سلسلة لقاء الباب المفتوح-062a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة الفجر من أولها إلى قوله تعالى : " والليل إذا يسر " .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين -سامع صوت-
أما بعد:
فهذا هو المجلس الثاني والستون من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل خميس، وهو يوم الخميس هو الحادي والعشرون من شهر المحرم عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، وكان من عادتنا أن نتكلم بما يسر الله سبحانه وتعالى من تفسير القرآن الكريم الذي ابتدأناه بسورة النبأ، وقد انتهينا إلى سورة الفجر.
فنقول وبالله نقول: قال الله سبحانه وتعالى: (( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ )) كل هذه إقسامات: بالفجر، وليال عشر، والشفع، والوتر، والليل إذا يسر، خمسة أشياء أقسم الله تعالى بها:
الأول: الفجر، والفجر: هو النور الساطع الذي يكون في الأفق الشرقي قرب طلوع الشمس، وبينه وبين طلوع الشمس ما بين ساعة واثنتين وثلاثين دقيقة إلى ساعة وسبع عشرة دقيقة، ويختلف باختلاف الفصول، يعني أحياناً تطول الحصة ما بين الفجر وطلوع الشمس، وأحياناً تقصر حسب الفصول، والفجر فجران: فجر صادق وفجر كاذب، والمقصود بالفجر هنا: الفجر الصادق، والفرق بين الفجر الصادق والكاذب من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: الفجر الكاذب يكون مستطيلاً في السماء، ليس عرضاً ولكنه طولاً، وأما الفجر الصادق فيكون عرضاً، يمتد من الشمال إلى الجنوب.
والفرق الثاني: أن الفجر الصادق لا ظلمة بعده بل يزداد الضياء حتى تطلع الشمس، وأما الفجر الكاذب فإنه يكون بعده ظلمة، يحدث بعده ظلمة بعد أن يكون هذا الضياء، ولهذا سمي كاذباً، لأنه يضمحل ويزول.
والفرق الثالث: أن الفجر الصادق متصل بالأفق، أما الفجر الكاذب فبينه وبين الأفق ظلمة.
هذه ثلاثة فروق آفاقية حسية يعرفها الناس إذا كانوا في البر، أما في المدن فلا يعرفون ذلك، لأن الأنوار تحجب هذه العلامات.
وأقسم الله بالفجر، لأنه ابتداء النهار، وهو في الحقيقة انتقال من ظلمة دامسة إلى فجر ساطع.
وأقسم الله به، لأنه لا يقدر على الإتيان بهذا الفجر إلا الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ )).
وأقسم الله بالفجر، لأنه يترتب عليه أحكام شرعية، مثل إمساك الصائم، فإنه إذا طلع الفجر وجب على الصائم أن يمسك إذا كان صومه فرضاً، أو نفلاً إذا أراد أن يتم صومه
ويترتب عليه أيضاً دخول وقت صلاة الفجر، وهما حكمان شرعيان عظيمان، أهمهما: دخول وقت الصلاة، أي: أنه يجب أن نراعي الفجر من أجل دخول وقت الصلاة أكثر مما نراعيه من أجل الإمساك في حال الصوم، لماذا؟ لأننا في الإمساك عن المفطرات في الصيام لو فرضنا أننا أخطأنا فإننا بنينا على أصل وهو بقاء الليل، لكن في الصلاة لو أخطأنا وصلينا قبل الفجر لم نكن بنينا على أصل، لأن الأصل بقاء الليل وعدم دخول وقت الصلاة، ولهذا لو أن الإنسان صلى الفجر قبل دخول وقت الصلاة بدقيقة واحدة فصلاته نفل ولا تبرأ بها ذمته، ومن ثم ندعوكم أيها الإخوة إلى ملاحظة هذه المسألة، أعني: العناية بدخول وقت صلاة الفجر، لأن كثيراً من المؤذنين يؤذنون قبل الفجر وهذا غلط، لأن الأذان قبل الوقت ليس بمشروع، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) ومتى يكون حضور الصلاة؟ أسألكم؟ إذا دخل وقتها، فلو أذن الإنسان قبل دخول وقت الصلاة فأذانه غير صحيح يجب عليه الإعادة، والعناية بدخول الفجر مهمة جداً من أجل مراعاة وقت الصلاة.
وقوله تعالى: (( وَلَيَالٍ عَشْرٍ )) قيل: المراد بالليالي العشر: عشر ذي الحجة، وأطلق على الأيام ليالي، لأن اللغة العربية واسعة، قد تطلق الليالي ويراد بها الأيام، والأيام ويراد بها الليالي، وقيل: المراد بالليالي العشر نعم، وقيل: المراد بالليالي العشر ليالي العشر الأخيرة من رمضان.
