سلسلة لقاء الباب المفتوح-042a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير قوله تعالى : " فعال لما يريد .... " إلى قوله :" والله من ورائهم محيط ".
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول من شهر جمادى الثانية، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، والذي يتم كل أسبوع في يوم الخميس.
لقاؤنا هذا نفتتحه بالكلام على آيات من كتاب الله عز وجل في سورة البروج من قوله تبارك وتعالى: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ))، لأنّ ما سبق قد تكلمنا عليه.
فقوله تبارك وتعالى: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) هذا وصف لله سبحانه وتعالى أنه الفعّال لما يريد، فكلّ ما أراده فإنه يفعله، لا يمنعه شيء من ذلك، لأن له ملك السماوات والأرض، ومالك السماوات والأرض لا أحد يمنعه مِن أن يفعل في ملكه ما شاء، وهذا كقوله تبارك وتعالى: (( وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ))، فالخلق مهما كانوا لا يستطيعون أن يفعلوا ما شاءوا، بل قد يريدون الشيء إرادة جازمة وبكلّ قلوبهم، ويتمنّون أن يفعلوه ولكنّهم لا يحصل لهم هذا، يحول بينهم وبينه قدر الله عز وجل.
أما الرب تبارك وتعالى فإنه فعال لما يريد.
وفي الآية الكريمة إثبات إرادة الله سبحانه وتعالى، وهو كذلك، فإنّه تعالى له الإرادة الكاملة التامة في خلقه حتى فيما يتعلق بأفعال الخلق لا يكون فعلٌ من الناس إلا بإرادة الله كما قال الله تعالى: (( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) فعلّق مشيئتهم بمشيئته سبحانه وتعالى.
وقال جلَّ وعَلا: (( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ))، فهو سبحانه وتعالى إرادته شاملةٌ لِمَا يكون من فعله، ولِمَا يكون من فعل العباد، فأنا مثلاً لو تكلّمت بكلامي هذا أو بغيره أو بما سبقه، فكلّ كلامي كائن بإرادة الله، لو شاء الله ما تكلمتُ، وإذا شاء الله أن أتكلم تكلمتُ، فتنبعث من قلبي إرادة للكلام فأتكلّم، ولهذا قال: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )).
ثمّ قال عزّ وجلّ: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ )): والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لكلّ من يصحّ أن يتوجه إليه الخطاب.
والاستفهام للتنبيه، لأن الشيء إذا جاء باستفهام انتبه له الإنسان أكثر، فالله عز وجل يقول: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ))، فالجنود: جمع جند، وهو هنا مُبْهَم، لكنه فسره بقوله: (( فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ )) يعني: هل أتاك خبرهم؟
والجواب: نعم، أتانا خبرهم، قصّ الله سبحانه وتعالى علينا من نبأ فرعون، وقصّ علينا من نبأ ثمود ما فيه العبرة لمن كان قلبه حياً أو ألقى السّمع وهو شَهيد.
ذكر الله تعالى قصة فرعون في آيات كثيرة في القرآن الكريم وفي سور متعدّدة، وذلك لأنّ قصّة فرعون مقدّمة بين يدي رسالة موسى صلّى الله عليه وسلّم، وموسى كما هو معروف مبعوث إلى اليهود، إلى بني إسرائيل، فكان الله سبحانه وتعالى يقصّ من نبإ موسى ما لم يقصّ من نبأ غيره لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سوف يكون مهاجره إلى المدينة، والمدينة فيها ثلاث قبائل من اليهود ساكنة فيها، فكان النبي عليه الصلاة والسّلام يعلم من نبئهم الشيء الكثير من أجل أن يكون على استعدادٍ لمناظرتهم ومجادلتهم بالحقّ، حتى لا يخفى عليه من أمرهم شيء، فرعون ملك مصر، وهل هو عَلَم شخص أو عَلَم وصف؟
بمعنى: هل إنّ فرعون اسم للجبّار العنيد الذي بُعِث إليه موسى، أو أنه وصف لكل مَن مَلَك مصر وهو كافر؟
يعني: هل هو علم وصف أو علم شخص؟
من العلماء من يقول: إنه علم شخص يعني: أنه الذي أُرْسِل إليه موسى وهو جبار عنيد يسمى فرعون.
ومنهم مَن قال: إنه علم وصف لكل مَن مَلَك مصر كافراً، كما يقال كسرى لكلّ مَن مَلَك بلاد الفرس، وقيصر لكلّ مَن مَلَك بلاد الرّوم، والنجاشي لكل مَن مَلَك الحبشة ، وما أشبه ذلك والخلاف في هذا ليس بذاك المهم، لكن المهم أن فرعون قصته معروفة.
