نور على الدرب-164b
نرجو من فضيلتكم تفسير قوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) ؟
السائل : هذا مستمع يسأل عن قوله تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين )) ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
يقول الله تعالى في هذه الآية الكريمة مبيناً حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه عليه الصلاة والسلام رسول قد خلت من قبله الرسل أي مضت من قبله الرسل فبلغوا الرسالة ثم كان مآلهم إلى الفناء ، لأن (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) قد خلت من قبله الرسل ومضت في إبلاغ دعوتها إلى الله عز وجل ، ثم ماتوا كسائر البشر .
ثم ينكر الله عز وجل على من تغيرت حاله لو مات النبي صلى الله عليه وسلم أو قتل فيقول : (( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعناقكم )) أي ارتدتم عن الإسلام إلى الكفر إلى الوراء بعد أن تقدمتم إلى الإسلام (( ومن ينقلب على عقبيه )) فيكفر بعد ردته فإنه لن يضر الله شيئاً ، لأن الله تعالى غني عن عباده ولم يأمرهم سبحانه وتعالى بعبادته إلا لمصلحتهم لا لمصلحته هو أو منفعته ، فإنهم لن يبلغو ضره فيضروه ولن يبلغو نفعه فينفعوه قال الله تعالى : (( ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) فمن انقلب على عقبيه بعد إسلامه فإنه لن يضر الله شيئاً وإنما يضر نفسه .
(( وسيجزي الله الشاكرين )) أي القائمين بطاعته الذين قاموا بحقيقة الشكر لأن حقيقة الشكر هو القيام بطاعة المنعم حيث ما تعلقت بالقلب أو باللسان أو بالجوارح ، وهذه الآية نزلت حين صاح الشيطان بالمسلمين في غزوة أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، فضعفت نفوس بعض المسلمين من أجل هذه الشائعة الكاذبة الخاطئة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية إشارة أنه يجب على المسلمين وإن مات نبيهم أو قتل أن يذودوا عن شريعته وعن سنته في حياته وبعد مماته .
وفي هذه الآية دليل على أن الكفر هو التأخر والرجعية والانقلاب على العقل ، وأما الإسلام فإنه التقدم والمضي إلى الأمام فيما ينفع الإنسان في دينه ودنياه ، ويشهد لهذا قوله تعالى : (( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم )) .
وبهذا عرف سبب نزول هذه الآية الكريمة وعرف المراد بها ، وأن الواجب على المسلمين أن يكونوا منتصرين لدينهم سواء كان ذلك في حياة نبيهم أو بعد مماته صلوات الله وسلامه عليه .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
يقول الله تعالى في هذه الآية الكريمة مبيناً حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه عليه الصلاة والسلام رسول قد خلت من قبله الرسل أي مضت من قبله الرسل فبلغوا الرسالة ثم كان مآلهم إلى الفناء ، لأن (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) قد خلت من قبله الرسل ومضت في إبلاغ دعوتها إلى الله عز وجل ، ثم ماتوا كسائر البشر .
ثم ينكر الله عز وجل على من تغيرت حاله لو مات النبي صلى الله عليه وسلم أو قتل فيقول : (( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعناقكم )) أي ارتدتم عن الإسلام إلى الكفر إلى الوراء بعد أن تقدمتم إلى الإسلام (( ومن ينقلب على عقبيه )) فيكفر بعد ردته فإنه لن يضر الله شيئاً ، لأن الله تعالى غني عن عباده ولم يأمرهم سبحانه وتعالى بعبادته إلا لمصلحتهم لا لمصلحته هو أو منفعته ، فإنهم لن يبلغو ضره فيضروه ولن يبلغو نفعه فينفعوه قال الله تعالى : (( ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) فمن انقلب على عقبيه بعد إسلامه فإنه لن يضر الله شيئاً وإنما يضر نفسه .
(( وسيجزي الله الشاكرين )) أي القائمين بطاعته الذين قاموا بحقيقة الشكر لأن حقيقة الشكر هو القيام بطاعة المنعم حيث ما تعلقت بالقلب أو باللسان أو بالجوارح ، وهذه الآية نزلت حين صاح الشيطان بالمسلمين في غزوة أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، فضعفت نفوس بعض المسلمين من أجل هذه الشائعة الكاذبة الخاطئة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية إشارة أنه يجب على المسلمين وإن مات نبيهم أو قتل أن يذودوا عن شريعته وعن سنته في حياته وبعد مماته .
