سلسلة لقاء الباب المفتوح-017a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير قوله تعالى : [ ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها....] إلى نهاية السورة.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا يوم الخميس الثلاثون من شهر جمادى الآخرة، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، وهو الخميس الرابع الذي نلتقي فيه بإخواننا في هذا الشهر، كما هو مقرر في كل يوم خميس، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها لقاءات مباركة، نبتدأُ هذا اللقاء بتفسير آياتٍ من كتاب الله عز وجل، وقد بدأنا من سورة النبأ إلى آخر القرآن، ونحن الآن على قوله تعالى: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا )) إلى آخره.
يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده يقول: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا )): وأراد بهذا الاستفهام تقرير إمكان البعث، لأن المشركين كذبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبعث، وقالوا: (( مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ))، فيقول الله عز وجل: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ )) ؟
والجواب: معلوم لكل أحد أنه السماء، كما قال تعالى: (( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )).
(( بناها )) هذه الجملة لا تتعلق بالتي قبلها، ولهذا ينبغي للقارئ إذا قرأ أن يقف على قوله: (( أَمْ السَّمَاءُ ))، ثم يستأنف فيقول: (( بَنَاهَا )) فالجملة استئنافية لبيان عظمة السماء، بناها، أي: بناها الله عز وجل، وقد بين الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في سورة الذاريات أنه بناها بقوة، فقال: (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ )) أي: بقوة (( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )).
(( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا )) رفع، أي: عن الأرض، ورفعها عز وجل بغير عمد، كما قال تعالى: (( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا )).
(( فسواها )) أي: جعلها مستوية، وجعلها تامة كاملة، كما قال تعالى في خلق الإنسان: (( يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ )) أي: جعلك سوياً تام الخلقة، فالسماء كذلك سواها الله عز وجل.
(( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )): أغطشه، أي: أظلمه، فالليل مظلم، قال تعالى: (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً )).
(( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )) بيَّنه بالشمس تخرج كل يوم من مطلعها وتغيب في مغربها.
(( وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ )):
الأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ أي: بعد خلق السماوات والأرض .
(( دَحَاهَا ))، وبين هذا الدحو بقوله: (( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )).
وكانت الأرض مخلوقة قبل السماء كما قال الله تعالى: (( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ))، فالأرض مخلوقة من قبل السماء، لكن دحوها وإخراج الماء منها والمرعى كان بعد خلق السماوات.
(( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )) أي: جعلها راسية في الأرض، تمسك الأرض لئلا تضطرب بالخلق.
(( مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ )) أي: جعل الله تعالى ذلك متاعاً لنا نتمتع به فيما نأكل ونشرب، ولأنعامنا، أي: مواشينا من الإبل والبقر والغنم وغيرها.
ولما ذكر الله عز وجل عباده بهذه النعم الدالة على كمال قدرته، ذكرهم بمآلهم الحتمي الذي لا بد منه، فقال عز وجل:
(( فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى )): وذلك قيام الساعة، وسماها طامة، لأنها داهية عظيمة تطم كل شيء سبقها، كبرى يعن: أكبر من كل طامة.
(( فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى )): بيان لهذا اليوم الذي تكون فيه الطامة الكبرى، وهو اليوم الذي يتذكر فيه الإنسان ما سعى، كيف يتذكره؟
يتذكره مكتوباً عنده، يقرؤه هو بنفسه، قال الله تعالى: (( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )): إذا قرأه تذكر ما سعى، أي: ما عمل، أما اليوم فإنا قد نسينا ما عملنا، عملنا أعمالاً كثيرة منها الصالح ومنها اللغو ومنها السيء، لكن كل هذا نننساه، في يوم القيامة يُعرض علينا هذا في كتاب، ويقال: (( اقْرَأْ كِتَابَكَ )) أنت بنفسك: (( كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )) فحينئذٍ يتذكر ما سعى (( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً )).
ثم قال: (( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى )) -أعاذنا الله وإياكم منها- وبرزت: أظهرت، تجيء وتقاد بسبعين ألف زمام، كل زمام معه سبعون ألف ملك يقودونها، إذا ألقي منها الظالمون مكانًا ضيقًا مقرنين، (( دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً )) وتأتي جهنم -والعياذ بالله- لمن يرى ويبصر فتنخلع القلوب ويشيب المولود، ولهذا قال:
(( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى )): هذان الوصفان هما وصفان أهل النار، الطغيان وهو: مجاوزة الحد، وإيثار الدنيا على الآخرة بتقديمها على الآخرة وكونها أكبر هم الإنسان، فإذا قال قائل: ما هو الطغيان؟
قلنا: الطغيان مجاوزة الحد كما ذكرناه آنفاً، مجاوزة الحد بماذا؟ ما هو حد الإنسان؟
حد الإنسان مذكور في قوله تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))، فمن جاوز حده ولم يعبد الله فهذا هو الطاغي، لأنه تجاوز الحد، فأنت مخلوق لا لتأكل وتتمتع وتتنعم كما تتمتع الأنعام أنت مخلوق لعبادة الله، فاعبد الله عز وجل، اعبد الله، فإن لم تفعل فقد طغيت، هذا هو الطغيان، ألّا يقوم الإنسان بعبادة الله.
وقوله: (( آثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )) هما متلازمان، فإن الطاغي عن عبادة الله مؤثر للحياة الدنيا، لأنه يتعلل بها عن طاعة الله، يتلهى بها عن طاعة الله، إذا أذَّن الفجر آثر النوم على الصلاة، إذا قيل له: اذكر الله آثر اللهو على ذكر الله وهكذا.
وقوله: (( فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى )) أي: هي مأواه، والمأوى هو: المرجع والمقر، وبئس المقر مقر جهنم -أعاذنا الله وإياكم منها-.
(( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ )) يعني: خاف القيام بين يديه، لأن الإنسان يوم القيامة سوف يقرره الله عز وجل بذنوبه، ويقول: عملت كذا عملت كذا عملت كذا، كما جاء في الحديث الصحيح، فإذا أقر قال الله له: ( قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم )، هذا الذي خاف هذا المقام.
(( وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى )) أي: عن هواها، والنفس أمارة بالسوء، لا تأمر إلا بالشر، ولكن هناك نفس أخرى تقابلها وهي: النفس المطمئنة، لأن للإنسان ثلاثة نفوس: مطمئنة، وأمَّارة، ولوَّامة، وكلها في القرآن.
أما المطمئنة: ففي قوله تعالى: (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي )).
وأما الأمارة بالسوء: ففي قوله تعالى: (( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي )).
وأما اللوامة: ففي قوله تعالى: (( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )).
والإنسان يحس بنفسه بهذه الأنفس، يرى في نفسه أحياناً نزعة خير يحب الخير يفعله، هذه هي النفس المطمئنة، ويرى أحياناً في نفسه نزعة شر فيفعله، هذه هي النفس الأمارة بالسوء.
