سلسلة الهدى والنور-466
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
تكلم أبو مالك على المتمسكين بالكتاب والسنة وعلى الفتن الواقعة اليوم .
أبو مالك : إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله . (( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلاّ و أنتم مسلمون )) (( يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتّقوا الله الّذي تساءلون به و الأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث كتاب الله ، و خير الهدى هدى محمّد صلّى الله عليه و سلّم و شرّ لأمور محدثاتها و كلّ محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النّار . لا أحسب إلا أنّ كلّ واحدا منّا نحن معاشر من يقول عن نفسه أو من يقولون عن أنفسهم نحن على منهج الكتاب و السّنّة سواء أكنّا في عمّان في الأردن أم في أيّ قطر من أقطار المسلمين الأخرى إلا أنّ كلّ واحد منّا يعلم أنّ النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام لم يغادر الدّنيا و يلتحق بالرّفيق الأعلى إلاّ و قد بيّن لنا بيانا شافيا و فصّل لنا تفصيلا كاملا و أوقفنا على كلّ أمر من أمور الدّنيا و الآخرة الّتي بها تكتب السّعادة للمرء المسلم إن ألزم نفسه هذا السبيل ويقصي بها عن الشّقوة الّتي تحلّ أهلها عياذا بالله أو تقودهم إلى مصير الجحيم ، و هذه نعمة كبرى يجب علينا دائما أن نشكر لله فضله علينا بها و أن نكثر بها أيضا من الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و هو حقّ ألزمنا الله به في كتابه . أقول هذا و نحن الآن نعيش أحداثا جساما و فتنا عظاما و مصائب جمّة تطلّ علينا بقرونها الحادّة المذبّبة من كلّ أقطارنا و تكاد تتهدّدنا و تتوعّدنا و كلّ منّا في عقر داره و قعر بيته . و السّلامة من هذه الأحداث الجسام و من هذه الفتن العظام لا يكون بالّتصدّي لها ليذود الإنسان أو ليذودها المرء منّا عن نفسه بسلاح يحسب به أنّه قادر على درئها و ردّها و لا يكون أيضا بالتّطلّع إليها من قريب أو من بعيد و كأنّه يقول لها أو لبعضها أقبلي إليّ قبل أن أقبل إليك و لا تكون كذلك أيضا بالخوض فيها على غير بيّنة و هدى . درء هذه الفتن لا يكون بشيء من مثل هذا أو ما يماثله و يشابهه و يحاكيه ، إنّما المخرج من هذه الفتن و هذه الأحداث ينبغي أن يكون على وفق ما نحن عليه و قد ألزمنا أنفسنا منهج الكتاب و السّنّة . أن نكون ملزمين أنفسنا كما نلزم أنفسنا بأدب الطّعام و الشّراب و بأحكام الصّلاة والحجّ والزّكاة و الصّيام و معرفة الحلال و الحرام و كيف يكون كسب أحدنا صافيا خالصا يجتنب به صريح الحرام و الشّبهات كذلك أيضا من باب أولى حتّى يسلم لنا ذلك كلّه و نكون على بصيرة من أمرنا أن نتعلّم كيف ننجوا من هذه الفتن و بخاصّة إذا خالطتنا و فرضت نفسها علينا و أصبحت تأوي إلينا في بيوتنا و تمشي معنا في طرقاتنا و تجلس معنا في مساجدنا و تتحرّك معنا أينما توجّهنا ، عندئذ يصبح لزاما على كلّ واحد منّا أن يتعرّف كيف يدرأ هذه الفتن عنه إن لم يكن قد لامسته من قريب أو من بعيد أو أنّها لازال يفصل بينه و بينها مسافة زمانيّة أو مكانيّة يمكن أن يحتاط لنفسه أو يأخذ الحيطة لنفسه فيعرف كيف ينجو من شررها و شرّها و هنا أذكّركم بحديث حذيفة رضي الله عنه الّذي جاء في صحيح البخاري عندما قال ( كان النّاس يسألون رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عن الخير و كنت أسأله عن الشّرّ مخافة أن يدركني ) و الحديث معروف لديكم و لكن أردت أن أبيّن أنّ كثيرا من النّاس أصبح الخير عندهم شرّا و الشّرّ خيرا حتّى أصبحنا نسمع أو نقرأ من آثار هذه الفتن الّتي لم يعد يتبيّن الإنسان فيها مع الجاهلين ما يمكن أن يتبيّنه مع المتقّين و مع أهل العلم و طلاّبه ، أصبحنا نسمع أشياء غريبة عجيبة أن يكون هناك مثلا دعوة لاستنصار أو استنزال النّصر أو استسقاء النّصر و أن تحيى ليلة من اللّيالي في مكان كذا أو في مسجد كذا و أن يكون ضيف الاعتكاف في هذه اللّيلة فلان من النّاس . هذا ما أنتجته بعض من الفتن أو هذه المحن و لو أنّ أهل العلم هم الّذين استفتوا أو أخذ رأيهم أو استشيروا في هذه الأمور الّتي تحدث و تجري على ساحتنا و في أرضنا و تكاد شررها أو شرورها تتخطّفنا من قريب أو من بعيد لنجى منا الكثير الكثير و لكنّ النّجاة الّتي نريدها ما يكاد قد أصاب منها حظّا يسيرا أو وافرا إلاّ عدد قليل حتّى من الّذين يلزمون أنفسهم أو يقولون عن أنفسهم بأنّهم أهل منهج الكتاب والسنة ولا يخفى على ذي بصيرة عاقل أنّه لا يتأهّل لبيان مداخل هذه الفتن و مخارجها و بيان مواطن الشّدّة و الضّعف فيها إلاّ قليل من النّاس ، ليس كلّ أحد أو ليس كلّ واحد يمكنه أن يقول في هذه الفتنة قولا فصلا ، إلاّ إن هو قد أحاط بشيء كثير جدّا من كلام نبيّنا عليه الصّلاة السّلام يتبيّن به كيف يمكن أن يعرف مداخلها و مخارجها ليجتنب أن يصل إلى وسط الطّريق فيها فلا يستطيع أن يرجع إلى مدخل من مداخلها أو أن يصل إلى مخرج من مخارجها و من هنا أصبحنا نرى و نسمع كثيرا من النّاس يتكلّمون كلاما لا أصل له في دين الله و ينقلون من الكتب ما هبّ و دبّ و يتحدّثون عن أباطيل الكلام كما يتحدّثون عن حقائق الإسلام و يسوّون بين هذه وتلك فهذه و الله العظيم طامّة من الطّامّات الّتي ينبغي أن نحذرها و أن نحذّر النّاس منها . كثر العلماء و كثر الدّعاة و كثر المحرّضون و كثر المشجّعون و أصبحت ترى في كلّ نادي و وادي جمهرة من النّاس يقول فيهم واحد منهم افعلوا فيفعلون ، اتركوا فيتركون حتّى إذا جاء العاقل من أهل البصر و حذق الأمر و معرفة مسائل العلم و توخّي الحقّ من كتاب الله و سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يجد لنفسه شيئا كالصّمت أن يلوذ به أو أن يتمسّك بأهدابه . و لا أحبّ هنا أن أطيل عليكم في هذه المقدّمة و قد أكرمني شيخنا جزاه الله خيرا أن أتحدّث إليكم بمثل هذه المقدّمة بين يدي ما ستسمعونه من شيخنا جزاه الله خيرا من العلم النّفيس و المسائل المحكمة الّتي يتبصّر الإنسان فينا بها أين يجب أن يكون و كيف يجب أن يكون ممّا آتاه الله عزّ وجلّ من علم الكتاب و السّنّة و بما فتح الله عليه و لو أنّ واحدا مثل الشّيخ محمّد ناصر الدّين الألباني في غير قومه في هذا البلد أو في سواه كان في بلد من البلاد الّتي تعرف حقّ العلماء لحجّ إليه النّاس من كلّ أقطار الدّنيا و لكن هو بيننا و مقيم بين أظهرنا و النّاس يتحدّثون عن علمه و كتبه و تحقيقاته و مرويّاته و تخريجاته و مسائله المستنبطة الّتي ربّما جاء بها بالكثير ممّن لم يسبقه فيها أحد من العلماء و مع ذلك نضنّ على أنفسنا أن نجلس إليه أو أن يأتي النّاس إليه في هذا البلد هذه الجماهير الغفيرة الّتي تؤمّ السّاحات و المساجد لتسمع كلاما هائجا لا يكاد الكلام أو لا يكاد المرء يمسك من نفع فيه إلاّ على أقلّ القليل و أيسر اليسير . بعد هذا لا يسعني إلاّ أن أقول جزى الله عنّا شيخنا و بارك الله عليه و فيه و أمدّ في عمره و نفع به الأمّة الإسلاميّة و جزاه عمّا قدّم لها خير الجزاء و ليسمح لي شيخي الآن أن نعود إلى المجلس بعد أن نصلّي العصر إن شاء الله . و السّلام عليكم .
الشيخ : جزاك الله خيرا .
أبو مالك : نسمع هذه الأيّام كلمة الجهاد تتردّد على ألسنة الكثيرين سواء أكانوا قادة أم كانوا من عامّة النّاس و لا شكّ أن الجهاد همو رأس سنام الإسلام و هو الطّريق الّذي يمهّد لعقائد الإسلام و شرائعه و أركانه أن تسود في الأرض و هذا أمر لا يخفى على أحد في النّاس قديما و حديثا مسلما كان أم غير مسلم و لكن لا شكّ أنّ الأمر مع كونه ظاهرا في غايته و في حقيقته إلاّ أنّه يغيب عن كثير من النّاس الشّروط الّتي يجب توفّرها حتّى يكون هذا الجهاد هو الطّريقة الّتي يسلكها المسلم أو جماعة المسلمين لإعلاء كلمة الله في الأرض .فكثير من هذه الأسئلة الّتي بين أيدينا تتناول هذا الموضوع و أوّل سؤال .
الشيخ : جزاك الله خيرا .
أبو مالك : نسمع هذه الأيّام كلمة الجهاد تتردّد على ألسنة الكثيرين سواء أكانوا قادة أم كانوا من عامّة النّاس و لا شكّ أن الجهاد همو رأس سنام الإسلام و هو الطّريق الّذي يمهّد لعقائد الإسلام و شرائعه و أركانه أن تسود في الأرض و هذا أمر لا يخفى على أحد في النّاس قديما و حديثا مسلما كان أم غير مسلم و لكن لا شكّ أنّ الأمر مع كونه ظاهرا في غايته و في حقيقته إلاّ أنّه يغيب عن كثير من النّاس الشّروط الّتي يجب توفّرها حتّى يكون هذا الجهاد هو الطّريقة الّتي يسلكها المسلم أو جماعة المسلمين لإعلاء كلمة الله في الأرض .فكثير من هذه الأسئلة الّتي بين أيدينا تتناول هذا الموضوع و أوّل سؤال .
ما شروط الراية التي ترفع ويكون من واجب المسلمين نصرها حتى لا نقع في نص الحديث ( من قاتل تحت راية عُميَة .. فقتلته جاهلية ).؟
أبو مالك : نطرحه على شيخنا هو من أحد الإخوان ما شروط الرّاية الّتي ترفع ويكون من واجب المسلمين نصرها و ذلك حتى لا نقع في نص الحديث أو في المحذور الّذي ذكره الحديث ( من قاتل تحت راية عُميَة يغضب لعصبيّة أو يدعو إلى عصبيّة فقتل فقتلته جاهليّة ) فتوضّح لنا المسألة جزاك الله خيرا . علما يا إخوان أقول سلفا أرجوا أن تنصتوا لإجابة شيخنا لأنّ كثيرا من الأسئلة الّتي وردتنا معظمها أو جلّها تدور حول هذا المعنى و لذلك الّذي أرجوه أن تلتفتوا إلى الإجابة المستفيضة لعلّ الجواب على هذا السّؤال وحده يغني عن أسئلة كثيرة جدّا تقدّم بها الإخوان إلينا و بارك الله فيكم .