أما على الأول الذين يقولون: المراد بالليالي العشر عشر ذي الحجة، فلأن عشر ذي الحجة أيام فاضلة، قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) ... ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ ) زود شوية ( قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) .
وأما الذين قالوا: إن المراد بالليالي العشر هي ليالي عشر رمضان الأخيرة، فقالوا: إن الأصل في الليالي أنها الليالي ما هي الأيام، وقالوا: إن ليالي العشر الأخيرة من رمضان فيها ليلة القدر التي قال الله عنها إنها (( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) وقال إنها: (( مُبَارَكَةٍ )) وقال: (( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) وهذا القول أرجح من القول الأول، وإن كان القول الأول هو قول الجمهور، لكن اللفظ لا يسعف قول الجمهور، وإنما يرجح القول الثاني، وهو أن ليالي العشر الأواخر من رمضان، وأقسم الله بها لشرفها، ولأن فيها ليلة القدر، ولأن المسلمين يختمون بها شهر رمضان الذي هو وقت فريضة من فرائض الإسلام وأركان الإسلام، فلذلك أقسم الله بهذه الليالي.
وأما قوله: (( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ )) فقيل: إن المراد به كل الخلق، كل الخلق إما شفع وإما وتر، صح؟ كل الخلق إما شفع وإما وتر والله عز وجل يقول: (( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )) العبادات إما شفع وإما وتر، فيكون المراد بالشفع والوتر كل ما كان مخلوقاً من شفع ووتر، وكل ما كان مشروعاً من شفع ووتر.
وقيل: المراد بالشفع: الخلق كلهم، والمراد بالوتر: الله عز وجل.
واعلم أن قوله: (( والوتر )) فيه قراءتان صحيحتان وهما: (( والوِتر والوَتر )) يعني: لو قلت: (( والشفع والوِتر )) صح، ولو قلت: (( والشفع والوَتر )) صح أيضاً، فقالوا: إن الشفع هو الخلق، لأن المخلوقات كلها مكونة من شيئين، (( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )) والوَتر أو الوِتر هو الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وتر يحب الوتر ) وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ولا منافاة بينهما فلتكن لكل المعاني التي تحتملها الآية، هذه القاعدة في علم التفسير، أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين وأحدهما لا ينافي الآخر فهي محمولة على المعنيين جميعاً.
قال تعالى: (( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ )) أقسم الله أيضاً بالليل إذا يسر، والسري هو: السير في الليل، والليل كما نعلم يسير، يبدأ بالمغرب وينتهي بطلوع الفجر، فهو يمشي زمن يمشي ما يتوقف، فهو دائماً في سريان، فأقسم الله به لما في ساعاته من العبادات، كصلاة المغرب والعشاء، وقيام الليل، والوتر، وغير ذلك، ولأن في الليل مناسبة عظيمة وهي أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: ( من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له ) ولهذا نقول: إن الثلث الآخر من الليل: إنه وقت إجابة، فينبغي أن ينتهز الإنسان هذه الفرصة فيقوم لله عز وجل يتهجد، ويدعو الله سبحانه وتعالى بما شاء من خير الدنيا والآخرة، لعله يصادف ساعة إجابة ينتفع بها في دنياه وأخراه.
ولنقتصر على هذا من أجل الإجابة على الأسئلة كما هي العادة، ثم نحيطكم علمًا بأن لكل واحد سؤالًا واحدًا، وأنه لا تعليق على الإجابة حتى نتمكن من عدد أكبر يلقون أسئلتهم.
أما بعد:
فهذا هو المجلس الثاني والستون من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل خميس، وهو يوم الخميس هو الحادي والعشرون من شهر المحرم عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، وكان من عادتنا أن نتكلم بما يسر الله سبحانه وتعالى من تفسير القرآن الكريم الذي ابتدأناه بسورة النبأ، وقد انتهينا إلى سورة الفجر.
فنقول وبالله نقول: قال الله سبحانه وتعالى: (( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ )) كل هذه إقسامات: بالفجر، وليال عشر، والشفع، والوتر، والليل إذا يسر، خمسة أشياء أقسم الله تعالى بها:
الأول: الفجر، والفجر: هو النور الساطع الذي يكون في الأفق الشرقي قرب طلوع الشمس، وبينه وبين طلوع الشمس ما بين ساعة واثنتين وثلاثين دقيقة إلى ساعة وسبع عشرة دقيقة، ويختلف باختلاف الفصول، يعني أحياناً تطول الحصة ما بين الفجر وطلوع الشمس، وأحياناً تقصر حسب الفصول، والفجر فجران: فجر صادق وفجر كاذب، والمقصود بالفجر هنا: الفجر الصادق، والفرق بين الفجر الصادق والكاذب من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: الفجر الكاذب يكون مستطيلاً في السماء، ليس عرضاً ولكنه طولاً، وأما الفجر الصادق فيكون عرضاً، يمتد من الشمال إلى الجنوب.
