رجل توفي وترك مال ووصية بثلث ماله للصدقة وبعد وفاته وقبل تقسيم التركة توفيت زوجته وتركت ثلث ميراثها صدقة فكيف تكون تقسيم التركة فإنهما تركا أربعة بنات وابنان ؟
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، أما والدكم فإنها يؤخذ منها الثلث ثلث المال أولاً من أجل صرفه إلى الوصية ثم يُقسم الباقي فتأخذ والدكم وهي زوجته إن كانت باقية في ذمته حتى مات تأخذ الثمن والباقي يكون بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين يكون لك ذكر سهمان ولكل أنثى سهم واحد وأما بالنسبة لتركة والدتكم فإنها يُنزع منها الثلث أولاً من أجل صرفه فيما أوصت فيه.
السائل : نعم.
الشيخ : ثم يُقسم الباقي وهو الثلثان بينكم أيها الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : بارك الله فيكم، هذا السائل من السودان محمد عثمان أحمد.
1 - رجل توفي وترك مال ووصية بثلث ماله للصدقة وبعد وفاته وقبل تقسيم التركة توفيت زوجته وتركت ثلث ميراثها صدقة فكيف تكون تقسيم التركة فإنهما تركا أربعة بنات وابنان ؟ أستمع حفظ
بعض علماء الأصول يقولون : إن من موانع الدليل مفهوم المخالفة ويقدمون المنطوق على المفهوم عند التعارض فهل لهذه القاعدة دليل وإذا لم يكن لها دليل فما حكم من لا يعمل بمفهوم الآيات والأحاديث إذا تعارض مع المنطوق ؟
الشيخ : هذه القاعدة التي ذكرها أهل الأصول في أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ظاهرة جداً لأن دلالة المنطوق واضحة في محل النطق أما دلالة المفهوم فإن اللفظ يدل عليها لا في محل النطق، وما دل عليه اللفظ في محل النطق فإنه أوْلى ولأن دلالة المفهوم قد تكون غير مرادة.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد تصْدق ببعض الصور دون بعض بخلاف دلالة المنطوق فإنها دالة على كل صورها دلالة المطابقة ودلالة تضمن ودلالة التزام، وأما ما ذكره السائل من التمثيل بأية المائدة مع ءاية الأنعام فإنه لا ريب أن غير أهل الكتاب لا تحِل ذبيحتهم لأن الله تعالى خصّص ذلك بقوله : (( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم )) وهذا القيد ليس من باب اللقب كما قاله بعضهم وإنما هو من قيد الوصف إذ أن صلة الموصول بمنزلة الوصف فأنت إذا قلت يُعجبني الذي فهم فهو بمنزلة قولك يُعجبني الفاهم.
السائل : نعم.
الشيخ : والفاهم وصف وله مفهوم يُعلّق به الحكم فطعام الذين أوتوا الكتاب هو كقولك طعام المؤتيْن الكتاب وهذا وصف وليس لقباً كما ادعاه بعضهم وبناءً على ذلك تكون دلالة المنطوق فيه ظاهرة ودلالة المفهوم فيه ظاهرة لأن الحكم إذا عُلِّق على وصف ثبت بوجوده وانتفى بانتفائه فيكون منطوق الأية طعام الذين أوتوا الكتاب حل وطعام غير الذين أوتوا الكتاب ليس بحل، وبهذا يكون قوله تعالى (( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه )) أي مما ذبحه من هو أهل للذبح وهو المسلم والكتابي من اليهود والنصارى، هذا هو القول الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم. نعم.
السائل : نعم، السؤال الثاني يقول.
2 - بعض علماء الأصول يقولون : إن من موانع الدليل مفهوم المخالفة ويقدمون المنطوق على المفهوم عند التعارض فهل لهذه القاعدة دليل وإذا لم يكن لها دليل فما حكم من لا يعمل بمفهوم الآيات والأحاديث إذا تعارض مع المنطوق ؟ أستمع حفظ
هل يقع الطلاق إذا طلق الرجل زوجته في طهر مسها فيه ؟
الشيخ : هذه المسألة بناءً على أنه طلق ثلاث مرات وكل مرة يعتبرها طلقة ويعتد بها ما أستطيع أن أفتي فيها برأي.
