نور على الدرب-195b
رجل يقول : ما هو الربا وما مراتبه إن كانت له مراتب وما هي عقوبته عند الله سبحانه وتعالى أفيدونا مأجورين .؟
السائل : على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمع ع ش ع من الصومال بعث برسالة يقول فيها نحن بحاجة ماسة إلى التبصّر في كثير من أمور الدين ليس إلى الأمور الصعبة والمتخصصة فحسب بل إلى الجزئيات البسيطة التي لابد وأن يلم بها الإنسان المسلم مهما كان مستواه العلمي والثقافي ولهذا أسأل عن الربا يا فضيلة الشيخ ما هو وما مراتبه إن كان له مراتب وما هي عقوبته عند الله سبحانه وتعالى أفيدونا مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، الربا في اللغة الزيادة ومنه قوله تعالى (( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )) أي زادت.
وأما في الشرع فهو زيادة في أشياء مخصوصة منع الشارع من الزيادة فيها عند التبادل أو تأخير القبض فيما يجب فيه القبض قبل التفرّق ولهذا يقول أهل العلم إن الربا نوعان، ربا فضل وربا نسيئة فربا الفضل يعني ربا الزيادة وربا النسيئة يعني ربا التأخير ولكن يجب أن نعلم أولا أنه ليس كل ربا يكون من الربا المحرّم بل إنما الربا المحرّم في أشياء مخصوصة بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) وقال ( من زاد أو استزاد فقد أربى ) فإذا بعت ذهبا بذهب فإنه لابد من شرطين، الشرط الأول التساوي في الميزان لا في القيمة، القيمة لا تهم بل لابد أن يكون التساوي في الوزن.
والثاني القبض قبل التفرّق مثال ذلك شخص أبدل حليا من الذهب بحلي ءاخر من الذهب زنتهما سواء لكن قيمتهما تختلف فهذا يُشترط فيه القبض قبل التفرّق وأما اختلاف القيمة فلا يضر لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ) فأما إذا اختلفت الأصناف مثل أن يبيع ذهبا بفضة فإن ربا الفضل هنا لا يثبت وتجوز الزيادة فيجوز مثلا أن أبدل مثقالا من الذهب بخمسين مثقالا من الفضة ولكن يُشترط التقابض قبل التفرّق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ) .
إذًا إذا اتفق الجنس فلابد من شرطين، التساوي في الميزان والثاني القبض قبل التفرّق وإن اختلف الجنس كذهب بفضة فلابد من شرط واحد وهو التقابض قبل التفرّق، هذا بالنسبة للذهب والفضة.
بالنسبة للطعام البر والشعير والتمر والملح إذا باع شيئا بجنسه فلابد فيه من التساوي بالكيل لا بالوصف ولابد من التقابض قبل التفرّق فإذا باع صاع بر من نوع معيّن بصاع بر من نوع معيّن فلابد من التقابض قبل التفرّق فإن تفرّقا قبل أن يتقابضا فقد وقعا في الربا ربا النسيئة وصار العقد باطلا.
وكذلك لو باع صاعا بصاعين فإنه ربا ولو حصل القبض لأنهما من جنس واحد ولهذا لما جاء بلال بتمر جيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله ( من أين هذا؟ ) قال يا رسول الله كنت أشتري الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم أي ليأكل طعاما جيدا، والطعام التمر من الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أوّه ) وهذه كلمة توجّع، لا تفعل، ردّه ثم أرشده إلى أن يبيع التمر الرديء بالدراهم ويستلم الدراهم ويشتري بها تمرا جيدا وهذا يدل على أن الجنس إذا بيع بجنسه لا يجوز فيه التفاضل ولو كان من أجل اختلاف بالوصف في الجودة والرداءة بل لابد من التساوي.
كذلك أيضا الشعير والتمر وغير ذلك مما يجري فيه الربا إذا بيع الشيء بجنسه فلابد من أمرين هما التساوي في المكيال إن كان مكيلا وفي الميزان إن كان موزونا وإن بيع بغير جنسه فإنه لابد من شرط واحد وهو القبض قبل التفرّق ولا يُشترط التساوي لأن اشتراط التساوي متعذّر.
إلا أن السنّة قد دلت، دلت على أنه إذا كان اختلاف الجنس لكوْن أحد الجنسين نقدا وثمنا فلا بأس بتأخير القبض وذلك فيما ثبت به الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين أي يُقدّمون الثمن للثمار التي سيأخذونها بعد سنة أو سنتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) وعلى هذا فإذا كان أحد العوضين نقدا فإنه يجوز التفرّق قبل القبض وإن كان العِوضان نقدا ولكن الجنس مختلف فلابد من التقابض قبل التفرّق.
أما ما طلبه السائل من الوعيد أو من ذكر النصوص التي فيها الوعيد على الربا.
السائل : نعم.
