سلسلة لقاء الباب المفتوح-032a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير أول سورة الإنشقاق إلى قوله تعالى : [ فأما من أوتي كتابه بيمينه ] .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني لشهر صفر، عام 1414 ه، في يوم الخميس العاشر من شهر صفر.
نبدأ كالعادة بالكلام على ما تيسر من كتاب الله سبحانه وتعالى، ونحن قد انتهينا مِن تفسير سورة النبأ إلى آخر المطففين.
يقول الله عز وجل : بسم الله الرحمن الرحيم: (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ )): وقد تقدم الكلام على البسملة، وبيَّنَّا أن البسملة آية من كتاب الله مستقلة، ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، وإنما يؤتى بها في ابتداء السور إلا سورة براءة.
وليست آية من الفاتحة، وإن كان المكتوب في المصاحف أنها آية، لكن القول الراجح الذي هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- وعليه عامة أصحابه أنها ليست آية من الفاتحة، وهو الذي دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن الله : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي، وإذا قال : (( الرحمن الرحيم )) قال : أثنى علي عبدي، وإذا قال : (( مالك يوم الدين )) قال : مجدني عبدي، وإذا قال : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) قال : هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال : (( اهدنا الصراط المستقيم )) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ، وعلى هذا فتكون الآية الأولى : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، والثانية : (( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))، والثالثة : (( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))، والرابعة : (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))، والخامسة : (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ))، والسادسة : (( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ))، والسابعة : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ))، وهذا كما أنه الموافق لما دلت عليه السنة فهو الموافق أيضا للسورة لفظا ومعنى:
أما لفظا: فالآيات الثلاث الأولى كلها لحق الله عز وجل.
والآيات الثلاث الأخيرة كلها لحق الإنسان: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) كلها لحق الإنسان .
والآية الرابعة الوسطى بين الله وبين العبد، هذا هو القول الراجح في أن الفاتحة سبع آيات أولها : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )).
أما السورة التي نبتدئ بها الآن فهي قوله تعالى : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ )) انشقت انفتحت وانفرجت، كقوله تعالى : (( وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ))، وكقوله تعالى : (( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ )) .
إذًا فانشقاقها يوم القيامة.
قال تعالى : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : أَذِنت بمعنى استمعت وأطاعت، أمر ربها عز وجل أن تنشق فانشقت، مع أنها كانت كما وصفها الله تعالى سبعًا شدادا قوية، كما قال تعالى : (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ )) أي : بقوة .
فهذه السماء القوية العظيمة تنشق يوم القيامة تتشقق تنفرج بإذن الله سبحانه وتعالى.
(( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) أي : حُق لها أن تأذن أي : تسمع وتطيع لأن الذي أمرها من ؟!
أمرها ربها وخالقها عز وجل، فتسمع وتطيع كما أنها سمعت وأطاعت في ابتداء خلقها، ففي ابتداء خلقها قال الله تبارك وتعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) ، فتأمل أيها الآدمي البشر الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة تسمع وتطيع لله عز وجل هذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق.
في ابتداء الخلق قال : (( ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )).
وفي انتهاء الخلق : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : حُق لها أن تأذن تسمع وتطيع.
ثم قال : (( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : تأكيدًا لاستماعها لربها وطاعتها له.
(( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ )): هذه الأرض التي نحن عليها الآن، هي غير ممدودة أولاً : أنها كرة مدورة وإن كانت جوانبها الشمالية والجنوبية منفتحة قليلا أي : ممتدة قليلا فهي مدورة الآن، ثم هي أيضًا معرَّجة فيها المرتفع جدا وفيها المنخفض، فيها الأودية فيها السهول فيها الرمال فهي غير مستوية، لكن يوم القيامة: (( إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ )) أي : تمد مداً واحداً كمد الأديم أي : كمد الجلد، كأنما تفرش جلدا أو سماطا
تمد حتى إن الذين عليها وهم الخلائق يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، لكن الآن لا ينفذهم البصر، لو امتد الناس على الأرض لوجدت البعيدين منخفضين لا تراهم، لكن يوم القيامة إذا مُدت صار أقصاهم مثل أدناهم كما جاء في الحديث : ( يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ) .
يقول تعالى: (( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) ألقت ما فيها ما الذي فيها ؟
فيها جثث بني آدم تلقيها يوم القيامة، تلقي هذه الجثث، يخرجون من قبورهم لله عز وجل كما بدأهم أول خلق، أي : كما خرجوا من بطون أمهاتهم يخرجون من بطون الأرض، وأنت خرجت من بطن أمك حافيا أو منتعلا ؟ أجيبوا .
السائل : حافياً .
الشيخ : حافيا كاسيا أو عاريا ؟
عاريا نعم.
مختونا أو أغرل ؟
أغرل، إلا بعض الناس قد يخلق مختوناً، لكن عامة الناس يخرجون من بطون أمهاتهم غرلاً، كذلك تخرج من بطن الأرض يوم القيامة حافياً ليس عليك نعال، عارياً ليس عليك كساء، أغرل لست مختوناً، ولما حدث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قالت عائشة : ( يا رسول الله الرجال والنساء ؟ قال : الرجال والنساء ).
بادية عوراتهم ؟ نعم لكن الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ، الأمر شديد كل إنسان لاه عن نفسه، يقول تعالى : (( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ))، والإنسان إذا تصور الناس في ذلك الوقت مجرد تصور فإنه يرتعد ويخاف وإذا كان عاقلا مؤمنا عمل لهذا اليوم .
