سلسلة لقاء الباب المفتوح-012a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير قول الله تعالى : [ إن للمتقين مفازا ....] إلى نهاية السورة.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد: فإننا في هذا اليوم: الخميس، الثامن عشر من شهر جمادى الأولى، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نلتقي بإخواننا اللقاء الثالث من هذا الشهر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً.
نستمر في تفسير سورة النبأ، حيث وقفنا على قول الله تعالى: (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )) إلى آخر ما ذكر الله عز وجل.
هذه الآيات جاءت بعد قوله: (( إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً ))، وذلك أن القرآن الكريم مثاني تثنى فيه الأمور، إذا ذكر فيه الثواب ذكر العقاب، وإذا ذكر العقاب ذكر الثواب، وإذا ذكرت صفات المؤمنين ذكرت صفات الكافرين وهكذا، لأجل أن يكون الإنسان حين يقرأ القرآن راغباً راهباً، إذا قرأ ما فيه الثواب للمؤمنين رغب ورجا وأمَّل، وإذا قرأ ما فيه عقاب الكافرين خاف، فيكون سائراً إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، لا يأمن مكر الله ولا ييأس من رحمة الله.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " ينبغي أن يكون الإنسان في عبادته لربه بين الخوف والرجاء، فأيهما غلب هلك صاحبه ".
يقول عز وجل: (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً )) المتقون: هم الذين اتقوا عقاب الله، وذلك بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، أَحياناً يأمر الله بتقواه، وأحياناً يأمر بتقوى يوم الحساب، وأحياناً يأمر بتقوى النار، قال الله تعالى: (( وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ )) فجمع بين الأمر بتقواه والأمر بتقوى النار، وقال تعالى: (( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ )) فأمر بتقوى يوم الحساب.
وكل هذا يدور على معنى واحد، وهو أن يتقي الإنسان محارم ربه، فيقوم بطاعته وينتهي عن معصيته.
فالمتقون هم الذين قاموا بأوامر الله، واجتنبوا نواهيَ الله، هؤلاء لهم مفازاً، والمفاز هو: مكان الفوز وزمان الفوز أيضاً، فهم فائزون في أمكنتهم وفائزون في أيامهم.
يقول عز وجل: (( حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً )) هذا نوع المفاز.
(( حدائق )) أي: بساتين عظيمة الأشجار، كثيرة الأشجار، منوعة الأشجار.
(( وَأَعْنَاباً )) جمع عنب، وهي من جملة الحدائق لكنه خصها بالذكر.
(( وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )) الكواعب جمع كاعب، وهي المرأة التي تبين ثديها ولم يتدلى، بل برز وظهر كالكعب، وهذا أكمل ما يكون في جمال الصدر.
(( أَتْرَاباً )) أي: على سن واحدة، لا تختلف إحداهن عن الأخرى كبراً كما في نساء الدنيا، لأنه لو اختلفت إحداهن عن الأخرى كبراً، فربما تختلُّ الموازنة بينهما، وربما تكون إحداهما محزونة إذ لم تساوي الأخرى، لكنهن أتراب.
(( وَكَأْساً دِهَاقاً )) أي: كأساً ممتلئة، والمراد بالكأس هنا كأس الخمر، وربما يكون من الخمر وغيره، لأن الجنة: (( فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً )).
الكأس الدهاق يعني: المملوءة من الخمر، وربما يكون من الخمر وغيره.
(( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً )): لا يسمعون في الجنة لغواً، أي: كلاماً باطلاً لا خير فيه، (( ولا كِذاباً ))، أي: ولا كذباً، فلا يكذبون ولا يُكذب بعضهم بعضاً، لأنهم على سرر متقابلين، قد نزع الله ما في صدورهم من غلٍ وجعلهم إخواناً.
(( جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً )) أي: أنهم يجزون بهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى على أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا واتقوا بها محارم الله.
وقوله عز وجل: (( حِسَاباً ))، أي: كافياً مأخوذة من الحَسب وهو الكفاية، أي: أن هذا الكأس كأسٌ كافٍ لا يحتاجون معه إلى غيره، لكمال لذته وتمام منفعته.
ثم قال عز وجل: (( رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ )): فالله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء، قال الله تعالى: (( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ))، فهو رب السماوات السبع الطباق، ورب الأرض وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(( وما بَيْنَهُمَا ))، أي: ما بين السموات والأرض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب، والأفلاك وغيرها مما نعلمه ومما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
وقوله: (( لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً )) يعني: أن الناس لا يملكون خطاباً من الله، ولا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بإذن الله، وذلك (( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ )) وهو جبريل: (( وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً )) أي: صفوفاً صفاً بعد صف، لأنه كما جاء في الحديث: ( تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق، ثم ملائكة السماء الثانية من ورائهم )، ثم الثالثة ثم الرابعة والخامسة وهكذا صفوفاً لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى.
(( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً )) أي: لا يتكلم الملائكة ولا غيرهم، كما قال تعالى: (( وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً )).
(( إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ )) بالكلام فإنه يتكلم كما أُذن له.
(( وَقَالَ صَوَاباً )) أي: قال قولاً صواباً موافقاً لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وذلك بالشفاعة إذا أذن الله سبحانه وتعالى لأحد أن يشفع شفع فيما أُذن له أن يشفع فيه، على حسب ما أُذن له.
قال الله تعالى: (( ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ )) أي: ذلك الذي أخبرناكم عنه هو اليوم الحق، والحق ضد الباطل، أي: الثابت الذي يقوم فيه الحق ويقوم فيه العدل، (( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) أعانني الله وإياكم على ذلك اليوم.
(( فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا )) أي: من شاء عمل عملاً يئوب به إلى الله، ويرجع به إلى الله، وذلك العمل الصالح الموافق لمرضاة الله تعالى.
وقوله: (( فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا )): قيدتها آية أخرى وهي قوله تعالى: (( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) يعني: أننا لنا الخيار فيما نذهب إليه، لا أحد يكرهنا على شيء، لكن مع ذلك خيارنا وإرادتنا ومشيئتنا راجعة إلى الله: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ))، وإنما بين الله تعالى ذلك في كتابه من أجل ألا يعتمد الإنسان على نفسه وعلى مشيئته، بل يعلم أنها مرتبطة بمشيئة الله حتى يلجأ إلى الله في سؤال الهداية لما يحب ويرضى، لا يقول الإنسان: أنا حر أريد ما شئت وأتصرف كما شئت، نقول: الأمر كذلك لكنك مربوط بإرادة الله عز وجل.
ثم قال تعالى: (( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا )) أي: خوفناكم مِن عذاب قريب، وهو يوم القيامة، يوم القيامة في الحقيقة يا إخواننا قريب، ولو بقي في الدنيا ملايين السنين فإنه قريب: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ))، فهذا العذاب الذي أنذرنا الله قريب ليس بين الإنسان وبينه إلا أن يموت، والإنسان لا يدري متى يموت، قد يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولهذا كان علينا أن نحزم في أعمالنا، وأن نستغل الفرصة قبل فوات الأوان.
(( يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ )) المرء، أي: كل امرئ ينظر ما قدمت يداه، ويكون بين يديه، ويعطى كتاه ويقال: (( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )).
ويقول الكافر من شدة ما يرى من الهول وما يشاهد من العذاب، يقول: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: ليتني لم أخلق، أو ليتني لم أبعث، أو إذا رأى البهائم التي يقضي الله بينها ثم يقول: كوني تراباً فتكون ترابًا، حينئذ يتمنى أن يكون مثل البهائم، فقوله: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) تحتمل ثلاث معاني:
المعنى الأول: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: فلم أخلق، لأن الإنسان خلق من تراب.
المعنى الثاني: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) فلم أبعث، أي: كنت تراباً في أجواف القبور.
أو المعنى الثالث: أنه إذا رأى البهائم التي قضى الله بينها وقال لها: كوني تراباً فكانت تراباً قال: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: كما كانت هذه البهائم، والله أعلم.