الشيخ : حمدا لله و صلاة و سلاما على رسول الله و بعد ، فيجب على المسلمين جميعا أن يعلموا أنّ الجهاد قسمان ، جهاد دفع لاعتداء الكافر و جهاد نقل الدّعوة إلى بلاد الكفر . الجهاد الأوّل لا يرد عليه مطلقا الحديث السّابق لأنّه في هذه الحالة أي حالة يغزو الكافر بلدا من بلاد المسلمين فيجب على المسلمين جميعا أن ينفروا كافّة و أن لا يفكّروا في أيّ شيء في أيّ شرط ممّا ينبغي أن يتوفّر في الجهاد الّذي هو جهاد لنقل الدّعوة إلى بلاد الكفر و الضّلال . فرفع الرّاية الإسلاميّة الّتي دائما ندندن حولها و نؤيّدها كلّ التّأييد إنّما هو حينما يريد المسلمون أن يهيّؤوا أنفسهم و أن يقيموا دولتهم فذلك لا ينبغي أن يكون إلاّ تحت راية إسلاميّة و أن لا يجاهدوا ذاك الجهاد إلاّ تحتها . أمّا في الحالة الأولى حالة يغزو الكافر بلدا من بلد المسلمين ففي هذه الحالة لا نفكّر في تحقّق ذلك الشّرط أو سواه و إنّما على المسلمين أن ينفروا كافّة لدفع الخطر الأكبر ألا و هو هجوم الكفّار على بلد الإسلام و لذلك فالنّاس اليوم تفكيرهم ضيّق جدّا حينما يفكّرون بشرط رفع الراية إسلاميّة لدفع مثلا اعتداء هؤلاء الكفّار الّذين اجتمعوا من كلّ جانب و صوب للاعتداء على بلاد المسلمين و هي العراق ، فها هنا يجب على الدّول الإسلاميّة أن ينصروا الشّعب المعتدى عليه من الكفّار و أن لا يفكّروا أنّ هذا الشّعب هل دولته ترفع راية الإسلام أم لا لأنّنا في هذه الحالة نريد أن ننقذ الشّعب المسلم من سيطرة ذاك الكافر أو أولئك الكفّار فهنا يجب على المسلمين جميعا أن ينفروا كافّة . و الحقيقة أنّ من آثار هذه الفتنة الّتي ألمّت بالمسلمين في هذا العصر و الّتي لا نعلم لها مثيلا في التّاريخ الإسلامي كلّه إنّما آثار هذه الفتنة أنّ المسلمين يختلط ليهم الحقّ بالباطل و يختلط عليهم الواجب بما لا يجب بل بما لا يجوز سبب هذا يعود إلى أمرين اثنين . الأمر الأوّل يتعلّق بعامّة المسلمين و ذلك أنّهم بعيدون كلّ البعد عن التّفقّه في الدّين و السّبب الآخر يتعلّق ليس بعامّة المسلمين بل بخاصّتهم أولئك الخاصّة المفروض أنّهم يدرسون ما حلّ بالمسلمين من الفتن على ضوء ما جاء في الكتاب و السّنن و ذلك هو الّذي يساعدهم أن يتعرّفوا على الحكم الشّرعي فيما نزل بالمسلمين . و لا بأس في أن نذكّركم بحديث و حكم شرعيّ أمّا الحديث فهو قوله عليه الصّلاة و السّلام ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال أن تمنعه عن الظّلم فذاك نصرك إيّاه ) فمناصرة المسلمين بعضهم لبعض على هذا التّفصيل المذكور في هذا الحديث الصّحيح هو مع الأسف من الأمور الّتي أصبحت في العالم الإسلامي نسيا منسيّا و غلبت عليهم في كثير من الأحيان العصبيّة القبليّة أو البلديّة و هذا ما أصاب كثيرا من المسلمين حينما وقعت الفتنة الأولى و هي اعتداء العراق على الكويت فقد انقسم المسلمون على أنفسهم إلى فريقين ، فريق يحسّن هذا الإعتداء و هو اعتداء ظاهر و فريقا يستنكره و قد كنّا و لا نزال مع هذا الفريق المستنكر لأنّه يخالف نصوصا من الشّرع واضحة بيّنة و منها الآية الكريمة الّتي لا تخفى على أحد ألا و هي قوله تبارك و تعالى (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) . كان الواجب على الدّول الإسلاميّة و كان ينبغي أن نقول كان الواجب على الدّولة المسلمة لكن مع الأسف لم يكن و عسى أن يكون قريبا الدّولة المسلمة و إنّما هناك دول إسلاميّة شعوبها مسلمة أمّا حكوماتها فقد تكون في واد و الشّعوب في واد آخر و لكن ذلك لا يخرج هذه الشّعوب المسلمة من دائرة الإسلام فهي شعوب إسلاميّة . أقول كان الواجب على الدّولة المسلمة أن تطبّق نصّ هذه الآية الكريمة (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )) إلى آخره لكن لم يكن هناك إلاّ دول و دول مسلمة أكثر أحكامها أو على الأقلّ كثير من أحكامها مخالفة للإسلام فكان أمرا طبيعيّا جدّا أن لا يتمكّن أو أن لا يقوم دولة من هذه الدّول لتطبيق الآية السّابقة (( فأصلحوا بينهما )) فإن لم يتحقّق الصّلح (( فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) لم يقم و لا دولة مسلمة بتطبيق هذه الآية الكريمة ذلك لأنّه لم يكن هناك دولة قد قامت بأحكام الإسلام كلّيّا و منها قوله تعالى (( و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله و عدوّكم ))...وقعت الفتنة الثّانية ألا و هي إحلال أكبر دولة كافرة و طاغية إحلالها في الدّيار الإسلاميّة العربيّة الّتي لم يسبق في التّاريخ الإسلامي أن وطأتها مثل هذه الأقدام فاستعانت الدّولة السّعوديّة بالدّولة الأمريكيّة و أحلّوهم باختياهم كما يزعمون و ليس لنا إلاّ أن نتمسّك بما ينطقون أحلّوهم ديارهم برضاهم بل و بطلب منهم كانت هذه هي الفتنة الثّانية و ادّعوا أنّ هذه الاستعانة كانت للضّرورة لدفع ما قد يقع من اعتداء ثان من المعتدي الأوّل على الدّولة الكويتيّة فتحفّظا لمنع مثل هذا الاعتداء الثّاني وقعت الدّولة السّعوديّة في ما هو أخطر ممّا كانوا يتوهّمون أنّه سيقع و هو إدخالهم للأمريكان و البريطان في بلاد الإسلام دون أن تراق من هؤلاء الكفّار قطرة دم و دون أن يدفعوا الجزية عن يد و هم صاغرون كما هو المفروض بالنّسبة للدّولة المسلمة الّتي تحكم بما أنزل الله أن تفرض الجزية على الكفّار أعداء الإسلام و المسلمين لكن مع الأسف الشّديد كان الأمر على العكس من ذلك فقد دفع السّعوديّون بدل أن يأخذوا دفعوا الملايين و الملايين كما تسمعون و تعلمون لإمداد هؤلاء الكفّار في سبيل ماذا ؟ في سبيل مقاتلة المسلمين في بلاد العراق و كانت قديما كما تعلمون دار الخلافة العبّاسيّة و استمرّ الإسلام هناك يعمل عمله قرونا طويلة فكنّا نقول من قبل لا يجوز مناصرة العراق لأنّها اعتدت على الكويت و لكن صدق الله العظيم حينما قال في هؤلاء الكفّار المجرمين (( و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين )) حيث أنّهم استطاعوا أن يجمعوا حولهم كثيرا من الدّول الكافرة و لا غرابة في ذلك فقديما قيل " إنّ الطّيور على أشكالها تقع " و لكنّ الغرابة كلّ الغرابة أنّهم استطاعوا بمكرهم المشار إليه أن يضمّوا إليهم كثيرا من الدّول الإسلاميّة . ماذا كانت العلّة الّتي ركنوا إليها و استطاعوا أن يقنعوا تلك الدّول الإسلاميّة أو الحكومات الإسلاميّة استطاعوا أن يقنعوها بأن ينضمّوا إليهم في سبيل مقاتلة العراق زعموا أنّ المقصود من هذا الجمع الخطير هو إعادة العراق إلى حدودها و تسليم الكويت إلى أهلها . كنّا نظنّ أنّ هذه الدّعوة هي دعوة صادقة و أنّها لو تحقّقت لتمنّينا ذلك ولكن لا يكون ذلك من دول الكفر و إنمّا أن يكون من المسلمين أنفسهم تحقيقا منهم للآية السّابقة (( فأصلحوا بينهما )) الخطاب بلا شكّ كما لا ريب فيه إنّما هو للمسلمين (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )) لكن مع الأسف الّذين تولّوا فيما ادّعوا و ليس فيما فعلوا بعد الّذين حاولوا إعادة البلاد الكويتية لأصحابها و إرجاع المعتدي إلى أرضه هم هؤلاء الكفّار و الّذين انضمّوا إليهم من الحكومات الإسلاميّة فماذا كان نتيجة هذا المكر ظهر ذلك و تبيّن لكلّ ذي عينين و لو كانت هاتان العينان لا بصيرة لهما أعني بذلك حتّى الكفّار تبيّن لهم أنّ هذا التّكتّل و هذا التّجمّع لم يكن حقيقة لإخراج العراق من الكويت إنّما لتحطيم العراق و هذا أمر لا يحتاج إلى شرح لأنّ الإذاعات و الجرائد و المجلاّت و كل ّوسائل الإعلام قد أجمعت على هذه الحقيقة حتّى الكفّار أنفسهم في هذه الحالة الآن نقول يجب على من بقي من الدّول الإسلاميّة لم يتورّطوا أن ينضمّوا إلى من يسمّونهم بالحلفاء وجب على هذه الدّول الإسلاميّة الباقية على الحياد أن يقاتلوا الكفّار الّذين يحاربون الآن العراقيّين ، فعلى هذه الدّول و لا أقول الأفراد لوحدهم و إنّما على الدّول بجيوشها النّظّاميّة المتمرّنة و المتمرّسة على القتال في الآلات الحديثة المناسبة لمثل هذا الغزو على هؤلاء الدّول أن يبادروا إلى الإنضمام إلى العراق لمقاتلة الكفّار الّذين تبيّنت نيّتهم أنّها تحطيم الشّعب العراقي و القضاء عليه . هذا الحكم الّذي انتهيت إليه الآن يتعلّق بتلك المسألة الفقهيّة الّتي أشرت إليها في مطلع كلمتي هذه حين قلت سأتحدّث إليكم بحديث و مسألة فقهيّة الحديث ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) الآن العراق مظلوم كان من قبل ظالما للكويتييّن أمّا الآن صار مظلوما من دول الكفر ما أدري عددها عشرون أو أكثر ، و انضمّ إليهم بعض الدّول الإسلاميّة فالعراق اليوم مظلوم و يجب مناصرته . و حينما أقول هذا الكلام فلا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد السّامعين له أنّنا نعني مناصرة حزب البعث أو مناصرة شخص بعينه ، لا . هذا لا يجوز إسلاميّا و إنّما يجب أن نناصر الشّعب العراقيّ و أن ندفع عنهم هذه الدّول الّتي استعملت كلّ وسائل التّدمير و صبّتها على العراق و الجيش العراقي لا يزال في الكويت . لو أنّهم كانوا صادقين فيما أشاعوا في أوّل الأمر و رجع العراق إلى حدوده و عادت الدّولة الكويتيّة إلى أصحابها لانتهت المشكلة و لكن مع الأسف الشّديد لقد استغلّت هذه الدّعوة الكافرة بأنّهم يريدون مناصرة الشّعب الكويتي على العراق تبيّن أنّ قصدهم هو تحطيم الشّعب العراقي لذلك يجب مناصرتهم على أعدائهم المهاجمين لهم . أمّا المسألة الفقهيّة فهي تلفت النّظر أنّ المسلم يجب أن يكون واقعيّا و أن لا يكون تفكيره جامدا مثله كمثل بعض الأمور الفقهيّة ، الخمر حينما يكون خمرا فنحن ننهى عنه لأنّ الشّارع حرّمه في آياته و في أحاديث نبيّه و لكنّ الخمر هذه لو أنّها تحوّلت و تخلّلت صارت خلاّ لا يجوز للمسلم أن يضلّ المسلم عند قوله السّابق أنّ هذا الشّراب حرام شربه ذلك لأنّه تطوّر و صار شيئا آخر غير الحقيقة السّابقة . كان خمرا فصار خلاّ ، كان محرّما فصار حلالا و على ذلك فقيسوا من عند أنفسكم مسائل كثيرة و كثيرة جدّا من أشهرها أنّ الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام مطهّر و طاهر و نجس و لكن قد يعرض لهذه الأنواع ما يخرجها عن حكمها . مثلا الماء المطهّر و هو بواقعه طاهر قد يخرج عن كونه مطهّرا و يظلّ طاهرا ثمّ في بعض الأحيان قد يخرج عن كونه طاهرا فيصبح نجسا ، هذا الماء الّذي تنجّس قد يتطوّر و يتحوّل بما يكثر عليه من الماء أي بالمكاثرة بالماء الطّاهر فينقلب إلى طاهر بعد أن كان نجسا و هكذا يجب على الفقيه المسلم أن يعطي لكلّ حكم حكمه و أن لا يظلّ عند الحكم الأوّل و قد دخل فيه ما يقتضي أن يتغيّر . قلت في جملة ما قلت آنفا أنّه يجب على الدّول الإسلاميّة أن يناصروا الشّعب العراقي و تحفّظت و قلت و ليس على الأفراد أعني بذلك أنّ حماس الأفراد الّذي شاهدناه في أوّل الفتنة و بخاصّة الآن هؤلاء لا ينبغي أن يفكّروا بمناصرة العراق فرديّا و إنّما عليهم أن يحملوا دولهم على أن يكونوا معهم في مناصرة العراق على أعدائهم الذين سمّوا بالحلفاء. و السّبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين ، الأمر الأوّل شرعيّ و الأمر الثّاني الواقع هو الّذي يفرضه . أمّا الشّرع فنحن نعلم من السّنّة الصّحيحة أّنّ المسلمين الّذين كانوا يقاتلون الكفّار في العهود الأولى حتّى في العصر النّبوي كانت كلّ قبيلة تقاتل أفرادها مع قبيلتها ، فالمهاجرون مع المهاجرين و الأنصار مع الأنصار تجمعهم دائرة الإسلام . فلماذا كان هذا ؟ لأنّ لكلّ قبيلة عاداتها و تقاليدها الّتي لا تختلف مع الإسلام . فالتّفاهم و اللّغة و نحو ذلك كلّ هذا ممّا يتعلّق بالتّنظيم للجهاد الإسلامي فإذا ذهبت دولة ما بشعبها للجهاد فتكون لهم رايتهم الخاصّة بهم و أفراد شعبهم يفهمون أساليبهم و يفهمون لغتهم و نحو ذلك ، هذا هو السّبب الأوّل و هو الشّرعي . أمّا الأمر الّذي يقتضيه الواقع فالافراد حينما يذهبون إلى هناك فسينضمّون إلى نظام أوّلا لا عهد لهم به و لا معرفة منهم به ، و ثانيا قد يحول بينهم زو بين القيام بكثير من الواجبات العينيّة الفرديّة لأنّهم ما اعتاد ذلك النّظام أن يعيش في نظام الإسلام الّذي يلزم المسلمين أن يحافظوا على شريعة الإسلام و على أحكام الدّين و لو في ساعة العسرة و لو في ساعة الحرب من ذلك مثلا لعلّكم جميعا تعلمون من كتب الفقه و من كتب الحديث صلاة تسمّى بصلاة الخوف ، صلاة الخوف هذه لها نوعيّة خاصّة و لها صفة خاصّة و ما أظنّ إلاّ أنّ أكثر أفراد المسلمين لا يعرفون حقيقة هذه الصّلاة الّتي تسمّى بصلاة الخوف و في ظنّي أنّ هؤلاء الأفراد إذا ما ذهبوا للقتال لتحقيق هذه المناصرة و هو الآن فرض عين على كلّ من يستطيع أن يحمل السّلاح و يستطيع أن يدافع عن تلك البلاد الإسلاميّة هؤلاء الّذين قد يذهبون بهذه النّيّة إذا لم تكن هناك دولة تنظّم شؤونهم فسيضيّعون من الواجبات أكثر من تحقيق هذا الواجب الذي ذهبوا إليه ، بمعنى قال تعالى (( إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتابتا موقوتا )) و من ذلك أنّ صلاة الخوف لا تسقط فرضيّة المحافظة على الوقت حتّى في صلاة الخوف ، حتّى في الحرب ، في القتال . و في ظنّي إذا كان هؤلاء الأفراد من المسلمين لايجمعهم نظام إسلامي يحكمهم و ينظّم شؤونهم ستكون خسارة هؤلاء الأفراد فيما إذا ما ذهبوا هناك لتحقيق فرض أنّه يضيّعوا مقابله فروضا كثيرة و كثيرة جدّا و لعلّه ممّا يقرّب إليكم هذه الصّورة الّتي لا ينبغي أن تكون واقعة أنّ كثيرا ممّن يذهبون إلى الحجّ لأداء فريضة الحجّ فريضة الإسلام ما حجّ مطلقا فهو يريد أن يؤدّي هذا الفرض العيني و إذا به بسبب جهله و عدم معرفته بوجوب المحافظة على أداء كلّ صلاة في وقتها فهو يضيّع كثيرا من الصّلوات في سبيل تحقيق هذا الواجب ألا و هو الحجّ إلى بيت الله الحرام . إذا كان المسلم يريد أن يؤدّي ركنا كهذا الرّكن الحجّ و لكن يضيّع في سبيل ذلك الرّكن أركانا فهذا خير له أن يبقى في داره في بلده محافظا على صلواته يؤدّي كلّ صلاة منها في وقتها هذا خير له من أن يؤدّي صلوات عديدة في سبيل أداء ركن من أركان الإسلام ألا و هو الحجّ إلى بيت الله الحرام لذلك و لريثما يتوفّر للشّعب العراقي من يناصر هذا الشّعب من الحكومات الإسلاميّة فعليكم أنتم الآن أن تجاهدوا أنفسكم و لا أن تستسلموا لعواطفكم و أن يذهب كلّ منكم لا يلوي على شيء سوى يريد أن يجاهد هناك و هو إذا وصل هناك ضاع و انماع و أضاع كثيرا من الأحكام الشّرعيّة كما ألمحنا إلى ذلك آنفا فعلينا و الحالة هذه أن نعنى بجهاد النّفس الّذي هو في الحقيقة لا يكون المسلم مجاهدا في سبيل الله إلاّ إذا جاهد هواه و عليه أن يمرّن نفسه على مجاهدة هواه و هو في عقر داره كما قال عليه الصّلاة و السّلام ( المؤمن من جاهد هواه لله ) و لينظر كلّ فرد منّا ههنا فسيجد نفسه مقصّرا بالقيام بكثير من الواجبات العينيّة و لذلك فليتدارك أمره و ليحسن توبته و أوبته إلى الله عزّ وجلّ ليحقّق نوع من الجهاد لعلّه بعد ذلك إذا جاء وقت الجهاد في سبيل مناصرة العراق على أولئك الكفّار حينئذ يتمكّن من تمرّن على الجهاد في عقر داره أن يجاهد في سبيل الله عزّ وجلّ خارج بلده و يبقى شيء لابدّ منه و الحالة كما ذكرنا أن أذكّر الحاضرين بقوله عليه الصّلاة و السّلام ( إنّما تنصرون و ترزقون بضعفائكم بدعائهم و إخلاصهم ) فإذا كنّا ضعفاء الآن لا نستطيع كأفراد أن نناصر شعب العراق فعلى الأقلّ أن ندعو لهم و نخلص لهم في الدّعاء و بخاصّة في القنوت في الصّلوات الخمس كما يفعل كثير من أئمّة المساجد اليوم و لكنّ المهمّ أن نخلص في الدّعاء إلى الله عزّ و جلّ لعلّ الله عزّ وجلّ يعيد هؤلاء الكفّار مهزومين و يجعل الشّعب العراقي منصورين كما نرجو ذلك من ربّ العالمين .
أبو مالك : جزاك الله خيرا .
الشيخ : حمدا لله و صلاة و سلاما على رسول الله و بعد ، فيجب على المسلمين جميعا أن يعلموا أنّ الجهاد قسمان ، جهاد دفع لاعتداء الكافر و جهاد نقل الدّعوة إلى بلاد الكفر . الجهاد الأوّل لا يرد عليه مطلقا الحديث السّابق لأنّه في هذه الحالة أي حالة يغزو الكافر بلدا من بلاد المسلمين فيجب على المسلمين جميعا أن ينفروا كافّة و أن لا يفكّروا في أيّ شيء في أيّ شرط ممّا ينبغي أن يتوفّر في الجهاد الّذي هو جهاد لنقل الدّعوة إلى بلاد الكفر و الضّلال . فرفع الرّاية الإسلاميّة الّتي دائما ندندن حولها و نؤيّدها كلّ التّأييد إنّما هو حينما يريد المسلمون أن يهيّؤوا أنفسهم و أن يقيموا دولتهم فذلك لا ينبغي أن يكون إلاّ تحت راية إسلاميّة و أن لا يجاهدوا ذاك الجهاد إلاّ تحتها . أمّا في الحالة الأولى حالة يغزو الكافر بلدا من بلد المسلمين ففي هذه الحالة لا نفكّر في تحقّق ذلك الشّرط أو سواه و إنّما على المسلمين أن ينفروا كافّة لدفع الخطر الأكبر ألا و هو هجوم الكفّار على بلد الإسلام و لذلك فالنّاس اليوم تفكيرهم ضيّق جدّا حينما يفكّرون بشرط رفع الراية إسلاميّة لدفع مثلا اعتداء هؤلاء الكفّار الّذين اجتمعوا من كلّ جانب و صوب للاعتداء على بلاد المسلمين و هي العراق ، فها هنا يجب على الدّول الإسلاميّة أن ينصروا الشّعب المعتدى عليه من الكفّار و أن لا يفكّروا أنّ هذا الشّعب هل دولته ترفع راية الإسلام أم لا لأنّنا في هذه الحالة نريد أن ننقذ الشّعب المسلم من سيطرة ذاك الكافر أو أولئك الكفّار فهنا يجب على المسلمين جميعا أن ينفروا كافّة . و الحقيقة أنّ من آثار هذه الفتنة الّتي ألمّت بالمسلمين في هذا العصر و الّتي لا نعلم لها مثيلا في التّاريخ الإسلامي كلّه إنّما آثار هذه الفتنة أنّ المسلمين يختلط ليهم الحقّ بالباطل و يختلط عليهم الواجب بما لا يجب بل بما لا يجوز سبب هذا يعود إلى أمرين اثنين . الأمر الأوّل يتعلّق بعامّة المسلمين و ذلك أنّهم بعيدون كلّ البعد عن التّفقّه في الدّين و السّبب الآخر يتعلّق ليس بعامّة المسلمين بل بخاصّتهم أولئك الخاصّة المفروض أنّهم يدرسون ما حلّ بالمسلمين من الفتن على ضوء ما جاء في الكتاب و السّنن و ذلك هو الّذي يساعدهم أن يتعرّفوا على الحكم الشّرعي فيما نزل بالمسلمين . و لا بأس في أن نذكّركم بحديث و حكم شرعيّ أمّا الحديث فهو قوله عليه الصّلاة و السّلام ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال أن تمنعه عن الظّلم فذاك نصرك إيّاه ) فمناصرة المسلمين بعضهم لبعض على هذا التّفصيل المذكور في هذا الحديث الصّحيح هو مع الأسف من الأمور الّتي أصبحت في العالم الإسلامي نسيا منسيّا و غلبت عليهم في كثير من الأحيان العصبيّة القبليّة أو البلديّة و هذا ما أصاب كثيرا من المسلمين حينما وقعت الفتنة الأولى و هي اعتداء العراق على الكويت فقد انقسم المسلمون على أنفسهم إلى فريقين ، فريق يحسّن هذا الإعتداء و هو اعتداء ظاهر و فريقا يستنكره و قد كنّا و لا نزال مع هذا الفريق المستنكر لأنّه يخالف نصوصا من الشّرع واضحة بيّنة و منها الآية الكريمة الّتي لا تخفى على أحد ألا و هي قوله تبارك و تعالى (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) . كان الواجب على الدّول الإسلاميّة و كان ينبغي أن نقول كان الواجب على الدّولة المسلمة لكن مع الأسف لم يكن و عسى أن يكون قريبا الدّولة المسلمة و إنّما هناك دول إسلاميّة شعوبها مسلمة أمّا حكوماتها فقد تكون في واد و الشّعوب في واد آخر و لكن ذلك لا يخرج هذه الشّعوب المسلمة من دائرة الإسلام فهي شعوب إسلاميّة . أقول كان الواجب على الدّولة المسلمة أن تطبّق نصّ هذه الآية الكريمة (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )) إلى آخره لكن لم يكن هناك إلاّ دول و دول مسلمة أكثر أحكامها أو على الأقلّ كثير من أحكامها مخالفة للإسلام فكان أمرا طبيعيّا جدّا أن لا يتمكّن أو أن لا يقوم دولة من هذه الدّول لتطبيق الآية السّابقة (( فأصلحوا بينهما )) فإن لم يتحقّق الصّلح (( فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) لم يقم و لا دولة مسلمة بتطبيق هذه الآية الكريمة ذلك لأنّه لم يكن هناك دولة قد قامت بأحكام الإسلام كلّيّا و منها قوله تعالى (( و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله و عدوّكم ))...وقعت الفتنة الثّانية ألا و هي إحلال أكبر دولة كافرة و طاغية إحلالها في الدّيار الإسلاميّة العربيّة الّتي لم يسبق في التّاريخ الإسلامي أن وطأتها مثل هذه الأقدام فاستعانت الدّولة السّعوديّة بالدّولة الأمريكيّة و أحلّوهم باختياهم كما يزعمون و ليس لنا إلاّ أن نتمسّك بما ينطقون أحلّوهم ديارهم برضاهم بل و بطلب منهم كانت هذه هي الفتنة الثّانية و ادّعوا أنّ هذه الاستعانة كانت للضّرورة لدفع ما قد يقع من اعتداء ثان من المعتدي الأوّل على الدّولة الكويتيّة فتحفّظا لمنع مثل هذا الاعتداء الثّاني وقعت الدّولة السّعوديّة في ما هو أخطر ممّا كانوا يتوهّمون أنّه سيقع و هو إدخالهم للأمريكان و البريطان في بلاد الإسلام دون أن تراق من هؤلاء الكفّار قطرة دم و دون أن يدفعوا الجزية عن يد و هم صاغرون كما هو المفروض بالنّسبة للدّولة المسلمة الّتي تحكم بما أنزل الله أن تفرض الجزية على الكفّار أعداء الإسلام و المسلمين لكن مع الأسف الشّديد كان الأمر على العكس من ذلك فقد دفع السّعوديّون بدل أن يأخذوا دفعوا الملايين و الملايين كما تسمعون و تعلمون لإمداد هؤلاء الكفّار في سبيل ماذا ؟ في سبيل مقاتلة المسلمين في بلاد العراق و كانت قديما كما تعلمون دار الخلافة العبّاسيّة و استمرّ الإسلام هناك يعمل عمله قرونا طويلة فكنّا نقول من قبل لا يجوز مناصرة العراق لأنّها اعتدت على الكويت و لكن صدق الله العظيم حينما قال في هؤلاء الكفّار المجرمين (( و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين )) حيث أنّهم استطاعوا أن يجمعوا حولهم كثيرا من الدّول الكافرة و لا غرابة في ذلك فقديما قيل " إنّ الطّيور على أشكالها تقع " و لكنّ الغرابة كلّ الغرابة أنّهم استطاعوا بمكرهم المشار إليه أن يضمّوا إليهم كثيرا من الدّول الإسلاميّة . ماذا كانت العلّة الّتي ركنوا إليها و استطاعوا أن يقنعوا تلك الدّول الإسلاميّة أو الحكومات الإسلاميّة استطاعوا أن يقنعوها بأن ينضمّوا إليهم في سبيل مقاتلة العراق زعموا أنّ المقصود من هذا الجمع الخطير هو إعادة العراق إلى حدودها و تسليم الكويت إلى أهلها . كنّا نظنّ أنّ هذه الدّعوة هي دعوة صادقة و أنّها لو تحقّقت لتمنّينا ذلك ولكن لا يكون ذلك من دول الكفر و إنمّا أن يكون من المسلمين أنفسهم تحقيقا منهم للآية السّابقة (( فأصلحوا بينهما )) الخطاب بلا شكّ كما لا ريب فيه إنّما هو للمسلمين (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )) لكن مع الأسف الّذين تولّوا فيما ادّعوا و ليس فيما فعلوا بعد الّذين حاولوا إعادة البلاد الكويتية لأصحابها و إرجاع المعتدي إلى أرضه هم هؤلاء الكفّار و الّذين انضمّوا إليهم من الحكومات الإسلاميّة فماذا كان نتيجة هذا المكر ظهر ذلك و تبيّن لكلّ ذي عينين و لو كانت هاتان العينان لا بصيرة لهما أعني بذلك حتّى الكفّار تبيّن لهم أنّ هذا التّكتّل و هذا التّجمّع لم يكن حقيقة لإخراج العراق من الكويت إنّما لتحطيم العراق و هذا أمر لا يحتاج إلى شرح لأنّ الإذاعات و الجرائد و المجلاّت و كل ّوسائل الإعلام قد أجمعت على هذه الحقيقة حتّى الكفّار أنفسهم في هذه الحالة الآن نقول يجب على من بقي من الدّول الإسلاميّة لم يتورّطوا أن ينضمّوا إلى من يسمّونهم بالحلفاء وجب على هذه الدّول الإسلاميّة الباقية على الحياد أن يقاتلوا الكفّار الّذين يحاربون الآن العراقيّين ، فعلى هذه الدّول و لا أقول الأفراد لوحدهم و إنّما على الدّول بجيوشها النّظّاميّة المتمرّنة و المتمرّسة على القتال في الآلات الحديثة المناسبة لمثل هذا الغزو على هؤلاء الدّول أن يبادروا إلى الإنضمام إلى العراق لمقاتلة الكفّار الّذين تبيّنت نيّتهم أنّها تحطيم الشّعب العراقي و القضاء عليه . هذا الحكم الّذي انتهيت إليه الآن يتعلّق بتلك المسألة الفقهيّة الّتي أشرت إليها في مطلع كلمتي هذه حين قلت سأتحدّث إليكم بحديث و مسألة فقهيّة الحديث ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) الآن العراق مظلوم كان من قبل ظالما للكويتييّن أمّا الآن صار مظلوما من دول الكفر ما أدري عددها عشرون أو أكثر ، و انضمّ إليهم بعض الدّول الإسلاميّة فالعراق اليوم مظلوم و يجب مناصرته . و حينما أقول هذا الكلام فلا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد السّامعين له أنّنا نعني مناصرة حزب البعث أو مناصرة شخص بعينه ، لا . هذا لا يجوز إسلاميّا و إنّما يجب أن نناصر الشّعب العراقيّ و أن ندفع عنهم هذه الدّول الّتي استعملت كلّ وسائل التّدمير و صبّتها على العراق و الجيش العراقي لا يزال في الكويت . لو أنّهم كانوا صادقين فيما أشاعوا في أوّل الأمر و رجع العراق إلى حدوده و عادت الدّولة الكويتيّة إلى أصحابها لانتهت المشكلة و لكن مع الأسف الشّديد لقد استغلّت هذه الدّعوة الكافرة بأنّهم يريدون مناصرة الشّعب الكويتي على العراق تبيّن أنّ قصدهم هو تحطيم الشّعب العراقي لذلك يجب مناصرتهم على أعدائهم المهاجمين لهم . أمّا المسألة الفقهيّة فهي تلفت النّظر أنّ المسلم يجب أن يكون واقعيّا و أن لا يكون تفكيره جامدا مثله كمثل بعض الأمور الفقهيّة ، الخمر حينما يكون خمرا فنحن ننهى عنه لأنّ الشّارع حرّمه في آياته و في أحاديث نبيّه و لكنّ الخمر هذه لو أنّها تحوّلت و تخلّلت صارت خلاّ لا يجوز للمسلم أن يضلّ المسلم عند قوله السّابق أنّ هذا الشّراب حرام شربه ذلك لأنّه تطوّر و صار شيئا آخر غير الحقيقة السّابقة . كان خمرا فصار خلاّ ، كان محرّما فصار حلالا و على ذلك فقيسوا من عند أنفسكم مسائل كثيرة و كثيرة جدّا من أشهرها أنّ الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام مطهّر و طاهر و نجس و لكن قد يعرض لهذه الأنواع ما يخرجها عن حكمها . مثلا الماء المطهّر و هو بواقعه طاهر قد يخرج عن كونه مطهّرا و يظلّ طاهرا ثمّ في بعض الأحيان قد يخرج عن كونه طاهرا فيصبح نجسا ، هذا الماء الّذي تنجّس قد يتطوّر و يتحوّل بما يكثر عليه من الماء أي بالمكاثرة بالماء الطّاهر فينقلب إلى طاهر بعد أن كان نجسا و هكذا يجب على الفقيه المسلم أن يعطي لكلّ حكم حكمه و أن لا يظلّ عند الحكم الأوّل و قد دخل فيه ما يقتضي أن يتغيّر . قلت في جملة ما قلت آنفا أنّه يجب على الدّول الإسلاميّة أن يناصروا الشّعب العراقي و تحفّظت و قلت و ليس على الأفراد أعني بذلك أنّ حماس الأفراد الّذي شاهدناه في أوّل الفتنة و بخاصّة الآن هؤلاء لا ينبغي أن يفكّروا بمناصرة العراق فرديّا و إنّما عليهم أن يحملوا دولهم على أن يكونوا معهم في مناصرة العراق على أعدائهم الذين سمّوا بالحلفاء. و السّبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين ، الأمر الأوّل شرعيّ و الأمر الثّاني الواقع هو الّذي يفرضه . أمّا الشّرع فنحن نعلم من السّنّة الصّحيحة أّنّ المسلمين الّذين كانوا يقاتلون الكفّار في العهود الأولى حتّى في العصر النّبوي كانت كلّ قبيلة تقاتل أفرادها مع قبيلتها ، فالمهاجرون مع المهاجرين و الأنصار مع الأنصار تجمعهم دائرة الإسلام . فلماذا كان هذا ؟ لأنّ لكلّ قبيلة عاداتها و تقاليدها الّتي لا تختلف مع الإسلام . فالتّفاهم و اللّغة و نحو ذلك كلّ هذا ممّا يتعلّق بالتّنظيم للجهاد الإسلامي فإذا ذهبت دولة ما بشعبها للجهاد فتكون لهم رايتهم الخاصّة بهم و أفراد شعبهم يفهمون أساليبهم و يفهمون لغتهم و نحو ذلك ، هذا هو السّبب الأوّل و هو الشّرعي . أمّا الأمر الّذي يقتضيه الواقع فالافراد حينما يذهبون إلى هناك فسينضمّون إلى نظام أوّلا لا عهد لهم به و لا معرفة منهم به ، و ثانيا قد يحول بينهم زو بين القيام بكثير من الواجبات العينيّة الفرديّة لأنّهم ما اعتاد ذلك النّظام أن يعيش في نظام الإسلام الّذي يلزم المسلمين أن يحافظوا على شريعة الإسلام و على أحكام الدّين و لو في ساعة العسرة و لو في ساعة الحرب من ذلك مثلا لعلّكم جميعا تعلمون من كتب الفقه و من كتب الحديث صلاة تسمّى بصلاة الخوف ، صلاة الخوف هذه لها نوعيّة خاصّة و لها صفة خاصّة و ما أظنّ إلاّ أنّ أكثر أفراد المسلمين لا يعرفون حقيقة هذه الصّلاة الّتي تسمّى بصلاة الخوف و في ظنّي أنّ هؤلاء الأفراد إذا ما ذهبوا للقتال لتحقيق هذه المناصرة و هو الآن فرض عين على كلّ من يستطيع أن يحمل السّلاح و يستطيع أن يدافع عن تلك البلاد الإسلاميّة هؤلاء الّذين قد يذهبون بهذه النّيّة إذا لم تكن هناك دولة تنظّم شؤونهم فسيضيّعون من الواجبات أكثر من تحقيق هذا الواجب الذي ذهبوا إليه ، بمعنى قال تعالى (( إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتابتا موقوتا )) و من ذلك أنّ صلاة الخوف لا تسقط فرضيّة المحافظة على الوقت حتّى في صلاة الخوف ، حتّى في الحرب ، في القتال . و في ظنّي إذا كان هؤلاء الأفراد من المسلمين لايجمعهم نظام إسلامي يحكمهم و ينظّم شؤونهم ستكون خسارة هؤلاء الأفراد فيما إذا ما ذهبوا هناك لتحقيق فرض أنّه يضيّعوا مقابله فروضا كثيرة و كثيرة جدّا و لعلّه ممّا يقرّب إليكم هذه الصّورة الّتي لا ينبغي أن تكون واقعة أنّ كثيرا ممّن يذهبون إلى الحجّ لأداء فريضة الحجّ فريضة الإسلام ما حجّ مطلقا فهو يريد أن يؤدّي هذا الفرض العيني و إذا به بسبب جهله و عدم معرفته بوجوب المحافظة على أداء كلّ صلاة في وقتها فهو يضيّع كثيرا من الصّلوات في سبيل تحقيق هذا الواجب ألا و هو الحجّ إلى بيت الله الحرام . إذا كان المسلم يريد أن يؤدّي ركنا كهذا الرّكن الحجّ و لكن يضيّع في سبيل ذلك الرّكن أركانا فهذا خير له أن يبقى في داره في بلده محافظا على صلواته يؤدّي كلّ صلاة منها في وقتها هذا خير له من أن يؤدّي صلوات عديدة في سبيل أداء ركن من أركان الإسلام ألا و هو الحجّ إلى بيت الله الحرام لذلك و لريثما يتوفّر للشّعب العراقي من يناصر هذا الشّعب من الحكومات الإسلاميّة فعليكم أنتم الآن أن تجاهدوا أنفسكم و لا أن تستسلموا لعواطفكم و أن يذهب كلّ منكم لا يلوي على شيء سوى يريد أن يجاهد هناك و هو إذا وصل هناك ضاع و انماع و أضاع كثيرا من الأحكام الشّرعيّة كما ألمحنا إلى ذلك آنفا فعلينا و الحالة هذه أن نعنى بجهاد النّفس الّذي هو في الحقيقة لا يكون المسلم مجاهدا في سبيل الله إلاّ إذا جاهد هواه و عليه أن يمرّن نفسه على مجاهدة هواه و هو في عقر داره كما قال عليه الصّلاة و السّلام ( المؤمن من جاهد هواه لله ) و لينظر كلّ فرد منّا ههنا فسيجد نفسه مقصّرا بالقيام بكثير من الواجبات العينيّة و لذلك فليتدارك أمره و ليحسن توبته و أوبته إلى الله عزّ وجلّ ليحقّق نوع من الجهاد لعلّه بعد ذلك إذا جاء وقت الجهاد في سبيل مناصرة العراق على أولئك الكفّار حينئذ يتمكّن من تمرّن على الجهاد في عقر داره أن يجاهد في سبيل الله عزّ وجلّ خارج بلده و يبقى شيء لابدّ منه و الحالة كما ذكرنا أن أذكّر الحاضرين بقوله عليه الصّلاة و السّلام ( إنّما تنصرون و ترزقون بضعفائكم بدعائهم و إخلاصهم ) فإذا كنّا ضعفاء الآن لا نستطيع كأفراد أن نناصر شعب العراق فعلى الأقلّ أن ندعو لهم و نخلص لهم في الدّعاء و بخاصّة في القنوت في الصّلوات الخمس كما يفعل كثير من أئمّة المساجد اليوم و لكنّ المهمّ أن نخلص في الدّعاء إلى الله عزّ و جلّ لعلّ الله عزّ وجلّ يعيد هؤلاء الكفّار مهزومين و يجعل الشّعب العراقي منصورين كما نرجو ذلك من ربّ العالمين .
