هل يجوز بيع المصراة ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، هذا العمل ليس بجائز، أعني كون الإنسان إذا أراد أن يبيع بهيمة ذات لبن منع حلبها لمدة يومين أو ثلاثة حتى يمتلئ ضرعها فينخدع المشتري بذلك، هذا عمل محرّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه في قوله ( لا تصر الإبل والغنم ) والتصرية حبس اللبن في ضرع البهيمة حتى يُظن أنها ذات لبن كثير فهذا وقوع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أيضاً من الغش لأن هذا خداع لأخيك المسلم وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من غش فليس منا ) وهو أيضاً مناف لكمال الإيمان لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ومن المعلوم أنك لا تحب لنفسك أن يخدعك أحد بمثل هذه الخديعة فإذا كنت لا تحِب ذلك لنفسك فكيف تحبه لأخيك المؤمن؟! إذاً أحببت لأخيك ما لا تحب لنفسك فانتفى عنك كمال الإيمان ففي هذه العملية ثلاث مفاسد، وقوع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام، وقوع فيما تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم منه، نقص في الإيمان، فعلى المؤمن المتقي لربه أن يكون بيعه وشراؤه صريحاً واضحاً حتى يبارَك له فيه لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( البيّعان بالخيار فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعها وإن كذبا وكتما مُحِقت بركة بيعهما ) .
السائل : السؤال ..
الشيخ : ثم.
السائل : نعم.
الشيخ : إن المشتري الذي اشترى هذه البهيمة المصراة له الخيار بعد أن يحلبها ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردّها وصاعاً من تمر. نعم.
رجل اقترض مالا ولما حان وقت السداد لم يكن عنده ما يوفي له فرفع صاحب المال عليه شكوى في المحكمة فأنكر المدين أن عليه مال وحلف يمينا كاذبا خوفا من السجن وفي نيته إذا حصل المال يرده لصاحبه فماذا عليه في هذه اليمين الكاذبة وهل عليه كفارة ؟
الشيخ : هذه اليمين التي حلفتها كاذباً في جحد حق أخيك المسلم هي يمين غموس ( ومن كذب على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ) ففعلك هذا من كبائر الذنوب وهو إن أنجاك من السجن في الدنيا لم ينجك من العذاب يوم القيامة إلا أن يشاء الله.
ثم إن نجاتك من السجن في الدنيا تحصل بإقرارك أن في ذمتك لهذا الرجل كذا وكذا من المال ثم إقامة البيّنة على أنك مُعسر فإذا قامت عند القاضي بيّنة بأنك مُعسر فإن القاضي سوف يصرف خصمك عنه ويمنعه من مطالبتك لأنه إذا ثبت إعسار المدين فإن طلبه بالدين ومطالبته به أمر محرّم لقوله تعالى : (( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )) .
وكثير من الناس إذا حلت عليهم الديون ولا يستطعون وفاءها يلجؤون إلى طريقة أخرى غير هذه الطريقة التي ذكرت أو التي ذكر السائل وهو أنهم يذهبون إلى أناس فيستدينون منهم ثم إذا حل الدين الثاني استدانوا له وهكذا حتى تتراكم عليهم الديون فيعجزون بالتالي عن وفائها، وهذه طريقة من طريقة السفهاء، والإنسان إذا ثبت أنه فقير فإنه لن يُطالب بسداد الدين فعليه نقول أثبت عند القاضي فقرك وحينئذ تنتفي عنك المطالبة وتسلم من الاستدانة مرة أخرى وأخرى وأخرى، وتسلم من تحمّل الديون الكثيرة الثقيلة التي قد تعجز عنها في المستقبل.