تأتي بعد ذلك النفس اللوامة التي تلومه على ما فعل، فتجده يندم على ما فعل من المعصية، أو لوامة أخرى تلومه على ما فعل من الخير -والعياذ بالله- فإن من الناس من قد يلوم نفسه على فعل الخير، وعلى مصاحبة أهل الخير، ويقول: كيف أصحب هؤلاء الذين يصدوني عن حياتي وشهواتي وعن لهوي وما أشبه ذلك.
فاللوامة نفس تلوم الأمارة بالسوء مرة، وتلوم المطمئنة تارة أخرى، فهي في الحقيقة نفس بين نفسين، تلوم النفس الأمارة بالسوء إذا فعلت السوء وتُنَدِّم الإنسان، قد تلوم النفس المطمئنة إذا فعلت الخير -نسأل الله العافية-.
يقول الله عز وجل: (( وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )): الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل لأوليائه، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال الله تعالى: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ )) هكذا جاء في القرآن، وجاء في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ).
هذه الجنة يدركها الإنسان قبل أن يموت كيف ذلك؟
إذا حضر الأجل ودعت الملائكة النفس للخروج قالت: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رضوان الله، وتبشر النفس بالجنة، قال الله تعالى: (( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ )) متى يقولون؟ حين التوفي (( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )): فيبشر بالجنة، فتخرج روحه راضية متيسرة سهلة، ولهذا لما حدَّث النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالت عائشة: يا رسول الله! كلنا يكره الموت، قال: ليس الأمر ذلك ): كلنا يكره الموت بمقتضى الطبيعة، ولكن المؤمن إذا بشر بما يبشر به عند الموت أحب لقاء الله، أحب الموت، وسهل عليه، وإن الكافر إذا بُشر بما يسوءه -والعياذ بالله- عند الموت كره لقاء الله وهربت نفسه، وتفرقت في جسده، حتى ينتزعوها منه كما ينتزع السَّفود من الشعر المبلول، والشعر المبلول إذا جُر عليه السفود -وهو معروف عند الغزَّالين- يكاد يمزقه من شدة سحبه عليه.
هكذا روح الكافر -والعياذ بالله- تتفرق في جسده، لأنها تبشر بالعذاب فتخاف، ولهذا يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يسود وجهه، ولونه في الحياة أحمر، وحدثني من أثق به -وأقسمَ لي أكثر من مرة- وهو ممن يباشرون تغسيل الموتى، يقول: والله مرَّت عليّ حالتان لا أنساهما أبداً، يقول: غسَّلت اثنين بينهما زمن، يقول: الوجه أسود مثل الفحم -والعياذ بالله- والبدن طبيعي، لأنه يبشر بما يسوءه والعياذ بالله، والإنسان إذا بشر بما يسوءه تغير.
فالجنة -اللهم إنا نسألك أن نكون من أهلها جميعًا- الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وقلت لكم: إن الإنسان قد يدركها قبل أن يموت بما يبشر به، ولا يخفى علينا ما جاء في السيرة النبوية أن أنس بن النضر -أظنه أنس بن النضر- رضي الله عنه قال: ( يا رسول الله والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد )، وهذا ليس معناه الوجدان الذوقي، إنما هو وجدان حقيقي، قال ابن القيم رحمه الله: " إن بعض الناس قد يدرك الآخرة وهو في الدنيا "، ثم انطلق أنس فقاتل وقتل رضي الله عنه.
فالحاصل أن الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
قال الله تعالى: (( فإن الجنة هي المأوى * يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا )): يسألونك أي: يسألك الناس، كما قال تعالى في آية أخرى: (( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ))، وسؤال الناس عن الساعة ينقسم إلى قسمين:
سؤال استبعاد وإنكار وهذا كفر، كما سأل المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة واستعجلوها، وقد قال الله عن هؤلاء: (( يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ )).
وسؤال عن الساعة يسأل متى الساعة ليستعدَّ لها، وهذا لا بأس به، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله! متى الساعة؟ قال له: ماذا أعددت لها؟ قال: حب اللهِ ورسولِه، قال: المرء مع من أحب )، فالناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تختلف نياتهم في هذا السؤال، إنما مهما كانت نياتهم ومهما كانت أسئلتهم فعلم الساعة عند الله، ولهذا قال: (( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا )) أي: أنه لا يمكن أن تذكر لهم الساعة، لماذا؟
لأن علمها عند الله، علمها عند الله كما قال الله تعالى في آية أخرى: (( قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ )) .
وقد سَأل جبريل -وهو أعلم الرسل- سألَ النبي صلى الله عليه وسلم -وهو أعلم الخلق من البشر- قال: ( أخبرني عن الساعة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) أي: إذا كانت خافية عليك فأنا خافية عليَّ، وإذا كان أعلم الملائكة وأعلم البشر لا يعلمان متى الساعة فما بالك بمن دونهما؟ !
وبهذا نعرف أن ما يشيعه بعض الناس من أن الساعة تكون في كذا تكون في كذا في زمن معين كله كذب، نعلم أنهم كَذَبَة في ذلك، لأنهم لا يعلمون متى الساعة، ولا يعملها إلا الله عز وجل.
(( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا )) يعني: ليس عندك علم منها ولكنك منذر، من يخشاها أي: يخافها وهم المؤمنون، أما من أنكرها واستبعدها وكذبها فإن الإنذار لا ينفع فيه: (( وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ )).
ولهذا نقول: أنت لا تسأل متى تموت، ولا أين تموت، لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال، هذا أمرٌ مفروغ منه، ولا بد أن يكون، ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يوماً واحداً، بل كما قال تعالى هنا: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )) .
ولكن السؤال الذي يجب أن يَرِدَ على النفس، ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو: على أي حال تموت؟! لست أريد: هل أنت غني أو فقير؟ قوي أو ضعيف؟ أو ذو عيال أو عقيم؟
لا، بل: على أي حال تموت في العمل، فإذا كنت تسائل نفسك هذا السؤال فلا بد أن تستعد، لأنك لا تدري متى يفجؤك الموت، كم من إنسان خرج يقود سيارته ورُجِعَ به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول: هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله، وكم من إنسان لبس قميصاً وزرَّ أزرته، ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة على أي حال، فينبغي أن تنظر الآن وتفكر على أي حال تموت؟
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة والإنابة.
ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل هم فرج، ومن كل ضيق مخرج، حتى إن بعض العلماء يقول: " إذا استفتاك شخص فاستغفر الله قبل أن تفتيه، لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الهدى "، واستنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى: (( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً )).
وهذا استنباط جيد، ويمكن أيضاً أن يستنبط من قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ))، والاستغفار من الهدى.
لذلك أوصي نفسي وإياكم بالمراقبة، وكثرة الاستغفار ومحاسبة النفس، حتى نكون على أُهبة الاستعداد لما نخشى أن يفاجئنا من الموت، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.
قال الله تعالى: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا )) أي: يرون القيامة.
(( لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )): العشية: من الزوال إلى غروب الشمس، والضحى: من طلوع الشمس إلى زوال الشمس، أي: كأنهم لم يلبثوا إلا نصف يوم، وهذا هو الواقع، لو سألتكم الآن: كيف ما مضى من السنوات عليكم، هل نشعر الآن بأنها سنوات أو كأنها يوم واحد؟
كأنه يوم واحد لا شك، لا شك كأنه يوم واحد، والإنسان الآن بين ثلاثة أشياء:
يوم مضى فهذا قد فاته، ويوم مستقبل لا يدري أيدركه أم لا يدركه، ووقت حاضر وهو المسئول عنه، أما ما مضى فقد فات، وما فات فقد مات هلك عنك، الذي مضى هلك عنك، والمستقبل لا تدري أتدركه أم لا، والحاضر هو الذي أنت مسئول عنه.
أسأل الله تعالى أن يحسن لي ولكم العاقبة، وأن يجعل عاقبتنا حميدة، وخاتمتنا سعيدة، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما الآن فيجري دور الأسئلة.
أما بعد:
فهذا يوم الخميس الثلاثون من شهر جمادى الآخرة، عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، وهو الخميس الرابع الذي نلتقي فيه بإخواننا في هذا الشهر، كما هو مقرر في كل يوم خميس، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها لقاءات مباركة، نبتدأُ هذا اللقاء بتفسير آياتٍ من كتاب الله عز وجل، وقد بدأنا من سورة النبأ إلى آخر القرآن، ونحن الآن على قوله تعالى: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا )) إلى آخره.
يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده يقول: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا )): وأراد بهذا الاستفهام تقرير إمكان البعث، لأن المشركين كذبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبعث، وقالوا: (( مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ))، فيقول الله عز وجل: (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ )) ؟
والجواب: معلوم لكل أحد أنه السماء، كما قال تعالى: (( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )).
(( بناها )) هذه الجملة لا تتعلق بالتي قبلها، ولهذا ينبغي للقارئ إذا قرأ أن يقف على قوله: (( أَمْ السَّمَاءُ ))، ثم يستأنف فيقول: (( بَنَاهَا )) فالجملة استئنافية لبيان عظمة السماء، بناها، أي: بناها الله عز وجل، وقد بين الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في سورة الذاريات أنه بناها بقوة، فقال: (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ )) أي: بقوة (( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )).
(( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا )) رفع، أي: عن الأرض، ورفعها عز وجل بغير عمد، كما قال تعالى: (( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا )).
(( فسواها )) أي: جعلها مستوية، وجعلها تامة كاملة، كما قال تعالى في خلق الإنسان: (( يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ )) أي: جعلك سوياً تام الخلقة، فالسماء كذلك سواها الله عز وجل.
(( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )): أغطشه، أي: أظلمه، فالليل مظلم، قال تعالى: (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً )).
(( وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )) بيَّنه بالشمس تخرج كل يوم من مطلعها وتغيب في مغربها.
(( وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ )):
الأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ أي: بعد خلق السماوات والأرض .
(( دَحَاهَا ))، وبين هذا الدحو بقوله: (( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )).
وكانت الأرض مخلوقة قبل السماء كما قال الله تعالى: (( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ))، فالأرض مخلوقة من قبل السماء، لكن دحوها وإخراج الماء منها والمرعى كان بعد خلق السماوات.
(( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )) أي: جعلها راسية في الأرض، تمسك الأرض لئلا تضطرب بالخلق.
(( مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ )) أي: جعل الله تعالى ذلك متاعاً لنا نتمتع به فيما نأكل ونشرب، ولأنعامنا، أي: مواشينا من الإبل والبقر والغنم وغيرها.
ولما ذكر الله عز وجل عباده بهذه النعم الدالة على كمال قدرته، ذكرهم بمآلهم الحتمي الذي لا بد منه، فقال عز وجل:
(( فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى )): وذلك قيام الساعة، وسماها طامة، لأنها داهية عظيمة تطم كل شيء سبقها، كبرى يعن: أكبر من كل طامة.
(( فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى )): بيان لهذا اليوم الذي تكون فيه الطامة الكبرى، وهو اليوم الذي يتذكر فيه الإنسان ما سعى، كيف يتذكره؟
يتذكره مكتوباً عنده، يقرؤه هو بنفسه، قال الله تعالى: (( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )): إذا قرأه تذكر ما سعى، أي: ما عمل، أما اليوم فإنا قد نسينا ما عملنا، عملنا أعمالاً كثيرة منها الصالح ومنها اللغو ومنها السيء، لكن كل هذا نننساه، في يوم القيامة يُعرض علينا هذا في كتاب، ويقال: (( اقْرَأْ كِتَابَكَ )) أنت بنفسك: (( كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )) فحينئذٍ يتذكر ما سعى (( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً )).
ثم قال: (( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى )) -أعاذنا الله وإياكم منها- وبرزت: أظهرت، تجيء وتقاد بسبعين ألف زمام، كل زمام معه سبعون ألف ملك يقودونها، إذا ألقي منها الظالمون مكانًا ضيقًا مقرنين، (( دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً )) وتأتي جهنم -والعياذ بالله- لمن يرى ويبصر فتنخلع القلوب ويشيب المولود، ولهذا قال:
(( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى )): هذان الوصفان هما وصفان أهل النار، الطغيان وهو: مجاوزة الحد، وإيثار الدنيا على الآخرة بتقديمها على الآخرة وكونها أكبر هم الإنسان، فإذا قال قائل: ما هو الطغيان؟
قلنا: الطغيان مجاوزة الحد كما ذكرناه آنفاً، مجاوزة الحد بماذا؟ ما هو حد الإنسان؟
حد الإنسان مذكور في قوله تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))، فمن جاوز حده ولم يعبد الله فهذا هو الطاغي، لأنه تجاوز الحد، فأنت مخلوق لا لتأكل وتتمتع وتتنعم كما تتمتع الأنعام أنت مخلوق لعبادة الله، فاعبد الله عز وجل، اعبد الله، فإن لم تفعل فقد طغيت، هذا هو الطغيان، ألّا يقوم الإنسان بعبادة الله.
وقوله: (( آثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )) هما متلازمان، فإن الطاغي عن عبادة الله مؤثر للحياة الدنيا، لأنه يتعلل بها عن طاعة الله، يتلهى بها عن طاعة الله، إذا أذَّن الفجر آثر النوم على الصلاة، إذا قيل له: اذكر الله آثر اللهو على ذكر الله وهكذا.
وقوله: (( فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى )) أي: هي مأواه، والمأوى هو: المرجع والمقر، وبئس المقر مقر جهنم -أعاذنا الله وإياكم منها-.
(( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ )) يعني: خاف القيام بين يديه، لأن الإنسان يوم القيامة سوف يقرره الله عز وجل بذنوبه، ويقول: عملت كذا عملت كذا عملت كذا، كما جاء في الحديث الصحيح، فإذا أقر قال الله له: ( قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم )، هذا الذي خاف هذا المقام.
(( وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى )) أي: عن هواها، والنفس أمارة بالسوء، لا تأمر إلا بالشر، ولكن هناك نفس أخرى تقابلها وهي: النفس المطمئنة، لأن للإنسان ثلاثة نفوس: مطمئنة، وأمَّارة، ولوَّامة، وكلها في القرآن.
أما المطمئنة: ففي قوله تعالى: (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي )).
وأما الأمارة بالسوء: ففي قوله تعالى: (( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي )).
وأما اللوامة: ففي قوله تعالى: (( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )).
والإنسان يحس بنفسه بهذه الأنفس، يرى في نفسه أحياناً نزعة خير يحب الخير يفعله، هذه هي النفس المطمئنة، ويرى أحياناً في نفسه نزعة شر فيفعله، هذه هي النفس الأمارة بالسوء.
تأتي بعد ذلك النفس اللوامة التي تلومه على ما فعل، فتجده يندم على ما فعل من المعصية، أو لوامة أخرى تلومه على ما فعل من الخير -والعياذ بالله- فإن من الناس من قد يلوم نفسه على فعل الخير، وعلى مصاحبة أهل الخير، ويقول: كيف أصحب هؤلاء الذين يصدوني عن حياتي وشهواتي وعن لهوي وما أشبه ذلك.
فاللوامة نفس تلوم الأمارة بالسوء مرة، وتلوم المطمئنة تارة أخرى، فهي في الحقيقة نفس بين نفسين، تلوم النفس الأمارة بالسوء إذا فعلت السوء وتُنَدِّم الإنسان، قد تلوم النفس المطمئنة إذا فعلت الخير -نسأل الله العافية-.
يقول الله عز وجل: (( وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )): الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل لأوليائه، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال الله تعالى: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ )) هكذا جاء في القرآن، وجاء في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ).
هذه الجنة يدركها الإنسان قبل أن يموت كيف ذلك؟
إذا حضر الأجل ودعت الملائكة النفس للخروج قالت: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رضوان الله، وتبشر النفس بالجنة، قال الله تعالى: (( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ )) متى يقولون؟ حين التوفي (( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )): فيبشر بالجنة، فتخرج روحه راضية متيسرة سهلة، ولهذا لما حدَّث النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالت عائشة: يا رسول الله! كلنا يكره الموت، قال: ليس الأمر ذلك ): كلنا يكره الموت بمقتضى الطبيعة، ولكن المؤمن إذا بشر بما يبشر به عند الموت أحب لقاء الله، أحب الموت، وسهل عليه، وإن الكافر إذا بُشر بما يسوءه -والعياذ بالله- عند الموت كره لقاء الله وهربت نفسه، وتفرقت في جسده، حتى ينتزعوها منه كما ينتزع السَّفود من الشعر المبلول، والشعر المبلول إذا جُر عليه السفود -وهو معروف عند الغزَّالين- يكاد يمزقه من شدة سحبه عليه.
هكذا روح الكافر -والعياذ بالله- تتفرق في جسده، لأنها تبشر بالعذاب فتخاف، ولهذا يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يسود وجهه، ولونه في الحياة أحمر، وحدثني من أثق به -وأقسمَ لي أكثر من مرة- وهو ممن يباشرون تغسيل الموتى، يقول: والله مرَّت عليّ حالتان لا أنساهما أبداً، يقول: غسَّلت اثنين بينهما زمن، يقول: الوجه أسود مثل الفحم -والعياذ بالله- والبدن طبيعي، لأنه يبشر بما يسوءه والعياذ بالله، والإنسان إذا بشر بما يسوءه تغير.
فالجنة -اللهم إنا نسألك أن نكون من أهلها جميعًا- الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وقلت لكم: إن الإنسان قد يدركها قبل أن يموت بما يبشر به، ولا يخفى علينا ما جاء في السيرة النبوية أن أنس بن النضر -أظنه أنس بن النضر- رضي الله عنه قال: ( يا رسول الله والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد )، وهذا ليس معناه الوجدان الذوقي، إنما هو وجدان حقيقي، قال ابن القيم رحمه الله: " إن بعض الناس قد يدرك الآخرة وهو في الدنيا "، ثم انطلق أنس فقاتل وقتل رضي الله عنه.
فالحاصل أن الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
قال الله تعالى: (( فإن الجنة هي المأوى * يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا )): يسألونك أي: يسألك الناس، كما قال تعالى في آية أخرى: (( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ))، وسؤال الناس عن الساعة ينقسم إلى قسمين:
سؤال استبعاد وإنكار وهذا كفر، كما سأل المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة واستعجلوها، وقد قال الله عن هؤلاء: (( يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ )).
وسؤال عن الساعة يسأل متى الساعة ليستعدَّ لها، وهذا لا بأس به، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله! متى الساعة؟ قال له: ماذا أعددت لها؟ قال: حب اللهِ ورسولِه، قال: المرء مع من أحب )، فالناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تختلف نياتهم في هذا السؤال، إنما مهما كانت نياتهم ومهما كانت أسئلتهم فعلم الساعة عند الله، ولهذا قال: (( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا )) أي: أنه لا يمكن أن تذكر لهم الساعة، لماذا؟
لأن علمها عند الله، علمها عند الله كما قال الله تعالى في آية أخرى: (( قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ )) .
وقد سَأل جبريل -وهو أعلم الرسل- سألَ النبي صلى الله عليه وسلم -وهو أعلم الخلق من البشر- قال: ( أخبرني عن الساعة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) أي: إذا كانت خافية عليك فأنا خافية عليَّ، وإذا كان أعلم الملائكة وأعلم البشر لا يعلمان متى الساعة فما بالك بمن دونهما؟ !
وبهذا نعرف أن ما يشيعه بعض الناس من أن الساعة تكون في كذا تكون في كذا في زمن معين كله كذب، نعلم أنهم كَذَبَة في ذلك، لأنهم لا يعلمون متى الساعة، ولا يعملها إلا الله عز وجل.
(( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا )) يعني: ليس عندك علم منها ولكنك منذر، من يخشاها أي: يخافها وهم المؤمنون، أما من أنكرها واستبعدها وكذبها فإن الإنذار لا ينفع فيه: (( وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ )).
ولهذا نقول: أنت لا تسأل متى تموت، ولا أين تموت، لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال، هذا أمرٌ مفروغ منه، ولا بد أن يكون، ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يوماً واحداً، بل كما قال تعالى هنا: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )) .
ولكن السؤال الذي يجب أن يَرِدَ على النفس، ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو: على أي حال تموت؟! لست أريد: هل أنت غني أو فقير؟ قوي أو ضعيف؟ أو ذو عيال أو عقيم؟
لا، بل: على أي حال تموت في العمل، فإذا كنت تسائل نفسك هذا السؤال فلا بد أن تستعد، لأنك لا تدري متى يفجؤك الموت، كم من إنسان خرج يقود سيارته ورُجِعَ به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول: هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله، وكم من إنسان لبس قميصاً وزرَّ أزرته، ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة على أي حال، فينبغي أن تنظر الآن وتفكر على أي حال تموت؟
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة والإنابة.
ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل هم فرج، ومن كل ضيق مخرج، حتى إن بعض العلماء يقول: " إذا استفتاك شخص فاستغفر الله قبل أن تفتيه، لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الهدى "، واستنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى: (( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً )).
وهذا استنباط جيد، ويمكن أيضاً أن يستنبط من قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ))، والاستغفار من الهدى.
لذلك أوصي نفسي وإياكم بالمراقبة، وكثرة الاستغفار ومحاسبة النفس، حتى نكون على أُهبة الاستعداد لما نخشى أن يفاجئنا من الموت، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.
قال الله تعالى: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا )) أي: يرون القيامة.
(( لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )): العشية: من الزوال إلى غروب الشمس، والضحى: من طلوع الشمس إلى زوال الشمس، أي: كأنهم لم يلبثوا إلا نصف يوم، وهذا هو الواقع، لو سألتكم الآن: كيف ما مضى من السنوات عليكم، هل نشعر الآن بأنها سنوات أو كأنها يوم واحد؟
كأنه يوم واحد لا شك، لا شك كأنه يوم واحد، والإنسان الآن بين ثلاثة أشياء:
يوم مضى فهذا قد فاته، ويوم مستقبل لا يدري أيدركه أم لا يدركه، ووقت حاضر وهو المسئول عنه، أما ما مضى فقد فات، وما فات فقد مات هلك عنك، الذي مضى هلك عنك، والمستقبل لا تدري أتدركه أم لا، والحاضر هو الذي أنت مسئول عنه.
أسأل الله تعالى أن يحسن لي ولكم العاقبة، وأن يجعل عاقبتنا حميدة، وخاتمتنا سعيدة، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما الآن فيجري دور الأسئلة.
طلب نصيحة لطلاب العلم مع قرب الإجازة في فضل الدعوة والداعية.
السائل : كما تعلم يا شيخ في آخر الشهر القادم ستبدأ إجازة الربيع، ويا حبذا لو رغبتنا ورغبت طلاب الجامعة والمدرسين في الدعوة إلى الله، ولا يخفى عليكم محادثة الناس في الشمال والجنوب، حتى أني أذكر أني حملت رجلاً قبل أيام من بعض القرى، فأردت أن أقرأ أنا وإياه بعض قصار السور، وقرأ الفاتحة فلم يحسن قراءتها، فتعجبت منه! وقلت له: يا أخي! إذا رجعت القرية جزاك الله خيراً تحاول أن تقرأ على إمام القرية، فقال: أنا إمام القرية، وهو لا يقيم الفاتحة، فيا حبذا لو رغبتنا على فضل الدعوة إلى الله، وهل الانشغال بالمباحات لأنا نعلم أنه في الربيع غالب الناس يخيمون في البر ويقضون أوقاتًا كثيرة في البراري، وهذه مباحات الحمد لله لا بأس بها، ولكن أيهما أفضل: هل الإنسان يخيم بهذه المخيمات وتضيع عليه الوقات أم الاشتغال بالدعوة في هذه الإجازة، جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : لا شك أن هذا توجيه مهم من الأخ، وذلك أن الناس في أيام إجازة الربيع كثير منهم يخرج إلى البر للنزهة والأنس بأصحابه وإخوانه، وهذا من الأمور المباحة، لكن ينقسمُ الناس في هذا الخروج إلى ثلاثة أقسام:
قسم يكتسبون به إثماً، فتجد عندهم من آلات اللهو والموسيقى، والأغاني والألعاب المحرمة التي يحصل فيها شر، ويكون ذلك وبالاً عليهم.
وقسم آخر: يقضون الوقت في اللغو واللهو وإن لم يصل إلى درجة التحريم.
والقسم الثالث: من يستغله في الدعوة إلى الله، يكون إذا بقي في مخيمه يتلو كتاب الله، يقرأ من كتب التفسير من كتب الأحاديث، ويتجول بين المخيمات للدعوة إلى الله عز وجل والترغيب والترهيب، ويهدي الله على يديه بشراً كثيراً، والحازم العاقل هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) .
الشيخ : لا شك أن هذا توجيه مهم من الأخ، وذلك أن الناس في أيام إجازة الربيع كثير منهم يخرج إلى البر للنزهة والأنس بأصحابه وإخوانه، وهذا من الأمور المباحة، لكن ينقسمُ الناس في هذا الخروج إلى ثلاثة أقسام:
قسم يكتسبون به إثماً، فتجد عندهم من آلات اللهو والموسيقى، والأغاني والألعاب المحرمة التي يحصل فيها شر، ويكون ذلك وبالاً عليهم.
وقسم آخر: يقضون الوقت في اللغو واللهو وإن لم يصل إلى درجة التحريم.
والقسم الثالث: من يستغله في الدعوة إلى الله، يكون إذا بقي في مخيمه يتلو كتاب الله، يقرأ من كتب التفسير من كتب الأحاديث، ويتجول بين المخيمات للدعوة إلى الله عز وجل والترغيب والترهيب، ويهدي الله على يديه بشراً كثيراً، والحازم العاقل هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) .
وضوء تخفيف الجنابة هل يجزئ إذا مسح على الجورب مع بقاء مدة المسح أم لا بد من خلع الجوارب.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، فضيلة الشيخ السؤال عندي خارج الدرس.
الشيخ : كيف؟
السائل : عندي سؤالين في الدرس وخارج الدرس.
الشيخ : اسأل.
السائل : يروح.
الشيخ : لا ما يروح.
السائل : ...
الشيخ : لا ما يروح اسألهم كلهم، هاااا، أجل ابدأ بالأهم.
السائل : شيخ وضوء تخفيف الجنابة المسح على الجوربين حتى يمكث في المسجد هل يشترط فيه إنه يغسل رجله إذا كانت باقية مدة المسح؟
الشيخ : نعم، هذا سؤال جيد، يقول: وضوء تخفيف الجنابة هل يجزئ إذا مسح على الجوارب مع بقاء مدة المسح أو لا بد أن يخلعها ويغسل قدميه؟ والجواب: يكفي إذا مسح على الجوارب، لأنه وضوء يبيح الصلاة له، فإذا كان يبيح الصلاة له إذا لم يكن على جنابة، فكذلك يخفف في الجنابة، عرفت؟
هو يسأل يقول: هل هو يخفف ولو لم يكن غسل رجليه؟
نقول: نعم يخفف، لأن مسح الجوربين إذا كان ذلك في المدة كغسل القدمين تمامًا.
السائل : أليس الرسول قال: إلا من جنابة ؟
الشيخ : لأن الجنابة يعني معناه إذا أراد أن يغتسل الإنسان، إذا أراد أن يغتسل فلا بد أن يخلعهما.
السائل : ما فهمت.
الشيخ : ما فهمت سؤالك؟
السائل : لا، السؤال الثاني.