كان جباراً عنيداً متكبراً، يَدَّعي أنه الرب، ويستهزئ بموسى، وبما جاء به من الآيات، ويتحداه، ويقول له صراحة وجهاً لوجه: (( إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً ))، ويفتخر ويقول لقومه: (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ )) وماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة أن كفر به أخص الناس بكيده وهم السَّحَرة، فإنّ السَّحَرة لمـّا جمعوا كلّ ما عندهم من السحر، وجاءوا لمقابلة موسى عليه الصّلاة والسّلام حيث إنّ موسى أتى بآية تشبه السحر ولكنها ليست بسحر بل هي آية من آيات الله، وهي أنه يضع العصا التي بيده -عصا من خشب-، فإذا وضعها في الأرض صارت حية تسعى، فقال الناس: هذا سحر، فجُمِع السَّحَرة كلّهم أكبرُ السَّحَرة وأحذقهم بالسحر جُمِعُوا في وقت حدَّده موسى، حيث قال له فرعون: (( فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً )) أي: مكاناً مستوياً منبسطاً حتى يشاهد الناس ما يشاهدون من السحر وأعمال السَّحَرة ، فقال لهم: (( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ )): ويوم الزينة يوم عيدهم، ويوم العيد كما تعلمون يكثر فيه تجمع الناس، ويهنئ بعضُهم بعضاً بأعيادهم، فاجتمعوا كما واعدهم موسى يوم الزينة، وحُشِر الناس، ومتى حُشروا؟
لم يُحشروا في الليل، أو في آخر النهار، أو في أول النهار، بل حُشروا ضحى في رابعة النهار.
ولَمَّا حشروا ألقى السَّحَرة كل ما يكيدون من كيد وسحر (( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ))، لأنه شاهد شيئاً عظيماً، فأوحى الله إليه أن يلقيَ العصا، فألقى العصا فإذا هي تلقف ما يأفكون، حينئذ علم السَّحَرة أنّ موسى صادق وأنّه ليس بساحر، لأنّه لو كان ساحراً ما غلبهم بسحره، فآمنوا بالله وكفروا بـفرعون، (( وقَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ))، وتحدّوا فرعون، وفي النّهاية -نهاية فرعون- أغرقه الله عز وجل بالماء الذي كان يفتخر به بالأمس، كان يقول: (( وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ))، والأنهار مياه، فأهلكه الله بجنس ما كان يفتخر به.
أمّا ثمود فإن الله تعالى قد أعطاهم قدرة وقوة، وأترفهم، حتى كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين، ويتّخذون من السّهول قصوراً، وكانت لهم قوة وصرامة، فأُهْلِكوا حين كَذَّبوا نبيهم صالحا صلى الله عليه وسلم أُهْلِكوا برجفة وصيحة، صيح بِهم، وارتجفت بهم الأرض، فهَلَكوا عن آخرهم، (( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )) والعياذ بالله.
فالله عز وجل يقول: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ))، وماذا كان من نبئهم، وفي هذا التنبيه فائدتان:
الفائدة الأولى: تسليةُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتقويتُه، وأن الذي نصر الرسل من قبله سوف ينصره، ولا شكَّ أن هذا يقوِّي العزيمة، ويوجب أن يندفع الإنسان فيما كُلِّف به من تبليغ الرسالة.
والثانية: تهديدُ قريش الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنهم ليسوا أشد قوة من فرعون وثمود، ومع ذلك أهلكهم الله سبحانه وتعالى، فيكون في ذكر هذا فائدتان:
الفائدة الأولى تسلية الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
والفائدة الثانية تهديد قريش الذين كذّبوا الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
ثمّ قال تعالى: (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ )): هذا الإضراب للانتقال من موضوع إلى آخر، والذين كفروا يعني: بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في تكذيب، " في ": للظرفية، كأن هؤلاء منغمسون في التكذيب، والتكذيب محيط بهم من كل جانب، وهذا أبلغ من قوله: (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) في هذا الموضع، و (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) في موضع آخر تكون أبلغ، لأنّ القرآن الكريم قد يأتي بالكلمتين مختلفتين في موضعين، وتكون كلّ واحدة في موضعها أبلغ من الأخرى، إذ أنّ القرآن مشتمل على غاية البلاغة.
(( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ )):
(( وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ )) أي: غالِبُهم ومحيطٌ بهم، ومهما فروا فإن الله تعالى مدركهم لا محالة، فهو محيط بهم علماً وقدرةً وسلطاناً، ولَنْ يُفْلِتوا من الله سبحانه وتعالى إذا أراد بهم سوءاً، كما قال تعالى: (( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ )).
