نور على الدرب-211b
ما الفرق بين حديث عائشة رضي الله عنها الذي معناه ( الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه فله أجران ) ومعنى حديث ( رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه ) ؟
السائل : ما الفرق بين حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي ما معناه " الذي يقرؤ القرأن ويتعتع فيه فله أجران " ومعنى الحديث الذي يقول ما معناه " رب قارئ للقرأن والقرأن يلعنه " أفيدونا مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، أما بعد فقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه بأنه لا يمكن أن يوجد تعارض في كتاب الله سبحانه وتعالى بين ءاياته ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بين القرأن والسنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكل من عند الله وما كان من عند الله فلن يكون فيه تناقض قال الله تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )) ولكن قد يبدو للناظر التعارض في هذا وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض أو بين الأيات التي ظاهرها التعارض والجمع بين الأيات يكون بحمل بعضها على وجه لا يُخالف البعض الأخر، مثال ذلك قول الله تعالى: (( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )) وقوله تعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا )) فإن ظاهر هاتين الأيتين التعارض وأنهم يُنكرون أن يكونوا أشركوا بالله في الأية الأولى وفي الأية الثانية لا يكتمون الله حديثا فيخبرون بما هم عليه ولكننا نقول: الجمع بين هذه أو بين هاتين الأيتين أن للمشركين يوم القيامة أحوالا فتارة يُقرون بما فعلوا وتارة يُنكرون ما فعلوا ويوم القيامة يوم مقداره خمسون ألف سنة وقد يأتي التعارض ويكون أحد النصين ناسخا للأول وحينئذ لا تعارض لأن النص الأول ليس قائما حتى يكون معارضا للنص الثاني وهذا موجود في القرأن وفي السنّة ففي القرأن مثل قوله تعالى: (( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ )) فالأية الأولى منسوخة صرّح الله بذلك في قوله (( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )) فلا يكون بينها وبين الثانية تعارض لأن الأولى بعد النسخ صارت غير قائمة.
وكذلك ما جاء في السنّة من النهي عن زيارة القبور في أول الأمر ثم الأمر بزيارتها في ءاخر الأمر.
على كل حال التعارض بين المنسوخ والناسخ غير قائم لأن المنسوخ قد رفع حكمه وقد يأتي التعارض ولكن يرجّح أحدهما على الأخر وإذا رجح أحدهما على الأخر فلا تعارض أيضا لأن المرجوح غير قائم بل هو مُهدر لا يُعمل به لشذوذه وبعد هذه المقدمة وهي أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد تعارض في الكتاب الكريم بين ءاياته ولا في السنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها ولا بين القرأن والسنّة يمكن الإجابة على هذا السؤال فنقول إنه لا تعارض بين الحديثين إن صح الثاني وهو قوله: ( ربَّ قارئ للقرأن والقرأن يلعنه ) فإن المراد بالحديث الأول: ( الذي يقرأ القرأن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق ) المراد به الرجل الحريص على قراءة القرأن فيحرص على قراءة القرأن ولو كان يتتعتع فيه أي يشق عليه النطق به على وجه سليم ومع ذلك فيحافظ على قراءة القرأن فإن هذا له أجران، أجر التلاوة وأجر مشقة التلاوة.
أما الثاني إن صح فالمراد بقارئ القرأن الذي يلعنه القرأن هو القارئ يقرؤ القرأن ولكنه لا يؤمن بأخباره ولا يعمل بأحكامه، يكذّب الأخبار يحرّفها، يستكبر عن الأحكام فيُخالفها فمثل هذا القارئ يكون قارئا للقرأن لكنه في الحقيقة بريء من القرأن لتكذيبه القرأن أو استكباره عن العمل بأحكامه ولا فرق بين من يكذّب القرأن جملة أو يكذب خبرا واحدا من أخباره وبين أن يرفض أحكامه جملة أو يرفض حكما من أحكامه لأن الله سبحانه وتعالى جعل الكفر ببعض الشريعة كفرا بها كلها فقال تعالى ناعيا على أهل الكتاب: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) وجعل الذين يكفرون ببعض الرسل دون بعض كافرين بالجميع فقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) .
