يقول إنه مصابٌ بضيق الصدر وكثرة الشكوك والوساوس وخاصةً حينما يقرأ في كتب الفقه في أبواب الطلاق والأيمان وخصوصاً حينما يصف حالة رجلٍ طلق زوجته ويذكر قوله بلسانه كأنه هو الناطق بذلك فإنه يخشى أن يقع منه طلاقٌ رغم أنه يصف طلاق شخصٍ آخر مما سبب له القلق والشك فهل يقع منه أو من أمثاله ممن يرون حالة طلاقٍ من الغير على ألسنتهم أو مثلاً في حالة تعليمٍ أو نحو ذلك كما أنه يطلب شرح الحديث إن كان صحيحاً بهذا اللفظ ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، هذا الأخ الذي ابتلي بهذا الأمر وهو الوسواس فيما يتعلق بالطلاق والأيمان نُخبره ونُرشده إلى أن هذا الأمر الذي يقع منه قد يُبتلى به بعض الناس وهو كثير ودواؤه أن يستعيذ الإنسان بالله تعالى من الشيطان الرجيم وأن لا يلتفت إليه وأن يعلم أن اليقين لا يُزال بالشك وأن النكاح الثابت الباقي لا يمكن أن يُزال بمجرد أوهام ووساوس وأن زوجته لا تطلق إذا حكى طلاق غيره أو قرأ في كتب العلم ذكر الطلاق أو علّم أحدا ممن يقرؤ عنده بأحكام الطلاق فإن الزوجة لا تطلق بذلك بل إنه إذا غلِب عليه حتى لفظ بالطلاق مغلوبا عليه بدون قصد ولا إرادة فإنه لا يقع منه الطلاق في هذه الحال فإن بعض الموسوسين في هذا الأمر يجد من نفسه ضيقا عظيما وحرجا شديدا حتى ينطق بالطلاق بدون إرادة وبدون قصد فمثل هذا لا يقع طلاقه إنما يقع الطلاق إذا أراده الإنسان إرادة حقا وكتبه بيده أو نطق به بلسانه مريدا له غير ملجئ إليه ولا مغلق عليه فكره حينئذ فهذا هو الذي يقع عليه الطلاق ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الموسوس لا يقع طلاقه.
وعلى كل حال فإن دواء هذا الوسواس الذي أصاب الأخ السائل وربما أصاب غيره كثيرا دواؤه أن لا يلتفت الإنسان إليه وأن لا يهتم به وأن يعلم أنه إذا حكى طلاق غيره أو قرأ في الفقه باب الطلاق أو درّس طلبة في باب الطلاق فإنه لا تطلق زوجته إذا قال مثل: أنت طالق يُريد أن يُمثّل به للطلبة أو نحو ذلك ونصيحتي لهذا وأمثاله أن لا يلتفتوا إلى هذه الوساوس أبدا والشيطان يجري من ابن ءادم مجرى الدم ويُدخل عليه وساوس في أمور عظيمة كمسألة الطلاق ومسألة الصلاة بل حتى مسألة الإيمان بالله سبحانه وتعالى ودواء ذلك أن يستعيذ بالله من هذا الأمر وأن ينتهي ويُعرض عنه ويلهو عنه وهو بحوْل الله سيزول وقد جرّب ذلك كثير من الناس فانتفعوا حينما كانوا يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم عند إصابتهم بهذا وينتهون عما يوسوسون به فرأوا من ذلك فائدة عظيمة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بمثل هذا حين شكوا إليه أنهم يجدون في نفوسهم ما لو خر أحدهم من السماء لكان أحب إليه من أن ينطق به أو لو كان حممة أي فُحمة محترقة لكان أحب إليهم ما ينطق به فأرشدهم إلى ذلك صلى الله عليه وسلم.
السائل : اللهم صلي على محمد والحديث الذي ذكره ماذا عن صحته؟
الشيخ : أما الحديث الذي ذكره فهو صحيح.
السائل : نعم.
الشيخ : فإن الطلاق والنكاح والعتق هزله جد فمن عقد النكاح وقال أنا هازل فإنه لا يُقبل قوله هذا لأنه عقده وأراده وثبوت الحكم عند الله عز وجل وكذلك من طلّق ولو كان هازلا فإن طلاقه يقع مادام أراد الطلاق فلو كان يُمازح زوجته فقال لها: أنت طالق وهو يُمازحها فإنها تطلق بذلك وبهذا نرى أنه يجب على الإنسان أن يحترز في مثل هذه الأمور وأن لا يتلاعب بالطلاق.
