سلسلة لقاء الباب المفتوح-035a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة الإنشقاق من قوله :"بل الذين كفروا يكذبون " إلى آخر السورة .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول، من شهر ربيع الأول، عام 1414 ه، وهو اللقاء الذي يكون في كل يوم خميس من كل أسبوع، ونرجو من الإخوان المعذرة في إيقاف هذه اللقاءات حتى تبتدأ الدراسة إن شاء الله تعالى.
في هذا اللقاء سنتكلم عن آخر سورة الانشقاق، وهو قوله تبارك وتعالى :
(( بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )) :
لما ذكر سبحانه وتعالى أنهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون، بيَّن سبحانه وتعالى أن سبب تركهم السجود هو تكذيبهم بما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، لأن كل من كان إيمانه صادقا فلا بد أن يمتثل الأمر وأن يجتنب النهي، لأن الإيمان الصادق يحمل صاحبه على ذلك، ولا تجد شخصًا ينتهك المحارم أو يترك الواجبات إلا بسبب ضعف إيمانه، ولهذا كان الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو التصديق المستلزم للقبول والإذعان، فمتى رأيتَ الرجل يترك الواجبات أو بعضاً منها، أو يفعل المحرمات فاعلم أن إيمانه ضعيف، إذ لو كان إيمانه قوياً ما أضاع الواجبات ولا انتهك المحظورات، ولهذا قال هنا : (( بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) أي : في تركهم السجود كان ذلك بسبب تكذيبهم لما جاءت به الرسل .
(( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ )) أي : أنه سبحانه وتعالى أعلم بما يوعونه أي : بما يجمعونه في صدورهم ، وما يجمعونه من أموالهم ، وما يجتمعون عليه من منابذة الرسل ومخالفة الرسل ، بل محاربة الرسل وقتالهم ، وأنتم تعلمون أن الكفار أعداء للرسل من حين بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأنهم يجمعون لهم ويكيدون لهم ، فتوعدهم الله تعالى في هذه الآية : (( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ )) أي : بما يجمعون من أقوال وأفعال وضغائن وعداوات وأموال ضد الرسل عليهم الصلاة والسلام.
ثم قال تعالى : (( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) : أخبرهم بالعذاب الأليم الذي لا بد أن يكون ، والخطاب في قوله : (( فَبَشِّرْهُمْ )) عامٌّ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكل من يصح منه الخطاب، كل من يصح خطابه فإنه داخل في هذا وأن نبشر كل كافر بعذاب أليم، فنحن نبشر كل كافر بعذاب أليم ينتظره كما قال تعالى : (( وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ )).
ثم قال : (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )) : إلاَّ هذه بمعنى: لكن، ولا تصح أن تكون استثناء متصلا لأن الذين آمنوا ليسوا من المكذبين في شيء، بل هم مؤمنون مصدقون، وهذا هو الاستثناء المنقطع، أي : إذا كان المستثنى ليس من جنس المستثنى منه فهو استثناء منقطع ، وتقدر إلا بلكن ، أي : لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون.
الذين آمنوا بقلوبهم واستلزم إيمانهم قيامهم بالعمل الصالح هؤلاء هم الذين ليس لهم عذاب ولا ينتظرون العذاب (( لهم أجر غير ممنون )) .
فإن قيل : ما هو العمل الصالح ؟
فالجواب : أن العمل الصالح ما جمع شيئين:
الأول : الإخلاص لله تعالى، بأن يكون الحامل على العمل هو الإخلاص لله عز وجل ابتغاء مرضاته ابتغاء ثوابه، ابتغاء النجاة من النار، لا يريد الإنسان بعمله شيئا من الدنيا، ولهذا قال العلماء : إن الأعمال التي لا تقع إلا عبادة لا يصح أخذ الأجرة عليها ، كالأذان مثلا فلا يصح أن تؤذن بأجرة، والإمامة لا يصح أن تؤم بأجرة، وقراءة القرآن لا يصح أن تقرأ بأجرة، بخلاف تعليم القرآن فيصح بالأجرة لأنه متعدي وتكون الأجرة على العمل لا على التلاوة، لكن أريد بقراءة القراءة، تلاوة القرآن، لو جاء إنسان قال : أريد أن أتلو القرآن بأجرة فإن ذلك لا يصح ولا يحل، لأن من شرط العمل الصالح أن يكون مخلصا لله عز وجل، ومن قرأ بأجرة أو تعبد بأجرة فإنه لم يخلص العمل لله فلا يكون عمله مقبولاً.
أما الشيء الثاني : فهو أن يكون متبعا فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي : أن يتبع الإنسان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في عمله فعلا لما فعل وتركا لما ترك، فما تركه النبي عليه الصلاة والسلام مع وجود سببه يترك، وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود سببه فالسنة فعله ، يعني: إذا وجد سبب الشيء في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفعله فإن السنة تركه.
ولهذا نقول: إن ما يفعله كثير من المسلمين اليوم، أو أكثر المسلمين اليوم من الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر بدعة ليس لها أصل من السنة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يحتفل بعيد مولده ولا خلفاؤه الراشدون مع أننا نعلم علم اليقين أنه لو كان مشروعاً ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام بلا بيان للأمة لأن عليه البلاغ، فلما لم يقل للأمة إنه يشرع الاحتفال بهذه المناسبة ولما لم يفعله هو بنفسه ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، عُلِم أنه بدعة، وأنه لا يزيد فاعله من الله إلا بعدًا نسأل الله العافية .
