سلسلة لقاء الباب المفتوح-044b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
رجل يعمل مؤذناً في مسجد وله أولاد مكلفين يحضرون إلى الصلاة متأخرين وربما يحضرون بعد انتهاء الصلاة مما أدى بعض المصلين للاقتداء بهم ونصحه الإمام ولكن دون جدوى فما هو الحل مع هذا الرجل.؟
السائل : فيه شخص مؤذن في أحد المساجد، وعنده أولاد بالغين مكلفين، فيأتون إلى الصلاة متأخرين بعد أن تنتهي ويسلم الإمام، وذلك في أغلب الأوقات، فناقَش الإمام المؤذن في هذا الموضوع، فقال المؤذن: إن لهم أجر الجماعة حتى وإن لم يدركوا الجماعة الأولى وصلوا مع الجماعة الثانية، المهم أن يأتوا ليصلوا في المسجد ولهم أجر في ذلك، يعني لا تفوتهم السبع والعشرين درجة، وهذا الرّجل كفيف .
الشيخ : المؤذّن ولاّ الإمام؟
السائل : لا، المؤذّن، فحاول الإمام أن يقنع هذا المؤذن أنه لا بد أن يأمرهم بالصلاة ، لأنه بصفتك مؤذناً فأنت قدوة، حيث أن الإمام شاهد أن أغلب المصلين يتأخرون عن الصلاة بحجة أنهم شاهدوا أولاد المؤذن يتأخرون وهم كبار، فلم يجد نتيجة، فهل هذا الإمام له أن يبدي شيئاً من الجفاء سواء للأب أو للأولاد، أو أنه يعني يأخذهم بطريقة ترونها أنتم، جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الجواب على هذا السؤال من شقين:
الشق الأول: أنّه لا يجوز أن نقتدي بمن فرط في الواجب، فتترك الواجب لأنّ فلاناً لا يقوم به، فأنت مسؤول عن نفسك: (( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ))، فلا يجوز للإنسان أن يقول: لستُ بِمُصَلٍّ مع الجماعة لأنّ أولاد المؤذّن لا يصلّون، وليس حجّة عند الله عزّ وجلّ.
كما لا يجوز للإنسان أن يفعل المحرم ويقول فلان يفعله، حتى لو كان طالب علم يفعل هذا المحرم، فلا يجوز للإنسان أن يفعله لأن هذا يفعله، أنت مسؤول عن نفسك، ومسؤول عمّا أجبت به المرسلين: (( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ )).
أمّا بالنسبة للمؤذن وهو الشّقّ الثّاني:
فالواجب عليه أن يأمر أولاده، وأن يضربهم عليها إذا بلغوا العشر سنين، حتى يؤدوا الصلاة مع الجماعة، ولا حرج عليه في هذه الحال أنه إذا أذَّن ذهب وأيقظهم وأحضرهم إلى المسجد، لأن الخروج هنا لعذر، وهو سيرجع ويصلي في المسجد.
وأمّا بالنّسبة للإمام فأوّلاً: لا ينبغي أن يناقش المؤذّن أمام النّاس، لكن يناقشه سرًّا فيما بينه وبينه، فإذا ادَّعى المؤذّن أنه لا يستطيع إحضارَهم إلى المسجد فهناك جهات مسؤولة يمكن أن تحضرهم، كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحضرهم إلزامًا، لأنّ هؤلاء ممّن تلزمهم صلاة الجماعة.
وأمّا قول المؤذّن إنّهم إذا صلّوا في المسجد ولو بعد الجماعة الأولى فإنّ لهم أجر سبعِ وعشرين درجة فهذا ليس بصحيح، فأجر سبعٍ وعشرين درجة تكون في الجماعة الأولى فقط، أما الثانية فلا شك أن الصلاة في جماعة أفضل من الصلاة على وجه الانفراد، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في رجل دخل وقد فاتته الصّلاة: ( من يتصدق على هذا فيصلّي معه؟ فقام أحد القوم فصلّى معه )، ولأنّه عليه الصّلاة والسّلام قال: ( صلاة الرّجل مع الرّجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرّجلين أزكى من صلاته مع الرّجل، وما كان أكثر فهو أحبّ إلى الله )، لكن كون الثانية تنال أجر الجماعة الأولى فهذا ليس بصحيح، وإلاّ لكان كل أُناس يذهبون إلى المسجد متى شاؤوا، ويصلّون جماعة ويقولون أخذنا أجر سبع وعشرين درجة، وهذا لا أعلم أحدًا قال به، أي أنّ الصّلاة الثّانية كالصّلاة الأولى في الحصول على أجر سبع وعشرين درجة، نعم.
الشيخ : المؤذّن ولاّ الإمام؟
السائل : لا، المؤذّن، فحاول الإمام أن يقنع هذا المؤذن أنه لا بد أن يأمرهم بالصلاة ، لأنه بصفتك مؤذناً فأنت قدوة، حيث أن الإمام شاهد أن أغلب المصلين يتأخرون عن الصلاة بحجة أنهم شاهدوا أولاد المؤذن يتأخرون وهم كبار، فلم يجد نتيجة، فهل هذا الإمام له أن يبدي شيئاً من الجفاء سواء للأب أو للأولاد، أو أنه يعني يأخذهم بطريقة ترونها أنتم، جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الجواب على هذا السؤال من شقين:
الشق الأول: أنّه لا يجوز أن نقتدي بمن فرط في الواجب، فتترك الواجب لأنّ فلاناً لا يقوم به، فأنت مسؤول عن نفسك: (( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ))، فلا يجوز للإنسان أن يقول: لستُ بِمُصَلٍّ مع الجماعة لأنّ أولاد المؤذّن لا يصلّون، وليس حجّة عند الله عزّ وجلّ.
كما لا يجوز للإنسان أن يفعل المحرم ويقول فلان يفعله، حتى لو كان طالب علم يفعل هذا المحرم، فلا يجوز للإنسان أن يفعله لأن هذا يفعله، أنت مسؤول عن نفسك، ومسؤول عمّا أجبت به المرسلين: (( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ )).
أمّا بالنسبة للمؤذن وهو الشّقّ الثّاني:
فالواجب عليه أن يأمر أولاده، وأن يضربهم عليها إذا بلغوا العشر سنين، حتى يؤدوا الصلاة مع الجماعة، ولا حرج عليه في هذه الحال أنه إذا أذَّن ذهب وأيقظهم وأحضرهم إلى المسجد، لأن الخروج هنا لعذر، وهو سيرجع ويصلي في المسجد.