والفرق الثاني: أن الفجر الصادق لا ظلمة بعده بل يزداد الضياء حتى تطلع الشمس، وأما الفجر الكاذب فإنه يكون بعده ظلمة، يحدث بعده ظلمة بعد أن يكون هذا الضياء، ولهذا سمي كاذباً، لأنه يضمحل ويزول.
والفرق الثالث: أن الفجر الصادق متصل بالأفق، أما الفجر الكاذب فبينه وبين الأفق ظلمة.
هذه ثلاثة فروق آفاقية حسية يعرفها الناس إذا كانوا في البر، أما في المدن فلا يعرفون ذلك، لأن الأنوار تحجب هذه العلامات.
وأقسم الله بالفجر، لأنه ابتداء النهار، وهو في الحقيقة انتقال من ظلمة دامسة إلى فجر ساطع.
وأقسم الله به، لأنه لا يقدر على الإتيان بهذا الفجر إلا الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ )).
وأقسم الله بالفجر، لأنه يترتب عليه أحكام شرعية، مثل إمساك الصائم، فإنه إذا طلع الفجر وجب على الصائم أن يمسك إذا كان صومه فرضاً، أو نفلاً إذا أراد أن يتم صومه
ويترتب عليه أيضاً دخول وقت صلاة الفجر، وهما حكمان شرعيان عظيمان، أهمهما: دخول وقت الصلاة، أي: أنه يجب أن نراعي الفجر من أجل دخول وقت الصلاة أكثر مما نراعيه من أجل الإمساك في حال الصوم، لماذا؟ لأننا في الإمساك عن المفطرات في الصيام لو فرضنا أننا أخطأنا فإننا بنينا على أصل وهو بقاء الليل، لكن في الصلاة لو أخطأنا وصلينا قبل الفجر لم نكن بنينا على أصل، لأن الأصل بقاء الليل وعدم دخول وقت الصلاة، ولهذا لو أن الإنسان صلى الفجر قبل دخول وقت الصلاة بدقيقة واحدة فصلاته نفل ولا تبرأ بها ذمته، ومن ثم ندعوكم أيها الإخوة إلى ملاحظة هذه المسألة، أعني: العناية بدخول وقت صلاة الفجر، لأن كثيراً من المؤذنين يؤذنون قبل الفجر وهذا غلط، لأن الأذان قبل الوقت ليس بمشروع، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) ومتى يكون حضور الصلاة؟ أسألكم؟ إذا دخل وقتها، فلو أذن الإنسان قبل دخول وقت الصلاة فأذانه غير صحيح يجب عليه الإعادة، والعناية بدخول الفجر مهمة جداً من أجل مراعاة وقت الصلاة.
وقوله تعالى: (( وَلَيَالٍ عَشْرٍ )) قيل: المراد بالليالي العشر: عشر ذي الحجة، وأطلق على الأيام ليالي، لأن اللغة العربية واسعة، قد تطلق الليالي ويراد بها الأيام، والأيام ويراد بها الليالي، وقيل: المراد بالليالي العشر نعم، وقيل: المراد بالليالي العشر ليالي العشر الأخيرة من رمضان.
أما على الأول الذين يقولون: المراد بالليالي العشر عشر ذي الحجة، فلأن عشر ذي الحجة أيام فاضلة، قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) ... ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ ) زود شوية ( قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) .
وأما الذين قالوا: إن المراد بالليالي العشر هي ليالي عشر رمضان الأخيرة، فقالوا: إن الأصل في الليالي أنها الليالي ما هي الأيام، وقالوا: إن ليالي العشر الأخيرة من رمضان فيها ليلة القدر التي قال الله عنها إنها (( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) وقال إنها: (( مُبَارَكَةٍ )) وقال: (( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) وهذا القول أرجح من القول الأول، وإن كان القول الأول هو قول الجمهور، لكن اللفظ لا يسعف قول الجمهور، وإنما يرجح القول الثاني، وهو أن ليالي العشر الأواخر من رمضان، وأقسم الله بها لشرفها، ولأن فيها ليلة القدر، ولأن المسلمين يختمون بها شهر رمضان الذي هو وقت فريضة من فرائض الإسلام وأركان الإسلام، فلذلك أقسم الله بهذه الليالي.
وأما قوله: (( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ )) فقيل: إن المراد به كل الخلق، كل الخلق إما شفع وإما وتر، صح؟ كل الخلق إما شفع وإما وتر والله عز وجل يقول: (( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )) العبادات إما شفع وإما وتر، فيكون المراد بالشفع والوتر كل ما كان مخلوقاً من شفع ووتر، وكل ما كان مشروعاً من شفع ووتر.