ثم قال تعالى: (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )) وسنتكلم عليها إن شاء الله في اللقاء القادم، لأنه مهم، ونذكر المناسبة بين ختمه لهذه السورة بهاتين الآيتين، وبين ابتدائها بالسماء ذات البروج، وما ذكر فيها من العبر والقصص.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته، إنه على كل شيء قدير .
والآن إلى الأسئلة.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول من شهر جمادى الثانية، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، والذي يتم كل أسبوع في يوم الخميس.
لقاؤنا هذا نفتتحه بالكلام على آيات من كتاب الله عز وجل في سورة البروج من قوله تبارك وتعالى: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ))، لأنّ ما سبق قد تكلمنا عليه.
فقوله تبارك وتعالى: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) هذا وصف لله سبحانه وتعالى أنه الفعّال لما يريد، فكلّ ما أراده فإنه يفعله، لا يمنعه شيء من ذلك، لأن له ملك السماوات والأرض، ومالك السماوات والأرض لا أحد يمنعه مِن أن يفعل في ملكه ما شاء، وهذا كقوله تبارك وتعالى: (( وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ))، فالخلق مهما كانوا لا يستطيعون أن يفعلوا ما شاءوا، بل قد يريدون الشيء إرادة جازمة وبكلّ قلوبهم، ويتمنّون أن يفعلوه ولكنّهم لا يحصل لهم هذا، يحول بينهم وبينه قدر الله عز وجل.
أما الرب تبارك وتعالى فإنه فعال لما يريد.
وفي الآية الكريمة إثبات إرادة الله سبحانه وتعالى، وهو كذلك، فإنّه تعالى له الإرادة الكاملة التامة في خلقه حتى فيما يتعلق بأفعال الخلق لا يكون فعلٌ من الناس إلا بإرادة الله كما قال الله تعالى: (( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) فعلّق مشيئتهم بمشيئته سبحانه وتعالى.
وقال جلَّ وعَلا: (( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ))، فهو سبحانه وتعالى إرادته شاملةٌ لِمَا يكون من فعله، ولِمَا يكون من فعل العباد، فأنا مثلاً لو تكلّمت بكلامي هذا أو بغيره أو بما سبقه، فكلّ كلامي كائن بإرادة الله، لو شاء الله ما تكلمتُ، وإذا شاء الله أن أتكلم تكلمتُ، فتنبعث من قلبي إرادة للكلام فأتكلّم، ولهذا قال: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )).
ثمّ قال عزّ وجلّ: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ )): والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لكلّ من يصحّ أن يتوجه إليه الخطاب.
والاستفهام للتنبيه، لأن الشيء إذا جاء باستفهام انتبه له الإنسان أكثر، فالله عز وجل يقول: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ))، فالجنود: جمع جند، وهو هنا مُبْهَم، لكنه فسره بقوله: (( فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ )) يعني: هل أتاك خبرهم؟
والجواب: نعم، أتانا خبرهم، قصّ الله سبحانه وتعالى علينا من نبأ فرعون، وقصّ علينا من نبأ ثمود ما فيه العبرة لمن كان قلبه حياً أو ألقى السّمع وهو شَهيد.
ذكر الله تعالى قصة فرعون في آيات كثيرة في القرآن الكريم وفي سور متعدّدة، وذلك لأنّ قصّة فرعون مقدّمة بين يدي رسالة موسى صلّى الله عليه وسلّم، وموسى كما هو معروف مبعوث إلى اليهود، إلى بني إسرائيل، فكان الله سبحانه وتعالى يقصّ من نبإ موسى ما لم يقصّ من نبأ غيره لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سوف يكون مهاجره إلى المدينة، والمدينة فيها ثلاث قبائل من اليهود ساكنة فيها، فكان النبي عليه الصلاة والسّلام يعلم من نبئهم الشيء الكثير من أجل أن يكون على استعدادٍ لمناظرتهم ومجادلتهم بالحقّ، حتى لا يخفى عليه من أمرهم شيء، فرعون ملك مصر، وهل هو عَلَم شخص أو عَلَم وصف؟
بمعنى: هل إنّ فرعون اسم للجبّار العنيد الذي بُعِث إليه موسى، أو أنه وصف لكل مَن مَلَك مصر وهو كافر؟
يعني: هل هو علم وصف أو علم شخص؟
من العلماء من يقول: إنه علم شخص يعني: أنه الذي أُرْسِل إليه موسى وهو جبار عنيد يسمى فرعون.
ومنهم مَن قال: إنه علم وصف لكل مَن مَلَك مصر كافراً، كما يقال كسرى لكلّ مَن مَلَك بلاد الفرس، وقيصر لكلّ مَن مَلَك بلاد الرّوم، والنجاشي لكل مَن مَلَك الحبشة ، وما أشبه ذلك والخلاف في هذا ليس بذاك المهم، لكن المهم أن فرعون قصته معروفة.