وأمّا بالنّسبة للإمام فأوّلاً: لا ينبغي أن يناقش المؤذّن أمام النّاس، لكن يناقشه سرًّا فيما بينه وبينه، فإذا ادَّعى المؤذّن أنه لا يستطيع إحضارَهم إلى المسجد فهناك جهات مسؤولة يمكن أن تحضرهم، كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحضرهم إلزامًا، لأنّ هؤلاء ممّن تلزمهم صلاة الجماعة.
وأمّا قول المؤذّن إنّهم إذا صلّوا في المسجد ولو بعد الجماعة الأولى فإنّ لهم أجر سبعِ وعشرين درجة فهذا ليس بصحيح، فأجر سبعٍ وعشرين درجة تكون في الجماعة الأولى فقط، أما الثانية فلا شك أن الصلاة في جماعة أفضل من الصلاة على وجه الانفراد، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في رجل دخل وقد فاتته الصّلاة: ( من يتصدق على هذا فيصلّي معه؟ فقام أحد القوم فصلّى معه )، ولأنّه عليه الصّلاة والسّلام قال: ( صلاة الرّجل مع الرّجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرّجلين أزكى من صلاته مع الرّجل، وما كان أكثر فهو أحبّ إلى الله )، لكن كون الثانية تنال أجر الجماعة الأولى فهذا ليس بصحيح، وإلاّ لكان كل أُناس يذهبون إلى المسجد متى شاؤوا، ويصلّون جماعة ويقولون أخذنا أجر سبع وعشرين درجة، وهذا لا أعلم أحدًا قال به، أي أنّ الصّلاة الثّانية كالصّلاة الأولى في الحصول على أجر سبع وعشرين درجة، نعم.
1 - رجل يعمل مؤذناً في مسجد وله أولاد مكلفين يحضرون إلى الصلاة متأخرين وربما يحضرون بعد انتهاء الصلاة مما أدى بعض المصلين للاقتداء بهم ونصحه الإمام ولكن دون جدوى فما هو الحل مع هذا الرجل.؟ أستمع حفظ
ما حكم شراء الشركات للغير بيتا أو سيارة ثم تقسط المبلغ لعدة سنوات مع زيادة السعر.؟
السائل : عفا الله عنكم يا شيخ، الآن يوجد بعض الشركات تقول لأي شخص: من أراد بيتاً أو سيارةً في أي مكان يأتي ويخبرنا بهذه السيارة أو بهذا البيت فنشتريه له، ثم نقسط عليه ثمن هذا البيت أقساطاً، وفي نفس الوقت لا يلزمونه بأخذ ما أراد شراءه إن هم شروه، فهو بالخيار، إن أراد أن يشتري أو أراد أن يرجع في كلامه، فما حكم هذا البيع؟ جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : هذه المعاملة فشت في الناس كثيراً، وهي في الحقيقة من الناحية الشرعية غير جائزة، ومن الناحية الاقتصادية ضارّة:
أمّا من النّاحية الشّرعيّة فمن المعلوم أنك لو أتيتَ إليّ وقلت أريد أن أشتري السيارة الفلانية بخمسين ألف ريال، فأعطني خمسين ألف ريال، وأعطيك بعد سنة ستين ألف ريال، فهل هذه المسألة جائزة، أو غير جائزة؟
الطالب : غير جائزة.
الشيخ : غير جائزة ولا إشكال في ذلك.
شراء التّاجر أو الشّركة لهذه السيارة ليس إلاّ من أجل الوصول إلى هذه العشرة التي كانت في الأول غير جائزة والآن صارت بهذه الحيلة جائزة فلا يمكن هذا، المحرم محرم، ولا يزيد بالتحيّل عليه إلاّ قبحًا، فهذه بمنزلة أن أقول خذ خمسين ألف ريال واشترِ السيارة التي تريد، وبعد سنة أعطني ستين ألف ريال، لا فرق تماماً، إلاّ أنّ هذه الصّورة التي ذكرت أن يشتروها من المعرض ثم يبيعها عليك هي حيلة فقط، لولاك ما اشتراها، ولا فكَّر في شرائها، ولو يعلم أنّك ستتأخّر عن الشّراء إذا اشتراها ما اشتراها لك قطعاً، لو يعلم ما أعطاك إيّاها، ولهذا تجده يحتاط لنفسه، فيذهب ليستطلع البيت وينظر هل يساوي هذا البيتُ الثمنَ أم لا يساويه، والسيارة كذلك، فهو يحتاط احتياطاً تاماً، ثمّ إذا قُدّر أنه اشتراه وتراجعت أنت عنه كتبك في القائمة السّوداء، فلا يعاملك بعد هذا أبداً، ثم إن كلمة: إذا شاء ردّه وقبلنا، هذه كلمة كذرّ الرماد في العيون كما يقولون، لأنّك لا تفكّر أنّ هذا الرّجل الذي أراد هذه السّيّارة أو أراد هذا البيت أو هذه الأرض، واستعد للزيادة، لا تظن أنه يتراجع، فالرجل له غرض في هذا، ولا بد أن يشتري، ولو أنك أَحصيت من تراجع، ما وجدتَ واحداً في الألف، لذلك نرى أنّ هذه المعاملة حرام، وأنّها حيلة على الرّبا بِشراءٍ صوريّ ليس بمقصود.
وإذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرّم التورُّق، وغيره من العلماء، ورواية عن الإمام أحمد، والتورّق العين موجودة عند البائع، فهذا أخبث وأشد.
وإذا كان بنو إسرائيل لما حُرِّمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل الشحم لكن نذيب الشحم، ونبيعه ونأكل ثمنه، أيهما أقرب للمحرم: هذه الحيلة، أو الحيلة التي ذكرت؟
الحيلة التي ذكرت أقرب، لأنها تصل إلى المحرم في أول درجة، هذه لا تصل إلى المحرّم إلا بعد ثلاث درجات، ومع ذلك قال الرّسول عليه الصلاة والسلام: ( قاتل الله اليهود، لَمَّا حُرِّمت عليهم الشحوم جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه )، فهذه والله حيلة على المحرم، وليس عندي إشكال في تحريمها، والإنسان الناصح لنفسه يبتعد عنها، وإن أفتاه الناس وأفتَوه، والعبرة بالمقاصد لا بالصّور، والتّاجر ما قصد من الربح إلا الربا، ولا قصد بشراء السيارة إلا الربا، نعم لو كانت السيارة عنده موجودة، وباعها عليك بأكثر من ثمنها حاضرًا، وأنت تريد السيارة نفسها، أو تريد أن تتكسّب بها، فتشتريها من هذه البلاد وتبيعها في البلاد الأخرى للتتكسب بها، فهذا ليس فيه إشكال، وجائز، فإن اشتريتها من عنده وهي عندَه، وتريد أن تبيعها وتأخذ ثمنها فهذه هي مسألة التورُّق، وفيها خلاف بين العلماء، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها حرام، وهي رواية عن الإمام أحمد.