السائل : نعم.
الشيخ : وأرى أن يستفتي فيها أحداً من علماء بلده وفيهم الكفاية إن شاء الله تعالى.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
زوجة فعلت شيئا لا يرضي الزوج فأقسم عليها أربع طلقات لو تكرر منها هذا الفعل ليضربنها ضربا شديدا ثم فعلته ناسية فما الحكم في هذا ؟
الشيخ : نقول إنه لا ينبغي للإنسان إذا أراد ان يؤكد شيئاً أن يؤكده بالطلاق.
السائل : نعم.
الشيخ : لأن ذلك بمعنى اليمين وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) فإذا أردت أن تؤكد شيئاً فأكّده باليمين بالله سبحانه وتعالى لا بالطلاق وذلك لأن التأكيد بالطلاق خلاف المشروع ولأن التأكيد بالطلاق يرى كثيرٌ من أهل العلم أو أكثر أهل العلم أنه يثبت به حكم الطلاق لا حكم اليمين فيكون الإنسان بذلك مخاطراً فيما إذا حلف بالطلاق على زوجته أن تفعل شيئاً أو أن لا تفعله أما ما وقع لهذا الرجل من كونه حلف بالطلاق أربع مرات على زوجته إن فعلت هذا الشيء أن يضربها ضرباً شديداً فإنه ليس له حق في أن يضربها ضرباً شديداً وإنما إذا فعلت ما يقتضي الضرب فإنه يضربها ضرباً غير مبرّح وعليه فإنه لما عادت إلى فعل هذا الشيء الأن لا يضربها ذلك الضرب الشديد الذي حلف بالطلاق عليه ولكن يُكفّر عن حلفه بطلاقه هذا يكفر كفارة يمين وكفارة اليمين كما ذكر الله عز وجل إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وإطعام العشرة مساكين له وجهان، الوجه الأول : أن يصنع غداءً أو عشاءً ويدعو عشرة مساكين يأكلون.
والوجه الثاني : أن يطعمهم شيئاً غير مطبوخ ومقداره ست كيلو من الرز يعطيها العشرة.
السائل : نعم.
الشيخ : وإذا حصل أن يجعل معها شيئاً من الإدام من لحم أو غيره فإنه أكمل وأفضل.
السائل : نعم.
4 - زوجة فعلت شيئا لا يرضي الزوج فأقسم عليها أربع طلقات لو تكرر منها هذا الفعل ليضربنها ضربا شديدا ثم فعلته ناسية فما الحكم في هذا ؟ أستمع حفظ
رجل نهى زوجته عن فعل شيء وقال لها لو أن أحد من أسرتي أمرك بفعله فتقول له : إن زوجي نهاني عن هذا بالطلاق . ثم نسيت الزوجة وفعلت ما نهيت عنه فطلقها مرتين في حالة الغضب وكان يقصد تذكيرها بما قال فما الحكم في ذلك ؟
الشيخ : الحكم في ذلك أن قولك الأخير أنت طالق، إذا كنت في إغلاق شديد لا تدري ما تقول فإنه لا يقع الطلاق منك أما إذا كنت في حال تملك نفسك ويمكنك أن تتصرّف تصرّفاً سليماً وقلت لها أنت طالق وادعيت أن ذلك تذكير لها بما سبق فإن هذا يُرجع فيه إلى المحكمة لأنك ادعيت خلاف الظاهر فإن الظاهر من هذه الجملة أنك أوقعت الطلاق عليها لمخالفتها ما ذكرت وحيث إنك ادعيت خلاف الظاهر فإنه لا بد من أن يكون ذلك راجعاً إلى المحكمة إلا إذا صدّقتك المرأة بما تقول فإنه يُقبل منك تلك الدعوة ولكن كلامك في الحقيقة خلاف الواقع، ادعاءك أن هذا تذكير بما سبق خلاف ظاهر الكلام والأحوال المقترنة به فعليك يا أخي أن تتقي الله عز وجل وأن لا تلتمس الحيل في مثل هذه الأمور العظيمة الخطيرة بل عليك أن تكون صادقاً فيما تقول، وأرى أنه لا بد من رفع هذه المسألة إلى المحكمة لتنظر في الأحوال وفي إمكان صدقك فيما ادعيت من عدمه.