الشيخ : فإنه وردت في الربا ءايات كثيرة وأحاديث كثيرة تدل على عظمه وفظاعته ومن ذلك قوله تعالى (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ * فَإِن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ )) وقال الله عز وجل (( فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ )) وقال عز وجل (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا لا تَأكُلُوا الرِّبا أَضعافًا مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ * وَاتَّقُوا النّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكافِرينَ * وَأَطيعُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن ءاكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال ( هم سواء ) فنصيحتي للإخوان المسلمين أن يبتعدوا عن الربا كله، ربا الفضل وربا النسيئة وأن يعلموا أن رزق الله عز وجل لا يُستجلب بمعاصيه وأن ما يملكونه بالربا فلا خير فيه ولا بركة قال الله تعالى (( وَما ءاتَيتُم مِن رِبًا لِيَربُوَ في أَموالِ النّاسِ فَلا يَربو عِندَ اللَّهِ وَما ءاتَيتُم مِن زَكاةٍ تُريدونَ وَجهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُضعِفونَ )) وفي قوله تعالى (( فَلا يَربو عِندَ اللَّهِ )) دليل على أن الأموال التي تكون من الربا لو تصدّق بها الإنسان لم تقبل لأنها لو قبِلت لربت عند الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى يقبل أو يأخذ الصدقة من كسب طيب فيربّيها لصاحبها كما يربي الإنسان فلوّه حتى يكون ما يعادل التمرة مثل الجبل. نعم.
السائل : بارك الله فيكم شيخ محمد.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، الربا في اللغة الزيادة ومنه قوله تعالى (( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )) أي زادت.
وأما في الشرع فهو زيادة في أشياء مخصوصة منع الشارع من الزيادة فيها عند التبادل أو تأخير القبض فيما يجب فيه القبض قبل التفرّق ولهذا يقول أهل العلم إن الربا نوعان، ربا فضل وربا نسيئة فربا الفضل يعني ربا الزيادة وربا النسيئة يعني ربا التأخير ولكن يجب أن نعلم أولا أنه ليس كل ربا يكون من الربا المحرّم بل إنما الربا المحرّم في أشياء مخصوصة بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) وقال ( من زاد أو استزاد فقد أربى ) فإذا بعت ذهبا بذهب فإنه لابد من شرطين، الشرط الأول التساوي في الميزان لا في القيمة، القيمة لا تهم بل لابد أن يكون التساوي في الوزن.
والثاني القبض قبل التفرّق مثال ذلك شخص أبدل حليا من الذهب بحلي ءاخر من الذهب زنتهما سواء لكن قيمتهما تختلف فهذا يُشترط فيه القبض قبل التفرّق وأما اختلاف القيمة فلا يضر لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ) فأما إذا اختلفت الأصناف مثل أن يبيع ذهبا بفضة فإن ربا الفضل هنا لا يثبت وتجوز الزيادة فيجوز مثلا أن أبدل مثقالا من الذهب بخمسين مثقالا من الفضة ولكن يُشترط التقابض قبل التفرّق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ) .
إذًا إذا اتفق الجنس فلابد من شرطين، التساوي في الميزان والثاني القبض قبل التفرّق وإن اختلف الجنس كذهب بفضة فلابد من شرط واحد وهو التقابض قبل التفرّق، هذا بالنسبة للذهب والفضة.
بالنسبة للطعام البر والشعير والتمر والملح إذا باع شيئا بجنسه فلابد فيه من التساوي بالكيل لا بالوصف ولابد من التقابض قبل التفرّق فإذا باع صاع بر من نوع معيّن بصاع بر من نوع معيّن فلابد من التقابض قبل التفرّق فإن تفرّقا قبل أن يتقابضا فقد وقعا في الربا ربا النسيئة وصار العقد باطلا.
وكذلك لو باع صاعا بصاعين فإنه ربا ولو حصل القبض لأنهما من جنس واحد ولهذا لما جاء بلال بتمر جيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله ( من أين هذا؟ ) قال يا رسول الله كنت أشتري الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم أي ليأكل طعاما جيدا، والطعام التمر من الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أوّه ) وهذه كلمة توجّع، لا تفعل، ردّه ثم أرشده إلى أن يبيع التمر الرديء بالدراهم ويستلم الدراهم ويشتري بها تمرا جيدا وهذا يدل على أن الجنس إذا بيع بجنسه لا يجوز فيه التفاضل ولو كان من أجل اختلاف بالوصف في الجودة والرداءة بل لابد من التساوي.
كذلك أيضا الشعير والتمر وغير ذلك مما يجري فيه الربا إذا بيع الشيء بجنسه فلابد من أمرين هما التساوي في المكيال إن كان مكيلا وفي الميزان إن كان موزونا وإن بيع بغير جنسه فإنه لابد من شرط واحد وهو القبض قبل التفرّق ولا يُشترط التساوي لأن اشتراط التساوي متعذّر.
إلا أن السنّة قد دلت، دلت على أنه إذا كان اختلاف الجنس لكوْن أحد الجنسين نقدا وثمنا فلا بأس بتأخير القبض وذلك فيما ثبت به الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين أي يُقدّمون الثمن للثمار التي سيأخذونها بعد سنة أو سنتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) وعلى هذا فإذا كان أحد العوضين نقدا فإنه يجوز التفرّق قبل القبض وإن كان العِوضان نقدا ولكن الجنس مختلف فلابد من التقابض قبل التفرّق.
