سلسلة لقاء الباب المفتوح-036a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
كلمة توجيهية تدعوا إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
نفتتح لقاءنا هذا وهو اللقاء الثاني من شهر ربيع الثاني، يوم الخميس، الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني عام 1414 ه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا جميعا في أعمارنا وأعمالنا، وأن يجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاه.
هذه اللقاءات المباركة بين الناس، بين العلماء وطلبة العلم، وبين طلبة العلم وعوام الناس لا شك أنها لقاءات خيِّرة نافعة، تجعل الناس يستبصرون بدينهم ويتآلفون فيما بينهم، ويشكوا بعضهم إلى بعض حوائجه ونوائبه، ولا غرابة في ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا ).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )، وهذا هو الواجب في حق الأمة الإسلامية أن تكون جسدًا واحدًا إذا تألَّم منه عضو تألم سائر الجسد له حتى يبرأ ويهدأ.
وكذلك يجب أن يكونوا كالبنيان يشد بعضُه بعضًا .
( وشبك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أصابعه ) : إشارة إلى أن البنيان كلما تراص وتلاءم كان أقوى له .
لقاءاتنا هذه ولله الحمد فيها بركة ، يستفيد منها الحاضرون، ويستفيد منها المستمعون، ويستفيد منها السامعون بما منّ الله به علينا في هذا الزمن من تسهيل الأشرطة المنتشرة بين الناس، يكون الإنسان قائدًا لسيارته وهو يستمع إلى الشيخ يحدثه بدون تعب وبدون ملل، ويكون الإنسان مضطجعًا في فراشه وهو يستمع إلى العلم كل هذا بما منّ الله به علينا من هذه الأشرطة ولذلك نرى ولله الحمد آثار هذه الأشرطة في البيوت في الصغار والكبار والنساء والرجال، وهذا لا شك أنه من الخير والبركة.
ومن عادتنا أننا نفتتح الجلسة أو نفتتح اللقاء بالكلام على آيات من القرآن الكريم ابتدأناها بسورة النبأ حتى وصلنا إلى سورة البروج، واخترنا هذا الجزء، لأنه يكثر سماعه من الناس في الصلوات .
والقرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة ، بل نزل للتلاوة وللتدبر وللتذكر كما قال تعالى: (( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )). وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، والذي ليس حظه من القرآن إلا التلاوة هو أمي في الحقيقة كما قال الله تعالى : (( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ )) أي : إلا قراءة، فوصفهم الله بأنهم أميون مع أنهم يقرؤون.
فلا بد من أن يتعلم المسلمون معاني القرآن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الذي يسمى * مقدمة في علم التفسير * قال : " إن الناس لو جُعل لهم كتاب يدرسونه في الطب أو في أي علم كان فلا بد أن يفهموا معناه حتى يستفيدوا منه " ، فإذا كان هذا في الكتب العلمية التي هي من كلام البشر فكيف بأم العلم وأصل العلم الذي هو من كلام الله عز وجل، هو أولى وأجدر أن نعتني به وأن نعرف معناه وتفسيره ونتلقاه من أئمة التفسير الذين عُرِفوا بصحة العقيدة وسلامة المنهج .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
نفتتح لقاءنا هذا وهو اللقاء الثاني من شهر ربيع الثاني، يوم الخميس، الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني عام 1414 ه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا جميعا في أعمارنا وأعمالنا، وأن يجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاه.
هذه اللقاءات المباركة بين الناس، بين العلماء وطلبة العلم، وبين طلبة العلم وعوام الناس لا شك أنها لقاءات خيِّرة نافعة، تجعل الناس يستبصرون بدينهم ويتآلفون فيما بينهم، ويشكوا بعضهم إلى بعض حوائجه ونوائبه، ولا غرابة في ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا ).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )، وهذا هو الواجب في حق الأمة الإسلامية أن تكون جسدًا واحدًا إذا تألَّم منه عضو تألم سائر الجسد له حتى يبرأ ويهدأ.
وكذلك يجب أن يكونوا كالبنيان يشد بعضُه بعضًا .
( وشبك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أصابعه ) : إشارة إلى أن البنيان كلما تراص وتلاءم كان أقوى له .