كان جباراً عنيداً متكبراً، يَدَّعي أنه الرب، ويستهزئ بموسى، وبما جاء به من الآيات، ويتحداه، ويقول له صراحة وجهاً لوجه: (( إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً ))، ويفتخر ويقول لقومه: (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ )) وماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة أن كفر به أخص الناس بكيده وهم السَّحَرة، فإنّ السَّحَرة لمـّا جمعوا كلّ ما عندهم من السحر، وجاءوا لمقابلة موسى عليه الصّلاة والسّلام حيث إنّ موسى أتى بآية تشبه السحر ولكنها ليست بسحر بل هي آية من آيات الله، وهي أنه يضع العصا التي بيده -عصا من خشب-، فإذا وضعها في الأرض صارت حية تسعى، فقال الناس: هذا سحر، فجُمِع السَّحَرة كلّهم أكبرُ السَّحَرة وأحذقهم بالسحر جُمِعُوا في وقت حدَّده موسى، حيث قال له فرعون: (( فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً )) أي: مكاناً مستوياً منبسطاً حتى يشاهد الناس ما يشاهدون من السحر وأعمال السَّحَرة ، فقال لهم: (( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ )): ويوم الزينة يوم عيدهم، ويوم العيد كما تعلمون يكثر فيه تجمع الناس، ويهنئ بعضُهم بعضاً بأعيادهم، فاجتمعوا كما واعدهم موسى يوم الزينة، وحُشِر الناس، ومتى حُشروا؟
لم يُحشروا في الليل، أو في آخر النهار، أو في أول النهار، بل حُشروا ضحى في رابعة النهار.
ولَمَّا حشروا ألقى السَّحَرة كل ما يكيدون من كيد وسحر (( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ))، لأنه شاهد شيئاً عظيماً، فأوحى الله إليه أن يلقيَ العصا، فألقى العصا فإذا هي تلقف ما يأفكون، حينئذ علم السَّحَرة أنّ موسى صادق وأنّه ليس بساحر، لأنّه لو كان ساحراً ما غلبهم بسحره، فآمنوا بالله وكفروا بـفرعون، (( وقَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ))، وتحدّوا فرعون، وفي النّهاية -نهاية فرعون- أغرقه الله عز وجل بالماء الذي كان يفتخر به بالأمس، كان يقول: (( وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ))، والأنهار مياه، فأهلكه الله بجنس ما كان يفتخر به.
أمّا ثمود فإن الله تعالى قد أعطاهم قدرة وقوة، وأترفهم، حتى كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين، ويتّخذون من السّهول قصوراً، وكانت لهم قوة وصرامة، فأُهْلِكوا حين كَذَّبوا نبيهم صالحا صلى الله عليه وسلم أُهْلِكوا برجفة وصيحة، صيح بِهم، وارتجفت بهم الأرض، فهَلَكوا عن آخرهم، (( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )) والعياذ بالله.
فالله عز وجل يقول: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ))، وماذا كان من نبئهم، وفي هذا التنبيه فائدتان:
الفائدة الأولى: تسليةُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتقويتُه، وأن الذي نصر الرسل من قبله سوف ينصره، ولا شكَّ أن هذا يقوِّي العزيمة، ويوجب أن يندفع الإنسان فيما كُلِّف به من تبليغ الرسالة.
والثانية: تهديدُ قريش الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنهم ليسوا أشد قوة من فرعون وثمود، ومع ذلك أهلكهم الله سبحانه وتعالى، فيكون في ذكر هذا فائدتان:
الفائدة الأولى تسلية الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
والفائدة الثانية تهديد قريش الذين كذّبوا الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
ثمّ قال تعالى: (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ )): هذا الإضراب للانتقال من موضوع إلى آخر، والذين كفروا يعني: بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في تكذيب، " في ": للظرفية، كأن هؤلاء منغمسون في التكذيب، والتكذيب محيط بهم من كل جانب، وهذا أبلغ من قوله: (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) في هذا الموضع، و (( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ )) في موضع آخر تكون أبلغ، لأنّ القرآن الكريم قد يأتي بالكلمتين مختلفتين في موضعين، وتكون كلّ واحدة في موضعها أبلغ من الأخرى، إذ أنّ القرآن مشتمل على غاية البلاغة.
(( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ )):
(( وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ )) أي: غالِبُهم ومحيطٌ بهم، ومهما فروا فإن الله تعالى مدركهم لا محالة، فهو محيط بهم علماً وقدرةً وسلطاناً، ولَنْ يُفْلِتوا من الله سبحانه وتعالى إذا أراد بهم سوءاً، كما قال تعالى: (( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ )).