أما ما طلبه السائل من الوعيد أو من ذكر النصوص التي فيها الوعيد على الربا.
السائل : نعم.
الشيخ : فإنه وردت في الربا ءايات كثيرة وأحاديث كثيرة تدل على عظمه وفظاعته ومن ذلك قوله تعالى (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ * فَإِن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ )) وقال الله عز وجل (( فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ )) وقال عز وجل (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا لا تَأكُلُوا الرِّبا أَضعافًا مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ * وَاتَّقُوا النّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكافِرينَ * وَأَطيعُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن ءاكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال ( هم سواء ) فنصيحتي للإخوان المسلمين أن يبتعدوا عن الربا كله، ربا الفضل وربا النسيئة وأن يعلموا أن رزق الله عز وجل لا يُستجلب بمعاصيه وأن ما يملكونه بالربا فلا خير فيه ولا بركة قال الله تعالى (( وَما ءاتَيتُم مِن رِبًا لِيَربُوَ في أَموالِ النّاسِ فَلا يَربو عِندَ اللَّهِ وَما ءاتَيتُم مِن زَكاةٍ تُريدونَ وَجهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُضعِفونَ )) وفي قوله تعالى (( فَلا يَربو عِندَ اللَّهِ )) دليل على أن الأموال التي تكون من الربا لو تصدّق بها الإنسان لم تقبل لأنها لو قبِلت لربت عند الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى يقبل أو يأخذ الصدقة من كسب طيب فيربّيها لصاحبها كما يربي الإنسان فلوّه حتى يكون ما يعادل التمرة مثل الجبل. نعم.
السائل : بارك الله فيكم شيخ محمد.
1 - رجل يقول : ما هو الربا وما مراتبه إن كانت له مراتب وما هي عقوبته عند الله سبحانه وتعالى أفيدونا مأجورين .؟ أستمع حفظ
توفي والدي منذ ما يقارب عشرين عاماً ولم يؤد فريضة الحج وخلف تركة بسيطة تضاءات كثيراً عندما قسمت بين الورثة وأخي يريد أن يحج عنه مع أن الإمكانيات المادية له ضئيلة جداً ولديه بيت وزوجة وأولاد وقلت له : لا يجب عليك أن تحج عنه لأنك غير قادر فهل كلامي هذا صحيح أم علي إثم في ذلك علماً بأنني أنوي أن أحج عنه عندما تتحسن ظروفي المادية .؟
السائل : هذه رسالة من المستمع أ أ ع من العراق بعث برسالة يقول فيها توفي والدي منذ ما يقارب من عشرين عاما ولم يؤدي فريضة الحج وخلّف تركة بسيطة تضاءلت كثيرا عندما قسّمت بين الورثة وأخي يريد أن يحج عنه مع أن الإمكانيات المادية له ضئيلة جدا ولديه بيت وزوجة وأولاد وقلت له لا يجب عليك الحج عنه لأنك غير قادر فهل كلامي هذا صحيح أم أن علي إثم في ذلك علما بأنني أنوي أن أحج عنه عندما تتحسن ظروفي المادية؟
الشيخ : نعم. إذا كان أبوك في حياته لا يستطيع الحج لكوْن المال الذي بيده لا يكفيه أو لا يزيد على مؤونته وقضاء ديونه فإن الحج لا يجب عليه وذمته بريئة منه لقول الله تعالى (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) وأما إذا كان أبوك يمكنه أن يحج في حال حياته لأن عنده دراهم فاضلة عن بل لأن عنده دراهم زائدة عن حاجاته وقضاء ديونه فإن الواجب عليكم أن تحجّوا عنه من تركته لأن الحج يكون دينا في ذمته مقدّما على الوصية والإرث لقول الله تعالى في ءايات المواريث (( من بعد وصية يوصى بها أو دين )) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قضى بالدين قبل الوصية.
وأما إذا أراد أحد منكم أن يحج عنه تطوّعا فلا حرج في ذلك لكن لا يكون هذا على حساب نفقته ونفقة أولاده فإذا كان المال الذي بيده قليلا لا يزيد عن حاجاته فإنه لا ينبغي له أن يحج عن والده لأنه لو كان هو نفسه لم يحج لم يجب عليه الحج فكيف يحج عن غيره.
ويمكنكم إذا أردتم نفع أبيكم أن تستغفروا له وأن تدعوا له بالرحمة والرضوان فإن ذلك ينفعه إذا تقبّل الله منكم.
السائل : جزيتم خيرا.