ولو قال قائل: إنّ الربا الصريح أهون من المعاملة التي ذكرت، لم يكن قوله بعيداً عن الصواب، لأنّ هذه جمعت بين الحيلة والتّحايل على الله عز وجل وبين الربا، فمفسدة الربا موجودة، وهي الزيادة التي أخذها هذا التاجر، فنسأل الله الهداية.
الحقيقة أن الإنسان إذا رأى هذه المعاملات، ورأى معاملة البنوك، ورأى معاملة الميسر التي بدأت الآن تكثر كالتأمين وما أشبه ذلك، يخشى والله من العقوبة، فإذا كان بنو إسرائيل يعذَّبون بأقل من هذا، فإننا نخشى، لمـَّا حُرِّم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل، فصارت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعاً على الماء، وغير يوم السبت لا يرون الحيتان، فتحيّلوا فنصبوا شبكًا يوم الجمعة، وأخذوا الحيتان يوم الأحد، وقالوا لم نصد يوم السبت، الصورة صحيح أنّهم ما صادوا، لكن في الحقيقة أنهم صادوا، فالعبرة يا إخواني بحقائق الأمور لا بصورها، فنحن نخشى من عقوبة تحلّ بنا بواسطة هذه الأمور، فلو كنّا نبيع ونشتري على حسب الشّرع، ومبتعدين عن الحِيَل، وخِداع رب العالمين لكان هذا أنفع لنا وأبرك لنا.
وأمّا من الناحية الاقتصاديّة، -يعني تبيّن لنا من النّاحية الشّرعيّة أنّها لا تجوز-، من النّاحية الاقتصاديّة فإنها الآن فتحت للفقراء باب التكالب على الدّيون لهذا السّبب، فصار يهون عليهم أن يشتري أحدهم السيارة بسبعين ألفاً، نعم لأنه سيذهب إلى التاجر ويأخذها بكل سهولة، لكن لو لم تكن هذه الطريقة لذهب ليشتري بعشرين ألف، بستة عشر ألف على قدر حاجته، وعلى قدر ما عنده، فهذه المعاملة أثقلت كواهل كثير من الناس، وجرَّأتهم على التَدَاين من النّاس، وإذا مات وُجِد عليه مئات الألوف، وكلّها بهذا السبب، لهذا فنحن نحذّر منها اقتصاديّاً وشرعيّاً ونقول: ( ومَن يستغنِ يُغْنِهِ الله )، ( ومَن تَرَكَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ).
السائل : ولكن الناس لا يدرون شيئاً عن هذا؟
الشيخ : والله يا أخي نحن لنا فتوى في هذا، كتبنا فيه فتوى.
السائل : المشكلة أن بعض هذه الشركات تدَّعي أن عندها لجنة شرعية، وأن هذه اللجنة الشرعية أفتت بجواز هذا يا شيخ.
الشيخ : على كلّ حال الذي يلزمنا نحن البيان، وقد بيَّنا الآن، فمن سمع هذا الكلام فإن اقتنع به ورأى أنّ الحيلة لا تجعل الحرام حلالا فليحمد الله على الهداية ويترك هذا، ومن لم يقتنع فلكلٍّ درجاتٌ مما عملوا.
الشيخ : هذه المعاملة فشت في الناس كثيراً، وهي في الحقيقة من الناحية الشرعية غير جائزة، ومن الناحية الاقتصادية ضارّة:
أمّا من النّاحية الشّرعيّة فمن المعلوم أنك لو أتيتَ إليّ وقلت أريد أن أشتري السيارة الفلانية بخمسين ألف ريال، فأعطني خمسين ألف ريال، وأعطيك بعد سنة ستين ألف ريال، فهل هذه المسألة جائزة، أو غير جائزة؟
الطالب : غير جائزة.
الشيخ : غير جائزة ولا إشكال في ذلك.
شراء التّاجر أو الشّركة لهذه السيارة ليس إلاّ من أجل الوصول إلى هذه العشرة التي كانت في الأول غير جائزة والآن صارت بهذه الحيلة جائزة فلا يمكن هذا، المحرم محرم، ولا يزيد بالتحيّل عليه إلاّ قبحًا، فهذه بمنزلة أن أقول خذ خمسين ألف ريال واشترِ السيارة التي تريد، وبعد سنة أعطني ستين ألف ريال، لا فرق تماماً، إلاّ أنّ هذه الصّورة التي ذكرت أن يشتروها من المعرض ثم يبيعها عليك هي حيلة فقط، لولاك ما اشتراها، ولا فكَّر في شرائها، ولو يعلم أنّك ستتأخّر عن الشّراء إذا اشتراها ما اشتراها لك قطعاً، لو يعلم ما أعطاك إيّاها، ولهذا تجده يحتاط لنفسه، فيذهب ليستطلع البيت وينظر هل يساوي هذا البيتُ الثمنَ أم لا يساويه، والسيارة كذلك، فهو يحتاط احتياطاً تاماً، ثمّ إذا قُدّر أنه اشتراه وتراجعت أنت عنه كتبك في القائمة السّوداء، فلا يعاملك بعد هذا أبداً، ثم إن كلمة: إذا شاء ردّه وقبلنا، هذه كلمة كذرّ الرماد في العيون كما يقولون، لأنّك لا تفكّر أنّ هذا الرّجل الذي أراد هذه السّيّارة أو أراد هذا البيت أو هذه الأرض، واستعد للزيادة، لا تظن أنه يتراجع، فالرجل له غرض في هذا، ولا بد أن يشتري، ولو أنك أَحصيت من تراجع، ما وجدتَ واحداً في الألف، لذلك نرى أنّ هذه المعاملة حرام، وأنّها حيلة على الرّبا بِشراءٍ صوريّ ليس بمقصود.
وإذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرّم التورُّق، وغيره من العلماء، ورواية عن الإمام أحمد، والتورّق العين موجودة عند البائع، فهذا أخبث وأشد.
