رجل حج عن نفسه وغيره وهو تارك للصلاة والصيام ثم تاب إلى الله فما حكم حجه عن نفسه وعن غيره وهل يلزمه إعادته ؟
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين وبعد، فإني أسأل الله تعالى لمن سمّى نفسه أو لقبها براغب الجنة أن يكون هذا اللقب مطابقاً لمن لقب به فيكون حريصاً على الأعمال التي توصله إلى هذه الجنة والتي ذكرها الله تعالى في قوله (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )) ونرجو أن يكون ذلك متحققاً حيث هداه الله سبحانه وتعالى إلى الإيمان بعد الضلال والكفر.
وما ذكره من أنه كان في أول أمره تاركاً للصلاة والصيام وأنه حج مرة لنفسه وهو على هذه الحال ومرة لأحد أقاربه وهو على هذه الحال أيضاً ثم يسأل ما شأن هاتين الحجتين وماذا يجب عليه بإزاء ما ترك من الفرائض؟
السائل : نعم.
الشيخ : فنقول أما حاله وهو تارك للصلاة فإنه كافر من جملة الكافرين الخارجين عن الإسلام لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة موجب للخلود في النار كما دل على ذلك الكتاب والسنّة وقول السلف رحمهم الله وعلى هذا فإن من لا يصلي لا يحل أن يتزوج امرأة من المسلمين وإذا كان عنده امرأة فإن نكاحه منها ينفسخ ولا يحِل الاستمرار عليه.
السائل : نعم.
الشيخ : وإذا كان قد عقد له النكاح وهو على هذه الحال ثم من الله عليه بالتوبة فإنه يجب أن يجدّد عقد النكاح له لأن عقد النكاح الأول الذي عقِد له وهو لا يصلي عقد باطل.
السائل : سؤاله الثاني عن هذا الموضوع. نعم.
الشيخ : لقوله تعالى (( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ )) .
السائل : نعم.
الشيخ : ولقوله تعالى (( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )) وهذه مسألة خطيرة جداً حيث إنه يوجد في مجتمعنا من لا يصلى ثم يُعقد له النكاح على امرأة مؤمنة تؤمن بالله وتصلي. أقولها وأكرّر أن من عقِد له النكاح وهو على هذه الحال أي لا يُصلي ثم من الله عليه بالهداية فإنه يجب أن يُعاد عقد النكاح مرة أخرى حتى يكون عقداً صحيحاً وهذا الرجل الذي لا يُصلي لا يحل له أن يدخل مكة لقوله تعالى (( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )) وأما حجه عن نفسه وهو لا يصلي فإنه غير مجزئ ولا مقبول ولا صحيح فهو لم يؤدي الفريضة الأن فعليه أن يؤدي الفرض وكذلك حجه عن قريبه لا ينتفع به قريبه ولا يؤدّي عنه إن كان حجاً عن فريضة وذلك لأنه وقع من كافر والكافر لا تصح منه العبادات لقوله تعالى: (( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ )) .
وعلى هذا فنقول لهذا الأخ السائل أما بالنسبة لحجك عن نفسك وعن قريبك فإنه لاغِ ولا يصح ويجب عليك أن تعيد حج الفريضة مرة أخرى وإذا كان قد عقِد لك النكاح وأنت على هذه الحال فإنه يجب عليك إعادة عقد النكاح من جديد وأما بالنسبة لما تركت من الأعمال السابقة فإنه لا يجب عليك قضاؤها لأن الصحيح عندنا أن كل عبادة مؤقتة بوقت فإنه إذا أخِّرت عن وقتها عمداً بدون عذر شرعي فإنه لا ينفع قضاؤها لأن العبادة المحدّدة بوقت معناها أنه يجب أن تكون في هذا الوقت المحدّد فلو فعِلت قبله لم تصح ولو فعلت بعده بدون عذر شرعي يسيغ التأخير لم تصح أيضاً وذلك لأنها إذا أخّرت عن وقتها بدون عذر شرعي ثم صلاها الإنسان بعده أو ثم فعلها الإنسان بعده فإنه يكون قد فعلها على وجه لم يأمر الله به ورسوله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولأننا لو قلنا بقضائها في هذه الحال لكان كل إنسان يهون عليه أن يؤخِّر الصلاة عن وقتها أو العبادة المؤقتة عن وقتها مادام ينفعه إذا أتى بها بعد الوقت.