وإلى هنا تنتهي سورة النبأ وفيها من المواعظ والحكم وآيات الله عز وجل ما يكون موجباً للإيقان والإيمان، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بكتابه، وأن يجعله موعظة لقلوبنا وشفاء لما في صدورنا، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما الآن فإلى الأسئلة إذا كان عند أحد سؤال ونبدأ من اليمين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد: فإننا في هذا اليوم: الخميس، الثامن عشر من شهر جمادى الأولى، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نلتقي بإخواننا اللقاء الثالث من هذا الشهر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً.
نستمر في تفسير سورة النبأ، حيث وقفنا على قول الله تعالى: (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )) إلى آخر ما ذكر الله عز وجل.
هذه الآيات جاءت بعد قوله: (( إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً ))، وذلك أن القرآن الكريم مثاني تثنى فيه الأمور، إذا ذكر فيه الثواب ذكر العقاب، وإذا ذكر العقاب ذكر الثواب، وإذا ذكرت صفات المؤمنين ذكرت صفات الكافرين وهكذا، لأجل أن يكون الإنسان حين يقرأ القرآن راغباً راهباً، إذا قرأ ما فيه الثواب للمؤمنين رغب ورجا وأمَّل، وإذا قرأ ما فيه عقاب الكافرين خاف، فيكون سائراً إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، لا يأمن مكر الله ولا ييأس من رحمة الله.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " ينبغي أن يكون الإنسان في عبادته لربه بين الخوف والرجاء، فأيهما غلب هلك صاحبه ".
يقول عز وجل: (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً )) المتقون: هم الذين اتقوا عقاب الله، وذلك بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، أَحياناً يأمر الله بتقواه، وأحياناً يأمر بتقوى يوم الحساب، وأحياناً يأمر بتقوى النار، قال الله تعالى: (( وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ )) فجمع بين الأمر بتقواه والأمر بتقوى النار، وقال تعالى: (( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ )) فأمر بتقوى يوم الحساب.
وكل هذا يدور على معنى واحد، وهو أن يتقي الإنسان محارم ربه، فيقوم بطاعته وينتهي عن معصيته.
فالمتقون هم الذين قاموا بأوامر الله، واجتنبوا نواهيَ الله، هؤلاء لهم مفازاً، والمفاز هو: مكان الفوز وزمان الفوز أيضاً، فهم فائزون في أمكنتهم وفائزون في أيامهم.
يقول عز وجل: (( حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً )) هذا نوع المفاز.
(( حدائق )) أي: بساتين عظيمة الأشجار، كثيرة الأشجار، منوعة الأشجار.
(( وَأَعْنَاباً )) جمع عنب، وهي من جملة الحدائق لكنه خصها بالذكر.
(( وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )) الكواعب جمع كاعب، وهي المرأة التي تبين ثديها ولم يتدلى، بل برز وظهر كالكعب، وهذا أكمل ما يكون في جمال الصدر.
(( أَتْرَاباً )) أي: على سن واحدة، لا تختلف إحداهن عن الأخرى كبراً كما في نساء الدنيا، لأنه لو اختلفت إحداهن عن الأخرى كبراً، فربما تختلُّ الموازنة بينهما، وربما تكون إحداهما محزونة إذ لم تساوي الأخرى، لكنهن أتراب.
(( وَكَأْساً دِهَاقاً )) أي: كأساً ممتلئة، والمراد بالكأس هنا كأس الخمر، وربما يكون من الخمر وغيره، لأن الجنة: (( فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً )).
الكأس الدهاق يعني: المملوءة من الخمر، وربما يكون من الخمر وغيره.
(( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً )): لا يسمعون في الجنة لغواً، أي: كلاماً باطلاً لا خير فيه، (( ولا كِذاباً ))، أي: ولا كذباً، فلا يكذبون ولا يُكذب بعضهم بعضاً، لأنهم على سرر متقابلين، قد نزع الله ما في صدورهم من غلٍ وجعلهم إخواناً.
(( جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً )) أي: أنهم يجزون بهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى على أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا واتقوا بها محارم الله.
وقوله عز وجل: (( حِسَاباً ))، أي: كافياً مأخوذة من الحَسب وهو الكفاية، أي: أن هذا الكأس كأسٌ كافٍ لا يحتاجون معه إلى غيره، لكمال لذته وتمام منفعته.
ثم قال عز وجل: (( رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ )): فالله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء، قال الله تعالى: (( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ))، فهو رب السماوات السبع الطباق، ورب الأرض وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(( وما بَيْنَهُمَا ))، أي: ما بين السموات والأرض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب، والأفلاك وغيرها مما نعلمه ومما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
وقوله: (( لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً )) يعني: أن الناس لا يملكون خطاباً من الله، ولا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بإذن الله، وذلك (( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ )) وهو جبريل: (( وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً )) أي: صفوفاً صفاً بعد صف، لأنه كما جاء في الحديث: ( تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق، ثم ملائكة السماء الثانية من ورائهم )، ثم الثالثة ثم الرابعة والخامسة وهكذا صفوفاً لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى.
(( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً )) أي: لا يتكلم الملائكة ولا غيرهم، كما قال تعالى: (( وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً )).
(( إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ )) بالكلام فإنه يتكلم كما أُذن له.
(( وَقَالَ صَوَاباً )) أي: قال قولاً صواباً موافقاً لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وذلك بالشفاعة إذا أذن الله سبحانه وتعالى لأحد أن يشفع شفع فيما أُذن له أن يشفع فيه، على حسب ما أُذن له.
قال الله تعالى: (( ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ )) أي: ذلك الذي أخبرناكم عنه هو اليوم الحق، والحق ضد الباطل، أي: الثابت الذي يقوم فيه الحق ويقوم فيه العدل، (( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) أعانني الله وإياكم على ذلك اليوم.
(( فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا )) أي: من شاء عمل عملاً يئوب به إلى الله، ويرجع به إلى الله، وذلك العمل الصالح الموافق لمرضاة الله تعالى.
وقوله: (( فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا )): قيدتها آية أخرى وهي قوله تعالى: (( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) يعني: أننا لنا الخيار فيما نذهب إليه، لا أحد يكرهنا على شيء، لكن مع ذلك خيارنا وإرادتنا ومشيئتنا راجعة إلى الله: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ))، وإنما بين الله تعالى ذلك في كتابه من أجل ألا يعتمد الإنسان على نفسه وعلى مشيئته، بل يعلم أنها مرتبطة بمشيئة الله حتى يلجأ إلى الله في سؤال الهداية لما يحب ويرضى، لا يقول الإنسان: أنا حر أريد ما شئت وأتصرف كما شئت، نقول: الأمر كذلك لكنك مربوط بإرادة الله عز وجل.
ثم قال تعالى: (( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا )) أي: خوفناكم مِن عذاب قريب، وهو يوم القيامة، يوم القيامة في الحقيقة يا إخواننا قريب، ولو بقي في الدنيا ملايين السنين فإنه قريب: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ))، فهذا العذاب الذي أنذرنا الله قريب ليس بين الإنسان وبينه إلا أن يموت، والإنسان لا يدري متى يموت، قد يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولهذا كان علينا أن نحزم في أعمالنا، وأن نستغل الفرصة قبل فوات الأوان.
(( يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ )) المرء، أي: كل امرئ ينظر ما قدمت يداه، ويكون بين يديه، ويعطى كتاه ويقال: (( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )).
ويقول الكافر من شدة ما يرى من الهول وما يشاهد من العذاب، يقول: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: ليتني لم أخلق، أو ليتني لم أبعث، أو إذا رأى البهائم التي يقضي الله بينها ثم يقول: كوني تراباً فتكون ترابًا، حينئذ يتمنى أن يكون مثل البهائم، فقوله: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) تحتمل ثلاث معاني:
المعنى الأول: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: فلم أخلق، لأن الإنسان خلق من تراب.
المعنى الثاني: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) فلم أبعث، أي: كنت تراباً في أجواف القبور.
أو المعنى الثالث: أنه إذا رأى البهائم التي قضى الله بينها وقال لها: كوني تراباً فكانت تراباً قال: (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) أي: كما كانت هذه البهائم، والله أعلم.