وقيل: المراد بالشفع: الخلق كلهم، والمراد بالوتر: الله عز وجل.
واعلم أن قوله: (( والوتر )) فيه قراءتان صحيحتان وهما: (( والوِتر والوَتر )) يعني: لو قلت: (( والشفع والوِتر )) صح، ولو قلت: (( والشفع والوَتر )) صح أيضاً، فقالوا: إن الشفع هو الخلق، لأن المخلوقات كلها مكونة من شيئين، (( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )) والوَتر أو الوِتر هو الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وتر يحب الوتر ) وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ولا منافاة بينهما فلتكن لكل المعاني التي تحتملها الآية، هذه القاعدة في علم التفسير، أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين وأحدهما لا ينافي الآخر فهي محمولة على المعنيين جميعاً.
قال تعالى: (( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ )) أقسم الله أيضاً بالليل إذا يسر، والسري هو: السير في الليل، والليل كما نعلم يسير، يبدأ بالمغرب وينتهي بطلوع الفجر، فهو يمشي زمن يمشي ما يتوقف، فهو دائماً في سريان، فأقسم الله به لما في ساعاته من العبادات، كصلاة المغرب والعشاء، وقيام الليل، والوتر، وغير ذلك، ولأن في الليل مناسبة عظيمة وهي أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: ( من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له ) ولهذا نقول: إن الثلث الآخر من الليل: إنه وقت إجابة، فينبغي أن ينتهز الإنسان هذه الفرصة فيقوم لله عز وجل يتهجد، ويدعو الله سبحانه وتعالى بما شاء من خير الدنيا والآخرة، لعله يصادف ساعة إجابة ينتفع بها في دنياه وأخراه.
ولنقتصر على هذا من أجل الإجابة على الأسئلة كما هي العادة، ثم نحيطكم علمًا بأن لكل واحد سؤالًا واحدًا، وأنه لا تعليق على الإجابة حتى نتمكن من عدد أكبر يلقون أسئلتهم.
سنة الفجر هل لابد أن تكون بعد طلوع الفجر ؟
السائل : ركعتي الفجر مثل الفجر مثل الصلاة وإلا؟
الشيخ : إي مثل الصلاة، لا بد، حتى يتبين الفجر.
السائل : حتى يتبين الفجر
الشيخ : نعم
السائل : بعض الناس إذا دخل المسجد يصلي ركعتين وجلس وخلاص؟
الشيخ : إلى أن تقام الصلاة؟
السائل : إلى أن تقام الصلاة.
الشيخ : لا هذا غلط، سنة الفجر ما تكون إلا بعد طلوع الفجر، سنة الظهر الأولى أيضاً لا تكون إلا بعد أذان الظهر.
الشيخ : إي مثل الصلاة، لا بد، حتى يتبين الفجر.
السائل : حتى يتبين الفجر
الشيخ : نعم
السائل : بعض الناس إذا دخل المسجد يصلي ركعتين وجلس وخلاص؟
الشيخ : إلى أن تقام الصلاة؟
السائل : إلى أن تقام الصلاة.
الشيخ : لا هذا غلط، سنة الفجر ما تكون إلا بعد طلوع الفجر، سنة الظهر الأولى أيضاً لا تكون إلا بعد أذان الظهر.
هل المراد بقول "الإمام استووا واعتدلوا "يعني استقامة الصفوف واعتدالها أم أنه متضمن لسد الفرجات و إلصاق القدم بالقدم المنكب بالمنكب ,وماصحة حديث "لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم"؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ حفظكم الله، هل المراد بقول الإمام: ( استووا واعتدلوا ) يعني: استقامة الصف واعتداله، أم أنه متضمن لسد الفرجات وإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب؟ وما صحة الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لتسون بين صفوفكم )
الشيخ : صفوفكم
السائل : ( صفوفكم أو ليخالفن الله )
الشيخ : اللهُ
السائل : ( اللهُ بين قلوبكم )
الشيخ : وجوهكم
السائل : وجوهكم
الشيخ : نعم
السائل : ( بين وجوهكم ) هذه المسألة أصبحت بين تفريط وإفراط، نرجو التوضيح والله يحفظكم؟
الشيخ : نعم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
أولاً: يجب أن نعلم أن على الإمام مسئولية وهي تسوية الصفوف، عليه أن يسوي الصفوف بأمر الناس بذلك، وإذا لم يمتثلوا تقدم هو بنفسه إلى من تأخر عن الصف أو تقدم ليعدله، لأن نبينا وإمامنا وقدوتنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسوي الصفوف كأنما يسوي بها القداح، وكان يمر بالصف يمسح المناكب والصدور ويأمرهم بالاستواء، ولا أدري هل الناس يعملون هذا اليوم أم لا؟ الجواب: لا، بل لو يرى الناس إماماً يفعل هذا لصاحوا به، ولكن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، المهم أن على الإمام أن يعتني بتسوية الصفوف، فيلتفت يميناً ويستقبل الناس بوجهه، ويلتفت يساراً ويقول: استووا، سووا صفوفكم، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، تراصوا، سدوا الخلل، كل هذه الكلمات وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
خرج يوماً من الأيام بعد أن عقل الناس عنه تسوية الصفوف، وصاروا يسوونها، فرأى رجلاً بادياً صدره يعني: متقدماً بعض الشيء فقال: ( عباد الله! لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) وعيد، ومخالفة الله بين الوجوه قيل فيها معنيان:
المعنى الأول: إما أن الله يدير وجه الإنسان فيكون وجهه إلى كتفه والعياذ بالله.