لقاءاتنا هذه ولله الحمد فيها بركة ، يستفيد منها الحاضرون، ويستفيد منها المستمعون، ويستفيد منها السامعون بما منّ الله به علينا في هذا الزمن من تسهيل الأشرطة المنتشرة بين الناس، يكون الإنسان قائدًا لسيارته وهو يستمع إلى الشيخ يحدثه بدون تعب وبدون ملل، ويكون الإنسان مضطجعًا في فراشه وهو يستمع إلى العلم كل هذا بما منّ الله به علينا من هذه الأشرطة ولذلك نرى ولله الحمد آثار هذه الأشرطة في البيوت في الصغار والكبار والنساء والرجال، وهذا لا شك أنه من الخير والبركة.
ومن عادتنا أننا نفتتح الجلسة أو نفتتح اللقاء بالكلام على آيات من القرآن الكريم ابتدأناها بسورة النبأ حتى وصلنا إلى سورة البروج، واخترنا هذا الجزء، لأنه يكثر سماعه من الناس في الصلوات .
والقرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة ، بل نزل للتلاوة وللتدبر وللتذكر كما قال تعالى: (( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )). وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، والذي ليس حظه من القرآن إلا التلاوة هو أمي في الحقيقة كما قال الله تعالى : (( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ )) أي : إلا قراءة، فوصفهم الله بأنهم أميون مع أنهم يقرؤون.
فلا بد من أن يتعلم المسلمون معاني القرآن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الذي يسمى * مقدمة في علم التفسير * قال : " إن الناس لو جُعل لهم كتاب يدرسونه في الطب أو في أي علم كان فلا بد أن يفهموا معناه حتى يستفيدوا منه " ، فإذا كان هذا في الكتب العلمية التي هي من كلام البشر فكيف بأم العلم وأصل العلم الذي هو من كلام الله عز وجل، هو أولى وأجدر أن نعتني به وأن نعرف معناه وتفسيره ونتلقاه من أئمة التفسير الذين عُرِفوا بصحة العقيدة وسلامة المنهج .
تفسير قوله تعالى "والسماء ذات البروج " إلى قوله "وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ".
الشيخ : وقفنا على السورة سورة البروج:
قال الله سبحانه وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : ((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ )) .
البسملة آية مستقلة في الكتاب العزيز ، ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها ، يؤتى بها في أول كل سورة إلا سورة براءة ، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في هذه السورة فبقيت بدون بسملة .
وما اشتهر عند العوام من أن الجن اختطفوا بسملة سورة البراءة فهذا لا شك أنه باطل ، لأن الله يقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) ، ولا يمكن أن يسلط عليه الشياطين أو الجن حتى يختطفوا منه ، بل إن الله تعالى حماه حين نزوله وحماه بعد نزوله ، وما ذكر عن بعض العلماء : أنها لم يذكر فيها البسملة لأنها نزلت بالسيف ففيها الأمر بقتال المشركين ، فهذا أيضا غير صحيح ، لأن البسملة بركة ، والجهاد في سبيل الله من أعظم ما يطلب فيه البركة.
على كل حال هي آية مستقلة في أول كل سورة إلا سورة براءة ، وليست من الفاتحة على القول الراجح الذي دل عليه الحديث القدسي، وهو قوله تعالى فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي ) إلى آخر الحديث، وهذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، وكذلك أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سورة اقرأ، أقرأه إياها جبريل ولم يكن فيها بسم الله الرحمن الرحيم، فدل هذا على أنها ليست من السورة .
قوله تعالى : (( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ )) الواو هذه : حرف قسم ، يعني : يقسم الله تعالى بالسماء ذات البروج أي : صاحبة البروج ، والبروج: جمع برج وهي المجموعة العظيمة من النجوم، وسميت بروجا لعلوها وارتفاعها وظهورها وبيانها .
والبروج عند الفلكيين اثنا عشر برجًا جُمعت في قول الناظم :
" حَمْل فثور فجوزاء فسرطان *** فأسد سنبلة فميزان
فعقرب قوس فجدي وكذا *** دلو وذي آخرها الحيتان " .
فهي اثنا عشر برجًا، ثلاثة منها للربيع، وثلاثة للصيف، وثلاثة للخريف، وثلاثة للشتاء .
فيقسم الله تعالى بالسماء ذات البروج وله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، أما نحن فلا نقسم إلا بالله بأسمائه وصفاته ولا نقسم بشيء من المخلوقات لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت ) ، ولقوله: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ).
(( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ )) : إذًا ذات البروج أي صاحبة البروج وهي المجموعة العظيمة من النجوم وفي السماء اثنا عشر برجاً.
(( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ )) اليوم الموعود هو يوم القيامة، وعد الله سبحانه وتعالى به، وبينه في كتابه، ونصب عليه الأدلة العقلية التي تدل على أنه واقع حتمًا، كما قال تعالى: (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )).
(( وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )) ذكر علماء التفسير في معنى الشاهد والمشهود عدة أقوال، يجمعها :
أن الله أقسم بكل شاهد وبكل مشهود، والشهود كثيرون: منهم محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم شهيدا علينا ، ومنهم نحن هذه الأمة شهداء على الناس ، ومن أعضاء الإنسان تشهد عليه يوم القيامة بما عمل من خير وشر، ومن الملائكة يشهدون يوم القيامة ، فكل من شهد بالحق فهو داخل في قوله : (( وشاهد )) .
وأما المشهود فهو يوم القيامة وما يعرض فيه من الأهوال العظيمة كما قال تعالى : (( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ )) ، فأقسم الله بكل شاهد وبكل مشهود .
(( قُتِلَ أَصْحَابُ )) نعم قرأنا ، قرأناها وبيناها اليوم الموعود ما هو ؟
يوم القيامة.
(( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ )) (( قُتِلَ )) يعني: أهلك ، وقيل : القتل هنا بمعنى اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله.
وأصحاب الأخدود هم قوم كفار أحرقوا المؤمنين بالنار، وقد وردت قصص متعددة في هؤلاء القوم، منها شيء في الشام ومنها شيء في اليمن، والمقصود أن هؤلاء الكفار حاولوا بالمؤمنين أن يرتدوا عن دينهم ولكنهم عجزوا، فحفروا أُخدودًا حفرا ممدودة في الأرض كالنهر ، وجمعوا الحطب الكثير ، وأحرقوا المؤمنين بها والعياذ بالله ، ولهذا قال :
(( النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ )) يعني: أن الأخدود هي أخدود النار.
(( ذَاتِ الوَقُودِ )) أي : الحطب الكثير المتأجج.
(( إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ )) يعني: أن هؤلاء الذين حفروا الأخاديد وألقوا فيها المؤمنين كانوا والعياذ بالله عندهم قسوة وجبروت يرون النار تلتهم هؤلاء البشر وهم قعود عليها على الأسرة فكهون، كأن شيئا لم يكن والعياذ بالله، وهذا من الجبروت أن يرى الإنسان البشر تلتهمه النار وهو جالس على سريره يتفكه بالحديث ولا يبالي.
(( وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ )) يعني: هم شهود على ما يفعلون بالمؤمنين، أي : حضور لا يغيب عنهم ما فعلوه بالمؤمنين، ولذلك استحقوا هذا الوعيد بل استحقوا هذه العقوبة أن الله أهلكهم ولعنهم وطردهم وأبعدهم عن رحمته.
ثم قال عز وجل : (( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ))، ونؤجل الكلام على هذا للقاء المقبل حتى نستوعب وقتا كثيرا في الإجابة على الأسئلة، ونبدأ من اليمين والسؤال واحد لكل شخص من أجل أن يأخذ كل واحد نصيبه فإذا كان معكم عدة أسئلة يؤخذ الأهم .
خاص خل أجل بعدين أي .
السائل : بعدين .
الشيخ : صل معنا الظهر ونحن جايين إن شاء الله نجيبك عنها .
قال الله سبحانه وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : ((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ )) .
البسملة آية مستقلة في الكتاب العزيز ، ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها ، يؤتى بها في أول كل سورة إلا سورة براءة ، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في هذه السورة فبقيت بدون بسملة .
وما اشتهر عند العوام من أن الجن اختطفوا بسملة سورة البراءة فهذا لا شك أنه باطل ، لأن الله يقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) ، ولا يمكن أن يسلط عليه الشياطين أو الجن حتى يختطفوا منه ، بل إن الله تعالى حماه حين نزوله وحماه بعد نزوله ، وما ذكر عن بعض العلماء : أنها لم يذكر فيها البسملة لأنها نزلت بالسيف ففيها الأمر بقتال المشركين ، فهذا أيضا غير صحيح ، لأن البسملة بركة ، والجهاد في سبيل الله من أعظم ما يطلب فيه البركة.