وإلى هنا تنتهي سورة النبأ وفيها من المواعظ والحكم وآيات الله عز وجل ما يكون موجباً للإيقان والإيمان، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بكتابه، وأن يجعله موعظة لقلوبنا وشفاء لما في صدورنا، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما الآن فإلى الأسئلة إذا كان عند أحد سؤال ونبدأ من اليمين.
ورد في الحديث " ليكونن أقوام من أمتي " هل المراد بالأمة المسلمون فقط أم معهم الكفار.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه.
السائل : فضيلة الشيخ سائل يقول: يرد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( ليكونن من أمتي أقوام ) كذا وكذا، هل القصد في الحديث أمتي المسلم والكافر أم المسلم فقط؟
الشيخ : الحديث عام من هذا وهذا، ولكن الغالب أنها تكون للمؤمنين، ولكن ليس هذا دليلاً على جواز هذا الشيء الذي يقع بل قد يكون للتحذير منه، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ( ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف ) ، هذا لم يقله على وجه التقرير، لكنه قاله على وجه التحذير يعني: فاحذروا من هذا، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ) فهو أخبر أن من أمته من يتبع اليهود والنصارى، ولكنه لم يقل ذلك على سبيل التقرير بل على سبيل التحذير.
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه.
السائل : فضيلة الشيخ سائل يقول: يرد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( ليكونن من أمتي أقوام ) كذا وكذا، هل القصد في الحديث أمتي المسلم والكافر أم المسلم فقط؟
الشيخ : الحديث عام من هذا وهذا، ولكن الغالب أنها تكون للمؤمنين، ولكن ليس هذا دليلاً على جواز هذا الشيء الذي يقع بل قد يكون للتحذير منه، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ( ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف ) ، هذا لم يقله على وجه التقرير، لكنه قاله على وجه التحذير يعني: فاحذروا من هذا، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ) فهو أخبر أن من أمته من يتبع اليهود والنصارى، ولكنه لم يقل ذلك على سبيل التقرير بل على سبيل التحذير.
ما صحة الحديث الذي يقول : " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاث ".؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ، وقفت على حديث ما معناه: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، ومن المعلوم أن في كتب الفقه والحديث دائمًا نقرأ أحكام الاعتكاف وتفصيله، وما يشرع له وما يبطله إلى آخره، كيف ذلك؟
الشيخ : نعم، هذا الحديث الذي أشرت إليه هو من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، رأى أقواماً معتكفين في مسجد الكوفة بين بيته وبيت عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، فجاء إلى ابن مسعود يحدثه بأنه رأى أقواماً يعتكفون في المسجد في الكوفة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمسجد الأقصى )، فقال له عبد الله بن مسعود: لعلهم حفظوا ولم تحفظ، وذكروا ونسيت "، فكأن ابن مسعود رضي الله عنه كأنه رجَّح فعلهم على فعل حذيفة أو على ما قاله حذيفة رضي الله عنه، ولا شك أن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مخالف لعموم قوله تعالى: (( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )) والمساجد عامة ليس فيها تخصيص، ولا يمكن أن يخاطب الله تعالى الأمة بهذا الحكم العام في الاعتكاف ويقول: (( في المساجد ))، ثم لا يراد به إلا ثلاثة مساجد، قد يدركها من يدركها من الناس وقد لا يدركها.
ثم إذا على تقدير صحته إذا قدرنا أنه صحيح محفوظ، فإنه يعني: أنه لا اعتكاف كامل إلا في هذه المساجد وليس المعنى: لا اعتكاف يصح، ولهذا نرى أنَّ الاعتكاف يصح في كل مسجد، في المساجد الثلاثة وفي غيرها، ويكون ذلك في العشر الأواخر من رمضان كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس كما قال بعض أهل العلم: " أنه ينبغي لكل من دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف فيه "، فإن هذا بدعة، لم يكن معروفاً للنبي عليه الصلاة والسلام ولا لأصحابه، ولو كان من الشرع لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله وفعله، فهاهو يتحدث عليه الصلاة والسلام عمَّن يتقدم إلى يوم الجمعة، فيقول: ( من اغتسل فجاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ) إلى آخر الحديث، ولم يقل: ولينوِ الاعتكاف، مع أنه حثَّ على المجيء مبكراً، ولم يقل ولينو الاعتكاف حتى تأتي الصلاة.
فالصواب أن الاعتكاف المشروع ما كان في العشر الأواخر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
السائل : وعلى فرض صحته يكون النفي نفي كمال؟
الشيخ : نعم.
فضيلة الشيخ، وقفت على حديث ما معناه: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، ومن المعلوم أن في كتب الفقه والحديث دائمًا نقرأ أحكام الاعتكاف وتفصيله، وما يشرع له وما يبطله إلى آخره، كيف ذلك؟
الشيخ : نعم، هذا الحديث الذي أشرت إليه هو من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، رأى أقواماً معتكفين في مسجد الكوفة بين بيته وبيت عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، فجاء إلى ابن مسعود يحدثه بأنه رأى أقواماً يعتكفون في المسجد في الكوفة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمسجد الأقصى )، فقال له عبد الله بن مسعود: لعلهم حفظوا ولم تحفظ، وذكروا ونسيت "، فكأن ابن مسعود رضي الله عنه كأنه رجَّح فعلهم على فعل حذيفة أو على ما قاله حذيفة رضي الله عنه، ولا شك أن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مخالف لعموم قوله تعالى: (( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )) والمساجد عامة ليس فيها تخصيص، ولا يمكن أن يخاطب الله تعالى الأمة بهذا الحكم العام في الاعتكاف ويقول: (( في المساجد ))، ثم لا يراد به إلا ثلاثة مساجد، قد يدركها من يدركها من الناس وقد لا يدركها.
ثم إذا على تقدير صحته إذا قدرنا أنه صحيح محفوظ، فإنه يعني: أنه لا اعتكاف كامل إلا في هذه المساجد وليس المعنى: لا اعتكاف يصح، ولهذا نرى أنَّ الاعتكاف يصح في كل مسجد، في المساجد الثلاثة وفي غيرها، ويكون ذلك في العشر الأواخر من رمضان كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس كما قال بعض أهل العلم: " أنه ينبغي لكل من دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف فيه "، فإن هذا بدعة، لم يكن معروفاً للنبي عليه الصلاة والسلام ولا لأصحابه، ولو كان من الشرع لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله وفعله، فهاهو يتحدث عليه الصلاة والسلام عمَّن يتقدم إلى يوم الجمعة، فيقول: ( من اغتسل فجاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ) إلى آخر الحديث، ولم يقل: ولينوِ الاعتكاف، مع أنه حثَّ على المجيء مبكراً، ولم يقل ولينو الاعتكاف حتى تأتي الصلاة.
فالصواب أن الاعتكاف المشروع ما كان في العشر الأواخر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
السائل : وعلى فرض صحته يكون النفي نفي كمال؟
الشيخ : نعم.
ما الضابط في تقديم التعزية لأهل الميت وما حكم قراءة الفاتحة على الميت.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ، ما هو الضابط في تقديم التعازي لأهل الميت.
الشيخ : ما هو ايش؟
السائل : الضابط في تقديم التعازي لأهل الميت، خاصة وأننا نجد في بعض البلدان أنهم يقرءون الفاتحة على الميت، وأنهم يستدلون على ذلك بأنه إذا كان القراءة على المريض مثلًا كالرقية جائزة فالميت من باب أولى أن يقرأ عليه الفاتحة، ونرجو البسط في هذه المسألة لأننا نجد الكثير من الخلافات فيها وجزاكم الله خيرًا؟
الشيخ : العزاء مشروع لكل مصيبة، العزاء مشروع لكل مصيبة، فيعزَّى المصاب وليس الأقارب فقط، قد يصاب الإنسان بموت صديقه أكثر مما يصاب بموت قريبه، وقد يموت القريب للشخص ولا يصاب به ولا يهتم به، وربما يفرح بموته إذا كان بينهما مشاكل، فالعزاء في الأصل إنما هو لمن أُصيب، ويعزى يعني: يقوى على تحمل الصبر، ومعنى عزيته أي: قويته على تحمل الصبر، وأحسن ما يعزى به ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث أرسل إلى إحدى بناته، فقال: ( مرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجل مسمى ) .