وفي هذه الآية دليل على أن الكفر هو التأخر والرجعية والانقلاب على العقل ، وأما الإسلام فإنه التقدم والمضي إلى الأمام فيما ينفع الإنسان في دينه ودنياه ، ويشهد لهذا قوله تعالى : (( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم )) .
وبهذا عرف سبب نزول هذه الآية الكريمة وعرف المراد بها ، وأن الواجب على المسلمين أن يكونوا منتصرين لدينهم سواء كان ذلك في حياة نبيهم أو بعد مماته صلوات الله وسلامه عليه .
1 - نرجو من فضيلتكم تفسير قوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) ؟ أستمع حفظ
والآية : ( وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) ؟
السائل : الآية الثانية أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) ؟
الشيخ : هذه الآية نزلت في الكافرين أعداء الله عز وجل الذين قال الله عنهم : (( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فأعداء الله وهم الكفار ، وهم أعداء للمسلمين أيضاً كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق )) وقال عز وجل : (( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض )) وقال عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) فأعداء الله تعالى أعداء لكل عباده المؤمنين في كل زمان ومكان ، فالله تعالى يذكر عباده بهذه الحال العظيمة حتى يكونوا من أولياء الله ويبتعدوا عن عداء الله عز وجل وعن أعداءه أيضاً .
يقول عز وجل : (( ويم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون )) أي يساقون إليها ويحبس أولهم على آخرهم ، يساقون إلى جهنم ورداً والعياذ بالله ، فإذا جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول : (( حتى إذا ما جاؤوها )) ما هذه زائدة للتوكيد ، وكلما جاءت ما بعد إذا فهي زائدة كما قيل : " يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة " .
(( حتى إذا ما جاؤوها )) أي إذا جاؤوها (( شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فيشهد السمع على صاحبه بما سمع من الأقوال من الأقوال المحرمة المنكرة التي استمع إليها صاحب هذا السمع وركن إليها وقام بموجبها ، وأبصارهم بما شاهدوا من الأمور المنكرة التي أقروها ورضوا بها ، وجلودهم بما مسوا فيشمل كل ما مست أيديهم ورأجلهم وفروجهم من الأمور المنكرة المحرمة ، تشهد عليهم بكل ما مست ، وهذا أعم من السمع ومن البصر ، ولهذا أنكروا على الجلود دون السمع والبصر فقالوا لجلودهم : (( لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنت تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنننت أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين )) فيوم القيامة يختم على الألسن وتكلم الجوارح قال الله تعالى : (( اليوم نختم على أفواهم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) فتشهد الجلود بكل ما مست من أمر محرم وكذلك السمع والبصر ، وحينئذٍ لا يبقى للإنسان عذر بل يكون مقراً رغم أنفه بما جرى منه من الكفر والمعاصي نسأل الله العافية .
الشيخ : هذه الآية نزلت في الكافرين أعداء الله عز وجل الذين قال الله عنهم : (( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فأعداء الله وهم الكفار ، وهم أعداء للمسلمين أيضاً كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق )) وقال عز وجل : (( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض )) وقال عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) فأعداء الله تعالى أعداء لكل عباده المؤمنين في كل زمان ومكان ، فالله تعالى يذكر عباده بهذه الحال العظيمة حتى يكونوا من أولياء الله ويبتعدوا عن عداء الله عز وجل وعن أعداءه أيضاً .
يقول عز وجل : (( ويم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون )) أي يساقون إليها ويحبس أولهم على آخرهم ، يساقون إلى جهنم ورداً والعياذ بالله ، فإذا جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول : (( حتى إذا ما جاؤوها )) ما هذه زائدة للتوكيد ، وكلما جاءت ما بعد إذا فهي زائدة كما قيل : " يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة " .
(( حتى إذا ما جاؤوها )) أي إذا جاؤوها (( شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فيشهد السمع على صاحبه بما سمع من الأقوال من الأقوال المحرمة المنكرة التي استمع إليها صاحب هذا السمع وركن إليها وقام بموجبها ، وأبصارهم بما شاهدوا من الأمور المنكرة التي أقروها ورضوا بها ، وجلودهم بما مسوا فيشمل كل ما مست أيديهم ورأجلهم وفروجهم من الأمور المنكرة المحرمة ، تشهد عليهم بكل ما مست ، وهذا أعم من السمع ومن البصر ، ولهذا أنكروا على الجلود دون السمع والبصر فقالوا لجلودهم : (( لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنت تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنننت أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين )) فيوم القيامة يختم على الألسن وتكلم الجوارح قال الله تعالى : (( اليوم نختم على أفواهم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) فتشهد الجلود بكل ما مست من أمر محرم وكذلك السمع والبصر ، وحينئذٍ لا يبقى للإنسان عذر بل يكون مقراً رغم أنفه بما جرى منه من الكفر والمعاصي نسأل الله العافية .
