نور على الدرب-180b
في صلاة الأعياد هل يجوز للشخص أن يصلي ركعتين قبل الصلاة وعند دخوله المسجد سواء في الفطر أو الأضحى ؟
السائل : في صلاة الأعياد هل يجوز للشخص أن يصلي ركعتين قبل الصلاة وعند دخوله المسجد سواء في الفطر أو في الأضحى ، نرجو بها إفادة ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
صلاة ركعتين عند دخول مصلى العيد لصلاة العيدين أو للاستسقاء مختلف فيها عند أهل العلم :
فمنهم من قال : إنه يكره أن يتنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في صلاة العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهم .
ومن العلماء من يقول : يتنفل قبل الصلاة ولا يتنفل بعدها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل بعدهما ، وأما قبل الصلاة فلم يرد نهي عنه ، والأصل الإباحة إلا إذا كان في وقت نهي كما لو كان قبل ارتفاع الشمس قيد رمح فإن هذا وقت نهي لا يجوز أن يتطوع الإنسان فيه بالنفل المطلق ، وأما النفل الذي له سبب ففي خلاف وسنذكره إن شاء الله .
ومن العلماء من يقول : إن الصلاة غير مكروهة لا قبل الصلاة ولا بعدها وذلك أن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي ، ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن ذلك ، ولكن الأفضل أن لا يصلي قبلها ولا بعدها إلا ما له سبب كتحية المسجد .
وهذا القول عندي أرجح الأقوال ، أي أنه لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها ولكن الأفضل أن لا يصلي قبلها ولا بعدها في موضعها ، إلا إذا كان وقت نهي بأن كان قبل أن ترتفع الشمس قيد رمح فالصلاة محرمة إلا تحية المسجد ، أي إذا دخل إلى مصلى العيد فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) .
فإن قال قائل : مصلى العيد ليس هو المسجد بدليل أنه يسمى مصلى ولا يسمى مسجداً ؟ .
فالجواب : أن العلماء مختلفون هل مصلى العيد مسجد أم لا ؟. والمشهور من مذهب الإمام أحمد أن مصلى العيد مسجد ، وهذا هو القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى ، وهذا يدل على أن له حكم المسجد ، فالشيء يستدل بأحكامه عليه ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يعتزلن مصلى العيد كان دليلاً على أنه مسجد إذ أن الذي تمنع منه الحائض هو المسجد .
وإذا تبين على أنه المسجد فإنه لا دليل على إخراجه من عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعيتين ) ولكن مع ذلك لا ينبغي أن ينكر على من جلس ولم يصل ركعتين كما لا ينكر على من صلى ركعتين ، وذلك لأن هذه المسألة من مسائل الخلاف التي يسوغ فيها الاجتهاد ، والمسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينكر فيها على أحد تبع فيها أحد القولين إما بمقتضى الدليل عنده وإما بثقته بمن قال به ، ولكن لا شك أن من صلى ركعتين لدخول مصلى العيد أقرب إلى الصواب ممن لم يصلي .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
صلاة ركعتين عند دخول مصلى العيد لصلاة العيدين أو للاستسقاء مختلف فيها عند أهل العلم :
فمنهم من قال : إنه يكره أن يتنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في صلاة العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهم .
ومن العلماء من يقول : يتنفل قبل الصلاة ولا يتنفل بعدها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل بعدهما ، وأما قبل الصلاة فلم يرد نهي عنه ، والأصل الإباحة إلا إذا كان في وقت نهي كما لو كان قبل ارتفاع الشمس قيد رمح فإن هذا وقت نهي لا يجوز أن يتطوع الإنسان فيه بالنفل المطلق ، وأما النفل الذي له سبب ففي خلاف وسنذكره إن شاء الله .
ومن العلماء من يقول : إن الصلاة غير مكروهة لا قبل الصلاة ولا بعدها وذلك أن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي ، ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن ذلك ، ولكن الأفضل أن لا يصلي قبلها ولا بعدها إلا ما له سبب كتحية المسجد .
وهذا القول عندي أرجح الأقوال ، أي أنه لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها ولكن الأفضل أن لا يصلي قبلها ولا بعدها في موضعها ، إلا إذا كان وقت نهي بأن كان قبل أن ترتفع الشمس قيد رمح فالصلاة محرمة إلا تحية المسجد ، أي إذا دخل إلى مصلى العيد فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) .