وأما اجتماع الناس للعزاء في بيت واحد فإن ذلك من البدع، فإن انضم إلى ذلك صنع الطعام في هذا البيت كان من النياحة، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون ذلك، أي: الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام يرونه من النياحة، والنياحة -كما يعلمه الكثير من أهل العلم أو من طلبة العلم- من كبائر الذنوب، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لعن النائحة والمستمعة ).
وعلى هذا فيجب على طلبة العلم أن يبينوا للعامة أن هذا أمر غير مشروع، وأنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، وأن الواجب على خلف هذه الأمة أن يتبعوا سلفها، فهل جلس النبي صلى الله عليه وسلم للعزاء في بناته؟ في أولاده؟ في زوجته خديجة؟ وزوجته زينب بنت خزيمة؟ هل جلس لهذا؟ هل جلس أبو بكر؟ هل جلس عمر؟ هل جلس عثمان؟ هل جلس علي؟ هل جلس أحد من الصحابة ينتظرون من يعزيهم؟
أبداً، لم يفعل هذا ولا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما ما تلقي عن الآباء وجرت به العادات، فهذا يعرض على الكتاب والسنة وهدي السلف، فإن وافقه فهو مقبول، لا لأنه عادة ولكن لأنه وافق السنة، وما خالفه فيجب أن يرفض.
ولا ينبغي لطلبة العلم أن يخضعوا للعادات، وأن يقولوا: كيف ننكر على آبائنا وأمهاتنا وإخواننا شيئاً معتاداً، لأننا لو أخذنا بهذا الطريق ما صلح شيء، وبقيت الأمور على ما هي عليه من الفساد.
وأما قراءة الفاتحة فهي أيضًا بدعة على بدعة، فما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعزي بقراءة الفاتحة أبدًا ولا غيرها من القرآن.
وأما قولهم إنه يقرأ على المريض فنقول: إنه يقرأ بها على المريض ليشفى بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وما يدريك أنها رقية؟ ) فهي تقرأ على المرضى ويشفون بإذن الله، لكن الميت ميت، هل إذا قرأناها عليه سيشفى؟ أبداً لن يشفى، هو ميت لا يبعث إلا يوم القيامة.
كل هذه من الأشياء التي يجب على طلبة العلم أن ينتزعوها من مجتمعاتهم، وأن يعودوا إلى ما كان عليه السلف الصالح.
فإذا قيل: إذاً متى نعزي؟
قلنا: أولاً: العزاء ليس بواجب، غاية ما فيه أنه سنة.
ثانياً: أن العزاء للمصاب الذي نعرف أنه تأثر بالمصيبة فنعزيه ونورد عليه المواعظ حتى يطمئن.
ثالثاً: أن العزاء المشروع ليس بالاجتماع في البيت، وإنما في أي مكان تلقاه فيه سواء في السوق في المسجد وما أشبه ذلك.
فضيلة الشيخ، ما هو الضابط في تقديم التعازي لأهل الميت.
الشيخ : ما هو ايش؟
السائل : الضابط في تقديم التعازي لأهل الميت، خاصة وأننا نجد في بعض البلدان أنهم يقرءون الفاتحة على الميت، وأنهم يستدلون على ذلك بأنه إذا كان القراءة على المريض مثلًا كالرقية جائزة فالميت من باب أولى أن يقرأ عليه الفاتحة، ونرجو البسط في هذه المسألة لأننا نجد الكثير من الخلافات فيها وجزاكم الله خيرًا؟
الشيخ : العزاء مشروع لكل مصيبة، العزاء مشروع لكل مصيبة، فيعزَّى المصاب وليس الأقارب فقط، قد يصاب الإنسان بموت صديقه أكثر مما يصاب بموت قريبه، وقد يموت القريب للشخص ولا يصاب به ولا يهتم به، وربما يفرح بموته إذا كان بينهما مشاكل، فالعزاء في الأصل إنما هو لمن أُصيب، ويعزى يعني: يقوى على تحمل الصبر، ومعنى عزيته أي: قويته على تحمل الصبر، وأحسن ما يعزى به ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث أرسل إلى إحدى بناته، فقال: ( مرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجل مسمى ) .
وأما اجتماع الناس للعزاء في بيت واحد فإن ذلك من البدع، فإن انضم إلى ذلك صنع الطعام في هذا البيت كان من النياحة، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون ذلك، أي: الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام يرونه من النياحة، والنياحة -كما يعلمه الكثير من أهل العلم أو من طلبة العلم- من كبائر الذنوب، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لعن النائحة والمستمعة ).
وعلى هذا فيجب على طلبة العلم أن يبينوا للعامة أن هذا أمر غير مشروع، وأنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، وأن الواجب على خلف هذه الأمة أن يتبعوا سلفها، فهل جلس النبي صلى الله عليه وسلم للعزاء في بناته؟ في أولاده؟ في زوجته خديجة؟ وزوجته زينب بنت خزيمة؟ هل جلس لهذا؟ هل جلس أبو بكر؟ هل جلس عمر؟ هل جلس عثمان؟ هل جلس علي؟ هل جلس أحد من الصحابة ينتظرون من يعزيهم؟
أبداً، لم يفعل هذا ولا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما ما تلقي عن الآباء وجرت به العادات، فهذا يعرض على الكتاب والسنة وهدي السلف، فإن وافقه فهو مقبول، لا لأنه عادة ولكن لأنه وافق السنة، وما خالفه فيجب أن يرفض.
ولا ينبغي لطلبة العلم أن يخضعوا للعادات، وأن يقولوا: كيف ننكر على آبائنا وأمهاتنا وإخواننا شيئاً معتاداً، لأننا لو أخذنا بهذا الطريق ما صلح شيء، وبقيت الأمور على ما هي عليه من الفساد.
وأما قراءة الفاتحة فهي أيضًا بدعة على بدعة، فما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعزي بقراءة الفاتحة أبدًا ولا غيرها من القرآن.
وأما قولهم إنه يقرأ على المريض فنقول: إنه يقرأ بها على المريض ليشفى بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وما يدريك أنها رقية؟ ) فهي تقرأ على المرضى ويشفون بإذن الله، لكن الميت ميت، هل إذا قرأناها عليه سيشفى؟ أبداً لن يشفى، هو ميت لا يبعث إلا يوم القيامة.
كل هذه من الأشياء التي يجب على طلبة العلم أن ينتزعوها من مجتمعاتهم، وأن يعودوا إلى ما كان عليه السلف الصالح.
فإذا قيل: إذاً متى نعزي؟
قلنا: أولاً: العزاء ليس بواجب، غاية ما فيه أنه سنة.
ثانياً: أن العزاء للمصاب الذي نعرف أنه تأثر بالمصيبة فنعزيه ونورد عليه المواعظ حتى يطمئن.
ثالثاً: أن العزاء المشروع ليس بالاجتماع في البيت، وإنما في أي مكان تلقاه فيه سواء في السوق في المسجد وما أشبه ذلك.
القائم لقضاء ما فاته في الصلاة هل يجوز أن يأتم به غيره.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ القائم بقضاء ما فاته في الصلاة هل يجوز أن يقتدي به شخص آخر؟
الشيخ : نعم، يعني: الرجل المسبوق الذي دخل مع الإمام في أثناء الصلاة ثم قام يقضي ما فاته، هل يأتم به أحد دخل معه؟
السائل : هو تسلسل بعده.
الشيخ : نعم، اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن هذا غير صحيح، وأنه لا يصح أن يأتم به أحد، ومنهم من قال: إنه صحيح لكن خلاف الأولى، وهذا هو الأقرب أنه صحيح لكن خلاف الأولى، وهو إلى البدعة أقرب منه إلى السنة، لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون هذا، كان الرجل إذا فاته شيء من الصلاة قام فقضاه وحده، ثم إن هذا يؤدي كما ذكرت إلى التسلسل فيصلي من دخل مع هذا القاضي الذي يقضي ما فاته، وربما يفوته شيء أعني: هذا الداخل فيقضي بعد من ائتم به، ثم يأتي ثالث ورابع وفي هذه الحال يظهر جداً أنه بدعة.