وإما أن المراد ليخالفن الله بين وجهات نظركم فتفترق القلوب وتختلف، لقوله: ( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) وأياً كان سواءً لي الرقبة حتى يكون الوجه إلى جانب البدن، أو أن المراد اختلاف القلوب، كلها وعيد شديد، وهذا يدل على أنه يجب على الإمام أن يعنى بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً بالتراص والتساوي في المكان هل يقول: استووا أو لا يقول؟ الظاهر لي أنه لا يقولها، يعني: مثلاً لو كان وراءه رجلان فقط والتفت وإذا هما متساويان ومتراصان وعلى الوجه المطلوب فلا حاجة إلى أن يقول: استووا، لأن هذه الكلمة لها معناها ليست كلمة تقال، ليست كلمة عابرة، لها معناها الإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف.
ألم تعلموا أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكذلك عثمان لما كثر الناس جعل وكيلاً يمر بالصفوف يسويها، حتى إذا جاء وقال: إنها استوت كبر.
وكل هذا يدل على عناية الشرع بتسوية الصف. إي نعم
السائل : وإلصاق القدم بالقدم يا شيخ؟
الشيخ : نعم، إلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب لأمرين:
الأمر الأول: التسوية.
والأمر الثاني: سد الفرج والخلل، لأنك إذا فتحت بينك وبين صاحبك فرجة جاءت الشياطين ودخلت من هذه الفرج ولبست على الناس صلاتهم ...
فضيلة الشيخ حفظكم الله، هل المراد بقول الإمام: ( استووا واعتدلوا ) يعني: استقامة الصف واعتداله، أم أنه متضمن لسد الفرجات وإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب؟ وما صحة الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لتسون بين صفوفكم )
الشيخ : صفوفكم
السائل : ( صفوفكم أو ليخالفن الله )
الشيخ : اللهُ
السائل : ( اللهُ بين قلوبكم )
الشيخ : وجوهكم
السائل : وجوهكم
الشيخ : نعم
السائل : ( بين وجوهكم ) هذه المسألة أصبحت بين تفريط وإفراط، نرجو التوضيح والله يحفظكم؟
الشيخ : نعم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
أولاً: يجب أن نعلم أن على الإمام مسئولية وهي تسوية الصفوف، عليه أن يسوي الصفوف بأمر الناس بذلك، وإذا لم يمتثلوا تقدم هو بنفسه إلى من تأخر عن الصف أو تقدم ليعدله، لأن نبينا وإمامنا وقدوتنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسوي الصفوف كأنما يسوي بها القداح، وكان يمر بالصف يمسح المناكب والصدور ويأمرهم بالاستواء، ولا أدري هل الناس يعملون هذا اليوم أم لا؟ الجواب: لا، بل لو يرى الناس إماماً يفعل هذا لصاحوا به، ولكن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، المهم أن على الإمام أن يعتني بتسوية الصفوف، فيلتفت يميناً ويستقبل الناس بوجهه، ويلتفت يساراً ويقول: استووا، سووا صفوفكم، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، تراصوا، سدوا الخلل، كل هذه الكلمات وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
خرج يوماً من الأيام بعد أن عقل الناس عنه تسوية الصفوف، وصاروا يسوونها، فرأى رجلاً بادياً صدره يعني: متقدماً بعض الشيء فقال: ( عباد الله! لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) وعيد، ومخالفة الله بين الوجوه قيل فيها معنيان:
المعنى الأول: إما أن الله يدير وجه الإنسان فيكون وجهه إلى كتفه والعياذ بالله.