وهذه البدعة حدثت أول ما حدثت في القرن الرابع، أي بعد مضي أكثر من ثلاثمائة سنة على الأمة الإسلامية حدثت هذه البدعة، زعموا أنهم يعظمون فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والحقيقة أن كل بدعة ليس فيها تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو في اتباع سنته كما قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) ، ولننظر هذه البدعة هل لها أصل من التاريخ ؟
هل لها أصل من الشرع ؟
نقول : ليس لها أصل من التاريخ ، وذلك أن مولد الرسول عليه الصلاة والسلام مختلف فيه على أكثر من خمسة أقوال، بعد الاتفاق على أنه في ربيع لكن مختلف في أول يوم في ثاني يوم في التاسع في العاشر في الثاني عشر فيه أقوال ، وقد رجح بعض علماء العصر الفلكيين أنه كان في اليوم التاسع وليس في اليوم الثاني عشر، فبطل من الناحية التاريخية أن يكون في اليوم الثاني عشر.
أما من الناحية الشرعية فهو باطل لوجوه :
الأول : أنه عبادة لم يشرعها الله ولا رسوله ولا الخلفاء الراشدون الذين أمرنا باتباع سنتهم.
فإن ادَّعى مدَّعٍ أن ذلك مشروع في القرآن أو السنة أو في عمل الخلفاء الراشدين أو الصحابة فعليه الدليل، لأن البينة على المدعي ولن يستطيع إلى ذلك سبيلا، أي : لن يستطيع سبيلا إلى أن يأتي بدليل واحد من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين أو الصحابة على أنه يُسن الاحتفال بيوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانيًا : أن نقول : هذه البدعة إما أن تكون حقا أو تكون باطلا، فإن كانت حقا لزم من ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما جاهلا بالحق وإما عالما به وكاتما له، وكلا الأمرين باطل، يمتنع غاية الامتناع أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم جاهلا بشيء من شريعة الله، أو أن يكون عالما به ولكن لم يبينه للأمة، لأن الاحتمال الأول يقتضي أن يكون جاهلا بالشرع مع أنه هو صاحب الشرع، والاحتمال الثاني يقتضي أن يكون كاتما ما أنزل الله إليه وحاشاه من ذلك.
لو كان كاتما ما أنزل الله إليه لكتم قول الله تعالى : (( وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )).
ثالثًا : أن نقول : إذا تبين أنها بدعة، فإنه لا يحل لأحد أن يقيمها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، ولو اتبع الحق أهواءهم وصار كل من عنّ له أن في هذا مشروعية شرعه لاختلفت الأمة، ولتمزق الدين، ولكان كل قوم لهم دين معين وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة الإسلامية من وجوب الاتفاق على كلمة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
رابعًا : نقول : هذه البدعة لم تقتصر على مجرد الاجتماع والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر محاسنه وذكر مآثره وذكر شريعته، بل عُدل عن هذا إلى شيء آخر: إلى قصائد المديح البالغة في الغلو غايتَه، بل المتجاوزة لطبيعة البشر إلى حقوق الإله عز وجل، فقد كان هؤلاء الذين يجتمعون يترنمون بقصيدة البوصيري الذي كان يقول فيها يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العَمِمِ
إن لم تكن آخذا يوم المعاد يدي *** عفواً وإلا فقل يا زلة القدمِ
فإن من جودك الدنيا وضَرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلمِ " .
قال بعض العلماء : " إذا كان الأمر هكذا لم يبق لله شيء ، ولم يكن الله تعالى هو الملجأ عند الشدائد والفزع ، بل كان الرسول عليه الصلاة والسلام الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرًا إلا ما شاء الله هو الملجأ، وهذا غاية ما يكون من الغلو الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ".
فصار هؤلاء الذين يدعون أنهم يتقربون إلى الله بمثل هذه الاحتفالات وأنهم هم المحبون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاروا في الحقيقة هم الذين يبتعدون عن الله عز وجل بما أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، ولا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرضى بمثل هذا أبداً.
فإذا قالوا : إن منشأ هذا هو محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أجل أن نبين للنصارى أننا نعتني برسولنا كما كانوا يعتنون برسولهم فيجعلون من ميلاده عيدًا!
قلنا : إذا كنتم صادقين في محبة الله ورسوله فهنا ميزان قسط عادل هو قوله تعالى: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ))، ولهذا كلما كان الإنسان أشد حباً لله كان أشدَّ اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكلما كان أقلَّ حباً لله كان أقلَّ اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا رأيت الرجل يدعي محبة الله ورسوله ولكنه لا يلتزم بالشريعة فاعلم أنه كاذب لأن محبة الله ورسوله تنتج إنتاجا لازما اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فالحاصل أنه يجب على طلبة العلم هنا في هذه السعودية وفي غيرها من البلاد الإسلامية أن يبينوا للعامة ولغير العامة أن هذا الاحتفال ليس له أصل من السنة وأنه بدعة، وأنه لا يزيد الإنسان إلا بعدًا من الله عز وجل، لأنه شرع في دين الله ما ليس منه.