5 - رجل نهى زوجته عن فعل شيء وقال لها لو أن أحد من أسرتي أمرك بفعله فتقول له : إن زوجي نهاني عن هذا بالطلاق . ثم نسيت الزوجة وفعلت ما نهيت عنه فطلقها مرتين في حالة الغضب وكان يقصد تذكيرها بما قال فما الحكم في ذلك ؟ أستمع حفظ
رجل كان مسافرا فأرسل إلى زوجته رسالة تضمنت عدم فعلها لشيء فأرسل إليه بعض أسرته رسالة يخبره بأنها فعلت ما نهاها عنه فغضب وأرسل شريطا مسجلا فيه أنه طلق زوجته ولابد أن تخرج من البيت ولا يدري كم طلقها من طلقة ولكن الأب لم يبلغ الزوجة بذلك الشريط وأرسل إلى ولده رسالة ينكر فيها ما قاله بعض أفراد أسرته وأقسم بأنها لم تفعل شيئا ثم أرسل الولد رسالة أخرى يؤكد على خروج المرأة من البيت فأخذتها أمه وأخفتها ولم تعلم الزوجة فما الحكم في فعله هذا وهل يجوز الاستمرار في الحياة الزوجية بينهما ؟
وأرسلت رسالة لزوجتي وقلت لها إنك لا بد أن تخرجي من البيت وإن شاء الله عندما أرجع سوف أعطي لك كل ما لك من جهاز ونحوه ولكن الرسالة أخذتها والدتي من موظف البريد دون علم زوجتي أن لها رسالة ولم تُظهرها لها يعني أن زوجتي لم تقرأ الرسالة ولم تعلم بما فيها وكذلك لم تعلم بالشريط المسجّل عليه الطلاق فما الحكم في هذا وهل يجوز لي الاستمرار في الحياة الزوجية معها؟
الشيخ : طلاقك الأول الذي أرسلت إلى والدك بالشريط كان مبنياً على أنها فعلت ما نهيتها عنه وإذا تبيّن أنها لم تفعله فإنه لا يقع عليك الطلاق لأن الطلاق المبني على سبب إذا تبيّن عدم وجود السبب فإنه لا طلاق حينئذٍ أما طلاقك الأخير فإذا كان نيّتك بقولك لا بد أن تخرج من البيت نيّتك الطلاق فإنه يقع الطلاق عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى ) وإذا كانت هذه الطلقة هي الثالثة فإنها لا تحل لك إلا بعد زوج بنكاح صحيح ثم يكون الفراق.
6 - رجل كان مسافرا فأرسل إلى زوجته رسالة تضمنت عدم فعلها لشيء فأرسل إليه بعض أسرته رسالة يخبره بأنها فعلت ما نهاها عنه فغضب وأرسل شريطا مسجلا فيه أنه طلق زوجته ولابد أن تخرج من البيت ولا يدري كم طلقها من طلقة ولكن الأب لم يبلغ الزوجة بذلك الشريط وأرسل إلى ولده رسالة ينكر فيها ما قاله بعض أفراد أسرته وأقسم بأنها لم تفعل شيئا ثم أرسل الولد رسالة أخرى يؤكد على خروج المرأة من البيت فأخذتها أمه وأخفتها ولم تعلم الزوجة فما الحكم في فعله هذا وهل يجوز الاستمرار في الحياة الزوجية بينهما ؟ أستمع حفظ
ما حكم إرسال الرسالة وفيها طلاق الزوجة أو إرجاعها وقد تصل الرسالة وقد لا تصل فيفوت شيئ من العدة والرجعة ونحوهما فهل لهم الانتظار لوصول الرسالة أو يجب عليهم البحث عن حل آخر لقضيتهم هذه ؟
الشيخ : الذي أرى أنه كما قلت يجب أن يبحثوا عن علماء في أماكنهم حتى يبتّوا في الأمر.
