سلسلة لقاء الباب المفتوح-015a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
كلمة حول الأحكام الخاصة بصلاة الكسوف .
الشيخ : الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى توفاه الله عز وجل، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا في هذا اليوم الخميس، السادس عشر من شهر جمادى الآخرة، نلتقي وإياكم اللقاء الثالث لهذا الشهر، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً.
كنا نتكلم في تفسير القرآن الكريم من أول سورة النبأ إلى آخر القرآن، نظراً لكون المسلمين يستمعون إلى هذه السور والآيات كثيراً، لكونها تقرأ في الصلوات، ولكننا هذا اليوم نتكلم عن مناسبة حصلت البارحة ألا وهي كسوف القمر.
والكسوف كما نعلم أمر غير عاديّ، يقدره الله عز وجل إنذاراً للعباد وتخويفاً لهم، وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسوف الشمس مرة واحدة في السنة العاشرة، في التاسع والعشرين من شهر شوال، وقد وقع هذا الكسوف أول النهار حين ارتفعت قدر رمح أو رمحين، وكان كسوفاً عظيماً، كسوفًا كلياً للشمس حتى صارت كأنها قطعة نحاس، ففزع الناس لذلك فزعاً عظيماً، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فزعاً يجرُّ رداءه، قال الراوي: ( يخشى أن تكون الساعة ) ، وأمر صلى الله عليه وسلم أن ينادى لها: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس رجالاً ونساءً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقام لهذا الكسوف صلاة غريبة، صلاة لا نظير لها في بقية الصلوات، وذلك لأنها أي هذه الصلاة كان لها مناسبة لا نظير لها: الظهر تصلى عند زوال الشمس وهو معتاد، والمغرب عند غروب الشمس وهو معتاد، لكن الكسوف غير معتاد، ولهذا أقام له النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة غير معتادة.
صلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه، وجهر فيها بالقراءة، لأن الصلاة صلاة جمع، ولهذا قال العلماء: ينبغي أن يجتمع الناس في صلاة الكسوف في الجوامع، وألا تقام في كل مسجد بل السنة أن يجتمع الناس في الجوامع، لأنه أكثر عدداً وأقرب إلى الإجابة والرحمة، فإنه كلما كثر جمع المسلمين كانوا أقرب إلى رحمة الله، كما جاء في الحديث أن الله سبحانه وتعالى يقول لأهل الموقف في عرفة وهم أكثر ما يكونوا اجتماعًا من أقطار الدنيا من المسلمين يقول: ( انصرفوا مغفورًا لكم ).
اجتمع الناس في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فقرأ بهم جهراً قراءة طويلة طويلة، حتى كان بعضهم يسقط من قيامه من شدة التعب، أما النبي عليه الصلاة والسلام فلا غرابة أن يقف هذا الوقوف، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم مِن عادته أنه كان يطيل القيام حتى تتورَّم قدماه، بل حتى تتفطَّر قدماه، فيقال له في ذلك، قيقول حين يقال له في ذلك، ويقال له: ( ألم يكن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول عليه الصلاة والسلام: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ).
أطال القيام إطالة طويلة، ثم ركع فأطال الركوع إطالة طويلة، ثم رفع فقرأ الفاتحة، ثم قرأ قراءة طويلة طويلة إلا أنها دون الأولى، ثم ركع ركوعاً طويلاً لكنه دون الركوع الأول، ثم رفع وقام بعد الرفع من الركوع بدون قراءة، لكن بحمد وتسبيح وتعظيم لله عز وجل، وأطال هذا القيام بقدر إطالة الركوع، ثم هوى ساجداً صلى الله عليه وآله وسلم، وأطال السجود نحواً من ركوعه، ثم رفع من السجود الأول فقعد وأطال القعود بمقدار إطالة السجود، ثم سجد السجود الثاني وأطال كالسجود الأول، ثم قام إلى الركعة الثانية وصلاها كالأولى، لكنها أقل قراءة وأقل إطالة في الركوع والسجود، ثم انصرف، فقام في الناس خطيباً عليه الصلاة والسلام، وخطب خطبة بليغة قال فيها: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياة أحد )، لأن الحوادث الأرضية ليس لها أثر في الأفلاك، الأفلاك تجري بأمر الله، ولا علاقة لها بما يحدث في الأرض، فهي تتغير بأمر الله عز وجل، لا لفقدانِ عظيم، ولا لوجودِ عظيم.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما قال في هذه الخطبة البليغة: أنه عرضت عليه الجنة والنار، عرضت عليه الجنة ورأى ما فيها من النعيم، وتقدم قليلاً ليأخذ منها قطفاً من العنب، وقال: ( لو أني أخذته لبقي لكم ما بقيت الدنيا )، ولكن الله سبحانه وتعالى حال بينه وبينه، لأن الوقت لم يأت بعد، إذ أن نعيم الجنة لا يتنعم به الناس إلا يوم القيامة.
ثم عرضت عليه النار، حتى تقهقر عليه الصلاة والسلام رجع خاف من لفحها، ورأى فيها من يعذب، رأى فيها عمرو بن لُحي الخزاعي يجر قُصبه في النار -أمعاءه والعياذ بالله-، لأنه أول من أدخل الشرك على العرب، فهو أول من أدخل الأصنام وسيَّب السوائب، وأدخل على العرب أنواعاً من الشرك والفسوق، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعذب في نار جهنم.
ورأى فيها امرأة تعذب في هرة حبستها، بسبب حبسها لهذه الهرة لا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، ولا هي أطعمتها بشراب ومأكول، حتى ماتت الهرة فعذبت بها.
ورأى صلى الله عليه وآله وسلم صاحب المحجن يعذب فيها، صاحب المحجن رجل يسرق الحجاج بمحجنه، والمحجن: عصاً محنية الرأس، لها رأس منحنية، فيمر بالحاج فيخطف متاعه، فإن تفطَّن له قال: هذا الذي جذبه المحجن، وإن لم يُتفطن له سار به وأخذه والعياذ بالله، فرآه يعذب في نار جهنم، وقال عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة: ( يا أمة محمد ما من أحد أغيرُ من الله عز وجل أن يزنيَ عبدُه أو تزنيَ أمتُه ) يعني: أن الله سبحانه وتعالى له غيرة عظيمة، إذا زنا العبد الرجل أو الأمة المرأة، ولهذا حرَّم سبحانه وتعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ولما نزلت هذه الآية، وهي قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) قال سعد بن عبادة وكان سيد الخزرج، وكان غيوراً رضي الله عنه، حتى إنه من غَيرته لا يتجاسر أحدٌ أن يتزوج امرأته بعد فراقه لها، فقال: ( يا رسول الله! أرأيتَ إن رأيتُ لُكَع بن لُكَع -وهذا وصف ذم- على امرأتي، أذهب حتى آتي بأربعة شهداء، والله لأضربنه بالسيف غير مصفَّح -يعني: أضربه بحد السيف لا بصفحته يعني فأقتله- فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تعجبون من غَيرة سعد، والله إني لأغيرُ من سعد، وإن الله لأغير مني ) عليه الصلاة والسلام.
فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الله يغار من زنا الرجل أو زنا المرأة، وأن ذلك من أسباب سخط الله وعقابه.
وقال في هذه الخطبة العظيمة: ( يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا ً) يعني: لو أيقنتم كما أوقن لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولكنه ليس عندنا من اليقين ما عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا الكسوف بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام في الخطبة أن الله تعالى يُحدث من أمره ما شاء، ومنه الخسوف أو الكسوف، فالخسوف للقمر والكسوف للشمس، وربما قيل الكسوف لهما جميعاً.