الشيخ : نعم. إذا كان أبوك في حياته لا يستطيع الحج لكوْن المال الذي بيده لا يكفيه أو لا يزيد على مؤونته وقضاء ديونه فإن الحج لا يجب عليه وذمته بريئة منه لقول الله تعالى (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) وأما إذا كان أبوك يمكنه أن يحج في حال حياته لأن عنده دراهم فاضلة عن بل لأن عنده دراهم زائدة عن حاجاته وقضاء ديونه فإن الواجب عليكم أن تحجّوا عنه من تركته لأن الحج يكون دينا في ذمته مقدّما على الوصية والإرث لقول الله تعالى في ءايات المواريث (( من بعد وصية يوصى بها أو دين )) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قضى بالدين قبل الوصية.
وأما إذا أراد أحد منكم أن يحج عنه تطوّعا فلا حرج في ذلك لكن لا يكون هذا على حساب نفقته ونفقة أولاده فإذا كان المال الذي بيده قليلا لا يزيد عن حاجاته فإنه لا ينبغي له أن يحج عن والده لأنه لو كان هو نفسه لم يحج لم يجب عليه الحج فكيف يحج عن غيره.
ويمكنكم إذا أردتم نفع أبيكم أن تستغفروا له وأن تدعوا له بالرحمة والرضوان فإن ذلك ينفعه إذا تقبّل الله منكم.
السائل : جزيتم خيرا.
2 - توفي والدي منذ ما يقارب عشرين عاماً ولم يؤد فريضة الحج وخلف تركة بسيطة تضاءات كثيراً عندما قسمت بين الورثة وأخي يريد أن يحج عنه مع أن الإمكانيات المادية له ضئيلة جداً ولديه بيت وزوجة وأولاد وقلت له : لا يجب عليك أن تحج عنه لأنك غير قادر فهل كلامي هذا صحيح أم علي إثم في ذلك علماً بأنني أنوي أن أحج عنه عندما تتحسن ظروفي المادية .؟ أستمع حفظ
هل القصر يصح لمن مكث في غير وطنه أكثر من شهر .؟
السائل : إبراهيم بسيوني مستمع للبرنامج دائم مصري ويعمل في المملكة يقول في هذا السؤال هل القصر يصح لمن مكث في غير وطنه أكثر من شهر؟
الشيخ : نعم. القصر يعني صلاة الرباعية ركعتين.
السائل : نعم.
الشيخ : بأن يصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين.
السائل : طيب.
الشيخ : وهو من سنن السفر المؤكدة حتى إن بعض العلماء قال بوجوبه ولكن الراجح أنه لا يجب وإنما هو سنّة مؤكدة لكن من أقام في مكان تُقام فيه الجماعة فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة.
السائل : طيب.
الشيخ : لأن المسافر لا تسقط عنه الجماعة بل هو مأمور بها ملزم بها لقول الله تعالى (( وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلتَقُم طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَليَأخُذوا أَسلِحَتَهُم فَإِذا سَجَدوا فَليَكونوا مِن وَرائِكُم وَلتَأتِ طائِفَةٌ أُخرى لَم يُصَلّوا فَليُصَلّوا مَعَكَ وَليَأخُذوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم )) فأمر الله تعالى بصلاة الجماعة حتى في القتال ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قتاله في سفر فإذا أوْجب الله على المجاهدين صلاة الجماعة دل هذا على أن صلاة الجماعة لا تسقط بالسفر ولكن لو قدِّر أنه في بلد ليس فيها من يقيم الصلاة أو كان المسجد بعيدا عنه يشق عليه الوصول إليه أو فاتته الصلاة فإن له أن يقصُر الرباعية إلى ركعتين مادام على سفر لأن النصوص الواردة في القصر نصوص عامة ليس فيها تقييد بزمن معيّن مثل قوله تعالى (( وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ )) ومثل قول الله تعالى (( عَلِمَ أَن سَيَكونُ مِنكُم مَرضى وَءاخَرونَ يَضرِبونَ فِي الأَرضِ يَبتَغونَ مِن فَضلِ اللَّهِ وَءاخَرونَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ )) ومن المعلوم أن الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله قد تطول مدتهم في شراء السلع وتصريفها فالمهم مادام الإنسان على نية السفر وأنه متى انتهى شغله غادر البلد فإنه مسافر يترخّص برخص السفر ولا يتقيّد ذلك بأيام معلومة لأنه لا دليل على هذا.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يُتم وذهب ءاخرون إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوما فإنه يقصر وذهب ءاخرون إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من تسعة عشر يوما فإنه يقصر والخلاف في هذا كثير وقد ذكره النووي رحمه الله في شرح "المهذب" الكتاب المجموع المعروف المشهور وذكر فيه نحو عشرة أقوال وكلها أقوال كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أقوال متقابلة ولكن المرجع في ذلك إلى ظاهر النصوص ولم يرد في النصوص ما يدل على التقييد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : نعم. القصر يعني صلاة الرباعية ركعتين.
السائل : نعم.
الشيخ : بأن يصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين.
السائل : طيب.
الشيخ : وهو من سنن السفر المؤكدة حتى إن بعض العلماء قال بوجوبه ولكن الراجح أنه لا يجب وإنما هو سنّة مؤكدة لكن من أقام في مكان تُقام فيه الجماعة فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة.