وإذا كان بنو إسرائيل لما حُرِّمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل الشحم لكن نذيب الشحم، ونبيعه ونأكل ثمنه، أيهما أقرب للمحرم: هذه الحيلة، أو الحيلة التي ذكرت؟
الحيلة التي ذكرت أقرب، لأنها تصل إلى المحرم في أول درجة، هذه لا تصل إلى المحرّم إلا بعد ثلاث درجات، ومع ذلك قال الرّسول عليه الصلاة والسلام: ( قاتل الله اليهود، لَمَّا حُرِّمت عليهم الشحوم جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه )، فهذه والله حيلة على المحرم، وليس عندي إشكال في تحريمها، والإنسان الناصح لنفسه يبتعد عنها، وإن أفتاه الناس وأفتَوه، والعبرة بالمقاصد لا بالصّور، والتّاجر ما قصد من الربح إلا الربا، ولا قصد بشراء السيارة إلا الربا، نعم لو كانت السيارة عنده موجودة، وباعها عليك بأكثر من ثمنها حاضرًا، وأنت تريد السيارة نفسها، أو تريد أن تتكسّب بها، فتشتريها من هذه البلاد وتبيعها في البلاد الأخرى للتتكسب بها، فهذا ليس فيه إشكال، وجائز، فإن اشتريتها من عنده وهي عندَه، وتريد أن تبيعها وتأخذ ثمنها فهذه هي مسألة التورُّق، وفيها خلاف بين العلماء، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها حرام، وهي رواية عن الإمام أحمد.
ولو قال قائل: إنّ الربا الصريح أهون من المعاملة التي ذكرت، لم يكن قوله بعيداً عن الصواب، لأنّ هذه جمعت بين الحيلة والتّحايل على الله عز وجل وبين الربا، فمفسدة الربا موجودة، وهي الزيادة التي أخذها هذا التاجر، فنسأل الله الهداية.
الحقيقة أن الإنسان إذا رأى هذه المعاملات، ورأى معاملة البنوك، ورأى معاملة الميسر التي بدأت الآن تكثر كالتأمين وما أشبه ذلك، يخشى والله من العقوبة، فإذا كان بنو إسرائيل يعذَّبون بأقل من هذا، فإننا نخشى، لمـَّا حُرِّم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل، فصارت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعاً على الماء، وغير يوم السبت لا يرون الحيتان، فتحيّلوا فنصبوا شبكًا يوم الجمعة، وأخذوا الحيتان يوم الأحد، وقالوا لم نصد يوم السبت، الصورة صحيح أنّهم ما صادوا، لكن في الحقيقة أنهم صادوا، فالعبرة يا إخواني بحقائق الأمور لا بصورها، فنحن نخشى من عقوبة تحلّ بنا بواسطة هذه الأمور، فلو كنّا نبيع ونشتري على حسب الشّرع، ومبتعدين عن الحِيَل، وخِداع رب العالمين لكان هذا أنفع لنا وأبرك لنا.
وأمّا من الناحية الاقتصاديّة، -يعني تبيّن لنا من النّاحية الشّرعيّة أنّها لا تجوز-، من النّاحية الاقتصاديّة فإنها الآن فتحت للفقراء باب التكالب على الدّيون لهذا السّبب، فصار يهون عليهم أن يشتري أحدهم السيارة بسبعين ألفاً، نعم لأنه سيذهب إلى التاجر ويأخذها بكل سهولة، لكن لو لم تكن هذه الطريقة لذهب ليشتري بعشرين ألف، بستة عشر ألف على قدر حاجته، وعلى قدر ما عنده، فهذه المعاملة أثقلت كواهل كثير من الناس، وجرَّأتهم على التَدَاين من النّاس، وإذا مات وُجِد عليه مئات الألوف، وكلّها بهذا السبب، لهذا فنحن نحذّر منها اقتصاديّاً وشرعيّاً ونقول: ( ومَن يستغنِ يُغْنِهِ الله )، ( ومَن تَرَكَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ).
السائل : ولكن الناس لا يدرون شيئاً عن هذا؟
الشيخ : والله يا أخي نحن لنا فتوى في هذا، كتبنا فيه فتوى.
السائل : المشكلة أن بعض هذه الشركات تدَّعي أن عندها لجنة شرعية، وأن هذه اللجنة الشرعية أفتت بجواز هذا يا شيخ.
الشيخ : على كلّ حال الذي يلزمنا نحن البيان، وقد بيَّنا الآن، فمن سمع هذا الكلام فإن اقتنع به ورأى أنّ الحيلة لا تجعل الحرام حلالا فليحمد الله على الهداية ويترك هذا، ومن لم يقتنع فلكلٍّ درجاتٌ مما عملوا.
ما حكم شراء السيارة بالتقسيط (مسألة التورق ).؟
السائل : جماعة يشترون السّيّارات لبيعها بالتّقسيط.
الشيخ : نعم؟
السائل : بعضهم الآن صاروا يشتركون ثلاثة أو أربعة ويشترون سيّارة من أجل أن يقسّطوها، يشتريها ثم يقسطها ؟
الشيخ : لا بأس، بشرط ألاّ تكون من مسألة التورُّق، يعني مثلا الآن -انتبه- إذا اشتريت سيارة بالتقسيط فلها ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن أشتريها بالتقسيط لأكدَّها، سواء كان للأجرة أو لحاجاتي، فهذه جائزة، ولا خلاف فيها.
ثانيا: أشتريها لأتكسّب بها لا لدفع حاجتي، أنا لست محتاجاً لكن اشتريتها من هذا البلد لأبيعها في بلد آخر بزيادة، فهذه أيضاً ليس فيها شيء.
الصّورة الثالثة: اشتريتها لحاجتي إلى الدراهم لكن ما وجدت أحدًا يقرضني، فلجأتُ إلى هذه الطريقة، فهذه يسميها العلماء مسألة التورُّق، وفيها الخلاف الذي ذكرتُه لكم، نعم.
الشيخ : نعم؟
السائل : بعضهم الآن صاروا يشتركون ثلاثة أو أربعة ويشترون سيّارة من أجل أن يقسّطوها، يشتريها ثم يقسطها ؟
الشيخ : لا بأس، بشرط ألاّ تكون من مسألة التورُّق، يعني مثلا الآن -انتبه- إذا اشتريت سيارة بالتقسيط فلها ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن أشتريها بالتقسيط لأكدَّها، سواء كان للأجرة أو لحاجاتي، فهذه جائزة، ولا خلاف فيها.
ثانيا: أشتريها لأتكسّب بها لا لدفع حاجتي، أنا لست محتاجاً لكن اشتريتها من هذا البلد لأبيعها في بلد آخر بزيادة، فهذه أيضاً ليس فيها شيء.
الصّورة الثالثة: اشتريتها لحاجتي إلى الدراهم لكن ما وجدت أحدًا يقرضني، فلجأتُ إلى هذه الطريقة، فهذه يسميها العلماء مسألة التورُّق، وفيها الخلاف الذي ذكرتُه لكم، نعم.
ما المراد بالتخفيف في ركعتي الفجر.؟
الشيخ : نعم؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
ورد يا فضيلة الشيخ أفضلية تخفيف ركعتي الفجر، فهل المراد بالتخفيف هو السرعة فيهما وأداء أدنى الكمال من ناحية التسبيح، وبالنّسبة لو أذّن لصلاة الفجر وأنا في قنوت الوتر فهل أعتبر قد أدركت الوتر؟
الشيخ : نعم، سنّة الفجر السّنّة فيها التّخفيف، فيقرأ الإنسان في الركعة الأولى: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) وفي الثانية: (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) أو يقرأ في الأولى: (( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا )) الآية في سورة البقرة، وفي الثانية: (( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ )) الآية في آل عمران.