يحدث ذلك سبحانه وتعالى ليخوف بذلك عبادَه، فالكسوف إنذار يا إخوان، إنذار من الله لعقوبةٍ انعقدت أسبابها، وليس هو عذاباً لكنه إنذار، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( يخوف الله بهما عباده ) ولم يقل: يعاقب الله بهما عباده، بل هو تخويف، ولا ندري ما وراء هذا التخويف، قد يكون هناك عقوبات عاجلة أو آجلة في الأنفس أو الأموال أو الأولاد أو الأهل، عقوبات عامة أو خاصة ما ندري، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ) افزعوا، ما قال: قوموا، وما قال: صلوا او اذكروا الله، ولكن قال: افزعوا، افزعوا إلى ذكر الله واستغفاره، وكبروا وتصدقوا وصلوا وأعتقوا، كل هذه أشياء تدل على عظم هذا الكسوف، مع أنه بسبب موت القلوب في عصرنا هذا صار يمر وكأنه أمر طبيعي، كأن كسوف الشمس غروبها فنقوم فنصلي المغرب، تكسف فنقوم فنصلي صلاة الكسوف من غير وجل ولا خوف، نسأل الله أن يلين قلوبنا لذكره.
الحقيقة أن الأمر خطير، وكون الكسوف يأتي ويمضي بهذه السهولة وكأن شيئاً لم يكن، هذا يدل دلالة واضحة على أن القلوب عليها بلاء، (( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ )) نسأل الله أن لا يحجبنا وإياكم عنه.
الطالب : آمين.
الشيخ : (( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ )).
هذا الكسوف ينقسم فيه الناس إلى قسمين:
قسم يؤمن بما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك لتخويف العباد، فيحذر ويخاف ويفزع ويلجأ إلى الله عز وجل، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هذا القسم.
قسم آخر يقول: هذه الأمور طبيعية ليس لها أثر، بل الكسوف سببه حيلولة الأرض بين القمر والشمس، فهذا الجزء المظلم من القمر هو ظل الأرض، حيث حالت بينه وبين الشمس كما يكون ظل السحاب على الأرض إذا حال بين الشمس وبين الأرض، يقول: هذا أمر طبيعي، ما هو شيء للتخويف، والدليل على ذلك يقول: إن الناس يعلمون بالخسوف قبل أن يقع، ويحددونه بالساعة والدقيقة ابتداءً وتوسطاً وانتهاءً، إذاً لا حاجة أن نفزع ولا حاجة أن نخاف، وهؤلاء طبع الله على قلوبهم -والعياذ بالله- لم يتفطنوا للوحي، ولم يتفطنوا أن الذي قدَّر هذا السبب هو الله عز وجل، هو الذي قدر هذا السبب.
من يستطيع أن يجعل الأرض تحول بين الشمس والقمر؟! من يستطيع في كسوف الشمس أن يجعل القمر يحول بين الشمس والأرض؟! من يستطيع هذا إلا الله عز وجل؟!
فإذا قدره فإنما يقدره لحكمة، وهي: تخويف العباد، والمؤمن العاقل يستطيع أن يجمع بين السبب الشرعي والسبب الكوني، وذلك أن الكسوف له سببان:
السبب الأول: التخويف تخويف العباد إذا كثرت الذنوب، ورانت المعاصي على القلوب، نسأل الله العافية.
والسبب الثاني: كوني قدري: وهو ما يذكره الناس من أن سبب الكسوف حيلولة القمر بين الشمس والأرض، وسبب الخسوف حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، ولا يمتنع أن يجعل الله عز وجل أسباباً طبيعية لتخويف العباد، أرأيتم الصواعق والفيضانات، هل لها أسباب كونية قدرية؟
الجواب: نعم، لها أسباب كونية قدرية، لكن من الذي خلق هذه الأسباب؟
الله عز وجل خلقها يخوف الله العباد: (( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ )).
إذاً: علينا أن تكون قلوبنا واسعة، تسع السبب الكوني وهو القدري، والسبب الشرعي، ونقول: يقدر الله تعالى هذه الأسباب من أجل أن يخوف العباد.
في صلاة الكسوف عدة مسائل:
المسألة الأولى: لماذا جُعلت الصلاة على هذا الوصف، ولم تكن كالصلوات الأخرى؟ لماذا؟ كان فيها ركوعان في ركعة واحدة؟
نقول: لأنها ليس سببها أمراً معتاداً حتى تكون كالصلاة المعتادة، غروب الشمس سبب لصلاة المغرب، تصلي المغرب على عادتك لكن هذا سبب غير معتاد، آية من آيات الله، فناسب أن تكون الصلاة على غير الوجه المعتاد لتكون أيضاً آية من آيات الله، لكن الصلاة آية شرعية والكسوف آية كونية شرعية.
طيب ثانياً: لماذا يجهر في صلاة الكسوف إذا وقعت نهاراً؟
لأنها صلاةٌ جامعة، ونحن نرى أن الصلوات الجامعة النهارية تكون قراءتها جهرية، الجمعة صلاة نهارية، يجهر فيها بالقراءة، لماذا؟
لأنها جامعة، العيد صلاة نهارية يجهر فيها بالقراءة لأنها جامعة، الاستسقاء كذلك، لهذا نقول: صارت صلاتها جهرية لأنها صلاة جامعة.
أيضًا نسأل: أين تشرع هذه الصلاة هل هي في كل مسجد؟
الجواب: في الجوامع، هذا هو الأفضل، لكن لو فرض أن الناس تكاسلوا وصلى كل إنسان في مسجده فلا بأس، لكن الأفضل أن تكون في الجامع كما ذكر ذلك أهل العلم، وكما هو ظاهر السنة، حيث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينادى لها: ( الصلاة جامعة، فاجتمع الناس ).
ومنها أيضًا: هل تطال هذه الصلاة، أو لماذا تطال هذه الصلاة في القراءة وفي الركوع والسجود والقيام والقعود؟ لماذا؟
لأنها صلاة رهبة يحتاج الإنسان فيها إلى الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة، وأيضاً فإن الكسوف قد تطول مدته، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم )، ورسول الله عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف بقي حتى تجلت الشمس، فما انصرف من صلاته إلا وقد تجلت، وقد ذكرنا في أول كلامنا أن الكسوف الذي وقع في عهده كان كسوفاً كلياً للشمس، وهذا في العادة يستغرق وقتاً طويلاً، وقد ذكرت لكم أن بعض الصحابة يقع من التعب والإرهاق من طول القراءة.
إذاً: تطال لأن الغالب أن زمن الكسوف يطول، فإذا قُدِّر أننا لم نعلم بالكسوف إلا حين بدأ بالتجلي، وهو إذا بدأ بالتجلي أحياناً يسرع ينجلي سريعاً فهل نصلي أو لا نصلي؟
الجواب: نصلي، وإذا تجلت الشمس أو القمر ونحن نصلي خففنا الصلاة، خففنا الصلاة لأنها صلاة ذات سبب تتقيد بقدرها، فإن لم نعلم بالكسوف إلا بعد أن تجلت نهائياً فهل نقضيها؟
لا، لا نقضيها، لأن هذه الصلاة لسبب زال، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم ) .
