سلسلة لقاء الباب المفتوح-033a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
بيان النعم التي أنعم الله بها على بلاد الحرمين وكيفية دوام النعم .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نذكر الإخوة جميعًا بما أنعم الله به علينا في هذه الجلسة المباركة، وهو اللقاء الثالث في هذا الشهر، شهر صفر، عام 1414ه، الذي يكون في كل يوم خميس.
إننا ولله الحمد في هذه البلاد نتمتع بنعم كثيرة، أهمها نعمة الإسلام، فليس ولله الحمد في بلادنا شيء من خصال الكفر الظاهر أو البدعة الظاهرة، الكل ولله الحمد على عقيدة التوحيد والعقيدة السلفية، عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالأمور التي خالف فيها أهل البدع لطريق السلف الصالح، وهذه أكبر نعمة على العبد لأنها تتصل بها سعادة الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )).
أما النعمة الثانية فهي نعمة توفر الطعام والشراب واللباس والمساكن والمراكب التي قد تكون غير متوفرة في كثير من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، فما أكثر الذين يموتون جوعًا أو يتضورون جوعًا، وما أكثر الأمم الذين لا يجدون ما يكسون به عوراتهم أو يتقون به البرد أو يتقون به الحر، وما أكثر الأمم الذين لا يجدون مساكن إلا عشاشًا أو أشجارًا يضعون عليها قطعا من الثياب يتظللون بها، وهذا شيء معلوم بالأخبار المتواترة من الثقات الذين يذهبون إلى تلك البلاد، ومما نسمع من الإذاعات.
أما النعمة الثالثة: فهي نعمة الأمن، نعمة الأمن التي ترفل بها هذه البلاد، فالناس ولله الحمد في أمن كامل على أنفسهم وعلى أهليهم وعلى أموالهم ليس هناك ولله الحمد اغتيالات، ولا سطو على البيوت، ولا سرقة للأموال، حتى إن الأموال تكون في الأسواق ليس عندها حارس ولكن الله سبحانه وتعالى يحرسها بما أودع في هذه البلاد من الأمن.
وهذه النعم الثلاث هي التي أشار الله تعالى إليها في قوله: (( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )) ، فالإطعام من الجوع حاصل، والأمن من الخوف حاصل، وبقي علينا العبادة.
نحن ولله الحمد نرى أن بلادنا من خير البلاد الإسلامية، ولكن هل هذه النعم ستبقى أو تزيد أو تزول؟
الجواب: من عند الله عز وجل قال الله تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) ، فإن شكرنا الله على هذه النعم وقمنا بما يجب من حقوق الله وحقوق عباد الله، وأعظمها حقوق الوالدين، أما حق النبي عليه الصلاة والسلام فإنه داخل في حق الله، ولهذا تجدون الآيات الكريمات يذكر الله حقه ثم حق الوالدين قال تعالى : (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )) ، فلماذا لم يذكر حق الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعظم من حق الوالدين ؟
لأنه داخل في حق الله سبحانه وتعالى، إذ أن العبادة لا تتم إلا بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن إذا قمنا بمتابعة الرسول فقد أدينا الحق.
كذلك أيضًا يجب علينا أن نحذر من التفرق وتمزق الكلمة واختلاف القلوب، فإن ذلك يوجب الفشل والخذلان كما قال الله عز وجل: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )).
وأنا أرى في الساحة اختلافا، وأرى قولا وقيلا، وهذا ينصر هذا القول وهذا ينصر القول المضاد، وهذا ينتحل لهذا الرجل وهذا ينتحل لرجل آخر، وكل واحد منهم يقف ضد الآخر، وهذا خطر عظيم، نحن ما لنا وللناس ما لنا ولزيد أو لعمرو؟
نحن نتبع الحق أينما كان ومن أي جهة كان، هذا الواجب، الحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذ به.
وليس الحق مخصوصا بشخص معين دون شخص آخر، ربما يأتي الحق من رجل كافر، وربما يأتي الحق من رجل فاسق، وربما يفوت الحقُ رجلاً مؤمنا يخطئ وكل إنسان خطَّاء.
وقد تستنكرون أن أقول: إن الحق يأتي من رجل كافر ولكنه يأتي من رجل كافر، ويجب قبوله، أليس الله تعالى قال: (( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ))، فقال الله تعالى : (( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ))، ولم يكذبهم بقولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) لأن قولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) حق، فأبطل الله قولهم: (( وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا )) ولم يبطل قولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) لماذا ؟ أجيبوا ؟
لأنه حق فيجب قبوله ولو كان من كافر، وهذا الرجل اليهودي الذي حدث النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع إلى آخر الحديث، هل كذبه الرسول ؟ أو قال : لا نقبل منك لأنك يهودي ؟
لا، صدقه، ( ضحك حتى بدت نواجذه تصديقا لقوله ثم قرأ قول الله تعالى : (( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ) ، وإذا كان هذا هو الواجب أن نتبع الحق أينما كان وأن نأخذ به من أي مصدر كان،
فما بالنا ننتحل لزيد أو لعمرو ثم نقول : كل ما قاله فهو حق وصواب وكل ما قاله الآخر فهو باطل وخطأ، هذا لا يليق بالمؤمن إطلاقا، اتبع الحق أينما كان، واعلم أن الإنسان قد يأتي بالحق الكثير ثم يخطئ مرة واحدة، أو يأتي بالخطأ الكثير ثم يصيب مرة واحدة، أو يكون خطؤه وصوابه واحدًا، متساويين، وفي الأحوال الثلاث كلها الواجب علينا أن نأخذ بالحق وندع الباطل.