ولهذا قال عز وجل : (( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) أذنت يعني: سمعت وأطاعت لربها وحقت، فبعد أن كانت مدورة فيها الرفيع والنازل صارت كأنها جلد كممتدة امتدادا واحدا.
ثم قال عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ )) : الكادح هو: الساعي بجد ونوع مشقة.
وقوله : (( إلى ربك )) يعني أنك تكدح كدحاً يوصلك إلى ربك، -انتبه- كدحًا يوصل إلى الله، يعني: أن منتهى كدحك مهما كنت ينتهي إلى من ؟ إلى الله لأننا سنموت، وإذا متنا رجعنا إلى الله عز وجل، فمهما عملت فإن المنتهى هو الله عز وجل (( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ))، ولهذا قال : (( كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً )) ، حتى العاصي كادح، كادح غايته الله عز وجل: (( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ))، لكن الفرق بين المطيع والعاصي:
أن المطيع يعمل عملا يرضاه الله، يصل به إلى مرضاة الله يوم القيامة .
والعاصي يعمل عملا يغضب الله لكن مع ذلك أين ينتهي ؟
إلى الله عز وجل، إذًا قوله تعالى : (( يا أيها الإنسان )) يعم كل إنسان مؤمن أو كافر .
(( إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ )) : الفاء يقول النحويون : إنها تدل على الترتيب والتعقيب، يعني: فأنت ملاقيه عن بعد أو عن قرب ؟
عن قرب، (( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ )) وكل آت قريب، (( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ )) .
وإذا شئت أن يتبين لك أن ملاقاة الرب عز وجل قريبة إذا شئت أن يتبين لك فانظر ما مضى من عمرك الآن، لو مضى عليك مائة سنة كأنما هذه المائة السنة ساعة واحدة، كل الذي مضى من أعمارنا كأنه ساعة واحدة، إذًا هو قريب.
ثم إذا مات الإنسان أتظنون أن البرزخ الذي بين الحياة الدنيا والآخرة أتظنونه طويلا ؟ !
هو قريب قريب كاللحظة، الإنسان إذا نام نوماً هادئاً ولنقل نام أربعاً وعشرين ساعة وقام ويش يقدر النوم هذا ؟ إيش ؟
دقيقة واحدة مع أنه يمكن نام أربعة وعشرين ساعة، إذا كان هذا في مفارقة الروح للحياة تمضي يمضي الوقت بهذه السرعة، فما بالك إذا كانت الروح بعد خروجها من البدن مشغولة إما بنعيم أو جحيم ؟
ستمر ملايين السنين على الإنسان وهو كأنها لا شيء، لأن امتداد الزمن في حال يقظتنا ليس كامتداد الزمن في حال نومنا، أليس كذلك؟ توافقون على هذا ؟!
الإنسان الصاحي من طلوع الشمس إلى زوال الشمس مسافة يحس بها بأن الوقت طويل، لكن لو كان نائماً نعم ما كان شيء، الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه: (( قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ))، مائة سنة. أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وتسع سنين، فلما بعثوا قال بعضهم لبعض: كم لبثتم ؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم، وهذا يدل على أن الناس يعني الإنسان يتعجب كيف ملايين السنين تذهب على هالأموات؟!
نقول : نعم هذه ملايين السنين لكن ما كأنها إلا دقيقة واحدة، لأن حال الإنسان بعد أن تفارق روحه بدنه سواء كانت مفارقة كلية أو جزئية غير حاله إذا كانت الروح في البدن، إذا كانت الروح في البدن يعاني من المشقة والمشاكل والهواجيس والوساوس أشياء تضيع عليه الزمن، لكن بعد النوم في النوم يتقلص الزمن كثيرًا، في الموت يتقلص أكثر وأكثر، فهؤلاء الذي ماتوا لهم ملايين السنين أو آلاف السنين كأنهم لم يموتوا إلا اليوم، لو بعثوا لقيل لهم كم لبثتم ؟ لقالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم.
وهذه المسألة قد يرد على الإنسان فيها إشكال، ولكن لا إشكال في الموضوع مهما طالت المدة لأهل القبور فإنها قصيرة، ولهذا قال : (( فملاقيه )) أتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب.
وما أسرع أن تلاقي الله عز وجل.
ثم قسم الله عز وجل الناس عند ملاقاة الله تعالى إلى قسمين :
منهم من يأخذ كتابه بيمينه وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم منهم. ومنهم من يأخذ كتابه من وراء ظهره، ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك في الجلسة القادمة من أجل أن نأخذ الأسئلة إذا كان لديكم أسئلة، فنبدأ باليمين ولكل واحد سؤال واحد .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني لشهر صفر، عام 1414 ه، في يوم الخميس العاشر من شهر صفر.
نبدأ كالعادة بالكلام على ما تيسر من كتاب الله سبحانه وتعالى، ونحن قد انتهينا مِن تفسير سورة النبأ إلى آخر المطففين.
يقول الله عز وجل : بسم الله الرحمن الرحيم: (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ )): وقد تقدم الكلام على البسملة، وبيَّنَّا أن البسملة آية من كتاب الله مستقلة، ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، وإنما يؤتى بها في ابتداء السور إلا سورة براءة.