ومن المسائل التي ترد على صلاة الكسوف: أن فيها ركوعين في كل ركعة، فهل إذا جاء رجل مسبوق ودخل مع الإمام بعد الركوع الأول هل يكون مدركاً للركعة؟
الجواب: لا، لأن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع الأول، فلو جئت والإمام في الركعة الأولى وقد رفع من الركوع الأول فقد فاتتك الركعة الأولى، فإذا سلم تقوم وتقضي ركعة كاملة بركوعين وسجودين، لأن إدراك الركعة في صلاة الكسوف لا يكون إلا بإدراك الركوع الأول، وهذه مسألة تخفى على كثير من الناس، كثير من الناس إذا أدركوا الركوع الثاني ظن أنهم أدركوا الركعة وليس كذلك، لأنه بقي عليه ركوع في الركعة، كيف تكون مدركاً للركعة وأنت قد فاتك الركوع؟!
ومما يسأل عنه: هل الخطبة في صلاة الكسوف من الخطب الراتبة أو من الخطب العارضة؟ نعم؟
الطالب : العارضة .
الشيخ : لو أن الكسوف وقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام مرتين أو ثلاثاً، فخطب في إحدى المرات، وترك في إحدى المرات، قلنا: هذه من الخطب العارضة، لأنه فعل وترك، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة وخطب، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله، هل هي من الخطب الراتبة، بحيث نقول: يشرع للإمام أن يخطب في الناس على كل حال، أو هي من الخطب العارضة التي إن شاء قام بها وإن شاء لم يقم؟
والذي يتبين لي أنها من الخطب الراتبة، وأنه يسن لكل مصل عنده قدرة أن يخطب الناس، لما في ذلك من إثارة الشعور، وبيان عظم هذا الحادث حتى لا ينصرف الناس عن هذا المكان بدون موعظة، فالذي أراه أنها من الخطب الراتبة التي تسن بكل حال، كلما صلى صلاة الكسوف وكان الإمام عنده قدرة فليتكلم في الناس ويعظهم، فإن لم يقدر وكان في القوم من هو قادر فليطلب منه ويقول: يا فلان قم حدثنا، فيحدث الناس بمثل ما حدثهم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن المسائل التي ترد على صلاة الكسوف أنه: إذا أذن لها هل يكبر ويتشهد؟
الجواب: لا، بل يقول: الصلاة جامعة. وكم يكررها؟
يكررها ثلاثاً أو أربعاً، أو خمساً، ولكن الأفضل أن يقطعها على وتر، ويكررها بحسب الحاجة، فمثلاً إذا وقع الكسوف في وقت الناس مستيقظون منتبهون فهنا لا يحتاج إلى تكرار طويل، لأن الناس مستيقظون ومنتبهون، لكن إذا وقع في أثناء الليل كما في كسوف القمر البارحة، فإنه يكرر حتى يغلب على ظنه أنه قد أبلغ، لأن الناس نائمون، وفي الغالب أنهم في أيام الشتاء يكونون في الحجر مغلقة عليهم فلا يسمعون، فتكرار النداء لصلاة الكسوف بحسب الحاجة، إن احتاجوا إلى التكرار الكثير فعل وإلا فلا.
ولعلنا نقتصر على ما ذكرنا لئلا يطول بنا الوقت مما يتعلق بأحكام صلاة الكسوف، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يتعظ بآيات الله، وينتفع بها، وأن يحيينا وإياكم حياة طيبة، ويتوفانا على الإيمان ويجعلنا من عباده المخلصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإننا في هذا اليوم الخميس، السادس عشر من شهر جمادى الآخرة، نلتقي وإياكم اللقاء الثالث لهذا الشهر، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً.
كنا نتكلم في تفسير القرآن الكريم من أول سورة النبأ إلى آخر القرآن، نظراً لكون المسلمين يستمعون إلى هذه السور والآيات كثيراً، لكونها تقرأ في الصلوات، ولكننا هذا اليوم نتكلم عن مناسبة حصلت البارحة ألا وهي كسوف القمر.
والكسوف كما نعلم أمر غير عاديّ، يقدره الله عز وجل إنذاراً للعباد وتخويفاً لهم، وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسوف الشمس مرة واحدة في السنة العاشرة، في التاسع والعشرين من شهر شوال، وقد وقع هذا الكسوف أول النهار حين ارتفعت قدر رمح أو رمحين، وكان كسوفاً عظيماً، كسوفًا كلياً للشمس حتى صارت كأنها قطعة نحاس، ففزع الناس لذلك فزعاً عظيماً، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فزعاً يجرُّ رداءه، قال الراوي: ( يخشى أن تكون الساعة ) ، وأمر صلى الله عليه وسلم أن ينادى لها: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس رجالاً ونساءً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقام لهذا الكسوف صلاة غريبة، صلاة لا نظير لها في بقية الصلوات، وذلك لأنها أي هذه الصلاة كان لها مناسبة لا نظير لها: الظهر تصلى عند زوال الشمس وهو معتاد، والمغرب عند غروب الشمس وهو معتاد، لكن الكسوف غير معتاد، ولهذا أقام له النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة غير معتادة.
صلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه، وجهر فيها بالقراءة، لأن الصلاة صلاة جمع، ولهذا قال العلماء: ينبغي أن يجتمع الناس في صلاة الكسوف في الجوامع، وألا تقام في كل مسجد بل السنة أن يجتمع الناس في الجوامع، لأنه أكثر عدداً وأقرب إلى الإجابة والرحمة، فإنه كلما كثر جمع المسلمين كانوا أقرب إلى رحمة الله، كما جاء في الحديث أن الله سبحانه وتعالى يقول لأهل الموقف في عرفة وهم أكثر ما يكونوا اجتماعًا من أقطار الدنيا من المسلمين يقول: ( انصرفوا مغفورًا لكم ).
اجتمع الناس في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فقرأ بهم جهراً قراءة طويلة طويلة، حتى كان بعضهم يسقط من قيامه من شدة التعب، أما النبي عليه الصلاة والسلام فلا غرابة أن يقف هذا الوقوف، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم مِن عادته أنه كان يطيل القيام حتى تتورَّم قدماه، بل حتى تتفطَّر قدماه، فيقال له في ذلك، قيقول حين يقال له في ذلك، ويقال له: ( ألم يكن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول عليه الصلاة والسلام: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ).
أطال القيام إطالة طويلة، ثم ركع فأطال الركوع إطالة طويلة، ثم رفع فقرأ الفاتحة، ثم قرأ قراءة طويلة طويلة إلا أنها دون الأولى، ثم ركع ركوعاً طويلاً لكنه دون الركوع الأول، ثم رفع وقام بعد الرفع من الركوع بدون قراءة، لكن بحمد وتسبيح وتعظيم لله عز وجل، وأطال هذا القيام بقدر إطالة الركوع، ثم هوى ساجداً صلى الله عليه وآله وسلم، وأطال السجود نحواً من ركوعه، ثم رفع من السجود الأول فقعد وأطال القعود بمقدار إطالة السجود، ثم سجد السجود الثاني وأطال كالسجود الأول، ثم قام إلى الركعة الثانية وصلاها كالأولى، لكنها أقل قراءة وأقل إطالة في الركوع والسجود، ثم انصرف، فقام في الناس خطيباً عليه الصلاة والسلام، وخطب خطبة بليغة قال فيها: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياة أحد )، لأن الحوادث الأرضية ليس لها أثر في الأفلاك، الأفلاك تجري بأمر الله، ولا علاقة لها بما يحدث في الأرض، فهي تتغير بأمر الله عز وجل، لا لفقدانِ عظيم، ولا لوجودِ عظيم.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما قال في هذه الخطبة البليغة: أنه عرضت عليه الجنة والنار، عرضت عليه الجنة ورأى ما فيها من النعيم، وتقدم قليلاً ليأخذ منها قطفاً من العنب، وقال: ( لو أني أخذته لبقي لكم ما بقيت الدنيا )، ولكن الله سبحانه وتعالى حال بينه وبينه، لأن الوقت لم يأت بعد، إذ أن نعيم الجنة لا يتنعم به الناس إلا يوم القيامة.