1 - يقول إنه مصابٌ بضيق الصدر وكثرة الشكوك والوساوس وخاصةً حينما يقرأ في كتب الفقه في أبواب الطلاق والأيمان وخصوصاً حينما يصف حالة رجلٍ طلق زوجته ويذكر قوله بلسانه كأنه هو الناطق بذلك فإنه يخشى أن يقع منه طلاقٌ رغم أنه يصف طلاق شخصٍ آخر مما سبب له القلق والشك فهل يقع منه أو من أمثاله ممن يرون حالة طلاقٍ من الغير على ألسنتهم أو مثلاً في حالة تعليمٍ أو نحو ذلك كما أنه يطلب شرح الحديث إن كان صحيحاً بهذا اللفظ ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق ؟ أستمع حفظ
طيب بالنسبة لعقد النكاح هل تمثلون بمثال لانعقاده في حالة مثلاً هزل ؟
الشيخ : أي نعم ممكن.
السائل : نعم.
الشيخ : ممكن أن يكون بعض الناس مثلا يمزح مع واحد فيقول مثلا أنا أريد أن تزوّجني بنتك وما أشبه ذلك أو يقول له مثلا لا أنا عندك لست بكفؤ ما أنت مزوّجني فيقول لا أنا أزوّجك ويمزح عليه ويقول زوّجتك فيقول قبِلت وهذا ربما يقع.
السائل : نعم.
الشيخ : فإذا حصل هذا الشيء انعقد النكاح.
السائل : ينعقد لا بد أن يكون من ولي الفتاة نفسها؟
الشيخ : إي نعم، لا بد أن يكون من وليها وأن يكون عند من يشترط الإشهاد أن يكون بحضور شهود.
السائل : نعم، بارك الله فيكم.
الشيخ : وأما الوعد المجرد فهذا لا ينعقد به النكاح مثل أن يقول سأزوّجك بنتي أو انتظر حتى تكبر أو ما أشبه ذلك فهذا لا ينعقد به النكاح لأنه وعد.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : هذه رسالة من المستمع ع م ع مصري يعمل بجدة.
يقول أنا شابٌ في الرابعة والثلاثين من عمري متزوجٌ منذ خمس سنوات ولي طفلان والحمد لله وقد وقعت في أخطاء كثيرة في شبابي وأذن الله لي بالتوبة الصادقة والحمد لله وهداني إلى طريقه القويم وزادني الله هدايةً والحمد لله بعد أن من علي بنعمة الزواج والذرية أجاهد الآن بعون الله في الاستمرار والاستزادة على طريق الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وما يقلقني الآن بل وينغص علي حياتي وخاصةً أثناء أدائي لأي شعيرةٍ أو فريضةٍ أو حتى نافلة هو تذكري الدائم والمستمر لما وقعت فيه من أخطاء أثناء شبابي وخاصةً أنني قد زللت في أخطاء هي من أكبر الكبائر وسؤالي هو أليس هناك من سبيلٍ بعد أن تبت إلى الله توبةً صادقة إلى إراحة نفسي من آلامها الموجعة كلما تذكرت تلك الخطايا وخاصة الكبائر منها إنني أفكر في طريقةٍ ربما تساعدني على نسيان هذه الخطايا ولكنها تحتاج إلى فتوىً منكم وهذه الطريقة تتلخص في إقامة الحد الشرعي على نفسي فيما ارتكبته من كبائر فهل يلزمني هذا وكيف السبيل إلى ذلك علماً أن بعضها قد تكرر أكثر من مرة في الزمن الذي أشرت إليكم به أرجو إرشادي إلى عملٍ يريحني ويطمئنني إلى قبول توبتي الصادقة ؟
الشيخ : هذه التوبة هي في الحقيقة توبة صادقة فإن هذا الندم العظيم الذي جرى منك والإقلاع الذي حصل هو حقيقة التوبة ولا سيما وأنت والحمد لله حسب ما وصفت عن نفسك الأن ملتزم بطاعة الله سبحانه وتعالى حريص على فعل الخير والانكفاف عن الشر فأنت الأن قد تبت حسب ما وصفت عن حالك توبة نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها منك وثق يا أخي بأنك مادمت على هذا الوصف فإن جميع ما سلف قد محاه الله عز وجل بل إن الله يقول (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا )) فأنت بحول الله ممن يُبدّل الله سيئاتهم حسنات مادمت قد صدقت في توبتك وندمت هذا الندم العظيم ولا تلتفت إلى ما سبق بل إن التفتت إليه فلا تلتفت على أنه أمر لم يُغفر فإن الله يقول: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) ولكن تنظر إليه على أنه ذنب وقع منك فتشكر الله سبحانه وتعالى على هدايته إياك أن أقلعت عنه وتزداد استغفارا وتوبة وتمسّكا بما أنت عليه من الحق والله الموفق.