فعليه إذاً -أي على هذا الأخ السائل- عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً ويستمر في فعل الطاعات والتقرّب إلى الله عز وجل بكثرة الأعمال الصالحة ويُكثر من الاستغفار والتوبة، وقد قال الله تعالى : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) وهذه الأية نزلت في التائبين فكل ذنب يتوب العبد منه ولو كان شركاً بالله عز وجل فإن الله يتوب عليه.
السائل : جزاكم الله خيرا.
1 - رجل حج عن نفسه وغيره وهو تارك للصلاة والصيام ثم تاب إلى الله فما حكم حجه عن نفسه وعن غيره وهل يلزمه إعادته ؟ أستمع حفظ
إذا كان شاب قد أجرى عقد نكاح على امرأة مصلية صائمة وهو تارك للصلاة والصيام ثم تاب إلى الله فهل يلزمه عقد جديد أم يكفيه العقد الأول ؟
الشيخ : نعم.
السائل : هذا المستمع آدم محمد شريف من بورت سودان يقول.
2 - إذا كان شاب قد أجرى عقد نكاح على امرأة مصلية صائمة وهو تارك للصلاة والصيام ثم تاب إلى الله فهل يلزمه عقد جديد أم يكفيه العقد الأول ؟ أستمع حفظ
إذا اتفق جماعة على إنشاء صندوق مالي بأن يدفع كل واحد منهم كل شهر مبلغا من المال ويجمع في هذا الصندوق بغرض مساعدة الأفراد المشتركين إذا نزلت بأحدهم شدة مثلا وفاة أحد أسرته فإنه يدفع له مساعدة وهكذا فهل في هذا مانع شرعي أم لا ؟
الشيخ : ليس في هذا مانع شرعي بل إن هذا من التعاون على البر والتقوى وتحديد ذلك بمبلغ معيّن لا يضر لأن المقصود به أن يكون هذا الصندوق منتظماً إذ لو لم يُقيّد بمبلغ معيّن ما انضبط ولا حصل على المال الكافي ولكن ينبغي أن يكون هذا المال المعيّن أن يكون بالنسبة.
السائل : نعم.
الشيخ : لا بالقدر المعيّن فيُقال مثلاً يؤخذ من الراتب العشرُ، نصف العشر، ربع العشر، دون أن يقال على كل فرد مائة درهم مثلاً لأن الدخل يختلف فالأفضل أن يكون ذلك بالنسبة إلى ما يحصّله المرء.
ثم إنه ينبغي أن يُجعل هذا عوْناً لمن حصل عليه حادث يعني حصل عليه ما لا يُمكنه دفعه.
السائل : نعم.
الشيخ : من كسر أو مرض أو ما أشبه ذلك، وأما أن يُجعل معونة لمن حصل منه الحادث فهذا لا ينبغي لأننا إذا وضعنا هذا الصندوق وجعلناه لكل من حصل عليه حادث أو منه حادث أوجب أن يتهوّر السفهاء ولا يبالوا بالحوادث التي تقع منهم لأنه حيث علِم أن هناك صندوقاً يُؤَمِّنُ ما يلزمه من ضمان بسبب هذا الحادث فإنه لا يُبالي أحصل منه الحادث أو لم يحصل.
لهذا أقول إن هذه الصناديق موجودة حتى هنا في البلاد السعودية ولكن ينبغي أن تكون هذه الصناديق التعاونية أن تكون معونة فيمن حصل عليه الحادث الذي يحتاج إلى مساعدة مالية، لا لمن حصل منه الحادث للوجْه الذي ذكرت وهو أن ذلك يؤدي إلى التساهل والتهوّر وعدم المبالاة بالحوادث التي تقع من الإنسان.
وأما كون أو ما قول السائل إنه إذا مات أحد من عائلته أعانوه.
السائل : نعم.
الشيخ : فهذا في النفس منه شيء، ولا ينبغي أن يُقيّد ذلك بالموت، لأنه قد يموت أحدٌ من الأسرة ويُخلّف مالاً كثيراً يستغني به الإنسان عن المعونة، فالأوْلى أن يكون أمر المعونة مقيّدا بالحاجة بأي سبب كان.
السائل : نعم.
الشيخ : حتى لا يحصل نزاع فيما بينهم، أو حتى لا تُصرف الأموال في غير مستحقيها. نعم.
3 - إذا اتفق جماعة على إنشاء صندوق مالي بأن يدفع كل واحد منهم كل شهر مبلغا من المال ويجمع في هذا الصندوق بغرض مساعدة الأفراد المشتركين إذا نزلت بأحدهم شدة مثلا وفاة أحد أسرته فإنه يدفع له مساعدة وهكذا فهل في هذا مانع شرعي أم لا ؟ أستمع حفظ
هل يقاس على حال هذا الصندوق ما تفعله بعض شركات التأمين الحالية من استحصال مبلغ معين من كل شخص يريد أن يؤمن على بضاعته أو سيارته أو نحو ذلك ؟
الشيخ : لا نقيسه على هذا.