فهذا هو وجه أو فهذا هو القول في ما ذكره السائل وبه يتبيّن أنه ليس هناك تعارض أصلا بين ما ذكره السائل.
السائل : طيب، فضيلة الشيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، أما بعد فقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه بأنه لا يمكن أن يوجد تعارض في كتاب الله سبحانه وتعالى بين ءاياته ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بين القرأن والسنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكل من عند الله وما كان من عند الله فلن يكون فيه تناقض قال الله تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )) ولكن قد يبدو للناظر التعارض في هذا وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض أو بين الأيات التي ظاهرها التعارض والجمع بين الأيات يكون بحمل بعضها على وجه لا يُخالف البعض الأخر، مثال ذلك قول الله تعالى: (( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )) وقوله تعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا )) فإن ظاهر هاتين الأيتين التعارض وأنهم يُنكرون أن يكونوا أشركوا بالله في الأية الأولى وفي الأية الثانية لا يكتمون الله حديثا فيخبرون بما هم عليه ولكننا نقول: الجمع بين هذه أو بين هاتين الأيتين أن للمشركين يوم القيامة أحوالا فتارة يُقرون بما فعلوا وتارة يُنكرون ما فعلوا ويوم القيامة يوم مقداره خمسون ألف سنة وقد يأتي التعارض ويكون أحد النصين ناسخا للأول وحينئذ لا تعارض لأن النص الأول ليس قائما حتى يكون معارضا للنص الثاني وهذا موجود في القرأن وفي السنّة ففي القرأن مثل قوله تعالى: (( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ )) فالأية الأولى منسوخة صرّح الله بذلك في قوله (( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )) فلا يكون بينها وبين الثانية تعارض لأن الأولى بعد النسخ صارت غير قائمة.
وكذلك ما جاء في السنّة من النهي عن زيارة القبور في أول الأمر ثم الأمر بزيارتها في ءاخر الأمر.
على كل حال التعارض بين المنسوخ والناسخ غير قائم لأن المنسوخ قد رفع حكمه وقد يأتي التعارض ولكن يرجّح أحدهما على الأخر وإذا رجح أحدهما على الأخر فلا تعارض أيضا لأن المرجوح غير قائم بل هو مُهدر لا يُعمل به لشذوذه وبعد هذه المقدمة وهي أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد تعارض في الكتاب الكريم بين ءاياته ولا في السنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها ولا بين القرأن والسنّة يمكن الإجابة على هذا السؤال فنقول إنه لا تعارض بين الحديثين إن صح الثاني وهو قوله: ( ربَّ قارئ للقرأن والقرأن يلعنه ) فإن المراد بالحديث الأول: ( الذي يقرأ القرأن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق ) المراد به الرجل الحريص على قراءة القرأن فيحرص على قراءة القرأن ولو كان يتتعتع فيه أي يشق عليه النطق به على وجه سليم ومع ذلك فيحافظ على قراءة القرأن فإن هذا له أجران، أجر التلاوة وأجر مشقة التلاوة.
أما الثاني إن صح فالمراد بقارئ القرأن الذي يلعنه القرأن هو القارئ يقرؤ القرأن ولكنه لا يؤمن بأخباره ولا يعمل بأحكامه، يكذّب الأخبار يحرّفها، يستكبر عن الأحكام فيُخالفها فمثل هذا القارئ يكون قارئا للقرأن لكنه في الحقيقة بريء من القرأن لتكذيبه القرأن أو استكباره عن العمل بأحكامه ولا فرق بين من يكذّب القرأن جملة أو يكذب خبرا واحدا من أخباره وبين أن يرفض أحكامه جملة أو يرفض حكما من أحكامه لأن الله سبحانه وتعالى جعل الكفر ببعض الشريعة كفرا بها كلها فقال تعالى ناعيا على أهل الكتاب: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) وجعل الذين يكفرون ببعض الرسل دون بعض كافرين بالجميع فقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) .
