن الدعاء من العبادة فإحداث دعاء على هيئة معيّنة وفي وقت معين بدون إذن من الشارع هو من إحداث العبادة التي ليست في دين الله.
السائل : نعم.
الشيخ : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة ) وهذا العموم المحاط بكل لا مخصص له أبدا ودعوى من قال: إن الحديث على إضمار محذوف كل بدعة سيئة فهي ضلالة هذه الدعوة باطلة يُبطلها لفظ الحديث ومعناه لأن اللفظ الأصل فيه أنه متكامل لا يحتاج إلى إضمار ولا حذف وأما المعنى فإنه لو قيل: كل بدعة سيئة ضلالة لم يكن لكلمة بدعة فائدة إطلاقا لأن السيء ضلالة سواء كان مبتدعاً أو غير مبتدع حتى لو كان هذا السيء من الأمور المنصوص عليه كالربا والزنا وما أشبه ذلك.
السائل : نعم.
الشيخ : قلنا: إنه سيء مع أنه ليس بمبتدَع لأنه ذكر حكمه في الشرع وبُيِّن فالمهم أن الذين أضمروا أو قالوا: إن في الحديث إضمارا قولهم مردود بمقتضى اللفظ والمعنى وعلى هذا فالدعاء الذي ذكره الأخ السائل الذي يُجمع في الأسبوع أو في الأربعين يوما هو من هذا النوع يكون بدعة وضلالة.
دليل هذا من القرأن الكريم قوله تعالى: (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ )) فدل هذا على أنه لا يمكن لأحد أن يأذن أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله وأن من شرع من الدين ما لم يأذن به الله فقد جعل نفسه شريكا مع الله وجعل أتباعه مع الله شريكا في العبادة ومشروعية العمل لعباد الله.
وأما من السنّة فهو ما أشرنا إليه من قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة ) وهذا القول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب به يوم الجمعة ليبيّن للناس أن هذا الأمر خطير لما فيه من الاعتداء على الله ورسوله وعدم الأدب مع الله ورسوله وانتقاص الشريعة حيث أكملها بما زعم أنه حسن ولو كان ذلك حسنا لكان مشروعا فهذا يتضمن انتقاص الشريعة أيضا، كذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام إما قاصر وإما مقصّر لأنه إن كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري عن حكم هذه المسألة التي شرعها هذا الرجل فهو قاصر وحاشاه من ذلك.
السائل : نعم.
الشيخ : وإن كان يدري ولم يبلغها لأمته فهو مقصّر أيضا وحاشاه من ذلك. فالمهم أن جميع البدع في الحقيقة كلها تتضمن القدح في الدين والاعتداء على الله ورسوله والتقدم بين يدي الله ورسوله وهي أيضا إما أن يدعي مبتدعوها أن لهم دليلا أو لا يدعون فإن كانوا لا يدعون دليلا فهي باطلة من أصلها لأنه لا دليل عليها وإن ادعوا دليلا لها من كتاب أو سنة قلنا لهم: هذا الدليل الذي ادعيتموه إما أن يكون مستلزما لما قلتم من المشروعية أو غير مستلزم فإن كان غير مستلزم لما قلت من المشروعية فلا دليل فيه لكم وإن كان مستلزما لزم أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام جاهلا بدلالته أو عالما بها ومقصرا في عدم فعلها وعدم الدعوة إليها وحينئذ يستلزم أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام إما قاصرا في علمه أو مقصّرا في دعوته وعمله.
السائل : نعم.
الشيخ : وعلى كل حال فلا خير في البدع وبهذا يُعرف بلاغة الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله العام الشامل: ( كل بدعة ضلالة ) .
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : سؤاله الأخر يقول فيه ورد في الكتاب وبعض كتب الفقه التي معي -طبعاً نحن لا نعرف ما الكتب التي معه- أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره فكيف يتم هذا النكاح وفقكم الله؟
الشيخ : هذا الكتاب الذي ذكره هو في القرأن أيضا.
السائل : نعم.
الشيخ : لأن الله يقول: (( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ )) ثم قال: (( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ )) وهذا النكاح للزوج الثاني يتم.
السائل : يعني إن طلقها بعد الطلقتين الأوليين؟
الشيخ : إي نعم، إن طلقها بعد الطلقتين الأوليين، وهذا النكاح يتم إذا كان النكاح الثاني، نكاح الزوج الثاني نكاح رغبة لا نكاح تحليل أي أنه تزوجها رغبة فيها ثم بعد ذلك مات عنها أو رغِب عنها ولم يوفق في البقاء معها فحينئذ إذا انتهت عدتها منه تحل للزوج الأول.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا بد في هذا النكاح الثاني، لا بد من الوطء بحيث يجامعها فعلا فإن طلقها قبل الجماع ولو مع المسيس والتقبيل فإنها لا تحل للأول لأن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بأن رفاعة طلقها وأنها تزوجت بعده عبد الرحمان بن الزبير وأنه ليس معه إلا مثل هدبة الثوب فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا. حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) .