وها هنا أمر يجب أن نوجّهه أيضاً إلى المطلوب وهو المدين وهو أن بعض المدينين المطلوبين لا يخافون الله سبحانه وتعالى ولا يرحمون الخلق، تجده يلعب بالمال ويبذره ويفسده ثم يأتي في ءاخر الأمر ويقول عجزت عن الوفاء وهذا أيضاً من السفه، وكذلك أناس يكون عندهم القدرة على الوفاء، مع حلول الديون ومطالبة صاحب الدين ومع ذلك يُماطلون ويؤخّرون الوفاء.
يأتيه فيقول غداً اءت ثم يأتي فيقول غداً وهذا وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ( مطل الغني ظلم ) . نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
هذه الرسالة من المستمع خلفان محمد ناصر البوسعيدي من سلطنة عمان.
2 - رجل اقترض مالا ولما حان وقت السداد لم يكن عنده ما يوفي له فرفع صاحب المال عليه شكوى في المحكمة فأنكر المدين أن عليه مال وحلف يمينا كاذبا خوفا من السجن وفي نيته إذا حصل المال يرده لصاحبه فماذا عليه في هذه اليمين الكاذبة وهل عليه كفارة ؟ أستمع حفظ
ما هو الأفضل في الدعاء الإسرار به أم الجهر وهل هو المراد بقوله تعالى : " وأسروا قولكم أو اجهروا به " ؟
الشيخ : إذا كان الإنسان يدعو لنفسه ولغيره فإنه يجهر بالدعاء كدعاء الإمام في القنوت فإنه يجهر به لأنه يدعو لنفسه ولغيره وكذلك يأتي به بصيغة الجمع فيقول مثلا " اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت " ولا يقول " اللهم اهدني فيمن هديت " لأنه إذا خص نفسه بالدعاء وهم يستمعون ويأمنون فإن هذا نوع من الخيانة، ذلك لأن الدعاء إذا كان لنفسك ولغيرك دعاء مشترك فتخصيص نفسك به نوع من الخيانة، فعلى هذا نقول إذا كان الدعاء مما هو مشترك للداعي ولغيره فإنه يجهر به ولكن الدعاء المشترك الذي للداعي ولغيره موقوف على ما ورد به الشرع فلا يجوز إحداث أدعية جماعية بدون ورود الشرع بها لأن إحداث مثل هذه الأمور من البدع التي يُنهى عنها.
أما إذا كان الإنسان يدعو لنفسه فهذا محل تفصيل إن كان في صلاة فإنه لا يجهر به لأن ذلك، أقول إن كان في صلاة جماعة فإنه لا جهر به لأن ذلك يشوش على من حوله ولهذا تجد بعض المأمومين تجدهم يجهرون بما يدعون الله به إما بين السجدتين وإما في السجود وإما في التشهد وهذا لا ينبغي منهم فقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه يوماً وهم يصلون ويجهرون بالقرأن فنهاهم أن يجهر بعضهم على بعض.
أما إذا كان الإنسان يدعو لنفسه وليس حوله أحد فإنه ينظر ما هو أصلح لقلبه إن كان الأصلح أن يُسر أسر وإن كان الأصلح أن يجهر جهر لكن في حال جهره لا ينبغي أن يُشق على نفسه فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه وقد رفعوا أصواتهم بالذكر قال ( أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً قريباً وهو معكم، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) والله سبحان وتعالى قريب مجيب وهو سبحانه وتعالى فوق عرشه على جميع خلقه. نعم.
3 - ما هو الأفضل في الدعاء الإسرار به أم الجهر وهل هو المراد بقوله تعالى : " وأسروا قولكم أو اجهروا به " ؟ أستمع حفظ
من أين مصدر المطر الذي ينزل من السماء أهو من بخار البحر أو هو من السماء وكيف ينشأ البرق والرعد وهل في القرآن ما يشير إلى ذلك ؟
الشيخ : قال الله تعالى (( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله )) فهذا المطر ينزل من السحاب.
السائل : نعم.