المستمع يسأل عن قوله تعالى : ( ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا ) ؟
السائل : من السودان مستمع يسأل عن قوله تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً )) ؟.
الشيخ : قوله تعالى : (( ويسألونك عن ذي القرنين )) السائل هنا قريش ، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وكانت قصته مشهورة ولاسيما عند أهل الكتاب ، وهو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ويقال إنه طاف معه بالبيت والله أعلم ، هذا الرجل الصالح مكن الله له في الأرض وآتاه من أسباب الملك كل سبب يتوصل به إلى الإنتصار وقهر أعدائه (( فأتبع سبباً )) يعني سلك طريقاً يوصله إلى مقصوده (( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً )) فاستولى عليهم وخيره الله فيهم (( قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً )) فحكم بينهم بالعدل قال : (( أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا )) ثم مضى متجهاً نحو مطلع الشمس (( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم )) ليس لهم ستراً يحول بينهم وبين حرها ليس عندهم بناء ولا أشجار وإنما يعيشون في النهار في السرادب والكهوف ، ثم في الليل يلتمسون العيش ، وكان الله عز وجل في جميع أحوال هذا الرجل عالماً به يسير بعلم من الله عز وجل وهداية كما قال تعالى : (( وقد أحطنا بما لديه خبراً )) .
ثم مضى (( حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً )) لأنهم كانوا أعاجم لا تفهم لغتهم ولا يفهمون لغة غيرهم ، ولكنهم اشتكوا إلى هذا الملك الصالح إلى ذي القرنين بأن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ، وهما أمتان من بني آدم كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ، وتذكر روايات وأخبار إسرائيلية في هتين الأمتين أعني في يأجوج ومأجوج كلها لا أصل لها من الصحة ، وإنما يأجوج ومأجوج من بني آدم وعلى شكل بني آدم كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى يعني يوم القيامة : يا آدم ، فيقول لبيك وسعديك ، فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار ، قال : يا رب وما بعث النار ؟، قال : من كل ألف تسعمئة وتسعون ، كلهم في النار إلا واحداً من الألف ) فكبر ذلك من الصحابة وقالوا : يا رسول الله أينا ذلك الواحد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ) وهذا دليل واضح وصريح على أنهم أعني يأجوج ومأجوج من بني آدم ، فيكون شكلهم وأحوالهم كأحوال بني آدم تماماً لكنهم قوم طبعوا والعياذ بالله على الفساد في الأرض وتدمير مصالح الخلق وقتلهم وغير ذلك مما يكون فساداً في أرض الله عز وجل ، فقالوا له : (( هل نجل لك خرجاً )) أي مالاً (( على أن تجعل بيننا وبينهم سداً )) فأخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى أعطاه من الملك والتمكين ما هو خير من المال الذي يعطونه إياه (( قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة )) أي بقوة عملية من مال وأدوات وما أشبه ذلك (( أجعل بينكم وبينهم ردماً )) ثم طلب منهم زبر الحديد أي قطع الحديد فصف بعضها على بعض حتى بلغت رؤوس الجبلين (( آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا )) فأوقدوا عليه النار ونفخوها حتى صار الحديد ناراً يلتهب فأفرغ عليه قطراً أي نحاساً مذاباً حتى تماسكت هذه القطعة من الحديد وصار جاراً حديدياً صلباً (( فما اسطاعوا أن يظهروه )) يعني يصعدوا فوقه (( وما استطاعوا له نقباً )) أي أن ينقبوه من أسفل ، فكان ردماً بين يأجوج ومأجوج وبين هؤالاء القوم ، وقصته معروفة مشهورة ذكرها الله تعالى في سورة الكهف في آخرها فمن أراد المزيد من علمها فليقرأ ما كتبه أهل التفسير الموثوق بهم في هذه القصة العظيمة .