السائل : نعم.
الشيخ : فالمهم إنه لا بد في نكاح الزوج الثاني من شرطين أحدهما: أن يكون نكاح رغبة، هو يرغب بالمرأة.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا يقصد أن يحللها للزوج الأول والثاني: أن يُجامعها فإن لم يفعل فإنها لا تحل للأول ولو كان النكاح نكاح رغبة وكذلك إذا كان النكاح نكاح تحليل فإنها لا تحل للزوج الأول. نعم.
السائل : كيف نكاح تحليل؟
الشيخ : نكاح التحليل معناه أنه يقصد بهذا النكاح أن يجامعها ثم يطلقها في الحال لأجل أن تحل للزوج الأول.
السائل : نعم.
الشيخ : وليس له غرض في هذه المرأة إنما غرضه مصلحة الزوج الأول فقط فنقول في هذه الحال: لا تحل للزوج الأول لأن نكاح التحليل باطل فإن النكاح لا بد أن يكون نكاح رغبة يُقصد به الالتئام بين الزوجين.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا ما أراده وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن الله المحلل والمحلل له ) .
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : أثابكم الله.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، الرشوة هي كل ما يتوصل به الإنسان إلى غرضه مشتقة من الرشا وهو الحبل الذي يدلى به الدلو ليستقى به من البئر وهي في الحقيقة تنقسم إلى قسمين، رشوة يتوصل بها الإنسان إلى باطل بدفع حق واجب عليه أو الحصول على ما ليس له فهذه محرمة على الأخذ وعلى المعطي أيضا.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه لعن الراشي والمرتشي ) واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا يدل على أنها من كبائر الذنوب حيث رتبت عليها هذه العقوبة العظيمة.
والقسم الثاني: رشوة يتوصل بها الإنسان إلى حقه المشروع أو دفع باطل عنه وهذه محرمة في حق الأخذ وجائزة في حق المأخوذ منه لأنه يريد أن يتخلص من الظلم أو يتوصل إلى حقه وهو غير ملوم على هذا.
السائل : نعم.
الشيخ : ولكن إذا حصل مثل هذا في مسؤولين من الدولة فإنه يجب على المواطنين أن يساعدوا الدولة في القضاء على هذه المشكلة بإبلاغ الدولة بما حصل من هذا الجاني الذي جنى على الدولة وعلى المواطنين حيث منعهم حقوقهم المشروعة أو حاول أن يحمّلهم ما لا يلزمهم بسلطة النظام الذي هو مسؤول فيه أو بسلطة العمل الذي هو مسؤول فيه والدولة لا ترضى بهذا.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا سيما هنا في المملكة العربية السعودية فإن الدولة كما بلغني تُحارب هذا محاربة بالغة عظيمة وحق لها أن تفعل لما فيه من اختلال النظام والظلم وإضاعة الحقوق.
السائل : نعم.
الشيخ : فالدولة في هذا مشكورة ولكن التقصير منا نحن المواطنين فإن كثيرا من الناس تغلبهم العاطفة بالنسبة لهذا المسؤول، لا يحبون أن يوقعوه تحت يدي العدالة التي تنكل به وتمنع هذا الغشم والظلم منه.
السائل : نعم.
الشيخ : ثم إن بعض الناس أيضا يقول: إن هذا يطول علي، كوني أرفع الأمر إلى الدولة يكون فيه سؤال وجواب وتطويل وأنا لست بمسؤول عن هذا وفي الحقيقة أنه مسؤول عن هذا لأن الدولة إذا بلغها هذا الخبر من هذا الشخص وثبت عندها فإنها سوف تنكل به، تجعله نكالا لمن قبله ولمن بعده ولمن وراءه من المسؤولين وبهذا تحصل الفائدة العظيمة للدولة وللمسؤولين أنفسهم حيث يتورعون عن هذا العمل المشين المحرم.
وخلاصة الأمر أن الرشوة قسمان: رشوة محرمة على الأخذ والمعطي وهي التي يُتوصل بها إلى إثبات باطل أو دفع حق.
السائل : نعم.
الشيخ : ورشوة محرمة على الأخذ دون المعطي وهي التي يتوصل بها المعطي إلى حقه أو دفع الظلم عنه ولكن مع ذلك إذا كان هذا موجودا فإنه يجب أن يُرفع للمسؤولين في الدولة حتى يلقى هذا المجرم جزاءه.