وفي الرّكوع يخفّف أيضاً، فيقتصر على أدنى الكمال، ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وفي السجود كذلك، وفي التّشهّد أيضاً لا يطيله، هذه سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ولهذا نقول لو أنّ الإنسان خرج من بيته إلى المسجد ولم يصلِّ الراتبة في البيت، فإن الأفضل إذا وصل المسجد أن يصلي سنة الفجر مع التّخفيف، وتجزئ عن تحيّة المسجد، يعني أفضل من أن يصلّي تحيّة المسجد أولاً ثم السنة ثانيًا، لأنّ تخفيف الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فيما ثبت استحبابه في هذا الوقت يدلّ على أنّه لا ينبغي أن يزاد في هذا الوقت على قدر المستحب، وهنا إذا صلى سنة الفجر عند دخول المسجد أجزأت عن تحية المسجد، فالأفضل أن يقتصر على الركعتين بنية الراتبة، وتجزؤه عن تحيّة المسجد، هذا بالنسبة للسؤال الأول، السّؤال الثّاني؟
السائل : إذا أذن الفجر!
الشيخ : إذا أذَّن وأنت في الوتر فأكمِل الوتر، وتكونُ مدركاً له، أولاً: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ).
وثانياً: أنّ غالب المؤذّنين في الفجر يؤذّنون قبل الوقت، لأنّه ثبت عندنا من طريق الحساب المضبوط من بعض الإخوة الذين لهم شأن في الفلك أنّ التّقويم الموجود فيه تقديم بخمس دقائق على الوقت، ومعنى هذا أن الإنسان في حِلّ إلى ما بعد خمس دقائق حسب التقويم الموجود، هذا في الفجر فقط، أمّا بقيّة الأوقات فلم يظهروا لنا اختلافًا.
على أنّ بعض الإخوة يبالغ في مسألة الفجر، فيقول إنّ الفجر لا يخرج إلا بعد التّوقيت الموجود بثلث ساعة أو ربع ساعة، لكن هذه الظّاهر أنّ فيها شيء من المبالغة، إنّما خمس دقائق، ونحن قد قال لنا إخوة يعني عندهم علم بالفلك بأنّ خمس دقائق محقّقة في التقديم، ولهذا ينبغي لك إذا أذّن وأنت في البيت ألاّ تتعجّل في ركعتي الفجر إذا عرفت أنه يؤذن على التقويم.
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
ورد يا فضيلة الشيخ أفضلية تخفيف ركعتي الفجر، فهل المراد بالتخفيف هو السرعة فيهما وأداء أدنى الكمال من ناحية التسبيح، وبالنّسبة لو أذّن لصلاة الفجر وأنا في قنوت الوتر فهل أعتبر قد أدركت الوتر؟
الشيخ : نعم، سنّة الفجر السّنّة فيها التّخفيف، فيقرأ الإنسان في الركعة الأولى: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) وفي الثانية: (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) أو يقرأ في الأولى: (( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا )) الآية في سورة البقرة، وفي الثانية: (( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ )) الآية في آل عمران.
وفي الرّكوع يخفّف أيضاً، فيقتصر على أدنى الكمال، ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وفي السجود كذلك، وفي التّشهّد أيضاً لا يطيله، هذه سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ولهذا نقول لو أنّ الإنسان خرج من بيته إلى المسجد ولم يصلِّ الراتبة في البيت، فإن الأفضل إذا وصل المسجد أن يصلي سنة الفجر مع التّخفيف، وتجزئ عن تحيّة المسجد، يعني أفضل من أن يصلّي تحيّة المسجد أولاً ثم السنة ثانيًا، لأنّ تخفيف الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فيما ثبت استحبابه في هذا الوقت يدلّ على أنّه لا ينبغي أن يزاد في هذا الوقت على قدر المستحب، وهنا إذا صلى سنة الفجر عند دخول المسجد أجزأت عن تحية المسجد، فالأفضل أن يقتصر على الركعتين بنية الراتبة، وتجزؤه عن تحيّة المسجد، هذا بالنسبة للسؤال الأول، السّؤال الثّاني؟
السائل : إذا أذن الفجر!
الشيخ : إذا أذَّن وأنت في الوتر فأكمِل الوتر، وتكونُ مدركاً له، أولاً: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ).
وثانياً: أنّ غالب المؤذّنين في الفجر يؤذّنون قبل الوقت، لأنّه ثبت عندنا من طريق الحساب المضبوط من بعض الإخوة الذين لهم شأن في الفلك أنّ التّقويم الموجود فيه تقديم بخمس دقائق على الوقت، ومعنى هذا أن الإنسان في حِلّ إلى ما بعد خمس دقائق حسب التقويم الموجود، هذا في الفجر فقط، أمّا بقيّة الأوقات فلم يظهروا لنا اختلافًا.
على أنّ بعض الإخوة يبالغ في مسألة الفجر، فيقول إنّ الفجر لا يخرج إلا بعد التّوقيت الموجود بثلث ساعة أو ربع ساعة، لكن هذه الظّاهر أنّ فيها شيء من المبالغة، إنّما خمس دقائق، ونحن قد قال لنا إخوة يعني عندهم علم بالفلك بأنّ خمس دقائق محقّقة في التقديم، ولهذا ينبغي لك إذا أذّن وأنت في البيت ألاّ تتعجّل في ركعتي الفجر إذا عرفت أنه يؤذن على التقويم.
وإذا أذن المؤذن للفجر وأنا في قنوت الوتر فهل أدركت الوتر.؟
الشيخ : هذا بالنسبة للسؤال الأول، السّؤال الثّاني؟
السائل : إذا أذّن؟
الشيخ : إذا أذَّن وأنت في الوتر فأكمِل الوتر، وتكون مدركًا له، أولاً: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ).
وثانيًا: أنّ غالب المؤذّنين في الفجر يؤذّنون قبل الوقت، لأنّه ثبت عندنا من طريق الحساب المضبوط من بعض الإخوة الذين لهم شأن في الفلك أنّ التّقويم الموجود فيه تقديم بخمس دقائق على الوقت، ومعنى هذا أنّ الإنسان في حِلّ إلى ما بعد خمس دقائق حسب التّقويم الموجود، هذا في الفجر فقط، أمّا بقيّة الأوقات فلم يظهروا لنا اختلافا.