الشيخ : والسحاب قد أثارته الرياح بأمر الله عز وجل وليس لدي علم بأكثر من ذلك لكن إذا علِم أن هناك أسباباً طبيعية فإنه لا حرج في قَبولها إذا صحت فإن الله تعالى قد يجعل الشيء له سببان، سبب شرعي وسبب كوْني قدري مثل الكسوف، كسوف الشمس أو القمر.
السائل : نعم.
الشيخ : له سبب شرعي وهو ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله ( يُخوّف الله بهما عباده ) وهذا هو الذي ينبغي للمرء أن يعلمه وجهله نقص وأما السبب الكوْني للكسوف فهو حيْلولة القمر بين الشمس والأرض في كسوف الشمس.
السائل : نعم.
الشيخ : ولهذا لا يكون كسوف الشمس إلا في ... في ءاخر الشهر لإمكان ذلك وسبب خسوف القمر هو حيْلولة الأرض بين الشمس والقمر ولهذا لا يكون إلا في ليالي الأبدار لإمكان ذلك والمهم أن السبب الشرعي هو النافع الذي يكون سبباً لصلاح القلوب وعلى هذا فنقول إن سبب نزول المطر هو ما ذكره الله تعالى في القرأن وأما الرعد والبرق فإنه ورد في الحديث إنه صوت ملك، أن الرعد صوت ملك موكّل بالسحاب وأن البرق سوْطه ولكنني لا يحضني الأن صحة هذا الحديث فإن صح وجب القول بموجبه وإن لم يصح فالله أعلم.
السائل : نعم.
4 - من أين مصدر المطر الذي ينزل من السماء أهو من بخار البحر أو هو من السماء وكيف ينشأ البرق والرعد وهل في القرآن ما يشير إلى ذلك ؟ أستمع حفظ
ما معنى قوله تعالى :" حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وما المقصود بالصلاة الوسطى ؟
الشيخ : المراد بالصلاة الوسطى هنا صلاة العصر وقد ثبت تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال في غزوة الخندق ( شغلونا ) يعني المشركين، بل الأحزاب ( عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ) وإذا فسر النبي عليه الصلاة والسلام القرأن بشيء فإن تفسيره هو الواجب قَبوله ولا قول لأحد بعد قول الرسول صلى الله عليه وسلم والعلماء مختلفون في هذه المسألة ولكن الراجح هو ما ذكرنا لدلالة السنّة عليه.
5 - ما معنى قوله تعالى :" حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وما المقصود بالصلاة الوسطى ؟ أستمع حفظ
في قوله تعالى :" وكلم الله موسى تكليما " هل تفهم هذه الآية على ظاهرها أم هناك معنى آخر ؟
الشيخ : تُفهم هذه الأية وغيرها من الأيات على ظاهرها اللائق بالله عز وجل فمن هذه الأية نفهم أن الله سبحانه وتعالى كلّم موسى، وقد بيّن في ءاية أخرى أنه كلّمه بصوت مسموع فقال (( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرّبناه نجيا )) والنداء يكون بالصوت العالي للبعيد والمناجات بالصوت الخفي للقريب ومن هنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء وأن كلامه بحروف وأصوات مسموعة ولكن يجب أن نعمل بأن كلام الله سبحانه وتعالى لا يُشبه كلام الآدميين بأصواتهم لأن الله يقول في محكم كتابه (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ويقول بصيغة الاستفهام المُشرب بالتحدّي والنفي (( هل تعلم له سميا )) يعني ليس له شبيه ولا نظير ولا أحد يساميه في جميع صفات الكمال وهذه القاعدة أعني الأخذ بظاهر القرأن هي الواجبة لأن الله تعالى خاطبنا بالقرأن وقال (( إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون )) (( إنا جعلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون )) ءايتان من كتاب الله بيّن الله سبحانه وتعالى أنه أنزل القرأن وجعله باللسان العربي من أجل أن نفهمه ونعقل معناه وعلى هذا فيجب علينا الإيمان بظاهره حسب ما يقتضيه اللسان العربي إلا أن يكون هناك دليل شرعي يوجب صرفه عن مقتضى اللغة إلى مقتضى الشرع فإنه يجب اتباع ما دل عليه الشرع في ذلك.