السائل : طيب.
الشيخ : لأن المسافر لا تسقط عنه الجماعة بل هو مأمور بها ملزم بها لقول الله تعالى (( وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلتَقُم طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَليَأخُذوا أَسلِحَتَهُم فَإِذا سَجَدوا فَليَكونوا مِن وَرائِكُم وَلتَأتِ طائِفَةٌ أُخرى لَم يُصَلّوا فَليُصَلّوا مَعَكَ وَليَأخُذوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم )) فأمر الله تعالى بصلاة الجماعة حتى في القتال ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قتاله في سفر فإذا أوْجب الله على المجاهدين صلاة الجماعة دل هذا على أن صلاة الجماعة لا تسقط بالسفر ولكن لو قدِّر أنه في بلد ليس فيها من يقيم الصلاة أو كان المسجد بعيدا عنه يشق عليه الوصول إليه أو فاتته الصلاة فإن له أن يقصُر الرباعية إلى ركعتين مادام على سفر لأن النصوص الواردة في القصر نصوص عامة ليس فيها تقييد بزمن معيّن مثل قوله تعالى (( وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ )) ومثل قول الله تعالى (( عَلِمَ أَن سَيَكونُ مِنكُم مَرضى وَءاخَرونَ يَضرِبونَ فِي الأَرضِ يَبتَغونَ مِن فَضلِ اللَّهِ وَءاخَرونَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ )) ومن المعلوم أن الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله قد تطول مدتهم في شراء السلع وتصريفها فالمهم مادام الإنسان على نية السفر وأنه متى انتهى شغله غادر البلد فإنه مسافر يترخّص برخص السفر ولا يتقيّد ذلك بأيام معلومة لأنه لا دليل على هذا.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يُتم وذهب ءاخرون إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوما فإنه يقصر وذهب ءاخرون إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من تسعة عشر يوما فإنه يقصر والخلاف في هذا كثير وقد ذكره النووي رحمه الله في شرح "المهذب" الكتاب المجموع المعروف المشهور وذكر فيه نحو عشرة أقوال وكلها أقوال كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أقوال متقابلة ولكن المرجع في ذلك إلى ظاهر النصوص ولم يرد في النصوص ما يدل على التقييد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
رجل يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف مكتملاً هل أسحب شخص من الصف الأول ليكمل معي الصلاة أم ماذا أفعل .؟
السائل : المستمع أيضا يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف مكتملا هل أسحب شخصا من الصف الأول ليكمل معي الصلاة أم ماذا أفعل؟
الشيخ : الجواب على هذا أنه قد سبق من هذا المنبر منبر نور على الدرب أجوبة كثيرة في هذا الموضوع ولا بأس أن نعيد الجواب مرة ثانية.
السائل : طيب.
الشيخ : فنقول إن الواجب على الإنسان إذا أتى إلى المسجد أن يدخل في الصف ولا يجوز له أن ينفرد عن الصف لأن الجماعة يُقصد بها الاجتماع في المكان والاجتماع في العمل، الاجتماع في المكان بأن يكونوا صفا واحدا وفي العمل بأن يكونوا متابعين لإمامهم ولكن إذا جئت والصف قد تم.
السائل : نعم.
الشيخ : فأنت الأن بين أمور ثلاثة أو أربعة.
السائل : طيب.
الشيخ : فإما أن تسحب شخصا ليصلي معك خلف الصف وإما أن تتقدّم إلى الإمام لتكون على يمينه مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وإما أن تصلي وحدك متابعا للإمام وإما أن تنصرف فلا تصلي مع الجماعة.
ولننظر فنقول أما الأول وهو أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف فإن ذلك غير وارد ولا يجوز لك أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف لأن هذا فيه عدة محاذير المحذور الأول التشويش على هذا المسحوب.
السائل : طيب طيب.
الشيخ : والثاني الاعتداء على حقه بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
والثالث فتح فرجة في الصف وهو خلاف ما تقتضيه السنّة.
والرابع أن العادة جرت أنه إذا انفتحت الفرجة تخلخل الصف وتحرّك الصف كله لسد هذه الفرجة.
فهذه الأمور الأربعة كلها تترتب على سحب الإنسان من الصف ليكون مع الداخل وأما تقدّمه إلى الإمام ليصلي عن يمينه فهذا خلاف السنّة لأن السنّة في حق الإمام أن يكون منفردا بمكانه لأنه إمام لا يشركه أحد في الإمامة فإذا قام أحد عن يمينه فات المقصود وكمال الإمامة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم مثل هذه الصورة ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام فقد يكون بينه وبين الإمام عدّة صفوف فيتخللها ويؤذي الناس بتخطي رقابهم ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام وجاء رجل ءاخر بعده ولم يجد مكانا وقلنا تقدّم إلى الإمام ربما يجتمع مع الإمام صف كامل لأن كل واحد يأتي ولا يجد مكانا في الصف نقول تقدّم إلى الإمام وفي هذا من مخالفة السنّة ما هو ظاهر.