وليست آية من الفاتحة، وإن كان المكتوب في المصاحف أنها آية، لكن القول الراجح الذي هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- وعليه عامة أصحابه أنها ليست آية من الفاتحة، وهو الذي دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن الله : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي، وإذا قال : (( الرحمن الرحيم )) قال : أثنى علي عبدي، وإذا قال : (( مالك يوم الدين )) قال : مجدني عبدي، وإذا قال : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) قال : هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال : (( اهدنا الصراط المستقيم )) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ، وعلى هذا فتكون الآية الأولى : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، والثانية : (( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))، والثالثة : (( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))، والرابعة : (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))، والخامسة : (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ))، والسادسة : (( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ))، والسابعة : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ))، وهذا كما أنه الموافق لما دلت عليه السنة فهو الموافق أيضا للسورة لفظا ومعنى:
أما لفظا: فالآيات الثلاث الأولى كلها لحق الله عز وجل.
والآيات الثلاث الأخيرة كلها لحق الإنسان: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) كلها لحق الإنسان .
والآية الرابعة الوسطى بين الله وبين العبد، هذا هو القول الراجح في أن الفاتحة سبع آيات أولها : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )).
أما السورة التي نبتدئ بها الآن فهي قوله تعالى : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ )) انشقت انفتحت وانفرجت، كقوله تعالى : (( وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ))، وكقوله تعالى : (( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ )) .
إذًا فانشقاقها يوم القيامة.
قال تعالى : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : أَذِنت بمعنى استمعت وأطاعت، أمر ربها عز وجل أن تنشق فانشقت، مع أنها كانت كما وصفها الله تعالى سبعًا شدادا قوية، كما قال تعالى : (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ )) أي : بقوة .
فهذه السماء القوية العظيمة تنشق يوم القيامة تتشقق تنفرج بإذن الله سبحانه وتعالى.
(( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) أي : حُق لها أن تأذن أي : تسمع وتطيع لأن الذي أمرها من ؟!
أمرها ربها وخالقها عز وجل، فتسمع وتطيع كما أنها سمعت وأطاعت في ابتداء خلقها، ففي ابتداء خلقها قال الله تبارك وتعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) ، فتأمل أيها الآدمي البشر الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة تسمع وتطيع لله عز وجل هذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق.
في ابتداء الخلق قال : (( ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )).
وفي انتهاء الخلق : (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : حُق لها أن تأذن تسمع وتطيع.
ثم قال : (( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) : تأكيدًا لاستماعها لربها وطاعتها له.
(( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ )): هذه الأرض التي نحن عليها الآن، هي غير ممدودة أولاً : أنها كرة مدورة وإن كانت جوانبها الشمالية والجنوبية منفتحة قليلا أي : ممتدة قليلا فهي مدورة الآن، ثم هي أيضًا معرَّجة فيها المرتفع جدا وفيها المنخفض، فيها الأودية فيها السهول فيها الرمال فهي غير مستوية، لكن يوم القيامة: (( إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ )) أي : تمد مداً واحداً كمد الأديم أي : كمد الجلد، كأنما تفرش جلدا أو سماطا
تمد حتى إن الذين عليها وهم الخلائق يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، لكن الآن لا ينفذهم البصر، لو امتد الناس على الأرض لوجدت البعيدين منخفضين لا تراهم، لكن يوم القيامة إذا مُدت صار أقصاهم مثل أدناهم كما جاء في الحديث : ( يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ) .
يقول تعالى: (( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) ألقت ما فيها ما الذي فيها ؟
فيها جثث بني آدم تلقيها يوم القيامة، تلقي هذه الجثث، يخرجون من قبورهم لله عز وجل كما بدأهم أول خلق، أي : كما خرجوا من بطون أمهاتهم يخرجون من بطون الأرض، وأنت خرجت من بطن أمك حافيا أو منتعلا ؟ أجيبوا .
السائل : حافياً .
الشيخ : حافيا كاسيا أو عاريا ؟
عاريا نعم.
مختونا أو أغرل ؟
أغرل، إلا بعض الناس قد يخلق مختوناً، لكن عامة الناس يخرجون من بطون أمهاتهم غرلاً، كذلك تخرج من بطن الأرض يوم القيامة حافياً ليس عليك نعال، عارياً ليس عليك كساء، أغرل لست مختوناً، ولما حدث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قالت عائشة : ( يا رسول الله الرجال والنساء ؟ قال : الرجال والنساء ).
بادية عوراتهم ؟ نعم لكن الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ، الأمر شديد كل إنسان لاه عن نفسه، يقول تعالى : (( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ))، والإنسان إذا تصور الناس في ذلك الوقت مجرد تصور فإنه يرتعد ويخاف وإذا كان عاقلا مؤمنا عمل لهذا اليوم .
ولهذا قال عز وجل : (( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ )) أذنت يعني: سمعت وأطاعت لربها وحقت، فبعد أن كانت مدورة فيها الرفيع والنازل صارت كأنها جلد كممتدة امتدادا واحدا.
ثم قال عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ )) : الكادح هو: الساعي بجد ونوع مشقة.
وقوله : (( إلى ربك )) يعني أنك تكدح كدحاً يوصلك إلى ربك، -انتبه- كدحًا يوصل إلى الله، يعني: أن منتهى كدحك مهما كنت ينتهي إلى من ؟ إلى الله لأننا سنموت، وإذا متنا رجعنا إلى الله عز وجل، فمهما عملت فإن المنتهى هو الله عز وجل (( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ))، ولهذا قال : (( كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً )) ، حتى العاصي كادح، كادح غايته الله عز وجل: (( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ))، لكن الفرق بين المطيع والعاصي:
أن المطيع يعمل عملا يرضاه الله، يصل به إلى مرضاة الله يوم القيامة .