وما حصل الضلال بالتأويلات البعيدة إلا بسبب تحكيم الناس عقولهم فيما يجب لله وما يجوز عليه وما يمتنع عليه فحصل بذلك من تأويل نصوص الكتاب والسنّة في أسماء الله وصفاته ما هو معلوم وما هو متضمن للخروج عما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم في إجراء كلام الله سبحانه وتعالى على ظاهره وحقيقته على الوجه الذي يليق به من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف.
السائل : بارك الله فيكم.
6 - في قوله تعالى :" وكلم الله موسى تكليما " هل تفهم هذه الآية على ظاهرها أم هناك معنى آخر ؟ أستمع حفظ
هناك كتاب عنوانه " المرأة والصراع النفسي " تدعو مؤلفته إلى الانغماس في الفاحشة واتخاذ الأخدان كعلاج ناجح لحالة المرأة النفسية فهل مثل هذا يعتبر علاجا وما هو ردكم عليها ؟
الشيخ : هذا ليس علاجاً وردّنا عليها أن هذا منكر ودعوة إلى ما نهى الله عنه، والداعي إلى الشيء لا شك أنه يحبّذه ويستسيغيه ويُحلّه، وتحليل الزنا كفر مخرج عن الملة لأن أهل العلم يقولون من أنكر تحريم الزنا ونحوه من المحرّمات الظاهرة المُجمع عليها وهو لا يجهل ذلك فإنه يُحكم بكفره الكفر المخرج عن الملة وقد بيّن الله عز وجل أن الزنا يشتمل على مفسدتين عظيمتين، إحداهما أنه فاحشة، والفاحشة كل ما تستفحشه العقول السليمة وتُنكره وتُبغضه وتنفر منه.
والثانية أنه ساء سبيلاً أي القدح والتنفير من هذا السبيل والطريق الذي يكون عليه صاحب الزنا وإذا أثنى الله عليه بهذه الصفة القبيحة (( ساء سبيلاً )) فإنه لا يُمكن أن يكون سبيلاً إلى الإصلاح أبداً ولا إلى زوال المرض النفسي أبداً بل هو بالعكس يكون سبباً للعُقد النفسية والبلاء والشر كما أنه يكون سبباً لأمراض جسدية قد لا يمكن التخلص منها إلا بالموت ومثل هذا الكتاب لا يجوز أن يبقى في الأسواق ولا يجوز أن يُنشر أو يُشترى بل الواجب إتلافه لما فيه من الدعوة إلى هذه الطريق المحرّمة.
7 - هناك كتاب عنوانه " المرأة والصراع النفسي " تدعو مؤلفته إلى الانغماس في الفاحشة واتخاذ الأخدان كعلاج ناجح لحالة المرأة النفسية فهل مثل هذا يعتبر علاجا وما هو ردكم عليها ؟ أستمع حفظ
ما حكم الختان بالنسبة للفتاة وهل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وأن له أضرار لمستقبل الفتاة ؟
الشيخ : الختان بالنسبة للفتاة ذهب بعض أهل العلم إلى أنه واجب كما أنه واجب في حق الفتى.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الختان واجب على الذكر والأنثى وذهب بعض أهل العلم إلى أنه سنّة في حق الأنثى واجب في حق الذكر وهذا هو الذي عليه عمل الناس في بلادنا هذه، إنهم يرونه واجباً في حق الفتى، غير واجب في حق الفتاة.
وفيه قول ثالث لأهل العلم أنه سنّة في حقهما جميعاً في حق الفتى والفتاة وأقرب الأقوال عندي أنه سنّة في حق الفتاة واجب في حق الذكر.