فضيلة الشيخ القائم بقضاء ما فاته في الصلاة هل يجوز أن يقتدي به شخص آخر؟
الشيخ : نعم، يعني: الرجل المسبوق الذي دخل مع الإمام في أثناء الصلاة ثم قام يقضي ما فاته، هل يأتم به أحد دخل معه؟
السائل : هو تسلسل بعده.
الشيخ : نعم، اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن هذا غير صحيح، وأنه لا يصح أن يأتم به أحد، ومنهم من قال: إنه صحيح لكن خلاف الأولى، وهذا هو الأقرب أنه صحيح لكن خلاف الأولى، وهو إلى البدعة أقرب منه إلى السنة، لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون هذا، كان الرجل إذا فاته شيء من الصلاة قام فقضاه وحده، ثم إن هذا يؤدي كما ذكرت إلى التسلسل فيصلي من دخل مع هذا القاضي الذي يقضي ما فاته، وربما يفوته شيء أعني: هذا الداخل فيقضي بعد من ائتم به، ثم يأتي ثالث ورابع وفي هذه الحال يظهر جداً أنه بدعة.
ما حكم شراء فراخ النخل بدون تحديد لمواصفاتها ونوعها.؟
السائل : بسم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ بعض أصحاب المزارع يشتري مثلاً خمسين فرخ نخلة مثلًا بخمسين ألفاً، دون أن يحدد نوع أو نفس الحجم الفراخ، ولكن يشترط عليه ألا يبيع شيئاً حتى يأخذ الخمسين حقه، فإذا كان لا يجوز فما رأيكم حث أئمة المساجد على ذلك، لأن هذا سائد، وإذا كان يجوز فأرجو إفتاءنا في ذلك جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : لا شك أنه إذا اشترى منه فراخة نخل فإنه على قسمين:
القسم الأول: أن يشتري منه موصوفاً بالذمة، وفي هذه الحال لا بد أن يحدد النوع والكمية والحجم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم )، فمثلاً يقول: اشتريت منك مائة فرخ شجرة سكرية برحية بكذا وكذا من الدراهم.
أما إذا كان مُعيناً كأن يقول: اشتريت منك فرخة هذا المقطر، فهذا لابد أن يعين الفرخ، ولا يصح أن يكون موصوفاً، بل يقول: هذه الفراخ العشرة ويعينها ويسمها بما تعرف به، فإن لم يكن كذلك فهي مجهولة، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر ).
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ بعض أصحاب المزارع يشتري مثلاً خمسين فرخ نخلة مثلًا بخمسين ألفاً، دون أن يحدد نوع أو نفس الحجم الفراخ، ولكن يشترط عليه ألا يبيع شيئاً حتى يأخذ الخمسين حقه، فإذا كان لا يجوز فما رأيكم حث أئمة المساجد على ذلك، لأن هذا سائد، وإذا كان يجوز فأرجو إفتاءنا في ذلك جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : لا شك أنه إذا اشترى منه فراخة نخل فإنه على قسمين:
القسم الأول: أن يشتري منه موصوفاً بالذمة، وفي هذه الحال لا بد أن يحدد النوع والكمية والحجم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم )، فمثلاً يقول: اشتريت منك مائة فرخ شجرة سكرية برحية بكذا وكذا من الدراهم.
أما إذا كان مُعيناً كأن يقول: اشتريت منك فرخة هذا المقطر، فهذا لابد أن يعين الفرخ، ولا يصح أن يكون موصوفاً، بل يقول: هذه الفراخ العشرة ويعينها ويسمها بما تعرف به، فإن لم يكن كذلك فهي مجهولة، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر ).
ما حكم إذا قام النائم ولم يبق علي خروج الوقت إلا ما يكفيه لوضوئه فهل يجوز أن يتيمم وما الواجب حينئذ.؟
السائل : بسم الله، الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله.
الشيخ : اللهم صل وسلم على رسول الله.
السائل : فضيلة الشيخ ما لو قام قائم من نومه ولم يبق على خروج الوقت إلا ما يكفيه لوضوئه، فهل في هذه الحال يتيمم ويصلي أو يتوضأ ولو خرج الوقت الواجب أو الأولى في هذه المسألة حفظكم الله؟
الشيخ : نعم، إذا استيقظ الإنسان من نومه وقد بقي من الوقت ما لا يتسع لوضوئه وصلاته، فإنه يتوضأ ثم يصلي ولو خرج الوقت، وذلك لأن النائم يكون وقت الصلاة في حقه وقت استيقاظه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) يعني: أو استيقظ، فالواجب أن يتطهر أولاً، ثم يصلي ثانياً ولو خرج الوقت، وفي هذا الحال تكون صلاته على القول الراجح تكون أداءً أي: كالذي صلى في الوقت.
ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى أنه لا يجوز للإنسان أن يُغَلِّب جانب النوم على جانب الصلاة، بل الواجب أن يكون عنده منبه ساعة أو تلفون، أو يطلب من أصحابه مثلاً أن يزعموا عليه إذا حان وقت الصلاة، وإذا كان عنده في البيت أحد يستيقظ فليطلب منه أن يوقظه، وأما التهاون فإنه لا يجوز، يجب أن ننتبه لهذا الأمر، يعني لا يقول قائل: إن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( من نام عن صلاة ونسيها فليصلها إذا ذكرها ) يدل على أن الأمر هين، لا.
لكن النوم إذا لم يكن عند الإنسان من يوقظه ولم يتمكن من الاستيقاظ وتعذرت الوسائل كلها، ففي هذه الحال يكون معذوراً.
السائل : يجب عليه الوضوء ؟
الشيخ : إي، يجب أن يتوضأ وجوبًا.
الشيخ : اللهم صل وسلم على رسول الله.
السائل : فضيلة الشيخ ما لو قام قائم من نومه ولم يبق على خروج الوقت إلا ما يكفيه لوضوئه، فهل في هذه الحال يتيمم ويصلي أو يتوضأ ولو خرج الوقت الواجب أو الأولى في هذه المسألة حفظكم الله؟
الشيخ : نعم، إذا استيقظ الإنسان من نومه وقد بقي من الوقت ما لا يتسع لوضوئه وصلاته، فإنه يتوضأ ثم يصلي ولو خرج الوقت، وذلك لأن النائم يكون وقت الصلاة في حقه وقت استيقاظه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) يعني: أو استيقظ، فالواجب أن يتطهر أولاً، ثم يصلي ثانياً ولو خرج الوقت، وفي هذا الحال تكون صلاته على القول الراجح تكون أداءً أي: كالذي صلى في الوقت.
ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى أنه لا يجوز للإنسان أن يُغَلِّب جانب النوم على جانب الصلاة، بل الواجب أن يكون عنده منبه ساعة أو تلفون، أو يطلب من أصحابه مثلاً أن يزعموا عليه إذا حان وقت الصلاة، وإذا كان عنده في البيت أحد يستيقظ فليطلب منه أن يوقظه، وأما التهاون فإنه لا يجوز، يجب أن ننتبه لهذا الأمر، يعني لا يقول قائل: إن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( من نام عن صلاة ونسيها فليصلها إذا ذكرها ) يدل على أن الأمر هين، لا.
لكن النوم إذا لم يكن عند الإنسان من يوقظه ولم يتمكن من الاستيقاظ وتعذرت الوسائل كلها، ففي هذه الحال يكون معذوراً.
السائل : يجب عليه الوضوء ؟
الشيخ : إي، يجب أن يتوضأ وجوبًا.