ثم قال تعالى: (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )) وسنتكلم عليها إن شاء الله في اللقاء القادم، لأنه مهم، ونذكر المناسبة بين ختمه لهذه السورة بهاتين الآيتين، وبين ابتدائها بالسماء ذات البروج، وما ذكر فيها من العبر والقصص.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته، إنه على كل شيء قدير .
والآن إلى الأسئلة.
هل الإرادة تكون بمعنى المحبة .؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ هل الإرادة تكون بمعنى المحبة (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ))؟
الشيخ : نعم، إرادة الله سبحانه وتعالى قال العلماء إنّها تنقسم إلى قسمين: إرادة بمعنى: المحبة، وإرادة بمعنى: المشيئة.
فأمّا الإرادة بمعنى المحبة فلا تكون إلا فيما يحبّه الله عزّ وجلّ، مثل قوله تعالى: (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) فيريد بمعنى: يحبّ، وليست بمعنى المشيئة لأنها لو كانت بمعنى المشيئة لتاب الله على كل أحد، لكنها بمعـنى المحبة، فهو يريد أن يتوب علينا، وهذا حثٌّ لنا على التوبة، لأن الله يحب التوابين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَلَّهُ أشَدُّ فرحاً بتوبة عبده من أحدكم بناقته -انتبهوا للتّصوير-كان عليها طعامه وشرابه، وكان في أرض فلاة -ليس حوله أحد- فأضلَّ الناقة، وضاعت فطلبها، فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت، فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقاً في الشجرة، فأخذ بخطامها، وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح )، فقوله تعالى: (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) أي: يحب.
والنّوع الثاني أو القسم الثاني من الإرادة: إرادة كونيّة بمعنى: المشيئة، وهذه لا تتعلق بما يحبه فقط، بل تكون فيما يحبه وفيما لا يحبه، وهي التي بمعنى المشيئة، ومنها هذه الآية: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) أي: لِمَا يشاء، كما قال تعالى في آية أخرى: (( وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )).
وبناءً على ذلك لو قال لنا قائل: هل أراد الله المعاصي للنّاس؟
إن قلت: لا، أخطأت، وإن قلت: نعم، أخطأت، يعني لو قال قائل: هذه المعاصي التي يفعلها الناس من الكفر والفسوق والفجور، هل هي مُرادة لله، وهل أرادها الله؟ ماذا تقولون؟
إن قلت: لا، أخطأت، وإن قلت: نعم، أخطأت. إذن لا بد من التفصيل، تقول: أما بالإرادة الكونية فقد أرادها، ولا يَخْرُج من مُلْكه شيء عن إرادته، لا يخرج في ملكه شيء عن إرادته، وإن أردتَ الإرادةَ الشرعية فإن الله لَمْ يُرِدْ ذلك، لَمْ يُرِدْ من العباد أن يفجروا وأن يكفروا وأن يفسقوا بل هو يريد منهم أن يَصْلُحوا، ولكن حكمته عزّ وجلّ جعلت الناس ينقسمون إلى مؤمن وكافر. نعم؟
فضيلة الشّيخ هل الإرادة تكون بمعنى المحبة (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ))؟
الشيخ : نعم، إرادة الله سبحانه وتعالى قال العلماء إنّها تنقسم إلى قسمين: إرادة بمعنى: المحبة، وإرادة بمعنى: المشيئة.
فأمّا الإرادة بمعنى المحبة فلا تكون إلا فيما يحبّه الله عزّ وجلّ، مثل قوله تعالى: (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) فيريد بمعنى: يحبّ، وليست بمعنى المشيئة لأنها لو كانت بمعنى المشيئة لتاب الله على كل أحد، لكنها بمعـنى المحبة، فهو يريد أن يتوب علينا، وهذا حثٌّ لنا على التوبة، لأن الله يحب التوابين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَلَّهُ أشَدُّ فرحاً بتوبة عبده من أحدكم بناقته -انتبهوا للتّصوير-كان عليها طعامه وشرابه، وكان في أرض فلاة -ليس حوله أحد- فأضلَّ الناقة، وضاعت فطلبها، فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت، فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقاً في الشجرة، فأخذ بخطامها، وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح )، فقوله تعالى: (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) أي: يحب.
والنّوع الثاني أو القسم الثاني من الإرادة: إرادة كونيّة بمعنى: المشيئة، وهذه لا تتعلق بما يحبه فقط، بل تكون فيما يحبه وفيما لا يحبه، وهي التي بمعنى المشيئة، ومنها هذه الآية: (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) أي: لِمَا يشاء، كما قال تعالى في آية أخرى: (( وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )).