وإذا رأينا من شخص خطأ ونحن نعلم حسن نيته فالواجب الاعتذار عنه لا التشنيع به، لأن التشنيع بأهل الحق من خصال المنفافقين، هم الذين إذا أمسكوا على أهل الإيمان خطأ واحدًا بنوا منه أخطاء كثيرة وشنعوا عليه وأشاعوا الفاحشة فيه.
أما المؤمن فإذا رأى من شخص خطأ وهو يعرف منه حسن نيته ما هو كل إنسان يخطئ نعذره بخطئه، لا، قد يكون يخطئ متعمدا.
لكن إذا علمنا حسن نية الرجل وأن هذا خطأ فادح وبنو آدم خطاء، فإن الواجب علينا أن نعذره وألا نتحدث ونشنع به أمام الناس، ثم الواجب علينا تارة أخرى أن نتصل به، وأن نقول: إنك قلت كذا أو فعلت كذا، ثم نبين الخطأ، قد يكون الخطأ في فهمنا نحن، ويكون ما قاله هو صحيحاً، وقد يكون الخطأ منه وإذا كان حسن النية رجع إلى الصواب حتى لو كان أكبر الناس، من لم يتواضع للحق فهو مستكبر، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من كبر ).
فالواجب علينا أيها الإخوة الواجب علينا ألا يكون همنا القيل والقال، وقال فلان وقال فلان، وفلان على حق وفلان على خطأ، الواجب علينا أن نتبع الحق أينما كان، وأن نأخذ به من أي مصدر كان، وإذا صدر من شخص خطأ والإنسان معرض للخطأ، فإنه لا يجوز أن نشنع عليه بهذا الخطأ، بل نعتذر عنه أمام الناس، ثم نتصل به لمناقشته على ما نظن أنه خطأ إذ قد يكون الخطأ منا لا منه، حتى تستقيم الأمة، وتكون الكلمة واحدة، ولا يحصل تفرق ولا نزاع، وأنتم تعلمون بارك الله فيكم أنه إذا حصل التفرق والتمزق بين الأمة زالت هيبتها، وصارت فريسة للشيطان والهوى، لكن إذا عقدنا العزم على أن نكون يدًا واحدة وأن نكون قلبا واحدًا، وأن نكون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام مخبرا خبرا يجب أن يطبق: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) ، وبهذا تتم أمورنا وتحسن أحوالنا.
نسأل الله أن يحقق لنا ذلك بمنه وكرمه، ولنتجه الآن إلى الأسئلة ويكون السؤال سؤالا واحدًا من كل شخص .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نذكر الإخوة جميعًا بما أنعم الله به علينا في هذه الجلسة المباركة، وهو اللقاء الثالث في هذا الشهر، شهر صفر، عام 1414ه، الذي يكون في كل يوم خميس.
إننا ولله الحمد في هذه البلاد نتمتع بنعم كثيرة، أهمها نعمة الإسلام، فليس ولله الحمد في بلادنا شيء من خصال الكفر الظاهر أو البدعة الظاهرة، الكل ولله الحمد على عقيدة التوحيد والعقيدة السلفية، عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالأمور التي خالف فيها أهل البدع لطريق السلف الصالح، وهذه أكبر نعمة على العبد لأنها تتصل بها سعادة الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )).
أما النعمة الثانية فهي نعمة توفر الطعام والشراب واللباس والمساكن والمراكب التي قد تكون غير متوفرة في كثير من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، فما أكثر الذين يموتون جوعًا أو يتضورون جوعًا، وما أكثر الأمم الذين لا يجدون ما يكسون به عوراتهم أو يتقون به البرد أو يتقون به الحر، وما أكثر الأمم الذين لا يجدون مساكن إلا عشاشًا أو أشجارًا يضعون عليها قطعا من الثياب يتظللون بها، وهذا شيء معلوم بالأخبار المتواترة من الثقات الذين يذهبون إلى تلك البلاد، ومما نسمع من الإذاعات.
أما النعمة الثالثة: فهي نعمة الأمن، نعمة الأمن التي ترفل بها هذه البلاد، فالناس ولله الحمد في أمن كامل على أنفسهم وعلى أهليهم وعلى أموالهم ليس هناك ولله الحمد اغتيالات، ولا سطو على البيوت، ولا سرقة للأموال، حتى إن الأموال تكون في الأسواق ليس عندها حارس ولكن الله سبحانه وتعالى يحرسها بما أودع في هذه البلاد من الأمن.
وهذه النعم الثلاث هي التي أشار الله تعالى إليها في قوله: (( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )) ، فالإطعام من الجوع حاصل، والأمن من الخوف حاصل، وبقي علينا العبادة.