فإن قال قائل : أليست الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام مشروعة كل وقت ؟
فالجواب : بلى، أكثر من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعظم الله لكم بها أجرًا، ( ومن صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا ) ، لكن ترتيبها في ليلة معينة والاجتماع إليها وذكر المدائح والقصائد الغالية البالغة في الغلو غايته هذا هو الممنوع ، ونحن لا نقول : لا تصلوا على الرسول، نقول : أكثروا من الصلاة، ولا نقول : لا تحبوا الرسول، لكن نقول : أحبوا الرسول أكثر مما تحبون أنفسكم ولا يتم إيمانكم إلا بذلك، ولكن لا تحدِثوا في دينه ما ليس منه.
فالواجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس وأن يقولوا لهم : اشتغلوا بالعبادات الشرعية الصحيحة ، اذكروا الله صلوا على النبي في كل وقت أقيموا الصلاة آتوا الزكاة أحسنوا إلى المسلمين في كل وقت.
أما أن تجعلوا عيدا معينا في السنة والله تعالى لم يجعل في السنة إلا ثلاثة أعياد فقط عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الأسبوع وهو الجمعة، أما أن تحدثوا أعياداً أخرى فإنكم تحدثون في دين الله ما لم يشرعه.
ثم قال الله تبارك وتعالى: (( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )):
(( لهم أجر )) أي : ثواب.
(( غير ممنون )) أي : غير مقطوع، بل هو مستمر أبد الآبدين، والآيات في تأبيد الجنة كثيرة معلومة في الكتاب والسنة ، وليست من الصعوبة بحيث نسوقها إليكم الآن لأنها واضحة ولله الحمد، فأجر الآخرة لا ينقطع أبدا، ليس كالدنيا فيه وقت تثمر الأشجار ووقت لا تثمر، أو وقت تنبت الأرض ووقت لا تنبت، لا، الأجر فيها دائم: (( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً )).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين العاملين بالصالحات المجتنبين للسيئات إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وأكرر عند ابتداء الأسئلة أنه سيكون إيقاف هذا اللقاء حتى تبدأ الدراسة إن شاء الله تعالى، والآن إلى الأسئلة.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول، من شهر ربيع الأول، عام 1414 ه، وهو اللقاء الذي يكون في كل يوم خميس من كل أسبوع، ونرجو من الإخوان المعذرة في إيقاف هذه اللقاءات حتى تبتدأ الدراسة إن شاء الله تعالى.
في هذا اللقاء سنتكلم عن آخر سورة الانشقاق، وهو قوله تبارك وتعالى :
(( بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )) :
لما ذكر سبحانه وتعالى أنهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون، بيَّن سبحانه وتعالى أن سبب تركهم السجود هو تكذيبهم بما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، لأن كل من كان إيمانه صادقا فلا بد أن يمتثل الأمر وأن يجتنب النهي، لأن الإيمان الصادق يحمل صاحبه على ذلك، ولا تجد شخصًا ينتهك المحارم أو يترك الواجبات إلا بسبب ضعف إيمانه، ولهذا كان الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو التصديق المستلزم للقبول والإذعان، فمتى رأيتَ الرجل يترك الواجبات أو بعضاً منها، أو يفعل المحرمات فاعلم أن إيمانه ضعيف، إذ لو كان إيمانه قوياً ما أضاع الواجبات ولا انتهك المحظورات، ولهذا قال هنا : (( بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) أي : في تركهم السجود كان ذلك بسبب تكذيبهم لما جاءت به الرسل .
(( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ )) أي : أنه سبحانه وتعالى أعلم بما يوعونه أي : بما يجمعونه في صدورهم ، وما يجمعونه من أموالهم ، وما يجتمعون عليه من منابذة الرسل ومخالفة الرسل ، بل محاربة الرسل وقتالهم ، وأنتم تعلمون أن الكفار أعداء للرسل من حين بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأنهم يجمعون لهم ويكيدون لهم ، فتوعدهم الله تعالى في هذه الآية : (( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ )) أي : بما يجمعون من أقوال وأفعال وضغائن وعداوات وأموال ضد الرسل عليهم الصلاة والسلام.
ثم قال تعالى : (( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) : أخبرهم بالعذاب الأليم الذي لا بد أن يكون ، والخطاب في قوله : (( فَبَشِّرْهُمْ )) عامٌّ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكل من يصح منه الخطاب، كل من يصح خطابه فإنه داخل في هذا وأن نبشر كل كافر بعذاب أليم، فنحن نبشر كل كافر بعذاب أليم ينتظره كما قال تعالى : (( وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ )).
ثم قال : (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )) : إلاَّ هذه بمعنى: لكن، ولا تصح أن تكون استثناء متصلا لأن الذين آمنوا ليسوا من المكذبين في شيء، بل هم مؤمنون مصدقون، وهذا هو الاستثناء المنقطع، أي : إذا كان المستثنى ليس من جنس المستثنى منه فهو استثناء منقطع ، وتقدر إلا بلكن ، أي : لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون.
الذين آمنوا بقلوبهم واستلزم إيمانهم قيامهم بالعمل الصالح هؤلاء هم الذين ليس لهم عذاب ولا ينتظرون العذاب (( لهم أجر غير ممنون )) .