السائل : نعم.
الشيخ : فإن شركات التأمين هذه لا شك أنها محرّمة وأنها من الميسر الذي قرنه الله تعالى بالخمر وعبادة الأصنام والاستقسام بالأزلام كما قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) وذلك لأن هذا العقد غرر دائر بين الغنم والغرم وكل عقد هذه حاله فإنه من الميسر إذ أن الإنسان يكون فيه حاله دائرة بين أن يكون غانماً أو غارماً.
السائل : نعم.
الشيخ : وأضرب لك مثلاً بأنه إذا كان عندي سيارة وأعطيت شركات التأمين مبلغاً من المال كل شهر، كل شهر مثلاً لنفرض أنه مائة ريال.
السائل : نعم.
الشيخ : فمعنى ذلك أنها ستكسب في السنة ألفا ومائتي ريال، قد يحدث حادث على سيارتي يستهلك خمسة ءالاف ريال لإصلاحها.
السائل : نعم، هذا وارد.
الشيخ : وحينئذ تكون الشركة غارمةً لأنه أخِذ منها أكثر مما بذِل لها وقد يكون الأمر بالعكس قد تمضي السنة والسنتان والثلاث ولم يحصل على سيارتي حادث وحينئذ أكون أنا غارماً لأنه أخِذ مني مبلغ من المال بغير حق.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا بعينه هو الميسر لأنه يُشبه الرهان الذي قد يكون الإنسان فيه غانماً وقد يكون فيه غارماً ولأنه نفس ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام حيث نهى عن بيع الغرر فإن هذا يُشبهه إن لم يكن هو إياه ثم إن في هذه التأمينات في الحقيقة إضراراً بالمجتمع وإخلالاً بالأمن لأن هذا الذي قد أمّن على حادث سيارته قد يؤدّيه هذا التأمين إلى التهوّر وعدم المبالاة بالصدم والحادث لأنه يرى أنه مؤمّن له، ولهذا ينبغي حفظاً لأمن المجتمع أن تُمنع هذه التأمينات أو هذه الشركات فالذي أرى في هذا أنه يجب على كل مؤمن أن يجعل اعتماده على ربه سبحانه وتعالى وأن يبتعد عن المعاملات المحرّمة لأن هذا المال الذي بأيدينا هو عاريّة إما أن يؤخذ منا ويتلف في حياتنا وإما أن نؤخذ منه ونتلف ويبقى لغيرنا فالواجب على المؤمن ألا يجعل المال غاية بل يجعله وسيلة وليتذكر دائماً قول الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )) وليتذكر دائماً قول الله عز وجل (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ )) أي لعلي أنفق مالي، من جملة ما يدخل في هذه الأية لعلي أنفق مالي الذي تركته فيما يقرّبني إلى الله من الأعمال الصالحة، فقال الله عز وجل (( كلا )) أي لا رجوع أو بمعنى حقاً (( إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )) فنصيحتي للمسلم ألا يتشبّه بالكفار الذين يجعلون المال غاية لا وسيلة ويجعلون الدنيا مقراً لأن مقر المؤمن هي دار الأخرة التي هي خير وأفضل وأعظم من هذه الدنيا بكثير كما قال الله تعالى (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) وليعلم أنه إذا اتقى الله عز وجل في عباداته ومعاملاته وأخلاقه وولايته التي ولّي عليها من أهله من زوجات وغيرهم ليعلم أنه إذا اتقى الله عز وجل في ذلك فإن الله تعالى قد ضمن له وهو لا يخلف الميعاد أن يرزقه من حيث لا يحتسب (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً )) ، (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )) .
فأنت يا أخي المؤمن اصبر والرزق سيأتيك إذا سعيت له بالأسباب المشروعة غير المحظورة وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( إنه ألقي في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ) .
ونسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من الربا والميسر وأن ييسّر لهم المعاملات الطيبة التي يأكلونها رغداً هنيئاً لا تبعت عليهم في الدنيا ولا في الأخرة.
لكن قد يقول قائل : إذا ابتليت بهذا الأمر فقدِمت إلى بلد أو كنت في بلد يُرغموني على هذا التأمين.
السائل : نعم.