السائل : نعم.
الشيخ : فإن هذا أوْلى وأحسن والحمد لله لا تخلوا بقاع الأرض من علماء يبيّنون للناس أحكام شريعة الله سبحانه وتعالى ثم إني أيضا أنصح هؤلاء الناس عن التلاعب العظيم بالطلاق، كون الإنسان يطلق على أدنى سبب ثم بعد ذلك يذهب إلى أعتاب العلماء في كل مكان ليحصل له المخلص مما يقع فيه فإن هذا خلاف العقل وخلاف الاتزان والإنسان إذا غضب يجب أن يملك نفسه لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال له رجل أوْصني يا رسول الله قال : ( لا تغضب ) فردّد مراراً قال : ( لا تغضب ) وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب وليس الشديد بالصرْعة إنما هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى لا ينفّذ ما حمله غضبه عليه.
السائل : بارك الله فيكم.
هذه الرسالة من المستمع جعيثن هزاع من الخرج.
7 - ما حكم إرسال الرسالة وفيها طلاق الزوجة أو إرجاعها وقد تصل الرسالة وقد لا تصل فيفوت شيئ من العدة والرجعة ونحوهما فهل لهم الانتظار لوصول الرسالة أو يجب عليهم البحث عن حل آخر لقضيتهم هذه ؟ أستمع حفظ
ما هي قصة الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :" ليس منا من دعا إلى عصبية " وقوله :" دعوها فإنها منتنة " وهل يدخل في ذلك من يتفاخرون بأنسابهم ويمنعون بناتهم من الزواج إلا بمن كان مثل مستواهم نسبا دون النظر إلى الدين والخلق وما هي نصيحتكم لهم ؟
الشييخ : لا شك أن الطعن في النسب أو الفخر به من أمور الجاهلية والذي ينبغي أن يكون مصدراً للحمد والذم هو الدين والخلُق وهو الذي ينبغي أن يكون الرفض والقَبول مبنياً عليه في مسألة التزويج فإنه في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) فالذي ينبغي للإنسان أن يكون اعتباره للقَبول والرفض مبنياً على هذين الأمرين الدين والخلق حتى المال لا ينبغي للإنسان أن يلتفت إليه إلتفاتاً كبيراً في هذا الموضوع.
السائل : نعم.
الشيخ : وإلا فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( تُنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين ترِبت يداك ) فبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أن من جملة المقاصد في الزواج أن تُنكح المرأة لحسبها كما تنكح لجمالها ومالها ودينها ولكنه حتى على اعتبار الدين في قوله : ( فاظفر بذات الدين ) ولا ريب أيضاً أن الحسب له أثره في العلاقات بين الناس ولكن كوْننا نجعله هو الأول والأخير وهو الذي تُبنى عليه الأمور في القَبول أو الرفض هذا أمر لا ينبغي والفقهاء رحمهم الله في هذا الباب اختلفوا فمنهم من قال : إن المرأة التي تكون من قبائل معروفة لا تُزوّج برجل ليس من القبائل.
السائل : نعم.
الشيخ : وبعضهم يقول تُزوّج ولكن لمن لم يرضى من أوليائها أن يفسخ النكاح والذي أرى أنه لا ينبغي أن يُعتبر إلا ما اعتبره الشرع من الدين والخلق ولكن الناس إذا اعتادوا شيئاً لا يكون مخالفاً للشرع ويكون موافقاً لقول من أقوال أهل العلم فإنه لا يُعاب عليهم ولا يُنكر عليهم مادام قد قال به أحد من أهل العلم وليس فيه مخالفة لنص وعلى كل حال فالذي ينبغي اعتباره هو الخلق والدين والله أعلم.