السائل : طيب.
الشيخ : وأما كونه ينصرف عن الجماعة ولا يصلي معهم فهذا ترك للجماعة بلا عذر ولا يحل للإنسان القادر على الجماعة أن يتخلّف عنها أو أن يتركها بلا عذر فيبقى الاحتمال الرابع أو الأمر الرابع وهو أن يصف خلف الصف وحده متابعا لإمامه فتحصل له فضيلة الجماعة وإن فاته المكان لكن فوات المكان هنا لعذر وهو عدم وجود مكان له في الصف فيسقط عنه ما يعجز عنه من الدخول في الصف ويُلزم بما يقدر عليه وهو الصلاة مع الجماعة وهذا ينطبق على القواعد الشرعية (( فاتقوا الله ما استطعتم )) فما استطاع الإنسان أن يقوم به فليقم به وما لا يستطيع أن يقوم به فإنه لا يُلزم به.
بقي أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يُعيد الصلاة وقال ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) فما الجواب عن هذين الحديثين؟ نقول الجواب عن الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة نقول إن هذه قضية عين فلعل هذا الرجل كان يُمكنه أن يدخل الصف ولكنه فرّط وصلى وحده خلف الصف ومعلوم أن الإنسان إذا أمكنه أن يدخل في الصف فصلى وحده فإنه يجب عليه الإعادة لوجوب المصافة.
وأما قوله ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذا النفي هل هو نفي للكمال أو نفي للصحة فذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن هذا نفي للكمال وليس نفيا للصحة وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعلى هذا فتكون المذاهب الثلاثة ونصف مذهب الإمام أحمد تدل على أن النفي هنا نفي كمال وليس نفي صحة.
ولكن الصحيح أن النفي نفي صحة لأن الأصل في النفي أن يكون نفيا للوجود فإن تعذّر حمله على نفي الوجود بأن كان الشيء موجودا حمِل على نفي الصحة الذي هو نفي للوجود شرعا فإن تعذّر حمله على نفي الصحة بأن تكون الأدلة قد دلت على أن هذا الشيء يصح حُمِل على نفي الكمال.
فالصحيح أن نفي الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) نفي للصحة وإذا كان نفيا للصحة دل على وجوب دخول الإنسان في الصف وإن لم يفعل بطلت صلاته ولكن الوجوب مشروط بالقدرة والاستطاعة وهنا لا يستطيع الإنسان أن يدخل في الصف لأنه كامل تام فيسقط عنه هذا الواجب.
وإلى هذا القول المفصّل الذي تؤيده الأدلة ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وشيخنا عبد الرحمان بن سعدي رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح ولو لعذر.
والقول الثالث أن صلاة المنفرد خلف الصف تصح ولو بدون عذر.
والغالب أنه إذا اختلف العلماء على أقوال ثلاثة طرفين ووسط، الغالب أن الوسط يكون هو الصواب لأنه يأخذ من أدلة هؤلاء ومن أدلة هؤلاء ويتكون من ذلك قول مفصّل وسط بين هذا وهذا.
وخلاصة الجواب أن من صلى منفردا خلف الصف بدون عذر وجبت عليه الإعادة ومن صلى منفردا خلف الصف لعذر فإنه لا إعادة عليه لأنه معذور وقد قال الله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) وقال (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) . نعم.
السائل : جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الشيخ : الجواب على هذا أنه قد سبق من هذا المنبر منبر نور على الدرب أجوبة كثيرة في هذا الموضوع ولا بأس أن نعيد الجواب مرة ثانية.
السائل : طيب.
الشيخ : فنقول إن الواجب على الإنسان إذا أتى إلى المسجد أن يدخل في الصف ولا يجوز له أن ينفرد عن الصف لأن الجماعة يُقصد بها الاجتماع في المكان والاجتماع في العمل، الاجتماع في المكان بأن يكونوا صفا واحدا وفي العمل بأن يكونوا متابعين لإمامهم ولكن إذا جئت والصف قد تم.
السائل : نعم.
الشيخ : فأنت الأن بين أمور ثلاثة أو أربعة.
السائل : طيب.
الشيخ : فإما أن تسحب شخصا ليصلي معك خلف الصف وإما أن تتقدّم إلى الإمام لتكون على يمينه مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وإما أن تصلي وحدك متابعا للإمام وإما أن تنصرف فلا تصلي مع الجماعة.
ولننظر فنقول أما الأول وهو أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف فإن ذلك غير وارد ولا يجوز لك أن تسحب أحدا ليصلي معك خلف الصف لأن هذا فيه عدة محاذير المحذور الأول التشويش على هذا المسحوب.
السائل : طيب طيب.
الشيخ : والثاني الاعتداء على حقه بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
والثالث فتح فرجة في الصف وهو خلاف ما تقتضيه السنّة.
والرابع أن العادة جرت أنه إذا انفتحت الفرجة تخلخل الصف وتحرّك الصف كله لسد هذه الفرجة.