وبناءً على ذلك لو قال لنا قائل: هل أراد الله المعاصي للنّاس؟
إن قلت: لا، أخطأت، وإن قلت: نعم، أخطأت، يعني لو قال قائل: هذه المعاصي التي يفعلها الناس من الكفر والفسوق والفجور، هل هي مُرادة لله، وهل أرادها الله؟ ماذا تقولون؟
إن قلت: لا، أخطأت، وإن قلت: نعم، أخطأت. إذن لا بد من التفصيل، تقول: أما بالإرادة الكونية فقد أرادها، ولا يَخْرُج من مُلْكه شيء عن إرادته، لا يخرج في ملكه شيء عن إرادته، وإن أردتَ الإرادةَ الشرعية فإن الله لَمْ يُرِدْ ذلك، لَمْ يُرِدْ من العباد أن يفجروا وأن يكفروا وأن يفسقوا بل هو يريد منهم أن يَصْلُحوا، ولكن حكمته عزّ وجلّ جعلت الناس ينقسمون إلى مؤمن وكافر. نعم؟
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما مات ابنه إبراهيم : " إن له مرضعاً في الجنة ".؟
السائل : جزاك الله خيراً يا شيخ، ثبت في صحيح البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لما توفّي ابنه إبراهيم: ( إنّ له في الجّنة مرضعاً )، فما توجيه الحديث؟
الشيخ : نعم، إبراهيم يعني ابن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وهو من مارية القبطيّة، أي: أنه ولد السُّـرِّيـَّة وليس مِن ولد زوجةٍ، توفي وهو في زمن الرضاع قبل أن يُفْطم وله نحو ستة عشر شهراً، فأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن له مرضعاً في الجنة، يعني أنّ هذا الطّفل في الجنّة، وأنّ له من يرضعه، أمّا كيف ذلك فلا ندري، لأنّ هذا من أمور الغيب، وأمور الغيب علينا أن نؤمن بمعناها، وأن نتوقف عن كيفيتها، ولا نسأل كيف، نؤمن بأن إبراهيم بن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم له مرضع في الجنة، أما كيف ذلك فليس لنا أن نسأل، لأنّنا نعلم أنّ الصّحابة الذين قال فيهم الرّسول هذه المقالة أحرص منّا على العلم، ومع ذلك ما قالوا: كيف يا رسول الله؟ كيف يكون له مرضع في الجنة وقد مات؟
فنحن نقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن إبراهيم له مرضع في الجنة، ولكن لا ندري كيف ذلك، أعرفت؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : بلا تأويل.
الشيخ : أبداً، هكذا نقول.
الشيخ : نعم، إبراهيم يعني ابن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وهو من مارية القبطيّة، أي: أنه ولد السُّـرِّيـَّة وليس مِن ولد زوجةٍ، توفي وهو في زمن الرضاع قبل أن يُفْطم وله نحو ستة عشر شهراً، فأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن له مرضعاً في الجنة، يعني أنّ هذا الطّفل في الجنّة، وأنّ له من يرضعه، أمّا كيف ذلك فلا ندري، لأنّ هذا من أمور الغيب، وأمور الغيب علينا أن نؤمن بمعناها، وأن نتوقف عن كيفيتها، ولا نسأل كيف، نؤمن بأن إبراهيم بن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم له مرضع في الجنة، أما كيف ذلك فليس لنا أن نسأل، لأنّنا نعلم أنّ الصّحابة الذين قال فيهم الرّسول هذه المقالة أحرص منّا على العلم، ومع ذلك ما قالوا: كيف يا رسول الله؟ كيف يكون له مرضع في الجنة وقد مات؟
فنحن نقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن إبراهيم له مرضع في الجنة، ولكن لا ندري كيف ذلك، أعرفت؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : بلا تأويل.
الشيخ : أبداً، هكذا نقول.
3 - ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما مات ابنه إبراهيم : " إن له مرضعاً في الجنة ".؟ أستمع حفظ
رجل لا يستطيع الصلاة في المسجد قائماً خوفا من الناس وتنقلب حروف القرآن سوداء فلا يستطيع أن يقرأبعكس البيت يصلى بشكل عادي فما حكمه.؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : هناك إنسان مريض إذا ذهب إلى المسجد لا يستطيع الصلاة واقفاً، يدخل عليه المرض وكذا، لا يستطيع الصّلاة واقفا يعني: لولا خوفه من الناس لجلس، وإذا قرأ القرآن تنقلب الحروف سوداء، لا يستطيع قراءتها، وإذا خرج وذهب إلى البيت صلَّى بصورة عادية، وقرأ القرآن بصورة عادية، فهل يحق له الصلاة في البيت؟
الشيخ : يعني هو إذا قرأ القرآن ؟
السائل : هو مريض.