الشيخ : السؤال الأول مفهوم، إنسان عليه جنابة لا يجوز أن يمكث في المسجد، يجوز أن يعبر لكن لا يجوز أن يمكث إلا إذا توضأ، وإذا كان لابساً جورباً ومسح عليه هل يكفي أو لا بد أن يخلع الجورب ويغسل القدمين؟
الجواب: يكفي، لأن هذا وضوء شرعي الذي يبيح الصلاة، فهو أتى بحديث صفوان بن عسال أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( امسحوا عليهما إلا من جنابة ) فقلت له: هذا في الاغتسال، فإذا أراد أن يغتسل لا بد أن يخلع الجوارب.
الشيخ : كيف؟
السائل : عندي سؤالين في الدرس وخارج الدرس.
الشيخ : اسأل.
السائل : يروح.
الشيخ : لا ما يروح.
السائل : ...
الشيخ : لا ما يروح اسألهم كلهم، هاااا، أجل ابدأ بالأهم.
السائل : شيخ وضوء تخفيف الجنابة المسح على الجوربين حتى يمكث في المسجد هل يشترط فيه إنه يغسل رجله إذا كانت باقية مدة المسح؟
الشيخ : نعم، هذا سؤال جيد، يقول: وضوء تخفيف الجنابة هل يجزئ إذا مسح على الجوارب مع بقاء مدة المسح أو لا بد أن يخلعها ويغسل قدميه؟ والجواب: يكفي إذا مسح على الجوارب، لأنه وضوء يبيح الصلاة له، فإذا كان يبيح الصلاة له إذا لم يكن على جنابة، فكذلك يخفف في الجنابة، عرفت؟
هو يسأل يقول: هل هو يخفف ولو لم يكن غسل رجليه؟
نقول: نعم يخفف، لأن مسح الجوربين إذا كان ذلك في المدة كغسل القدمين تمامًا.
السائل : أليس الرسول قال: إلا من جنابة ؟
الشيخ : لأن الجنابة يعني معناه إذا أراد أن يغتسل الإنسان، إذا أراد أن يغتسل فلا بد أن يخلعهما.
السائل : ما فهمت.
الشيخ : ما فهمت سؤالك؟
السائل : لا، السؤال الثاني.
الشيخ : السؤال الأول مفهوم، إنسان عليه جنابة لا يجوز أن يمكث في المسجد، يجوز أن يعبر لكن لا يجوز أن يمكث إلا إذا توضأ، وإذا كان لابساً جورباً ومسح عليه هل يكفي أو لا بد أن يخلع الجورب ويغسل القدمين؟
الجواب: يكفي، لأن هذا وضوء شرعي الذي يبيح الصلاة، فهو أتى بحديث صفوان بن عسال أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( امسحوا عليهما إلا من جنابة ) فقلت له: هذا في الاغتسال، فإذا أراد أن يغتسل لا بد أن يخلع الجوارب.
3 - وضوء تخفيف الجنابة هل يجزئ إذا مسح على الجورب مع بقاء مدة المسح أم لا بد من خلع الجوارب.؟ أستمع حفظ
إذا خرج الداعية ونيته هداية العالم كله ألا يكتب له أجر كل من اهتدى.؟
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ سمعنا من بعض المشايخ أن الإنسان يعني إذا مشى بفكر الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وفي نيته كيف كل العالم يهتدي ويدخل في الدين، ويمشي بالفكر والهم لهذه الأمة، فكل من دخل في هذا الدين يكون له نصيب في الأجر، هل ها صحيح ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني نية الإنسان يخرج من بيته للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن لم يذهب إلى جميع البلاد، ولكن نيته أن يهتدي العالم كله، فهل كل من دخل في الدين له بدخوله الأجر والثواب؟
الشيخ : لا، إذا لم يكن للإنسان أثر في إدخال غيره في دين الله فليس له أجره، الأجر إنما يكون على من دل على خير وأعان على خير، أما من نوى الخير فله لا شك أجر النية بأنه يحب أن الله يهدي الخلق، ولكنه لا يكتب له أجر كل واحد آمن، نعم؟
السائل : فضيلة الشيخ هم يستشهدون بالحديث الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن قوماً بـ المدينة ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم ) وفي رواية: ( لهم الأجر ) أي: أن الله كتب لهم الأجر على نيتهم أن يكونوا مع الرسول في هذه الغزوة فالله سبحانه كتب لهم الأجر؟
الشيخ : إي نعم، بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حبسهم العذر، فهم لولا العذر لخرجوا مع المجاهدين فيكتب لهم أجر هذا العمل، ولكنهم لم يدركوه.
السائل : وهذا غرض الإنسان يعني قصده إنه يبذل طاقته، إنه أنا لو الله أعطاني الطاقة أتجول في العالم كله وأبلغ دين الله سبحانه وتعالى حتى العالم يهتدي، فنيته إنه كيف كل العالم يدخل في دين الإسلام، وهو يبذل كل ما عنده من طاقة أو علم ويبلغ قدر ما أعطاه الله من الطاقة.
الشيخ : لا، ما يصلح القياس، لأن قضية الغزو قضية معينة، أما هذه فقضية عامة.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ سمعنا من بعض المشايخ أن الإنسان يعني إذا مشى بفكر الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وفي نيته كيف كل العالم يهتدي ويدخل في الدين، ويمشي بالفكر والهم لهذه الأمة، فكل من دخل في هذا الدين يكون له نصيب في الأجر، هل ها صحيح ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني نية الإنسان يخرج من بيته للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن لم يذهب إلى جميع البلاد، ولكن نيته أن يهتدي العالم كله، فهل كل من دخل في الدين له بدخوله الأجر والثواب؟
الشيخ : لا، إذا لم يكن للإنسان أثر في إدخال غيره في دين الله فليس له أجره، الأجر إنما يكون على من دل على خير وأعان على خير، أما من نوى الخير فله لا شك أجر النية بأنه يحب أن الله يهدي الخلق، ولكنه لا يكتب له أجر كل واحد آمن، نعم؟
السائل : فضيلة الشيخ هم يستشهدون بالحديث الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن قوماً بـ المدينة ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم ) وفي رواية: ( لهم الأجر ) أي: أن الله كتب لهم الأجر على نيتهم أن يكونوا مع الرسول في هذه الغزوة فالله سبحانه كتب لهم الأجر؟
الشيخ : إي نعم، بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حبسهم العذر، فهم لولا العذر لخرجوا مع المجاهدين فيكتب لهم أجر هذا العمل، ولكنهم لم يدركوه.
السائل : وهذا غرض الإنسان يعني قصده إنه يبذل طاقته، إنه أنا لو الله أعطاني الطاقة أتجول في العالم كله وأبلغ دين الله سبحانه وتعالى حتى العالم يهتدي، فنيته إنه كيف كل العالم يدخل في دين الإسلام، وهو يبذل كل ما عنده من طاقة أو علم ويبلغ قدر ما أعطاه الله من الطاقة.
الشيخ : لا، ما يصلح القياس، لأن قضية الغزو قضية معينة، أما هذه فقضية عامة.
حاج ضاعت نفقته فهل له أن يستدين من أجل أن يهدي.؟
السائل : بسم الله .
