لقد ظهر عندنا في السودان دعوات كثيرة منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي، كيف يكون ذالك التجديد ؟
السائل : لقد ظهر عندنا في السودان دعوات كثيرة منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي ، كيف يكون ذلك التجديد ؟ الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . يقول السائل أنه ظهرت عندهم دعوات جديدة في بلادهم منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي ، فهذا التجديد إن أراد به مقترحه أن يجدد التبويب وعرض المسائل الفقهية حتى يكون ملائماً للذوق العصري فهذا لا بأس به ، وما هو إلا تغيير أسلوب من حال إلى حال ليقرب المعنى إلى أفهام الناس ، على أن التجديد على هذا الوجه له مساوئ منها : أننا نرى كثيراً من المعاصرين الذين يكتبون فيما كتبه السابقون يطيلون الكلام والتفصيلات حتى يذهب آخر الكلام أوله ، ويضيع الإنسان بين هذه التقسيمات وبين الكلام الذي يعتبر حشواً ، وهذه سيئة عظيمة تبدد الفكر وتضيع الأوقات في مسائل قد يدركها الإنسان بنصف الوقت الذي يمضيه في قراءة هذه الكتب الجديدة ، ولا أقول إن هذا وصف لكل كتاب جديد بل في كثير من الكتب المصنفة الجديدة ما يكون على هذا النمط . وإن أراد مقترح تجديد الفقه أن يغير بهذا التجديد ما دلت النصوص على حكمه فإن هذا مبدأ خطير ، مبدأ باطل ، إذ لا يجوز للإنسان أن يغير شيئاً من أحكام الله عز وجل ، فإن أحكام الله تعالى باقية ما بقي هذا الدين ، وهذا الدين سيبقى إلى يوم القيامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) فهذا هو رأينا نحو هذا الاقتراح الذي اقترحه هذا المقترح من تجديد علم الفقه .
إننا نلبس قفازات اليد لونها أسود عندما نكون خارجين من المنزل أو عندما نكون ذاهبين إلى المدرسة، فما حكم لبس هذه القفازات مع العلم أنها تجعل شكل اليد أجمل من شكلها الطبيعي، نرجو من فضيلتكم إجابة ؟
السائل : إننا نلبس قفازات اليد لونها أسود عندما نكون خارجين من المنزل أو عندما نكون ذاهبين إلى المدرسة ، فما حكم لبس مثل هذه القفازات مع العلم أنها تجعل شكل اليد أجمل من شكلها الطبيعي ، نرجو من فضيلتكم إجابة ؟ الشيخ : الذي أرى أن لبس المرأة للقفازين من باب تكميل الحجاب والتستر عن الرجال ، وكنت قبلاً أرى أن لا تلبسه المرأة لأنه يكون لباس شهرة ، ويوجب لفت النظر إليها ، أما الآن وقد كثر والحمد لله من يلبسه من النساء فإني أرى أن لبسه من تمام التستر وموجبات الحياء ، وقد كان نساء الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يلبسن ذلك ، أي يلبسن القفازين كما يدل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام في المحرمة : ( لا تنتقب ولا تلبس القفازين ) فإن هذا يدل على أن من عادتهم لباس ذلك ، ولا شك أنه أستر لليد وأبعد عن الفتنة سواء كان أسود أو أحمر أو أخضر ، والسواد في رأيي هو اللون المناسب ، لأنه يكون أقرب إلى موافقة لون العباءة والخمار فيكون أولى من الألوان الأخرى ، أولى من لون البياض ومن لون الحمرة والخضرة وما أشبه ذلك ، فلتسر نساءنا على هذا ، وليحتجبن الحجاب الذي يبعدهن عن الفتنة ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا هذه نعمة الإسلام والتمسك به ، وأن يحفظ علينا ديننا ويحفظنا به إنه جواد كريم . السائل : اللهم آمين جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء .
رجل طلق زوجته وبعد سبعة أشهر ظهر بأنها حامل، ما الحكم الشرعي في هذا ؟
السائل : ما حكم الشرع في نظركم في رجل طلق زوجته وبعد سبعة أشهر ظهر الحمل ما الحكم الشرعي في هذا ؟ الشيخ : الحكم الشرعي في هذا فيما أرى أنه إذا كانت قد حاضت بعد طلاقه ثلاثة حيض فإن هذا الولد لا يلحقه ، لأنها قد أتمت العدة وبانت منه ، وهذا حمل جديد ، أما إذا كانت بعد الطلاق لم تحض حتى ظهر عليها الحمل فإنها تكون في عدته حتى تضع حملها ، لأن الظاهر أن هذا الحمل له لكن تأخر ظهوره لسبب من الأسباب قد يكون لعلة في أمه أو لعلة في نفس الجنين فما دامت لم تحض منذ طلاقها إلى أن ظهر حملها بعد سبعة أشهر ، فإن الحمل لها ، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الحمل قد يبقى في بطن الأم لمدة أربع سنين ، وبعضهم يرى أنه قد يبقى أكثر من أربع سنين ، فما دمنا نتيقن أن هذه المرأة لم توطأ فإن الحمل قد يبقى في بطنها أكثر من أربع سنين ، وينسب إلى من هي حل له من زوج أو سيد .
نحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بأن يغير الإنسان من خلقته وأن الشيطان نعوذ بالله من شره قال أنه سيأمر ابن آدم بأن يغيروا من خلق الله وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي عنه أنه قال: ( لعن الله النامصات والمتنمصات و الواشرات و المستوشرات والفالجات والمتفلجات والواصلات والمستوصلات ...) وفي نهاية الحديث "المغيرات لخلق الله" وكأن علة اللعن هي تغييرهن لخلق الله، وأعلم أن هناك أنواعا من التغيير محمودة ومحثوث عليها وهي التي من الفطرة، أذكر منها الختان وقص الشارب وحلق العانة و نتف الإبط وقص الأظافر، وأنه رخص لنا في تركها أربعين يوما وهناك تغييرات منصوص على كراهيتها بدليل اللعن عليها وهناك تغيرات منصوص على استحبابها والحث عليها إذ هي من الفطرة وبقية الأمور اشتبهت علي أمرها وأقصد إزالة الشعر الزائد في الذراعين والرجلين فيا ترى هل تعتبر إزالته من التغيير بعامة في خلق الله وبالتالي ينبغي عدم إزالته أو مثلا نعتبره من الأمور المشتبهات التي لا يظهر تحريمها ولا إباحتها وبالتالي لا نزيله أيضا استبراء لديننا أم نعتبر أنها من الأمور التي سكت عنها النبي صلى الله عليه وسلم فتكون لنا عافية ورخصة فنزيله أم يوجد نص آخر لم أعثر عليه يصرح بالنهي أو الإباحة ولماذا لا نعتبر هذا الأمر من المشتبهات ولماذا لا نعتبره من الأمور المسكوت عليها وقد سمعت أن هناك رأي أنه يمكن إزالة ذلك الشعر بالقص أو الحلق حتى لا نقع في التغيير بالنتف لكنني أريد معرفة ذلك بالدليل ؟
السائل : نحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بأن يغير الإنسان من خلقته وأن الشيطان نعوذ بالله من شره قال أنه سيأمر بني آدم بأن يغيروا من خلق الله وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي عنه أنه قال : ( لعن الله النامصات والمتنمصات والواشرات والمستوشرات والفالجات والمتفلجات والواصلات والمستوصلات ) وفي نهاية الحديث قال : ( المغيرات لخلق الله ) وكأن علة اللعن هي تغييرهن لخلق الله ، وأعلم أن هناك أنواعا من التغيير محمودة ومحثوث عليها وهي التي من الفطرة ، أذكر منها الختان وقص الشارب وحلق العانة ونتف الإبط وقص الأظافر ، وأنه رخص لنا في تركها أربعين يوما ، وهناك تغييرات منصوص على كراهيتها بدليل اللعن عليها ، وهناك تغيرات منصوص على استحبابها والحث عليها إذ هي من الفطرة ، بقيت أمور اشتبهت علي أمرها وأقصد : إزالة الشعر الزائد في الذراعين والرجلين فيا ترى هل تعتبر إزالته من التغيير بعامة في خلق الله وبالتالي ينبغي عدم إزالته أو مثلا نعتبره من الأمور المشتبهات التي لا يظهر تحريمها ولا إباحتها ، وبالتالي لا نزيله أيضا استبراء لديننا أم نعتبر أنها من الأمور التي سكت عنها النبي صلى الله عليه وسلم فتكون لنا عافية ورخصة فنزيله ؟ أم يوجد نص آخر لم أعثر عليه يصرح بالنهي أو الإباحة ، ولماذا لا نعتبر هذا الأمر من المشتبهات ؟ ولماذا لا نعتبره من الأمور المسكوت عليها ؟ وقد سمعت أن هناك رأي أنه يمكن إزالة ذلك الشعر بالقص أو الحلق حتى لا نقع في التغيير بالنتف ، لكنني أريد معرفة ذلك بالدليل ؟ الشيخ : هذا السؤال في الحقيقة يتضمن الجواب ، لأن أحدا لو أراد أن يجيب بأكثر من هذه الاحتمالات التي ذكرتها السائلة لم يستطع فيما يظهر ، فتغيير الخلق منه ما هو مأمور به كسنن الفطرة ، ومنها ما هو منهي عنه كالنمص وتفليج الأسنان والوشم وما أشبهها ، ومنها ما هو مسكوت عنه كشعر الساقين والذراعين والكفين والقدمين وما أشبه ذلك ، هذا المسكوت عنه فيه هذه الاحتمالات التي ذكرتها السائلة ، هل نقول إنه لا يزال لأن إزالته تغيير لخلق الله والأصل في التغيير التحريم لأنه من أوامر الشيطان ؟ فالواجب الكف عنه وتركه ؟ أو نقول إن هذا مما سكت الشارع عنه ، لأن الشارع لما نص على أشياء ممنوعة وأشياء مأمور بأزالتها وسكت عن هذا دل على أنه لا بأس به ، لأنه إن كان من قسم الممنوع لنبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأتى بلفظ عام يدخل فيه الكل ؟ ولو كان من المأمور به لنص عليه أيضاً فيكون معفواً عنه بقرينة ذكر القسم الممنوع ، فإن ذكر القسم الممنوع يقتضي أن ما سواه إما مأمور به وإما معفو عنه ، ولا ريب أن الاحتياط تركه وعدم التعرض له إلا إذا كثر بحيث يشوه خلقة المرأة حتى يجعل يدها كيد الرجل أو يجعل رجلها كرجل الرجل وما أشبه ذلك مما قد تعافه نفس الزوج ، ففي هذه الحال لا ريب أن إزالته جائزة وسواء أزيل بالقص أو بالادهان بما يزيل الشعور أو غير ذلك ، هذا هو حكم المسألة فيما أرى والعلم عند الله سبحانه وتعالى .
هل يجوز وضع المساحيق الملونة على الوجه أو يعتبر هذا من التغيير لخلق الله، ومعلوم أثرها في تجميل الوجه وهل يوجد نص من السنة أو من القرآن يخبر أن النسوة المسلمات الأول كن يضعن المساحيق الملونة على وجوههن وأباح ذالك النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السائل : هل يجوز وضع المساحيق الملونة على الوجه أو هل هذا يعتبر من التغيير لخلق الله، ومعلوم أثرها في تجميل الوجه ، وهل يوجد نص من السنة أو من القرآن يخبر أن النسوة المسلمات الأول كن يضعن المساحيق الملونة على وجوههن وأباح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : الكحل في العينني كان معروفاً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا ، ولا ريب أنه يعطي العين جمالاً وزينة ، وأما تجميل الوجه والشفتين فالأصل فيه الحل حتى يقوم دليل على المنع ، فإذا تجملت المرأة أو بعبارة أصح إذا جملت وجهها بهذه المساحيق والأدها فإن ذلك لا بأس به ، لأن مثل هذه الأمور إذا لم يرد بها منع عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل فيها الحل ولا نحتاج إلى طلب الدليل على حلها ،لأنه الأصل ، وما كان هو الأصل فإن المطالب بالدليل من ادعى خلافه لا من ادعى الأصل ، ولهذا إذا تمسكنا بأصل من الأصول وقال لنا قائل : ما هو الدليل ؟ قلنا له الدليل عدم الدليل ، أي أن الدليل على هذا عدم الدليل على خروجه عن الأصل .