الشيخ : قوله تعالى : (( ويسألونك عن ذي القرنين )) السائل هنا قريش ، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وكانت قصته مشهورة ولاسيما عند أهل الكتاب ، وهو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ويقال إنه طاف معه بالبيت والله أعلم ، هذا الرجل الصالح مكن الله له في الأرض وآتاه من أسباب الملك كل سبب يتوصل به إلى الإنتصار وقهر أعدائه (( فأتبع سبباً )) يعني سلك طريقاً يوصله إلى مقصوده (( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً )) فاستولى عليهم وخيره الله فيهم (( قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً )) فحكم بينهم بالعدل قال : (( أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا )) ثم مضى متجهاً نحو مطلع الشمس (( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم )) ليس لهم ستراً يحول بينهم وبين حرها ليس عندهم بناء ولا أشجار وإنما يعيشون في النهار في السرادب والكهوف ، ثم في الليل يلتمسون العيش ، وكان الله عز وجل في جميع أحوال هذا الرجل عالماً به يسير بعلم من الله عز وجل وهداية كما قال تعالى : (( وقد أحطنا بما لديه خبراً )) .
ثم مضى (( حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً )) لأنهم كانوا أعاجم لا تفهم لغتهم ولا يفهمون لغة غيرهم ، ولكنهم اشتكوا إلى هذا الملك الصالح إلى ذي القرنين بأن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ، وهما أمتان من بني آدم كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ، وتذكر روايات وأخبار إسرائيلية في هتين الأمتين أعني في يأجوج ومأجوج كلها لا أصل لها من الصحة ، وإنما يأجوج ومأجوج من بني آدم وعلى شكل بني آدم كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى يعني يوم القيامة : يا آدم ، فيقول لبيك وسعديك ، فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار ، قال : يا رب وما بعث النار ؟، قال : من كل ألف تسعمئة وتسعون ، كلهم في النار إلا واحداً من الألف ) فكبر ذلك من الصحابة وقالوا : يا رسول الله أينا ذلك الواحد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ) وهذا دليل واضح وصريح على أنهم أعني يأجوج ومأجوج من بني آدم ، فيكون شكلهم وأحوالهم كأحوال بني آدم تماماً لكنهم قوم طبعوا والعياذ بالله على الفساد في الأرض وتدمير مصالح الخلق وقتلهم وغير ذلك مما يكون فساداً في أرض الله عز وجل ، فقالوا له : (( هل نجل لك خرجاً )) أي مالاً (( على أن تجعل بيننا وبينهم سداً )) فأخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى أعطاه من الملك والتمكين ما هو خير من المال الذي يعطونه إياه (( قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة )) أي بقوة عملية من مال وأدوات وما أشبه ذلك (( أجعل بينكم وبينهم ردماً )) ثم طلب منهم زبر الحديد أي قطع الحديد فصف بعضها على بعض حتى بلغت رؤوس الجبلين (( آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا )) فأوقدوا عليه النار ونفخوها حتى صار الحديد ناراً يلتهب فأفرغ عليه قطراً أي نحاساً مذاباً حتى تماسكت هذه القطعة من الحديد وصار جاراً حديدياً صلباً (( فما اسطاعوا أن يظهروه )) يعني يصعدوا فوقه (( وما استطاعوا له نقباً )) أي أن ينقبوه من أسفل ، فكان ردماً بين يأجوج ومأجوج وبين هؤالاء القوم ، وقصته معروفة مشهورة ذكرها الله تعالى في سورة الكهف في آخرها فمن أراد المزيد من علمها فليقرأ ما كتبه أهل التفسير الموثوق بهم في هذه القصة العظيمة .
أيضا يسأل عن الآية : ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت ) ؟
السائل : أيضا يسأل عن الآية الكريمة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت )) ؟.
الشيخ : هذه الآية جزء من آية كريمة ذكرها الله عز وجل في سورة يونس في قوله : (( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) ففي هذه الآية الكريمة يضرب الله المثل مثل الدنيا وما فيهما من الزخارف والزهوة والزينة وغيرها ، يضربه الله بماء أنزله من السماء إلى أرض يابسة هامدة ، فاختلط به نبات الأرض أي أنبتت هذه الأرض من كل زوج بهيج ومن كل صنف واختلط النبات بعضه ببعض لوفرته ونموه (( مما يأكل الناس والأنعام )) أي من طعام الآدميين وطعام البهائم والثمار التي يأكلها الآدميون والزروع وهكذا حتى أصبحت بهجة للناظرين ، ولما أخذت الأرض زخرفها وازّينت وطابت ثمارها ونضجت وظن أهلها أنهم قادرون عليها وأنهم سوف يجنونها عن قرب وبكل سهولة ، أتاها أمر الله تعالى إما ليلاً وإما نهاراً رياح عاصفة أو ثلوج أو صواعق أو غير ذلك مما أهلكها ودمرها (( فكانت حصيداً كأن لم تغنى بالأمس )) أي كأن لم تكن موجودة على ذلك الوجه البهيج الذي يسر الناظر ، أصبحت حصيداً هامدة ، فهكذا الحياة الدنيا تزهوا لصاحبها وتتطور ويصبح صاحبها كأنه لن يموت ، وكأنه سيبقى فيها لما حصل له من الغرور في هذه الدنيا ثم بعد ذلك يفجؤه الموت فإذا هو ذاهب وإذا المال مبعثر في الورثة ، وكل ما كان كأن لم يكن .