فضيلة الشيخ : حاج ضاعت نفقته، هل عليه أن يستدين مثلًا لو كان في حملة من رفقائه لكي؟
الشيخ : ضاعت نفقته ويستدين ليش؟
السائل : لكي.
الشيخ : للفدية؟
السائل : للفدية نعم.
الشيخ : للهدي، إذا ضاعت نفقة الحاج فإنه ليس عليه أن يستدين للفدية، ولكن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
السائل : إذا ضاعت نفقته؟
الشيخ : أقول: إذا ضاعت نفقته وكان عليه هدي تمتع أو قِران فإنه لا يلزمه أن يستدين، لكن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، أما إذا ضاعت نفقته ويحتاج إلى نفقة خاصة مثل الأكل والشرب وما أشبه ذلك، فهذا لا بد أن يستدين إذا لم يكن لديه شيء، إلا من عَلِمَ بحاله وأعطاه من الزكاة أو صدقة تطوع فهذا طيب.
السائل : على أي نسك كان يصوم ؟
الشيخ : لا، إنما يصوم المتمتع أو القارن.
فضيلة الشيخ : حاج ضاعت نفقته، هل عليه أن يستدين مثلًا لو كان في حملة من رفقائه لكي؟
الشيخ : ضاعت نفقته ويستدين ليش؟
السائل : لكي.
الشيخ : للفدية؟
السائل : للفدية نعم.
الشيخ : للهدي، إذا ضاعت نفقة الحاج فإنه ليس عليه أن يستدين للفدية، ولكن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
السائل : إذا ضاعت نفقته؟
الشيخ : أقول: إذا ضاعت نفقته وكان عليه هدي تمتع أو قِران فإنه لا يلزمه أن يستدين، لكن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، أما إذا ضاعت نفقته ويحتاج إلى نفقة خاصة مثل الأكل والشرب وما أشبه ذلك، فهذا لا بد أن يستدين إذا لم يكن لديه شيء، إلا من عَلِمَ بحاله وأعطاه من الزكاة أو صدقة تطوع فهذا طيب.
السائل : على أي نسك كان يصوم ؟
الشيخ : لا، إنما يصوم المتمتع أو القارن.
إذا اعتمر الإنسان عن رجل قد توفي فهل له أن يشرك نفسه في الثواب و هل ثواب الصغار إذا اعتمر بهم والدهم ونوى أجرهم للميت هل يكتب له.؟
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : سائل يا فضيلة الشيخ يسأل: معتمر يريد أن يعتمر عن ميت، هل له أن يشرك نفسه في الثواب؟ وإذا اعتمر لصبية صغار ونوى هو أجرهم للميت هل يكون ذلك؟
الشيخ : هذان سؤالان في سؤال.
أما المسألة الأولى: فإنه لا يصح أن ينوي نسكاً واحداً عن اثنين، لأن النسك لا يجزئ إلا عن واحد، كما لو أردت أن تصوم قضاءً عن نفسك وعن ميت فإنه لا يصح.
وأما المسألة الثانية: فإن ثواب الأولاد لهم، لأن الصغير الذي لم يبلغ يكتب له الثواب، ولا يكتب عليه العقاب، لكن لك أجر أنت لكونك أحرمت بهم، ودليل هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في المرأة التي رفعت إليه الصبي وقالت: ( ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر ) أي: الحج للصبي وأنتِ لك أجر، أما ما اشتهر عند العامة أن أجره يكون لأبيه أو لأمه أو لمن حج به فهذا لا أصل له.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : سائل يا فضيلة الشيخ يسأل: معتمر يريد أن يعتمر عن ميت، هل له أن يشرك نفسه في الثواب؟ وإذا اعتمر لصبية صغار ونوى هو أجرهم للميت هل يكون ذلك؟
الشيخ : هذان سؤالان في سؤال.
أما المسألة الأولى: فإنه لا يصح أن ينوي نسكاً واحداً عن اثنين، لأن النسك لا يجزئ إلا عن واحد، كما لو أردت أن تصوم قضاءً عن نفسك وعن ميت فإنه لا يصح.
وأما المسألة الثانية: فإن ثواب الأولاد لهم، لأن الصغير الذي لم يبلغ يكتب له الثواب، ولا يكتب عليه العقاب، لكن لك أجر أنت لكونك أحرمت بهم، ودليل هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في المرأة التي رفعت إليه الصبي وقالت: ( ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر ) أي: الحج للصبي وأنتِ لك أجر، أما ما اشتهر عند العامة أن أجره يكون لأبيه أو لأمه أو لمن حج به فهذا لا أصل له.
6 - إذا اعتمر الإنسان عن رجل قد توفي فهل له أن يشرك نفسه في الثواب و هل ثواب الصغار إذا اعتمر بهم والدهم ونوى أجرهم للميت هل يكتب له.؟ أستمع حفظ
هل إذا خاف الإنسان على أبنائه من فساد الأخلاق عند غيابه في حج التطوع فهل يجوز له الحج.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم:
فضيلة الشيخ سأل إنسان عن أن له ذرية يشغلونه عن التطوع في الحج، ويخشى عليهم من نقص الأخلاق في غيبة حجه، فهل ترى له عذراً في ذلك أم لا؟
الشيخ : لا شك أن تربية أولاده واجبة، وحج التطوع ليس بواجب، وكذلك عمرة التطوع، فإذا كان يخشى على أولاده من الضياع إذا ذهب للعمرة في رمضان مثلاً أو الحج فإنه لا يجوز أن يذهب للحج لا يجوز، لأنه مسئول عن أهله سؤالاً مباشراً، والحج الذي أنا أتكلم عنه هو حج التطوع.
السائل : لأن الموضوع مشكل على الإنسان.
الشيخ : كيف؟
السائل : جزاك الله خيرًا.
الشيخ : وإياك.
فضيلة الشيخ سأل إنسان عن أن له ذرية يشغلونه عن التطوع في الحج، ويخشى عليهم من نقص الأخلاق في غيبة حجه، فهل ترى له عذراً في ذلك أم لا؟
الشيخ : لا شك أن تربية أولاده واجبة، وحج التطوع ليس بواجب، وكذلك عمرة التطوع، فإذا كان يخشى على أولاده من الضياع إذا ذهب للعمرة في رمضان مثلاً أو الحج فإنه لا يجوز أن يذهب للحج لا يجوز، لأنه مسئول عن أهله سؤالاً مباشراً، والحج الذي أنا أتكلم عنه هو حج التطوع.
السائل : لأن الموضوع مشكل على الإنسان.
الشيخ : كيف؟
السائل : جزاك الله خيرًا.
الشيخ : وإياك.