والعاصي يعمل عملا يغضب الله لكن مع ذلك أين ينتهي ؟
إلى الله عز وجل، إذًا قوله تعالى : (( يا أيها الإنسان )) يعم كل إنسان مؤمن أو كافر .
(( إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ )) : الفاء يقول النحويون : إنها تدل على الترتيب والتعقيب، يعني: فأنت ملاقيه عن بعد أو عن قرب ؟
عن قرب، (( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ )) وكل آت قريب، (( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ )) .
وإذا شئت أن يتبين لك أن ملاقاة الرب عز وجل قريبة إذا شئت أن يتبين لك فانظر ما مضى من عمرك الآن، لو مضى عليك مائة سنة كأنما هذه المائة السنة ساعة واحدة، كل الذي مضى من أعمارنا كأنه ساعة واحدة، إذًا هو قريب.
ثم إذا مات الإنسان أتظنون أن البرزخ الذي بين الحياة الدنيا والآخرة أتظنونه طويلا ؟ !
هو قريب قريب كاللحظة، الإنسان إذا نام نوماً هادئاً ولنقل نام أربعاً وعشرين ساعة وقام ويش يقدر النوم هذا ؟ إيش ؟
دقيقة واحدة مع أنه يمكن نام أربعة وعشرين ساعة، إذا كان هذا في مفارقة الروح للحياة تمضي يمضي الوقت بهذه السرعة، فما بالك إذا كانت الروح بعد خروجها من البدن مشغولة إما بنعيم أو جحيم ؟
ستمر ملايين السنين على الإنسان وهو كأنها لا شيء، لأن امتداد الزمن في حال يقظتنا ليس كامتداد الزمن في حال نومنا، أليس كذلك؟ توافقون على هذا ؟!
الإنسان الصاحي من طلوع الشمس إلى زوال الشمس مسافة يحس بها بأن الوقت طويل، لكن لو كان نائماً نعم ما كان شيء، الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه: (( قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ))، مائة سنة. أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وتسع سنين، فلما بعثوا قال بعضهم لبعض: كم لبثتم ؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم، وهذا يدل على أن الناس يعني الإنسان يتعجب كيف ملايين السنين تذهب على هالأموات؟!
نقول : نعم هذه ملايين السنين لكن ما كأنها إلا دقيقة واحدة، لأن حال الإنسان بعد أن تفارق روحه بدنه سواء كانت مفارقة كلية أو جزئية غير حاله إذا كانت الروح في البدن، إذا كانت الروح في البدن يعاني من المشقة والمشاكل والهواجيس والوساوس أشياء تضيع عليه الزمن، لكن بعد النوم في النوم يتقلص الزمن كثيرًا، في الموت يتقلص أكثر وأكثر، فهؤلاء الذي ماتوا لهم ملايين السنين أو آلاف السنين كأنهم لم يموتوا إلا اليوم، لو بعثوا لقيل لهم كم لبثتم ؟ لقالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم.
وهذه المسألة قد يرد على الإنسان فيها إشكال، ولكن لا إشكال في الموضوع مهما طالت المدة لأهل القبور فإنها قصيرة، ولهذا قال : (( فملاقيه )) أتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب.
وما أسرع أن تلاقي الله عز وجل.
ثم قسم الله عز وجل الناس عند ملاقاة الله تعالى إلى قسمين :
منهم من يأخذ كتابه بيمينه وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم منهم. ومنهم من يأخذ كتابه من وراء ظهره، ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك في الجلسة القادمة من أجل أن نأخذ الأسئلة إذا كان لديكم أسئلة، فنبدأ باليمين ولكل واحد سؤال واحد .
إذا عمل الإنسان عملاً صالحاً بدون نية فهل يثاب عليه كإماطة الأذى عن الطريق والمصافحة.؟
السائل : فضيلة الشيخ هل يثاب المسلم إذا فعل وعمل أعمالا بغير نية كإماطة الأذى عن الطريق وكالمصافحة وكالسواك وحضور مجالس الذكر من غير نية، من غير نية طلب الأجر من الله سبحانه وتعالى ؟
الشيخ : الأعمال الصالحة قسمان :
النوع الأول: أعمال لازمة لا يتعدى نفعها للغير فهذه إن عملها الإنسان بنية أثيب، ولو بنية القيام بالواجب، يعني: ولو لم ينو الاحتساب ولكن نوى القيام بالواجب فإنه يثاب.
والنوع الثاني: عبادات متعدية ينتفع بها الغير فهذه يؤجر على انتفاع الغير بها وإن لم يكن له نية عند فعلها، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: ( أن من زرع زرعا أو غرس شجرة فأصاب منها حيوان أو شيء فإن له بذلك أجرًا ) مع أنه ربما يغرس ولا ينوي هذه النية، لكن ما دام فيه انتفاع للناس فله أجر به، ويدل على هذا قوله تعالى: (( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )) وهذا إذا فعله الإنسان ولو لمجرد الإصلاح بدون قصد الثواب، ثم قال : (( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً )): وهذا أمر زائد على الخيرية التي ذكرها الله في أول الآية.