على كل حال هي آية مستقلة في أول كل سورة إلا سورة براءة ، وليست من الفاتحة على القول الراجح الذي دل عليه الحديث القدسي، وهو قوله تعالى فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي ) إلى آخر الحديث، وهذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، وكذلك أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سورة اقرأ، أقرأه إياها جبريل ولم يكن فيها بسم الله الرحمن الرحيم، فدل هذا على أنها ليست من السورة .
قوله تعالى : (( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ )) الواو هذه : حرف قسم ، يعني : يقسم الله تعالى بالسماء ذات البروج أي : صاحبة البروج ، والبروج: جمع برج وهي المجموعة العظيمة من النجوم، وسميت بروجا لعلوها وارتفاعها وظهورها وبيانها .
والبروج عند الفلكيين اثنا عشر برجًا جُمعت في قول الناظم :
" حَمْل فثور فجوزاء فسرطان *** فأسد سنبلة فميزان
فعقرب قوس فجدي وكذا *** دلو وذي آخرها الحيتان " .
فهي اثنا عشر برجًا، ثلاثة منها للربيع، وثلاثة للصيف، وثلاثة للخريف، وثلاثة للشتاء .
فيقسم الله تعالى بالسماء ذات البروج وله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، أما نحن فلا نقسم إلا بالله بأسمائه وصفاته ولا نقسم بشيء من المخلوقات لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت ) ، ولقوله: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ).
(( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ )) : إذًا ذات البروج أي صاحبة البروج وهي المجموعة العظيمة من النجوم وفي السماء اثنا عشر برجاً.
(( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ )) اليوم الموعود هو يوم القيامة، وعد الله سبحانه وتعالى به، وبينه في كتابه، ونصب عليه الأدلة العقلية التي تدل على أنه واقع حتمًا، كما قال تعالى: (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )).
(( وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )) ذكر علماء التفسير في معنى الشاهد والمشهود عدة أقوال، يجمعها :
أن الله أقسم بكل شاهد وبكل مشهود، والشهود كثيرون: منهم محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم شهيدا علينا ، ومنهم نحن هذه الأمة شهداء على الناس ، ومن أعضاء الإنسان تشهد عليه يوم القيامة بما عمل من خير وشر، ومن الملائكة يشهدون يوم القيامة ، فكل من شهد بالحق فهو داخل في قوله : (( وشاهد )) .
وأما المشهود فهو يوم القيامة وما يعرض فيه من الأهوال العظيمة كما قال تعالى : (( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ )) ، فأقسم الله بكل شاهد وبكل مشهود .
(( قُتِلَ أَصْحَابُ )) نعم قرأنا ، قرأناها وبيناها اليوم الموعود ما هو ؟
يوم القيامة.
(( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ )) (( قُتِلَ )) يعني: أهلك ، وقيل : القتل هنا بمعنى اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله.
وأصحاب الأخدود هم قوم كفار أحرقوا المؤمنين بالنار، وقد وردت قصص متعددة في هؤلاء القوم، منها شيء في الشام ومنها شيء في اليمن، والمقصود أن هؤلاء الكفار حاولوا بالمؤمنين أن يرتدوا عن دينهم ولكنهم عجزوا، فحفروا أُخدودًا حفرا ممدودة في الأرض كالنهر ، وجمعوا الحطب الكثير ، وأحرقوا المؤمنين بها والعياذ بالله ، ولهذا قال :
(( النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ )) يعني: أن الأخدود هي أخدود النار.
(( ذَاتِ الوَقُودِ )) أي : الحطب الكثير المتأجج.
(( إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ )) يعني: أن هؤلاء الذين حفروا الأخاديد وألقوا فيها المؤمنين كانوا والعياذ بالله عندهم قسوة وجبروت يرون النار تلتهم هؤلاء البشر وهم قعود عليها على الأسرة فكهون، كأن شيئا لم يكن والعياذ بالله، وهذا من الجبروت أن يرى الإنسان البشر تلتهمه النار وهو جالس على سريره يتفكه بالحديث ولا يبالي.
(( وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ )) يعني: هم شهود على ما يفعلون بالمؤمنين، أي : حضور لا يغيب عنهم ما فعلوه بالمؤمنين، ولذلك استحقوا هذا الوعيد بل استحقوا هذه العقوبة أن الله أهلكهم ولعنهم وطردهم وأبعدهم عن رحمته.