فهذه الأمور الأربعة كلها تترتب على سحب الإنسان من الصف ليكون مع الداخل وأما تقدّمه إلى الإمام ليصلي عن يمينه فهذا خلاف السنّة لأن السنّة في حق الإمام أن يكون منفردا بمكانه لأنه إمام لا يشركه أحد في الإمامة فإذا قام أحد عن يمينه فات المقصود وكمال الإمامة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم مثل هذه الصورة ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام فقد يكون بينه وبين الإمام عدّة صفوف فيتخللها ويؤذي الناس بتخطي رقابهم ثم إنه إذا تقدّم إلى الإمام وجاء رجل ءاخر بعده ولم يجد مكانا وقلنا تقدّم إلى الإمام ربما يجتمع مع الإمام صف كامل لأن كل واحد يأتي ولا يجد مكانا في الصف نقول تقدّم إلى الإمام وفي هذا من مخالفة السنّة ما هو ظاهر.
السائل : طيب.
الشيخ : وأما كونه ينصرف عن الجماعة ولا يصلي معهم فهذا ترك للجماعة بلا عذر ولا يحل للإنسان القادر على الجماعة أن يتخلّف عنها أو أن يتركها بلا عذر فيبقى الاحتمال الرابع أو الأمر الرابع وهو أن يصف خلف الصف وحده متابعا لإمامه فتحصل له فضيلة الجماعة وإن فاته المكان لكن فوات المكان هنا لعذر وهو عدم وجود مكان له في الصف فيسقط عنه ما يعجز عنه من الدخول في الصف ويُلزم بما يقدر عليه وهو الصلاة مع الجماعة وهذا ينطبق على القواعد الشرعية (( فاتقوا الله ما استطعتم )) فما استطاع الإنسان أن يقوم به فليقم به وما لا يستطيع أن يقوم به فإنه لا يُلزم به.
بقي أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يُعيد الصلاة وقال ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) فما الجواب عن هذين الحديثين؟ نقول الجواب عن الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة نقول إن هذه قضية عين فلعل هذا الرجل كان يُمكنه أن يدخل الصف ولكنه فرّط وصلى وحده خلف الصف ومعلوم أن الإنسان إذا أمكنه أن يدخل في الصف فصلى وحده فإنه يجب عليه الإعادة لوجوب المصافة.
وأما قوله ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذا النفي هل هو نفي للكمال أو نفي للصحة فذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن هذا نفي للكمال وليس نفيا للصحة وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعلى هذا فتكون المذاهب الثلاثة ونصف مذهب الإمام أحمد تدل على أن النفي هنا نفي كمال وليس نفي صحة.
ولكن الصحيح أن النفي نفي صحة لأن الأصل في النفي أن يكون نفيا للوجود فإن تعذّر حمله على نفي الوجود بأن كان الشيء موجودا حمِل على نفي الصحة الذي هو نفي للوجود شرعا فإن تعذّر حمله على نفي الصحة بأن تكون الأدلة قد دلت على أن هذا الشيء يصح حُمِل على نفي الكمال.
فالصحيح أن نفي الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) نفي للصحة وإذا كان نفيا للصحة دل على وجوب دخول الإنسان في الصف وإن لم يفعل بطلت صلاته ولكن الوجوب مشروط بالقدرة والاستطاعة وهنا لا يستطيع الإنسان أن يدخل في الصف لأنه كامل تام فيسقط عنه هذا الواجب.
وإلى هذا القول المفصّل الذي تؤيده الأدلة ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وشيخنا عبد الرحمان بن سعدي رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح ولو لعذر.
والقول الثالث أن صلاة المنفرد خلف الصف تصح ولو بدون عذر.
والغالب أنه إذا اختلف العلماء على أقوال ثلاثة طرفين ووسط، الغالب أن الوسط يكون هو الصواب لأنه يأخذ من أدلة هؤلاء ومن أدلة هؤلاء ويتكون من ذلك قول مفصّل وسط بين هذا وهذا.
وخلاصة الجواب أن من صلى منفردا خلف الصف بدون عذر وجبت عليه الإعادة ومن صلى منفردا خلف الصف لعذر فإنه لا إعادة عليه لأنه معذور وقد قال الله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) وقال (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) . نعم.