فهذا هو وجه أو فهذا هو القول في ما ذكره السائل وبه يتبيّن أنه ليس هناك تعارض أصلا بين ما ذكره السائل.
السائل : طيب، فضيلة الشيخ.
1 - ما الفرق بين حديث عائشة رضي الله عنها الذي معناه ( الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه فله أجران ) ومعنى حديث ( رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه ) ؟ أستمع حفظ
هل يلزم لقارىء القرآن أن يكون ملما بأحكام التجويد ؟
السائل : هل يلزم لقارئ القرأن أن يكون ملماً بأحكام التجويد؟
الشيخ : لا يلزم، لا يلزم لقارئ القرأن أن يكون ملما بقواعد التجويد ولا يُشترط أن تكون تلاوته بالتجويد بل هو مأجور مثاب على قراءته إذا قرأ الحروف على ما هي عليه والحركات على ما هي عليه وإن لم يراعي قواعد التجويد لكن التجويد في بعضه تحسين للفظ وتزيين للصوت ومن المعلوم أنه ينبغي للمرء أن يُحسّن صوته بكتاب الله العزيز. نعم.
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ. المستمع حسن علي عطية من الأردن.
الشيخ : لا يلزم، لا يلزم لقارئ القرأن أن يكون ملما بقواعد التجويد ولا يُشترط أن تكون تلاوته بالتجويد بل هو مأجور مثاب على قراءته إذا قرأ الحروف على ما هي عليه والحركات على ما هي عليه وإن لم يراعي قواعد التجويد لكن التجويد في بعضه تحسين للفظ وتزيين للصوت ومن المعلوم أنه ينبغي للمرء أن يُحسّن صوته بكتاب الله العزيز. نعم.
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ. المستمع حسن علي عطية من الأردن.
أنا في مكان بعيد عن المدينة وأعمل في الجبل ولا أسمع الآذان إلا عن طريق الراديو فأقوم بالآذان والإقامة للصلاة وحدي فهل يجوز هذا ؟
السائل : يقول بأنه في مكان بعيد عن المدينة ويعمل في الجبل يقول لا أسمع الأذان إلا عن طريق الراديو فأقوم بالأذان والإقامة للصلاة وحدي فهل يجوز هذا يا فضيلة الشيخ؟
الشيخ : لا أعرف وجه الإشكال في هذا السؤال لأنه إن أراد أنه يقتصر على سماع الأذان من الراديو فله حكم وإن أراد أنه إذا سمع الأذان من الراديو قام فأذّن فله حكم فإن كان الأول نظرنا فإن كان الأذان يُنقل مباشرة من المسجد فأرجو أن يجزئه ذلك لأنه سمع الأذان من المؤذن مباشرة لكن بواسطة هذه الألة التي نقلته فهو كما لو سمعه من مكبّر الصوت في البلد وأما إذا كان الأذان يُنقل من مسجّل كما يوجد في بعض الإذاعات تنقل الأذان من مسجل ولهذا ربما تنقل أذان شخص قد مات فإن هذا الأذان لا يُجزئ لأن الأذان عبادة لا بد أن يكون من فاعل والشريط الذي سُجل فيه الأذان ليس فاعلا يتقرّب بالأذان كالمؤذن الذي يؤذن بصوته وبلسانه.
أما إذا كان المراد الثاني أعني أنه إذا سمع المؤذن من الإذاعة قام فأذّن وأقام فهذا طيب وجيد ولا بأس به وليس فيه إشكال لأن كوْنه يُراعي أذان الإذاعة الذي يُعتبر على الوقت خير من كوْنه يؤذن تخرّصا وتخمينا لأنه قد يخرص أو يُخمن فيضل في ذلك ويصلي قبل الوقت ولكن ينبغي بل يجب إذا كان بينه وبين البلد الذي نقِل منه الأذان مسافة يمكن أن يختلف بها الوقت يجب عليه أن يُراعي ذلك فيتأخر قليلا ليحتاط. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذا المستمع ع أ أ من الرياض بعث برسالة.