فإن قيل : ما هو العمل الصالح ؟
فالجواب : أن العمل الصالح ما جمع شيئين:
الأول : الإخلاص لله تعالى، بأن يكون الحامل على العمل هو الإخلاص لله عز وجل ابتغاء مرضاته ابتغاء ثوابه، ابتغاء النجاة من النار، لا يريد الإنسان بعمله شيئا من الدنيا، ولهذا قال العلماء : إن الأعمال التي لا تقع إلا عبادة لا يصح أخذ الأجرة عليها ، كالأذان مثلا فلا يصح أن تؤذن بأجرة، والإمامة لا يصح أن تؤم بأجرة، وقراءة القرآن لا يصح أن تقرأ بأجرة، بخلاف تعليم القرآن فيصح بالأجرة لأنه متعدي وتكون الأجرة على العمل لا على التلاوة، لكن أريد بقراءة القراءة، تلاوة القرآن، لو جاء إنسان قال : أريد أن أتلو القرآن بأجرة فإن ذلك لا يصح ولا يحل، لأن من شرط العمل الصالح أن يكون مخلصا لله عز وجل، ومن قرأ بأجرة أو تعبد بأجرة فإنه لم يخلص العمل لله فلا يكون عمله مقبولاً.
أما الشيء الثاني : فهو أن يكون متبعا فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي : أن يتبع الإنسان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في عمله فعلا لما فعل وتركا لما ترك، فما تركه النبي عليه الصلاة والسلام مع وجود سببه يترك، وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود سببه فالسنة فعله ، يعني: إذا وجد سبب الشيء في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفعله فإن السنة تركه.
ولهذا نقول: إن ما يفعله كثير من المسلمين اليوم، أو أكثر المسلمين اليوم من الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر بدعة ليس لها أصل من السنة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يحتفل بعيد مولده ولا خلفاؤه الراشدون مع أننا نعلم علم اليقين أنه لو كان مشروعاً ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام بلا بيان للأمة لأن عليه البلاغ، فلما لم يقل للأمة إنه يشرع الاحتفال بهذه المناسبة ولما لم يفعله هو بنفسه ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، عُلِم أنه بدعة، وأنه لا يزيد فاعله من الله إلا بعدًا نسأل الله العافية .
وهذه البدعة حدثت أول ما حدثت في القرن الرابع، أي بعد مضي أكثر من ثلاثمائة سنة على الأمة الإسلامية حدثت هذه البدعة، زعموا أنهم يعظمون فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والحقيقة أن كل بدعة ليس فيها تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو في اتباع سنته كما قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) ، ولننظر هذه البدعة هل لها أصل من التاريخ ؟
هل لها أصل من الشرع ؟
نقول : ليس لها أصل من التاريخ ، وذلك أن مولد الرسول عليه الصلاة والسلام مختلف فيه على أكثر من خمسة أقوال، بعد الاتفاق على أنه في ربيع لكن مختلف في أول يوم في ثاني يوم في التاسع في العاشر في الثاني عشر فيه أقوال ، وقد رجح بعض علماء العصر الفلكيين أنه كان في اليوم التاسع وليس في اليوم الثاني عشر، فبطل من الناحية التاريخية أن يكون في اليوم الثاني عشر.
أما من الناحية الشرعية فهو باطل لوجوه :
الأول : أنه عبادة لم يشرعها الله ولا رسوله ولا الخلفاء الراشدون الذين أمرنا باتباع سنتهم.
فإن ادَّعى مدَّعٍ أن ذلك مشروع في القرآن أو السنة أو في عمل الخلفاء الراشدين أو الصحابة فعليه الدليل، لأن البينة على المدعي ولن يستطيع إلى ذلك سبيلا، أي : لن يستطيع سبيلا إلى أن يأتي بدليل واحد من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين أو الصحابة على أنه يُسن الاحتفال بيوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانيًا : أن نقول : هذه البدعة إما أن تكون حقا أو تكون باطلا، فإن كانت حقا لزم من ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما جاهلا بالحق وإما عالما به وكاتما له، وكلا الأمرين باطل، يمتنع غاية الامتناع أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم جاهلا بشيء من شريعة الله، أو أن يكون عالما به ولكن لم يبينه للأمة، لأن الاحتمال الأول يقتضي أن يكون جاهلا بالشرع مع أنه هو صاحب الشرع، والاحتمال الثاني يقتضي أن يكون كاتما ما أنزل الله إليه وحاشاه من ذلك.
لو كان كاتما ما أنزل الله إليه لكتم قول الله تعالى : (( وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )).
ثالثًا : أن نقول : إذا تبين أنها بدعة، فإنه لا يحل لأحد أن يقيمها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، ولو اتبع الحق أهواءهم وصار كل من عنّ له أن في هذا مشروعية شرعه لاختلفت الأمة، ولتمزق الدين، ولكان كل قوم لهم دين معين وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة الإسلامية من وجوب الاتفاق على كلمة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
رابعًا : نقول : هذه البدعة لم تقتصر على مجرد الاجتماع والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر محاسنه وذكر مآثره وذكر شريعته، بل عُدل عن هذا إلى شيء آخر: إلى قصائد المديح البالغة في الغلو غايتَه، بل المتجاوزة لطبيعة البشر إلى حقوق الإله عز وجل، فقد كان هؤلاء الذين يجتمعون يترنمون بقصيدة البوصيري الذي كان يقول فيها يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العَمِمِ
إن لم تكن آخذا يوم المعاد يدي *** عفواً وإلا فقل يا زلة القدمِ
فإن من جودك الدنيا وضَرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلمِ " .
قال بعض العلماء : " إذا كان الأمر هكذا لم يبق لله شيء ، ولم يكن الله تعالى هو الملجأ عند الشدائد والفزع ، بل كان الرسول عليه الصلاة والسلام الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرًا إلا ما شاء الله هو الملجأ، وهذا غاية ما يكون من الغلو الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ".
فصار هؤلاء الذين يدعون أنهم يتقربون إلى الله بمثل هذه الاحتفالات وأنهم هم المحبون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاروا في الحقيقة هم الذين يبتعدون عن الله عز وجل بما أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، ولا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرضى بمثل هذا أبداً.
فإذا قالوا : إن منشأ هذا هو محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أجل أن نبين للنصارى أننا نعتني برسولنا كما كانوا يعتنون برسولهم فيجعلون من ميلاده عيدًا!
قلنا : إذا كنتم صادقين في محبة الله ورسوله فهنا ميزان قسط عادل هو قوله تعالى: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ))، ولهذا كلما كان الإنسان أشد حباً لله كان أشدَّ اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكلما كان أقلَّ حباً لله كان أقلَّ اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا رأيت الرجل يدعي محبة الله ورسوله ولكنه لا يلتزم بالشريعة فاعلم أنه كاذب لأن محبة الله ورسوله تنتج إنتاجا لازما اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فالحاصل أنه يجب على طلبة العلم هنا في هذه السعودية وفي غيرها من البلاد الإسلامية أن يبينوا للعامة ولغير العامة أن هذا الاحتفال ليس له أصل من السنة وأنه بدعة، وأنه لا يزيد الإنسان إلا بعدًا من الله عز وجل، لأنه شرع في دين الله ما ليس منه.
فإن قال قائل : أليست الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام مشروعة كل وقت ؟
فالجواب : بلى، أكثر من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعظم الله لكم بها أجرًا، ( ومن صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا ) ، لكن ترتيبها في ليلة معينة والاجتماع إليها وذكر المدائح والقصائد الغالية البالغة في الغلو غايته هذا هو الممنوع ، ونحن لا نقول : لا تصلوا على الرسول، نقول : أكثروا من الصلاة، ولا نقول : لا تحبوا الرسول، لكن نقول : أحبوا الرسول أكثر مما تحبون أنفسكم ولا يتم إيمانكم إلا بذلك، ولكن لا تحدِثوا في دينه ما ليس منه.
فالواجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس وأن يقولوا لهم : اشتغلوا بالعبادات الشرعية الصحيحة ، اذكروا الله صلوا على النبي في كل وقت أقيموا الصلاة آتوا الزكاة أحسنوا إلى المسلمين في كل وقت.
أما أن تجعلوا عيدا معينا في السنة والله تعالى لم يجعل في السنة إلا ثلاثة أعياد فقط عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الأسبوع وهو الجمعة، أما أن تحدثوا أعياداً أخرى فإنكم تحدثون في دين الله ما لم يشرعه.
ثم قال الله تبارك وتعالى: (( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )):
(( لهم أجر )) أي : ثواب.
(( غير ممنون )) أي : غير مقطوع، بل هو مستمر أبد الآبدين، والآيات في تأبيد الجنة كثيرة معلومة في الكتاب والسنة ، وليست من الصعوبة بحيث نسوقها إليكم الآن لأنها واضحة ولله الحمد، فأجر الآخرة لا ينقطع أبدا، ليس كالدنيا فيه وقت تثمر الأشجار ووقت لا تثمر، أو وقت تنبت الأرض ووقت لا تنبت، لا، الأجر فيها دائم: (( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً )).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين العاملين بالصالحات المجتنبين للسيئات إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وأكرر عند ابتداء الأسئلة أنه سيكون إيقاف هذا اللقاء حتى تبدأ الدراسة إن شاء الله تعالى، والآن إلى الأسئلة.
ما حكم الطلاق إذا قال رجل لأخ الزوجة اذهب إليها وقل لها إن لم تفعل كذا فهي طالق فدخل الغرفة ولم يخبرها ثم خرج وقال للزوج إنها ترفض أن تفعل ولم يخبرها أي يكذب ولم يقل الزوج شيئا .؟
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ حفظك الله: ما حكم الطلاق من حيث الوقوع أو عدمه في الصورة التالية : وهي أن رجلا قال لأخي الزوجة : اذهب إليها وقل لها: إن لم تفعل كذا فهي طالق، فدخل إلى الغرفة ولم يخبرها ثم خرج فقال للزوج : إنها ترفض أن تفعل ما تقول ؟
الشيخ : أن تترك ما تقول .
السائل : نعم .
الشيخ : هو يقول إن لم تفعل ولا إن فعلت ؟
السائل : أي وإن لم تفعل كذا فهي طالق .