السائل : بارك الله فيكم.
هذا السائل عامر أحمد محمد من مكة المكرمة.
3 - يقول أنا شابٌ في الرابعة والثلاثين من عمري متزوجٌ منذ خمس سنوات ولي طفلان والحمد لله وقد وقعت في أخطاء كثيرة في شبابي وأذن الله لي بالتوبة الصادقة والحمد لله وهداني إلى طريقه القويم وزادني الله هدايةً والحمد لله بعد أن من علي بنعمة الزواج والذرية أجاهد الآن بعون الله في الاستمرار والاستزادة على طريق الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وما يقلقني الآن بل وينغص علي حياتي وخاصةً أثناء أدائي لأي شعيرةٍ أو فريضةٍ أو حتى نافلة هو تذكري الدائم والمستمر لما وقعت فيه من أخطاء أثناء شبابي وخاصةً أنني قد زللت في أخطاء هي من أكبر الكبائر وسؤالي هو أليس هناك من سبيلٍ بعد أن تبت إلى الله توبةً صادقة إلى إراحة نفسي من آلامها الموجعة كلما تذكرت تلك الخطايا وخاصة الكبائر منها إنني أفكر في طريقةٍ ربما تساعدني على نسيان هذه الخطايا ولكنها تحتاج إلى فتوىً منكم وهذه الطريقة تتلخص في إقامة الحد الشرعي على نفسي فيما ارتكبته من كبائر فهل يلزمني هذا وكيف السبيل إلى ذلك علماً أن بعضها قد تكرر أكثر من مرة في الزمن الذي أشرت إليكم به أرجو إرشادي إلى عملٍ يريحني ويطمئنني إلى قبول توبتي الصادقة ؟ أستمع حفظ
يقول في يوم الجمعة دخلت المسجد للصلاة وقام الإمام يخطب ودخل المسجد واحدٌ من المصلين فصلى تحية المسجد ثم جلس بجانبي وسلم علي باليد مصافحاً والإمام يخطب فهل من حقي أن أصافحه باليد وأرد السلام عليه أو أعمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من مس الحصا فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له فقد أومأت له برأسي وبعد أن فرغ الإمام من الخطبة سلمت عليه واعتذرت منه وأخبرته بالحديث فهل الحديث صحيحٌ أم ضعيف وهل الحق مع فيما فعلت ؟
الشيخ : الإنسان إذا جاء والإمام يخطب يوم الجمعة فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ويجلس ولا يسلّم على أحد فالسلام على الناس في هذه الحال محرّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت ) وكذلك قال: ( من مس الحصا فقد لغى ) واللاغي معناه الذي أتى شيئا من اللغو وربما يكون هذا اللغو الذي حصل منه مفوّتا لثواب الجمعة ولهذا جاء في الحديث: ( ومن لغا فلا جمعة له ) .