والله عز وجل إنما ضرب هذا المثل لئلا نغتر بالدنيا لأجل أن نحترز منها ومن غرورها وأن لا نقدمها على الآخرة لأنها فانية زائلة لا خير فيها إلا ما كان عوناً على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ولهذا أعقب ذلك المثل بقوله : (( والله يدعوا إلى دار السلام )) أي إلى الجنة التي هي دار السلام السالمة من كل نقص وتنغيص ، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وفيها النعيم المقيم التي من دخلها ينعم ولا يبأس ويصح ولا يمرض ويحيى ولا يموت ، وهم في سرور دائم وفي نعيم مقيم ، فانظر أيها الإنسان وقارن بين دار السلام السالمة من كل آفة وبين الدنيا التي مهما تطورت وازدهرت وازدانت فإنها عند التمام يكون الفناء ، واعتبر يا أخي ببقائك في هذه الدنيا فإن عمل الآخرة أقل وأهون وأكثر فائدة ونتيجة من عمل الدنيا .
وأنا أضرب لك مثلاً واحداً يكفيك عن غيره من الأمثال ، أنفقت درهماً في سبيل الله درهماً واحداً في سبيل الله عز وجل ابتغاء مرضاته هذا الدرهم يضاعف إلى عشرة أمثاله إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، فالدرهم يكون عشرة ، والعشرة تكون إلى سبعمئة إلى أضعاف كثيرة لا يحصيها إلا الله عز وجل ، وأنت لم تعمل عملاً شاقاً غاية ما هنالك أنك أوصلت هذا الدرهم إلى مستحقه ابتغاء وجه الله ، لكن أنظر إلى الدنيا تذهب تجوب الفيافي وتضرب الأخطار من أجل أن تربح خمسة دراهم في العشرة أو أقل من خمسة دراهم بالعشرة مع المشقة والعناء وربما لا تربح أيضاً ، فأي العملين أهون وأي العملين أكثر فائدة وأعظم نتيجة وأضمن وأسلم ، أعتقد أن الجواب هو أن عمل الآخرة أهون وأسهل وأعظم نتيجة وأوثق .
كذلك تصلي في بيتك يكتب لك أجر ، تصلي في المسجد يضاعف لك الأجر ( فصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) عمل يسير والربح كثير ، الناس الآن لو قيل لهم إنكم تربحون الواحد بخمسة لذهب الإنسان إلى بلاد بعيدة من أجل هذا الربح القليل الذي قد يكون مضموناً وقد يكون غير مضمون ، لكنه لا يذهب إلى المسجد إلا من هدى الله عز وجل مع أن الربح مضمون وكثير .
وبهذا يتبين حكمة سياق قوله تعالى : (( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) بعد ذكر مثل الحياة الدنيا وما تؤول إليه ، وتأمل قوله تعالى : (( والله يدعوا إلى دار السلام )) حيث عمم في الدعوة لأن الله تعالى يدعوا كل أحد إلى دار السلام ، ولكنه في الهداية قال : (( ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) فليس كل من سمع دعوة الله أجاب الدعوة ، ولكن يجيبها من وفقه الله عز وجل وهداه إلى صراط مستقيم ، اللهم إنا نسألك أن تهدينا وإخواننا المسلمين إلى صراطك المستقيم .