الشيخ : يعني ترفض أن تفعل ؟
السائل : ترفض أن تفعل ، ولم يخبرها يعني يكذب .
الشيخ : يعني كذب عليها فماذا قال الزوج ؟
السائل : خرج من البيت .
الشيخ : ماذا قال الزوج لما أخبره بأنها أبت ؟
السائل : ما قال شيء خرج .
الشيخ : نعم، لا يقع الطلاق في هذه الحال، لأن المرأة لم تخبر، فإذا تركت فعل ما قاله الزوج في الوقت الذي حدده وهي جاهلة فليس على الزوج طلاق وليس عليه يمين أيضًا، نعم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ حفظك الله: ما حكم الطلاق من حيث الوقوع أو عدمه في الصورة التالية : وهي أن رجلا قال لأخي الزوجة : اذهب إليها وقل لها: إن لم تفعل كذا فهي طالق، فدخل إلى الغرفة ولم يخبرها ثم خرج فقال للزوج : إنها ترفض أن تفعل ما تقول ؟
الشيخ : أن تترك ما تقول .
السائل : نعم .
الشيخ : هو يقول إن لم تفعل ولا إن فعلت ؟
السائل : أي وإن لم تفعل كذا فهي طالق .
الشيخ : يعني ترفض أن تفعل ؟
السائل : ترفض أن تفعل ، ولم يخبرها يعني يكذب .
الشيخ : يعني كذب عليها فماذا قال الزوج ؟
السائل : خرج من البيت .
الشيخ : ماذا قال الزوج لما أخبره بأنها أبت ؟
السائل : ما قال شيء خرج .
الشيخ : نعم، لا يقع الطلاق في هذه الحال، لأن المرأة لم تخبر، فإذا تركت فعل ما قاله الزوج في الوقت الذي حدده وهي جاهلة فليس على الزوج طلاق وليس عليه يمين أيضًا، نعم .
2 - ما حكم الطلاق إذا قال رجل لأخ الزوجة اذهب إليها وقل لها إن لم تفعل كذا فهي طالق فدخل الغرفة ولم يخبرها ثم خرج وقال للزوج إنها ترفض أن تفعل ولم يخبرها أي يكذب ولم يقل الزوج شيئا .؟ أستمع حفظ
هل ورد دعاء خاص للطفل الميت .؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
أحسن الله إليك يا شيخ : هل ورد في السنة دعاء خاص يدعى به للطفل الميت في الصلاة عليه؟ وهل في السنة نهي عن استلقاء المرأة على ظهرها؟
الشيخ : نعم الثاني ؟
السائل : وهل في السنة نهي عن استلقاء المرأة على ظهرها ؟
الشيخ : أما الأول فليس فيه سنة صحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن وردت أحاديث في صحتها نظر، وهو أن الطفل الذي لم يبلغ يدعى لوالديه، وقد ذكر بعض الفقهاء دعاءً مناسبًا قال : " اللهم اجعله فرطا لوالديه وذخرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم " .
أحسن الله إليك يا شيخ : هل ورد في السنة دعاء خاص يدعى به للطفل الميت في الصلاة عليه؟ وهل في السنة نهي عن استلقاء المرأة على ظهرها؟
الشيخ : نعم الثاني ؟
السائل : وهل في السنة نهي عن استلقاء المرأة على ظهرها ؟
الشيخ : أما الأول فليس فيه سنة صحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن وردت أحاديث في صحتها نظر، وهو أن الطفل الذي لم يبلغ يدعى لوالديه، وقد ذكر بعض الفقهاء دعاءً مناسبًا قال : " اللهم اجعله فرطا لوالديه وذخرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم " .
هل يجوز استلقاء المرأة على ظهرها .؟
الشيخ : وأما استلقاء المرأة على ظهرها فإنه لا ينبغي خصوصًا إذا كان في البيت أحد فإنه قد يمر بها وهي على هذه الحال وقد تحصل الفتنة، وأما إذا كانت وحدها في بيتها فلا بأس، نعم .
حديث : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشديين المهديين .." استدل به بعض مشايخ الصوفية على أن الخلفاء معصومون حيث أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم باتباعهم وهو يعلم أنهم كانوا يخطئون وأن معنى مهديين الحفظ لهم من الوقوع في الأخطاء فما قولكم.؟
السائل : فضيلة الشيخ على قوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عَضُّوا عليها بالنواجذ )، قال أحد مشايخ الصوفية : لقد رفع الرسول صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة إلى درجة العصمة، حيث أمر الأمة باتباع سنتهم، فهل أَمَرنا باتباع سنتهم وهو يعلم أنهم كانوا يخطئون ؟! وما معنى كلمة مهديين ؟! أليست تعني الحفظ من الله لهم من الوقوع في الأخطاء ؟! فما قولكم ؟
الشيخ : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) : فبدأ صلى الله عليه وسلم بسنته أولاً ، وهذا يعني أن سنة الخلفاء الراشدين إذا خالفت سنته فإنها لا تُتَّبع ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله وتقولون : قال أبو بكر وعمر " .
والمتتبع لأقوال الخلفاء الراشدين يجد أن في أقوالهم ما يكون ناتجًا عن اجتهاد لكنه لم يصب السنة، وهذا أمر معلوم بالتتبع.