فإن قال قائل : مصلى العيد ليس هو المسجد بدليل أنه يسمى مصلى ولا يسمى مسجداً ؟ .
فالجواب : أن العلماء مختلفون هل مصلى العيد مسجد أم لا ؟. والمشهور من مذهب الإمام أحمد أن مصلى العيد مسجد ، وهذا هو القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى ، وهذا يدل على أن له حكم المسجد ، فالشيء يستدل بأحكامه عليه ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يعتزلن مصلى العيد كان دليلاً على أنه مسجد إذ أن الذي تمنع منه الحائض هو المسجد .
وإذا تبين على أنه المسجد فإنه لا دليل على إخراجه من عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعيتين ) ولكن مع ذلك لا ينبغي أن ينكر على من جلس ولم يصل ركعتين كما لا ينكر على من صلى ركعتين ، وذلك لأن هذه المسألة من مسائل الخلاف التي يسوغ فيها الاجتهاد ، والمسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينكر فيها على أحد تبع فيها أحد القولين إما بمقتضى الدليل عنده وإما بثقته بمن قال به ، ولكن لا شك أن من صلى ركعتين لدخول مصلى العيد أقرب إلى الصواب ممن لم يصلي .
1 - في صلاة الأعياد هل يجوز للشخص أن يصلي ركعتين قبل الصلاة وعند دخوله المسجد سواء في الفطر أو الأضحى ؟ أستمع حفظ
كما نعلم أن الزكاة تدفع للفقراء والمساكين واليتامى، هل يجوز أن ندفعها لأم اليتامى التي لا تصلي ؟
السائل : كما نعلم أن الزكاة تدفع للفقراء والمساكين واليتامى ، هل يجوز أن ندفعها لأم اليتامى التي لا تصلي ؟
الشيخ : الزكاة كما قالت السائلة تدفع للفقراء والمساكين ، أما اليتامى فلا تدفع لهم إلا أن يكونوا فقراء أو مساكين أو من بقية الأصناف الثمانية المعروفة ، لأن اليتم ليس سبباً لجواز صرف الزكاة فيمن كان يتيماً ، لأن الله تعالى لم يذكره في آية الصدقات ، قال الله تعالى : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل )) ولم يذكر اليتامى ، فاليتامى إن كانوا فقراء أو مساكين أو متصفين بوصف يستحقون به الزكاة فإنها تدفع إليهم ، أما مجرد أن يكونوا يتامى فلا تدفع إليهم . واليتيم قد يكون غنياً لا يحتاج إلى الزكاة .
على كل حال نرجع إلى قولها هل يجوز أن نعطي الزكاة لهؤلاء اليتامى الفقراء ؟. نقول الفقراء لأنهم لا يستحقون بوصف اليتم وإنما يستحقون بوصف الفقر ، هل يجوز أن نعطي أمهم شيئا من الزكاة لإنفاقه عليهم ؟.
والجواب : نعم يجوز أن نعطي للإنفاق عليهم بشرط أن تكون مأمونة عليهم ، والغالب أن هذا الشرط محقق بالنسبة للأم ، لأنه لا أحد أرحم من الوالدة بولدها .
السائل : ذكرت يا فضيلة الشيخ أنها لا تصلي ، هل يجوز دفعها لأم اليتامى التي لا تصلي ؟
الشيخ : نعم هو كذلك ، نقول إنها تدفع إليها وإن كانت لا تصلي إذا وثقنا منها وأمنا بأنها سوف تصرفها إلى هؤلاء الأولاد .
الشيخ : الزكاة كما قالت السائلة تدفع للفقراء والمساكين ، أما اليتامى فلا تدفع لهم إلا أن يكونوا فقراء أو مساكين أو من بقية الأصناف الثمانية المعروفة ، لأن اليتم ليس سبباً لجواز صرف الزكاة فيمن كان يتيماً ، لأن الله تعالى لم يذكره في آية الصدقات ، قال الله تعالى : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل )) ولم يذكر اليتامى ، فاليتامى إن كانوا فقراء أو مساكين أو متصفين بوصف يستحقون به الزكاة فإنها تدفع إليهم ، أما مجرد أن يكونوا يتامى فلا تدفع إليهم . واليتيم قد يكون غنياً لا يحتاج إلى الزكاة .