نحن ولله الحمد نرى أن بلادنا من خير البلاد الإسلامية، ولكن هل هذه النعم ستبقى أو تزيد أو تزول؟
الجواب: من عند الله عز وجل قال الله تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) ، فإن شكرنا الله على هذه النعم وقمنا بما يجب من حقوق الله وحقوق عباد الله، وأعظمها حقوق الوالدين، أما حق النبي عليه الصلاة والسلام فإنه داخل في حق الله، ولهذا تجدون الآيات الكريمات يذكر الله حقه ثم حق الوالدين قال تعالى : (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )) ، فلماذا لم يذكر حق الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعظم من حق الوالدين ؟
لأنه داخل في حق الله سبحانه وتعالى، إذ أن العبادة لا تتم إلا بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن إذا قمنا بمتابعة الرسول فقد أدينا الحق.
كذلك أيضًا يجب علينا أن نحذر من التفرق وتمزق الكلمة واختلاف القلوب، فإن ذلك يوجب الفشل والخذلان كما قال الله عز وجل: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )).
وأنا أرى في الساحة اختلافا، وأرى قولا وقيلا، وهذا ينصر هذا القول وهذا ينصر القول المضاد، وهذا ينتحل لهذا الرجل وهذا ينتحل لرجل آخر، وكل واحد منهم يقف ضد الآخر، وهذا خطر عظيم، نحن ما لنا وللناس ما لنا ولزيد أو لعمرو؟
نحن نتبع الحق أينما كان ومن أي جهة كان، هذا الواجب، الحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذ به.
وليس الحق مخصوصا بشخص معين دون شخص آخر، ربما يأتي الحق من رجل كافر، وربما يأتي الحق من رجل فاسق، وربما يفوت الحقُ رجلاً مؤمنا يخطئ وكل إنسان خطَّاء.
وقد تستنكرون أن أقول: إن الحق يأتي من رجل كافر ولكنه يأتي من رجل كافر، ويجب قبوله، أليس الله تعالى قال: (( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ))، فقال الله تعالى : (( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ))، ولم يكذبهم بقولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) لأن قولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) حق، فأبطل الله قولهم: (( وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا )) ولم يبطل قولهم: (( وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا )) لماذا ؟ أجيبوا ؟
لأنه حق فيجب قبوله ولو كان من كافر، وهذا الرجل اليهودي الذي حدث النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع إلى آخر الحديث، هل كذبه الرسول ؟ أو قال : لا نقبل منك لأنك يهودي ؟
لا، صدقه، ( ضحك حتى بدت نواجذه تصديقا لقوله ثم قرأ قول الله تعالى : (( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ) ، وإذا كان هذا هو الواجب أن نتبع الحق أينما كان وأن نأخذ به من أي مصدر كان،
فما بالنا ننتحل لزيد أو لعمرو ثم نقول : كل ما قاله فهو حق وصواب وكل ما قاله الآخر فهو باطل وخطأ، هذا لا يليق بالمؤمن إطلاقا، اتبع الحق أينما كان، واعلم أن الإنسان قد يأتي بالحق الكثير ثم يخطئ مرة واحدة، أو يأتي بالخطأ الكثير ثم يصيب مرة واحدة، أو يكون خطؤه وصوابه واحدًا، متساويين، وفي الأحوال الثلاث كلها الواجب علينا أن نأخذ بالحق وندع الباطل.
وإذا رأينا من شخص خطأ ونحن نعلم حسن نيته فالواجب الاعتذار عنه لا التشنيع به، لأن التشنيع بأهل الحق من خصال المنفافقين، هم الذين إذا أمسكوا على أهل الإيمان خطأ واحدًا بنوا منه أخطاء كثيرة وشنعوا عليه وأشاعوا الفاحشة فيه.
أما المؤمن فإذا رأى من شخص خطأ وهو يعرف منه حسن نيته ما هو كل إنسان يخطئ نعذره بخطئه، لا، قد يكون يخطئ متعمدا.
لكن إذا علمنا حسن نية الرجل وأن هذا خطأ فادح وبنو آدم خطاء، فإن الواجب علينا أن نعذره وألا نتحدث ونشنع به أمام الناس، ثم الواجب علينا تارة أخرى أن نتصل به، وأن نقول: إنك قلت كذا أو فعلت كذا، ثم نبين الخطأ، قد يكون الخطأ في فهمنا نحن، ويكون ما قاله هو صحيحاً، وقد يكون الخطأ منه وإذا كان حسن النية رجع إلى الصواب حتى لو كان أكبر الناس، من لم يتواضع للحق فهو مستكبر، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من كبر ).