أبو مالك : جزاك الله خيرا .
2 - ما شروط الراية التي ترفع ويكون من واجب المسلمين نصرها حتى لا نقع في نص الحديث ( من قاتل تحت راية عُميَة .. فقتلته جاهلية ).؟ أستمع حفظ
هل مايجري الآن في العراق فتنة يجب الابتعاد عنها أو يجوز الانضمام مع المسلمين لقتال الكفار .؟
أبو مالك : يسأل سائل يقول هذه الحرب الدّائرة الآن و هذا الوضع الّذي يعيشه المسلمون أهو فتنة يجب على المسلم فيها أن يلزم بيته و يكفّ لسانه عن الكلام فيها ؟ أم أنّه يجب عليه أن يشارك في هذه الحروب أو هذه الحرب من جهة المسلمين ضدّ الكافرين من كلا الطّرفين ؟ نرجوا توضيح الإجابة و جزاكم الله خيرا .
الشيخ : أظنّ أنّ هذا سبق الجواب عليه .
أبو مالك : أي نعم .
الشيخ : ما فيه شيء جديد و خلاصة ما سبق قد ذكرنا لكم في كلمات مضت و أشرت إلى بعضها من قبل لمّا ثارت الفتنة كنّا ذكّركم بقوله عليه السّلام ( كونوا أحلاس بيوتكم ) لأنّ الفتنة كانت بين فتنة اعتدى مسلم على مسلم و فتنة أخرى جلبت الكفّار إلى بلاد المسلمين و كان يومئذ يخشى أن تقع الفتنة بين المسلمين أنفسهم فكنّا نقدّم إليكم قوله عليه السّلام في بعض أحاديث الفتنة ( كونوا أحلاس بيوتكم ) لأنّ كلاّ من الطّائفتين مخالف للشّرع الّذي بغى على جاره و الّذي جلب الكفّار إلى داره فلا ينبغي أن نكون لا مع هؤلاء و لا مع هؤلاء . أمّا الآن و قد تطوّر الوضع الّذي كان في أوّل الأمر و تألّب الكفّار كلّهم على المسلمين في العراق هنا لا نقول ( كونوا أحلاس بيوتكم ) إلاّ في حالة الأفراد كما قلنا . أمّا إذا تقدّمت دولة إسلاميّة لتعين العراقيّين على أعدائهم فحينئذ يجب أن نكون جميعا كلّ من يستطيع أن يجاهد معهم . فهذا كان خلاصة ما تكلّمت آنفا و هذا السّؤال جوابه ما تقدّم .
الشيخ : أظنّ أنّ هذا سبق الجواب عليه .
أبو مالك : أي نعم .
الشيخ : ما فيه شيء جديد و خلاصة ما سبق قد ذكرنا لكم في كلمات مضت و أشرت إلى بعضها من قبل لمّا ثارت الفتنة كنّا ذكّركم بقوله عليه السّلام ( كونوا أحلاس بيوتكم ) لأنّ الفتنة كانت بين فتنة اعتدى مسلم على مسلم و فتنة أخرى جلبت الكفّار إلى بلاد المسلمين و كان يومئذ يخشى أن تقع الفتنة بين المسلمين أنفسهم فكنّا نقدّم إليكم قوله عليه السّلام في بعض أحاديث الفتنة ( كونوا أحلاس بيوتكم ) لأنّ كلاّ من الطّائفتين مخالف للشّرع الّذي بغى على جاره و الّذي جلب الكفّار إلى داره فلا ينبغي أن نكون لا مع هؤلاء و لا مع هؤلاء . أمّا الآن و قد تطوّر الوضع الّذي كان في أوّل الأمر و تألّب الكفّار كلّهم على المسلمين في العراق هنا لا نقول ( كونوا أحلاس بيوتكم ) إلاّ في حالة الأفراد كما قلنا . أمّا إذا تقدّمت دولة إسلاميّة لتعين العراقيّين على أعدائهم فحينئذ يجب أن نكون جميعا كلّ من يستطيع أن يجاهد معهم . فهذا كان خلاصة ما تكلّمت آنفا و هذا السّؤال جوابه ما تقدّم .
3 - هل مايجري الآن في العراق فتنة يجب الابتعاد عنها أو يجوز الانضمام مع المسلمين لقتال الكفار .؟ أستمع حفظ
إذا نشبت الحرب بين العراقيين والأحلاف ومن المعلوم أن الكفار سيقدمون المسلمين المتعاونين معهم في المقدمة ، وسيقع القتل بين الفئتين المسلمين فأيهما توصف بالشهادة .؟
أبو مالك : و له تتمّة الحقيقة السّؤال أو السّؤالين الّذي هو إذا حدث القتال و معلوم بأنّ الكفّار من دهائهم و مكرهم أنّهم لا يواجهون العراقيّين في القتال و إنّما يقدّمون بين أيديهم المسلمين ، يقدّمون المصريّين و الباكستانيّين و القطريّين و غيرهم من المقاتلين الّذين يشتركون معهم في هذه المعركة ، فلا شكّ أنّ المعركة ستبدأ بين الفريقين بمقتلة بين المسلمين من هؤلاء و هؤلاء ، فهل يعدّ القتلى من الطّرفين أو من طرف واحد و أيّ الطّرفين من الشّهداء ؟
الشيخ : أوّلا من هم الشّهداء ؟ فنحن نقول علمهم عند الله لأنّ الشّهادة لا تنطوي تحت مجرّد القتال و لو قتال المسلم للكفّار و إنّما تتحقّق الشّهادة بأن تكون النّيّة للجهاد في سبيل الله و ليس في سبيل دفاع عن أرض إلاّ لتكون أرضا إسلاميّة يطبّق فيها شرع الله تبارك و تعالى ، فكما جاء في بعض الرّوايات عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و لكن فيها رجل من الرّواة ضعيف الحفظ و هو عبد الله بن لهيعة القاضي ، " لا تشرب يا غلام بيدك اليسرى " ، الشّاهد جاء في حديث في إسناده عبد الله بن لهيعة المعنى جميل جدّا لكن ما نستطيع أن نقول قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لأنّه لم يرد من طريق ثقة حافظ ضابط ما هو لفظ الحديث ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و هذا المعنى صحيح يشهد له ما جاء في صحيح البخاري من قصّة ذلك الرّجل أظنّ اسمه قزمان أو ماذا ؟
الحلبي : قزمان .
الشيخ : الاسم ليس في صحيح البخاري أمّا القصّة فهي في صحيح البخاري أنّ رجلا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم قاتل قتالا شديدا حتّى عجب الصّحابة من شدّة قتاله فسارعوا إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقولوا له فلان يقاتل كذا و كذا فكان جوابه عليه السّلام ( هو في النّار ) و هكذا القصّة فيها شيء من الطّول و خلاصتها ثلاث مرّات الصّحابة يعودون إلى الرّسول متعجّبين من شدّة قتاله و استبساله و جواب الرّسول لا يتغيّر ( هو في النّار ) و أخيرا رجل من أصحابه عزم على أن يكون لهذا المقاتل و لا أقول الآن مجاهد أن يكون صاحبه ليراقبه فكان عاقبة هذا المقاتل أنّ الجراحات كثرت عليه و لم يصبر عليها فوضع رأس السّيف على بطنه و اتّكأ عليه حتّى خرج من ظهره و مات ، فسارع الرّجل الّذي كان مصاحبا له إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقول له يا رسول الله فلان الّذي قلت فيه كذا و كذا فعل كذا و كذا فقال عليه الصّلاة و السّلام ( الله أكبر صدق الله و رسوله إنّ الله لا ينصر هذا الدّين بالرّجل الفاجر و إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجّنّة فيما يبدوا للنّاس و هو من أهل النّار ) إذا صدق قول بن لهيعة فيما رواه ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و لذلك نحن لا نستطيع أن نقول لو رفعت راية الجهاد في سبيل الله و في مقاتلة أعداء الله أنّ كلّ من وقع قتيلا فهو في شهيد نحن نتمنّى ذلك و نعامله معاملة الشّهداء لا نصلّي عليه و لا نغسّله و لا نكفّنه و ندفنه في ثيابه و دمائه ، هذا حكم دنيوي ، أمّا في الآخرة فالله أعلم بنيّته . هذا لو كان هناك مجتمع إسلامي و جهاد إسلامي فكيف بنا اليوم و كثير من النّاس لا يصلّون و مع ذلك يزعمون بأنّهم يريدون أن يجاهدوا . إذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نقول إنّ في صفّ الّذين يقاتلون الكفّار من مات فهو شهيد أو ليس بشهيد . كذلك من مات من المسلمين و هو يقاتل مع الكفّار المسلمين أولى و أولى أن لا نقول إنّه شهيد و لكنّنا نقول المسلمون الّذين يقاتلون مع الكفّار اليوم العراقيّين هؤلاء مخطؤون أشدّ الخطأ ثمّ الله أعلم بنيّاتهم . قد يكونوا مغرورين ، قد يكون بعضهم مجتهدا اجتهادا خاطئا أمّا الطّرف الآخر الّذي يدافع الآن عن بلاده المسلمة فهؤلاء على حقّ كذلك نقول فالله أعلم بنيّاتهم و لذلك فلا ينبغي أن نتعمّق بمثل هذا السّؤال هل كلّ من الفريقين شهداء ؟ نحن نقول الفريق الّذي الحقّ معه إذا كان يقصد الجهاد في سبيل الله فهو شهيد أمّا إن كان لا يقصد ذلك فهو قتيل و ليس بشهيد .
الشيخ : أوّلا من هم الشّهداء ؟ فنحن نقول علمهم عند الله لأنّ الشّهادة لا تنطوي تحت مجرّد القتال و لو قتال المسلم للكفّار و إنّما تتحقّق الشّهادة بأن تكون النّيّة للجهاد في سبيل الله و ليس في سبيل دفاع عن أرض إلاّ لتكون أرضا إسلاميّة يطبّق فيها شرع الله تبارك و تعالى ، فكما جاء في بعض الرّوايات عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و لكن فيها رجل من الرّواة ضعيف الحفظ و هو عبد الله بن لهيعة القاضي ، " لا تشرب يا غلام بيدك اليسرى " ، الشّاهد جاء في حديث في إسناده عبد الله بن لهيعة المعنى جميل جدّا لكن ما نستطيع أن نقول قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لأنّه لم يرد من طريق ثقة حافظ ضابط ما هو لفظ الحديث ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و هذا المعنى صحيح يشهد له ما جاء في صحيح البخاري من قصّة ذلك الرّجل أظنّ اسمه قزمان أو ماذا ؟
الحلبي : قزمان .