وإما أن المراد ليخالفن الله بين وجهات نظركم فتفترق القلوب وتختلف، لقوله: ( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) وأياً كان سواءً لي الرقبة حتى يكون الوجه إلى جانب البدن، أو أن المراد اختلاف القلوب، كلها وعيد شديد، وهذا يدل على أنه يجب على الإمام أن يعنى بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً بالتراص والتساوي في المكان هل يقول: استووا أو لا يقول؟ الظاهر لي أنه لا يقولها، يعني: مثلاً لو كان وراءه رجلان فقط والتفت وإذا هما متساويان ومتراصان وعلى الوجه المطلوب فلا حاجة إلى أن يقول: استووا، لأن هذه الكلمة لها معناها ليست كلمة تقال، ليست كلمة عابرة، لها معناها الإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف.
ألم تعلموا أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكذلك عثمان لما كثر الناس جعل وكيلاً يمر بالصفوف يسويها، حتى إذا جاء وقال: إنها استوت كبر.
وكل هذا يدل على عناية الشرع بتسوية الصف. إي نعم
السائل : وإلصاق القدم بالقدم يا شيخ؟
الشيخ : نعم، إلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب لأمرين:
الأمر الأول: التسوية.
والأمر الثاني: سد الفرج والخلل، لأنك إذا فتحت بينك وبين صاحبك فرجة جاءت الشياطين ودخلت من هذه الفرج ولبست على الناس صلاتهم ...
3 - هل المراد بقول "الإمام استووا واعتدلوا "يعني استقامة الصفوف واعتدالها أم أنه متضمن لسد الفرجات و إلصاق القدم بالقدم المنكب بالمنكب ,وماصحة حديث "لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم"؟ أستمع حفظ
هل صحيح من يقول إن الإنكار على الولاة علنا من منهج السلف ويستدل بإنكار أبي سعيد الخدري على مروان بن الحكم حين قدم الخطبة على الصلاة وبحديث "سيكون ولاة ظلمة فمن نابذهم فقد سلم أو برء" وبحديث "سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " وكيف الجمع بين هذه النصوص وبين الحديث"من أراد أن ينصح لذي سلطان فلينصحه سرا ولا يبده علانية".؟
السائل : فضيلة الشيخ هناك من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف، ويستشهد بحديث أبي سعيد الخدري في إنكاره على مروان بن الحكم حينما قدم الخطبة على الصلاة، وبقوله عليه الصلاة والسلام فيما معناه في أنه ( سيكون هناك ولاة ظلمة فمن نابذهم فقد سلم أو برئ )، وحديث ( سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ) فهل هذا الكلام صحيح؟ وكيف الجمع بين هذه الآثار الصحيحة وبين قوله عليه الصلاة والسلام: ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلينصحه سرًّا ولا يبده علانية ) نرجو التفصيل في هذه المسألة، حيث أن كثير من شباب الصحوة يجهل الحكم الصحيح في هذه المسألة، وبخاصة أن هناك من الدعاة من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف، مما يجعل الشباب يثور ويظن أن عدم الإنكار علناً دليل المداهنة في الدين وغير ذلك، ولما لهذه المسألة من خطورة، نرجو التفصيل وجزاكم الله خيراً؟
الشيخ : هذا السؤال مهم، وجوابه أهم منه في الواقع، ولا شك أن إنكار المنكر واجب على كل قادر عليه، لقول الله تبارك وتعالى: (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) واللام في قوله: (( ولتكن )) لام الأمر، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم ) أي: كما لعن بني إسرائيل الذين قال الله عنهم: (( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ )).
ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية في مثل هذه الأمور لها محال، ولا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به المنكر ويحصل به الخير فلننكر علناً، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر أقول إذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به الشر ويحصل به الخير فالحكمة أن ننكر علنا ، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر ولا يحصل به الخير بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سراً، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علناً فيما إذا كنا نتوقع فيه ايش؟ المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سراً فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير.
وأقول لكم: إنه لم يضل من ضل من هذه الأمة إلا بسبب أنهم يأخذون بجانب من النصوص ويدعون جانباً، سواء كان في العقيدة أو في معاملة الحكام أو في معاملة الناس أو في غير ذلك، ونحن نضرب لكم أمثالاً حتى يتضح للحاضرين وللسامعين: مثلاً: الخوارج والمعتزلة رأوا النصوص الوعيد التي فيها الوعيد على بعض الذنوب الكبيرة فأخذوا بهذه النصوص، ونسوا نصوص الوعد التي تفتح باب الرجاء، فمثلاً قالوا: إذا قتل الإنسان مؤمناً عمداً فإنه يكون كافراً -على رأي الخوارج- مباح الدم مخلد في النار، وعلى رأي المعتزلة يقولون: إذا قتله خرج من الإسلام لكن لا يدخل الكفر ، لأننا لا نستطيع أن نجزم بأنه كافر، فنقول: خرج من الإسلام وكان في منزله بين الإسلام وبين الكفر ولكنه مخلد في النار، ثم نسوا آيات الوعد ونصوص الوعد الدالة على أن الله سبحانه وتعالى يخرج من النار من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من الإيمان.