ولكن إذا لم يكن في الأمر سنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا شك أن سنتهم أقرب إلى الصواب من غيرهم، وأن قولهم حجة كما قال ذلك الإمام أحمد -رحمه الله- ، لكن لا يعني هذا قوله أنهم معصومون في كل قول يقولونه أو في كل فعل يفعلونه نعم .
وأما كونهم مهديين فالهداية تكون لهم ولغيرهم ، لكن الهداية الأكثر لهم بلا شك ، لأنهم خلفاء راشدون خلفوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمته عقيدة وعملا ودعوة ، ثم إنه وصفهم بالخلفاء الراشدين ، ومعلوم أن الإنسان إذا أخطأ في مسألة من المسائل لم يكن راشدًا فيها ، ولكنه مغفور له إذا كان ذلك ناتجا عن اجتهاد ، نعم .
الشيخ : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) : فبدأ صلى الله عليه وسلم بسنته أولاً ، وهذا يعني أن سنة الخلفاء الراشدين إذا خالفت سنته فإنها لا تُتَّبع ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله وتقولون : قال أبو بكر وعمر " .
والمتتبع لأقوال الخلفاء الراشدين يجد أن في أقوالهم ما يكون ناتجًا عن اجتهاد لكنه لم يصب السنة، وهذا أمر معلوم بالتتبع.
ولكن إذا لم يكن في الأمر سنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا شك أن سنتهم أقرب إلى الصواب من غيرهم، وأن قولهم حجة كما قال ذلك الإمام أحمد -رحمه الله- ، لكن لا يعني هذا قوله أنهم معصومون في كل قول يقولونه أو في كل فعل يفعلونه نعم .
وأما كونهم مهديين فالهداية تكون لهم ولغيرهم ، لكن الهداية الأكثر لهم بلا شك ، لأنهم خلفاء راشدون خلفوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمته عقيدة وعملا ودعوة ، ثم إنه وصفهم بالخلفاء الراشدين ، ومعلوم أن الإنسان إذا أخطأ في مسألة من المسائل لم يكن راشدًا فيها ، ولكنه مغفور له إذا كان ذلك ناتجا عن اجتهاد ، نعم .
5 - حديث : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشديين المهديين .." استدل به بعض مشايخ الصوفية على أن الخلفاء معصومون حيث أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم باتباعهم وهو يعلم أنهم كانوا يخطئون وأن معنى مهديين الحفظ لهم من الوقوع في الأخطاء فما قولكم.؟ أستمع حفظ
حصل شجار بينه وبين زوجته فقال لها علي الطلاق لأفعلن كذا وكذا سواء واحدة أو ثلاثا فما الحكم .؟
السائل : فضيلة الشيخ لمن كان بينه وبين زوجته شجار فقال لها : عليَّ الطلاق لأفعلن كذا وكذا سواء كانت واحدة أم ثلاثا ؟
الشيخ : أولاً : أنا أنصح الأزواج عامة ألا يتساهلوا بلفظ الطلاق، وألا يتسرعوا فيه، وأقول : إن الرجل إذا قال لزوجته : إن فعلت كذا فأنت طالق أو علي الطلاق أن تفعلي كذا ثم خالفت، إن أكثر العلماء يرون أنها تطلق على كل حال، ويقولون : إن هذا أتى بصريح الطلاق فوجب أن يقع الطلاق كما لو أتى به غير معلق، ومعلوم أن الإنسان إذا قال لزوجته : أنت طالق أنها تطلق، لكن إذا كان معلقاً قال : إن فعلت كذا فأنت طالق أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق فجمهور العلماء قالوا : إن المعلق كالمنجز، وأنها إذا خالفت الزوج في ذلك طلقت بكل حال، وإذًا المسألة خطيرة ليست بالهينة.
ولكن ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنه إذا قصد بذلك الحث أو المنع فإنه يكون حكمه حكمَ اليمين، أي : أن الزوجة لا تطلق ويكفر كفارة يمين، فإذا قال لزوجته : إن فعلت كذا فأنت طالق ففعلته فعلى قول جمهور العلماء تطلق ، وعلى قول شيخ الإسلام نسأل الرجل نقول : هل أردت أن الزوجة إذا فعلت هذا تكون طالقاً وأن نفسك طابت منها ؟
إن قال : نعم قلنا : إذًا تطلق ، وإذا قال : لا ، وإنما أردت أن أؤكد عليها المنع من هذا الشيء وأهددها بالطلاق ، قلنا : إذًا طلاقك في حكم اليمين ، فتكفر كفارة يمين ولا طلاق عليك .
وبهذا عرفتم بارك الله فيكم خطورة هذه المسألة ، وأنها ليست بالأمر الهين أن يأتي إنسان ويقول : قلت كذا ثم نفتيه بأن عليه اليمين وينصرف ، بل ننصحه ونعظه ثم نستفصل منه ، نعم .