على أنّ بعض الإخوة يبالغ في مسألة الفجر، فيقول إنّ الفجر لا يخرج إلا بعد التّوقيت الموجود بثلث ساعة أو ربع ساعة، لكن هذه الظّاهر أنّ فيها شيء من المبالغة، إنّما خمس دقائق فقد قال لنا إخوة يعني عندهم علم بالفلك بأنّ خمس دقائق محقّقة في التّقديم، ولهذا ينبغي لك إذا أذّن وأنت في البيت ألاّ تتعجّل في ركعتي الفجر إذا عرفت أنّه يؤذّن على التّقويم.
السائل : قولكم: تجزئ عنه، ما معنى تجزئ؟
الشيخ : إذا قال: تجزئ عن تحيّة المسجد يعني لا يطالب بها لأنّ المقصود أن يصلّي ركعتين عند دخول المسجد وقد حصل.
السائل : نعم.
السائل : إذا أذّن؟
الشيخ : إذا أذَّن وأنت في الوتر فأكمِل الوتر، وتكون مدركًا له، أولاً: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ).
وثانيًا: أنّ غالب المؤذّنين في الفجر يؤذّنون قبل الوقت، لأنّه ثبت عندنا من طريق الحساب المضبوط من بعض الإخوة الذين لهم شأن في الفلك أنّ التّقويم الموجود فيه تقديم بخمس دقائق على الوقت، ومعنى هذا أنّ الإنسان في حِلّ إلى ما بعد خمس دقائق حسب التّقويم الموجود، هذا في الفجر فقط، أمّا بقيّة الأوقات فلم يظهروا لنا اختلافا.
على أنّ بعض الإخوة يبالغ في مسألة الفجر، فيقول إنّ الفجر لا يخرج إلا بعد التّوقيت الموجود بثلث ساعة أو ربع ساعة، لكن هذه الظّاهر أنّ فيها شيء من المبالغة، إنّما خمس دقائق فقد قال لنا إخوة يعني عندهم علم بالفلك بأنّ خمس دقائق محقّقة في التّقديم، ولهذا ينبغي لك إذا أذّن وأنت في البيت ألاّ تتعجّل في ركعتي الفجر إذا عرفت أنّه يؤذّن على التّقويم.
السائل : قولكم: تجزئ عنه، ما معنى تجزئ؟
الشيخ : إذا قال: تجزئ عن تحيّة المسجد يعني لا يطالب بها لأنّ المقصود أن يصلّي ركعتين عند دخول المسجد وقد حصل.
السائل : نعم.
كيف نجمع بين الحديث : " من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "هل التصديق يستمر وهل هذا يعارض " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعون يوماً ".؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخ كيف نجمع بين الحديثين: ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء -فصدّقه- لم تقبل له صلاة أربعين يوما )، وكذلك حديث: ( من أتى عرّافا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم )، السّؤال هل التّصديق يستمرّ مع الشّخص أو ينقطع بحيث أنّه صدّقه في هذه اللّحظة لكن استمراريّة التّصديق، يعني سأله شخص فدلّه وهكذا؟
الشيخ : أمّا لفظ الحديث الأوّل فليس فيه فصدّقه، ( من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ) وليس التّصديق، أمّا الثاني ففيه التّصديق ووجه كفره بما أنزل على محمّد، أنّه إذا استقرّ في نفسه أنّ هذا صادق وهو أمر غيبيّ مستقبل فإنّ ذلك يتضمّن الكفر بقوله تعالى: (( قل لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلاّ الله ))، والتّصديق يكفي أن يصدّقه في أوّل الأمر، وليس معناه أنّه ينتظر حتى يصدّقه الواقع أو لا يصدّقه، لأنّه إذا انتظر وقال سأرى هل يقع ما قال أو لا يقع فهذا لم يصدّقه في الواقع، لكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، فالتّصديق أن يطمئنّ إلى قوله ويرى أنّه حقّ وأنّه واقع، أمّا الذي يقول أنا أجرّب فهذا ما صدّق.
كذلك لو أتى كاهنا أو عرّافا فسأله ليظهر كذبه فإنّ هذا لا بأس به فقد سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ابن صيّاد الذي يدّعي أنّه يأتيه من يأتيه، سأله عن شيء أضمره له، أضمر له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام الدّخان فسأله فقال الذي في نفسه هو الدّخّ ولم يتمكّن من الوصول إلى التّلفّظ به كاملا، فقال له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( اخسأ فلن تعدو قدرك )، إلى هنا انتهى الوقت.
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخ كيف نجمع بين الحديثين: ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء -فصدّقه- لم تقبل له صلاة أربعين يوما )، وكذلك حديث: ( من أتى عرّافا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم )، السّؤال هل التّصديق يستمرّ مع الشّخص أو ينقطع بحيث أنّه صدّقه في هذه اللّحظة لكن استمراريّة التّصديق، يعني سأله شخص فدلّه وهكذا؟
الشيخ : أمّا لفظ الحديث الأوّل فليس فيه فصدّقه، ( من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ) وليس التّصديق، أمّا الثاني ففيه التّصديق ووجه كفره بما أنزل على محمّد، أنّه إذا استقرّ في نفسه أنّ هذا صادق وهو أمر غيبيّ مستقبل فإنّ ذلك يتضمّن الكفر بقوله تعالى: (( قل لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلاّ الله ))، والتّصديق يكفي أن يصدّقه في أوّل الأمر، وليس معناه أنّه ينتظر حتى يصدّقه الواقع أو لا يصدّقه، لأنّه إذا انتظر وقال سأرى هل يقع ما قال أو لا يقع فهذا لم يصدّقه في الواقع، لكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، فالتّصديق أن يطمئنّ إلى قوله ويرى أنّه حقّ وأنّه واقع، أمّا الذي يقول أنا أجرّب فهذا ما صدّق.
كذلك لو أتى كاهنا أو عرّافا فسأله ليظهر كذبه فإنّ هذا لا بأس به فقد سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ابن صيّاد الذي يدّعي أنّه يأتيه من يأتيه، سأله عن شيء أضمره له، أضمر له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام الدّخان فسأله فقال الذي في نفسه هو الدّخّ ولم يتمكّن من الوصول إلى التّلفّظ به كاملا، فقال له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( اخسأ فلن تعدو قدرك )، إلى هنا انتهى الوقت.
6 - كيف نجمع بين الحديث : " من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "هل التصديق يستمر وهل هذا يعارض " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعون يوماً ".؟ أستمع حفظ
كيف نوجه وننصح من يترك صلاة الجماعة.؟
الشيخ : نعم؟
السائل : نريد من سماحتكم توجيه نصيحة عن ترك الصّلاة جماعة؟
الشيخ : والله يا أخي نصيحتي للمتخلّفين عن الصّلاة، أنّ الإمام يأتي بالآيات والأحاديث التي فيها التّرغيب في صلاة الجماعة وفيها التّرهيب في تركها على سبيل العموم، مواعظ بين حين وآخر، ثمّ يباشر الذي يرى كثرة تخلّفه بالنّصيحة بينه وبينه.