الشيخ : لا أعرف وجه الإشكال في هذا السؤال لأنه إن أراد أنه يقتصر على سماع الأذان من الراديو فله حكم وإن أراد أنه إذا سمع الأذان من الراديو قام فأذّن فله حكم فإن كان الأول نظرنا فإن كان الأذان يُنقل مباشرة من المسجد فأرجو أن يجزئه ذلك لأنه سمع الأذان من المؤذن مباشرة لكن بواسطة هذه الألة التي نقلته فهو كما لو سمعه من مكبّر الصوت في البلد وأما إذا كان الأذان يُنقل من مسجّل كما يوجد في بعض الإذاعات تنقل الأذان من مسجل ولهذا ربما تنقل أذان شخص قد مات فإن هذا الأذان لا يُجزئ لأن الأذان عبادة لا بد أن يكون من فاعل والشريط الذي سُجل فيه الأذان ليس فاعلا يتقرّب بالأذان كالمؤذن الذي يؤذن بصوته وبلسانه.
أما إذا كان المراد الثاني أعني أنه إذا سمع المؤذن من الإذاعة قام فأذّن وأقام فهذا طيب وجيد ولا بأس به وليس فيه إشكال لأن كوْنه يُراعي أذان الإذاعة الذي يُعتبر على الوقت خير من كوْنه يؤذن تخرّصا وتخمينا لأنه قد يخرص أو يُخمن فيضل في ذلك ويصلي قبل الوقت ولكن ينبغي بل يجب إذا كان بينه وبين البلد الذي نقِل منه الأذان مسافة يمكن أن يختلف بها الوقت يجب عليه أن يُراعي ذلك فيتأخر قليلا ليحتاط. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذا المستمع ع أ أ من الرياض بعث برسالة.
3 - أنا في مكان بعيد عن المدينة وأعمل في الجبل ولا أسمع الآذان إلا عن طريق الراديو فأقوم بالآذان والإقامة للصلاة وحدي فهل يجوز هذا ؟ أستمع حفظ
تقدم أحد الأشخاص لخطبة أختي و الزواج منها و لكنه لا يصلي فهل يجوز أن نزوجه منها لأن أمي تقول أعرف هذا الشخص و أمه صديقة لي فهل علينا إثم في منعنا لهذا الزواج؟
السائل : يقول فيها بأنه تقدّم أحد الأشخاص لخطبة أخته والزواج منها ولكن هذا الشخص لا يصلي فهل يجوز أن نزوّجه من أختنا يقول: لأن أمي تقول بأنني أعرف هذا الشخص وأمه صديقة لي؟ فهل علينا إثم في منعنا لهذا الزواج؟ نرجو من فضيلة الشيخ التوجيه والنصح مأجورين.
الشيخ : توجيهي ونصحي لهذه الأم التي ترغب أن يتزوّج هذا الرجل ابنتها أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي ابنتها وأن لا تُحاول تزويجها بهذا الرجل وذلك لأن هذا الرجل الذي ترك الصلاة كافر مرتد خارج عن الإسلام والكافر المرتد الخارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوّج بمسلمة مهما كانت الأحوال حتى لو كان من بني عمها أو أقاربها الذين يحِل لهم أن يتزوّجوا بها فإنه لا يجوز أن يُزوّجوا بها ماداموا لا يصلون.
فتارك الصلاة كافر بمقتضى دلالة القرأن والسنّة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح وقد تكلمنا على ذلك كثيرا من هذا المنبر وتكلّم غيرنا في ذلك أيضا من أصحاب الفضيلة العلماء ففي كتاب الله يقول الله عز وجل عن المشركين: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )) فاشترط الله سبحانه وتعالى لكونهم إخوة لنا في الدين ثلاثة شروط، فالتوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن المعلوم أن المعلق على شرط لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود هذا الشرط فإذا عدِم الشرط عدِم المشروط.