فإماطة الأذى عن الطريق نفعها متعدي فيثاب الإنسان عليها وإن لم يكن له نية حال هذه الإماطة نعم .
الشيخ : الأعمال الصالحة قسمان :
النوع الأول: أعمال لازمة لا يتعدى نفعها للغير فهذه إن عملها الإنسان بنية أثيب، ولو بنية القيام بالواجب، يعني: ولو لم ينو الاحتساب ولكن نوى القيام بالواجب فإنه يثاب.
والنوع الثاني: عبادات متعدية ينتفع بها الغير فهذه يؤجر على انتفاع الغير بها وإن لم يكن له نية عند فعلها، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: ( أن من زرع زرعا أو غرس شجرة فأصاب منها حيوان أو شيء فإن له بذلك أجرًا ) مع أنه ربما يغرس ولا ينوي هذه النية، لكن ما دام فيه انتفاع للناس فله أجر به، ويدل على هذا قوله تعالى: (( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )) وهذا إذا فعله الإنسان ولو لمجرد الإصلاح بدون قصد الثواب، ثم قال : (( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً )): وهذا أمر زائد على الخيرية التي ذكرها الله في أول الآية.
فإماطة الأذى عن الطريق نفعها متعدي فيثاب الإنسان عليها وإن لم يكن له نية حال هذه الإماطة نعم .
2 - إذا عمل الإنسان عملاً صالحاً بدون نية فهل يثاب عليه كإماطة الأذى عن الطريق والمصافحة.؟ أستمع حفظ
هناك من يقحم بعض المناهج والدعوات والمذاهب الضالة كمنهج الخوارج في هذه البلاد مع أنها على المنهج السلفي فهل ترى لهذا مسوغا أم أنه يشتت الأمة ويفرق الصف .؟
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ كما تعلمون أن من نعم الله سبحانه وتعالى على أهل هذه البلاد أنهم على المنهج السلفي، ولكن هناك من يقحم بعض المناهج أو الدعوات وربما بعض المذاهب الضالة كمذهب الخوارج، هل ترون لهذا فضيلة الشيخ مسوغًا أم أنه يفرق الأمة ويشتت الصف ؟
الشيخ : نعم لقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام في خطبه يوم الجمعة وفي مناسبات أخرى أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا نظرنا إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وجدنا أنه يريد أن تكون الأمة أمة واحدة لا تتفرق ولا تختلف، ولا يكون في قلوب بعضها شيء على الآخرين، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يترك ما هو اختيار لدرء الفتنة، وحتى أنه عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على ولاة الأمور على ظلمهم وعلى جورهم وعلى أثرتهم واستبدادهم، وأخبر أن هذا سيكون، فقال للأنصار رضي الله عنهم: ( إنكم ستلقون بعدي أثرة -أي : استئثارا عليكم- فاصبروا حتى تلقوني على الحوض )، وقال : ( من رأى من أميره ما يكره فليصبر )، وقال : ( إذا لم يؤدوا حق الله فيكم فأدوا حق الله لهم عليكم، واصبروا على فرطوا وحسابهم على الله عز وجل ).
ولا شك أن مما يخالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام إيغار الصدور على ولاة الأمور، والحديث بما يوجب كراهتهم وبغضهم، وذلك لأن الأمة الإسلامية يقوم أمرُها على صنفين من الناس :
على العلماء، وعلى الأمراء، وهم أولو الأمر الذين قال الله تعالى فيهم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ))، قال المفسرون وغيرهم من أهل العلم: أولوا الأمر منا هم العلماء والأمراء، فالعلماء قادة الأمة بشريعة الله، والأمراء قادة الأمة بسلطان الله عز وجل.
لولا العلماء والأمراء ما استقامت الأمة، لأن العلماء يقودون الناس بالشريعة، والأمراء يقودون الناس بالسلطة والتنفيذ، فإذا تكلم أحد في الأمراء أو تكلم في العلماء بما يوجب عداوتهم والحط من قدرهم فإن الأمة تضيع، لأنه لا يكون لها علماء تثق بأقوالهم، فتضيع الشريعة، وليس لديها أمراء تثق بتصرفاتهم فيضيع الأمن.
لهذا نرى أن من الخطأ الفاحش ما يقوم به بعض الناس من الكلام على العلماء أو على الأمراء، ونعني بالأمراء ولاة الأمور أمور الدولة، وإذا رأى شيئًا من هؤلاء يخالف ما يرى أنه شرع فالواجب عليه النصيحة، وليس الواجب إفشاء هذا الشر أو هذه المخالفة، ينصح بالكتابة، إذا لم يستطع تكون الكتابة بالواسطة يعطيها من يوصلها للمسؤولين من العلماء أو الأمراء، وإلا فلا نشك أنه يوجد خطأ من العلماء ويوجد خطأ من الأمراء سواء كان متعمداً أو غير متعمد، لكن ليس دواء المرض بإحداث مرض أعظم منه، ولا زوال الشر بشرٍ أشرَّ منه أبدًا، ولم يضر الأمة الإسلامية إلا كلامها في علمائها وفي أمرائها.
ما الذي أوجب قتل عثمان ؟
هو الكلام فيه، تكلموا فيه وأنه يحابي أقاربه وأنه يفعل كذا ويفعل كذا فحملت الناس في قلوبها عليه، ثم تولد من هذا الحمل كراهة وبغضاء، وأهواء وعداء، حتى وصل الأمر إلى أن قتلوه في بيته.