ثم قابلهم آخرون وقالوا: الإنسان مهما عمل من المعاصي التي دون الكفر فإنه مؤمن كامل الإيمان ولا يدخل النار أبداً، وقالوا: إن قوله تعالى: (( مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )) هذه في الكافر إذا قتل مؤمناً، فالآن لماذا ضل هؤلاء وهؤلاء؟ لأنهم أخذوا بجانب واحد من النصوص.
كذلك مثلاً في صفات الله عز وجل بعض الناس قال: الله عز وجل لا يمكن أن يجيء بنفسه، ولا يمكن أن ينزل إلى السماء الدنيا، وليس له وجه، وليس له يدان، لماذا؟ قالوا: لأن الله قال: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) وأنت إذا أثبت هذه الأمور مثَّلت الله، معلوم هذا؟
طيب قابلهم أناس آخرون قالوا: إن الله تعالى أثبت له وجهاً، وأثبت له يدين، وأثبت أنه ينزل، وأنه يجيء، فوجهه كوجوهنا، ويده كأيدينا، ونزوله كنزولنا، ومجيئه كمجيئنا، لأننا لا نعقل من المجيء واليد والوجه لا نعقل إلا ما نشاهد، والله خاطبنا بما يمكن إدراكه، فيكون مجيء الله ووجه الله ويد الله ونزول الله مثل ما يثبت لنا.
إذن: هؤلاء في طرف وهؤلاء في طرف، وكلهم ضالون، لأن كل واحد أخذ بجانب، فنحن نقول: إن الله تعالى له وجه وله يدان ويجيء وينزل لكن ليس كأيدينا ولا كوجوهنا وحاشاه من ذلك عز وجل، لأنه (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السميع البصير ))
كذلك أيضاً في مسألة مناصحة الولاة، من الناس من يريد أن يأخذ بجانب من النصوص وهو إعلان النكير على ولاة الأمور، مهما تمخض عنه من المفاسد، ومنهم من يقول: لا يمكن أن نعلن مطلقاً، والواجب أن نناصح ولاة الأمور سراً كما جاء في النص الذي ذكره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذب بعضها بعضاً، ولا يصادم بعضها بعضاً، فيكون الإنكار معلناً متى؟ عند المصلحة، والمصلحة هي أن يزول الشر ويحل الخير، ويكون سراً إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحة، لا يزول به الشر ولا يحل به الخير.
وأنتم تعلمون -بارك الله فيكم- أن ولاة الأمور لا يمكن أن يرضوا جميع الناس أبداً، حتى إمام المسجد إمام المسجد ، هل هو مرضي كل الجماعة؟ لا، بعضهم يقول: تبكر! وبعضهم يقول: ... بعضهم يقول تطول! وبعضهم يقول: تقصر! وفي الشتاء يتنازعون واللي يقول صل في الشمس واللي يصلي في الظلال لا يحصل الاتفاق، فإذا أعلن النكير على ولاة الأمور استغله من يكرهه وجعل من الحبة قبة وثارت الفتنة، وما ضر الناس إلا مثل هذا الأمر، الخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على جيش الشام، ولما تصالح معهم مع جيش الشام حقناً لدماء المسلمين ثاروا ضده، وقالوا: أنت كافر، كفروا علي بن أبي طالب -والعياذ بالله- ليش؟ لأن رعاع الناس وغوغاء الناس لا يمكن ضبطهم أبداً. وإعلان النكير على ولاة الأمور
الشيخ : هذا السؤال مهم، وجوابه أهم منه في الواقع، ولا شك أن إنكار المنكر واجب على كل قادر عليه، لقول الله تبارك وتعالى: (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) واللام في قوله: (( ولتكن )) لام الأمر، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم ) أي: كما لعن بني إسرائيل الذين قال الله عنهم: (( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ )).
ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية في مثل هذه الأمور لها محال، ولا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به المنكر ويحصل به الخير فلننكر علناً، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر أقول إذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به الشر ويحصل به الخير فالحكمة أن ننكر علنا ، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر ولا يحصل به الخير بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سراً، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علناً فيما إذا كنا نتوقع فيه ايش؟ المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سراً فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير.