ومعلوم أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخوة لنا في الدين لأن المشرك ليس أخا للمسلم في الدين وإن كان أخا له في النسب وإن لم يُقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين وإن كانوا إخوة لنا في النسب.
وإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين وإن كانوا إخوة لنا في النسب هذا مقتضى الأية أي مقتضى مفهومها ولكن الزكاة خارجة عن هذا المفهوم لما ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من النار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وهذا الحديث يدل على أن مانع الزكاة ليس بكافر لأنه لو كان كافرا لم يكن له سبيل إلى الجنة وعلى هذا فيُخرج هذا الحكم من مفهوم الأية بمقتضى دلالة هذا الحديث ويبقى الحكمان الأولان فيمن بقي على الشرك وفيمن ترك الصلاة على ما هما عليه.
وأما من السنّة فقد ثبت في "صحيح مسلم" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال أي النبي صلى الله عليه وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وفي حديث أخرجه أهل السنن عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ومن المعلوم أن البينية تقتضي أن يكون ما خرج منها كل واحد منفصل عن الأخر فالشرك في جانب وفعل الصلاة في جانب ءاخر والكافرون في جانب والمؤمنون في جانب ءاخر والفاصل بينهما الصلاة فمن أتى بها فهو من المسلمين المؤمنين ومن لم يأتي بها فهو من الكافرين المشركين وهذا الشرك وإن لم يكن عبادة لغير الله لكنه شرك في مخالفة أمر الله عز وجل كقوله تعالى: (( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )) .
وأما أقوال الصحابة رضي الله عنهم فقد صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقال عبد الله بن شقيق وهو من التابعين: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " .
وقد حكى الإجماع على كفر تارك الصلاة إسحاق بن راهويه الإمام المشهور.
وأما النظر الصحيح على كفر تارك الصلاة فإن من المعلوم أن الصلاة لم يرد في شيء من الأعمال ما ورد فيها من الترغيب فيها والحث عليها فعلا ووصفا وعقوبة تاركها وكيفية فرضيتها فإن الله تعالى فرض هذه الصلاة بل فرض هذه الصلوات الخمس على نبيه صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه البشر وفي أفضل ليلة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرضها سبحانه وتعالى بدون واسطة بينه وبين نبيه صلى الله عليه وسلم وفرضها سبحانه وتعالى على عباده خمسين صلاة في اليوم والليلة حتى منّ الله بفضله فخفّفها إلى خمس صلوات بالفعل وهي خمسون في الميزان.
كل هذا يدل على عناية الله بها وأن لها شأنا ليس لغيرها من العبادات ولهذا اختصت بأن تاركها كافر كفرا مخرجا عن الملة.
ولا شك أن هذه المسألة خلافية فإن من أهل العلم من قال: إن تاركها لا يكفر أي من قال إن تارك الصلاة لا يكفر ومعلوم أن مرد المؤمنين عند الخلاف كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )) ولقوله تعالى: (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) .
وإذا رددنا هذا الخلاف إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم تبيّن لنا أن كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم كلاهما يقتضي أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وقد ذكرنا أدلة ذلك.
وأما ما احتج به من قال بعدم التكفير فإن أدلته لا تخرج عن واحد من أقسام خمسة، فإما أن تكون ضعيفة ليس فيها حجة لأن الضعيف ساقط لا يُحتج به في إثبات الشيء أي في إثبات الحكم فكيف يُحتج به في معارضة أدلة صريحة صحيحة.
وإما ألا يكون فيها دلالة أصلا ولا يُمكن أن تدل على أن تارك الصلاة ليس بكافر لا من قريب ولا من بعيد وإن كانت هي صحيحة السند لكن الاستدلال بها ساقط لعدم دلالتها على المعارضة.