ما الذي أوجب قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طلب إلا هذا ؟!
خرجوا عليه، وقالوا: إنه خالف الشرع، وكفروه وكفروا المسلمين معه، وحصل ما حصل من الشر.
فالواجب علينا أيها الإخوة ونحن ولله الحمد في هذا البلد كما قال الأخ السائل : بلد آمنة ومطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان، وهي من خير ما نعلمه في بلاد المسلمين تطبيقا للشريعة وهذا أمر مشاهد، ولا نقول : إنها تامة مائة في مائة، لا عندها قصور كثير وفيه ظلم وفي استئثار، لكن الظلم إذا نسبته إلى العدل وجدت أنه إيش ؟
لا شيء، أقل مو أقل لا شيء، يعني لو قدرنا أن المملكة السعودية عشرة ملايين لا تستطيع أن تخرج ألف واحد مظلوم ظلما حقيقيا ولم يتمكن من رفعه أبدًا، فإذا كان كذلك كيف نقول : إن الظلم فاشي وكثير هذا مو صحيح.
الواجب أن الإنسان ينظر بالعدل: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ))، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا )): شنئان يعني: بغض، ويجرم بمعنى: يحمل .
يعني لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، (( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ )).
فأقول : إننا ولله الحمد في بلاد آمنة مطمئنة هي خير ما نعلمه في بلاد المسلمين في تطبيق الشريعة، فالواجب علينا أن نحرص على توحيد الكلمة ما استطعنا، وأن نجعل الخلاف الذي يكون بيننا من باب الاجتهاد، وأن نتناقش فيما بيننا فيما يظن بعضنا أنه خطأ حتى نصل إلى الصواب جميعًا، وإذا علم الله من نيتنا أننا نريد الحق يسره لنا، ويسر لنا الاجتماع عليه.
هذا ما أحببت أن أقوله حول هذا الموضوع، وأرى أنه يجب الكف عن نشر مساوئ الناس ولاسيما العلماء والأمراء، وأنه يجب إصلاح الخطأ بقدر الإمكان، ولكن بالطريقة التي يحصل بها المقصود، ونسلم فيها من المحذور .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ كما تعلمون أن من نعم الله سبحانه وتعالى على أهل هذه البلاد أنهم على المنهج السلفي، ولكن هناك من يقحم بعض المناهج أو الدعوات وربما بعض المذاهب الضالة كمذهب الخوارج، هل ترون لهذا فضيلة الشيخ مسوغًا أم أنه يفرق الأمة ويشتت الصف ؟
الشيخ : نعم لقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام في خطبه يوم الجمعة وفي مناسبات أخرى أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا نظرنا إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وجدنا أنه يريد أن تكون الأمة أمة واحدة لا تتفرق ولا تختلف، ولا يكون في قلوب بعضها شيء على الآخرين، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يترك ما هو اختيار لدرء الفتنة، وحتى أنه عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على ولاة الأمور على ظلمهم وعلى جورهم وعلى أثرتهم واستبدادهم، وأخبر أن هذا سيكون، فقال للأنصار رضي الله عنهم: ( إنكم ستلقون بعدي أثرة -أي : استئثارا عليكم- فاصبروا حتى تلقوني على الحوض )، وقال : ( من رأى من أميره ما يكره فليصبر )، وقال : ( إذا لم يؤدوا حق الله فيكم فأدوا حق الله لهم عليكم، واصبروا على فرطوا وحسابهم على الله عز وجل ).
ولا شك أن مما يخالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام إيغار الصدور على ولاة الأمور، والحديث بما يوجب كراهتهم وبغضهم، وذلك لأن الأمة الإسلامية يقوم أمرُها على صنفين من الناس :
على العلماء، وعلى الأمراء، وهم أولو الأمر الذين قال الله تعالى فيهم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ))، قال المفسرون وغيرهم من أهل العلم: أولوا الأمر منا هم العلماء والأمراء، فالعلماء قادة الأمة بشريعة الله، والأمراء قادة الأمة بسلطان الله عز وجل.
لولا العلماء والأمراء ما استقامت الأمة، لأن العلماء يقودون الناس بالشريعة، والأمراء يقودون الناس بالسلطة والتنفيذ، فإذا تكلم أحد في الأمراء أو تكلم في العلماء بما يوجب عداوتهم والحط من قدرهم فإن الأمة تضيع، لأنه لا يكون لها علماء تثق بأقوالهم، فتضيع الشريعة، وليس لديها أمراء تثق بتصرفاتهم فيضيع الأمن.
لهذا نرى أن من الخطأ الفاحش ما يقوم به بعض الناس من الكلام على العلماء أو على الأمراء، ونعني بالأمراء ولاة الأمور أمور الدولة، وإذا رأى شيئًا من هؤلاء يخالف ما يرى أنه شرع فالواجب عليه النصيحة، وليس الواجب إفشاء هذا الشر أو هذه المخالفة، ينصح بالكتابة، إذا لم يستطع تكون الكتابة بالواسطة يعطيها من يوصلها للمسؤولين من العلماء أو الأمراء، وإلا فلا نشك أنه يوجد خطأ من العلماء ويوجد خطأ من الأمراء سواء كان متعمداً أو غير متعمد، لكن ليس دواء المرض بإحداث مرض أعظم منه، ولا زوال الشر بشرٍ أشرَّ منه أبدًا، ولم يضر الأمة الإسلامية إلا كلامها في علمائها وفي أمرائها.