وإذا سلّم عليك أحدٌ فلا ترد عليه السلام باللفظ، لا تقل: وعليك السلام حتى لو قاله باللفظ لا تقل: وعليك السلام أما مصافحته فإنه لا بأس بها وإن كان الأوْلى أيضا عدم المصافحة وغمزه ليشعر بأن هذا ليس موضع مصافحة لأن في المصافحة نوعا من العبث الذي قد يُخرج الإنسان عن تمام الاستماع إلى الخطبة وما صنعت من كوْنك نبّهته حين انتهت الخطبة على أن هذا أمر لا ينبغي فهو حسن وليت مثلك كثير فإن بعض الناس يكون جاهلا في هذا الأمر فيرد السلام أو ربما يخسره ويتركه ويهجره ولا يخبره إذا انتهى الخطيب لماذا صنع هذا، على أن من أهل العلم من قال: إن له رد السلام ولكن الصحيح أنه ليس له أن يرد السلام لأن واجب الاستماع مقدّم على واجب الرد ثم إن المسلّم في هذه الحال ليس له حق أن يُسلّم لأن ذلك يشغل الناس عما يجب استماعهم إليه فالصواب أنه لا رد ولا ابتداء للسلام والإمام يخطب.
4 - يقول في يوم الجمعة دخلت المسجد للصلاة وقام الإمام يخطب ودخل المسجد واحدٌ من المصلين فصلى تحية المسجد ثم جلس بجانبي وسلم علي باليد مصافحاً والإمام يخطب فهل من حقي أن أصافحه باليد وأرد السلام عليه أو أعمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من مس الحصا فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له فقد أومأت له برأسي وبعد أن فرغ الإمام من الخطبة سلمت عليه واعتذرت منه وأخبرته بالحديث فهل الحديث صحيحٌ أم ضعيف وهل الحق مع فيما فعلت ؟ أستمع حفظ
تحدث بعض المأمومين مع الإمام أو مثلاً إصلاح جهاز مكبر الصوت فيما لو حصل فيه عطل أثناء الخطبة لكي تعم الفائدة هل يدخل هذا في المنع ؟
الشيخ : التحدّث مع الإمام فيما فيه المصلحة أو الحاجة لا بأس به.
السائل : نعم.
الشيخ : بل للإمام مثلا أن يقول لمن دخل وجلس قم فصل ركعتين وله أن يقول لمن يتردّد بين الصفوف أو يتخطى الرقاب اجلس فقد ءاذيت وله أيضا أن يتكلم مع من يُصلّح جهاز مكبّر الصوت إذا حصل فيه عطل أو يتكلم مع إنسان ليفتح الشبابيك إذا حصل على الناس غم وضيق تنفس أو ما أشبه ذلك، المهم أن الخطيب له أن يُكلّم من شاء للمصلحة أو للحاجة وكذلك لغيره أن يُكلّمه للمصلحة أو للحاجة. نعم.
السائل : نعم، هذه رسالة من المستمع إبراهيم محمد بعث بعدة أسئلة.
5 - تحدث بعض المأمومين مع الإمام أو مثلاً إصلاح جهاز مكبر الصوت فيما لو حصل فيه عطل أثناء الخطبة لكي تعم الفائدة هل يدخل هذا في المنع ؟ أستمع حفظ
يقول في سؤاله الأول كيف تقدر مدة المسح على الخفين أهي بالساعات أم بالفروض وكيف ذلك بالنسبة للمسافر والمقيم وهل تقاس عليها العمامة التي تربط على الرأس بإحكامٍ ولا يسهل خلعها عند كل وضوءٍ أم لا ؟
الشيخ : هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاج الناس إلى بيانها ولهذا سوف نجعل الجواب أوسع من السؤال إن شاء الله تعالى.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : فنقول: إن المسح على الخفين ثابت بدلالة الكتاب والسنّة، أما الكتاب فهو من قوله تعالى: (( يَا أَ يُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )) (( أرجلِكم )) بكسر اللام.
السائل : نعم.
الشيخ : فتكون معطوفة على قوله: (( برؤوسكم )) فتدخل في ضمن الممسوح والقراءة التي يقرؤها الناس في المصاحف: (( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ )) بفتح اللام فهي معطوفة على الوجه، على وجوهكم، فتكون من ضمن المغسول وحينئذٍ فالأرجل بناء على القراءتين إما أن تُغسل وإما أن تُمسح وقد بيّنت السنّة متى يكون الغسل ومتى يكون المسح، يكون الغسل حين تكون القدم مكشوفة ويكون المسح حين تكون مستورة بالخف ونحوه.
السائل : نعم.
الشيخ : أما السنّة فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين وعدّه أهل العلم من المتواتر كما قال من نظم ذلك:
" مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤيةٌ شفاعةٌ والحوض ومسح الخفين وهذي بعض " .