فالواجب علينا أيها الإخوة الواجب علينا ألا يكون همنا القيل والقال، وقال فلان وقال فلان، وفلان على حق وفلان على خطأ، الواجب علينا أن نتبع الحق أينما كان، وأن نأخذ به من أي مصدر كان، وإذا صدر من شخص خطأ والإنسان معرض للخطأ، فإنه لا يجوز أن نشنع عليه بهذا الخطأ، بل نعتذر عنه أمام الناس، ثم نتصل به لمناقشته على ما نظن أنه خطأ إذ قد يكون الخطأ منا لا منه، حتى تستقيم الأمة، وتكون الكلمة واحدة، ولا يحصل تفرق ولا نزاع، وأنتم تعلمون بارك الله فيكم أنه إذا حصل التفرق والتمزق بين الأمة زالت هيبتها، وصارت فريسة للشيطان والهوى، لكن إذا عقدنا العزم على أن نكون يدًا واحدة وأن نكون قلبا واحدًا، وأن نكون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام مخبرا خبرا يجب أن يطبق: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) ، وبهذا تتم أمورنا وتحسن أحوالنا.
نسأل الله أن يحقق لنا ذلك بمنه وكرمه، ولنتجه الآن إلى الأسئلة ويكون السؤال سؤالا واحدًا من كل شخص .
ما الراجح في اختلاف العلماء في مسألة صلاة المنفرد خلف الصف مع وجود حديث لا صلاة لمنفرد خلف الصف وما أسباب الإختلاف بينهم.؟
السائل : فضيلة الشيخ بعض الأحكام التي اختلف فيها الفقهاء قد ورد فيها نص من الكتاب والسنة كصلاة المنفرد خلف الصف، فهل يقال في هذا النص أو هذا الدليل : إنه ضعيف وأنه ليس فيه حجة ولا ينبني عليه حكم، أو يقال: إنه حديث صحيح ولا اجتهاد مع النص، فأيهما قد ورد في هذه المسألة ؟
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين:
الاختلاف بين العلماء كثير في هذه المسألة وغيرها، وأسبابه أيضًا متعددة، قد يكون سبب الخلاف أن العالم لم يبلغه الحديث ولا غرابة ألا يبلغَ العالمَ الحديثُ، لأننا نذكر قصة خفي فيها الحديث على أكبر خليفة، بل على الخليفة الثاني في هذه الأمة وعلى من معه من الصحابة، خفي عليهم الحديث، وذلك حينما توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، وفي أثناء الطريق قيل له: إن الطاعون وقع في الشام، والطاعون وباء فتَّاك، فوقف واستشار الصحابة كلهم المهاجرين والأنصار، واختلفت آراؤهم: منهم من يقول: تقدم واتكل على الله، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنت آت لله عز وجل فاستمر.
ومنهم من قال : لا تهلك المسلمين، لا تقدمهم على الطاعون يقتلهم، ومعك الصفوة من المهاجرين والأنصار، فإذا قتلوا بالطاعون فهذه نكبة كبيرة ارجع، فاختلفوا، لكن استقر رأيهم على أن يرجعوا، فأتى أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وهو في منزلته عالية عند أمير المؤمنين عمر، حتى إنه قال لما طعن عمر رضي الله عنه قال: " لو كان أبو عبيدة حيًّا لخلفته على المسلمين " ، جاء أبو عبيدة إلى عمر قال : " يا أمير المؤمنين كيف ترد الناس، كيف ترجع ؟ أتفعل هذا فرارا من قدر الله؟ قال : نفر من قدر الله إلى قدر الله "، ثم ضرب له مثلا قال: " لو كان هناك وادي له شعبتان ": والوادي يعني مجرى الماء.
" له شعبتان إحداهما مخصبة والثانية مجدبة ولك إبل هل تعدلها عن المجدبة إلى المخصبة ولا تذهب إلى المجدبة ؟ قال : لا أعدلها من المجدبة إلى المخصبة قال : بقدر الله ؟ قال : بقدر الله، قال : هكذا نحن " .
وفي أثناء ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكان قد تغيب في حاجة له فسمع بالخبر فجاء إلى أمير المؤمنين وقال : " يا أمير المؤمنين إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون: ( إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه ) " ، شوف وافق الاجتهاد النص، فأقول لكم يا إخوان : قد يخفى على العالم النص لا يبلغه فيقول بخلافه، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وقد يبلغه النص لكن لم يتبين له صحته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول : هذا حديث ضعيف ولا يعمل به.
ثالثاً: وربما بلغه ويعتقد صحته لكن لا يفهمه على فهم الآخر، يعني: يخطئ في الفهم، يتأول ويخطئ في التأويل هذه ثلاثة.
وقد يكون يبلغه وهو عنده صحيح ويفهمه فهمًا صحيحًا لكن يظن أن له معارضا يعني: نص آخر يعارضه يكون النص المعارض عنده أقوى من هذا، هذه أربعة .
وخمسة : قد يكون ثبت عنده وليس له معارض لكن ظنه منسوخاً فيأخذ بما ظنه ناسخاً مثل : ( أَمَر النبي عليه الصلاة والسلام بأن نتوضأ من لحوم الإبل ) وهذا ثابت فيه حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث البراء وحديث جابر بن سمرة، لكن فيه حديث جابر: ( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار )، فظن كثير من العلماء أن أكل لحوم الإبل لا ينقض الوضوء لأن جابر يقول : ( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار ) فظن أن هذا الحديث ناسخ للحديث الأول، لأنه قال : ( آخر الأمرين )، والحق أنه ليس بناسخ لأن مورد النصين مختلف هذاك في لحم الإبل نيئا أو مطبوخا وهذا فيما مست النار في المطبوخ كان في أول الإسلام يتوضأ النبي عليه الصلاة والسلام بل أمر بالوضوء مما مست النار ثم ترك ذلك.