ما الذي أوجب قتل عثمان ؟
هو الكلام فيه، تكلموا فيه وأنه يحابي أقاربه وأنه يفعل كذا ويفعل كذا فحملت الناس في قلوبها عليه، ثم تولد من هذا الحمل كراهة وبغضاء، وأهواء وعداء، حتى وصل الأمر إلى أن قتلوه في بيته.
ما الذي أوجب قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طلب إلا هذا ؟!
خرجوا عليه، وقالوا: إنه خالف الشرع، وكفروه وكفروا المسلمين معه، وحصل ما حصل من الشر.
فالواجب علينا أيها الإخوة ونحن ولله الحمد في هذا البلد كما قال الأخ السائل : بلد آمنة ومطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان، وهي من خير ما نعلمه في بلاد المسلمين تطبيقا للشريعة وهذا أمر مشاهد، ولا نقول : إنها تامة مائة في مائة، لا عندها قصور كثير وفيه ظلم وفي استئثار، لكن الظلم إذا نسبته إلى العدل وجدت أنه إيش ؟
لا شيء، أقل مو أقل لا شيء، يعني لو قدرنا أن المملكة السعودية عشرة ملايين لا تستطيع أن تخرج ألف واحد مظلوم ظلما حقيقيا ولم يتمكن من رفعه أبدًا، فإذا كان كذلك كيف نقول : إن الظلم فاشي وكثير هذا مو صحيح.
الواجب أن الإنسان ينظر بالعدل: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ))، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا )): شنئان يعني: بغض، ويجرم بمعنى: يحمل .
يعني لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، (( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ )).
فأقول : إننا ولله الحمد في بلاد آمنة مطمئنة هي خير ما نعلمه في بلاد المسلمين في تطبيق الشريعة، فالواجب علينا أن نحرص على توحيد الكلمة ما استطعنا، وأن نجعل الخلاف الذي يكون بيننا من باب الاجتهاد، وأن نتناقش فيما بيننا فيما يظن بعضنا أنه خطأ حتى نصل إلى الصواب جميعًا، وإذا علم الله من نيتنا أننا نريد الحق يسره لنا، ويسر لنا الاجتماع عليه.
هذا ما أحببت أن أقوله حول هذا الموضوع، وأرى أنه يجب الكف عن نشر مساوئ الناس ولاسيما العلماء والأمراء، وأنه يجب إصلاح الخطأ بقدر الإمكان، ولكن بالطريقة التي يحصل بها المقصود، ونسلم فيها من المحذور .
3 - هناك من يقحم بعض المناهج والدعوات والمذاهب الضالة كمنهج الخوارج في هذه البلاد مع أنها على المنهج السلفي فهل ترى لهذا مسوغا أم أنه يشتت الأمة ويفرق الصف .؟ أستمع حفظ
ماهي حدود استئذان الوالدين.؟
السائل : فضيلة الشيخ ما هي حدود استئذان الوالدين ؟
الشيخ : نعم الوالدان الأم والأب برهما واجب، وعقوقهما من كبائر الذنوب، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قالوا : بلى يا رسول الله، قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور ) ، ولكن ليس كل شيء يستأذن فيه الوالدان ، فلو أراد الإنسان أن يصلي صلاة فريضة فلا يستأذن والديه بل لو قالا : لا تصل مع الجماعة مثلا وجب عليه معصيتهما لقوله تعالى : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ))، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).
ولا يجب استئذانهما أيضًا في صلاة النافلة، إلا إذا كان لهما شغل، وهما محتاجان إليك فحينئذ استأذن منهما، لأنهما إذا احتاجا إليك كان القيام بحاجاتهما من البر، والبر واجب، وصلاة النافلة تطوع وحينئذ تستأذن منهما.
وأما إذا كانا لا يحتاجان إليك ولا ضرر عليهما فيما تفعل من الطاعات فلا حاجة للاستئذان، نعم .
الشيخ : نعم الوالدان الأم والأب برهما واجب، وعقوقهما من كبائر الذنوب، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قالوا : بلى يا رسول الله، قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور ) ، ولكن ليس كل شيء يستأذن فيه الوالدان ، فلو أراد الإنسان أن يصلي صلاة فريضة فلا يستأذن والديه بل لو قالا : لا تصل مع الجماعة مثلا وجب عليه معصيتهما لقوله تعالى : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ))، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).
ولا يجب استئذانهما أيضًا في صلاة النافلة، إلا إذا كان لهما شغل، وهما محتاجان إليك فحينئذ استأذن منهما، لأنهما إذا احتاجا إليك كان القيام بحاجاتهما من البر، والبر واجب، وصلاة النافلة تطوع وحينئذ تستأذن منهما.
وأما إذا كانا لا يحتاجان إليك ولا ضرر عليهما فيما تفعل من الطاعات فلا حاجة للاستئذان، نعم .
توجد مكاتب في بعض المساجد في الطابق العلوي أو ملاصقة للمصلى فهل لها حكم المسجد .؟
السائل : غفر الله لك يا شيخ يوجد في بعض المساجد مكاتب إما أن تكون في الطابق العلوي أو ملاصقة للمصلى فهل تأخذ حكم المسجد ؟
الشيخ : يقول العلماء -رحمهم الله- : ما كان في داخل سور المسجد وبابه من داخل فهو من المسجد، وما كان خارج السور فليس من المسجد .