الشيخ : الاسم ليس في صحيح البخاري أمّا القصّة فهي في صحيح البخاري أنّ رجلا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم قاتل قتالا شديدا حتّى عجب الصّحابة من شدّة قتاله فسارعوا إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقولوا له فلان يقاتل كذا و كذا فكان جوابه عليه السّلام ( هو في النّار ) و هكذا القصّة فيها شيء من الطّول و خلاصتها ثلاث مرّات الصّحابة يعودون إلى الرّسول متعجّبين من شدّة قتاله و استبساله و جواب الرّسول لا يتغيّر ( هو في النّار ) و أخيرا رجل من أصحابه عزم على أن يكون لهذا المقاتل و لا أقول الآن مجاهد أن يكون صاحبه ليراقبه فكان عاقبة هذا المقاتل أنّ الجراحات كثرت عليه و لم يصبر عليها فوضع رأس السّيف على بطنه و اتّكأ عليه حتّى خرج من ظهره و مات ، فسارع الرّجل الّذي كان مصاحبا له إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقول له يا رسول الله فلان الّذي قلت فيه كذا و كذا فعل كذا و كذا فقال عليه الصّلاة و السّلام ( الله أكبر صدق الله و رسوله إنّ الله لا ينصر هذا الدّين بالرّجل الفاجر و إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجّنّة فيما يبدوا للنّاس و هو من أهل النّار ) إذا صدق قول بن لهيعة فيما رواه ( ربّ قتيل بين الصّفّين الله أعلم بنيّته ) و لذلك نحن لا نستطيع أن نقول لو رفعت راية الجهاد في سبيل الله و في مقاتلة أعداء الله أنّ كلّ من وقع قتيلا فهو في شهيد نحن نتمنّى ذلك و نعامله معاملة الشّهداء لا نصلّي عليه و لا نغسّله و لا نكفّنه و ندفنه في ثيابه و دمائه ، هذا حكم دنيوي ، أمّا في الآخرة فالله أعلم بنيّته . هذا لو كان هناك مجتمع إسلامي و جهاد إسلامي فكيف بنا اليوم و كثير من النّاس لا يصلّون و مع ذلك يزعمون بأنّهم يريدون أن يجاهدوا . إذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نقول إنّ في صفّ الّذين يقاتلون الكفّار من مات فهو شهيد أو ليس بشهيد . كذلك من مات من المسلمين و هو يقاتل مع الكفّار المسلمين أولى و أولى أن لا نقول إنّه شهيد و لكنّنا نقول المسلمون الّذين يقاتلون مع الكفّار اليوم العراقيّين هؤلاء مخطؤون أشدّ الخطأ ثمّ الله أعلم بنيّاتهم . قد يكونوا مغرورين ، قد يكون بعضهم مجتهدا اجتهادا خاطئا أمّا الطّرف الآخر الّذي يدافع الآن عن بلاده المسلمة فهؤلاء على حقّ كذلك نقول فالله أعلم بنيّاتهم و لذلك فلا ينبغي أن نتعمّق بمثل هذا السّؤال هل كلّ من الفريقين شهداء ؟ نحن نقول الفريق الّذي الحقّ معه إذا كان يقصد الجهاد في سبيل الله فهو شهيد أمّا إن كان لا يقصد ذلك فهو قتيل و ليس بشهيد .
4 - إذا نشبت الحرب بين العراقيين والأحلاف ومن المعلوم أن الكفار سيقدمون المسلمين المتعاونين معهم في المقدمة ، وسيقع القتل بين الفئتين المسلمين فأيهما توصف بالشهادة .؟ أستمع حفظ
ما حكم من يجاهد وهو لا يصلي إذا مات في هذا الجهاد.؟
أبو مالك : ذكرتم في أثناء الكلام بأنّ بعض الّذين يقاتلون و يقولون بأنّنا نقاتل في سبيل الله لا يصلّون .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : فهنا يعرض سؤال و هو إذا كان هناك جهاد في سبيل الله تحت راية لا إله إلاّ الله و خرج المسلمون ملبّين داعي الجهاد و كان منهم من لا يصلّي و كان يحرص على نيل الشّهادة و أراد بقتاله أو بجهاده إعلاء كلمة الله و كتب له أن يقتل في هذه المعركة و هو متوجّه لإعلاء كلمة الله لكنّه لا يصلّي فماذا يقال فيه ؟
الشيخ : يقال فيه أنّ تارك الصّلاة كما هو معلوم لدى جميع علماء المسلمين ما بين مكفّر له مخرجا له عن الملّة و ما بين مفسّق له يخشى أن يموت على غير الملّة فمثل هذا لا أتصوّره يكون مجاهدا لأنّني لا أتصوّر إنسانا مثالا ماديّا واضح جدّا إنسانا إذا قيل له افعل ، ارفع هذا الوزن الخفيف يقول أنا أريد أن أرفع ما هو أثقل منه و فوق طاقة الإنسان العادي هذا لا يصدّق . هذا يقال له ارفع هذا الوزن الخفيف لنؤمن مقدّما بأنّك قد تستطيع أن ترفع الوزن الثّقيل فلا يمكننا أن نتصوّر مسلما عاش ما شاء الله دهرا طويلا أو قصيرا أقلّ شيء أدركته الصّلوات الخمس و هو في أرض المعركة ثمّ هو لا يصلّي كيف يكون هذا مجاهدا في سبيل الله! وهو لا يجاهد هواه في طاعة الله في ما هو أهون على النّفس الأمّارة بالسّوء من أن يضع كما يقال في بعض البلاد دمه في كفّه على كفّه و لذلك فأنا لا أتصوّر من كان ظاهرا في تركه للصّلاة أن يكون مجاهدا حقّا في سبيل الله ضدّان لا يجتمعان أبدا و إذا كان النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم يقول ( يغفر للمجاهد كلّ ذنب إلاّ الدّين ) و الدّين له أحكام في بعض الأحوال يؤدّيها ربّنا عنه فكيف يكون حال هذا الّذي يترك الصّلاة و الله عزّ وجلّ قد ألهم نبيّه صلّى الله عليه و سلّم في موضوع آخر أن يقول ( ودين الله أحقّ أن يقضى ) لذلك لا أتصوّر وجود مجاهد حقّا في سبيل الله و مقابل هذا إنّه تارك للصّلاة لله هذا أمر لا يتصوّر .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : فهنا يعرض سؤال و هو إذا كان هناك جهاد في سبيل الله تحت راية لا إله إلاّ الله و خرج المسلمون ملبّين داعي الجهاد و كان منهم من لا يصلّي و كان يحرص على نيل الشّهادة و أراد بقتاله أو بجهاده إعلاء كلمة الله و كتب له أن يقتل في هذه المعركة و هو متوجّه لإعلاء كلمة الله لكنّه لا يصلّي فماذا يقال فيه ؟
الشيخ : يقال فيه أنّ تارك الصّلاة كما هو معلوم لدى جميع علماء المسلمين ما بين مكفّر له مخرجا له عن الملّة و ما بين مفسّق له يخشى أن يموت على غير الملّة فمثل هذا لا أتصوّره يكون مجاهدا لأنّني لا أتصوّر إنسانا مثالا ماديّا واضح جدّا إنسانا إذا قيل له افعل ، ارفع هذا الوزن الخفيف يقول أنا أريد أن أرفع ما هو أثقل منه و فوق طاقة الإنسان العادي هذا لا يصدّق . هذا يقال له ارفع هذا الوزن الخفيف لنؤمن مقدّما بأنّك قد تستطيع أن ترفع الوزن الثّقيل فلا يمكننا أن نتصوّر مسلما عاش ما شاء الله دهرا طويلا أو قصيرا أقلّ شيء أدركته الصّلوات الخمس و هو في أرض المعركة ثمّ هو لا يصلّي كيف يكون هذا مجاهدا في سبيل الله! وهو لا يجاهد هواه في طاعة الله في ما هو أهون على النّفس الأمّارة بالسّوء من أن يضع كما يقال في بعض البلاد دمه في كفّه على كفّه و لذلك فأنا لا أتصوّر من كان ظاهرا في تركه للصّلاة أن يكون مجاهدا حقّا في سبيل الله ضدّان لا يجتمعان أبدا و إذا كان النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم يقول ( يغفر للمجاهد كلّ ذنب إلاّ الدّين ) و الدّين له أحكام في بعض الأحوال يؤدّيها ربّنا عنه فكيف يكون حال هذا الّذي يترك الصّلاة و الله عزّ وجلّ قد ألهم نبيّه صلّى الله عليه و سلّم في موضوع آخر أن يقول ( ودين الله أحقّ أن يقضى ) لذلك لا أتصوّر وجود مجاهد حقّا في سبيل الله و مقابل هذا إنّه تارك للصّلاة لله هذا أمر لا يتصوّر .
إذا علمنا أنه شرط الراية في جهاد الطلب فما حكم ما يفعله بعض الأفراد من هجومات وتفجيرات في الدول الكافرة .؟
أبو مالك : نحن نعلم بأنّ الجهاد و بخاصّة إذا كان الجهاد لنشر الدّعوة و تبليغ الرّسالة لابدّ له من راية و لابدّ للمسلمين حتّى ينضووا تحت هذه الرّاية من أن يدعو صاحب هذه الرّاية و هو الإمام أو الحاكم أن يدعو الأمّة إلى الجهاد في سبيل الله ، لكنّنا كما نرى أنّ بلاد المسلمين على ما هي عليه من تفرّق و خلاف و تشتّت و الرّايات كثيرة فحتّى يلتأم شمل المسلمين على راية واحدة فهذا يحتاج إلى زمن طويل و ربّما لا يكون في مثل أو في الجيل الحاضر أو الأجيال الحاضرة و الآتية القريبة ربّما يحتاج إلى زمن طويل . فكثير من الشّباب المسلم المتوقّد حماسة ، الملتهب يعني شوقا لأن يرى دينه منصورا مرفوع الرّاية يستعجلون الأمر و يذهبون و يقومون بعمليّات فرديّة محضّة لا يخضعون فيها أو ربّما يفرّون حتّى من الأنظمة و الحكّام الّذين يحكمون تلك الدّيار خشية أن يقعوا في محظور فيؤاخذوا عليه فالّذي أقول أن يقوم جماعة من الشّباب مثلا بدخول أرض للكفّار أو أرض للمسلمين احتلّت من الكفّار من غير اذن الحاكم و ليس تحت راية واحدة و هم مخلصون و متوجّهون إلى الله و غايتهم أن يقاتلوا في سبيل الله فقتلوا فهل يكونون شهداء بهذه النّيّة أم لا ؟
الشيخ : أقول بالنّسبة لهؤلاء عملهم غير مشروع بلا شكّ لأنّه أعمال فرديّة لا تسمن و لا تغني من جوع أمّا هل يكونون شهداء فقد يكون نفس الجواب السّابق هو جوابنا مع ضميمة بسيطة و هي أنّهم إن كانوا عن علم و عن تفكير انطلقوا في عملهم هذا الفردي ليجاهدوا الكفّار فممكن إذا كان انطلاقهم عن علم و لو كان اجتهادهم خطأ يمكن أن يعتبروا شهداء و لكنّ الّذي أعلمه أنّ كثيرا من هؤلاء الشّباب الّذين ينطلقون مندفعين بحماس شديد جدّا لا يدرسون المسألة على ضوء الأحكام الشّرعيّة و إنّما هم يستسلمون لعواطفهم الجامحة و العواطف كما تعلمون جميعا إذا لم تكن مقيدة بأحكام الشرعية كان شرّها أكثر من خيرها فلا نرى ذلك إلاّ بهذا الشّرط و هو أن يكون مقرونا بالعلم و الاجتهاد .
أبو مالك : أنا الحقيقة أيضا سئلت هذا اليوم ، جائني بعض الإخوة و سألوني مثل هذا السّؤال فأجبت مثل هذا الجواب أو قريبا منه و ذكرت لهؤلاء الإخوان صورة أو أثرا من الآثار المترتّبة على مثل هذه العمليّات الفرديّة أنّ بعض الشّباب المتحمّسين الّذين يسيرون وراء قيادات لا نريد أن نتحدّث عن مشروعيّتها و عدم مشروعيّتها ، عن علمها أو جهلها ، هذا أمر لا نريده الآن و لكن أقول مثل هؤلاء يقاتلون أو يدخلون فربّما يحمل أحدهم خنجرا أو ربما لغما أو ربّما مسدّسا أو بندقيّة فيهجم على سيّارة أو على جماعة أو على فرد واحد فيقتله و يقتل ربّما اثنين أو ثلاثة ، الأثر السّريع لهذه العمليّة الّتي يسمّونها بالعمليّات الأثر السّريع هو أن تقوم بعض الطّائرات بقصف المخيّمات و التّجمّعات السّكّانيّة الّتي ليس عند أهلها شيء يدافعون به عن أنفسهم و إن كان فإنّ هذه الوسائل الدّفاعيّة لا تقدر على مقاومة هذه الطّائرات الّتي تفتك بالعشرات إن لم يكن بالمئات من الأبرياء الذين يسكنون هذه المخيّمات .