فيخطئ من يظن أن الحديث منسوخ فالمهم أن أسباب الخلاف كثيرة، والمثال الذي ذكره الأخ السائل الصلاة، صلاة الإنسان منفردا خلف الصف فيها للعلماء أقوال متعددة :
القول الأول : أن صلاته صحيحة سواء تم الصف الذي أمامه أم لم يتم ولكنه ترك الأفضل، وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، شوف كيف العلماء أكثرهم على هذا، على أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة، سواء تم الصف الأول الذي قبله أم لم يتم، يعني يعتبر ثلاثة مذاهب ونصف مذهب الإمام أحمد ، الإمام أحمد له في هذا قولان، قول بأنه صحيح ولو بلا عذر، وحملوا قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) حملوا ذلك على نفي الكمال، قالوا: لا صلاة يعني كاملة ليس المعنى أن الصلاة غير صحيحة.
وقال بعض العلماء: صلاة المنفرد خلف الصف غير صحيحة سواء تم الصف الذي قبله أم لم يتم لعموم قوله: ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف )، و ( لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة )، هذان قولان متقابلان.
القول الثالث : وسط يقول : إن تم الصف الذي قبله فصلاته صحيحة وإن لم يتم فصلاته غير صحيحة ، وهذا القول أصح الأقوال لأن الأدلة تجتمع في هذا القول.
فيكون معنى: لا صلاة لمنفرد خلف الصف مع تمكن القيام في الصف، وأما إذا لم يتمكن فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، أين يذهب ؟
هل يترك الصلاة مع الجماعة، يقول : ما أصلي أروح وحدي، أم ماذا ؟
قال بعضهم : اذهب تقدم مع الإمام، هذا مو حل، ليس هذا بحل، إذا تقدمت مع الإمام لزم من هذا تخطي رقاب الناس بشق الصفوف وهذا يؤذي المصلين: ( كما رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجلا يتخطى الرقاب يوم الجمعة فقال: اجلس فقد آذيت ).
ثم إذا تقدم وقام مع الإمام حصل بهذا مخالفة للسنة، ما هي السنة ؟
السنة أن ينفرد الإمام بمكانه حتى لا يقتدي الناس بإمامين لو صار مع الإمام أحد أيهما الإمام ؟
إذا رأينا الصورة المجتمعة هذه قلنا : أيهما الإمام ؟
لذلك نقول : الإمام السنة أن يقف وحده في مكانه ليتبين أنه إمام متبوع، وهكذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم لو تقدم وصلى مع الإمام وجاء آخر أين يذهب ؟
قولوا، تقدم مع الإمام صاروا ثلاثة، جاء آخر وجد الصف تام نقول : تقدم صاروا أربعة، جاء عشرة مع الإمام، لكن ما هو عشرة جميعا، عشرة جميعا يكون صفا وهذا غير ممكن.
لكن لو وقف وحده وصلى وحده ثم جاء آخر وقف معه وكونوا صفًّا، فالقول هذا الوسط الذي يقول: إذا وجدت الصف تامًّا فصف وحدك ولا حرج هذا هو الصحيح، وهو الذي تجتمع به الأدلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي وهو الذي تجتمع به الأدلة.
فالمهم الآن أن العلماء الأئمة لا يمكن أن يخالفوا النص مع علمهم بأنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتأويل، أو بخفاء الدليل، أو بظن مرجح في غيره، أو بظن النسخ فهذه أعذار أهل العلم في مخالفة ما يظهر من النصوص، وأنصح الأخ السائل والمستمعين أيضًا أن يقرؤوا : *رفع الملام عن الأئمة الأعلام* ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أو رسالتنا الصغيرة التي ألفناها في هذا الموضوع وهي: *أسباب اختلاف العلماء وموقفنا منه* ففي ذلك كفاية .
وفيه أمثلة أيضا تزيدكم علما ، فيها أمثلة لما خالف فيه بعض العلماء ظاهر النص وأعذار العلماء في ذلك.
السائل : ما اسم كتابكم ؟
الشيخ : نعم: * أسباب الخلاف وموقفنا منه * .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين:
الاختلاف بين العلماء كثير في هذه المسألة وغيرها، وأسبابه أيضًا متعددة، قد يكون سبب الخلاف أن العالم لم يبلغه الحديث ولا غرابة ألا يبلغَ العالمَ الحديثُ، لأننا نذكر قصة خفي فيها الحديث على أكبر خليفة، بل على الخليفة الثاني في هذه الأمة وعلى من معه من الصحابة، خفي عليهم الحديث، وذلك حينما توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، وفي أثناء الطريق قيل له: إن الطاعون وقع في الشام، والطاعون وباء فتَّاك، فوقف واستشار الصحابة كلهم المهاجرين والأنصار، واختلفت آراؤهم: منهم من يقول: تقدم واتكل على الله، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنت آت لله عز وجل فاستمر.