السائل : تأخذ حكم المسجد ؟
الشيخ : فتأخذ حكم المسجد، يعني: أنه لا يلبث فيها الجنب إلا بوضوء، ولا يصح فيها البيع والشراء، وإذا دخلت فصل ركعتين وجميع أحكام المسجد المعروفة .
الشيخ : يقول العلماء -رحمهم الله- : ما كان في داخل سور المسجد وبابه من داخل فهو من المسجد، وما كان خارج السور فليس من المسجد .
السائل : تأخذ حكم المسجد ؟
الشيخ : فتأخذ حكم المسجد، يعني: أنه لا يلبث فيها الجنب إلا بوضوء، ولا يصح فيها البيع والشراء، وإذا دخلت فصل ركعتين وجميع أحكام المسجد المعروفة .
بعض الشباب يلبسون عمامة في المناسبات ونصحناهم بأنه لباس شهرة مخالف لعادة أهل البلد وليس بسنة فقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم لبسها ولنا فيه قدوة والناس إنما بعدوا عن الدين لذا استنكروا هذا اللباس .؟
السائل : فضيلة الشيخ إنا نحبك في الله وإخواننا في المنطقة الشرقية يحملون نقل السلام إليك .
الشيخ : عليك وعليهم السلام .
السائل : والسؤال يقول: يوجد في مدينتنا بعض الشباب الطيب الذين يلبسون العمامة وخاصة في المناسبات كالجمع والأعياد، وقمنا بالحديث معهم بأن لبسها ليس بسنة، وإنما هذا راجع إلى عرف البلد القاطن فيه، وأنه قد يكون لباس شهرة وتميز في الوقت الحالي، وكان جوابهم: أن هذا لبس الرسول صلى الله عليه وسلم وقد فعله فلنا فيه قدوة والناس لما بعدوا عن الدين استنكروا هذا اللباس، فما رأيكم وتوجيهكم في هذا الأمر حفظكم الله ورعاكم ؟
الشيخ : نعم، رأينا أن هذا القول يحتاج إلى تعمق في الفقه، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لبس العمامة ولبس الإزار ولبس الرداء، لأن الناس كانوا يلبسونها.
ومعنى في جنس اللباس أن ما اعتاده الناس ولم يكن محرماً بعينه فهو سنة، عرفت؟
أما ما كان محرماً بعينه مثل أن يعتاد الناس لباساً ينزل عن الكعب أو يعتاد الناس لباس حرير للرجال فهذا معلوم لا يجوز اتباعه.
لكن ما كان مباحًا وكان من عادة الناس فإن السنة أن تلبس كما يلبسون، لأنك لو خرجت عن ذلك لصار شهرة، ولا يمكن لأي إنسان أن يأتي بدليل على أن الرسول أمر بالعمامة، لو أمر بها لعلمنا أنها سنة، عبادة، لأن كل ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو عبادة إلا في أشياء دل الدليل على أنها للإباحة، لكن ليس هناك أي حديث يأمر بالعمامة إنما هي من فعل الرسول لأن الناس كانوا يعتادون هذا.
وقل لهؤلاء الإخوة: إذًا البسوا إزارا ورداء لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يلبس إزارا ورداء ويلبس القميص أحيانا.
فنقول للإخوة : إن فعلكم هذا شهرة .
الشيخ : عليك وعليهم السلام .
السائل : والسؤال يقول: يوجد في مدينتنا بعض الشباب الطيب الذين يلبسون العمامة وخاصة في المناسبات كالجمع والأعياد، وقمنا بالحديث معهم بأن لبسها ليس بسنة، وإنما هذا راجع إلى عرف البلد القاطن فيه، وأنه قد يكون لباس شهرة وتميز في الوقت الحالي، وكان جوابهم: أن هذا لبس الرسول صلى الله عليه وسلم وقد فعله فلنا فيه قدوة والناس لما بعدوا عن الدين استنكروا هذا اللباس، فما رأيكم وتوجيهكم في هذا الأمر حفظكم الله ورعاكم ؟
الشيخ : نعم، رأينا أن هذا القول يحتاج إلى تعمق في الفقه، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لبس العمامة ولبس الإزار ولبس الرداء، لأن الناس كانوا يلبسونها.
ومعنى في جنس اللباس أن ما اعتاده الناس ولم يكن محرماً بعينه فهو سنة، عرفت؟
أما ما كان محرماً بعينه مثل أن يعتاد الناس لباساً ينزل عن الكعب أو يعتاد الناس لباس حرير للرجال فهذا معلوم لا يجوز اتباعه.
لكن ما كان مباحًا وكان من عادة الناس فإن السنة أن تلبس كما يلبسون، لأنك لو خرجت عن ذلك لصار شهرة، ولا يمكن لأي إنسان أن يأتي بدليل على أن الرسول أمر بالعمامة، لو أمر بها لعلمنا أنها سنة، عبادة، لأن كل ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو عبادة إلا في أشياء دل الدليل على أنها للإباحة، لكن ليس هناك أي حديث يأمر بالعمامة إنما هي من فعل الرسول لأن الناس كانوا يعتادون هذا.
وقل لهؤلاء الإخوة: إذًا البسوا إزارا ورداء لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يلبس إزارا ورداء ويلبس القميص أحيانا.
فنقول للإخوة : إن فعلكم هذا شهرة .
اضيفت في - 2005-08-27