على كل حال نرجع إلى قولها هل يجوز أن نعطي الزكاة لهؤلاء اليتامى الفقراء ؟. نقول الفقراء لأنهم لا يستحقون بوصف اليتم وإنما يستحقون بوصف الفقر ، هل يجوز أن نعطي أمهم شيئا من الزكاة لإنفاقه عليهم ؟.
والجواب : نعم يجوز أن نعطي للإنفاق عليهم بشرط أن تكون مأمونة عليهم ، والغالب أن هذا الشرط محقق بالنسبة للأم ، لأنه لا أحد أرحم من الوالدة بولدها .
السائل : ذكرت يا فضيلة الشيخ أنها لا تصلي ، هل يجوز دفعها لأم اليتامى التي لا تصلي ؟
الشيخ : نعم هو كذلك ، نقول إنها تدفع إليها وإن كانت لا تصلي إذا وثقنا منها وأمنا بأنها سوف تصرفها إلى هؤلاء الأولاد .
2 - كما نعلم أن الزكاة تدفع للفقراء والمساكين واليتامى، هل يجوز أن ندفعها لأم اليتامى التي لا تصلي ؟ أستمع حفظ
نشأت منذ صغري وأبي يصلي ويتلوا القرآن ولكن قبل وفاته بحوالي خمس سنوات قطع الصلاة نهائيا وهو قادر، وأنا أريد الآن أن أحج عنه هل هذا يجوز ؟
السائل : نشأت منذ صغري وأبي يصلي ويتلوا القرآن ولكن قبل وفاته بحوالي خمس سنوات قطع الصلاة نهائيا وهو قادر ، وأنا أريد الآن أن أحج عنه ، هل هذا يجوز يا فضيلة الشيخ ؟
الشيخ : هذا ينظر في سبب قطعه للصلاة ، لأن الظاهر من حال هذا الرجل الذي كان يقرأ القرآن ويصلي ويصوم ، الظاهر أنه لم يدع الصلاة إلا لسبب ، فقد يكون هذا الرجل اختل عقله وصار لا يطيق الصلاة ولا يحس بها ، وفي هذه الحال لا تجب عليه الصلاة إذا كان قد اختل عقله ولا يشعر ولا يدري لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق ) .
إما إذا كان ترك الصلاة ومعه تمييزه وعقله فإنه حينئذٍ يكون كافراً والعياذ بالله ، وإذا كان كافراً فإنه لا يجوز الحج عنه ولا الدعاء له لقول الله تعالى : (( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )) .
فإن قال قائل : هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء ، أعني مسألة ترك الصلاة هل يكفر الإنسان بذلك أو لا ؟
فجوابه أن نقول : نعم هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم هل يكفر تارك الصلاة أو لا ؟. ولكن الميزان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى : (( وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )) ولقوله تعالى : (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله )) .
وإذا رددنا هذه المسألة أعني مسألة تكفير تارك الصلاة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونحن لا نعتقد لا قول هؤلاء ولا قول هؤلاء ، وإنما ننظر إلى مقتضى الدليل فإن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والنظر الصحيح كل هذه الأربعة تدل على أن تارك الصلاة كافر :
أما القرآن فقال الله تعالى في المشركين : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) فاشترط للأخوة في الدين ثلاثة شروط : التوبة من الشرك ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ومن المعلوم أن الحكم المشروط بشيء لا يتم إلا باجتماع شروطه ، فلا تتم الأخوة في الدين إلا بهذه الثلاثة : التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، فإن بقوا مشركين فليسوا إخوة لنا في الدين ، وإن أسلموا ولكن تركوا الصلاة فليسوا أخوة لنا في الدين ، وإن أسلموا وأقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا أخوة لنا في الدين ، ولا تنتفي الأخوة في الدين إلا بالكفر ، لأن المعاصي مهما عظمت لا تخرج الإنسان من أخوة الدين كما قال الله تعالى في القتل العمد وهو من أعظم الذنوب : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص بالقتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي إليه من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )) فقال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) والقاتل فاعل كبيرة عظيمة ومع هذا لم يخرج من الأخوة الإيمانية .
وقال تعالى في الطائفتين المقتتلتين : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) والقتال بين المؤمنين من أعظم الكبائر حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : ( لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( سباب المسلمي فسوق وقتاله كفر ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ومع كونه من أعظم الذنوب وأطلق عليه الشارع الكفر فإنه لا يخرج من الدائرة الإيمانية لقوله تعالى : (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) .