الشيخ : فهمت، فهمت، قولك إذا كان في المسجد وقرأ القرآن كانت الحروف سوداء .
السائل : أي، لا يستطيع قراءتها.
الشيخ : يعني هو يقرأ من المصحف؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : وهو يصلي؟
السائل : لا، داخل المسجد قبل الصلاة.
الشيخ : قبل الصّلاة.
السائل : يقرأ قبل الصّلاة فما يستطيع.
الشيخ : مسألة القراءة قبل الصلاة هذه سنة يعني إن تيسرت وإلا يذكر الله بقلبه ولسانه، أو يقرأ ما يحفظه من القرآن بدون مصحف، فهذه ليست بتلك الأهمية، لكن إذا كان الإنسان في بيته يستطيع أن يصلي الفريضة قائماً وإذا ذهب إلى المسجد لا يستطيع القيام، إمّا لتعبه من المشي، أو لخوفه من النّاس، أو لأيّ سبب من الأسباب، فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة: فمنهم من يقول: يصلّي في بيته قائماً، ولا يجوز أن يذهب إلى المسجد ويصلي قاعداً، وعلّلوا هذا بأنّ القيام ركن لا تصحّ الصّلاة إلاّ به، وصلاة الجماعة واجبة، تصحّ الصّلاة بدونها.
ومن العلماء من يقول: بل يجب عليه الذهاب إلى المسجد لأنّه دعي إلى الصلاة، وصلاة الجماعة واجبة عليه، فليذهب إلى الصلاة، ثم إن استطاع أن يصلي قائماً فعل، وإن لم يستطع فإنه يصلّي قاعداً، وهذا القول أصح، لقوله تعالى: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))، وهذا الرجل دعي إلى الصلاة، وسمع النداء، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل: ( أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: أجب ) فليجب، ثم إذا وصل إلى المسجد إن قدر على القيام قام، وإلا صلى جالساً، وهذا القول هو الصحيح، والقيام ليس بركن في حقّه الآن لأنّه ليس بقادر عليه.
السائل : هو يختلف عقليّا داخل الصّلاة.
الشيخ : إذا كان يختلف عقلياً بحيث لا يدري ما يقول فهذا عذر، عذر في ترك الجماعة، فليصلِّ في بيته، نعم.
فضيلة الشّيخ السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : هناك إنسان مريض إذا ذهب إلى المسجد لا يستطيع الصلاة واقفاً، يدخل عليه المرض وكذا، لا يستطيع الصّلاة واقفا يعني: لولا خوفه من الناس لجلس، وإذا قرأ القرآن تنقلب الحروف سوداء، لا يستطيع قراءتها، وإذا خرج وذهب إلى البيت صلَّى بصورة عادية، وقرأ القرآن بصورة عادية، فهل يحق له الصلاة في البيت؟
الشيخ : يعني هو إذا قرأ القرآن ؟
السائل : هو مريض.
الشيخ : فهمت، فهمت، قولك إذا كان في المسجد وقرأ القرآن كانت الحروف سوداء .
السائل : أي، لا يستطيع قراءتها.
الشيخ : يعني هو يقرأ من المصحف؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : وهو يصلي؟
السائل : لا، داخل المسجد قبل الصلاة.
الشيخ : قبل الصّلاة.
السائل : يقرأ قبل الصّلاة فما يستطيع.
الشيخ : مسألة القراءة قبل الصلاة هذه سنة يعني إن تيسرت وإلا يذكر الله بقلبه ولسانه، أو يقرأ ما يحفظه من القرآن بدون مصحف، فهذه ليست بتلك الأهمية، لكن إذا كان الإنسان في بيته يستطيع أن يصلي الفريضة قائماً وإذا ذهب إلى المسجد لا يستطيع القيام، إمّا لتعبه من المشي، أو لخوفه من النّاس، أو لأيّ سبب من الأسباب، فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة: فمنهم من يقول: يصلّي في بيته قائماً، ولا يجوز أن يذهب إلى المسجد ويصلي قاعداً، وعلّلوا هذا بأنّ القيام ركن لا تصحّ الصّلاة إلاّ به، وصلاة الجماعة واجبة، تصحّ الصّلاة بدونها.