ثم عرضت عليه النار، حتى تقهقر عليه الصلاة والسلام رجع خاف من لفحها، ورأى فيها من يعذب، رأى فيها عمرو بن لُحي الخزاعي يجر قُصبه في النار -أمعاءه والعياذ بالله-، لأنه أول من أدخل الشرك على العرب، فهو أول من أدخل الأصنام وسيَّب السوائب، وأدخل على العرب أنواعاً من الشرك والفسوق، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعذب في نار جهنم.
ورأى فيها امرأة تعذب في هرة حبستها، بسبب حبسها لهذه الهرة لا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، ولا هي أطعمتها بشراب ومأكول، حتى ماتت الهرة فعذبت بها.
ورأى صلى الله عليه وآله وسلم صاحب المحجن يعذب فيها، صاحب المحجن رجل يسرق الحجاج بمحجنه، والمحجن: عصاً محنية الرأس، لها رأس منحنية، فيمر بالحاج فيخطف متاعه، فإن تفطَّن له قال: هذا الذي جذبه المحجن، وإن لم يُتفطن له سار به وأخذه والعياذ بالله، فرآه يعذب في نار جهنم، وقال عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة: ( يا أمة محمد ما من أحد أغيرُ من الله عز وجل أن يزنيَ عبدُه أو تزنيَ أمتُه ) يعني: أن الله سبحانه وتعالى له غيرة عظيمة، إذا زنا العبد الرجل أو الأمة المرأة، ولهذا حرَّم سبحانه وتعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ولما نزلت هذه الآية، وهي قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) قال سعد بن عبادة وكان سيد الخزرج، وكان غيوراً رضي الله عنه، حتى إنه من غَيرته لا يتجاسر أحدٌ أن يتزوج امرأته بعد فراقه لها، فقال: ( يا رسول الله! أرأيتَ إن رأيتُ لُكَع بن لُكَع -وهذا وصف ذم- على امرأتي، أذهب حتى آتي بأربعة شهداء، والله لأضربنه بالسيف غير مصفَّح -يعني: أضربه بحد السيف لا بصفحته يعني فأقتله- فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تعجبون من غَيرة سعد، والله إني لأغيرُ من سعد، وإن الله لأغير مني ) عليه الصلاة والسلام.
فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الله يغار من زنا الرجل أو زنا المرأة، وأن ذلك من أسباب سخط الله وعقابه.
وقال في هذه الخطبة العظيمة: ( يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا ً) يعني: لو أيقنتم كما أوقن لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولكنه ليس عندنا من اليقين ما عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا الكسوف بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام في الخطبة أن الله تعالى يُحدث من أمره ما شاء، ومنه الخسوف أو الكسوف، فالخسوف للقمر والكسوف للشمس، وربما قيل الكسوف لهما جميعاً.
يحدث ذلك سبحانه وتعالى ليخوف بذلك عبادَه، فالكسوف إنذار يا إخوان، إنذار من الله لعقوبةٍ انعقدت أسبابها، وليس هو عذاباً لكنه إنذار، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( يخوف الله بهما عباده ) ولم يقل: يعاقب الله بهما عباده، بل هو تخويف، ولا ندري ما وراء هذا التخويف، قد يكون هناك عقوبات عاجلة أو آجلة في الأنفس أو الأموال أو الأولاد أو الأهل، عقوبات عامة أو خاصة ما ندري، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ) افزعوا، ما قال: قوموا، وما قال: صلوا او اذكروا الله، ولكن قال: افزعوا، افزعوا إلى ذكر الله واستغفاره، وكبروا وتصدقوا وصلوا وأعتقوا، كل هذه أشياء تدل على عظم هذا الكسوف، مع أنه بسبب موت القلوب في عصرنا هذا صار يمر وكأنه أمر طبيعي، كأن كسوف الشمس غروبها فنقوم فنصلي المغرب، تكسف فنقوم فنصلي صلاة الكسوف من غير وجل ولا خوف، نسأل الله أن يلين قلوبنا لذكره.
الحقيقة أن الأمر خطير، وكون الكسوف يأتي ويمضي بهذه السهولة وكأن شيئاً لم يكن، هذا يدل دلالة واضحة على أن القلوب عليها بلاء، (( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ )) نسأل الله أن لا يحجبنا وإياكم عنه.
الطالب : آمين.
الشيخ : (( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ )).
هذا الكسوف ينقسم فيه الناس إلى قسمين:
قسم يؤمن بما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك لتخويف العباد، فيحذر ويخاف ويفزع ويلجأ إلى الله عز وجل، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هذا القسم.
قسم آخر يقول: هذه الأمور طبيعية ليس لها أثر، بل الكسوف سببه حيلولة الأرض بين القمر والشمس، فهذا الجزء المظلم من القمر هو ظل الأرض، حيث حالت بينه وبين الشمس كما يكون ظل السحاب على الأرض إذا حال بين الشمس وبين الأرض، يقول: هذا أمر طبيعي، ما هو شيء للتخويف، والدليل على ذلك يقول: إن الناس يعلمون بالخسوف قبل أن يقع، ويحددونه بالساعة والدقيقة ابتداءً وتوسطاً وانتهاءً، إذاً لا حاجة أن نفزع ولا حاجة أن نخاف، وهؤلاء طبع الله على قلوبهم -والعياذ بالله- لم يتفطنوا للوحي، ولم يتفطنوا أن الذي قدَّر هذا السبب هو الله عز وجل، هو الذي قدر هذا السبب.
من يستطيع أن يجعل الأرض تحول بين الشمس والقمر؟! من يستطيع في كسوف الشمس أن يجعل القمر يحول بين الشمس والأرض؟! من يستطيع هذا إلا الله عز وجل؟!
فإذا قدره فإنما يقدره لحكمة، وهي: تخويف العباد، والمؤمن العاقل يستطيع أن يجمع بين السبب الشرعي والسبب الكوني، وذلك أن الكسوف له سببان:
السبب الأول: التخويف تخويف العباد إذا كثرت الذنوب، ورانت المعاصي على القلوب، نسأل الله العافية.
والسبب الثاني: كوني قدري: وهو ما يذكره الناس من أن سبب الكسوف حيلولة القمر بين الشمس والأرض، وسبب الخسوف حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، ولا يمتنع أن يجعل الله عز وجل أسباباً طبيعية لتخويف العباد، أرأيتم الصواعق والفيضانات، هل لها أسباب كونية قدرية؟
الجواب: نعم، لها أسباب كونية قدرية، لكن من الذي خلق هذه الأسباب؟
الله عز وجل خلقها يخوف الله العباد: (( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ )).
إذاً: علينا أن تكون قلوبنا واسعة، تسع السبب الكوني وهو القدري، والسبب الشرعي، ونقول: يقدر الله تعالى هذه الأسباب من أجل أن يخوف العباد.