السائل : جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
4 - رجل يسأل عن صلاة الفرد خلف الصف إذا كان الصف مكتملاً هل أسحب شخص من الصف الأول ليكمل معي الصلاة أم ماذا أفعل .؟ أستمع حفظ
رجل يقول : بأنه يعمل في منطقة نائية جداً وتبعد عن المدينة التي تقام فيها صلاة الجمعة مسافة طويلة فهل يؤديها صلاة الظهر أم لابد من الذهاب إلى المدينة لأداء الصلاة مع الجماعة .؟
السائل : نختم هذه الحلقة أيضا برسالة للمستمع إبراهيم بسيوني يقول بأنه يعمل في منطقة نائية جدا وتبعد عن المدينة التي تُقام فيها صلاة الجمعة مسافة طويلة فهل يؤديها صلاة للظهر أم لابد من الذهاب إلى المدينة لأداء الصلاة مع الجماعة؟
الشيخ : إذا كانت المدينة بعيدة فإنه لا يلزمه أن يذهب إليها لأن الذهاب منوط بسماع النداء (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ )) فإذا كان خارج البلد في مكان بعيد فإنه لا يلزمه أن يذهب إلى البلد لأنه غير مدعو بهذا الأذان لبُعده وأما إذا كان قريبا فإنه يجب عليه أن يذهب إلى صلاة الجمعة ليصلي مع المسلمين وفيما إذا كان لا يلزمه أن يذهب إلى الجمعة فإنه يصلي ظهرا ولا يصلي ركعتين كما قال به بعض أهل العلم فإن هذا قول ضعيف ليس عليه دليل بل الأدلة تدل على خلافه فإن صلاة الجمعة صلاة متميّزة عن غيرها فهي صلاة مسبوقة بخطبة بل بخطبتين وهي صلاة يجتمع الناس فيها في مكان واحد وهي صلاة يُجهر فيها بالقراءة وهي صلاة عيد، عيد الأسبوع ولهذا كانت كصلاة العيد عيد الفطر وعيد الأضحى في أنها ركعتان يُجهر فيها بالقراءة وإن كانت صلاة العيدين تختلف عنها بالتكبيرات الزوائد.
أما صلاة الظهر فإنها صلاة مستقلة أيضا منفردة لا يسبقها خطبتان ولا يُجهر فيها بالقراءة ولا يجتمع الناس فيها في مكان واحد فحصل الفرق بين هذا وهذا فمن لم يصلي الجمعة وجب عليه أن يصلي ظهرا كالنساء مثلا وكالمريض الذي يصلي في بيته وكالبعيد الذي لا يتمكّن من الحضور إلى المسجد وكالذي جاء ووجد الناس قد صلوا وبهذه المناسبة أود أن أبيّن أن الإنسان إذا جاء إلى الجمعة فهل يصلي ظهرا أو جمعة؟ نقول إن أدرك ركعة أتمّها ركعة واحدة أي صلى جمعة وإن لم يُدرك ركعة كاملة فإنه يصلي ظهرا فإذا جئت والإمام قد رفع من الركوع في الركعة الثانية وجب عليك أن تصلي ظهرا وإذا جئت والإمام في الركعة الثانية قبل الركوع فصلي معه ركعة ثم ائت بعد تسليمه بركعة. نعم.
السائل : شكر الله لكم فضيلة الشيخ.
الشيخ : إذا كانت المدينة بعيدة فإنه لا يلزمه أن يذهب إليها لأن الذهاب منوط بسماع النداء (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ )) فإذا كان خارج البلد في مكان بعيد فإنه لا يلزمه أن يذهب إلى البلد لأنه غير مدعو بهذا الأذان لبُعده وأما إذا كان قريبا فإنه يجب عليه أن يذهب إلى صلاة الجمعة ليصلي مع المسلمين وفيما إذا كان لا يلزمه أن يذهب إلى الجمعة فإنه يصلي ظهرا ولا يصلي ركعتين كما قال به بعض أهل العلم فإن هذا قول ضعيف ليس عليه دليل بل الأدلة تدل على خلافه فإن صلاة الجمعة صلاة متميّزة عن غيرها فهي صلاة مسبوقة بخطبة بل بخطبتين وهي صلاة يجتمع الناس فيها في مكان واحد وهي صلاة يُجهر فيها بالقراءة وهي صلاة عيد، عيد الأسبوع ولهذا كانت كصلاة العيد عيد الفطر وعيد الأضحى في أنها ركعتان يُجهر فيها بالقراءة وإن كانت صلاة العيدين تختلف عنها بالتكبيرات الزوائد.
أما صلاة الظهر فإنها صلاة مستقلة أيضا منفردة لا يسبقها خطبتان ولا يُجهر فيها بالقراءة ولا يجتمع الناس فيها في مكان واحد فحصل الفرق بين هذا وهذا فمن لم يصلي الجمعة وجب عليه أن يصلي ظهرا كالنساء مثلا وكالمريض الذي يصلي في بيته وكالبعيد الذي لا يتمكّن من الحضور إلى المسجد وكالذي جاء ووجد الناس قد صلوا وبهذه المناسبة أود أن أبيّن أن الإنسان إذا جاء إلى الجمعة فهل يصلي ظهرا أو جمعة؟ نقول إن أدرك ركعة أتمّها ركعة واحدة أي صلى جمعة وإن لم يُدرك ركعة كاملة فإنه يصلي ظهرا فإذا جئت والإمام قد رفع من الركوع في الركعة الثانية وجب عليك أن تصلي ظهرا وإذا جئت والإمام في الركعة الثانية قبل الركوع فصلي معه ركعة ثم ائت بعد تسليمه بركعة. نعم.
السائل : شكر الله لكم فضيلة الشيخ.
اضيفت في - 2005-05-06