ومن العلماء من يقول: بل يجب عليه الذهاب إلى المسجد لأنّه دعي إلى الصلاة، وصلاة الجماعة واجبة عليه، فليذهب إلى الصلاة، ثم إن استطاع أن يصلي قائماً فعل، وإن لم يستطع فإنه يصلّي قاعداً، وهذا القول أصح، لقوله تعالى: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))، وهذا الرجل دعي إلى الصلاة، وسمع النداء، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل: ( أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: أجب ) فليجب، ثم إذا وصل إلى المسجد إن قدر على القيام قام، وإلا صلى جالساً، وهذا القول هو الصحيح، والقيام ليس بركن في حقّه الآن لأنّه ليس بقادر عليه.
السائل : هو يختلف عقليّا داخل الصّلاة.
الشيخ : إذا كان يختلف عقلياً بحيث لا يدري ما يقول فهذا عذر، عذر في ترك الجماعة، فليصلِّ في بيته، نعم.
4 - رجل لا يستطيع الصلاة في المسجد قائماً خوفا من الناس وتنقلب حروف القرآن سوداء فلا يستطيع أن يقرأبعكس البيت يصلى بشكل عادي فما حكمه.؟ أستمع حفظ
ما حكم إنشاد الطلاب النشيد الوطني في طابور الصباح وذكر نص النشيد الوطني السعودي للشيخ .؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ، في بعض المدارس وفي نهاية الطابور الصباحي يقوم الطلاب بإنشاد ما يسمّى بالنشيد الوطني، فما رأيكم في هذا؟
الشيخ : ما هو النشيد الوطني؟
السائل : والله لا أحفظه، لكن لستُ أدري إذا كان أحد الإخوان يحفظه؟
الطالب : سارعي للمجد والعلياء .
السائل : " سارعي للمجدِ والعلياءِ *** مَجِدِّي لخالق السماءِ "
الشيخ : هاه؟ سارعي؟
السائل : للمجد والعلياء.
الشيخ : يخاطب مَن؟ امرأة؟ أو أنه يخاطب نفسه؟ سارعي؟
السائل : للوطن .
الطالب : يخاطب العَلَم .
الشيخ : إذا كان العَلَم فيقال: سارعْ، أليس العَلَم مذكَّراً؟
الطالب : الرّاية.
الشيخ : هاه الرّاية.
السائل : " سارعي للمجدِ والعلياءِ *** مَجِدِّي لخالق السماءِ
وارفعي الخفَّاقَ أخضرْ " .
الشيخ : وارفعي الخفّاق؟
السائل : " وارفعي الخفّاق أخضر *** يحمل النور المسطَّرْ
ردِّدي: الله أكبر يا موطني *** عاش الملك للعَلَم والوطن " ؟
الشيخ : على كل حال أرى أن الذي يجب أن يُسأل عنها هم الذين بيدهم إلغاؤها أو إبقاؤها، وهذه قاعدة أحب أن ينتبه لها من يُستفتَى، يأتي مثلاً بعض الناس ممن هم تحت إدارة معينة، ويكون في هذه الإدارة بعض التجاوزات، وبعض المنكرات، فيأتي أحد الإخوة يسأل عنها، ربما يجيب المجيب .
الشيخ : ما هو النشيد الوطني؟
السائل : والله لا أحفظه، لكن لستُ أدري إذا كان أحد الإخوان يحفظه؟
الطالب : سارعي للمجد والعلياء .
السائل : " سارعي للمجدِ والعلياءِ *** مَجِدِّي لخالق السماءِ "
الشيخ : هاه؟ سارعي؟
السائل : للمجد والعلياء.
الشيخ : يخاطب مَن؟ امرأة؟ أو أنه يخاطب نفسه؟ سارعي؟
السائل : للوطن .
الطالب : يخاطب العَلَم .
الشيخ : إذا كان العَلَم فيقال: سارعْ، أليس العَلَم مذكَّراً؟
الطالب : الرّاية.
الشيخ : هاه الرّاية.
السائل : " سارعي للمجدِ والعلياءِ *** مَجِدِّي لخالق السماءِ
وارفعي الخفَّاقَ أخضرْ " .
الشيخ : وارفعي الخفّاق؟
السائل : " وارفعي الخفّاق أخضر *** يحمل النور المسطَّرْ
ردِّدي: الله أكبر يا موطني *** عاش الملك للعَلَم والوطن " ؟
الشيخ : على كل حال أرى أن الذي يجب أن يُسأل عنها هم الذين بيدهم إلغاؤها أو إبقاؤها، وهذه قاعدة أحب أن ينتبه لها من يُستفتَى، يأتي مثلاً بعض الناس ممن هم تحت إدارة معينة، ويكون في هذه الإدارة بعض التجاوزات، وبعض المنكرات، فيأتي أحد الإخوة يسأل عنها، ربما يجيب المجيب .
اضيفت في - 2005-08-27