إذا أقرضت أحدا ما لا لعدة سنوات هل يجب علي دفع زكاة هذا المال وقت القرض أو وقت استردادي لمالي عن المدة الماضية وهل إذا اشترى أحد أرضا ليبني عليها منزلا له وأخر ذلك البناء عليها وأخر بناء ذالك المنزل حتى يتوفر عنده مالا للبناء، أسأل هل عليه دفع زكاة عن هذه الأرض ؟
السائل : إذا أقرضت أحدا ما لا لعدة سنوات هل يجب علي دفع زكاة هذا المال وقت القرض أو وقت استردادي لمالي عن المدة الماضية ؟ وهل إذا اشترى أحد أرضا ليبني عليها منزلا له و وأخر بناء ذلك المنزل حتى يتوفر عنده مالا للبناء ، أسأل هل عليه دفع زكاة عن هذه الأرض ؟ الشيخ : أما المسألة الأولى وهي ما إذا أقرض الإنسان غيره مالاً فهل فيه الزكاة ؟ فالجواب : إذا كان هذا المال الذي أقرضه إياه مما لا تجب الزكاة في عينه فلا زكاة عليه فيه كما لو أقرضه طعاماً من البر أو الرز أو التمر أو ما أشبه ذلك ، فإن هذا لا زكاة عليه فيه ، إذ لا زكاة في عينه . وأما إذا أقرضه دراهم سواء كانت نقوداً من الذهب والفضة أو كانت أوراقاً من هذا الأوراق العملية فلا يخلو المقترض من إحدى حالين : إما أن يكون غنياً وإما أن يكون فقيراً ، فإن كان غنياً فعلى مقرضه زكاة المال الذي أقرضه وقت وجوب زكاته ، وإن كان فقيراً فإنه لا زكاة عليه ولو بقي عنده سنوات ، لكن إن زكاه حين قبضه منه لسنة واحدة فهو أولى وأحوط لأنه حينئذٍ يشبه الثمرة التي استغلها الإنسان تزكى وقت استغلالها ، وإن استأنف به حولاً جديداً فلا بأس ، فصار القرض إذا كان من النقدين وهو على غني تجب زكاته على المقرض كل عام ، وإن كان على فقير لم تجب عليه زكاته إلا أنه إذا قبضه فينبغي أن يخرج زكاته لسنة واحدة ، ثم كلما دار عليه الحول زكاه ، هذا بالنسبة للسؤال الأول . أما السؤال الثاني : وهو الأرض التي اشتراها ليبني عليها بناءً ولكنه لم يتمكن من البناء عليها لعدم وجود ما يبنيها به ، فإنه ليس فيها زكاة ، لأن العقارات التي لا تعد للبيع والشراء ، أي لا يريد التكسب ببيعها وشرائها ليس فيها زكاة ، لأنها من العروض ، والعروض لا تجب فيها زكاة إلا إذا قصد بها الاتجار ، وعلى هذا فليس عليه زكاة في هذا الأرض ولو بقيت سنوات ، كما أنه ليس عليها زكاة إذا بناها أيضاً واستغلها لكن إذا استغلها فإن عليه الزكاة في أجرتها فقط .