وترك الصلاة وترك إيتاء الزكاة كما في آية التوبة التي صدرنا بها الجواب مخرج عن الدائرة الإيمانية لأن الله اشترط للأخوة هذه الشروط الثلاثة : إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة .
فإن قال قائل : هل تقول بتكفير مانع الزكاة ؟.
فالجواب : قد قيل بذلك أي أن مانع الزكاة بخلاً وتهاوناً يكفر ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله .
لكن القول الراجح أنه لا يكفر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وكونه يرى سبيلاً على الجنة يدل على أنه ليس بكافر .
فيقال : إن إيتاء الزكاة دلت السنة على أن من لم يقم به فليس بكافر ، والسنة كما هو معلوم لأهل العلم تخصص القرآن وتقيده وتفسره وتبينه .
أما الدليل من السنة على أن تارك الصلاة كافر فما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وما رواه بريدة بن الحصيب عن النبي صلى الله عليه وسم أنه قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه أهل السنن ، وهذا يدل بل هذان الحديثان يدلان على كفر تارك الصلاة ، ووجه ذلك : لفظ البينية الدالة على الانفصال ، انفصال الشرك من الإيمان ، وأن هذا هو الحد الفاصل فمن أقام الصلاة فهو بجانب الإيمان ومن تركها فهو بجانب الكفر والشرك ، ومن أقام الصلاة فهو من المسلمين ومن لم يقمها فهو من الكافرين : ( العهد الذي بيننا وبينه الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
وأما أقوال الصحاب رضي الله عنهم فقد قال عمر ان الخطاب رضي الله عنه : " لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة " ، حظ أي : نصيب ، وهو منفي بلا النافية للجنس الدالة على العموم ، وإذا انتفى الحظ القليل والكثير في الإسلام لم يبقى إلا الكفر .
وقد قال عبد الله ابن شقيق رحمه الله وهو من التابعين : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " .
وأما النظر الصحيح وهو الدليل الرابع :
فإنه يقال : كيف نقول لشخص محافظ على ترك الصلاة لا يصلي وهو يسمع النداء ويرى المسلمين يقومون للصلاة وهو غير مبالٍ بها ولا مكترث بها ، كيف نقول لمن هذه حاله أنه مسلم ؟.
هذا من أبعد ما يكون ، فالنظر الصحيح يدل على كفر هذا الرجل وإن قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وليس كل من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله يكون مسلماً ، فلو قال أحد : لا إله إلا الله محمد رسول الله وكفر بآية من القرآن أو بحكم من أحكام الله عز وجل وهو يعلم أن هذا ثابت في أحكام الله فهو كافر .
فإن قال قائل : أفلا يمكن حمل الحديث : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) على أن المراد بذلك كفر النعمة ؟.
فالجواب : هذا لايصح لما أشرنا إليه من قبل ، وهو كلمة البينية فإن كلمة : ( بين ) تعتبر حداً فاصلاً لا يمكن أن يختلط هذا بهذا إطلاقاً ، والبينية المطلقة تدل على التباين المطلق ،فترك الصلاة مباين للإسلام لا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً وهو تارك لصلاته .
فإن قال قائل : أفلا يمكن أن نحمل النصوص الدالة على الكفر على أن المراد من تركها جاحداً لها ؟.
فجوابه : أن هذا لا يمكن لأن مجرد الجحد كفر ، مجرد جحد الصلاة كفر سواء فعلها أم لم يفعلها ، فلو أن أحداً كان يحافظ على الصلاة ويأتي بها مع الجماعة ولكنه يعتقد أنها ليست بفرض ، وأن الإنسان مخير فيها إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل فإنه كافر ، ومع ذلك فهو لم يتركها .
وحمل النصوص على أن المراد به الجحد لا يصح من وجهين :
الوجه الأول : أننا ألغينا الوصف الذي قيد الشارع الحكم به وهو الترك .
والثاني : أننا أثبتنا وصفاً لم يعتبره الشارع وهو الجحد .
وهناك وجه ثالث : أنه لا ينطبق على الحديث لأنه كما قلنا آنفاً لو صلى وداوم على الصلاة وهو جاحد كان كافراً مع أنه لم يتركه .