ومنهم من قال : لا تهلك المسلمين، لا تقدمهم على الطاعون يقتلهم، ومعك الصفوة من المهاجرين والأنصار، فإذا قتلوا بالطاعون فهذه نكبة كبيرة ارجع، فاختلفوا، لكن استقر رأيهم على أن يرجعوا، فأتى أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وهو في منزلته عالية عند أمير المؤمنين عمر، حتى إنه قال لما طعن عمر رضي الله عنه قال: " لو كان أبو عبيدة حيًّا لخلفته على المسلمين " ، جاء أبو عبيدة إلى عمر قال : " يا أمير المؤمنين كيف ترد الناس، كيف ترجع ؟ أتفعل هذا فرارا من قدر الله؟ قال : نفر من قدر الله إلى قدر الله "، ثم ضرب له مثلا قال: " لو كان هناك وادي له شعبتان ": والوادي يعني مجرى الماء.
" له شعبتان إحداهما مخصبة والثانية مجدبة ولك إبل هل تعدلها عن المجدبة إلى المخصبة ولا تذهب إلى المجدبة ؟ قال : لا أعدلها من المجدبة إلى المخصبة قال : بقدر الله ؟ قال : بقدر الله، قال : هكذا نحن " .
وفي أثناء ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكان قد تغيب في حاجة له فسمع بالخبر فجاء إلى أمير المؤمنين وقال : " يا أمير المؤمنين إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون: ( إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه ) " ، شوف وافق الاجتهاد النص، فأقول لكم يا إخوان : قد يخفى على العالم النص لا يبلغه فيقول بخلافه، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وقد يبلغه النص لكن لم يتبين له صحته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول : هذا حديث ضعيف ولا يعمل به.
ثالثاً: وربما بلغه ويعتقد صحته لكن لا يفهمه على فهم الآخر، يعني: يخطئ في الفهم، يتأول ويخطئ في التأويل هذه ثلاثة.
وقد يكون يبلغه وهو عنده صحيح ويفهمه فهمًا صحيحًا لكن يظن أن له معارضا يعني: نص آخر يعارضه يكون النص المعارض عنده أقوى من هذا، هذه أربعة .
وخمسة : قد يكون ثبت عنده وليس له معارض لكن ظنه منسوخاً فيأخذ بما ظنه ناسخاً مثل : ( أَمَر النبي عليه الصلاة والسلام بأن نتوضأ من لحوم الإبل ) وهذا ثابت فيه حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث البراء وحديث جابر بن سمرة، لكن فيه حديث جابر: ( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار )، فظن كثير من العلماء أن أكل لحوم الإبل لا ينقض الوضوء لأن جابر يقول : ( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار ) فظن أن هذا الحديث ناسخ للحديث الأول، لأنه قال : ( آخر الأمرين )، والحق أنه ليس بناسخ لأن مورد النصين مختلف هذاك في لحم الإبل نيئا أو مطبوخا وهذا فيما مست النار في المطبوخ كان في أول الإسلام يتوضأ النبي عليه الصلاة والسلام بل أمر بالوضوء مما مست النار ثم ترك ذلك.
فيخطئ من يظن أن الحديث منسوخ فالمهم أن أسباب الخلاف كثيرة، والمثال الذي ذكره الأخ السائل الصلاة، صلاة الإنسان منفردا خلف الصف فيها للعلماء أقوال متعددة :
القول الأول : أن صلاته صحيحة سواء تم الصف الذي أمامه أم لم يتم ولكنه ترك الأفضل، وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، شوف كيف العلماء أكثرهم على هذا، على أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة، سواء تم الصف الأول الذي قبله أم لم يتم، يعني يعتبر ثلاثة مذاهب ونصف مذهب الإمام أحمد ، الإمام أحمد له في هذا قولان، قول بأنه صحيح ولو بلا عذر، وحملوا قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) حملوا ذلك على نفي الكمال، قالوا: لا صلاة يعني كاملة ليس المعنى أن الصلاة غير صحيحة.
وقال بعض العلماء: صلاة المنفرد خلف الصف غير صحيحة سواء تم الصف الذي قبله أم لم يتم لعموم قوله: ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف )، و ( لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة )، هذان قولان متقابلان.
القول الثالث : وسط يقول : إن تم الصف الذي قبله فصلاته صحيحة وإن لم يتم فصلاته غير صحيحة ، وهذا القول أصح الأقوال لأن الأدلة تجتمع في هذا القول.
فيكون معنى: لا صلاة لمنفرد خلف الصف مع تمكن القيام في الصف، وأما إذا لم يتمكن فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، أين يذهب ؟
هل يترك الصلاة مع الجماعة، يقول : ما أصلي أروح وحدي، أم ماذا ؟
قال بعضهم : اذهب تقدم مع الإمام، هذا مو حل، ليس هذا بحل، إذا تقدمت مع الإمام لزم من هذا تخطي رقاب الناس بشق الصفوف وهذا يؤذي المصلين: ( كما رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجلا يتخطى الرقاب يوم الجمعة فقال: اجلس فقد آذيت ).