فمسح الخفين مما تواترت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسح على الخفين إذا كان الإنسان قد لبِسهما على طهارة أفضل من خلعهما وغسل الرجل ولهذا لما أراد المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن ينزع خفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وضوئه، قال له: ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) ثم مسح عليهما وللمسح على الخفين شروط، الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة، على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والأكبر.
السائل : نعم.
الشيخ : فإن لبسهما على غير طهارة فإنه لا يصح المسح عليهما والشرط الثاني: أن يكون المسح في مدة المسح كما سيأتي بيان المدة إن شاء الله تعالى.
والشرط الثالث: أن يكون المسح في الطهارة الصغرى أي في الوضوء أما إذا صار على الإنسان غسل فإنه يجب عليه أن يخلع الخفين ليغسل جميع بدنه ولهذا لا مسح على الخفين في الجنابة كما في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، هذه الشروط الثلاثة من شروط المسح، جواز المسح على الخفين أما المدة فإنها يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ولا عِبرة بعدد الصلوات بل العِبرة بالزمن فالرسول عليه الصلاة والسلام وقّتها يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر واليوم والليلة هو أربع وعشرون ساعة وثلاثة الأيام بلياليها اثنتان وسبعون ساعة.
السائل : نعم.
الشيخ : لكن متى تبتدئ هذه المدة؟ تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح وليس من لبس الخف ولا من الحدث بعد اللبس.
السائل : نعم.
الشيخ : لأن الشرع جاء بلفظ المسح والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلا، يمسح المقيم يوما وليلة ويمسح المسافر ثلاثة أيام فلا بد من تحقق المسح وهذا لا يكون إلا بابتداء المسح بأول مرة.
السائل : هو الوقت الذي ينتهي به؟
الشيخ : فيكون ابتداء المدة من أول مرة مسح فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح انتهى وقت المسح بالنسبة للمقيم وإذا تمت اثنتان وسبعون ساعة انتهى المسح بالنسبة للمسافر ونضرب لذلك مثلا يتبيّن به الأمر، رجل تطهّر لصلاة الفجر ثم لبس الخفين ثم بقي على طهارته حتى صلى الظهر وهو على طهارته وصلى العصر وهو على طهارته وبعد صلاة العصر في الساعة الخامسة تطهّر لصلاة المغرب ثم مسح فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة من اليوم الثاني فإذا قُدّر أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعا وبقي على طهارته حتى صلى المغرب وصلى العشاء فإنه حينئذ يكون صلى في هذه المدة صلاة الظهر أول يوم والعصر والمغرب والعشاء والفجر في اليوم الثاني والظهر والعصر والمغرب والعشاء فهذه تسع صلوات صلاها وبهذا علِمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما هو مفهوم عند كثير من العامة حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض هذا لا أصل له وإنما الشرع وقّته بيوم وليلة تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح وفي هذا المثال الذي ذكرنا عرفت كم صلى من صلاة في لبس الخفين.
السائل : نعم.
الشيخ : وبهذا المثال الذي ذكرناه تبيّن أنه إذا تمت مدة المسح فإنه لا يمسح بعد هذه المدة ولو مسح بعد المدة بعد تمامها فمسحه باطل لا يرتفع به الحدث لكن لو مسح قبل أن تتم المدة ثم استمر على طهارته بعد تمام المدة فإن وضوءه لا ينتقض بل يبقى على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء.
السائل : نعم.
الشيخ : فهذا المثال الذي ذكرنا، ذكرنا أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعا أي قبل تمام المدة بربع ساعة ثم بقي على طهارته إلى المغرب وإلى العشاء، فيصلي المغرب والعشاء بطهارته وذلك لأن القول بأن الوضوء ينتقض بتمام المدة أي بتمام مدة المسح قول لا دليل له فإن تمام المدة معناه أنه لا مسح بعد تمامها وليس معناه أنه لا طهارة بعد تمامها فإذا كان الموقت هو المسح دون الطهارة فإنه لا دليل على انتقاضها بتمام المدة وحينئذ نقول في تقرير دليل ما ذهبنا إليه هذا الرجل توضأ وضوءا صحيحا بمقتضى دليل شرعي صحيح وإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن نقول بانتقاض هذا الوضوء إلا بدليل شرعي صحيح ولا دليل على أنه ينتقض بتمام المدة وحينئذ فتبقى طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء التي ثبتت بالكتاب أو السنّة.