فتبين بهذا أن تارك الصلاة كافر وأن تأويل نصوص الكفر على أن المراد به كفر النعمة لا يصح ، وتأويلها على أن المراد به كفر الجحود لا يصح أيضاً .
وينبغي أن يعلم طالب العلم أنه مسؤول أمام الله عز وجل يوم القيامة عن الحكم بما تقتضيه ظواهر الكتاب والسنة ، ويعلم أيضاً أن الحكم على الناس وعلى أقوالهم وأفعالهم ومعتقداتهم ليس إلى أحد إلا الله ورسوله ، فما بالنا نتهيب أن نحكم على شخص بكفر دل الكتاب والسنة على أنه وصفه وأنه مستحق له ، إن التهيب من هذا مع دلالة النصوص كالتهيب من تحريم شيء دل الشرع على تحريمه مع وضوح أدلته ، ولسنا نحن الذين نحكم على عباد الله ولا على أفعال عباد الله وإنما الذي يحكم هو الله عز وجل سواء في كتابه أو فيما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى النصوص على أنه تابع ، بل أن ينظر إلى النصوص على أنها متبوعة لا على أنها تابعة حتى يسلم من التأويل سواء كان هذا التأويل قريباً أم بعيداً إذا لم يدل عليه دليل من الكتاب والسنة .
وبناء على هذا فإننا نقول : هذا الرجل الذي سألت عنه المرأة إذا كان ترك الصلاة لمدة خمس صلوات قبل وفاته مع سلامة بدنه وصحة عقله فإنه يكون كافراً ميتاً على الكفر إلا إذا علم أنه في آخر حياته تاب وصلى ، وإذا قدر أنه مات على ترك الصلاة فإنه لا يجوز لها أن تحج عنه ولا أن تدعوَ له .
السائل : إنما عليها أن تتحرى ابنته ؟.
الشيخ : إي نعم عليها أن تتحرى في أمرين :
الأمر الأول : هل كان حين ترك الصلاة هل كان عاقلاً معه عقله وشعوره لأني أستبعد أن يدع الصلاة ومعه عقله وشعوره مع أنه كان في الأول محافظاً عليها وعلى بقية العبادات .
وثانياً : هل رجع قبل موته أو لم يرجع ، لأنه يمكن أن يكون رجع قبل أن يموت كما يوجد بكثير من الناس يحصل منهم تفريط وتهاون ثم ينقذهم الله عز وجل في آخر حياتهم .
قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .
فالإنسان قد ييسر الله له اليقظة في آخر حياته وتكون خاتمته خاتمة خير وسعادة ، وليعلم أن قوله في الحديث : ( ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ) هذا مقيد بحديث آخر : وهو أنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع لقرب أجله ، ثم بعد ذلك يغلب عليه ما في قلبه من السريرة الخبيثة والعياذ بالله حتى يعمل بعمل أهل النار فيدخلها .
السائل : نسأل الله الثبات لنا ولكم وللإخوة المستمعين الكرام إنه سميع مجيب .
الشيخ : هذا ينظر في سبب قطعه للصلاة ، لأن الظاهر من حال هذا الرجل الذي كان يقرأ القرآن ويصلي ويصوم ، الظاهر أنه لم يدع الصلاة إلا لسبب ، فقد يكون هذا الرجل اختل عقله وصار لا يطيق الصلاة ولا يحس بها ، وفي هذه الحال لا تجب عليه الصلاة إذا كان قد اختل عقله ولا يشعر ولا يدري لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق ) .
إما إذا كان ترك الصلاة ومعه تمييزه وعقله فإنه حينئذٍ يكون كافراً والعياذ بالله ، وإذا كان كافراً فإنه لا يجوز الحج عنه ولا الدعاء له لقول الله تعالى : (( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )) .
فإن قال قائل : هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء ، أعني مسألة ترك الصلاة هل يكفر الإنسان بذلك أو لا ؟
فجوابه أن نقول : نعم هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم هل يكفر تارك الصلاة أو لا ؟. ولكن الميزان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى : (( وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )) ولقوله تعالى : (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله )) .