ثم قال عز وجل : (( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ))، ونؤجل الكلام على هذا للقاء المقبل حتى نستوعب وقتا كثيرا في الإجابة على الأسئلة، ونبدأ من اليمين والسؤال واحد لكل شخص من أجل أن يأخذ كل واحد نصيبه فإذا كان معكم عدة أسئلة يؤخذ الأهم .
خاص خل أجل بعدين أي .
السائل : بعدين .
الشيخ : صل معنا الظهر ونحن جايين إن شاء الله نجيبك عنها .
هل عموم الشيعة الموجودون الآن انقرضوا إلا طائفة الرافضة وهل يعامل الروافض معاملة المنافقين إذا كان لايعلم منهجهم الخاص في سب الصحابة .؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم:
فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى: هل عموم الشيعة الموجودين في هذا الزمان انقرضوا إلا طائفة الرافضة ؟
وإذا لم يبق إلا هم هؤلاء الرافضة كيف يعاملهم الرجل الذي لا يعلم منهجهم الخاص في سب الصحابة وغيره، وهل يعاملهم كالمنافقين أو ماذا ؟
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
الشيعة كل من يزعم أنه يتشيع لآل البيت أي : لقرابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهم طوائف وفرق كثيرة، وقد ذكر المتكلمون على فرق هذه الأمة ذكروا أنهم يزيدون على عشرين فرقة وهذا يعني أننا لا يمكن أن نحكم على جميعهم بحكم واحد، بل لا بد أن ننظر ماذا يفعلون وماذا يعتقدون في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وماذا يعتقدون في الصحابة.
فمثلا إذا قالوا : نحن نعتقد أن علي بن أبي طالب إله ورب كما يذكر عن عبد الله بن سبأ الذي قابل علياً رضي الله عنه بالمواجهة الصريحة فقال : أنت الله، فأمر علي رضي الله عنه بالأخاديد فَخُدَّت ثم أحرقهم بها، أحرقهم بالنار لشناعة قولهم والعياذ بالله، ومواجهتهم إياه وهو الخليفة الراشد بهذا الكلام الكفر الصريح، وأحرقهم بالنار كذلك أيضا من قال : إن الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلا من آل البيت فهم كفار أيضًا، لأن هذا يؤدي إلى القدح في الشريعة الإسلامية وألا نثق بما نقل إلينا منها لا القرآن ولا ما ينسب للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منها، وإذا كان هذا يتضمن القدح في الشريعة ونسفها فهو كفر بالله تعالى وكفر بشريعته أيضا.
ومن قال : إن عليا ولي وإنه أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لأن المسلمين أجمعوا على أن محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفضل البشر.
والمهم أن ننظر إلى عقيدة هذا الرافضي أو هذا الشيعي فإذا كانت تقتضي الكفر حكمنا بكفره ، وإذا كانت لا تصل إلى الكفر إنما هي بدعة تجعله فاسقا لا كافرا حكمنا بما تقتضيه بدعته.
أما معاملتهم فإننا نعاملهم بما تقتضيه المصلحة ، فكل ما تقتضيه المصلحة فإننا نعاملهم به ، فلو كان من المصلحة أن نهاديه لندعوه إلى الحق ونبين له أنه هو الواجب ، وأنه لا يجوز العدول عنه فلا حرج من أن نهاديه ومن اقتضت حاله سوى ذلك فيعامل بما تقتضيه حاله .
السائل : التقية يا شيخ ؟
الشيخ : التقية هذه ما نقدر نحكم فيها ، التقية لا شك أنها عندهم من مذهبهم أعني: الرافضة التقية ويعتقدونها دينا ، ولكن قد يكون بعضهم ليس عنده تقية لكنه رجل عامي لا يعرف يكون مخدوعاً بكبرائهم وزعمائهم فلكل مقام مقال، والإنسان العاقل يستطيع أن يعامل الناس بتوفيق الله حسب ما تقتضيه حالهم.
فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى: هل عموم الشيعة الموجودين في هذا الزمان انقرضوا إلا طائفة الرافضة ؟
وإذا لم يبق إلا هم هؤلاء الرافضة كيف يعاملهم الرجل الذي لا يعلم منهجهم الخاص في سب الصحابة وغيره، وهل يعاملهم كالمنافقين أو ماذا ؟
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
الشيعة كل من يزعم أنه يتشيع لآل البيت أي : لقرابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهم طوائف وفرق كثيرة، وقد ذكر المتكلمون على فرق هذه الأمة ذكروا أنهم يزيدون على عشرين فرقة وهذا يعني أننا لا يمكن أن نحكم على جميعهم بحكم واحد، بل لا بد أن ننظر ماذا يفعلون وماذا يعتقدون في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وماذا يعتقدون في الصحابة.
فمثلا إذا قالوا : نحن نعتقد أن علي بن أبي طالب إله ورب كما يذكر عن عبد الله بن سبأ الذي قابل علياً رضي الله عنه بالمواجهة الصريحة فقال : أنت الله، فأمر علي رضي الله عنه بالأخاديد فَخُدَّت ثم أحرقهم بها، أحرقهم بالنار لشناعة قولهم والعياذ بالله، ومواجهتهم إياه وهو الخليفة الراشد بهذا الكلام الكفر الصريح، وأحرقهم بالنار كذلك أيضا من قال : إن الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلا من آل البيت فهم كفار أيضًا، لأن هذا يؤدي إلى القدح في الشريعة الإسلامية وألا نثق بما نقل إلينا منها لا القرآن ولا ما ينسب للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منها، وإذا كان هذا يتضمن القدح في الشريعة ونسفها فهو كفر بالله تعالى وكفر بشريعته أيضا.
ومن قال : إن عليا ولي وإنه أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لأن المسلمين أجمعوا على أن محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفضل البشر.
والمهم أن ننظر إلى عقيدة هذا الرافضي أو هذا الشيعي فإذا كانت تقتضي الكفر حكمنا بكفره ، وإذا كانت لا تصل إلى الكفر إنما هي بدعة تجعله فاسقا لا كافرا حكمنا بما تقتضيه بدعته.
أما معاملتهم فإننا نعاملهم بما تقتضيه المصلحة ، فكل ما تقتضيه المصلحة فإننا نعاملهم به ، فلو كان من المصلحة أن نهاديه لندعوه إلى الحق ونبين له أنه هو الواجب ، وأنه لا يجوز العدول عنه فلا حرج من أن نهاديه ومن اقتضت حاله سوى ذلك فيعامل بما تقتضيه حاله .
السائل : التقية يا شيخ ؟
الشيخ : التقية هذه ما نقدر نحكم فيها ، التقية لا شك أنها عندهم من مذهبهم أعني: الرافضة التقية ويعتقدونها دينا ، ولكن قد يكون بعضهم ليس عنده تقية لكنه رجل عامي لا يعرف يكون مخدوعاً بكبرائهم وزعمائهم فلكل مقام مقال، والإنسان العاقل يستطيع أن يعامل الناس بتوفيق الله حسب ما تقتضيه حالهم.
3 - هل عموم الشيعة الموجودون الآن انقرضوا إلا طائفة الرافضة وهل يعامل الروافض معاملة المنافقين إذا كان لايعلم منهجهم الخاص في سب الصحابة .؟ أستمع حفظ
ما حكم من يعتقد في الأولياء النفع والضر ويؤمن بالله و يصلى فمات فهل يعامل معاملة الكفرة .؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم:
فضيلة الشيخ يعلم الله أننا نحبك في الله، وأما سؤالنا فهو بخصوص من كان يعتقد بأن الأولياء أو زُوَّار القبور هو في اعتقادهم بأنهم ينفعونهم، مع اعتقادهم بوجود الخالق وبالصلاة، ومع ذلك يكنون لهؤلاء الصالحين الوفاء والإخلاص، فما مصير هؤلاء الناس بعد مماتهم، هل يكونون بحكم الكفرة أم من الموحدين ؟
الشيخ : أسأل الله أن يحبك كما أحببتني فيه وأن يجعلنا جميعا من أحباب الله وأوليائه.
أولياء الله سبحانه وتعالى هم الذين جمعوا بين وصفين: الإيمان والتقوى كما قال تعالى : (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )) ، وحينئذ قبل أن نقول : إن هذا قبر ولي أو غير ولي ، يحتاج أن ننظر عن سيرة هذا الميت هل هو من المؤمنين المتقين ؟
فيرجى أن يكون من أولياء الله.