الشيخ : فماذا أصنع؟ هل أعطّل سيارتي مثلا وأستأجر أم ماذا أصنع؟ أقول في هذا إنه إذا أرغمت على هذا التأمين فلا حرج عليك أن تدفع ما أرغمت عليه ولكن إذا حصل عليك حادث فلا تأخذ منهم إلا مقدار ما دفعت لا تأخذ منهم ما يكون بهذا الحادث إذا كان أكثر مما أعطيتهم وبهذا تكون خرجت من التبِعة لأنك ظُلمت بهذا العقد المحرّم الذي أجبرت عليه وبدفع هذه الفلوس التي أجبرت على دفعها فإذا ظلِمت فإنك تأخذ قدر مظلمتك باختيارهم هم لأنهم هم الذين سيدفعون إليك هذا بمقتضى العقد الذي أجبروك عليه فلا أرى بأساً أن تأخذ منهم مقدار ما دفعت فقط على هذا الحادث الذي حصل لك وإذا كان الحادث أقل مما دفعت فهم لن يعطوك إلا بقدر الحادث وهذا لا شك أنك ستأخذه.
السائل : بارك الله فيكم.
سؤاله الثاني يقول.
4 - هل يقاس على حال هذا الصندوق ما تفعله بعض شركات التأمين الحالية من استحصال مبلغ معين من كل شخص يريد أن يؤمن على بضاعته أو سيارته أو نحو ذلك ؟ أستمع حفظ
عندنا عادة عندما يتوفى أحد من أهله قبل إقامة العزاء يحضرون سجلا لتسجيل أسماء المعزين الذين سيفدون للعزاء ويدفعون مالا لأهل الميت مواساة لفقيدهم فهل هذا المال حلال أم حرام ؟
الشيخ : هذه العملية بدعة لم تكن معروفة عند السلف وإنما المعروف الذي جاءت به السنّة أنه لما جاءنا نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام ( اصنعوا لأل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم ) فإذا علمنا أن المصابين بهذا الميت قد انشغلوا عن إصلاح غدائهم أو عشائهم بما أصابهم من الحزن فإنه لا بأس بل من السنّة أن نبعث إليهم طعاماً لنكفيهم المؤونة والتعب والشغل في هذا اليوم وأما أن يُسجل المعزون وأن يرى المعزون أن عليهم ضريبة يدفعونها فهذا من البدع وإذا كان كذلك فإن المال المأخوذ على بدعة لا يحِل ولا يجوز والواجب على الإنسان أن يصبر ويحتسب ويأخذ عِوض مصيبته من الله عز وجل، فإن واجب المؤمن إذا أصيب بمثل هذه المصائب بل بأي مصيبة أن يقول ما أثنى الله على قائليه (( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )) وكما ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( ما من مسلم يصاب بمصيبة ثم يقول اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا ءاجره الله وأخلف له خيراً منها ) .
السائل : هذه رسالة من المستمع ءادم عبده إسماعيل من الصومال، سؤاله الأول يقول.
5 - عندنا عادة عندما يتوفى أحد من أهله قبل إقامة العزاء يحضرون سجلا لتسجيل أسماء المعزين الذين سيفدون للعزاء ويدفعون مالا لأهل الميت مواساة لفقيدهم فهل هذا المال حلال أم حرام ؟ أستمع حفظ
ما المقصود بالأمانة في قوله تعالى :" إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " ولماذا كان الإنسان ظلوما جهولا بحمله الأمانة وما هو معنى الآية إجمالا ؟
الشيخ : الأمانة هي تحمل أعباء أو بالأصح هي تحمّل المسؤولية في العبادات التي أمر بها الله ورسوله وفي اجتناب المحرّمات التي نهى عنها الله ورسوله، هذه هي الأمانة.
السائل : نعم.
الشيخ : وأداؤها أن يقوم بذلك على الوجه الأكمل ولما كانت السماوات والأرض والجبال لم يكن لها من العقل والإدراك مثلما للإنسان صار المتحمّل لها الإنسان بما أعطاه الله تعالى من العقل والتفكير والتمييز وبما أنزل الله عليه من الكتب وأرسل إليه من الرسل، فإن الإنسان قد قامت عليه الحجة بعقله وبالوحي الذي أنزله الله إليه وعلى هذا فإن الإنسان بتحمّله هذه الأمانة كان ظلوماً جهولاً لجهله بما يترتب على هذا التحمّل ولظلمه نفسه بتحملها ولكن الأية (( إنه )) أي الإنسان، وهذا باعتبار الإنسان من حيث هو الإنسان أما إذا كان مؤمناً فإنه سوف يزيل عن نفسه هذا الوصف، سوف يهتدي بالوحي فيكون عالماً وسوف يتقي الله عز وجل فيكون غير ظالم لنفسه فالإنسان في الأية الكريمة من حيث هو إنسان على أن بعض المفسّرين قال إن المراد بالإنسان هنا الكافر ولكن ظاهر الأية العموم، وأن الإنسان من حيث هو إنسان ظلوم جهول.