الشيخ : أقول بالنّسبة لهؤلاء عملهم غير مشروع بلا شكّ لأنّه أعمال فرديّة لا تسمن و لا تغني من جوع أمّا هل يكونون شهداء فقد يكون نفس الجواب السّابق هو جوابنا مع ضميمة بسيطة و هي أنّهم إن كانوا عن علم و عن تفكير انطلقوا في عملهم هذا الفردي ليجاهدوا الكفّار فممكن إذا كان انطلاقهم عن علم و لو كان اجتهادهم خطأ يمكن أن يعتبروا شهداء و لكنّ الّذي أعلمه أنّ كثيرا من هؤلاء الشّباب الّذين ينطلقون مندفعين بحماس شديد جدّا لا يدرسون المسألة على ضوء الأحكام الشّرعيّة و إنّما هم يستسلمون لعواطفهم الجامحة و العواطف كما تعلمون جميعا إذا لم تكن مقيدة بأحكام الشرعية كان شرّها أكثر من خيرها فلا نرى ذلك إلاّ بهذا الشّرط و هو أن يكون مقرونا بالعلم و الاجتهاد .
أبو مالك : أنا الحقيقة أيضا سئلت هذا اليوم ، جائني بعض الإخوة و سألوني مثل هذا السّؤال فأجبت مثل هذا الجواب أو قريبا منه و ذكرت لهؤلاء الإخوان صورة أو أثرا من الآثار المترتّبة على مثل هذه العمليّات الفرديّة أنّ بعض الشّباب المتحمّسين الّذين يسيرون وراء قيادات لا نريد أن نتحدّث عن مشروعيّتها و عدم مشروعيّتها ، عن علمها أو جهلها ، هذا أمر لا نريده الآن و لكن أقول مثل هؤلاء يقاتلون أو يدخلون فربّما يحمل أحدهم خنجرا أو ربما لغما أو ربّما مسدّسا أو بندقيّة فيهجم على سيّارة أو على جماعة أو على فرد واحد فيقتله و يقتل ربّما اثنين أو ثلاثة ، الأثر السّريع لهذه العمليّة الّتي يسمّونها بالعمليّات الأثر السّريع هو أن تقوم بعض الطّائرات بقصف المخيّمات و التّجمّعات السّكّانيّة الّتي ليس عند أهلها شيء يدافعون به عن أنفسهم و إن كان فإنّ هذه الوسائل الدّفاعيّة لا تقدر على مقاومة هذه الطّائرات الّتي تفتك بالعشرات إن لم يكن بالمئات من الأبرياء الذين يسكنون هذه المخيّمات .
6 - إذا علمنا أنه شرط الراية في جهاد الطلب فما حكم ما يفعله بعض الأفراد من هجومات وتفجيرات في الدول الكافرة .؟ أستمع حفظ
وهل ينطبق كلامكم الأول على إذا ما ضربت مصالح العدو في غير بلاد المسلمين .؟
السائل : هل ينطبق هذا على مصالح العدوّ في دول خارج بلاد المسلمين ؟
أبو مالك : هو كذلك ، شيخنا يجيب .
الشيخ : ينطبق و لا ينطبق ، يعني حالتان إذا كانت العمليّات هذه ضدّ الكفّار المحاربين بإذن من الدّولة الّتي تقع فيها هذه الحوادث فهذا من الواجب أمّا إذا لم يكن بإذن من الدّولة فهو الّذي أردت بقولي لا ينطبق . فيجوز و لا يجوز ، إذا كانت الدّولة الّتي فيها تلك المصالح الأجنبيّة و المحاربة للشّعب العراقي الدّولة هناك تأذن بهذه العمليّات فهذا واجب أمّا إذا كانت لا تأذن فسيكون شرّ هذه العمليّات كما أشار الأستاذ آنفا بالنّسبة لهذه العمليّات الفدائيّة هذه سيكون ضررها أكثر من نفعها ، خلاصة القول أنّه لا يجوز لكلّ فرد من أفراد المسلمين أن يؤمّر نفسه أن يجعل نفسه أميرا فيتصرّف كما يشاء و لا أقول كما يهوى لأنّ من وراء ذلك مفاسد كثيرة تترى الله أعلم بعاقبة أمرها . نعم .
أبو مالك : لعلّ من باب التّوضيح فقط شيخنا للأخ الكريم نضرب مثالا حتّى تكون الصّورة واضحة ، مثلا في اليونان أو في تركيا و هي طبعا تعتبر الآن يعتبرون الحكومة أو الدّولة التّركيّة يعتبرونها بأنها تقف مع أمريكا مثلا في القتال فلا ندري أوّلا من الّذي يقوم بهذه العمليّات هذه واحدة لأنّ كثيرا من الذين يقومون بهذه العمليّات لا يقومون انتصارا للعراق و إنّما هناك بعض الأمور الّتي يمكن أن تستغلّ في مثل هذا الظّرف لكي يقوم هؤلاء بنسف مثلا مكتب أو حافلة أو قتل شخص أو الاعتداء على سفارة أو نحو ذلك فهذا ربّما لا يكون له صلة بالموضوع الّذي نتحدّث عنه الآن هذه واحدة ، ثمّ أيضا نستوضح من شيخنا عندما قال بإذن من تلك الدّولة ، أنا طبعا من البديهي جدّا أنّ هذه الدّولة الّتي تقع فيها مثل هذه الحادثة لا يمكن أن تأذن بمثل هذا العمل حتّى و لو كانت هذه الدّولة تناصر العراق مثلا فهذه الصّورة شيخنا أتصوّر أنّها بعيدة الوقوع أو مستحيلة الوقوع .
الشيخ : على كلّ حال هذا هو الجواب الفقهي .
أبو مالك : هو كذلك ، شيخنا يجيب .
الشيخ : ينطبق و لا ينطبق ، يعني حالتان إذا كانت العمليّات هذه ضدّ الكفّار المحاربين بإذن من الدّولة الّتي تقع فيها هذه الحوادث فهذا من الواجب أمّا إذا لم يكن بإذن من الدّولة فهو الّذي أردت بقولي لا ينطبق . فيجوز و لا يجوز ، إذا كانت الدّولة الّتي فيها تلك المصالح الأجنبيّة و المحاربة للشّعب العراقي الدّولة هناك تأذن بهذه العمليّات فهذا واجب أمّا إذا كانت لا تأذن فسيكون شرّ هذه العمليّات كما أشار الأستاذ آنفا بالنّسبة لهذه العمليّات الفدائيّة هذه سيكون ضررها أكثر من نفعها ، خلاصة القول أنّه لا يجوز لكلّ فرد من أفراد المسلمين أن يؤمّر نفسه أن يجعل نفسه أميرا فيتصرّف كما يشاء و لا أقول كما يهوى لأنّ من وراء ذلك مفاسد كثيرة تترى الله أعلم بعاقبة أمرها . نعم .
أبو مالك : لعلّ من باب التّوضيح فقط شيخنا للأخ الكريم نضرب مثالا حتّى تكون الصّورة واضحة ، مثلا في اليونان أو في تركيا و هي طبعا تعتبر الآن يعتبرون الحكومة أو الدّولة التّركيّة يعتبرونها بأنها تقف مع أمريكا مثلا في القتال فلا ندري أوّلا من الّذي يقوم بهذه العمليّات هذه واحدة لأنّ كثيرا من الذين يقومون بهذه العمليّات لا يقومون انتصارا للعراق و إنّما هناك بعض الأمور الّتي يمكن أن تستغلّ في مثل هذا الظّرف لكي يقوم هؤلاء بنسف مثلا مكتب أو حافلة أو قتل شخص أو الاعتداء على سفارة أو نحو ذلك فهذا ربّما لا يكون له صلة بالموضوع الّذي نتحدّث عنه الآن هذه واحدة ، ثمّ أيضا نستوضح من شيخنا عندما قال بإذن من تلك الدّولة ، أنا طبعا من البديهي جدّا أنّ هذه الدّولة الّتي تقع فيها مثل هذه الحادثة لا يمكن أن تأذن بمثل هذا العمل حتّى و لو كانت هذه الدّولة تناصر العراق مثلا فهذه الصّورة شيخنا أتصوّر أنّها بعيدة الوقوع أو مستحيلة الوقوع .
الشيخ : على كلّ حال هذا هو الجواب الفقهي .
ما موقف الشباب المسلم الآن مع حكامهم الذين لا يحكمون بما أنزل الله ولا يرفعون راية الجهاد في سبيل الله .؟
أبو مالك : في هنا شيخنا سؤال موجّه من أحد الإخوان يقول معظم الحكّام اليوم لا يحكمون بما أنزل الله و لا يرفعون راية الجهاد في سبيل الله ، فما هو واجب الشّباب المسلم اليوم ؟
الشيخ : واجب المسلمين (( يا أيّها الّذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم )) واجب المسلمين أن يتفقّهوا في الدّين و أن يربّوا أنفسهم على هذا الدّين و يربّوا من يلوذ بهم من زوج ، أو ولد ، أو أخ ، أو جار ، أو صديق هكذا و نحن دائما ندندن حول كلمتين اثنتين لابدّ من التّصفية و التّربية لإقامة الدّولة المسلمة و بدونهما لا سبيل إلى إقامتها أبدا أبدا أبدا . فالتّصفية و التّربية هذا ليس بالأمر السّهل كما أشار الأستاذ الفاضل آنفا أنّ قيام الدّولة المسلمة قد لا ندركها نحن الّذين عشنا سنّ الأربعين أو الخمسين أو الأكثر من ذلك من باب أولى ذلك لأنّ التّاريخ لابدّ من أن يعيد نفسه ، (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) فإذا كان المؤمن يؤمن حقّا بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم هو أسوته في كلّ شيء و من هذه الأشياء الأمر المهمّ الّذي يدندن حوله اليوم الجماعات الإسلاميّة على اختلاف مشاربها و مناهجها هو إقامة الدّولة المسلمة فلابدّ من أن نتّخذ الأسباب الّتي اتّخذها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّى نتمكّن من إقامة الدّولة المسلمة مع ملاحظة فارق كبير جدّا ألا و هو أنّ الإسلام يومئذ كان ينزل على قلب محمّد صلّى الله عليه و سلّم من الله تبارك و تعالى مباشرة فليس أصحاب النّبيّ بحاجة يومئذ أن يبحثوا في كتب الحديث و كتب التّفسير و اللّغة و و إلى آخره ممّا لا يمكن المسلم اليوم أن يفهم الإسلام على الوجه الصّحيح إلاّ بهذه المقدّمات . فالسّلف الأوّل ما كانوا بحاجة إلى مثل هذه المقدّمات لأنّهم كانوا يأخذون أحكام الإسلام مباشرة من نبيّ الإسلام فإذا ما عليهم إلاّ أن يربّوا على هذا الإسلام الصّحيح و هذا ما فعله الرّسول عليه السّلام مع أصحابه الكرام أمّا نحن اليوم فنحن قبل أن نقول نريد أن نربّي أنفسنا على الإسلام يجب علينا أن نفهم الإسلام ، و هل فهم الإسلام طريقه مذلّل و ميسّر كما كان في العهد الأوّل من الإسلام ؟ الجواب بدون أيّ خلاف ليس كذلك و مثال بسيط جدّا جدّا يومئذ لم يكن هناك علم اسمه علم الحديث لأنّهم كانوا يتلقّون الحديث من صاحبه مباشرة ، ليس هناك علم اسمه النّحو و الصّرف لماذا ؟ لأنّهم كانوا عربا أقحاحا أمّا اليوم العرب أنفسهم صاروا أعاجم فهم بسبب ذلك حتّى يتمكّنوا من فهم القرآن فهما صحيحا فعليهم أن يدرسوا لغتهم الّتي نسوها ، فانظروا إذا أمامنا عقابات كثيرة و كثيرة جدّا لنتمكّن من تطبيق الإسلام على أنفسنا يجب أن نتعلّم هذا الإسلام و لا يمكننا إلاّ باتّخاذ الوسائل الّتي بها نستطيع أن نفهم الإسلام و هنا نكتة سوريّة يذكرونها و لايهمّنا أن تكون صحيحة بل قد تكون نكتة فيها حكمة و هي زعموا بأنّ رجلا مسلما أعجميّ لقي رجلا يهوديّا في الطّريق فأخرج خنجره من وسطه مهدّدا لهذا اليهودي قائلا له أسلم و إلاّ قتلتك قال دخلك ماذا أقول ؟ قال و الله ما أدري ماذا تقول إلى هنا مثال يعني إذا هذا التّهديد ما فائدته و هو لا يعرف إسلامه . النّكتة هذه لها أثر كبير جدّا في واقعنا فإنّ أكثر المسلمين كما نقول نحن دائما و أبدا لا يعرفون إسلامهم حتّى في العقيدة بل سأقولها صريحة لا يعرفون ربّهم و الأصل أنّ المسلم يعرف ربّه ليس كالمشركين بل خيرا من المشركين و إلاّ ما الفرق بينه و بين المشركين . المشركون قال ربّ العالمين عنهم (( و لئن سألتهم من خلق السّماوات و الأرض ليقولون الله )) إذا المشركون ما كانوا كفّارا بربّ العالمين . طيّب المسلمين اليوم يقولون الله لكن هل يعلمون أنّ الله يعني واحدا في ذاته و هذا الّذي يسمّى عند العلماء بتوحيد الرّبوبيّة ، و واحد في عبادته و هذا الّي يسمّى عندهم بتوحيد الألوهيّة أو العبادة و واحد في أسمائه و صفاته أكثر المسلمين لا يعلمون ذلك أبدا ، لا يفقهون الكلمة الطّيّبة لا إله إلاّ الله إلاّ بالمفهوم الشّركي أي ربّنا واحد لا شريك له أي لا أحد يخلق معه ، لا أحد يرزق معه ، المشركون كانوا كذلك لكن هؤلاء المشركين وصفهم ربّ العالمين بقوله في القرآن الكريم (( و الّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقربّونا إلى الله زلفى )) هذا واقع اليوم بين المسلمين أنفسهم فالذّين يذهبون زعموا لزيارة الأولياء و الصّالحين لا يذهبون لزيارتها لتحقيق الّتي ذكرها الرّسول عليه السّلام في بعض أحاديثه بعد أن كان نهاهم عن زيارة القبور قال لهم ( و كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الآخرة ) لكن اليوم لا يذهبون لزيارة الأولياء و الصّالحين ليتذكّروا الآخرة و إنّما ليستمدّوا العون منهم و ليتبرّكوا بالدّعاء عند مقامهم و هكذا هذه كلّها تنافي شهادة لا إله إلاّ الله . إذا وين المسلمون الّذين يريدون إقامة الدّولة المسلمة و هم أكثرهم بعد لا يعرفون التّوحيد هذا مجاله واسع جدّا .