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
ما فيه مانع لا بأس إذا كان من هؤلاء الجماعة أناس ينصحون النّصيحة حقيقة لا فضيحة، لأنّ بعض النّاس يقول فعلنا وفعلنا وذهبنا لفلان وقلنا له، هذا لا يجوز، إلاّ لو قالوا ذلك لإنسان يمكنه أن يؤدّبه كما لو قال ذلك عند وليّ الأمر الذي يستطيع أن يؤدّبه، أمّا إفشاء العيب بين النّاس فهذا لا يجوز، لأنّه لا يستفيد الإنسان لا المتكلّم فيه ولا المتكلّم، فإذا اجتمع مثلا أربعة خمسة من الإخوان النشيطين النّاصحين الذي يمكن أن يقتنع الإنسان بقولهم ونصيحتهم فهذا طيب بشرط أن يكونوا كما قلت: ناصحين لا فاضحين، والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السائل : نريد من سماحتكم توجيه نصيحة عن ترك الصّلاة جماعة؟
الشيخ : والله يا أخي نصيحتي للمتخلّفين عن الصّلاة، أنّ الإمام يأتي بالآيات والأحاديث التي فيها التّرغيب في صلاة الجماعة وفيها التّرهيب في تركها على سبيل العموم، مواعظ بين حين وآخر، ثمّ يباشر الذي يرى كثرة تخلّفه بالنّصيحة بينه وبينه.
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
ما فيه مانع لا بأس إذا كان من هؤلاء الجماعة أناس ينصحون النّصيحة حقيقة لا فضيحة، لأنّ بعض النّاس يقول فعلنا وفعلنا وذهبنا لفلان وقلنا له، هذا لا يجوز، إلاّ لو قالوا ذلك لإنسان يمكنه أن يؤدّبه كما لو قال ذلك عند وليّ الأمر الذي يستطيع أن يؤدّبه، أمّا إفشاء العيب بين النّاس فهذا لا يجوز، لأنّه لا يستفيد الإنسان لا المتكلّم فيه ولا المتكلّم، فإذا اجتمع مثلا أربعة خمسة من الإخوان النشيطين النّاصحين الذي يمكن أن يقتنع الإنسان بقولهم ونصيحتهم فهذا طيب بشرط أن يكونوا كما قلت: ناصحين لا فاضحين، والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خطبة عن المسح على الخفين والعمامة وشروطه ونواقضه.
الشيخ : وإذا كان على الرّأس عِمامة أو قُبع يشقّ نزعه فامسحوا عليه بدلا عن مسح الرّأس، وامسحوا على الأذنين إن خرجتا، وإذا كان على الرّجلين خفّ أو جورب وهو الشّرّاب أو نحوهما ممّا يُلبس على الرّجل سواء كان من القطن، أو من الصّوف، أو من الجلود، أو غيرها ممّا يجوز لبسه، وسواء كان صفيقاً أو كان خفيفًا فامسحوا عليه بدلا عن غسل الرّجل بثلاثة شروط:
الشّرط الأوّل: أن يكون الملبوس طاهرا، فلا يجوز المسح على النّجس لأنّ النّجس لا يزيد بمسحه إلاّ تلوّثا بالنّجاسة.
والثاني: أن يلبس ذلك على طهارة فإن لبس على غير طهارة لم يجز المسح لقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم للمغيرة بن شعبة حين أراد رضي الله عنه أن ينزع خفّي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين ) فمسح عليهما.
الشرط الثالث: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر، فأمّا في الحدث الأكبر فلا مسح، فإذا أصابت الإنسانَ جنابة لم يجز له المسح على الخفّين ووجب عليه أن ينزعهما وأن يغسل رجليه.
ومن الشّروط أيضاً : أن يكون المسح في المدّة المحدودة وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيّام بلياليها للمسافر، قال صفوان بن عسّال رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا إذا كنّا سَفْراً أي: مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيّام ولياليهنّ إلاّ من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم ).
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ( جعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أيّام ولياليهنّ للمسافر ويوما وليلة للمقيم ): يعني: في المسح على الخفّين.
والمدّة تبتدأ من أوّل مرّة مسح بعد الحدث ولا تبتدأ قبل ذلك، فلو فرضنا أنّ شخصا لبس الخفّين أو الجوارب لصلاة الفجر ثمّ انتقض وضوءه في الضّحى ولم يتوضّأ ثمّ توضّأ لصلاة الظّهر في السّاعة الثانية عشرة، فإنّ المدّة تبتدأ من السّاعة الثانية عشرة ولا تبتدأ قبل ذلك، وذلك لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وقّت المسح ولا يتحقّق المسح إلاّ بوجوده فإذا أحدث ولم يتوضّأ فإنّه لم يصدق عليه أنّه ماسح وعلى هذا فابتداء المدّة من أوّل مرّة مسح الإنسان عليها على الخفّين بعد الحدث فيستمرّ يمسح إلى مثله في اليوم التّالي إن كان مقيما، أو إلى تمام ثلاثة أيّام إن كان مسافرا، وإن كان مقيمًا ومسح وهو مقيم ثمّ سافر قبل تمام مدّة مسح المقيم فإنّه يتمّ مسح مسافر، ولكن إذا أصابت الإنسانَ جنابةٌ فكما قدّمنا لا بدّ من خلعهما وغسل الرّجلين مع سائر الجسد، وإذا تمّت المدّة والإنسان على طهارة لم تنتقض طهارته بتمام المدّة حتى يحصل ناقض للوضوء من بول أو غيره، لأنّ نقض الوضوء بتمام المدّة ليس عليه دليل من كتاب الله، ولا من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إنّما وقّت المسح ولم يوقّت الطّهارة، لم يقل: لا طهارة في الخفّين بعد يوم وليلة، وإنّما قال: ( يمسح ) فإذا مسح الإنسان في المدّة قبل تمامها فقد توضّأ وضوءا مشروعا بأمر الله ورسوله وما كان ثابتًا بأمر الله ورسوله فإنّه لا يمكنه أن يرفع ولا يمكن أن ينقض إلاّ بأمر من الله ورسوله، وعلى هذا فإذا تمّت المدّة مثلا قبل الظّهر وأنت على طهارة فاستمرّ وصلّ الظّهر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العصر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ المغرب، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العشاء، لأنّ الوضوء لا ينتقض بتمام مدّة المسح، وكذلك أيضاً إذا مسحت على الجوربين أو الخفّين ثمّ خلعتهما فإنّها لا تنتقض طهارتك بخلعهما، بل تبقى على طهارتك حتّى يحصل ناقض من نواقض الوضوء التي دلّ عليها كتابُ الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فلو مسحت لصلاة الظّهر ورأيت الوقت حارّا ثمّ خلعت الخفّين فلك أن تصلّي الظّهر وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العصر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ المغرب، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العشاء وكلّ صلاتك هذه بعد خلع الخفّين اللّتين مسحتهما صلاةٌ صحيحة لأنّه لا دليل على انتقاض الوضوء بخلع الخفّ أو الجورب، وكما أنّ الإنسان لو مسح رأسه ثمّ حلقه بعد تمام وضوئه فإنّ وضوءه لا ينتقض، فكذلك إذا خلع الجوربين أو الخفّين بعد مسحهما فإنّ وضوءه لا ينتقض بذلك، والفرق بين كون المسح في الرّأس أصلا وكونه في الخفّين فرعًا لا يؤثّر في انتقاض الوضوء.