في صلاة الكسوف عدة مسائل:
المسألة الأولى: لماذا جُعلت الصلاة على هذا الوصف، ولم تكن كالصلوات الأخرى؟ لماذا؟ كان فيها ركوعان في ركعة واحدة؟
نقول: لأنها ليس سببها أمراً معتاداً حتى تكون كالصلاة المعتادة، غروب الشمس سبب لصلاة المغرب، تصلي المغرب على عادتك لكن هذا سبب غير معتاد، آية من آيات الله، فناسب أن تكون الصلاة على غير الوجه المعتاد لتكون أيضاً آية من آيات الله، لكن الصلاة آية شرعية والكسوف آية كونية شرعية.
طيب ثانياً: لماذا يجهر في صلاة الكسوف إذا وقعت نهاراً؟
لأنها صلاةٌ جامعة، ونحن نرى أن الصلوات الجامعة النهارية تكون قراءتها جهرية، الجمعة صلاة نهارية، يجهر فيها بالقراءة، لماذا؟
لأنها جامعة، العيد صلاة نهارية يجهر فيها بالقراءة لأنها جامعة، الاستسقاء كذلك، لهذا نقول: صارت صلاتها جهرية لأنها صلاة جامعة.
أيضًا نسأل: أين تشرع هذه الصلاة هل هي في كل مسجد؟
الجواب: في الجوامع، هذا هو الأفضل، لكن لو فرض أن الناس تكاسلوا وصلى كل إنسان في مسجده فلا بأس، لكن الأفضل أن تكون في الجامع كما ذكر ذلك أهل العلم، وكما هو ظاهر السنة، حيث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينادى لها: ( الصلاة جامعة، فاجتمع الناس ).
ومنها أيضًا: هل تطال هذه الصلاة، أو لماذا تطال هذه الصلاة في القراءة وفي الركوع والسجود والقيام والقعود؟ لماذا؟
لأنها صلاة رهبة يحتاج الإنسان فيها إلى الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة، وأيضاً فإن الكسوف قد تطول مدته، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم )، ورسول الله عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف بقي حتى تجلت الشمس، فما انصرف من صلاته إلا وقد تجلت، وقد ذكرنا في أول كلامنا أن الكسوف الذي وقع في عهده كان كسوفاً كلياً للشمس، وهذا في العادة يستغرق وقتاً طويلاً، وقد ذكرت لكم أن بعض الصحابة يقع من التعب والإرهاق من طول القراءة.
إذاً: تطال لأن الغالب أن زمن الكسوف يطول، فإذا قُدِّر أننا لم نعلم بالكسوف إلا حين بدأ بالتجلي، وهو إذا بدأ بالتجلي أحياناً يسرع ينجلي سريعاً فهل نصلي أو لا نصلي؟
الجواب: نصلي، وإذا تجلت الشمس أو القمر ونحن نصلي خففنا الصلاة، خففنا الصلاة لأنها صلاة ذات سبب تتقيد بقدرها، فإن لم نعلم بالكسوف إلا بعد أن تجلت نهائياً فهل نقضيها؟
لا، لا نقضيها، لأن هذه الصلاة لسبب زال، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم ) .
ومن المسائل التي ترد على صلاة الكسوف: أن فيها ركوعين في كل ركعة، فهل إذا جاء رجل مسبوق ودخل مع الإمام بعد الركوع الأول هل يكون مدركاً للركعة؟
الجواب: لا، لأن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع الأول، فلو جئت والإمام في الركعة الأولى وقد رفع من الركوع الأول فقد فاتتك الركعة الأولى، فإذا سلم تقوم وتقضي ركعة كاملة بركوعين وسجودين، لأن إدراك الركعة في صلاة الكسوف لا يكون إلا بإدراك الركوع الأول، وهذه مسألة تخفى على كثير من الناس، كثير من الناس إذا أدركوا الركوع الثاني ظن أنهم أدركوا الركعة وليس كذلك، لأنه بقي عليه ركوع في الركعة، كيف تكون مدركاً للركعة وأنت قد فاتك الركوع؟!
ومما يسأل عنه: هل الخطبة في صلاة الكسوف من الخطب الراتبة أو من الخطب العارضة؟ نعم؟
الطالب : العارضة .
الشيخ : لو أن الكسوف وقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام مرتين أو ثلاثاً، فخطب في إحدى المرات، وترك في إحدى المرات، قلنا: هذه من الخطب العارضة، لأنه فعل وترك، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة وخطب، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله، هل هي من الخطب الراتبة، بحيث نقول: يشرع للإمام أن يخطب في الناس على كل حال، أو هي من الخطب العارضة التي إن شاء قام بها وإن شاء لم يقم؟
والذي يتبين لي أنها من الخطب الراتبة، وأنه يسن لكل مصل عنده قدرة أن يخطب الناس، لما في ذلك من إثارة الشعور، وبيان عظم هذا الحادث حتى لا ينصرف الناس عن هذا المكان بدون موعظة، فالذي أراه أنها من الخطب الراتبة التي تسن بكل حال، كلما صلى صلاة الكسوف وكان الإمام عنده قدرة فليتكلم في الناس ويعظهم، فإن لم يقدر وكان في القوم من هو قادر فليطلب منه ويقول: يا فلان قم حدثنا، فيحدث الناس بمثل ما حدثهم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن المسائل التي ترد على صلاة الكسوف أنه: إذا أذن لها هل يكبر ويتشهد؟
الجواب: لا، بل يقول: الصلاة جامعة. وكم يكررها؟
يكررها ثلاثاً أو أربعاً، أو خمساً، ولكن الأفضل أن يقطعها على وتر، ويكررها بحسب الحاجة، فمثلاً إذا وقع الكسوف في وقت الناس مستيقظون منتبهون فهنا لا يحتاج إلى تكرار طويل، لأن الناس مستيقظون ومنتبهون، لكن إذا وقع في أثناء الليل كما في كسوف القمر البارحة، فإنه يكرر حتى يغلب على ظنه أنه قد أبلغ، لأن الناس نائمون، وفي الغالب أنهم في أيام الشتاء يكونون في الحجر مغلقة عليهم فلا يسمعون، فتكرار النداء لصلاة الكسوف بحسب الحاجة، إن احتاجوا إلى التكرار الكثير فعل وإلا فلا.
ولعلنا نقتصر على ما ذكرنا لئلا يطول بنا الوقت مما يتعلق بأحكام صلاة الكسوف، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يتعظ بآيات الله، وينتفع بها، وأن يحيينا وإياكم حياة طيبة، ويتوفانا على الإيمان ويجعلنا من عباده المخلصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هل ورد أن المسح علي الخفين يزيد على ثلاثة أيام.؟
السائل : فضيلة الشيخ : المسح على الخفين في السفر هل ورد زيادة على ثلاثة أيام؟
الشيخ : صحت السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن المسح للمسافر ثلاثة أيام بلا قيد، وورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يمسح ما شاء، لكن الصحيح الأول، وأنها مقيدة بثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم، إلا أن يكون هناك ضرورة، كما لو كان في بلاد باردة، ويخشى إن خلع الجوارب أو الخفين أن تتساقط أصابعه وتتألم فهذا لا بأس أن يستمر.
الشيخ : صحت السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن المسح للمسافر ثلاثة أيام بلا قيد، وورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يمسح ما شاء، لكن الصحيح الأول، وأنها مقيدة بثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم، إلا أن يكون هناك ضرورة، كما لو كان في بلاد باردة، ويخشى إن خلع الجوارب أو الخفين أن تتساقط أصابعه وتتألم فهذا لا بأس أن يستمر.