7 - هل إذا خاف الإنسان على أبنائه من فساد الأخلاق عند غيابه في حج التطوع فهل يجوز له الحج.؟ أستمع حفظ
ما رأيكم فيمن سافر للرياض ورجع في يومه بسيارة أو طائرة ولا يحتاج لمؤنة هل هو مسافر ؟
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ في الأسبوع قبل الماضي سأل أحد الإخوان، فقال: أنا أذهب سبعين كيلو وأرجع، فهل علي قصر أم لا؟
فأفتيته بأنه ليس عليه قصر، بسبب أنه لا يحتاج إلى مئونة وطعام، فما رأيكم الآن اليوم بإنسان يستطيع الإنسان أن يذهب إلى الرياض أو الدمام، ويرجع في يوم ولا يحتاج إلى مئونة سواء بالسيارة أو بالطائرة، أرجو التفصيل لعدم الالتباس، وجزاكم الله خيراً؟
الشيخ : العبرة بالعادة ما هو بالبلد، العادة أن من ذهب إلى سبعين كيلو ورجع في يومه لا يستعد له استعداد السفر، لكن من ذهب إلى الرياض أو إلى مكة من القصيم فالعادة أنه يستعد له، هذه العادة، يشدون الرحال ويأتون بالأزواد وبالمياه وبالقرب، لكن كونه الآن بالطائرات ليس بعبرة، العبرة بما كان الناس عليه على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أن مثل هذا السفر يستعدون له، الآن ربما يذهب الإنسان إلى أبعد من الرياض إلى محلات بعيدة ليس معه إلا الدراهم فقط، يجد الطعام هناك أمامه في الفنادق وغيرها، ولا يحمله، ولكن العبرة بالأول، قديماً كان الناس إذا ذهبوا إلى مكان قريب سبعين كيلو -مثلاً- ورجعوا في يومهم أنهم لا يستعدون لهذه الشيء، ولا يقال: إن فلاناً مسافر، ولكن إذا أراد أن يسافر إلى محل آخر أو إلى سبعين كيلو ويبقى يومين أو ثلاثة، فإن هذا يستعد له.
فالمسألة في الحقيقة كما سمعت الآن مني، هذا قول لبعض العلماء، بعض العلماء يقول: مسافة القصر محدودة ما ترجع للعرف، إذا بلغ واحدًا وثمانين كيلو أو أكثر قليلاً فهذه مسافة قصر، وإذا كان دون ذلك فليست مسافة قصر، لكن هذا ما فيه دليل، ولهذا أنكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: " العبرة بما يسمى سفراً ".
الآن -مثلاً- لو راح الإنسان إلى الرياض في الصباح ورجع العصر قال الناس: إنه مسافر، لكن لو كان على إبل تأخذ ولا ما تأخذ؟
تأخذ، ويسميه الآن الناس مسافرًا، ولكنه لو ذهب كما قلت: إلى الرس من عنيزة ورجع في يومه ما قال الناس: هذا مسافر.
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ هناك بعض المسلمين من أصحاب المعاصي نزورهم بنية الدعوة إلى الله عز وجل، لكن هؤلاء لا يحضرون مجالس الذكر وهم بعيدون عن الله عز وجل، ونجد عندهم بعض المنكرات وأحياناً يعني يختبرونا يكون بالتلفاز أغنية أو شيء، يعني مطولة الأغنية، نحن لا نتكلم، نحن أتينا لهم في بيوتهم، ونحاول أن نكسب قلوبهم في البداية، يعني زيارات متعددة، ووجدنا حسب التجارب أننا إذا بدأناهم بإنكار المنكر يجفلون منا ولا يجالسوننا، ولكن بفضل الله عز وجل بعضهم بدأنا نصبر ولكن نصبر على مضيض، أحياناً تسمع المنكرات، ولكن بعض الإخوة ينكرون يقولون: لا بد أن تنكروا المنكر، فهل ننكر المنكر مباشرةً ؟
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ في الأسبوع قبل الماضي سأل أحد الإخوان، فقال: أنا أذهب سبعين كيلو وأرجع، فهل علي قصر أم لا؟
فأفتيته بأنه ليس عليه قصر، بسبب أنه لا يحتاج إلى مئونة وطعام، فما رأيكم الآن اليوم بإنسان يستطيع الإنسان أن يذهب إلى الرياض أو الدمام، ويرجع في يوم ولا يحتاج إلى مئونة سواء بالسيارة أو بالطائرة، أرجو التفصيل لعدم الالتباس، وجزاكم الله خيراً؟
الشيخ : العبرة بالعادة ما هو بالبلد، العادة أن من ذهب إلى سبعين كيلو ورجع في يومه لا يستعد له استعداد السفر، لكن من ذهب إلى الرياض أو إلى مكة من القصيم فالعادة أنه يستعد له، هذه العادة، يشدون الرحال ويأتون بالأزواد وبالمياه وبالقرب، لكن كونه الآن بالطائرات ليس بعبرة، العبرة بما كان الناس عليه على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أن مثل هذا السفر يستعدون له، الآن ربما يذهب الإنسان إلى أبعد من الرياض إلى محلات بعيدة ليس معه إلا الدراهم فقط، يجد الطعام هناك أمامه في الفنادق وغيرها، ولا يحمله، ولكن العبرة بالأول، قديماً كان الناس إذا ذهبوا إلى مكان قريب سبعين كيلو -مثلاً- ورجعوا في يومهم أنهم لا يستعدون لهذه الشيء، ولا يقال: إن فلاناً مسافر، ولكن إذا أراد أن يسافر إلى محل آخر أو إلى سبعين كيلو ويبقى يومين أو ثلاثة، فإن هذا يستعد له.
فالمسألة في الحقيقة كما سمعت الآن مني، هذا قول لبعض العلماء، بعض العلماء يقول: مسافة القصر محدودة ما ترجع للعرف، إذا بلغ واحدًا وثمانين كيلو أو أكثر قليلاً فهذه مسافة قصر، وإذا كان دون ذلك فليست مسافة قصر، لكن هذا ما فيه دليل، ولهذا أنكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: " العبرة بما يسمى سفراً ".
الآن -مثلاً- لو راح الإنسان إلى الرياض في الصباح ورجع العصر قال الناس: إنه مسافر، لكن لو كان على إبل تأخذ ولا ما تأخذ؟
تأخذ، ويسميه الآن الناس مسافرًا، ولكنه لو ذهب كما قلت: إلى الرس من عنيزة ورجع في يومه ما قال الناس: هذا مسافر.
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ هناك بعض المسلمين من أصحاب المعاصي نزورهم بنية الدعوة إلى الله عز وجل، لكن هؤلاء لا يحضرون مجالس الذكر وهم بعيدون عن الله عز وجل، ونجد عندهم بعض المنكرات وأحياناً يعني يختبرونا يكون بالتلفاز أغنية أو شيء، يعني مطولة الأغنية، نحن لا نتكلم، نحن أتينا لهم في بيوتهم، ونحاول أن نكسب قلوبهم في البداية، يعني زيارات متعددة، ووجدنا حسب التجارب أننا إذا بدأناهم بإنكار المنكر يجفلون منا ولا يجالسوننا، ولكن بفضل الله عز وجل بعضهم بدأنا نصبر ولكن نصبر على مضيض، أحياناً تسمع المنكرات، ولكن بعض الإخوة ينكرون يقولون: لا بد أن تنكروا المنكر، فهل ننكر المنكر مباشرةً ؟
اضيفت في - 2005-08-27