وإما أن تكون مقيدة بحال يُعذر فيها من ترك الصلاة كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوم اندرس الإسلام عندهم حتى لم يدركوا منه إلا لا إله إلا الله، فهؤلاء معذورون لأنهم لم يعرفوا شيئا من أحكام الإسلام فإذا ماتوا على قول لا إله إلا الله مع استسلام قلوبهم لله وظواهرهم لما علموا من دين الله فإن هؤلاء لا يُحكم بكفرهم بل هم مؤمنون لكن هذا هو غاية مقدورهم وقد قال الله تعالى: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .
وإما أن تكون الأدلة التي استدلوا بها مقيّدة بوصف يمتنع منه غاية الامتناع أن يدع الإنسان الصلوات الخمس كحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
ومن المعلوم أن هذا الحديث ليس على إطلاقه لأننا لو أخذناه على إطلاقه لقلنا إن كل إنسان عاص مهما بلغت معصيته محرّم على النار لا يُمكن أن يدخلها إذا كان يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله وهذا لا يقول به أحد لأنه ما من إنسان عاص إلا وقد استحق دخول النار بمعصيته التي رُتّب عليها دخول النار لكن إذا لم يكن كافرا كفرا مخرجا عن الملة فإنه يخرج من النار بالأسباب التي جعلها الله تعالى سببا لخروجه من النار.
وإذا كان هذا الحديث ليس على اطلاقه فإننا نقول: إن وصفه بقوله: ( يبتغي بذلك وجه الله ) يمنع أن يدع الصلوات الخمس لأن كل إنسان يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله لا يُمكنه أبدا أن يدع الصلوات الخمس لأن مبتغي الشيء لا بد أن يطلبه ومن المعلوم أن الطريق الموصل إلى الله من أهمه سلوك هذا الطريق وهو إقامة الصلاة.
وعلى هذا فليس في هذا الحديث دليل على ما ذهبوا إليه لأنه لا يصح الاستدلال به طردا ولا عكسا.
القسم الخامس أن تكون الأحاديث عامة فتُخصّص بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة فالقول الراجح الذي لا يخفى رُجحانه على من تأمل الأدلة مجرّدا نفسه عن أي اعتقاد سابق هو أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وإن كان يعتقد أنها واجبة.
وبناء على ما ذكرناه هنا وما ذكرناه سابقا فإنه لا يجوز أن يزوّج شخص لا يصلي بامرأة مسلمة وما أيسر الأمر لهذا الرجل أن يُوفّق فيتوب إلى الله ويتخلّص من كفره بإقامة الصلاة ثم حينئذ نزوجه ونقول إذا أتانا من نرضى دينه وخلقه زوجناه كما أمرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خلاصة الأمر أني أقول لهؤلاء الإخوة لا تزوّجوا هذا الرجل بأختكم فإن ذلك حرام عليكم ولو عقدتم النكاح له فإن النكاح باطل لا يصح لقول الله تعالى في المؤمنات المهاجرات: (( فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )) حتى وإن غضبت الأم لعدم التزويج فإنكم إنما أغضبتموها لرضا الله عز وجل ورضا الله مقدّم على رضا غيره فإن من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس وجعل سخطهم رضا ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.
وإني أقول لهؤلاء الإخوة بل ولغيرهم أيضا من المستمعين إنه لا تجوز طاعة الوالد ولا غير الوالد في معصية الله أبدا. نعم.
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.
الشيخ : توجيهي ونصحي لهذه الأم التي ترغب أن يتزوّج هذا الرجل ابنتها أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي ابنتها وأن لا تُحاول تزويجها بهذا الرجل وذلك لأن هذا الرجل الذي ترك الصلاة كافر مرتد خارج عن الإسلام والكافر المرتد الخارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوّج بمسلمة مهما كانت الأحوال حتى لو كان من بني عمها أو أقاربها الذين يحِل لهم أن يتزوّجوا بها فإنه لا يجوز أن يُزوّجوا بها ماداموا لا يصلون.