ومن طرق أدلة وجوبه ما قاله بعض أهل العلم وهو أن قطع شيء من البدن محرّم ولا يُستباح المحرّم إلا بشيء واجب لأن المستحب لا يُستباح به المحرّم وهذه طريقة لا بأس بها إلا أنها قد تنتقض علينا في مسألة المرأة.
السائل : سؤاله الثالث يقول.
8 - ما حكم الختان بالنسبة للفتاة وهل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وأن له أضرار لمستقبل الفتاة ؟ أستمع حفظ
ما هو مفهوم المساواة بين المرأة والرجل في الإسلام وهل عمل الفتاة إلى جانب الرجل في جو مشحون بالفساد يعتبر داخلا تحت هذا المفهوم وما معنى قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " وهل هذا الأمر خاص بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم أم هو عام لجميع النساء ؟
الشيخ : مادمنا في السؤال عن المساواة فإني أحب أن أقول إن المساواة لم تأتي في القرأن ولا في السنّة مأموراً بها أبداً وإنما الأمر في الكتاب والسنّة بالعدل قال الله تعالى (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) وقال ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) ولا يرتاب أحد يفهم دلالات الألفاظ أن بين قولنا عدل وقولنا مساواة فرقاً عظيماً فإن المساواة ظاهرها التسوية بين الأمور المختلفة وهذا خلاف المعقول والمنقول بخلاف قولنا العدل فإن العدل إعطاء كل ذي حق ما يستحقه وتنزيل كل ذي منزلة منزلته وهذا هو الموافق للمعقول والمنقول.
وعلى هذا فليس في القرأن ولا في السنّة الأمر بمساواة المرأة مع الرجل أبداً بل فيهما الأمر بالعدل كما سمعت والذي أحبّه من كتّابنا ومثقفينا أن يكون التعبير بكلمة "العدل" بدل كلمة المساواة لما في المساواة من الإجمال والاشتراك واللبس بخلاف العدل فإنها كلمة واضحة بيّنة صريحة في أن المراد أن يُعطى كل ذي حق حقه ولو تدبّرت القرأن لوجدت أكثر ما فيه نفي المساواة (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل )) (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم )) (( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور )) وما أشبه ذلك من الأيات المتعددة التي فيها نفي المساواة وليس إثباتها ولا أعلم دليلاً في الكتاب والسنّة يأمر بالمساواة أبداً وإذا كان كذلك فإن العدل أن تُعطى المرأة ما يليق بها من الأعمال والخصائص وأن يُعطى الرجل ما يليق به من الأعمال والخصائص.
وأما اشتراك المرأة مع الرجل في عمل يقتضي الإختلاط والكلام والنظر وما أشبه ذلك فإنه لا شك أنه عمل مخالف لما تقتضيه الشريعة الإسلامية في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي كتاب الله يقول الله تعالى ما ذكره السائل (( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) ويقول تعالى (( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )) فإذا كان الرجل مع الحاجة إلى مخاطبة المرأة ومكالمتها لا يُكالمها إلا من وراء حجاب فكيف إذا لم يكن هناك حاجة وقوله تعالى (( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )) يدل على أنه إذا حصل ما يُخالف ذلك كان فيه تلويث للقلب وزوال للطهارة ومن المعلوم أنه إذا كان هذا أطهر لقلوب أمهات المؤمنين فإن غيرهن أوْلى بالتطهير والبعد عما يلوّث القلب.
وعلى هذا فنقول إن القرأن دل على أن المرأة تبتعد عن الرجل وإذا دعت الحاجة إلى أن يكلمها فإنه يكلمها من وراء حجاب أما في السنّة فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة ( خير صفوف الرجال أولها وشرها ءاخرها وخير صفوف النساء ءاخرها وشرها أولها ) كل هذا من أجل أن تبتعد المرأة عن الرجل حتى في أماكن العبادة. نعم.
السائل : جزاكم الله خير الجزاء.