7 - ما حكم إذا قام النائم ولم يبق علي خروج الوقت إلا ما يكفيه لوضوئه فهل يجوز أن يتيمم وما الواجب حينئذ.؟ أستمع حفظ
ما النكتة البلاغية في قوله تعالي " ولكن الله ألف بينهم " ولم يذكر قلوبهم في سورة الأنفال.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
في قوله تعالى في سورة الأنفال: (( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) هل هناك نكتة بلاغية في مسألة: (( وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) ولم يذكر قلوبهم ؟
الشيخ : نعم، معلوم أن قوله: (( وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) أظهر في التأليف من قوله: ألف بين قلوبهم، لأنه إذا تآلفت الظواهر كان ذلك دليلاً على تآلف البواطن، لكن لو تآلفت البواطن فقد تتختلف أو يتخلف التآلف في الظواهر، فلهذا قال الله تعالى لنبيه: (( لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) هذا وجه.
والوجه الثاني: أن المدار على تأليف القلوب وهو أمر باطن لا يقدر عليه إلا الله، أما تأليف الظواهر فقد يأتي شخص من الناس ولاسيما من له كلمة في مجتمعه ويؤلف بين اثنين تأليفاً صورياً، ويقول: أنا ألفت بين هذين الرجلين وجمعتُ بينهما، وأصلحتُ بينهما، لكن قلوبهما متعادية، ومثل هذا التآلف لا يدوم طويلاً، فلهذا قال: (( مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )).
في قوله تعالى في سورة الأنفال: (( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) هل هناك نكتة بلاغية في مسألة: (( وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) ولم يذكر قلوبهم ؟
الشيخ : نعم، معلوم أن قوله: (( وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) أظهر في التأليف من قوله: ألف بين قلوبهم، لأنه إذا تآلفت الظواهر كان ذلك دليلاً على تآلف البواطن، لكن لو تآلفت البواطن فقد تتختلف أو يتخلف التآلف في الظواهر، فلهذا قال الله تعالى لنبيه: (( لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) هذا وجه.
والوجه الثاني: أن المدار على تأليف القلوب وهو أمر باطن لا يقدر عليه إلا الله، أما تأليف الظواهر فقد يأتي شخص من الناس ولاسيما من له كلمة في مجتمعه ويؤلف بين اثنين تأليفاً صورياً، ويقول: أنا ألفت بين هذين الرجلين وجمعتُ بينهما، وأصلحتُ بينهما، لكن قلوبهما متعادية، ومثل هذا التآلف لا يدوم طويلاً، فلهذا قال: (( مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )).
8 - ما النكتة البلاغية في قوله تعالي " ولكن الله ألف بينهم " ولم يذكر قلوبهم في سورة الأنفال.؟ أستمع حفظ
هل الأولى أن يسارع في إدخال من يريد الإسلام من الكفار أم نعطيه فرصة يتعلم ونعطيه أشرطة وكتب حول الإسلام ثم يسلم.؟
السائل : فضيلة الشيخ! بالنسبة للكفار الذين يريدون الدخول في الإسلام ويرى بعض الإخوة ألا يستعجل في دخولهم في الإسلام، بل يرى أن يعطوا كتباً وأشرطة ويبقوا شهراً أو شهرين حتى يتعلموا ويتفقهوا في العقيدة الإسلامية، وهم يريدون الإسلام، يأتي الرجل ويقول: أريد أن أدخل في الإسلام، وبعد ذلك تخبروني بما يجب علي من العبادات، هل الأولى أن نسارع ونجعله يدخل في الإسلام أم نعطيه فرصة حتى يتعلم ثم يسلم؟
الشيخ : الواقع أن بعض الناس كما ذكرت يقول: هؤلاء الذين جاءوا إلينا وافدين قد يقول قائل منهم: أنا أريد الإسلام وهو جاهل به، فإذا دخل في الإسلام ثم لم يرق له ولم يستحسن شعائر الإسلام نكص على عقبيه، وحينئذ تكون الطامة أعظم، لأنه إذا دخل في الإسلام ثم نكص صار مرتداً، لكن لو بقي على دينه صار كافراً أصلياً، والمرتد أعظم من الكافر الأصلي، لأن الكافر الأصلي يُقر على دينه، والمرتد لا يُقر على ردته، يدعى للإسلام فإن تاب وإلا قتل، فيرى بعض الإخوة ألا نتعجل.
ثم إن بعض هؤلاء العمال قد يدَّعي أنه مسلم لغرض دنيوي، ليس لحبٍ في الإسلام، فكوننا نقيم عليه الحجة ببيان الإسلام ثم يدخل عن بصيرة أولى من كوننا نتعجل، وعلى هذا ينبغي أن ينظر للقرائن، إذا رأينا أن هذا الرجل عامل بين قوم مسلمين، وكان يشاهدهم ويشاهد طهارتهم وصلاتهم وأذكارهم وسِيَرهم، فهذا من حين ما يقول إنه راغب في الإسلام نقبل منه، وأما إذا كان جاهلاً وقد أتى حديثاً ولم يدر عن الإسلام شيئاً فهنا يحسن أن نبين له الإسلام أولاً، ثم نقبل منه دعوى الإسلام.
الشيخ : الواقع أن بعض الناس كما ذكرت يقول: هؤلاء الذين جاءوا إلينا وافدين قد يقول قائل منهم: أنا أريد الإسلام وهو جاهل به، فإذا دخل في الإسلام ثم لم يرق له ولم يستحسن شعائر الإسلام نكص على عقبيه، وحينئذ تكون الطامة أعظم، لأنه إذا دخل في الإسلام ثم نكص صار مرتداً، لكن لو بقي على دينه صار كافراً أصلياً، والمرتد أعظم من الكافر الأصلي، لأن الكافر الأصلي يُقر على دينه، والمرتد لا يُقر على ردته، يدعى للإسلام فإن تاب وإلا قتل، فيرى بعض الإخوة ألا نتعجل.
ثم إن بعض هؤلاء العمال قد يدَّعي أنه مسلم لغرض دنيوي، ليس لحبٍ في الإسلام، فكوننا نقيم عليه الحجة ببيان الإسلام ثم يدخل عن بصيرة أولى من كوننا نتعجل، وعلى هذا ينبغي أن ينظر للقرائن، إذا رأينا أن هذا الرجل عامل بين قوم مسلمين، وكان يشاهدهم ويشاهد طهارتهم وصلاتهم وأذكارهم وسِيَرهم، فهذا من حين ما يقول إنه راغب في الإسلام نقبل منه، وأما إذا كان جاهلاً وقد أتى حديثاً ولم يدر عن الإسلام شيئاً فهنا يحسن أن نبين له الإسلام أولاً، ثم نقبل منه دعوى الإسلام.
9 - هل الأولى أن يسارع في إدخال من يريد الإسلام من الكفار أم نعطيه فرصة يتعلم ونعطيه أشرطة وكتب حول الإسلام ثم يسلم.؟ أستمع حفظ
هل المحي والستير يعتبران من أسماء الله تعالى.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ هل المحيي والستير يعتبران من أسماء الله؟
كذلك بعض الموظفين يا شيخ عندهم وقت لا عمل لهم فيه!
الشيخ : سؤال واحد.
المحيي ليس من أسماء الله، من أسماء الله: الحي، أم المحيي فهو فعل من أفعال الله، قال الله تعالى: (( هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))، فالمحيي فعل منه، اسم فاعل من أحيا، فهو من صفات الأفعال وليس من الأسماء.
وأما الستير فقد ورد فيه حديث، ولكن يحتاج إلى نظر في صحته، فإذا صح فهو من أسماء الله، لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن كل ما صح في أسماء الله عن رسول الله فإنه ثابت، أي: ثابت التسمية به.
فضيلة الشيخ هل المحيي والستير يعتبران من أسماء الله؟
كذلك بعض الموظفين يا شيخ عندهم وقت لا عمل لهم فيه!
الشيخ : سؤال واحد.
المحيي ليس من أسماء الله، من أسماء الله: الحي، أم المحيي فهو فعل من أفعال الله، قال الله تعالى: (( هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))، فالمحيي فعل منه، اسم فاعل من أحيا، فهو من صفات الأفعال وليس من الأسماء.
وأما الستير فقد ورد فيه حديث، ولكن يحتاج إلى نظر في صحته، فإذا صح فهو من أسماء الله، لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن كل ما صح في أسماء الله عن رسول الله فإنه ثابت، أي: ثابت التسمية به.