فتارك الصلاة كافر بمقتضى دلالة القرأن والسنّة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح وقد تكلمنا على ذلك كثيرا من هذا المنبر وتكلّم غيرنا في ذلك أيضا من أصحاب الفضيلة العلماء ففي كتاب الله يقول الله عز وجل عن المشركين: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )) فاشترط الله سبحانه وتعالى لكونهم إخوة لنا في الدين ثلاثة شروط، فالتوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن المعلوم أن المعلق على شرط لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود هذا الشرط فإذا عدِم الشرط عدِم المشروط.
ومعلوم أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخوة لنا في الدين لأن المشرك ليس أخا للمسلم في الدين وإن كان أخا له في النسب وإن لم يُقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين وإن كانوا إخوة لنا في النسب.
وإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين وإن كانوا إخوة لنا في النسب هذا مقتضى الأية أي مقتضى مفهومها ولكن الزكاة خارجة عن هذا المفهوم لما ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من النار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وهذا الحديث يدل على أن مانع الزكاة ليس بكافر لأنه لو كان كافرا لم يكن له سبيل إلى الجنة وعلى هذا فيُخرج هذا الحكم من مفهوم الأية بمقتضى دلالة هذا الحديث ويبقى الحكمان الأولان فيمن بقي على الشرك وفيمن ترك الصلاة على ما هما عليه.
وأما من السنّة فقد ثبت في "صحيح مسلم" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال أي النبي صلى الله عليه وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وفي حديث أخرجه أهل السنن عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ومن المعلوم أن البينية تقتضي أن يكون ما خرج منها كل واحد منفصل عن الأخر فالشرك في جانب وفعل الصلاة في جانب ءاخر والكافرون في جانب والمؤمنون في جانب ءاخر والفاصل بينهما الصلاة فمن أتى بها فهو من المسلمين المؤمنين ومن لم يأتي بها فهو من الكافرين المشركين وهذا الشرك وإن لم يكن عبادة لغير الله لكنه شرك في مخالفة أمر الله عز وجل كقوله تعالى: (( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )) .
وأما أقوال الصحابة رضي الله عنهم فقد صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقال عبد الله بن شقيق وهو من التابعين: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " .
وقد حكى الإجماع على كفر تارك الصلاة إسحاق بن راهويه الإمام المشهور.
وأما النظر الصحيح على كفر تارك الصلاة فإن من المعلوم أن الصلاة لم يرد في شيء من الأعمال ما ورد فيها من الترغيب فيها والحث عليها فعلا ووصفا وعقوبة تاركها وكيفية فرضيتها فإن الله تعالى فرض هذه الصلاة بل فرض هذه الصلوات الخمس على نبيه صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه البشر وفي أفضل ليلة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرضها سبحانه وتعالى بدون واسطة بينه وبين نبيه صلى الله عليه وسلم وفرضها سبحانه وتعالى على عباده خمسين صلاة في اليوم والليلة حتى منّ الله بفضله فخفّفها إلى خمس صلوات بالفعل وهي خمسون في الميزان.
كل هذا يدل على عناية الله بها وأن لها شأنا ليس لغيرها من العبادات ولهذا اختصت بأن تاركها كافر كفرا مخرجا عن الملة.
ولا شك أن هذه المسألة خلافية فإن من أهل العلم من قال: إن تاركها لا يكفر أي من قال إن تارك الصلاة لا يكفر ومعلوم أن مرد المؤمنين عند الخلاف كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )) ولقوله تعالى: (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) .
وإذا رددنا هذا الخلاف إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم تبيّن لنا أن كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم كلاهما يقتضي أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وقد ذكرنا أدلة ذلك.