أيّها المسلمون أسبغوا الوضوء، توضّأوا كما أمركم الله ورسوله، فمن أسبغ الوضوء كما أمر الله به ورسولُه فقد صحّ من حديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( ما منكم من أحد يتوضّأ فيسبغ الوضوء ثمّ يقول: أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التّوّابين واجعلني من المتطهّرين إلاّ فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية يدخل من أيّها شاء )، وذلك لأنّ هذا المتوضّئ الذي أسبغ الوضوء طهّر ظاهره، ثمّ طهّر باطنه بشهادة ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله.
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم .
الشّرط الأوّل: أن يكون الملبوس طاهرا، فلا يجوز المسح على النّجس لأنّ النّجس لا يزيد بمسحه إلاّ تلوّثا بالنّجاسة.
والثاني: أن يلبس ذلك على طهارة فإن لبس على غير طهارة لم يجز المسح لقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم للمغيرة بن شعبة حين أراد رضي الله عنه أن ينزع خفّي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين ) فمسح عليهما.
الشرط الثالث: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر، فأمّا في الحدث الأكبر فلا مسح، فإذا أصابت الإنسانَ جنابة لم يجز له المسح على الخفّين ووجب عليه أن ينزعهما وأن يغسل رجليه.
ومن الشّروط أيضاً : أن يكون المسح في المدّة المحدودة وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيّام بلياليها للمسافر، قال صفوان بن عسّال رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا إذا كنّا سَفْراً أي: مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيّام ولياليهنّ إلاّ من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم ).
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ( جعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أيّام ولياليهنّ للمسافر ويوما وليلة للمقيم ): يعني: في المسح على الخفّين.
والمدّة تبتدأ من أوّل مرّة مسح بعد الحدث ولا تبتدأ قبل ذلك، فلو فرضنا أنّ شخصا لبس الخفّين أو الجوارب لصلاة الفجر ثمّ انتقض وضوءه في الضّحى ولم يتوضّأ ثمّ توضّأ لصلاة الظّهر في السّاعة الثانية عشرة، فإنّ المدّة تبتدأ من السّاعة الثانية عشرة ولا تبتدأ قبل ذلك، وذلك لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وقّت المسح ولا يتحقّق المسح إلاّ بوجوده فإذا أحدث ولم يتوضّأ فإنّه لم يصدق عليه أنّه ماسح وعلى هذا فابتداء المدّة من أوّل مرّة مسح الإنسان عليها على الخفّين بعد الحدث فيستمرّ يمسح إلى مثله في اليوم التّالي إن كان مقيما، أو إلى تمام ثلاثة أيّام إن كان مسافرا، وإن كان مقيمًا ومسح وهو مقيم ثمّ سافر قبل تمام مدّة مسح المقيم فإنّه يتمّ مسح مسافر، ولكن إذا أصابت الإنسانَ جنابةٌ فكما قدّمنا لا بدّ من خلعهما وغسل الرّجلين مع سائر الجسد، وإذا تمّت المدّة والإنسان على طهارة لم تنتقض طهارته بتمام المدّة حتى يحصل ناقض للوضوء من بول أو غيره، لأنّ نقض الوضوء بتمام المدّة ليس عليه دليل من كتاب الله، ولا من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إنّما وقّت المسح ولم يوقّت الطّهارة، لم يقل: لا طهارة في الخفّين بعد يوم وليلة، وإنّما قال: ( يمسح ) فإذا مسح الإنسان في المدّة قبل تمامها فقد توضّأ وضوءا مشروعا بأمر الله ورسوله وما كان ثابتًا بأمر الله ورسوله فإنّه لا يمكنه أن يرفع ولا يمكن أن ينقض إلاّ بأمر من الله ورسوله، وعلى هذا فإذا تمّت المدّة مثلا قبل الظّهر وأنت على طهارة فاستمرّ وصلّ الظّهر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العصر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ المغرب، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العشاء، لأنّ الوضوء لا ينتقض بتمام مدّة المسح، وكذلك أيضاً إذا مسحت على الجوربين أو الخفّين ثمّ خلعتهما فإنّها لا تنتقض طهارتك بخلعهما، بل تبقى على طهارتك حتّى يحصل ناقض من نواقض الوضوء التي دلّ عليها كتابُ الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فلو مسحت لصلاة الظّهر ورأيت الوقت حارّا ثمّ خلعت الخفّين فلك أن تصلّي الظّهر وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العصر، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ المغرب، وإذا استمرّت الطّهارة فصلّ العشاء وكلّ صلاتك هذه بعد خلع الخفّين اللّتين مسحتهما صلاةٌ صحيحة لأنّه لا دليل على انتقاض الوضوء بخلع الخفّ أو الجورب، وكما أنّ الإنسان لو مسح رأسه ثمّ حلقه بعد تمام وضوئه فإنّ وضوءه لا ينتقض، فكذلك إذا خلع الجوربين أو الخفّين بعد مسحهما فإنّ وضوءه لا ينتقض بذلك، والفرق بين كون المسح في الرّأس أصلا وكونه في الخفّين فرعًا لا يؤثّر في انتقاض الوضوء.
أيّها المسلمون أسبغوا الوضوء، توضّأوا كما أمركم الله ورسوله، فمن أسبغ الوضوء كما أمر الله به ورسولُه فقد صحّ من حديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( ما منكم من أحد يتوضّأ فيسبغ الوضوء ثمّ يقول: أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التّوّابين واجعلني من المتطهّرين إلاّ فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية يدخل من أيّها شاء )، وذلك لأنّ هذا المتوضّئ الذي أسبغ الوضوء طهّر ظاهره، ثمّ طهّر باطنه بشهادة ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله.
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم .
اضيفت في - 2005-08-27