ما معني حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .؟
السائل : فضيلة الشيخ! حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بدون حساب ولا عذاب ما المقصود؟
الشيخ : نعم، هذا الحديث حديث طويل مشهور، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سواداً عظيماً قد سد الأفق فقيل له: ( هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فجعل الصحابة رضي الله عنهم يتساءلون بينهم من هؤلاء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ):
قوله: لا يسترقون، أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لمرض كان فيهم.
ولا يكتوون، أي: لا يطلبون من أحد أن يكويهم.
ولا يتطيرون، أي: لا يتشاءمون.
وعلى ربهم يتوكلون، أي: يعتمدون اعتماداً كلياً.
وعُلم من قوله: لا يسترقون أنهم لو قَرءوا على غيرهم فلا بأس، ولا يحرمون من هذا الثواب العظيم، وأنه لو قرأ عليهم غيرهم بلا طلب منهم فلا بأس ولا يحرمون من هذا الثواب العظيم، وكذلك من اكتوى من كواه غيره بلا طلب منه فإنه لا يحرم هذا الثواب.
وأما التطير فهو التشاؤم، قال العلماء: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، والتشاؤم من مرئي: مثل أن يرى شيئاً فيقع في نفسه التشاؤم، كأن يرى طيراً أسود فيقول: هذا سواد يومي، كأن يرى شيئًا أمامه عثرَ فمات فيتشاءم ويقول: إن ذهبت إلى هذا الطريق حصل لي مثلما حصل لهذا الشخص أو ما أشبه ذلك.
والتشاؤم بمسموع: مثل أن يسمع كلمة فيتشاءم بها، سمع كلمة نابية فتشاءم ورجع عن حاجته.
والتشاؤم بالمعلوم: التشاؤم بالأيام أو بالشهور، كما كان أهل الجاهلية يفعلون، منهم من يتشاءم بشهر صفر، ومنهم من يتشاءم بشهر شوال، ومنهم من يتشاءم بيوم الأربعاء، وغير ذلك مما هو معروف في طرق الجاهلية، فإن الطيرة من الشرك، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الطيرة شرك، الطيرة شرك )، وعلى الإنسان أن يتوكل على الله ويعتمد عليه في أمره كله، وإذا رأى أن من الخير أن يفعل فليفعل، ولا يهمه ما سمعه ولا ما رأى، لأن الطيرة من الشرك.
وأما التوكل فهو: صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب النافعة، لأن التوكل بدون فعل الأسباب النافعة يسمى تواكلاً وليس توكلاً، فإن سيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يفعل الأسباب التي تقيه، ففي غزوة أحد ظاهر بين درعين يعني: لبس درعين خوفاً من السهام، وضرب الخندق على المدينة لئلا يدخلها العدو، واختفى في غار ثور ثلاثة أيام لئلا يدركه العدو، فالأسباب النافعة فعلها لا ينافي التوكل أبداً، بل هو من مقتضى التوكل.
فهذه الأوصاف الأربعة أنهم: ( لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ) هي من صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، ولكن ليعلم أنه لابد أن يكون عندهم إيمان، فلو فرضنا أن أحداً اتصف بهذه الصفات لكنه لا يصلي، فهذا لا يدخل الجنة أبداً لا بحساب ولا بغير حساب، لأن من لا يصلي كافر، ولا ينفعه أنه لا يسترقي، ولا يكتوي، ولا يتطير، وأنه يتوكل ويعتمد على الله، فيجب أن ننتبه إلى هذه المسألة.
الشيخ : نعم، هذا الحديث حديث طويل مشهور، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سواداً عظيماً قد سد الأفق فقيل له: ( هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فجعل الصحابة رضي الله عنهم يتساءلون بينهم من هؤلاء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ):
قوله: لا يسترقون، أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لمرض كان فيهم.
ولا يكتوون، أي: لا يطلبون من أحد أن يكويهم.
ولا يتطيرون، أي: لا يتشاءمون.
وعلى ربهم يتوكلون، أي: يعتمدون اعتماداً كلياً.
وعُلم من قوله: لا يسترقون أنهم لو قَرءوا على غيرهم فلا بأس، ولا يحرمون من هذا الثواب العظيم، وأنه لو قرأ عليهم غيرهم بلا طلب منهم فلا بأس ولا يحرمون من هذا الثواب العظيم، وكذلك من اكتوى من كواه غيره بلا طلب منه فإنه لا يحرم هذا الثواب.
وأما التطير فهو التشاؤم، قال العلماء: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، والتشاؤم من مرئي: مثل أن يرى شيئاً فيقع في نفسه التشاؤم، كأن يرى طيراً أسود فيقول: هذا سواد يومي، كأن يرى شيئًا أمامه عثرَ فمات فيتشاءم ويقول: إن ذهبت إلى هذا الطريق حصل لي مثلما حصل لهذا الشخص أو ما أشبه ذلك.
والتشاؤم بمسموع: مثل أن يسمع كلمة فيتشاءم بها، سمع كلمة نابية فتشاءم ورجع عن حاجته.
والتشاؤم بالمعلوم: التشاؤم بالأيام أو بالشهور، كما كان أهل الجاهلية يفعلون، منهم من يتشاءم بشهر صفر، ومنهم من يتشاءم بشهر شوال، ومنهم من يتشاءم بيوم الأربعاء، وغير ذلك مما هو معروف في طرق الجاهلية، فإن الطيرة من الشرك، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الطيرة شرك، الطيرة شرك )، وعلى الإنسان أن يتوكل على الله ويعتمد عليه في أمره كله، وإذا رأى أن من الخير أن يفعل فليفعل، ولا يهمه ما سمعه ولا ما رأى، لأن الطيرة من الشرك.
وأما التوكل فهو: صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب النافعة، لأن التوكل بدون فعل الأسباب النافعة يسمى تواكلاً وليس توكلاً، فإن سيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يفعل الأسباب التي تقيه، ففي غزوة أحد ظاهر بين درعين يعني: لبس درعين خوفاً من السهام، وضرب الخندق على المدينة لئلا يدخلها العدو، واختفى في غار ثور ثلاثة أيام لئلا يدركه العدو، فالأسباب النافعة فعلها لا ينافي التوكل أبداً، بل هو من مقتضى التوكل.
فهذه الأوصاف الأربعة أنهم: ( لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ) هي من صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، ولكن ليعلم أنه لابد أن يكون عندهم إيمان، فلو فرضنا أن أحداً اتصف بهذه الصفات لكنه لا يصلي، فهذا لا يدخل الجنة أبداً لا بحساب ولا بغير حساب، لأن من لا يصلي كافر، ولا ينفعه أنه لا يسترقي، ولا يكتوي، ولا يتطير، وأنه يتوكل ويعتمد على الله، فيجب أن ننتبه إلى هذه المسألة.
ما معنى الفاضل والمفضول وأيهما أفضل.؟
السائل : بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، فضيلة الشيخ ما معنى الفاضل والمفضول وأيهما أفضل؟
الشيخ : معلوم أن المفضول يعني: الذي فَضَلَه غيره، والفاضل: الذي فيه الفضل، فإذا قيل: فاضل ومفضول، فالفاضل هنا بمعنى: أفضل، وأما إذا قيل: فاضل بدون ذكر المفضول، فالفاضل قد يكون غيره أفضل منه، فالمراتب ثلاث: أفضل، وفاضل، ومفضول.
فإذا قيل: أفضل فمعناه: أنه لابد من شيء مفضول، مثال ذلك: رجل يريد أن يتفرغ لطلب العلم أو يصلي نوافل، صلاة النوافل لا شك أن فيها فضلاً، لكن طلب العلم أفضل منها بكثير، شخص آخر أراد أن يتصدق على فقير عنده بعض الكفاية، وآخر أراد أن يتصدق على فقير ليس عنده شيء من الكفاية، فالأفضل الثاني، وكلاهما فيه فضل.
ولكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، مثاله: قراءة القرآن من أفضل الذكر، والقرآن أفضل الذكر، فلو كان رجل يقرأ وسمع المؤذن يؤذن فهل الأفضل أن يستمر في قراءته أو أن يجيب المؤذن؟
هنا نقول: الأفضل أن يجيب المؤذن، وإن كان القرآن أفضل من الذكر، لكن الذكر في مكانه أفضل من قراءة القرآن، لأن قراءة القرآن غير مقيدة بوقت، متى شئت فاقرأ، لكن إجابة المؤذن مربوطة بالمؤذن.
كذلك أذكار الصلوات الخمس التي بعد الفرائض، لو قال قائل: أنا أريد من حين أن أسلم أن أقرأ القرآن، فهل الأفضل أن أقرأ القرآن، أو أن أقول الذكر الوارد؟ ما الجواب؟
الذكر الوارد، بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً )، مع أن قراءة القرآن من أفضل الأعمال، لكن نقول: إذا كنت راكعاً فأنت منهي أن تقرأ القرآن، وكذلك إذا كنت ساجداً فإنك منهي أن تقرأ القرآن، وتقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود.
وقد قال بعض العلماء: لو قرأ الإنسان القرآن وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته، لأنه فعل شيئاً منهياً عنه، أنت ترى الآن أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( إني نهيت -يعني نهاني ربي- أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ) مع أن القرآن من أفضل الذكر.
وخلاصة الجواب أن نقول: الأعمال لها مراتب بعضها أفضل من بعض، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
الشيخ : معلوم أن المفضول يعني: الذي فَضَلَه غيره، والفاضل: الذي فيه الفضل، فإذا قيل: فاضل ومفضول، فالفاضل هنا بمعنى: أفضل، وأما إذا قيل: فاضل بدون ذكر المفضول، فالفاضل قد يكون غيره أفضل منه، فالمراتب ثلاث: أفضل، وفاضل، ومفضول.
فإذا قيل: أفضل فمعناه: أنه لابد من شيء مفضول، مثال ذلك: رجل يريد أن يتفرغ لطلب العلم أو يصلي نوافل، صلاة النوافل لا شك أن فيها فضلاً، لكن طلب العلم أفضل منها بكثير، شخص آخر أراد أن يتصدق على فقير عنده بعض الكفاية، وآخر أراد أن يتصدق على فقير ليس عنده شيء من الكفاية، فالأفضل الثاني، وكلاهما فيه فضل.
ولكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، مثاله: قراءة القرآن من أفضل الذكر، والقرآن أفضل الذكر، فلو كان رجل يقرأ وسمع المؤذن يؤذن فهل الأفضل أن يستمر في قراءته أو أن يجيب المؤذن؟
هنا نقول: الأفضل أن يجيب المؤذن، وإن كان القرآن أفضل من الذكر، لكن الذكر في مكانه أفضل من قراءة القرآن، لأن قراءة القرآن غير مقيدة بوقت، متى شئت فاقرأ، لكن إجابة المؤذن مربوطة بالمؤذن.
كذلك أذكار الصلوات الخمس التي بعد الفرائض، لو قال قائل: أنا أريد من حين أن أسلم أن أقرأ القرآن، فهل الأفضل أن أقرأ القرآن، أو أن أقول الذكر الوارد؟ ما الجواب؟
الذكر الوارد، بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً )، مع أن قراءة القرآن من أفضل الأعمال، لكن نقول: إذا كنت راكعاً فأنت منهي أن تقرأ القرآن، وكذلك إذا كنت ساجداً فإنك منهي أن تقرأ القرآن، وتقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود.
وقد قال بعض العلماء: لو قرأ الإنسان القرآن وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته، لأنه فعل شيئاً منهياً عنه، أنت ترى الآن أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( إني نهيت -يعني نهاني ربي- أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ) مع أن القرآن من أفضل الذكر.
وخلاصة الجواب أن نقول: الأعمال لها مراتب بعضها أفضل من بعض، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
هل الإنسان إذا أتى بأركان الإسلام الخمسة يكون مسلماً وإن لم يطبق أحكاما أخرى كإعفاء اللحية وقص الثوب فليس بمؤمن.؟
السائل : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
فضيلة الشيخ يقول بعض الإخوان: إن من أدى أركان الإسلام الخمسة أصبح مسلماً، ولم يطبق السنة النبوية من حف الشارب وإرخاء اللحية، وقص الثوب، لم يصبح مؤمنًا أو مستقيماً، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : هذا صحيح أن الإنسان إذا أتى بأركان الإسلام الخمسة فهو مسلم، حتى لو حلق لحيته أو نزل ثوبه إلى أسفل من الكعبين فهو مسلم، بل هو مؤمن لكنه ناقص الإيمان لارتكابه هذه المعصية وإصراره عليها، لأنك لو قلت: ليس بمسلم فقد أخرجته من الإسلام، والإخراج من الإسلام ليس بالهين، لا يجوز لنا أن نخرج شخصاً من الإسلام إلا بدليل من الكتاب والسنة، أو إجماع الأمة، لأن الإخراج من الإسلام حكم من أحكام الله يترتب عليه مسائل عظيمة، فإذا كان ليس لنا أن نقول: هذا حرام إلا بدليل، أو هذا واجب إلا بدليل، فليس لنا أن نقول: إن هذا كفر إلا بدليل، ولا نقول: هذا كافر إلا بدليل، والأمة الإسلامية ما فرقها إلا مثل هذا القول المبني على الوهم، فالخوارج لماذا خرجوا على الأئمة وأفسدوا أشياء كثيرة من الأمة، إلا لأنهم يكفرون بكبائر الذنوب، ويقولون: من فعل الكبيرة فهو كافر مخلد في النار يجب قتاله، ومن قرأ التاريخ عرف ما حصل من ظهورهم من المفاسد العظيمة.
فالحاصل: أن الكفر ليس بالأمر الهين، قد يعصي الإنسان معاصي كثيرة لكنه يبقى مؤمناً، إلا أنه مؤمن ناقص الإيمان، ولو سألتكم ما هو أعظم شيء من العدوان على بني آدم؟
لكان الجواب: القتل، القتل أعظم من أخذ المال، ومع ذلك جعل الله تعالى القاتل أخاً للمقتول فقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )).
فضيلة الشيخ يقول بعض الإخوان: إن من أدى أركان الإسلام الخمسة أصبح مسلماً، ولم يطبق السنة النبوية من حف الشارب وإرخاء اللحية، وقص الثوب، لم يصبح مؤمنًا أو مستقيماً، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : هذا صحيح أن الإنسان إذا أتى بأركان الإسلام الخمسة فهو مسلم، حتى لو حلق لحيته أو نزل ثوبه إلى أسفل من الكعبين فهو مسلم، بل هو مؤمن لكنه ناقص الإيمان لارتكابه هذه المعصية وإصراره عليها، لأنك لو قلت: ليس بمسلم فقد أخرجته من الإسلام، والإخراج من الإسلام ليس بالهين، لا يجوز لنا أن نخرج شخصاً من الإسلام إلا بدليل من الكتاب والسنة، أو إجماع الأمة، لأن الإخراج من الإسلام حكم من أحكام الله يترتب عليه مسائل عظيمة، فإذا كان ليس لنا أن نقول: هذا حرام إلا بدليل، أو هذا واجب إلا بدليل، فليس لنا أن نقول: إن هذا كفر إلا بدليل، ولا نقول: هذا كافر إلا بدليل، والأمة الإسلامية ما فرقها إلا مثل هذا القول المبني على الوهم، فالخوارج لماذا خرجوا على الأئمة وأفسدوا أشياء كثيرة من الأمة، إلا لأنهم يكفرون بكبائر الذنوب، ويقولون: من فعل الكبيرة فهو كافر مخلد في النار يجب قتاله، ومن قرأ التاريخ عرف ما حصل من ظهورهم من المفاسد العظيمة.
فالحاصل: أن الكفر ليس بالأمر الهين، قد يعصي الإنسان معاصي كثيرة لكنه يبقى مؤمناً، إلا أنه مؤمن ناقص الإيمان، ولو سألتكم ما هو أعظم شيء من العدوان على بني آدم؟
لكان الجواب: القتل، القتل أعظم من أخذ المال، ومع ذلك جعل الله تعالى القاتل أخاً للمقتول فقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )).
اضيفت في - 2005-08-27