هل هو من المخرفين المشعوذين الخداعين الذين يظهرون للناس بمظهر الصلاح وهم أبعد الناس عن الصلاح ؟
فهذا ليس بولي وإن زعم من زعم أنه ولي هذه واحدة.
ثانيًا : إذا تقرر أنه بما يظهر لنا من حاله أنه من المؤمنين المتقين فإننا نرجو له الخير ونعلم أنه هو نفسه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وأنه ما آمن واتقى إلا خوفا من عقاب الله، ليس له من الأمر شيء، فإذا كان هو لا يملك لنفسه شيئا كيف يملك لنا ؟!
ثم كيف يملك لنا ذلك وهو الآن جثة هامدة ربما أكلته الأرض ، وإذا كان الله قال لنبيه عليه الصلاة والسلام : (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ )) ، وقال له : (( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ )) ، وقال له : (( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ )) يعني : ليست وظيفتي إلا البلاغ، فإذا كان كذلك فمن دونه من باب أولى.
والصحابة رضي الله عنهم لما نزل بهم القحط والجدب في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في العام المشهور الذي يعرف بعام الرمادة لم يستسقوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يأتوا إلى قبره يقولوا : يا رسول الله ادع الله أن يسقنا ادع الله أن يغيثنا، وإنما هم دعوا الله عز وجل، وطلب عمر من العباس أن يقوم فيدعو الله تعالى بالسقيا.
لكن مع ذلك هؤلاء الذين يأتون إلى الأولياء ويدعونهم وهم جهال ليس عندهم من يعلمهم ولا من ينبههم، ولكنهم يقولون: نحن مسلمون يصلون .
فضيلة الشيخ يعلم الله أننا نحبك في الله، وأما سؤالنا فهو بخصوص من كان يعتقد بأن الأولياء أو زُوَّار القبور هو في اعتقادهم بأنهم ينفعونهم، مع اعتقادهم بوجود الخالق وبالصلاة، ومع ذلك يكنون لهؤلاء الصالحين الوفاء والإخلاص، فما مصير هؤلاء الناس بعد مماتهم، هل يكونون بحكم الكفرة أم من الموحدين ؟
الشيخ : أسأل الله أن يحبك كما أحببتني فيه وأن يجعلنا جميعا من أحباب الله وأوليائه.
أولياء الله سبحانه وتعالى هم الذين جمعوا بين وصفين: الإيمان والتقوى كما قال تعالى : (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )) ، وحينئذ قبل أن نقول : إن هذا قبر ولي أو غير ولي ، يحتاج أن ننظر عن سيرة هذا الميت هل هو من المؤمنين المتقين ؟
فيرجى أن يكون من أولياء الله.
هل هو من المخرفين المشعوذين الخداعين الذين يظهرون للناس بمظهر الصلاح وهم أبعد الناس عن الصلاح ؟
فهذا ليس بولي وإن زعم من زعم أنه ولي هذه واحدة.
ثانيًا : إذا تقرر أنه بما يظهر لنا من حاله أنه من المؤمنين المتقين فإننا نرجو له الخير ونعلم أنه هو نفسه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وأنه ما آمن واتقى إلا خوفا من عقاب الله، ليس له من الأمر شيء، فإذا كان هو لا يملك لنفسه شيئا كيف يملك لنا ؟!
ثم كيف يملك لنا ذلك وهو الآن جثة هامدة ربما أكلته الأرض ، وإذا كان الله قال لنبيه عليه الصلاة والسلام : (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ )) ، وقال له : (( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ )) ، وقال له : (( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ )) يعني : ليست وظيفتي إلا البلاغ، فإذا كان كذلك فمن دونه من باب أولى.
والصحابة رضي الله عنهم لما نزل بهم القحط والجدب في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في العام المشهور الذي يعرف بعام الرمادة لم يستسقوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يأتوا إلى قبره يقولوا : يا رسول الله ادع الله أن يسقنا ادع الله أن يغيثنا، وإنما هم دعوا الله عز وجل، وطلب عمر من العباس أن يقوم فيدعو الله تعالى بالسقيا.
لكن مع ذلك هؤلاء الذين يأتون إلى الأولياء ويدعونهم وهم جهال ليس عندهم من يعلمهم ولا من ينبههم، ولكنهم يقولون: نحن مسلمون يصلون .
اضيفت في - 2005-08-27