وإذا رددنا هذه المسألة أعني مسألة تكفير تارك الصلاة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونحن لا نعتقد لا قول هؤلاء ولا قول هؤلاء ، وإنما ننظر إلى مقتضى الدليل فإن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والنظر الصحيح كل هذه الأربعة تدل على أن تارك الصلاة كافر :
أما القرآن فقال الله تعالى في المشركين : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) فاشترط للأخوة في الدين ثلاثة شروط : التوبة من الشرك ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ومن المعلوم أن الحكم المشروط بشيء لا يتم إلا باجتماع شروطه ، فلا تتم الأخوة في الدين إلا بهذه الثلاثة : التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، فإن بقوا مشركين فليسوا إخوة لنا في الدين ، وإن أسلموا ولكن تركوا الصلاة فليسوا أخوة لنا في الدين ، وإن أسلموا وأقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا أخوة لنا في الدين ، ولا تنتفي الأخوة في الدين إلا بالكفر ، لأن المعاصي مهما عظمت لا تخرج الإنسان من أخوة الدين كما قال الله تعالى في القتل العمد وهو من أعظم الذنوب : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص بالقتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي إليه من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )) فقال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) والقاتل فاعل كبيرة عظيمة ومع هذا لم يخرج من الأخوة الإيمانية .
وقال تعالى في الطائفتين المقتتلتين : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) والقتال بين المؤمنين من أعظم الكبائر حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : ( لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( سباب المسلمي فسوق وقتاله كفر ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ومع كونه من أعظم الذنوب وأطلق عليه الشارع الكفر فإنه لا يخرج من الدائرة الإيمانية لقوله تعالى : (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) .
وترك الصلاة وترك إيتاء الزكاة كما في آية التوبة التي صدرنا بها الجواب مخرج عن الدائرة الإيمانية لأن الله اشترط للأخوة هذه الشروط الثلاثة : إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة .
فإن قال قائل : هل تقول بتكفير مانع الزكاة ؟.
فالجواب : قد قيل بذلك أي أن مانع الزكاة بخلاً وتهاوناً يكفر ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله .
لكن القول الراجح أنه لا يكفر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وكونه يرى سبيلاً على الجنة يدل على أنه ليس بكافر .
فيقال : إن إيتاء الزكاة دلت السنة على أن من لم يقم به فليس بكافر ، والسنة كما هو معلوم لأهل العلم تخصص القرآن وتقيده وتفسره وتبينه .
أما الدليل من السنة على أن تارك الصلاة كافر فما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وما رواه بريدة بن الحصيب عن النبي صلى الله عليه وسم أنه قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه أهل السنن ، وهذا يدل بل هذان الحديثان يدلان على كفر تارك الصلاة ، ووجه ذلك : لفظ البينية الدالة على الانفصال ، انفصال الشرك من الإيمان ، وأن هذا هو الحد الفاصل فمن أقام الصلاة فهو بجانب الإيمان ومن تركها فهو بجانب الكفر والشرك ، ومن أقام الصلاة فهو من المسلمين ومن لم يقمها فهو من الكافرين : ( العهد الذي بيننا وبينه الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
وأما أقوال الصحاب رضي الله عنهم فقد قال عمر ان الخطاب رضي الله عنه : " لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة " ، حظ أي : نصيب ، وهو منفي بلا النافية للجنس الدالة على العموم ، وإذا انتفى الحظ القليل والكثير في الإسلام لم يبقى إلا الكفر .
وقد قال عبد الله ابن شقيق رحمه الله وهو من التابعين : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " .
وأما النظر الصحيح وهو الدليل الرابع :
فإنه يقال : كيف نقول لشخص محافظ على ترك الصلاة لا يصلي وهو يسمع النداء ويرى المسلمين يقومون للصلاة وهو غير مبالٍ بها ولا مكترث بها ، كيف نقول لمن هذه حاله أنه مسلم ؟.
هذا من أبعد ما يكون ، فالنظر الصحيح يدل على كفر هذا الرجل وإن قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وليس كل من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله يكون مسلماً ، فلو قال أحد : لا إله إلا الله محمد رسول الله وكفر بآية من القرآن أو بحكم من أحكام الله عز وجل وهو يعلم أن هذا ثابت في أحكام الله فهو كافر .
فإن قال قائل : أفلا يمكن حمل الحديث : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) على أن المراد بذلك كفر النعمة ؟.