ثم إذا تقدم وقام مع الإمام حصل بهذا مخالفة للسنة، ما هي السنة ؟
السنة أن ينفرد الإمام بمكانه حتى لا يقتدي الناس بإمامين لو صار مع الإمام أحد أيهما الإمام ؟
إذا رأينا الصورة المجتمعة هذه قلنا : أيهما الإمام ؟
لذلك نقول : الإمام السنة أن يقف وحده في مكانه ليتبين أنه إمام متبوع، وهكذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم لو تقدم وصلى مع الإمام وجاء آخر أين يذهب ؟
قولوا، تقدم مع الإمام صاروا ثلاثة، جاء آخر وجد الصف تام نقول : تقدم صاروا أربعة، جاء عشرة مع الإمام، لكن ما هو عشرة جميعا، عشرة جميعا يكون صفا وهذا غير ممكن.
لكن لو وقف وحده وصلى وحده ثم جاء آخر وقف معه وكونوا صفًّا، فالقول هذا الوسط الذي يقول: إذا وجدت الصف تامًّا فصف وحدك ولا حرج هذا هو الصحيح، وهو الذي تجتمع به الأدلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي وهو الذي تجتمع به الأدلة.
فالمهم الآن أن العلماء الأئمة لا يمكن أن يخالفوا النص مع علمهم بأنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتأويل، أو بخفاء الدليل، أو بظن مرجح في غيره، أو بظن النسخ فهذه أعذار أهل العلم في مخالفة ما يظهر من النصوص، وأنصح الأخ السائل والمستمعين أيضًا أن يقرؤوا : *رفع الملام عن الأئمة الأعلام* ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أو رسالتنا الصغيرة التي ألفناها في هذا الموضوع وهي: *أسباب اختلاف العلماء وموقفنا منه* ففي ذلك كفاية .
وفيه أمثلة أيضا تزيدكم علما ، فيها أمثلة لما خالف فيه بعض العلماء ظاهر النص وأعذار العلماء في ذلك.
السائل : ما اسم كتابكم ؟
الشيخ : نعم: * أسباب الخلاف وموقفنا منه * .
2 - ما الراجح في اختلاف العلماء في مسألة صلاة المنفرد خلف الصف مع وجود حديث لا صلاة لمنفرد خلف الصف وما أسباب الإختلاف بينهم.؟ أستمع حفظ
ما حكم دراسة القانون الوضعي ثم فتح مكتب للمحاماة والوقوف في المحاكم الوضعية وما حكم المال الذي يتقاضاه المحامي .؟
السائل : فضيلة الشيخ ما حكم عمل المسلم الذي يدرس القانون الوضعي، ثم يفتح مكتباً للمحاماة ويقف مرافعا أمام المحاكم المدنية وإدارات الشركات، وما حكم ما يجمعه من مال أو يكسب من ذلك ؟
الشيخ : وضع القوانين المخالفة للشرع مكان الشرع هذا كفر، لأنه يعني رفع الشرع ووضع الطاغوت بدله، وهذا يدخل في قوله عز وجل : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )).
ولا حجة لمن قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، وهذه قوانين دنيوية نحن ما أتينا العبادات ما أتينا الصلاة ما أتينا النكاح ما أتينا الفرائض، لكن المعاملة بين الناس هي أمور دنيوية، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، فنحن لا نكفر بذلك لم نرفع الشرع الشرع حولنا لمعلوماتنا: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ).
نقول : لقد ضلوا فيما فهموا، الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) في أمر الصناعة وأمر الحرفة ، لو جاء النجار كيف يصنع هذا الباب، هل هو أعلم أم الرسول ؟
هل النجار الماهر بالصنعة أعلم كيف يصنع هذا الباب أم النبي عليه الصلاة والسلام ؟
النجار، لأن الرسول تحدث عن هذا في أمر صناعي، وذلك أنه لما قدم المدينة وجد الناس يصعدون إلى الفحل، فحل النخل ويأخذون طلعه، ثم يصعدون إلى النخلة ويلقحونها بهذا، فكم تعب الإنسان ؟
أربع مرات صح؟
صعود الفحل والنزول منه وصعود النخلة والنزول منها أربع مرات، يعني تقتضي جهدا ووقتا، فقال لهم : ( لو أنكم تركتم هذا )، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يريد من المرء أن يكون حازمًا وألا يضيع دقيقة واحدة من عمره إلا في فائدة، فظن أن المسألة ليس فيها فائدة، لأنه لم يعش في بلد زراعة ونخيل، أين عاش ؟
في مكة في بلد غير ذي زرع ولا يعرف عن هذا شيئا، فتركوه قالوا : هذا النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لو تركتم هذا ) نترك، لما تركوا النخل بدون تلقيح ويش يكون النخل ؟
يكون شيصًا ما ينفع ففسد النخل، فجاؤوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالوا : يا رسول الله فسد النخل قال : ( اصنعوا ما شئتم ) أو كلمة نحوها، ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) أنتم أعلم بالحلال والحرام في أمور دنياكم أو في طريق الحرفة والصنعة ؟
ها؟ في الحرفة والصنعة، لا في الحلال والحرام، ولهذا نظم الرسول بيع النخل قال: ( لا تبيعوا الثمار حتى يبدو صلاحها ) فنظم.