السائل : الجنس يعني جنس الإنسان.
الشيخ : ولو وكِل إلى نفسه.
السائل : نعم.
الشيخ : أو وكل إلى نفسه لكان ظالماً جاهلاً ولكن الله تعالى منّ عليه بالهدى والتقى فانتشل نفسه من هذين الوصفين الذميمين الظلم والجهل إذا كان مؤمناً. نعم.
السائل : السؤال الثاني يقول.
6 - ما المقصود بالأمانة في قوله تعالى :" إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " ولماذا كان الإنسان ظلوما جهولا بحمله الأمانة وما هو معنى الآية إجمالا ؟ أستمع حفظ
هل يجوز للبنت البكر التي ليس لها ولي أو كان وليها غائبا أن تنكح نفسها أم لا ؟ وهل في هذا الحكم فرق بين البكر والثيب مطلقة كانت أو أرملة ؟
الشيخ : لا يجوز للمرأة أن تُنكح نفسها.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا غيرها أيضاً سواء كانت بكراً أم ثيباً وذلك لأن الله سبحانه وتعالى جعل النكاح بيد غير المرأة فقال (( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ )) ، في الرجال قال (( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ )) فأضاف النكاح إلى الزوج نفسه أما في النساء فقال ((ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا )) فجعل الإنكاح بيد غير المرأة، وقال سبحانه وتعالى: (( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ )) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا نكاح إلا بولي ) .
السائل : نعم.
الشيخ : فهذا الدليل من الأثر على أنه لا بد للمرأة من ولي يُنكحها أما من حيث النظر فإن المرأة ناقصة العقل والدين فهي قاصرة في تفكيرها، وهي أيضاً ضعيفة في دينها.
أقول هذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للُب الرجل الحازم من إحداكن ) ولقوله تعالى (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) ولولا نقصان المرأة ما كان الرجل قواماً عليها بل صريح الأية (( بما فضّل الله بعضهم على بعض )) فإذا كانت المرأة بهذا الوصف بدلالة الكتاب والسنّة من نقصان العقل والدين فإنها محتاجة إلى ولي مرشد يعرف الكفء ويعرف مصالح النكاح ويعرف من تكون المرأة عنده حتى يُقدم على تزويجها أو يُحجم، لهذا لا بد من ولي للمرأة يُزوّجها بالشروط المعروفة عند أهل العلم.
ولا تُزوّج المرأة نفسها سواء كانت بكراً أم ثيباً لكن ها هنا مسألة يجب التنبه لها، وهو أنه لا بد من إذن المرأة ورضاها سواء كانت بكراً أم ثيباً وسواء كان المزوّج أباها أم غيره فإن القول الراجح أنه لا يجوز للإنسان أن يُزوّج ابنته ولا غيرها حتى ترضى بذلك الزوج وتأذن لكن إن كانت بِكراً فإذنها يُكتفى فيه بالسكوت وإن صرّحت بالرضا فهو أكمل لكن السكوت كافٍ.
وإن كانت ثيباً فلا بد أن تُصرّح بالرضا فتقول نعم إنها رضيت بهذا الزوج، ويجب على الولي أباً كان أم غيره أن يُعيّن الزوج الخاطب للمرأة تعييناً تحصل به المعرفة، فلا يقول أتحبين أن أزوّجك من فلان حتى يُبيّن لها حال هذا الرجل وأوْصاف الرجل، فإنه كما أن الرجل يُريد من المرأة ما يُريد من الجمال واستقامة الحال فكذلك المرأة تُريد من الرجل ما يُريده الرجل منها من الجمال واستقامة الحال، فلا بد أن يُبيّن الرجل للمرأة المستأذَنة على وجه تقع به المعرفة أما الإجمال فإنه لا يحصل به المقصود.
نعم لو أن المرأة وثِقت تمام الثقة من وليها واكتفت بما رءاه وقالت له مثلاً هل أنت مقتنع بهذا الزوج من حيث الدين والخلق لكان هذا يكفي إذا وثِقت به ورضيت بما رضي به لها.
السائل : جزاكم الله خيرا.