وأقول لكم: إنه لم يضل من ضل من هذه الأمة إلا بسبب أنهم يأخذون بجانب من النصوص ويدعون جانباً، سواء كان في العقيدة أو في معاملة الحكام أو في معاملة الناس أو في غير ذلك، ونحن نضرب لكم أمثالاً حتى يتضح للحاضرين وللسامعين: مثلاً: الخوارج والمعتزلة رأوا النصوص الوعيد التي فيها الوعيد على بعض الذنوب الكبيرة فأخذوا بهذه النصوص، ونسوا نصوص الوعد التي تفتح باب الرجاء، فمثلاً قالوا: إذا قتل الإنسان مؤمناً عمداً فإنه يكون كافراً -على رأي الخوارج- مباح الدم مخلد في النار، وعلى رأي المعتزلة يقولون: إذا قتله خرج من الإسلام لكن لا يدخل الكفر ، لأننا لا نستطيع أن نجزم بأنه كافر، فنقول: خرج من الإسلام وكان في منزله بين الإسلام وبين الكفر ولكنه مخلد في النار، ثم نسوا آيات الوعد ونصوص الوعد الدالة على أن الله سبحانه وتعالى يخرج من النار من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من الإيمان.
ثم قابلهم آخرون وقالوا: الإنسان مهما عمل من المعاصي التي دون الكفر فإنه مؤمن كامل الإيمان ولا يدخل النار أبداً، وقالوا: إن قوله تعالى: (( مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )) هذه في الكافر إذا قتل مؤمناً، فالآن لماذا ضل هؤلاء وهؤلاء؟ لأنهم أخذوا بجانب واحد من النصوص.
كذلك مثلاً في صفات الله عز وجل بعض الناس قال: الله عز وجل لا يمكن أن يجيء بنفسه، ولا يمكن أن ينزل إلى السماء الدنيا، وليس له وجه، وليس له يدان، لماذا؟ قالوا: لأن الله قال: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) وأنت إذا أثبت هذه الأمور مثَّلت الله، معلوم هذا؟
طيب قابلهم أناس آخرون قالوا: إن الله تعالى أثبت له وجهاً، وأثبت له يدين، وأثبت أنه ينزل، وأنه يجيء، فوجهه كوجوهنا، ويده كأيدينا، ونزوله كنزولنا، ومجيئه كمجيئنا، لأننا لا نعقل من المجيء واليد والوجه لا نعقل إلا ما نشاهد، والله خاطبنا بما يمكن إدراكه، فيكون مجيء الله ووجه الله ويد الله ونزول الله مثل ما يثبت لنا.
إذن: هؤلاء في طرف وهؤلاء في طرف، وكلهم ضالون، لأن كل واحد أخذ بجانب، فنحن نقول: إن الله تعالى له وجه وله يدان ويجيء وينزل لكن ليس كأيدينا ولا كوجوهنا وحاشاه من ذلك عز وجل، لأنه (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السميع البصير ))
كذلك أيضاً في مسألة مناصحة الولاة، من الناس من يريد أن يأخذ بجانب من النصوص وهو إعلان النكير على ولاة الأمور، مهما تمخض عنه من المفاسد، ومنهم من يقول: لا يمكن أن نعلن مطلقاً، والواجب أن نناصح ولاة الأمور سراً كما جاء في النص الذي ذكره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذب بعضها بعضاً، ولا يصادم بعضها بعضاً، فيكون الإنكار معلناً متى؟ عند المصلحة، والمصلحة هي أن يزول الشر ويحل الخير، ويكون سراً إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحة، لا يزول به الشر ولا يحل به الخير.
وأنتم تعلمون -بارك الله فيكم- أن ولاة الأمور لا يمكن أن يرضوا جميع الناس أبداً، حتى إمام المسجد إمام المسجد ، هل هو مرضي كل الجماعة؟ لا، بعضهم يقول: تبكر! وبعضهم يقول: ... بعضهم يقول تطول! وبعضهم يقول: تقصر! وفي الشتاء يتنازعون واللي يقول صل في الشمس واللي يصلي في الظلال لا يحصل الاتفاق، فإذا أعلن النكير على ولاة الأمور استغله من يكرهه وجعل من الحبة قبة وثارت الفتنة، وما ضر الناس إلا مثل هذا الأمر، الخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على جيش الشام، ولما تصالح معهم مع جيش الشام حقناً لدماء المسلمين ثاروا ضده، وقالوا: أنت كافر، كفروا علي بن أبي طالب -والعياذ بالله- ليش؟ لأن رعاع الناس وغوغاء الناس لا يمكن ضبطهم أبداً. وإعلان النكير على ولاة الأمور
4 - هل صحيح من يقول إن الإنكار على الولاة علنا من منهج السلف ويستدل بإنكار أبي سعيد الخدري على مروان بن الحكم حين قدم الخطبة على الصلاة وبحديث "سيكون ولاة ظلمة فمن نابذهم فقد سلم أو برء" وبحديث "سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " وكيف الجمع بين هذه النصوص وبين الحديث"من أراد أن ينصح لذي سلطان فلينصحه سرا ولا يبده علانية".؟ أستمع حفظ
اضيفت في - 2005-08-27