بحمد الله سبحانه وتعالى اقتنعت بشرعية الحجاب الساتر لكل البدن وقد لتزمت بلبسه منذ سنوات وقد قرأت الكثير من الكتب في الحجاب وخاصة كتب التفسير المختلفة وهي تتعرض طبعا لموضوع الحجاب في أثناء تفسير بعض السور مثل سورة النور والأحزاب، ولكنني لا أدري كيف أوفق بين لبس المسلمات في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين و في عصر بني أمية وأهمية الحجاب الذي أكاد أراه فرضا على جميع النساء ؟
السائل : بحمد الله سبحانه وتعالى اقتنعت بشرعية الحجاب الساتر لكل البدن ، وقد التزمت بلبسه منذ سنوات ، وقد قرأت الكثير من الكتب في الحجاب وبخاصة كتب التفسير المختلفة وهي تتعرض طبعا لموضوع الحجاب في أثناء تفسير بعض السور مثل سورة النور والأحزاب ، ولكنني لا أدري كيف أوفق بين لبس المسلمات في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وفي عصر بني أمية وأهمية الحجاب الذي أكاد أراه فرضا على جميع النساء ؟ الشيخ : يجب أن نعلم أن عصر النبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين : أحدهما : ما كان قبل الحجاب ، والنساء فيه كاشفات الوجوه ولا يجب عليهن التستر . والثاني : ما كان بعد الحجاب وهو ما بعد السنة السادسة فهذا التزم فيه النساء رضي الله عنهن الحجاب ، وصرن كما أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لبناته ونساء المؤمنين وأزواجه يدنين عليهن من جلابيبهن ، فصرن رضي الله عنهن يلبسن أكسية سوداً ولا يبدين إلى عيناً واحدة ينظرن بها الطريق ، وما زال الناس والحمد لله في بلادنا هذه على هذه الطريق التي هي مقتضى دلالة الكتاب والسنة والاعتبار والنظر الصحيح ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبقي على نساءنا ما من به عليهم من هذا الحجاب الساتر الذي هو مقتضى دلالة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح المضطرد .
بالنسبة لمن يتخذ قراءة القرآن الكريم كمهنة يعتمد عليها في حياته في المآتم مثلا مقابل مبلغا كبيرا من المال فما رأي الشرع في نظركم ؟
السائل : بالنسبة لمن يتخذ قراءة القرآن الكريم كمهنة يعتمد عليها في حياته في المآتم مثلا مقابل مبلغا كبيرا من المال ، فما رأي الشرع في نظركم ؟ الشيخ : رأيي في نظر هؤلاء أن عملهم هذا محرم ، وأن هذه الطريق التي يتوصلون بها إلى اكتساب المال طريق غير مشروعة ، إذ أن كلام الله عز وجل إنما نزل ليتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته وفهم معانيه والعمل به ، فإذا حوله الإنسان إلى أن يصطاد به شيئاً من الدنيا فقد أخرجه عن مقتضاه وعن ما أراد الله عز وجل فيه ، ويكون كسبه بهذه الطريق كسباً محرماً يأثم به ، ويأثم به أيضاً كل من ساعده على ذلك وبذل له هذا العوض ، لأن مساعدته وبذل العوض له من باب معاونته على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى : (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) . وليعلم أن هؤلاء المستأجرين الذين يُستأجرون عند موت الأموات ليقرؤوا لهم شيئاً من القرآن أو يقرؤوا كل القرآن ليعلم أن هؤلاء ليس لهم أجر يصل إلى الميت ، لأن عملهم حابط مردود عليهم لقوله تعالى : (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كانت هجرته لدنيا لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) فهذا القارئ لم ينل من قراءته أجراً سوى ما أخذه من حطام الدنيا ، وما أخذه من حطام الدنيا لا يصل إلى الميت ولا ينتفع به الميت . وعلى هذا يكون في ذلك خسارة على أهل الميت خسارة دنيوية بإضاعة هذا المال الذي صرفوه إلى هذا القارئ المبطل في قرأته ، وخسارة أخروية لأنهم أعانوا هذا الآثم على إثمه فشاركوه في ذلك ، فعلى أخوتي المسلمين أن يتوبوا إلى الله عز وجل من هذه الأعمال ، وأن يسلكوا عند المصائب ما سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرشد أمته إليه من الصبر والتحمل وأن يقول الإنسان عند مصيبته : ( إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ) ، حتى يدخل في قوله تعالى : (( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )) ومن قال هذا بصدق ورجاء ثواب واحتساب من الله عز وجل فإنه يوشك أن يخلف الله عليه خيراً من مصيبته . السائل : أخوتنا المستمعين الكرام كان لقاؤنا هذا مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الاستاذ بكلية الشريعة بالقصيم وإمام الجامع بمدينة عنيزة شكر الله لفضيلته ، وشكراً لكم أنتم إخوتنا الأكارم على حسن المتابعة ولنا لقاء بإذنه تعالى في الغد ونحن وإياكم بخير وعافية بحول الله وقوته .