الشيخ : هذه الآية جزء من آية كريمة ذكرها الله عز وجل في سورة يونس في قوله : (( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) ففي هذه الآية الكريمة يضرب الله المثل مثل الدنيا وما فيهما من الزخارف والزهوة والزينة وغيرها ، يضربه الله بماء أنزله من السماء إلى أرض يابسة هامدة ، فاختلط به نبات الأرض أي أنبتت هذه الأرض من كل زوج بهيج ومن كل صنف واختلط النبات بعضه ببعض لوفرته ونموه (( مما يأكل الناس والأنعام )) أي من طعام الآدميين وطعام البهائم والثمار التي يأكلها الآدميون والزروع وهكذا حتى أصبحت بهجة للناظرين ، ولما أخذت الأرض زخرفها وازّينت وطابت ثمارها ونضجت وظن أهلها أنهم قادرون عليها وأنهم سوف يجنونها عن قرب وبكل سهولة ، أتاها أمر الله تعالى إما ليلاً وإما نهاراً رياح عاصفة أو ثلوج أو صواعق أو غير ذلك مما أهلكها ودمرها (( فكانت حصيداً كأن لم تغنى بالأمس )) أي كأن لم تكن موجودة على ذلك الوجه البهيج الذي يسر الناظر ، أصبحت حصيداً هامدة ، فهكذا الحياة الدنيا تزهوا لصاحبها وتتطور ويصبح صاحبها كأنه لن يموت ، وكأنه سيبقى فيها لما حصل له من الغرور في هذه الدنيا ثم بعد ذلك يفجؤه الموت فإذا هو ذاهب وإذا المال مبعثر في الورثة ، وكل ما كان كأن لم يكن .
والله عز وجل إنما ضرب هذا المثل لئلا نغتر بالدنيا لأجل أن نحترز منها ومن غرورها وأن لا نقدمها على الآخرة لأنها فانية زائلة لا خير فيها إلا ما كان عوناً على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ولهذا أعقب ذلك المثل بقوله : (( والله يدعوا إلى دار السلام )) أي إلى الجنة التي هي دار السلام السالمة من كل نقص وتنغيص ، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وفيها النعيم المقيم التي من دخلها ينعم ولا يبأس ويصح ولا يمرض ويحيى ولا يموت ، وهم في سرور دائم وفي نعيم مقيم ، فانظر أيها الإنسان وقارن بين دار السلام السالمة من كل آفة وبين الدنيا التي مهما تطورت وازدهرت وازدانت فإنها عند التمام يكون الفناء ، واعتبر يا أخي ببقائك في هذه الدنيا فإن عمل الآخرة أقل وأهون وأكثر فائدة ونتيجة من عمل الدنيا .
وأنا أضرب لك مثلاً واحداً يكفيك عن غيره من الأمثال ، أنفقت درهماً في سبيل الله درهماً واحداً في سبيل الله عز وجل ابتغاء مرضاته هذا الدرهم يضاعف إلى عشرة أمثاله إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، فالدرهم يكون عشرة ، والعشرة تكون إلى سبعمئة إلى أضعاف كثيرة لا يحصيها إلا الله عز وجل ، وأنت لم تعمل عملاً شاقاً غاية ما هنالك أنك أوصلت هذا الدرهم إلى مستحقه ابتغاء وجه الله ، لكن أنظر إلى الدنيا تذهب تجوب الفيافي وتضرب الأخطار من أجل أن تربح خمسة دراهم في العشرة أو أقل من خمسة دراهم بالعشرة مع المشقة والعناء وربما لا تربح أيضاً ، فأي العملين أهون وأي العملين أكثر فائدة وأعظم نتيجة وأضمن وأسلم ، أعتقد أن الجواب هو أن عمل الآخرة أهون وأسهل وأعظم نتيجة وأوثق .
كذلك تصلي في بيتك يكتب لك أجر ، تصلي في المسجد يضاعف لك الأجر ( فصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) عمل يسير والربح كثير ، الناس الآن لو قيل لهم إنكم تربحون الواحد بخمسة لذهب الإنسان إلى بلاد بعيدة من أجل هذا الربح القليل الذي قد يكون مضموناً وقد يكون غير مضمون ، لكنه لا يذهب إلى المسجد إلا من هدى الله عز وجل مع أن الربح مضمون وكثير .
وبهذا يتبين حكمة سياق قوله تعالى : (( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) بعد ذكر مثل الحياة الدنيا وما تؤول إليه ، وتأمل قوله تعالى : (( والله يدعوا إلى دار السلام )) حيث عمم في الدعوة لأن الله تعالى يدعوا كل أحد إلى دار السلام ، ولكنه في الهداية قال : (( ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) فليس كل من سمع دعوة الله أجاب الدعوة ، ولكن يجيبها من وفقه الله عز وجل وهداه إلى صراط مستقيم ، اللهم إنا نسألك أن تهدينا وإخواننا المسلمين إلى صراطك المستقيم .
اضيفت في - 2005-05-06