فالجواب : هذا لايصح لما أشرنا إليه من قبل ، وهو كلمة البينية فإن كلمة : ( بين ) تعتبر حداً فاصلاً لا يمكن أن يختلط هذا بهذا إطلاقاً ، والبينية المطلقة تدل على التباين المطلق ،فترك الصلاة مباين للإسلام لا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً وهو تارك لصلاته .
فإن قال قائل : أفلا يمكن أن نحمل النصوص الدالة على الكفر على أن المراد من تركها جاحداً لها ؟.
فجوابه : أن هذا لا يمكن لأن مجرد الجحد كفر ، مجرد جحد الصلاة كفر سواء فعلها أم لم يفعلها ، فلو أن أحداً كان يحافظ على الصلاة ويأتي بها مع الجماعة ولكنه يعتقد أنها ليست بفرض ، وأن الإنسان مخير فيها إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل فإنه كافر ، ومع ذلك فهو لم يتركها .
وحمل النصوص على أن المراد به الجحد لا يصح من وجهين :
الوجه الأول : أننا ألغينا الوصف الذي قيد الشارع الحكم به وهو الترك .
والثاني : أننا أثبتنا وصفاً لم يعتبره الشارع وهو الجحد .
وهناك وجه ثالث : أنه لا ينطبق على الحديث لأنه كما قلنا آنفاً لو صلى وداوم على الصلاة وهو جاحد كان كافراً مع أنه لم يتركه .
فتبين بهذا أن تارك الصلاة كافر وأن تأويل نصوص الكفر على أن المراد به كفر النعمة لا يصح ، وتأويلها على أن المراد به كفر الجحود لا يصح أيضاً .
وينبغي أن يعلم طالب العلم أنه مسؤول أمام الله عز وجل يوم القيامة عن الحكم بما تقتضيه ظواهر الكتاب والسنة ، ويعلم أيضاً أن الحكم على الناس وعلى أقوالهم وأفعالهم ومعتقداتهم ليس إلى أحد إلا الله ورسوله ، فما بالنا نتهيب أن نحكم على شخص بكفر دل الكتاب والسنة على أنه وصفه وأنه مستحق له ، إن التهيب من هذا مع دلالة النصوص كالتهيب من تحريم شيء دل الشرع على تحريمه مع وضوح أدلته ، ولسنا نحن الذين نحكم على عباد الله ولا على أفعال عباد الله وإنما الذي يحكم هو الله عز وجل سواء في كتابه أو فيما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى النصوص على أنه تابع ، بل أن ينظر إلى النصوص على أنها متبوعة لا على أنها تابعة حتى يسلم من التأويل سواء كان هذا التأويل قريباً أم بعيداً إذا لم يدل عليه دليل من الكتاب والسنة .
وبناء على هذا فإننا نقول : هذا الرجل الذي سألت عنه المرأة إذا كان ترك الصلاة لمدة خمس صلوات قبل وفاته مع سلامة بدنه وصحة عقله فإنه يكون كافراً ميتاً على الكفر إلا إذا علم أنه في آخر حياته تاب وصلى ، وإذا قدر أنه مات على ترك الصلاة فإنه لا يجوز لها أن تحج عنه ولا أن تدعوَ له .
السائل : إنما عليها أن تتحرى ابنته ؟.
الشيخ : إي نعم عليها أن تتحرى في أمرين :
الأمر الأول : هل كان حين ترك الصلاة هل كان عاقلاً معه عقله وشعوره لأني أستبعد أن يدع الصلاة ومعه عقله وشعوره مع أنه كان في الأول محافظاً عليها وعلى بقية العبادات .
وثانياً : هل رجع قبل موته أو لم يرجع ، لأنه يمكن أن يكون رجع قبل أن يموت كما يوجد بكثير من الناس يحصل منهم تفريط وتهاون ثم ينقذهم الله عز وجل في آخر حياتهم .
قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .
فالإنسان قد ييسر الله له اليقظة في آخر حياته وتكون خاتمته خاتمة خير وسعادة ، وليعلم أن قوله في الحديث : ( ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ) هذا مقيد بحديث آخر : وهو أنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع لقرب أجله ، ثم بعد ذلك يغلب عليه ما في قلبه من السريرة الخبيثة والعياذ بالله حتى يعمل بعمل أهل النار فيدخلها .
السائل : نسأل الله الثبات لنا ولكم وللإخوة المستمعين الكرام إنه سميع مجيب .
اضيفت في - 2005-05-06