ما حكم من نام عن صلاة الكسوف هل يأثم.؟
السائل : أحسن الله إليكم بالنسبة يا شيخ فيمن سمع الإمام يقرأ في الليل في صلاة الكسوف، ولكنه أكمل نومه وما خرج لصلاة الكسوف فهل يلحقه إثم في ذلك؟
الشيخ : إذا سمع الرجل صلاة الكسوف وهو على فراشه فإن خيرًا له من فراشه أن يقوم ويصلي مع المسلمين، فإن لم يفعل فقد حرم نفسه خيراً كثيراً، وقد أثم عند مَن يرى من أهل العلم أن صلاة الكسوف فرض عين، والصحيح أنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، وكانت في حق الآخرين سنة وليست بواجبة.
الشيخ : إذا سمع الرجل صلاة الكسوف وهو على فراشه فإن خيرًا له من فراشه أن يقوم ويصلي مع المسلمين، فإن لم يفعل فقد حرم نفسه خيراً كثيراً، وقد أثم عند مَن يرى من أهل العلم أن صلاة الكسوف فرض عين، والصحيح أنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، وكانت في حق الآخرين سنة وليست بواجبة.
رجل يسافر يومياً ما يعادل سبعين كيلومتر فهل يقصر ويجمع الصلاة.؟
السائل : يا شيخ نحن ثلاثة أشخاص نسافر يومياً سبعين كيلو ، وفي أيام الاختبارات نرجع وتدركنا صلاة الظهر قبل الوصول إلى البلد، هل يجوز لنا القصر أو لا؟
الشيخ : إذا كنتم مسافرين، يعني تمكثون في المكان أسبوعًا ثم تعودون في آخر الأسبوع؟
السائل : نسافر يوميًا.
الشيخ : يومياً سبعين كيلو، إذا كنتم تسافرون يومياً سبعين كيلو فإنكم غير مسافرين، لأن المسافر هو الذي يحمل الزاد ويتأهب للسفر، ومثل هذه المدة القصيرة في مسافة قصيرة أيضاً لا تبلغ المسافة التي حددها أكثر العلماء، فإنكم لستم مسافرين بل عليكم تتموا الصلاة ولا تجمعوا.
الشيخ : إذا كنتم مسافرين، يعني تمكثون في المكان أسبوعًا ثم تعودون في آخر الأسبوع؟
السائل : نسافر يوميًا.
الشيخ : يومياً سبعين كيلو، إذا كنتم تسافرون يومياً سبعين كيلو فإنكم غير مسافرين، لأن المسافر هو الذي يحمل الزاد ويتأهب للسفر، ومثل هذه المدة القصيرة في مسافة قصيرة أيضاً لا تبلغ المسافة التي حددها أكثر العلماء، فإنكم لستم مسافرين بل عليكم تتموا الصلاة ولا تجمعوا.
ما الذي يشرع قراءته في صلاة الكسوف.؟
السائل : فضيلة الشيخ ما يشرع قراءته في هذه الصلاة؟
الشيخ : نعم؟
السائل : ما الذي يشرع من القراءة في صلاة الكسوف؟
الشيخ : صلاة الكسوف لا يشرع فيها قراءة سورة معينة، بل المشروع فيها الإطالة، لكن لو أتى مثلاً بسورة فيها مواعظ كثيرة فالوقت مناسب، وكان بعض مشايخنا يستحب أن يقرأ سورة الإسراء، لأن فيها آيات مناسبة، منها قوله تعالى: (( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وآتينا ثمودَ الناقة فظلموا بها وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً ))، فالمهم أن يقرأ ما تيسر، ولكن يطيل القراءة.
الشيخ : نعم؟
السائل : ما الذي يشرع من القراءة في صلاة الكسوف؟
الشيخ : صلاة الكسوف لا يشرع فيها قراءة سورة معينة، بل المشروع فيها الإطالة، لكن لو أتى مثلاً بسورة فيها مواعظ كثيرة فالوقت مناسب، وكان بعض مشايخنا يستحب أن يقرأ سورة الإسراء، لأن فيها آيات مناسبة، منها قوله تعالى: (( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وآتينا ثمودَ الناقة فظلموا بها وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً ))، فالمهم أن يقرأ ما تيسر، ولكن يطيل القراءة.
ما رأيك فيمن يقول :إن دعوت فلم يستجب لك قد ينزل الله الهداية في بلد آخر ويقول: بأن كتب العلم هي ألفاظ الدين والدين هو الحركة وأن الغريب في هذه الأيام هم أهل الدعوة.؟
السائل : فضيلة الشيخ سمعت بعض الدعاة يقول: إن الإنسان إذا دعا إلى الله سبحانه وتعالى في بلاده قد ينزل الله سبحانه وتعالى الهداية في اليمن، قد ينزل الله الهداية في المدينة، يعني بسبب دعوتك في عنيزة أو في أهل بلدك، قد تنزل عليهم في الصين، وقد تنزل عليهم في بلاد أخرى، وكذلك قولهم يا شيخ: يقول هذه الكتب هي ألفاظ الدين وليست الدين، يعني: الدين هو الحركة، وكذلك يا فضيلة الشيخ قولهم: إن الغربة الآن هي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، يقولون: إن الغريب الآن ليس هو الذي يصلي ويصوم ويحج وليس في ذلك غرابة، وإنما الغريب الآن هو الداعي إلى الله سبحانه وتعالى، فما صحة هذه الأقوال؟
الشيخ : القول الأول ما فهمته، إيش معنى أنك إذا دعوت تكون الدعوة في الصين.
السائل : يقول: إن الهداية تنزل، الله سبحانه وتعالى ينزل الهداية، يعني إن لم يهتد هؤلاء الذين دعوتهم قد تنزل الهداية في الصين، قد تنزل الهداية في اليمن، قد تنزل الهداية على أهل مكة، يعني على بعض الأشخاص الضالين ، وهذه كثيرة ومشهورة عند بعض الشباب.
الشيخ : الجواب على هذه الفقرة من السؤال المتضمن لثلاث فقرات أنه لا صحة لذلك، لأنك إذا دعوت الله دعاء محدداً فقلت: اللهم اهد هؤلاء، اللهم اهد أهل هذه البلدة، فإما أن يستجيب الله دعاءك ويهتدي هؤلاء، وإما أن يصرف عنك وعن أهل البلد من السوء ما هو عظيم، وإما أن يدخر لك أجرها يوم القيامة، أما أن يهتدي قوم في محل آخر لم تدع الله لهم فإن دعاءك ليس سبباً لهدايتهم.
السائل : فضيلة الشيخ أقصد الدعوة يعني أن تزورهم في بيتهم وليس الدعاء؟
الشيخ : كيف الدعوة؟
السائل : زيارتهم ودعوتهم.
الشيخ : طيب دعوتهم إلى الحق، كيف إذا دعوت مثلاً أهل بلد معينة، كيف يهتدي قوم ما دعوتهم؟
السائل : يستدل أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أهل مكة ثم اهتدى الأنصار في المدينة؟
الشيخ : ثم؟
السائل : ثم اهتدى أهل المدينة.
الشيخ : لا، هذا ليس بصحيح، لأن هداية الأنصار لها سبب غير دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لأهل مكة، السبب أن عندهم أناساً من اليهود، واليهود عندهم كتاب، وعندهم علم بأن الرسول عليه الصلاة والسلام سيُبعث في مكة، وسيهاجر للمدينة، يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، كما في القرآن، والأنصار -الأوس والخزرج- لهم اختلاط باليهود في المدينة فكانوا يسمعون هذا، فلما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام سافروا إليه وبايعوه بيعتي العقبة، والأمر في هذا مشهور، فهداية الأنصار هذا سببها أنهم كانوا يعلمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيبعث وأن وقته قد حان فذهبوا إليه وبايعوه.