الشيخ : واجب المسلمين (( يا أيّها الّذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم )) واجب المسلمين أن يتفقّهوا في الدّين و أن يربّوا أنفسهم على هذا الدّين و يربّوا من يلوذ بهم من زوج ، أو ولد ، أو أخ ، أو جار ، أو صديق هكذا و نحن دائما ندندن حول كلمتين اثنتين لابدّ من التّصفية و التّربية لإقامة الدّولة المسلمة و بدونهما لا سبيل إلى إقامتها أبدا أبدا أبدا . فالتّصفية و التّربية هذا ليس بالأمر السّهل كما أشار الأستاذ الفاضل آنفا أنّ قيام الدّولة المسلمة قد لا ندركها نحن الّذين عشنا سنّ الأربعين أو الخمسين أو الأكثر من ذلك من باب أولى ذلك لأنّ التّاريخ لابدّ من أن يعيد نفسه ، (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) فإذا كان المؤمن يؤمن حقّا بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم هو أسوته في كلّ شيء و من هذه الأشياء الأمر المهمّ الّذي يدندن حوله اليوم الجماعات الإسلاميّة على اختلاف مشاربها و مناهجها هو إقامة الدّولة المسلمة فلابدّ من أن نتّخذ الأسباب الّتي اتّخذها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّى نتمكّن من إقامة الدّولة المسلمة مع ملاحظة فارق كبير جدّا ألا و هو أنّ الإسلام يومئذ كان ينزل على قلب محمّد صلّى الله عليه و سلّم من الله تبارك و تعالى مباشرة فليس أصحاب النّبيّ بحاجة يومئذ أن يبحثوا في كتب الحديث و كتب التّفسير و اللّغة و و إلى آخره ممّا لا يمكن المسلم اليوم أن يفهم الإسلام على الوجه الصّحيح إلاّ بهذه المقدّمات . فالسّلف الأوّل ما كانوا بحاجة إلى مثل هذه المقدّمات لأنّهم كانوا يأخذون أحكام الإسلام مباشرة من نبيّ الإسلام فإذا ما عليهم إلاّ أن يربّوا على هذا الإسلام الصّحيح و هذا ما فعله الرّسول عليه السّلام مع أصحابه الكرام أمّا نحن اليوم فنحن قبل أن نقول نريد أن نربّي أنفسنا على الإسلام يجب علينا أن نفهم الإسلام ، و هل فهم الإسلام طريقه مذلّل و ميسّر كما كان في العهد الأوّل من الإسلام ؟ الجواب بدون أيّ خلاف ليس كذلك و مثال بسيط جدّا جدّا يومئذ لم يكن هناك علم اسمه علم الحديث لأنّهم كانوا يتلقّون الحديث من صاحبه مباشرة ، ليس هناك علم اسمه النّحو و الصّرف لماذا ؟ لأنّهم كانوا عربا أقحاحا أمّا اليوم العرب أنفسهم صاروا أعاجم فهم بسبب ذلك حتّى يتمكّنوا من فهم القرآن فهما صحيحا فعليهم أن يدرسوا لغتهم الّتي نسوها ، فانظروا إذا أمامنا عقابات كثيرة و كثيرة جدّا لنتمكّن من تطبيق الإسلام على أنفسنا يجب أن نتعلّم هذا الإسلام و لا يمكننا إلاّ باتّخاذ الوسائل الّتي بها نستطيع أن نفهم الإسلام و هنا نكتة سوريّة يذكرونها و لايهمّنا أن تكون صحيحة بل قد تكون نكتة فيها حكمة و هي زعموا بأنّ رجلا مسلما أعجميّ لقي رجلا يهوديّا في الطّريق فأخرج خنجره من وسطه مهدّدا لهذا اليهودي قائلا له أسلم و إلاّ قتلتك قال دخلك ماذا أقول ؟ قال و الله ما أدري ماذا تقول إلى هنا مثال يعني إذا هذا التّهديد ما فائدته و هو لا يعرف إسلامه . النّكتة هذه لها أثر كبير جدّا في واقعنا فإنّ أكثر المسلمين كما نقول نحن دائما و أبدا لا يعرفون إسلامهم حتّى في العقيدة بل سأقولها صريحة لا يعرفون ربّهم و الأصل أنّ المسلم يعرف ربّه ليس كالمشركين بل خيرا من المشركين و إلاّ ما الفرق بينه و بين المشركين . المشركون قال ربّ العالمين عنهم (( و لئن سألتهم من خلق السّماوات و الأرض ليقولون الله )) إذا المشركون ما كانوا كفّارا بربّ العالمين . طيّب المسلمين اليوم يقولون الله لكن هل يعلمون أنّ الله يعني واحدا في ذاته و هذا الّذي يسمّى عند العلماء بتوحيد الرّبوبيّة ، و واحد في عبادته و هذا الّي يسمّى عندهم بتوحيد الألوهيّة أو العبادة و واحد في أسمائه و صفاته أكثر المسلمين لا يعلمون ذلك أبدا ، لا يفقهون الكلمة الطّيّبة لا إله إلاّ الله إلاّ بالمفهوم الشّركي أي ربّنا واحد لا شريك له أي لا أحد يخلق معه ، لا أحد يرزق معه ، المشركون كانوا كذلك لكن هؤلاء المشركين وصفهم ربّ العالمين بقوله في القرآن الكريم (( و الّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقربّونا إلى الله زلفى )) هذا واقع اليوم بين المسلمين أنفسهم فالذّين يذهبون زعموا لزيارة الأولياء و الصّالحين لا يذهبون لزيارتها لتحقيق الّتي ذكرها الرّسول عليه السّلام في بعض أحاديثه بعد أن كان نهاهم عن زيارة القبور قال لهم ( و كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الآخرة ) لكن اليوم لا يذهبون لزيارة الأولياء و الصّالحين ليتذكّروا الآخرة و إنّما ليستمدّوا العون منهم و ليتبرّكوا بالدّعاء عند مقامهم و هكذا هذه كلّها تنافي شهادة لا إله إلاّ الله . إذا وين المسلمون الّذين يريدون إقامة الدّولة المسلمة و هم أكثرهم بعد لا يعرفون التّوحيد هذا مجاله واسع جدّا .
8 - ما موقف الشباب المسلم الآن مع حكامهم الذين لا يحكمون بما أنزل الله ولا يرفعون راية الجهاد في سبيل الله .؟ أستمع حفظ
تكلم أبو مالك بكلمة ونصح فيها الشباب .
أبو مالك : نقول يا إخوان مثل هذه الجلسات المباركات لا تكون على كثرة و إنّما تكون على ندرة و بخاصّة أن يجتمع مثل هذا النّفر من الشّباب و الشّباب كما يعبّر عنهم بعض الكتّاب أو الحكماء العصريّين يقولون إنّهم عصب الحياة و لا شكّ أنّ هذه الكلمة صادقة إلى حدّ كبير في وصف الشّباب. و الشّباب دائما و أبدا رغم أنّهم على ما وصف لكن أيضا في الشّباب الحماسة و قوّة الاندفاع و شدّة الانطلاق و عدم التّروّي في كثير من الاحيان و الإنسياق وراء العاطفة و عدم الوقوف مع أحكام العقل الصّحيحة فضلا على أن يكون هناك وقوف أو تمثّل لأحكام الشّرع لذلك أقول أوّلا جزى الله عنّا شيخنا خيرا بما أفاض علينا ممّا أتاه الله من علم و حكمة و أقول ثانيا إنّ معاشر الشّيوخ و لست أعني بالشّيوخ الرّؤساء و كبار العلماء أو العلماء و إنّما أعني بالشّيوخ كبار السّنّ فنحن الآن على سفينة الرّحلة الأبديّة الّتي لا تعود مرّة أخرى إلى الشّاطئ و أنتم الآن تقفون على الشّواطئ تنظرون إلى موج البحر و هو يختبط و إلى مياهه و هي تعلو تارة و تنخفض أخرى و إلى السّفن الّتي تبحر في هذا المحيط أو في هذا البحر تنظرون إليها و أنتم تتأمّلون ماذا يكون من مصير الإنسان الّذي يقف على الشّاطئ إن غمس رجله في الماء أو ركب هذه السّفينة أو الباخرة أو سبح في هذا الموج أو خضمّ هذا البحر تنظرون و تتساءلون فالّذي أوصيكم به ثلاثا ، أوّلا أن تقبلوا على العلم الإقبال الّذي يحصّنكم من الجهل الّذي يشيع في دنيا النّاس و الجهل هو عنوان التّخلّف و كلّما ابتعد الإنسان عن العلم اقترب من الشّيطان و ابتعد عن الرّحمان وكلّما ما اقترب من العلم كان أقرب إلى الرّحمان و أبعد عن الشّيطان هذه الأولى . أمّا الثّانية فأن تتوادوا في الله عزّ وجلّ و لا يحمل بعضكم على بعض ضغنا في صدره أو حقدا في نفسه أو ثورة من غضب ربّما يقدم على أذى أخيه بها و ما أحسن أن ينام الإنسان ليله الطّويل سليم الصّدر معافى من الأوبئة أو الأدواء الّتي تنتشر في دنيا النّاس بالتّنافس على الدّنيا و الإقبال عليها و الإدبار عن الآخرة هذه الثانية . أمّا الثّالثة فأن تستحضروا دائما أنّكم في مثل هذا السّنّ أقرب ما تكونون إلى تلقّي الأمور تلقّيا دقيقا واعيا لا يفلت منكم شيء منها فعليكم أن تستغلّوا شبابكم و قدراتكم النّفسيّة و العقليّة في استيعاب الكثير من المسائل و الأحوال ، المسائل العلميّة و الأحوال الاجتماعيّة الّتي يكتب لكم بها أن تكونوا إن شاء الله من الحكماء في الدّنيا لأنّ العلم يولّد الحكمة و معرفة الأحوال تقدر الإنسان على فهم التّاريخ و دنيا النّاس فبذلك يكون حكيما بعلمه و معرفته أحوال البشر ، هذه ثلاث مسائل أحببت أن أوصي نفسي و أنا كما قلت لكم قد ركبت تلك السّفينة الّتي تمشي الآن إلى المجهول و لا ندري أيكون بيننا و بينكم لقاء أم لا يكون فوصيّتي إليكم هذه و أختتم جلستنا هذه المباركة بقوله صلّى الله عليه و سلّم عندما أوصى أحد أصحابه قال ( اتّق الله حيثما كنت و أتبع السيّئة الحسنة تمحها و خالق النّاس بخلق حسن ) و صلّى الله و سلّم و بارك على نبيّنا محمّد و على آله و صحبه و إخوانه النّبيّين .
اضيفت في - 2004-08-16