السائل : نعم.
الشيخ : وأما سؤال السائل عن الهدايا فنقول له: إن الهدايا للمسؤولين في قضية من القضايا التي لك فيها حظ نفس هي في الحقيقة من الرشوة.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلا يقال له: عبد الله بن اللتبية عاملاً على الصدقة، فلما رجع قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، وقال: ( إنا نستعمل الرجل منكم على العمل فيأتي ويقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فيُنظر هل يُهدى له أم لا ) وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( هدايا العمال غلول ) وهذا وإن كان في سنده ما فيه لكنه يؤيده حديث عبد الله بن اللتبية الذي أشرنا إليه.
السائل : نعم.
الشيخ : فالهدايا للعمال والموظفين في قضية تتعلق بك لأجل أن يسهلوها لك هي من الرشوة في الحقيقة فلا يجوز للإنسان أن يستعملها لأنه يرشيهم إلا على الوجه الذي ذكرناه قبل إذا كان يريد أن يتوصل إلى حقه ولم يصل إليه إلا بذلك فإنه يكون مباحاً له وحراما على الأخذ ومع ذلك فإننا لا نشجعه على هذا العمل بل نرى أنه من الواجب عليه أن يرفع هذا وأمثاله إلى المسؤولين.
السائل : نعم، إذًا هو غير جائز للمُهِدي والمُهَدى إليه؟
الشيخ : هو إذا اضطر المُهْدي إلى هذا ولم يتمكن من الوصول إلى حقه إلا بذلك، فهو في ضرورة لا يمكن أن يضيع حقه.
السائل : نعم.
الشيخ : ويكون الإثم على الأخذ ولكن إذا أمكن أن يرفع الأمر إلى السلطات فتُعاقب هذا الرجل وتعطي صاحب الحق حقه فهو الواجب عليه.
السائل : لكن هل يجوز له أن يدفع مثلا ليأخذ حقه ثم يسكت أيضا ما يرفع بهذا المسؤول؟
الشيخ : يجب أن يرفعه كما قلنا.
السائل : نعم، يجب أن يرفع ..
الشيخ : يجب أن يرفعه للمسؤولين، نعم.
السائل : نعم.
الشيخ : حتى يجروا عليه الجزاء اللازم.
السائل : نعم، هذه الرسالة وردتنا من المستمع يقول أخيكم سعيد أبو بكر من المدينة المنورة. يقول في رسالته ما حكم الولائم؟ في الحقيقة هذا السؤال نعرضه دائما في برنامج نور على الدرب لكثرة ما يأتينا عنه من الأخبار ولكثرة ما يأتينا أيضا فيه من الأسئلة والاستفسارات.
السائل : يقول ما حكم الولائم أو الاحتفالات التي يجتمع فيها كثير من المسلمين بعد أسبوع من دفن الميت وبعد أربعين يوماً أيضاً ليدعوا الله بالسعادة مع دليل من الكتاب والسنّة يدل على بطلانه أو جوازه إذا تكرمتم؟
الشيخ : حكم هذا الأمر أنه عمل محدث لم يكن من عمل السلف الصالح ولا شك أن الدعاء من العبادة فإحداث دعاء على هيئة معيّنة وفي وقت معين بدون إذن من الشارع هو من إحداث العبادة التي ليست في دين الله.
السائل : نعم.
الشيخ : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة ) وهذا العموم المحاط بكل لا مخصص له أبدا ودعوى من قال: إن الحديث على إضمار محذوف كل بدعة سيئة فهي ضلالة هذه الدعوة باطلة يُبطلها لفظ الحديث ومعناه لأن اللفظ الأصل فيه أنه متكامل لا يحتاج إلى إضمار ولا حذف وأما المعنى فإنه لو قيل: كل بدعة سيئة ضلالة لم يكن لكلمة بدعة فائدة إطلاقا لأن السيء ضلالة سواء كان مبتدعاً أو غير مبتدع حتى لو كان هذا السيء من الأمور المنصوص عليه كالربا والزنا وما أشبه ذلك.
السائل : نعم.
الشيخ : قلنا: إنه سيء مع أنه ليس بمبتدَع لأنه ذكر حكمه في الشرع وبُيِّن فالمهم أن الذين أضمروا أو قالوا: إن في الحديث إضمارا قولهم مردود بمقتضى اللفظ والمعنى وعلى هذا فالدعاء الذي ذكره الأخ السائل الذي يُجمع في الأسبوع أو في الأربعين يوما هو من هذا النوع يكون بدعة وضلالة.