هذه خلاصة موجزة عن المسح على الخفين وله فروع كثيرة لكنه ليس هذا موضع ذكرها وهي معلومة في كتب أهل العلم والحمد لله.
أما المسافر.
السائل : نعم.
الشيخ : فإنه له ثلاثة أيام بلياليها أي اثنتان وسبعون ساعة تبتدئ من أول مرة مسح ولهذا ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن الرجل لو لبس خفيه وهو مقيم في بلده ثم أحدث في نفس البلد ثم سافر ولم يمسح إلا بعد أن سافر قالوا: فإنه يتم مسح مسافر في هذه الحالة فاعتبروا ابتداء المدة من المسح، من أول مرة مسح وهذا مما يدل على ضعف القول بأن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس.
أما مسألة العِمامة فالعمامة قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز المسح عليها وهي من حيث النظر أوْلى بالمسح من الخفين لأنها ملبوسة على ممسوح فهي أصلا طهارة هذا العضو وهو الرأس أخف من طهارة الرجلين لأن طهارته تكون بالمسح فالفرع عنه وهي العمامة يكون كذلك بالمسح ولكن هل يُشترط فيها ما يُشترط في الخف بأن يلبسها على طهارة وتتقيّد مدتها بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر أو أن المسح عليها مطلق متى كانت على الرأس مسحها سواء لبسها على طهارة وبدون توقيت إلا أنه في الحدث الأكبر لا يمسح عليها لأنه لا بد من الغسل في جميع البدن؟ هذا فيه خلاف بين أهل العلم والذين قالوا: بأنه لا يُشترط لُبسها على طهارة ولا مدة لها قالوا: لأنه ليس في ذلك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقياسها على الخفين، على ما يقولون قياس مع الفارق لأن الخفين لبِسا على عضو مغسول، طهارته لا بد من الغسل فيها وأما هذه فقد لبِست على عضو ممسوح طهارته أخف فلهذا لا يُشترط للبسها طهارة ولا توقيت لها ولكن لا شك أن الاحتياط أوْلى والأمر في هذا سهل فإنه ينبغي أن لا يلبسها إلا على طهارة وأن يخلعها إذا تمت مدة المسح ويمسح رأسه ثم يُعيدها.
6 - يقول في سؤاله الأول كيف تقدر مدة المسح على الخفين أهي بالساعات أم بالفروض وكيف ذلك بالنسبة للمسافر والمقيم وهل تقاس عليها العمامة التي تربط على الرأس بإحكامٍ ولا يسهل خلعها عند كل وضوءٍ أم لا ؟ أستمع حفظ
ما هي الأشياء التي تبطل مدة المسح على الخفين أو على العمامة غير انتهاء المدة ؟
الشيخ : يُبطل المسح أيضا خلْع الخف.
السائل : نعم.
الشيخ : إذا خلع الخف بطل المسح في أي وقت كان.
السائل : نعم.
الشيخ : في أي وقت كان لكن الطهارة باقية ودليل كوْن خلع الخف يُبطل المسح حديث صفوان بن عسال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا ) فدل هذا على أن النزع يُبطل المسح فإذا نزع الإنسان خفه بعد مسحه بطل المسح عليه بمعنى أنه لا يُعيد لُبسه فيمسح عليه إلا بعد أن يتوضأ وضوءا كاملا يغسل فيه الرجلين وأما طهارته إذا خلعه فإنها باقية فالطهارة لا تنتقض بخلع الممسوح وذلك لأن الماسح إذا مسح تمّت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي فلا تنتقض هذه الطهارة إلا بمقتضى دليل شرعي وليس هناك دليل شرعي على أنه إذا خلع الممسوح بطل الوضوء وإنما الدليل على أنه إذا خلع الممسوح بطل المسح أي لا يُعاد المسح مرة أخرى إلا بعد غسل الرجل، بعد غسل الرجل ... وضوء كامل وعليه فنقول: إن الأصل بقاء هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي حتى يوجد الدليل وإذا لم يكن دليل فإن الوضوء يبقى غير منتقض وهذا هو القول الراجح عندنا.
السائل : جزاكم الله خير الجزاء.