السائل : نعم، أحسن الله إليكم.
هذه الرسالة من المستمع محمد محمد حسن سوداني مقيم بالباحة.
8 - ما هي قصة الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :" ليس منا من دعا إلى عصبية " وقوله :" دعوها فإنها منتنة " وهل يدخل في ذلك من يتفاخرون بأنسابهم ويمنعون بناتهم من الزواج إلا بمن كان مثل مستواهم نسبا دون النظر إلى الدين والخلق وما هي نصيحتكم لهم ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم في الذكر الجماعي وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم :" ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله يتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة .." الحديث . ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه يذكرون الله فلم ينهاهم عن ذلك . هل فيهما دليل على جواز الذكر الجماعي وهل يتعارض الذكر الجماعي مع قوله تعالى :" واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال " ؟
الشيخ : الصواب في هذا الموضوع أن الحديث الذي أشار إليه السائل بل الحديثان في الذين يتدارسون كتاب الله ويتلونه وكذلك في القوم الذين يذكرون الله أن هذا مطلق فيُحمل على المقيّد المتعارف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يكن من المتعارف بينهم أنهم يذكرون الله تعالى بلفظ جماعي أو يقرءون القرأن بلفظ جماعي وفي قوله ( ويتدارسونه بينهم ) يدل على أن هذه المدارسة تكون بالتناوب إما أن يقرأ واحد فإذا أتم قراءته قرأ الثاني ما قرأ الأول وهكذا وإما أن يكون كل واحد منهم يقرؤ جزءً ثم يقرؤ الأخر مما وقف عليه الأول هذا هو ظاهر الحديث.
وأما الحديث الأخر الذي فيه أنهم يذكرون الله تعالى فإنا نقول هذا مطلق فيُحمل على ما كان متعارفاً عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يكن متعارفاً بينهم أن يجتمعوا وأن يذكروا بذكر واحد جماعة ويدلّك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج كان منهم المكبّر ومنهم المهلل ومنهم الملبي فكل إنسان يذكر الله تعالى بنفسه.
وأما قوله تعالى : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال )) فهذا المراد به الذكر الخاص للمرء وهو أيضاً مخصوص بما دلت عليه السنّة من الجهر به فإنه قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا يُشرع الجهر بالذكر بعد الصلاة المكتوبة لأن هذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأما قول بعض أهل العلم إن الإسرار به أفضل وإجابتهم عن حديث ابن عباس بأن ذلك للتعليم فإن فيه نظراً.
السائل : نعم.
الشيخ : وذلك لأن التعليم يحصل بدون هذا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد علّم فقراء المهاجرين ماذا يقولونه دبر الصلاة قال عليه الصلاة والسلام : ( تسبحون وتحمدون وتكبّرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) ثم إن التعليم يحصل بالمرة الواحدة لا بأن يُحافظ عليه النبي عليه الصلاة والسلام في كل صلاة أو يُحافظون عليه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في كل صلاة.
ثم نقول سلّمنا أنه للتعليم فهو للتعليم في أصل الذكر وفي صفته بمعنى أن الرسول يعلمهم ما هو الذكر الذي يُقال في أدبار الصلوات وما كيفية تلاوة هذا الذكر والإتيان به أنه يكون جهراً وهذا هو القول الذي يؤيّده حديث ابن عباس المذكور وهو في صحيح البخاري. نعم.
السائل : نعم، جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
9 - ما رأيكم في الذكر الجماعي وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم :" ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله يتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة .." الحديث . ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه يذكرون الله فلم ينهاهم عن ذلك . هل فيهما دليل على جواز الذكر الجماعي وهل يتعارض الذكر الجماعي مع قوله تعالى :" واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال " ؟ أستمع حفظ