دليل هذا من القرأن الكريم قوله تعالى: (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ )) فدل هذا على أنه لا يمكن لأحد أن يأذن أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله وأن من شرع من الدين ما لم يأذن به الله فقد جعل نفسه شريكا مع الله وجعل أتباعه مع الله شريكا في العبادة ومشروعية العمل لعباد الله.
وأما من السنّة فهو ما أشرنا إليه من قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة ) وهذا القول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب به يوم الجمعة ليبيّن للناس أن هذا الأمر خطير لما فيه من الاعتداء على الله ورسوله وعدم الأدب مع الله ورسوله وانتقاص الشريعة حيث أكملها بما زعم أنه حسن ولو كان ذلك حسنا لكان مشروعا فهذا يتضمن انتقاص الشريعة أيضا، كذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام إما قاصر وإما مقصّر لأنه إن كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري عن حكم هذه المسألة التي شرعها هذا الرجل فهو قاصر وحاشاه من ذلك.
السائل : نعم.
الشيخ : وإن كان يدري ولم يبلغها لأمته فهو مقصّر أيضا وحاشاه من ذلك. فالمهم أن جميع البدع في الحقيقة كلها تتضمن القدح في الدين والاعتداء على الله ورسوله والتقدم بين يدي الله ورسوله وهي أيضا إما أن يدعي مبتدعوها أن لهم دليلا أو لا يدعون فإن كانوا لا يدعون دليلا فهي باطلة من أصلها لأنه لا دليل عليها وإن ادعوا دليلا لها من كتاب أو سنة قلنا لهم: هذا الدليل الذي ادعيتموه إما أن يكون مستلزما لما قلتم من المشروعية أو غير مستلزم فإن كان غير مستلزم لما قلت من المشروعية فلا دليل فيه لكم وإن كان مستلزما لزم أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام جاهلا بدلالته أو عالما بها ومقصرا في عدم فعلها وعدم الدعوة إليها وحينئذ يستلزم أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام إما قاصرا في علمه أو مقصّرا في دعوته وعمله.
السائل : نعم.
الشيخ : وعلى كل حال فلا خير في البدع وبهذا يُعرف بلاغة الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله العام الشامل: ( كل بدعة ضلالة ) .
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : سؤاله الأخر يقول فيه ورد في الكتاب وبعض كتب الفقه التي معي -طبعاً نحن لا نعرف ما الكتب التي معه- أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره فكيف يتم هذا النكاح وفقكم الله؟
الشيخ : هذا الكتاب الذي ذكره هو في القرأن أيضا.
السائل : نعم.
الشيخ : لأن الله يقول: (( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ )) ثم قال: (( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ )) وهذا النكاح للزوج الثاني يتم.
السائل : يعني إن طلقها بعد الطلقتين الأوليين؟
الشيخ : إي نعم، إن طلقها بعد الطلقتين الأوليين، وهذا النكاح يتم إذا كان النكاح الثاني، نكاح الزوج الثاني نكاح رغبة لا نكاح تحليل أي أنه تزوجها رغبة فيها ثم بعد ذلك مات عنها أو رغِب عنها ولم يوفق في البقاء معها فحينئذ إذا انتهت عدتها منه تحل للزوج الأول.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا بد في هذا النكاح الثاني، لا بد من الوطء بحيث يجامعها فعلا فإن طلقها قبل الجماع ولو مع المسيس والتقبيل فإنها لا تحل للأول لأن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بأن رفاعة طلقها وأنها تزوجت بعده عبد الرحمان بن الزبير وأنه ليس معه إلا مثل هدبة الثوب فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا. حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) .
السائل : نعم.
الشيخ : فالمهم إنه لا بد في نكاح الزوج الثاني من شرطين أحدهما: أن يكون نكاح رغبة، هو يرغب بالمرأة.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا يقصد أن يحللها للزوج الأول والثاني: أن يُجامعها فإن لم يفعل فإنها لا تحل للأول ولو كان النكاح نكاح رغبة وكذلك إذا كان النكاح نكاح تحليل فإنها لا تحل للزوج الأول. نعم.
السائل : كيف نكاح تحليل؟
الشيخ : نكاح التحليل معناه أنه يقصد بهذا النكاح أن يجامعها ثم يطلقها في الحال لأجل أن تحل للزوج الأول.
السائل : نعم.
الشيخ : وليس له غرض في هذه المرأة إنما غرضه مصلحة الزوج الأول فقط فنقول في هذه الحال: لا تحل للزوج الأول لأن نكاح التحليل باطل فإن النكاح لا بد أن يكون نكاح رغبة يُقصد به الالتئام بين الزوجين.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا ما أراده وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن الله المحلل والمحلل له ) .
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : أثابكم الله.
اضيفت في - 2005-05-06