وأطول آية في القرآن تتعلق بإيش ؟
بالبيع والدين في أمور الدنيا، فهؤلاء الذين ظنوا أن وضع القوانين المخالفة للشرع في الحكم بين الناس والرجوع إليها عند التنازع أخطؤوا في فهم هذا الحديث، والواجب أن يبلغوا أنهم مخطئون، فإن أصروا على المخالفة وعلى رفع الحكم الشرعي ووضع القانون بدله هذا والعياذ بالله الكفر، هذا الكفر.
تعلُّم الإنسان للقوانين الوضعية، إذا كان يتعلمها من أجل أن يدفع الباطل بالحق فهذا لا بأس به، وإذا كان يتعلمها من أجل أن يتبع ما فيها من القوانين المخالفة للشرع فهذا حرام، واضح؟
وفي هذا أيضا نقول : حتى المحاماة في بلد تحكم الشريعة نقول : إذا كان المحامي يريد إيصال الحق إلى أهله فلا بأس أن يمارس هذه المهنة، وإن كان يريد أن يغلب الناسَ في قوله ومحاماته بالحق أو بالباطل فهذا حرام، نعم .
الشيخ : وضع القوانين المخالفة للشرع مكان الشرع هذا كفر، لأنه يعني رفع الشرع ووضع الطاغوت بدله، وهذا يدخل في قوله عز وجل : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )).
ولا حجة لمن قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، وهذه قوانين دنيوية نحن ما أتينا العبادات ما أتينا الصلاة ما أتينا النكاح ما أتينا الفرائض، لكن المعاملة بين الناس هي أمور دنيوية، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، فنحن لا نكفر بذلك لم نرفع الشرع الشرع حولنا لمعلوماتنا: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ).
نقول : لقد ضلوا فيما فهموا، الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) في أمر الصناعة وأمر الحرفة ، لو جاء النجار كيف يصنع هذا الباب، هل هو أعلم أم الرسول ؟
هل النجار الماهر بالصنعة أعلم كيف يصنع هذا الباب أم النبي عليه الصلاة والسلام ؟
النجار، لأن الرسول تحدث عن هذا في أمر صناعي، وذلك أنه لما قدم المدينة وجد الناس يصعدون إلى الفحل، فحل النخل ويأخذون طلعه، ثم يصعدون إلى النخلة ويلقحونها بهذا، فكم تعب الإنسان ؟
أربع مرات صح؟
صعود الفحل والنزول منه وصعود النخلة والنزول منها أربع مرات، يعني تقتضي جهدا ووقتا، فقال لهم : ( لو أنكم تركتم هذا )، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يريد من المرء أن يكون حازمًا وألا يضيع دقيقة واحدة من عمره إلا في فائدة، فظن أن المسألة ليس فيها فائدة، لأنه لم يعش في بلد زراعة ونخيل، أين عاش ؟
في مكة في بلد غير ذي زرع ولا يعرف عن هذا شيئا، فتركوه قالوا : هذا النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لو تركتم هذا ) نترك، لما تركوا النخل بدون تلقيح ويش يكون النخل ؟
يكون شيصًا ما ينفع ففسد النخل، فجاؤوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالوا : يا رسول الله فسد النخل قال : ( اصنعوا ما شئتم ) أو كلمة نحوها، ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) أنتم أعلم بالحلال والحرام في أمور دنياكم أو في طريق الحرفة والصنعة ؟
ها؟ في الحرفة والصنعة، لا في الحلال والحرام، ولهذا نظم الرسول بيع النخل قال: ( لا تبيعوا الثمار حتى يبدو صلاحها ) فنظم.
وأطول آية في القرآن تتعلق بإيش ؟
بالبيع والدين في أمور الدنيا، فهؤلاء الذين ظنوا أن وضع القوانين المخالفة للشرع في الحكم بين الناس والرجوع إليها عند التنازع أخطؤوا في فهم هذا الحديث، والواجب أن يبلغوا أنهم مخطئون، فإن أصروا على المخالفة وعلى رفع الحكم الشرعي ووضع القانون بدله هذا والعياذ بالله الكفر، هذا الكفر.
تعلُّم الإنسان للقوانين الوضعية، إذا كان يتعلمها من أجل أن يدفع الباطل بالحق فهذا لا بأس به، وإذا كان يتعلمها من أجل أن يتبع ما فيها من القوانين المخالفة للشرع فهذا حرام، واضح؟
وفي هذا أيضا نقول : حتى المحاماة في بلد تحكم الشريعة نقول : إذا كان المحامي يريد إيصال الحق إلى أهله فلا بأس أن يمارس هذه المهنة، وإن كان يريد أن يغلب الناسَ في قوله ومحاماته بالحق أو بالباطل فهذا حرام، نعم .
اضيفت في - 2005-08-27