وأما ما احتج به من قال بعدم التكفير فإن أدلته لا تخرج عن واحد من أقسام خمسة، فإما أن تكون ضعيفة ليس فيها حجة لأن الضعيف ساقط لا يُحتج به في إثبات الشيء أي في إثبات الحكم فكيف يُحتج به في معارضة أدلة صريحة صحيحة.
وإما ألا يكون فيها دلالة أصلا ولا يُمكن أن تدل على أن تارك الصلاة ليس بكافر لا من قريب ولا من بعيد وإن كانت هي صحيحة السند لكن الاستدلال بها ساقط لعدم دلالتها على المعارضة.
وإما أن تكون مقيدة بحال يُعذر فيها من ترك الصلاة كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوم اندرس الإسلام عندهم حتى لم يدركوا منه إلا لا إله إلا الله، فهؤلاء معذورون لأنهم لم يعرفوا شيئا من أحكام الإسلام فإذا ماتوا على قول لا إله إلا الله مع استسلام قلوبهم لله وظواهرهم لما علموا من دين الله فإن هؤلاء لا يُحكم بكفرهم بل هم مؤمنون لكن هذا هو غاية مقدورهم وقد قال الله تعالى: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .
وإما أن تكون الأدلة التي استدلوا بها مقيّدة بوصف يمتنع منه غاية الامتناع أن يدع الإنسان الصلوات الخمس كحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
ومن المعلوم أن هذا الحديث ليس على إطلاقه لأننا لو أخذناه على إطلاقه لقلنا إن كل إنسان عاص مهما بلغت معصيته محرّم على النار لا يُمكن أن يدخلها إذا كان يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله وهذا لا يقول به أحد لأنه ما من إنسان عاص إلا وقد استحق دخول النار بمعصيته التي رُتّب عليها دخول النار لكن إذا لم يكن كافرا كفرا مخرجا عن الملة فإنه يخرج من النار بالأسباب التي جعلها الله تعالى سببا لخروجه من النار.
وإذا كان هذا الحديث ليس على اطلاقه فإننا نقول: إن وصفه بقوله: ( يبتغي بذلك وجه الله ) يمنع أن يدع الصلوات الخمس لأن كل إنسان يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله لا يُمكنه أبدا أن يدع الصلوات الخمس لأن مبتغي الشيء لا بد أن يطلبه ومن المعلوم أن الطريق الموصل إلى الله من أهمه سلوك هذا الطريق وهو إقامة الصلاة.
وعلى هذا فليس في هذا الحديث دليل على ما ذهبوا إليه لأنه لا يصح الاستدلال به طردا ولا عكسا.
القسم الخامس أن تكون الأحاديث عامة فتُخصّص بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة فالقول الراجح الذي لا يخفى رُجحانه على من تأمل الأدلة مجرّدا نفسه عن أي اعتقاد سابق هو أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وإن كان يعتقد أنها واجبة.
وبناء على ما ذكرناه هنا وما ذكرناه سابقا فإنه لا يجوز أن يزوّج شخص لا يصلي بامرأة مسلمة وما أيسر الأمر لهذا الرجل أن يُوفّق فيتوب إلى الله ويتخلّص من كفره بإقامة الصلاة ثم حينئذ نزوجه ونقول إذا أتانا من نرضى دينه وخلقه زوجناه كما أمرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خلاصة الأمر أني أقول لهؤلاء الإخوة لا تزوّجوا هذا الرجل بأختكم فإن ذلك حرام عليكم ولو عقدتم النكاح له فإن النكاح باطل لا يصح لقول الله تعالى في المؤمنات المهاجرات: (( فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )) حتى وإن غضبت الأم لعدم التزويج فإنكم إنما أغضبتموها لرضا الله عز وجل ورضا الله مقدّم على رضا غيره فإن من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس وجعل سخطهم رضا ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.
وإني أقول لهؤلاء الإخوة بل ولغيرهم أيضا من المستمعين إنه لا تجوز طاعة الوالد ولا غير الوالد في معصية الله أبدا. نعم.
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.
اضيفت في - 2005-05-06