أما المسألة الثانية وهي؟
السائل : قولهم: إن هذه الكتب هي ألفاظ الدين، والدين هو الحركة والدعوة إلى الله، يعني من الناس الآن ربما يأتي من الجامعة ويذكر الناس في مجالس العلم قد لا يستفيدون، لأن ما قاله ألفاظ الدين، ولكن إذا أخذت الإنسان وسافرت به، وتحركت به ربما يكون في هذه الحركة الفائدة المطلوبة وليس الكلام.
الشيخ : هذا أيضاً جهل منه، فكتاب الله عز وجل القرآن أشرف الكتب، سماه الله تعالى كتاباً ولا شك أنه الدين، تلاوته دين، وتأمل معناه دين، والعمل به دين، فالكتب هذه وسيلة لتَعَلُّم الناس الدين، وقراءتك للقرآن دين، وقراءتك للكتب التي فيها فائدة دين، وقراءتك للوسائل التي تدلك على معاني كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كلها دين.
أما الحركة فنعم هي من الدين، العمل الصالح لا شك أنه من الدين، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام )، مع أن الله قال: (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسْلامُ )) فهذا هو الإسلام، لكن إطلاق أن الكتب ليست من الدين هذا خطأ وقصور، فهي دين لأنها تدل على الدين.
الثالث؟
السائل : الأخير يا فضيلة الشيخ يقولون: إن الغرباء الآن هم أهل الدعوة أو الدعاة، لأن المصلي والحاج ليس غريباً، والذي يصوم ليس عليه غرابة الآن بين الناس، ولكن الداعي تتوجه إليه الأنظار في غرابة؟
الشيخ : الآن والحمد لله ما في غرابة بالنسبة لبلادنا فالداعي يدعو، والمصلي يصلي، والمتصدق يتصدق، والعابد يعبد الله، وليس فيه غرابة، ولكن يمكن يوجد في بعض بلاد المسلمين يستغرب من يصلي، ويستغرب من يصلي مع الجماعة، ويستغرب من يتصدق الآن، فالغرابة معناها الشيء الغريب، كالرجل الذي ليس من أهل الوطن يعتبر غريباً، والغربة عندنا في بلادنا والحمد لله ليست موجودة، لا في الدعوة ولا في الصلاة.
وأما مسألة الناس ينظرون إليه، فالناس أيضًا ينظرون إلى المتصدق كثيراً، الذي يتصدق كثيراً ينظرون إليه، والذي يصلي كثيراً ينظرون إليه، ويحترمونه وهكذا.
الشيخ : القول الأول ما فهمته، إيش معنى أنك إذا دعوت تكون الدعوة في الصين.
السائل : يقول: إن الهداية تنزل، الله سبحانه وتعالى ينزل الهداية، يعني إن لم يهتد هؤلاء الذين دعوتهم قد تنزل الهداية في الصين، قد تنزل الهداية في اليمن، قد تنزل الهداية على أهل مكة، يعني على بعض الأشخاص الضالين ، وهذه كثيرة ومشهورة عند بعض الشباب.
الشيخ : الجواب على هذه الفقرة من السؤال المتضمن لثلاث فقرات أنه لا صحة لذلك، لأنك إذا دعوت الله دعاء محدداً فقلت: اللهم اهد هؤلاء، اللهم اهد أهل هذه البلدة، فإما أن يستجيب الله دعاءك ويهتدي هؤلاء، وإما أن يصرف عنك وعن أهل البلد من السوء ما هو عظيم، وإما أن يدخر لك أجرها يوم القيامة، أما أن يهتدي قوم في محل آخر لم تدع الله لهم فإن دعاءك ليس سبباً لهدايتهم.
السائل : فضيلة الشيخ أقصد الدعوة يعني أن تزورهم في بيتهم وليس الدعاء؟
الشيخ : كيف الدعوة؟
السائل : زيارتهم ودعوتهم.
الشيخ : طيب دعوتهم إلى الحق، كيف إذا دعوت مثلاً أهل بلد معينة، كيف يهتدي قوم ما دعوتهم؟
السائل : يستدل أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أهل مكة ثم اهتدى الأنصار في المدينة؟
الشيخ : ثم؟
السائل : ثم اهتدى أهل المدينة.
الشيخ : لا، هذا ليس بصحيح، لأن هداية الأنصار لها سبب غير دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لأهل مكة، السبب أن عندهم أناساً من اليهود، واليهود عندهم كتاب، وعندهم علم بأن الرسول عليه الصلاة والسلام سيُبعث في مكة، وسيهاجر للمدينة، يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، كما في القرآن، والأنصار -الأوس والخزرج- لهم اختلاط باليهود في المدينة فكانوا يسمعون هذا، فلما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام سافروا إليه وبايعوه بيعتي العقبة، والأمر في هذا مشهور، فهداية الأنصار هذا سببها أنهم كانوا يعلمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيبعث وأن وقته قد حان فذهبوا إليه وبايعوه.
أما المسألة الثانية وهي؟
السائل : قولهم: إن هذه الكتب هي ألفاظ الدين، والدين هو الحركة والدعوة إلى الله، يعني من الناس الآن ربما يأتي من الجامعة ويذكر الناس في مجالس العلم قد لا يستفيدون، لأن ما قاله ألفاظ الدين، ولكن إذا أخذت الإنسان وسافرت به، وتحركت به ربما يكون في هذه الحركة الفائدة المطلوبة وليس الكلام.
الشيخ : هذا أيضاً جهل منه، فكتاب الله عز وجل القرآن أشرف الكتب، سماه الله تعالى كتاباً ولا شك أنه الدين، تلاوته دين، وتأمل معناه دين، والعمل به دين، فالكتب هذه وسيلة لتَعَلُّم الناس الدين، وقراءتك للقرآن دين، وقراءتك للكتب التي فيها فائدة دين، وقراءتك للوسائل التي تدلك على معاني كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كلها دين.
أما الحركة فنعم هي من الدين، العمل الصالح لا شك أنه من الدين، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام )، مع أن الله قال: (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسْلامُ )) فهذا هو الإسلام، لكن إطلاق أن الكتب ليست من الدين هذا خطأ وقصور، فهي دين لأنها تدل على الدين.
الثالث؟
السائل : الأخير يا فضيلة الشيخ يقولون: إن الغرباء الآن هم أهل الدعوة أو الدعاة، لأن المصلي والحاج ليس غريباً، والذي يصوم ليس عليه غرابة الآن بين الناس، ولكن الداعي تتوجه إليه الأنظار في غرابة؟
الشيخ : الآن والحمد لله ما في غرابة بالنسبة لبلادنا فالداعي يدعو، والمصلي يصلي، والمتصدق يتصدق، والعابد يعبد الله، وليس فيه غرابة، ولكن يمكن يوجد في بعض بلاد المسلمين يستغرب من يصلي، ويستغرب من يصلي مع الجماعة، ويستغرب من يتصدق الآن، فالغرابة معناها الشيء الغريب، كالرجل الذي ليس من أهل الوطن يعتبر غريباً، والغربة عندنا في بلادنا والحمد لله ليست موجودة، لا في الدعوة ولا في الصلاة.
وأما مسألة الناس ينظرون إليه، فالناس أيضًا ينظرون إلى المتصدق كثيراً، الذي يتصدق كثيراً ينظرون إليه، والذي يصلي كثيراً ينظرون إليه، ويحترمونه وهكذا.