الشيخ : أولاً : أنا أنصح الأزواج عامة ألا يتساهلوا بلفظ الطلاق، وألا يتسرعوا فيه، وأقول : إن الرجل إذا قال لزوجته : إن فعلت كذا فأنت طالق أو علي الطلاق أن تفعلي كذا ثم خالفت، إن أكثر العلماء يرون أنها تطلق على كل حال، ويقولون : إن هذا أتى بصريح الطلاق فوجب أن يقع الطلاق كما لو أتى به غير معلق، ومعلوم أن الإنسان إذا قال لزوجته : أنت طالق أنها تطلق، لكن إذا كان معلقاً قال : إن فعلت كذا فأنت طالق أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق فجمهور العلماء قالوا : إن المعلق كالمنجز، وأنها إذا خالفت الزوج في ذلك طلقت بكل حال، وإذًا المسألة خطيرة ليست بالهينة.
ولكن ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنه إذا قصد بذلك الحث أو المنع فإنه يكون حكمه حكمَ اليمين، أي : أن الزوجة لا تطلق ويكفر كفارة يمين، فإذا قال لزوجته : إن فعلت كذا فأنت طالق ففعلته فعلى قول جمهور العلماء تطلق ، وعلى قول شيخ الإسلام نسأل الرجل نقول : هل أردت أن الزوجة إذا فعلت هذا تكون طالقاً وأن نفسك طابت منها ؟
إن قال : نعم قلنا : إذًا تطلق ، وإذا قال : لا ، وإنما أردت أن أؤكد عليها المنع من هذا الشيء وأهددها بالطلاق ، قلنا : إذًا طلاقك في حكم اليمين ، فتكفر كفارة يمين ولا طلاق عليك .
وبهذا عرفتم بارك الله فيكم خطورة هذه المسألة ، وأنها ليست بالأمر الهين أن يأتي إنسان ويقول : قلت كذا ثم نفتيه بأن عليه اليمين وينصرف ، بل ننصحه ونعظه ثم نستفصل منه ، نعم .
6 - حصل شجار بينه وبين زوجته فقال لها علي الطلاق لأفعلن كذا وكذا سواء واحدة أو ثلاثا فما الحكم .؟ أستمع حفظ
ما رأيكم وتوجهيكم في تقصير طلاب العلم في دعوة العمال الكفار الذين يأتون المملكة بل يعاملونهم بجفاء.؟
السائل : عفا الله عنك يا شيخ : يأتي إلى بعض مناطق المملكة عمال وأغلبهم كفار، قد يكونون نصارى أو هندوس، ويسكنون في مناطق المملكة وقد يكون بجوارهم طلاب علم، وطلاب العلم قد لا يدعوهم إلى الإسلام، ويعني تحصل منهم جفاء في المعاملة ويستمرون هكذا طيلة سنين، يذهبوا ويدعوا غيرهم ولا يدعوهم، مع أن المسلمين لو كانوا في الخارج لبذل النصارى جهودهم في دعوتهم فما توجيهكم ؟
الشيخ : توجيهي أن الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ، لكنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين لقول الله تبارك وتعالى : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))، وقال الله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ )) ، (( أَدْعُو إِلَى اللَّهِ )) كل أحد ، (( أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي )) : فكلما كان الإنسان أشد اتباعا للرسول عليه الصلاة والسلام كان أشد دعوة .
ولا شك أن هؤلاء الإخوة الذين نزل إلى جانبهم قوم من الكفار ولكنهم لم يدعوهم إلى دين الإسلام ، لا شك أنهم مقصرون ، وأن الذي ينبغي بل الذي يجب عليهم أن يدعوا هؤلاء إلى دين الإسلام ، حتى بالتأليف لو دعوهم إلى البيت وقدموا لهم الطعام ثم تحدثوا إليهم ودعوهم إلى الإسلام وبينوا لهم محاسنه كان هذا طيباً ، لكن بعض الإخوة تغلب عليه الغيرة مع الجهل فينفر من هؤلاء ويقاطعهم ويعاملهم بالشدة والقسوة حتى ينفروا من الإسلام بسبب هذا الرجل المسلم ، ويظنوا أن أخلاق هذا المسلم هي الأخلاق التي يأمر بها الإسلام ، والغيرة وإن كانت حسنة.
الشيخ : توجيهي أن الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ، لكنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين لقول الله تبارك وتعالى : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))، وقال الله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ )) ، (( أَدْعُو إِلَى اللَّهِ )) كل أحد ، (( أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي )) : فكلما كان الإنسان أشد اتباعا للرسول عليه الصلاة والسلام كان أشد دعوة .
ولا شك أن هؤلاء الإخوة الذين نزل إلى جانبهم قوم من الكفار ولكنهم لم يدعوهم إلى دين الإسلام ، لا شك أنهم مقصرون ، وأن الذي ينبغي بل الذي يجب عليهم أن يدعوا هؤلاء إلى دين الإسلام ، حتى بالتأليف لو دعوهم إلى البيت وقدموا لهم الطعام ثم تحدثوا إليهم ودعوهم إلى الإسلام وبينوا لهم محاسنه كان هذا طيباً ، لكن بعض الإخوة تغلب عليه الغيرة مع الجهل فينفر من هؤلاء ويقاطعهم ويعاملهم بالشدة والقسوة حتى ينفروا من الإسلام بسبب هذا الرجل المسلم ، ويظنوا أن أخلاق هذا المسلم هي الأخلاق التي يأمر بها الإسلام ، والغيرة وإن كانت حسنة.
اضيفت في - 2005-08-27