6 - ما رأيك فيمن يقول :إن دعوت فلم يستجب لك قد ينزل الله الهداية في بلد آخر ويقول: بأن كتب العلم هي ألفاظ الدين والدين هو الحركة وأن الغريب في هذه الأيام هم أهل الدعوة.؟ أستمع حفظ
ما حكم صبغ المرأة شعرها بغير السواد.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ هل يجوز تغيير شعر المرأة من الأسود إلى الأحمر مثلاً بصبغة؟
الشيخ : الجواب على صبغ المرأة شعرها الأسود بغير الأسود ينبني على قاعدة مهمة، وهي أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة هذا هو الأصل، وأن الإنسان يلبس ما شاء ويتجمل بما شاء ما لم يرد منع في الشرع، فالصبغ مثلاً بالأسود ممنوع منه شرعاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) وغير الأسود قد يكون مأموراً به كالحناء والكتم، وقد يكون مسكوتاً عنه.
فالألوان ثلاثة: قسم مأمور به كالحناء والكتم، وقسم منهي عنه وهو السواد، وقسم مسكوت عنه، وما سكت الله عنه مما الأصل فيه الحل فهو حلال، وعلى هذا فنقول: هذا الصبغ الذي تصبغه النساء حلال، إلا إذا كان لا يصبغ به إلا النساء الكافرات فلا يجوز، لأنه يكون من باب التشبه بالكفار، والتشبه بالكفار محرم لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، ولأن التشبه بهم نوع من الولاية، وتولي الكفار حرام، ووجه كون التشبه بهم نوعاً من الولاية: أنهم إذا رأوا الناس يتشبهون بهم قووا في باطلهم، وقالوا: الناس تبع لنا، فينشطون على باطلهم ويستذلون من تشبه بهم، لأن المتشبه بغيره يوحي تشبهه بأنه يرى نفسه أدنى من ذلك الغير ولذلك اتبعه، ومن ثم نقول: تشبه بعض المسلمين بالكفار اليوم نوع من الولاية ونوع من الذل، أذلوا أنفسهم حيث ذهبوا يكونون أتباعًا للكافرين، وهو أيضاً نوع من الكفر لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فإذا كانت هذه الألوان التي تتخذها النساء مما يختص بشعر الكافرات صار حراماً من أجل التشبه.
فضيلة الشيخ هل يجوز تغيير شعر المرأة من الأسود إلى الأحمر مثلاً بصبغة؟
الشيخ : الجواب على صبغ المرأة شعرها الأسود بغير الأسود ينبني على قاعدة مهمة، وهي أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة هذا هو الأصل، وأن الإنسان يلبس ما شاء ويتجمل بما شاء ما لم يرد منع في الشرع، فالصبغ مثلاً بالأسود ممنوع منه شرعاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) وغير الأسود قد يكون مأموراً به كالحناء والكتم، وقد يكون مسكوتاً عنه.
فالألوان ثلاثة: قسم مأمور به كالحناء والكتم، وقسم منهي عنه وهو السواد، وقسم مسكوت عنه، وما سكت الله عنه مما الأصل فيه الحل فهو حلال، وعلى هذا فنقول: هذا الصبغ الذي تصبغه النساء حلال، إلا إذا كان لا يصبغ به إلا النساء الكافرات فلا يجوز، لأنه يكون من باب التشبه بالكفار، والتشبه بالكفار محرم لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، ولأن التشبه بهم نوع من الولاية، وتولي الكفار حرام، ووجه كون التشبه بهم نوعاً من الولاية: أنهم إذا رأوا الناس يتشبهون بهم قووا في باطلهم، وقالوا: الناس تبع لنا، فينشطون على باطلهم ويستذلون من تشبه بهم، لأن المتشبه بغيره يوحي تشبهه بأنه يرى نفسه أدنى من ذلك الغير ولذلك اتبعه، ومن ثم نقول: تشبه بعض المسلمين بالكفار اليوم نوع من الولاية ونوع من الذل، أذلوا أنفسهم حيث ذهبوا يكونون أتباعًا للكافرين، وهو أيضاً نوع من الكفر لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فإذا كانت هذه الألوان التي تتخذها النساء مما يختص بشعر الكافرات صار حراماً من أجل التشبه.
رجل توفي وترك مالا فهل إذا حال عليه الحول تجب فيه الزكاة.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
أقول يا شيخ: رجل مات وترك مالاً ولم يحل عليه الحول، باقي له شهرين ويحل عليه الحول، فما أدري بالنسبة للمال جلس فترة ما وزع على الورثة، فهل إذا حال الحول عليه تخرج زكاته؟
الشيخ : أما بالنسبة للميت الذي مات قبل أن يتم الحول فلا زكاة عليه، لأنه مات قبل الوجوب، كما لو مات قبل رمضان بيومين فإنه لا يقضى عنه.
السائل : بالنسبة للتركة يا شيخ؟
الشيخ : أما بالنسبة للورثة فالذي يبلغ نصيبه نصاباً عليه الزكاة إذا تم الحول على موت مورثه، والذي ماله قليل لا يبلغ النصاب وليس عنده ما يكمله به فإنه لا زكاة عليه.
السائل : طيب يا شيخ الله يحفظك أنا أعمل بأحد الجهات.
الشيخ : نحن قاعدتنا سؤال واحد لأن في ناس كثيرين.
أقول يا شيخ: رجل مات وترك مالاً ولم يحل عليه الحول، باقي له شهرين ويحل عليه الحول، فما أدري بالنسبة للمال جلس فترة ما وزع على الورثة، فهل إذا حال الحول عليه تخرج زكاته؟
الشيخ : أما بالنسبة للميت الذي مات قبل أن يتم الحول فلا زكاة عليه، لأنه مات قبل الوجوب، كما لو مات قبل رمضان بيومين فإنه لا يقضى عنه.
السائل : بالنسبة للتركة يا شيخ؟
الشيخ : أما بالنسبة للورثة فالذي يبلغ نصيبه نصاباً عليه الزكاة إذا تم الحول على موت مورثه، والذي ماله قليل لا يبلغ النصاب وليس عنده ما يكمله به فإنه لا زكاة عليه.
السائل : طيب يا شيخ الله يحفظك أنا أعمل بأحد الجهات.
الشيخ : نحن قاعدتنا سؤال واحد لأن في ناس كثيرين.
ما حكم خروج الشباب إلى البر للعب بالسيارات على كثبان الرمال وهل التفرج عليهم جائز.؟
السائل : بسم الله .
هناك يا شيخ بعض الشباب يذهبون للبر في تجمعات كبيرة ويقومون بالصعود على الكثبان الرملية المرتفعة مما يسبب إتلاف السيارات، فهل عملهم هذا جائز، وهل من يقوم بالفرجة المشاهدة هل عمله يحل لا يأثم؟
الشيخ : أولاً: المشاهدة تنبني على الفعل، هل هو جائز أم لا، فنقول: خروج الشباب إلى البر على هذا الوجه ربما يُفضي إلى مفاسد، منها: تركهم.
هناك يا شيخ بعض الشباب يذهبون للبر في تجمعات كبيرة ويقومون بالصعود على الكثبان الرملية المرتفعة مما يسبب إتلاف السيارات، فهل عملهم هذا جائز، وهل من يقوم بالفرجة المشاهدة هل عمله يحل لا يأثم؟
الشيخ : أولاً: المشاهدة تنبني على الفعل، هل هو جائز أم لا، فنقول: خروج الشباب إلى البر على هذا الوجه ربما يُفضي إلى مفاسد، منها: تركهم.
اضيفت في - 2005-08-27